المعاملة بالظاهر إنما نعامل الناس بما ظهر منهم، وإن يخفون نفاقًا لا نعلم به فما يضرون إلا ...

المعاملة بالظاهر

إنما نعامل الناس بما ظهر منهم، وإن يخفون نفاقًا لا نعلم به فما يضرون إلا أنفسهم.

• قال الله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة:١٠١]

• قال نبي الله نوح عليه السلام: {قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الشعراء:١١٢] وقوله: {مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} يقول: مرَنُوا عليه ودَرِبو به.

• وقال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:١٨٨]

• قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} قال: لا جتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون، واتقيته. ثم أخبر أنه إنما هو نذير.
...المزيد

علامة النصر الشرعي الأيام دول بين الخصوم، والغلبة بينهم غلبة على الدنيا، إلا غلبة الطائفة ...

علامة النصر الشرعي

الأيام دول بين الخصوم، والغلبة بينهم غلبة على الدنيا، إلا غلبة الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها فإنها غلبة في الدين، وعلامة النصر الرباني لها أن يدخل الناس في الإسلام بعد النصر أفواجاً كما قال سبحانه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ۝١ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}، وأما أن يبقى الناس على أديانهم محترمين، ويزداد المنتصرون بعداً عن الله فليس نصراً ولا فتحاً إسلامياً، وعاقبته أن الله خفف على عباده بمن هو أقل شراً وجرماً من سابقه.

فانظر يا طالب الحق في حال الناس بعد انتصار الدولة الإسلامية وأعداد التائبين واختفاء معابد الشرك والمنكرات ولزوم الحجاب الشرعي وغير ذلك، ثم انظر في انتصار غيرها كيف أن ازدادوا إلا فتنة وعصياناً، وأهل الكفر ومعابدهم ما ازدادوا إلا أمناً وارتفاعا، أين النصر الرباني؟
...المزيد

أمير ديوان الزكاة (نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين) موضحا لكثير من الجوانب ...

أمير ديوان الزكاة
(نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين)

موضحا لكثير من الجوانب عن فريضة الزكاة واداءها في الدولة الإسلامية.
ومبينا حقيقة العلاقة بين ديوان الزكاة وغيره من دوواينها.
وكاشفا لكيفية توزيع أسهم الزكاة على المستحقين.

- بالنسبة للعلاقة مع باقي دوواين الدولة الإسلامية، وخاصة العلاقات المالية منها كيف تتم؟ وهل تشترك كلها في بيت مال واحد يوزع عليها احتياجاتها، وينقل بينها مستحقات كل منها على الآخر؟

دعنا نخصص الأمر بموضوع ديوان الزكاة، ولنترك كل ديوان يفصل في شؤونه الخاصة، فالزكاة كما بينا في الإجابات السابقة لها مصارف محدّدة تختلف عن باقي مصارف الدولة الإسلامية، وبناء على ذلك فإن أموال الزكاة لا تختلط بباقي أموالها، ولذلك لدينا بيت مال للزكاة منفصل تماما عن بيت مال المسلمين العام، سواء من حيث الواردات وهي الجبايات، أو الخارج وهو المال الموزع في مصارف الزكاة، وإن كان الأمر يتم تحت إشراف الإخوة اللجنة العامة المشرفة حفظهم الله، فهم ينوبون عن أمير المؤمنين في ذلك.

ولم يكن يخرج من بيت مال الزكاة إلى بيت مال المسلمين سوى سهم (في سبيل الله) وقد أعاده الإخوة إلينا لنصرفه على الفقراء والمساكين، بل وزادوا على ذلك أن تكفلوا بدفع جزء كبير من نفقات الديوان التي يفترض أن تدفع من سهم (العاملين عليها) لتوفير المال للفقراء والمساكين.
وقد ذكرت لك أننا ندفع من بيت مال الزكاة للإخوة في هيئة شؤون الأسرى والشهداء ما يحتاجون لفداء أسارى المسلمين، وكذلك الحال بالنسبة لسهم (المؤلفة قلوبهم) نعطي منه بمقدار الحاجة لذلك، وكذلك ما تحدثنا عنه من مستحقات للدواوين التي تقدم الخدمات للفقراء والمساكين فإننا نؤدي حقوقها من بيت مال الزكاة.

أما عن علاقة الدواوين الأخرى بالزكاة، فتكاد لا تجد – بحمد الله – ديوان من دواوين دولة الخلافة إلا وهو يساهم في إقامة شعيرة الزكاة، وهذا من فضل الله على الإخوة المجاهدين.
فالإخوة في ديواني الإعلام والدعوة والمساجد يقومون بدور كبير في تذكير المسلمين بهذا الواجب، وحث الناس على القيام به من خلال الخطب والدروس والإصدارات والمطبوعات، كما يشرف أئمة المساجد على تسجيل المحتاجين للزكاة كل في منطقته.

والإخوة في ديوان الحسبة يساهمون معنا في متابعة أداء المسلمين للزكاة، وفي مكافحة التسول عن طريق إحالة المتسولين إلى الديوان لسد حاجة المحتاج منهم ومعاقبة من يثبت أنه يسأل الناس من غير حاجة.

وإخواننا في الولايات يقومون على تسهيل أداء مراكز الزكاة لوظيفتها وإزالة العوائق التي تعترضهم، ومتابعة أداء المسلمين للزكاة عن طريق الحواجز والدوريات على الطرق التي تتحقق من قوافل التجار وشاحناتهم.

وديوان الزراعة يشاركنا العمل في جباية زكاة الزروع، ووضع الضوابط التي تضمن التزام المزارعين بأدائها، كما يشرفون على بيع ما يتم جبايته من زكاة الزروع لتحويله إلى أموال نقدية يسهل التعامل معها بشكل أكبر.

وكذلك فإن قضايا الممتنعين عن أداء الزكاة، أو من يثبت تلاعبه في أدائها بتغيير المال أو إخفاؤه، أو من يحاول رشوة العاملين عليها، أو من يأخذها من غير المستحقين، كلها يتم إحالتها إلى ديوان القضاء ليقوموا بمحاسبتهم كل بحسب جريمته.
فيما يعمل الإخوة في هيئة البحوث والإفتاء إلى جانب القسم الشرعي في الديوان على إعداد البحوث في نوازل الزكاة لبيان الحكم الشرعي فيها، فيتم العمل في ضوءه.

وقد ذكرت لك ما تقوم به دواوين الخدمات العامة، والتعليم، والصحة، والركاز في خدمة الفقراء والمساكين، وما يقوم به الإخوة في هيئة شؤون الأسرى والشهداء والعلاقات العامة في أداء سهمي (في الرقاب) و (المؤلفة قلوبهم).

ولا يفوتنا طبعا أن نذكر أن المجاهدين والمرابطين في ديوان الجند لهم الفضل بعد الله في قيام هذا الشعيرة وبقاء أداءها، إذ لولا القتال في سبيل الله لما قامت دولة الخلافة الإسلامية، ولا أقيم هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.

- نتوقف عند هذه النقطة أخانا الحبيب، ونسأل الله أن يجزيكم كل خير على توضيحاتكم لنا ولإخواننا القراء، وسنكمل معكم الحوار في جلسة لاحقة لتبينوا لنا كيف يدير ديوان الزكاة عملية جمع الزكاة وتوزيعها في ولايات الدولة الإسلامية، والآلية المطبقة لتحقيق ذلك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من:
حوار مع أمير ديوان الزكاة
...المزيد

أمير ديوان الزكاة (نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين) موضحا لكثير من الجوانب ...

أمير ديوان الزكاة
(نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين)

موضحا لكثير من الجوانب عن فريضة الزكاة واداءها في الدولة الإسلامية.
ومبينا حقيقة العلاقة بين ديوان الزكاة وغيره من دوواينها.
وكاشفا لكيفية توزيع أسهم الزكاة على المستحقين.

- مالسبب برأيك في امتناع الأغنياء عن أداء الزكاة رغم أن وجوبها من المعلوم من الدين بالضرورة؟

السبب الأول ولا شك هو قلة الدين وحب المال ولا ننسى أن الكثير من المرتدين في عهد أبي بكر رضي الله عنه تركوا الإسلام رغبة في ترك هذه الفريضة، ومن أمثلة قلة الدين أن بعض من كان يخرج الزكاة قبل أن يمكن الله للدولة الإسلامية كان لا يؤديها بالصورة الشرعية فتراهم يعطونها لمن لا يستحقها، ويحرمون منها الفقراء، فيخصون بهذا المال من يودّون مساعدته من قريب أو صديق، بل وسمعنا أن البعض كان يعطي هذا المال للموظفين ولضباط النظام النصيري على سبيل الرشوة، والله المستعان.

ولذلك تجد أن البعض يحاولون التهرب من أداءها إلى الديوان لأن ديوان الزكاة سيأخذ منهم كامل الحق المفروض في مالهم وفي وقته المحدد وسيتولى هو إيصاله للفقراء ولو علم هؤلاء أننا بذلك ننجيهم من عذاب الله الذي سيصيبهم بعدم أداءهم لهذه الركن لحمدوا الله أن هيئ لهم من يحمل عنهم هذا العبء ويؤدي عنهم هذه الفريضة بالشكل الصحيح.

- لاحظت أنك في كلامك تركز أن الزكاة حق الفقير، بالرغم من أن الله عز وجل جعل مصارف الزكاة سبعة،فما هو نصيب المستحقين الآخرين للزكاة منها؟

إن الأصل في الزكاة أنها حق الفقير لقوله عليه الصلاة والسلام (تؤخذ من غنيهم وتردّ إلى فقيرهم)، وعلى هذا الأساس يعمل ديوان الزكاة، فالسعي الآن لسد حاجة الفقراء والمساكين بالدرجة الأولى، خاصة في الظرف الذي نعيشه اليوم والذي تزداد فيه حاجتهم.

وتوزيع أموال الزكاة على مصارفها الشرعية إنما يخضع لاجتهاد الإمام أولا فيوزعها بحسب حاجة كل باب، وبناء على هذا فقد تم تفعيل الأبواب كلها في وقت من الأوقات ولكن عندما وجدنا شدة حاجة الفقراء والمساكين فقد استحصلنا من اللجنة العامة المشرفة على الإذن بتحويل الأموال من بعض الأبواب بشكل جزئي أو كلي ليوزع على أسهم الفقراء والمساكين فأخذنا كامل حصة سهم (في سبيل الله) الذي يخصص عادة للجهاد وتقوية الثغور، وثلاثة أرباع سهم (الغارمين) وجزءا من سهم (العاملين عليها) كما تقرر أخذ كل ما يفيض شهريا من حاجة سهم (ابن السبيل).
ولكن كما قلت لك القضية تخضع للحاجة والاجتهاد فأينما زادت الحاجة يتم توجيه المال وفي الأمر سعة والحمد لله وعلى سبيل المثال فسهما (في الرقاب) و(المؤلفة قلوبهم) موجودان وندفع الأموال منهما بحسب الحاجة حيث نُعلِم الإخوة في هيئة الأسرى بشكل دوري بمقدار الموجود لدينا من مال مخصص لفكاك أسرى المسلمين وهم يأخذون من هذا المال بحسب حاجتهم بناء على تفويض من اللجنة العامة المشرفة، وقد خرج بحمد الله الكثير من الأسرى من المجاهدين وعامة المسلمين بعدما فداهم الإخوة بهذا المال وكذلك الأمر بالنسبة لسهم (المؤلفة قلوبهم) إذ يدفع منه بقدر الحاجة إلى ذلك نصرة للدين وتثبيتا للمسلمين.

وكما يتبين لك فالقسم الغالب من الأموال التي يجبيها ديوان الزكاة اليوم إنما تذهب لسهمي الفقراء والمساكين، ونسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين وأن يغنيهم الله بفضله.

- يوجد اضطراب كبير في تعريف كل من الفقراء والمساكين في أذهان الناس، فما هي المعايير التي تبنون عليها تحديدكم لهتين الفئتين من الناس، وحجم ما يأخذونه من مال الزكاة؟

ما يبني عليه ديوان الزكاة في الدولة الإسلامية في تعريف الفقير والمسكين هو مقدار الكفاية فمن ملك أكثر من نصف كفايته ولم يحقق الكفاية يكون مسكينا ومن ملك أقل من نصف الكفاية فهو الفقير، وما ندفعه للفقير والمسكين هو لإيصاله إلى حد الكفاية فيكون بذلك غنيا وهذا ما سنصل إليه بإذن الله إذا أدى كل الأغنياء في الدولة الإسلامية زكاتهم على وجهها.

أما حد الكفاية فهو كما تعلم مفهوم نسبي يختلف باختلاف الزمان والمكان وباختلاف حال الناس ومن يعولون ونعمل الآن على إنجاز دراسة لتحديد مقادير كمية لحد الكفاية تتضمن أرقاما مالية لقيمة احتياجاتهم الأساسية وعلى أساس حجم الأسرة سيتم وضع حدود متعددة للكفاية، بحيث يمكننا من خلال ذلك تصنيف الناس إلى فقراء ومساكين وأغنياء ويتم إعطاء الفقراء والمساكين بمقدار ما يسد كفايتهم سواء بتقديم الأموال لهم نقدا ليكفوا حاجتهم من الطعام والشراب والمسكن ومواد التنظيف وغاز الطبخ أو بواسطة وذلك بسداد قيمة ما يستهلكونه من خدمات صحية وتعليمية وخدمات الكهرباء والماء والصرف الصحي وكذلك قيمة وقود التدفئة بدفع هذا الجزء من المال لدواوين الدولة الإسلامية ذات العلاقة لتقوم بتقديم خدماتها للفقراء والمساكين دون أن تتقاضى منهم مقابلا لذلك أسوة بالأغنياء.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من:
حوار مع أمير ديوان الزكاة
...المزيد

أمير ديوان الزكاة (نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين) موضحا لكثير من الجوانب ...

أمير ديوان الزكاة
(نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين)

موضحا لكثير من الجوانب عن فريضة الزكاة واداءها في الدولة الإسلامية.
ومبينا حقيقة العلاقة بين ديوان الزكاة وغيره من دوواينها.
وكاشفا لكيفية توزيع أسهم الزكاة على المستحقين.

- الدولة الإسلامية في حرب مع دول الشرك كلها، ألم يكن ممكنا تأجيل تطبيق الزكاة حتى الانتهاء من هذه الحرب؟


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد
لقد شرع الله عز وجل الجهاد في سبيل الله لإقامة الدين، وجعل الزكاة من شروط التمكين الشرعي، قال تعالى (الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)، فنحن لم نجاهد لمجرد الاستيلاء على الأرض، وامتلاك السلطة فيها، وإنما لنقيم فيها دين الله.

والمجاهدون إنما يرابطون على الجبهات ويبذلون دماءهم هناك وهم حريصون أن يروا شريعة الله تقام في الأرض التي يفتحونها كاملة غير منقوصة.

ونحن بإذن الله ما إن يمكننا الله من قطعة من الأرض مهما صغرت، ولو لفترة محدودة، فإننا سنطبق شرع الله فيها، فنقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ولله عاقبة الأمور.

- وهل جباية الزكاة وتوزيعها من تطبيق الشريعة؟ الكثير من الناس يظنون أن ذلك ينحصر بفتح المحاكم التي تحكم بشرع الله، وتقيم الحدود على الجناة؟

كل ما بلغنا به رسول الله عليه الصلاة والسلام هو من شريعة الله، فما بالك بالزكاة التي هي أحد أركان الإسلام، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديث جبريل المشهور (الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)، فالمحاكم قد تمر عليها فترات طويلة دون أن تقضي في قضية واحدة إذا لما ترفع إليها خصومة، والحدود قد لا تقام لشهور أو سنوات إذا انصلح الناس ولم ينتهكوا حدود الله، ولكن الزكاة تقام في كل حال ما دام هناك أغنياء لديهم مال يتجاوز النصاب.
- ولماذا لا تتركون الناس يدفعون زكاة أموالهم بأنفسهم للفقراء؟ لماذا يتولى ديوان الزكاة مهمة جباية الزكاة من الأغنياء وأداءها للفقراء؟
لأن هذا هو الأصل في أداء الزكاة، أن يؤدي الأغنياء الزكاة للإمام، ويتولى هو ردّها على الفقراء، قال تعالى لإمام المسلمين عليه الصلاة والسلام (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها)، وفي وصيّة النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن (فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس) فالنبي عليه الصلاة والسلام يأمر عامله أن يأخذ الزكاة من غنيهم ويردّها على فقيرهم، وكذلك لنا في فعل الصحابة سنّة حسنة، حيث قاتل الصحابة رضوان الله عليهم مانعي الزكاة لأنهم رفضوا أداءها، ولم يقروهم على أدائها بأيديهم، حتى قال أبو بكر رضي الله عنه (والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)، ومن كل ذلك يتبين أن أخذ الزكاة من الأغنياء وأداءها للفقراء إنما هو من مهام الإمام الذي هو خليفة المسلمين، أو من ينوب عنه في ذلك، وفي حال وجوده وتمكنه من أخذ الزكاة، فلا يجوز الافتئات عليه بالتصرف فيها.

وفي الدولة الإسلامية يقوم ديوان الزكاة نيابة عن أمير المؤمنين حفظه الله بالقيام على هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام.

والجانب الآخر الذي يزيد من فرضية إشراف الديوان على أخذ الزكاة وأداءها هو كثرة الفقراء في أراضي الدولة الإسلامية وقلة الأغنياء، وخاصة بسبب الحرب وما تفرضها من تهجير للمسلمين وتدمير لممتلكاتهم وتعطيل لأشغالهم، وذلك إعراض الكثير من أغنياء المسلمين عن أداء زكاتهم كما ينبغي، فالبعض لا يؤدي زكاته إطلاقا، والبعض الآخر يؤخرها عن وقتها، وآخرون لا يؤدون كل ما عليهم منها، وهذا ما يحرم الفقراء من أخذ حقهم الذي كتبه الله لهم في أموال الأغنياء، لذلك يجتهد ديوان الزكاة في تحصيل هذا الحق بكل وسيلة مشروعة، من أجل إيصاله للفقراء، ومن أجل ضمان قيام المسلمين بهذه الفريضة.

فإذا وجد الإمام أن حاجة الفقراء والمساكين قد تم سدّها من أموال الزكاة أو من سواها، وأن المسلمين يؤدون هذه الفريضة، وأجاز لهم أداءها بأنفسهم وكلاء عنه، فعند ذلك يجب على من ملك النصاب أن يؤديها بنفسه إلى من يحتاجها، ونسأل الله أن يكون هذا اليوم قريبا، فيتحقق فينا وصف حال الأمة في آخر الزمان أن يطوف المسلم بصدقته فلا يجد من يأخذها منه.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من:
حوار مع أمير ديوان الزكاة
...المزيد

اليهود داخل معركة الأحزاب لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا ...

اليهود داخل معركة الأحزاب


لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا من عجز قبائل العرب عن هزيمته، وتأكّدهم من أن النظام الذي ارتضوا هم وأعداؤهم الفرس بقاءه سائدا في جزيرة العرب لقرون آيل للسقوط، وسيقوم مكانه نظام جديد لا يعرض هيمنتهم على تلك الصحاري للخطر فحسب، بل سيهددهم في عقر دورهم أيضا، فكانت تحركاتهم الأولى للقضاء على هذا الخطر في مؤتة وتبوك، وكان تهديدهم الآخر في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي تراجعوا عن إنفاذه بعد أن ظنوا أن ردّة الأعراب ستكفيهم مؤونته، فخاب سعيهم وكان ما كان للإسلام من عز وتمكين بفضل الله وحده.

واليوم لم تحزم أمريكا الصليبية أمرها بالعودة لقتال الدولة الإسلامية بعد أن فرت من نزالها قبل سنوات خشية الهلاك إلا بعد أن تيقنت من عجز المرتدين عن هزيمتها ودرء خطرها الذي بات لا يهدد فحسب نظام سايكس – بيكو الذي صاغوه منذ قرن من الزمن لإدارة بلدان المسلمين، بل بات يهددهم في عقر دورهم بإعلان الدولة الإسلامية الصريح أن جهادها لن يتوقف - بإذن الله – حتى يخضع العالم كله لشرع الله.

ولذات السبب خرج اليهود اليوم لقتال الدولة الإسلامية، وما أخرجهم إلا يقينهم بخطر داهم بات يتهدّدهم، وهم الذين وصفهم الله عز وجل أنهم لا يقاتلون المسلمين (إلا في بروج مشيّدة أو من وراء جدر)، فانهيار دويلات سايكس – بيكو التي كان من وظائفها حماية دولة اليهود، والاقتراب الكبير لمجاهدي الدولة الإسلامية من حدودها، وخشيتها من انتشار منهجها بين المسلمين المستضعفين داخل تلك الحدود، والعجز الظاهر للدول الصليبية الحامية لليهود عن حسم المعركة معها، كلها أسباب تبرر للدولة اليهودية أن لا تقعد ساكنة إزاء هذا الخطر.

ولم يعد كافيا للحكومة اليهودية وجيشها وأجهزة مخابراتها الاقتصار على تقديم الدعم لأنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية المحيطة بها، لعجز هذه الأنظمة عن استثمار هذا الدعم في تحقيق انتصار على الدولة الإسلامية، فانطلق اليهود ليخوضوا حربهم الخاصة ضدّها، قصفا بالطائرات، واستطلاعا بالمسيّرات، وبثا للجواسيس والعيون، وخاصة في سيناء التي يخوض مجاهدوها حربا ضد جيش الطاغوت السيسي تحت قصف الطيران اليهودي لم تغن عنهم شيئا، وفي ولايات الشام التي تخوض أجهزتها الأمنية حربا مع جواسيس اليهود وعيونهم، لنا فيها الغلبة بحمد الله.

هذه الحرب وإن كانت في بداياتها فإنها – بحمد الله – مؤشر جيد على إمكانية حدوث المزيد من التورط لجيش اليهود فيها، وذلك بتسارع وتيرة الانهيار في أنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية، وفشل الحملة الصليبية على الدولة الإسلامية، والقضاء التام على مرتدي الصحوات، وفصائل الفرقة والشتات.
إن هذه المعركة بالنسبة لليهود لن تكون – بإذن الله – كباقي معاركهم التي خاضوها ضد الأنظمة الطاغوتية، والحركات العلمانية القومية والشيوعية، ولا كمعاركهم مع الفصائل الديموقراطية المنتسبة للإسلام زروا، إذ كل تلك المعارك كانت تجري في إطار قواعد «النظام الدولي» الطاغوتي، فكانت حدود الصراع واضحة المعالم لكل الأطراف، ومن يتجاوزها يعرض نفسه للعقاب، في حين أن الدولة الإسلامية بفضل الله كافرة بهذا «النظام الدولي»، محاربة لكل الطواغيت القائمين عليه، وعلى رأسهم الدول الصليبية الحامية لدولة اليهود، وليس لصراعها مع أعدائها حدود إلا التي فرضها الله عز وجل على المسلمين في جهادهم بأن يخضع المشركون لحكم الإسلام فيهم، وكل الأرض ساحة لجهادها، وكل المسلمين جنود محتملون في جيشها، وكل المشركين المحاربين في الأرض ومنهم اليهود أهداف مشروعة لها.

إن الدولة الإسلامية – بفضل الله – ليست دولة شعارات، ولكنها دولة عزيمة وتوكل على الله، وكل تهديد ووعيد من قادتها لليهود إنما هو من حسن الظن بالله عز وجل أن يمكّنهم منه، فكما قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله من قبل، أنه ومن معه يقاتلون في العراق وعيونهم على بيت المقدس، وكما قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي تقبله الله لليهود من قبل، فإن المسلمين قادمون لقتالهم من العراق والشام واليمن وخراسان ومغرب الإسلام وإفريقية والقوقاز، ومن كل مكان، وإننا لن نزيد على ما قال مشايخنا من قبل شيئا، ولكننا – بحمد الله- على تحقيق ما وعدوا أقدر، ومن أرض الصراع مع اليهود أقرب.

فليقصف اليهود بطائراتهم، فليست علينا بأشد من طائرات الصليبيين وقد صبّرنا الله عليها، وليبعثوا بجواسيسهم وعيونهم فسيفضحهم الله ويمكننا من رقابهم، وليدعموا دويلات سايكس - بيكو الطاغوتية، فستكون أموالهم التي أنفقوا حسرة عليهم، وبإذن الله سيغلبون، ثم إلى جهنم يحشرون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
اليهود داخل معركة الأحزاب
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - أسماء بنت أبي بكر تدفع ابنها للموت صابرا: ومن الأمثلة أيضا ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- أسماء بنت أبي بكر تدفع ابنها للموت صابرا:

ومن الأمثلة أيضا أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها، يوم حوصر ابنها خليفة المسلمين عبد الله بن الزبير في مكة من جيش البغاة الذي يقوده الحجاج الثقفي، فجاء يستشيرها للخروج لقتاله بعدما اشتد عليه أذاهم، وقال لها: «خذلني الناس حتى ولدي وأهلي، فلم يبق معي إلا اليسير ممن ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت والله يابني أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على الحق وإليه تدعو فامش له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يتلعّب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنبا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك،، وإن قلت: كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفا، فهذا ليس من فعل الأحرار، ولا أهل الدين، فكم خلودك في الدنيا، القتل أحسن»، فدنا منها أمير المؤمنين وقبل رأسها، وقال: «هذا والله رأيي، (....)، ولكني أحببت أن أعلم رأيك، فزدتني بصيرة مع بصيرتي، فانظري يا أمه، فإنّي مقتول من يومي هذا، فلا يشتد حزنك، وسلمي الأمر لله».

ثم انصرف ابن الزبير عنها وهو يقول:
«إني إذا أعرف يومي أصبر وإنما يعرف يومه الحرُّ»

فسمعت والدته رضي الله عنها قوله فقالت: «تصبر والله، إن شاء الله، أبوك أبو بكر والزبير، وأمك صفية بنت عبد المطلب».
فهكذا يكون حال الزوجة المؤمنة مع زوجها، وهكذا يكون حال الأم المؤمنة مع ابنها، فيمضي في طريقه يجاهد أعداء الله، ويقوم بما أمره ربه، ولها من عمله نصيب بإذن الله.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - أم المؤمنين خديجة بنت خويلد تثبت رسول الله: ويزداد هذا الواجب ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- أم المؤمنين خديجة بنت خويلد تثبت رسول الله:

ويزداد هذا الواجب في زوجات المجاهدين وأمهاتهم وأخواتهم، أن يكنّ لهم ظهورا في بيوتهم وأهلم، يحمينها من إرجاف المرجفين، وكلام المنافقين، فلا يقلن لهم من الكلام إلا ما يثبت الأقدام ويربط القلوب، وإن من أروع قصص النساء المؤمنات في هذا الجانب قصة أمّ المؤمنين خديجة -رضي الله عنها وأرضاها- في تثبيتِ زوجِها النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ ، إذ يفزع إليها يوم أتاه جبريل أوّل مرّة وهو في الغارِ يتعبّدُ: («زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ...) [متفق عليه]، وكانت أول المؤمنين بدعوته من النساء، وظلت تشد من أزره وتقويه من عزيمته حتى توفاها الله، وبقيت محبّتها في قلب رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ شاهدة على عظم ما قامت به، حتى قال فيها عليه الصلاة والسلام: (قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ) [مسند أحمد].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - الإيمان بالقدر والثقة بوعد الله درع المرأة المؤمنة: وأحكام ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- الإيمان بالقدر والثقة بوعد الله درع المرأة المؤمنة:

وأحكام النساء في هذا الباب كأحكام الرجال سواء بسواء، فمن وقعت من المسلمات في شيء من ذلك بتخويف أهل بيتها أو غيرها من المسلمين، وإشاعة الإشاعات التي تضعف القلوب بينهم فعليها أن تستغفر الله من هذا الذنب، وأن تصحح إيمانها بقضاء الله وقدره، وأن تعيَ جيّدًا قولَ اللهِ تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة 51)، وحديثَ النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ لعبدِ الله بن عبّاس وهو رديفٌ خلفه: (يَا غُلامُ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ) [رواه أحمد والترمذي].

وإن المرأة المسلمة عليها دائما إذا ما سمعت شيئا من إرجاف المرجفين، عن قوة أعدائنا، وتحضيراتهم لغزونا، وتحشيدهم علينا بالعدة والعتاد، أن تضع نصب عينها قوله تعالى حكاية عن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، لما حشد لهم الروم الذين كانوا يمتلكون أقوى جيوش العالم آنذاك {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

فهكذا يكون جواب المرأة المسلمة للمرجفين والمنافقين، أن ترد عليهم بقولها «حسبنا الله ونعم الوكيل»، ليقينها أن مدد الله يكفي عباده مهما كانت قوة أعدائهم، ولإيمانها أنه لن يصيبها وأهلها وسائر الناس، إلا ما كتب الله لهم، ولمعرفتها أن تخويف الشيطان إنما ينطلي على أوليائه لا على المؤمنين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة في ظروف الحرب والفتن والشدة، تزداد الهموم، وتبلغ القلوب الحناجر، ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة


في ظروف الحرب والفتن والشدة، تزداد الهموم، وتبلغ القلوب الحناجر، فمن الناس من يثبتهم الله بإيمانهم وحسن ظنّهم بالله، ومنهم من يهلك فينقلب على عقبيه، منتكسا عن دينه، موليا الدبر، وخائنا لإخوانه، بل تجد أن كثيرا من هؤلاء لا يكتفي بانهزامه، بل يحاول سعيه أن ينقل تلك الهزيمة إلى غيره، ويشيعها في المسلمين كافة، فيهوّل من شأن أعدائهم، ويسعى لإخافة المسلمين منهم، وصدهم بذلك عن قتالهم والوقوف في وجههم.

وهذا الفعل من الأفعال المشهورة عن المنافقين، المنتشرة بين ضعيفي الإيمان ومسلوبي اليقين، من الرجال والنساء، فأما شأنهم في الرجال معروف، ودورهم فيما مضى من كلام مبسوط وموصوف، أما في النساء، فإن المصيبة من قبلهن تكمن في نقل هذا الإرجاف من بيوت المنافقين وألسنتهم لتدخله إلى بيتها وبين زوجها وأولادها، لتقع في أفعال المنافقين من حيث شعرت أم لم تشعر.

- الإرجاف فعل المنافقين:

والإرجافُ هو الخبر الكاذب المثيرُ للفتنِ والاضطرابِ. قالَ القرطبي رحمه الله في تفسيره: (الإرْجافُ الْتِمَاسُ الْفِتْنَةِ، وَإِشَاعَةُ الْكَذِبِ وَالْبَاطِل لِلاِغْتِمَامِ بِهِ)ا.هـ

وقد ذمّ الله تعالى الإرجافَ وأهله في مواضعَ كثيرةٍ من القرآنِ الكريمِ، فقد قالَ عزّ وجلّ: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} (الأحزاب 18)، وقالَ أيضًا: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61)] (الأحزاب)، قال الجصاص في (أحكام القرآن): (فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْإِرْجَافَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْإِشَاعَةَ بِمَا يَغُمُّهُمْ وَيُؤْذِيهِمْ يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّعْزِيرَ وَالنَّفْيَ إذَا أَصَرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ، وَكَانَ قَوْمٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَآخَرُونَ مِمَّنْ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي الدِّينِ وَهُمْ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَهُوَ ضَعْفُ الْيَقِينِ يُرْجِفُونَ بِاجْتِمَاعِ الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ وَتَعَاضُدِهِمْ وَمَسِيرِهِمْ إلَى الْمُؤْمِنِينَ فَيُعَظِّمُونَ شَأْنَ الْكُفَّارِ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ وَيُخَوِّفُونَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى بِاسْتِحْقَاقِهِمْ النَّفْيَ وَالْقَتْلَ إذَا لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ اللَّهِ وَهُوَ الطَّرِيقَةُ الْمَأْمُورُ بِلُزُومِهَا وَاتِّبَاعِهَا). ا.هـ

ومن خطورة الإرجاف أن حذر المجاهدين من الاختلاط بالمرجفين، لأنهم يوهنون الصف بكلامهم، ويضعفون المسلمين بتخذيلهم، كما قال تعالى {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ رَهْطٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، يُشِيرُونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إلَى تَبُوكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: أَتَحْسِبُونَ جَلَّادَ بَنِي الْأَصْفَرِ كَقِتَالِ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا! وَاَللَّهِ لَكَأَنَّا بِكَمْ غَدًا مُقَرَّنِينَ فِي الْحِبَالِ، إرْجَافًا وَتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

لم يمنعهنّ الحياء أن يتفقّهن في الدين - عَمْرَة الأنصارية: تلميذة عائشة: كذلك عمرة بنت عبد ...

لم يمنعهنّ الحياء أن يتفقّهن في الدين

- عَمْرَة الأنصارية: تلميذة عائشة:

كذلك عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد الأنصارية النجارية المدنية الفقيهة، تربية عائشة وتلميذتها، حدَّثت عن عائشة، وأم سلمة، ورافع بن خديج، وأختها؛ أم هشام بنت حارثة. كانت عالمة فقيهة حُجة كثيرة العلم.

روى: أيوب بن سويد، عن يونس، عن ابن شهاب، عن القاسم بن محمد، أنه قال لي: يا غلام، أراك تحرص على طلب العلم، أفلا أدلك على وعائه؟ قلت: بلى، قال: عليك بعمرة، فإنها كانت في حجر عائشة، قال: فأتيتها، فوجدتها بحرا لا ينزف [سير أعلام النبلاء].

- حفصة بنت سيرين: تروي عن أم عطية:

ومن العالمات أيضا حفصة بنت سيرين أم الهذيل الفقيهة الأنصارية. روت عن أم عطية، وأم الرائح، ومولاها أنس بن مالك، وأبي العالية. روى عنها: أخوها محمد، وقتادة، وأيوب، وخالد الحَذَّاء، وابن عون، وهشام بن حسان.

روي عن إياس بن معاوية، قال: ما أدركت أحدا أفضِّله عليها.

وقال: قرأَتْ القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة، وعاشت سبعين سنة، فذكروا له الحسن وابن سيرين، فقال: أما أنا فما أفضِّل عليها أحدا.

وقال مهدي بن ميمون: مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة أو قضاء حاجة [سير أعلام النبلاء].

- أم زينب البغدادية: من فقيهات الحنابلة:

ومن النساء اللاتي لمع نجمهن أيضا وزاحمن الرجال في ميادين العلم فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح، الشيخة المفتية الفقيهة العالمة الزاهدة العابدة، أم زينب البغدادية الحنبلية الواعظة.
كانت تصعد المنبر وتعظ النساء، فينيب لوعظها، ويقلع من أساء، وانتفع بوعظها جماعة من النسوة، ورقَّت قلوبهن للطاعة بعد القسوة، كم أذرت عبرات، وأجرت عيونا من الحسرات كأنها أيكية على فننها، وحمامة تصدح في أعلى غصنها.

وكانت تدري الفقه وغوامضه الدقيقة، ومسائله العويصة، التي تدور مباحثها بين المجاز والحقيقة.
وكان ابن تيمية -رحمه الله تعالى- يتعجب من علمها، ويثني على ذكائها وخشوعها وبكائها [أعيان العصر وأعوان النصر].

وهذا غيض من فيض من سير بعض الصالحات العالمات العطرة، وإن نحن ذهبنا نعدّهن لما وسعنا المقام، فنعم الأسوة هن وخير قدوة، وحري بكل مسلمة أن تقتفي أثرهن، وتسير على خطاهن وتنهل مما نهلن.

العلم يحيي قلوب الميتين كما
تحيا البلاد إذا ما مسها المطر
والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه
كما يجلي سواد الظلمة القمر

فالله الله في طلب العلم، والله الله في ثني الركب التماسا لذلك، ورضي الله عن أم المؤمنين عائشة إذ تقول: «نِعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين» [متفق عليه]، ونحن نقول يرحم الله نساء الخلافة، لا تمنعهن مشاغل الدنيا وتربية الأبناء من التفقه في الدين والتزين بحلية العلم.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
لم يمنعهنّ الحياء أن يتفقّهن في الدين
...المزيد

لم يمنعهنّ الحياء أن يتفقّهن في الدين الحمد لله الذي رفع ذكر العالِمِين، والصلاة والسلام على ...

لم يمنعهنّ الحياء أن يتفقّهن في الدين


الحمد لله الذي رفع ذكر العالِمِين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء وأولي العلم الراسخين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد.
فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18]، وقال ابن قيم الجوزية -رحمه الله- وهو يذكر فضل العلم: «واستشهد الله -عز وجل- بأهل العلم على أجلّ مشهود به، وهو التوحيد، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وفي ضمن ذلك تعديلهم، فإنه سبحانه وتعالى لا يستشهد بمجروح» [مدارج السالكين].

ثم قال رحمه الله: «ويكفي في شرفه [أي شرف العلم] أنّ فضل أهله على العباد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وأن الملائكة لتضع لهم أجنحتها، وتظلهم بها، وأن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، حتى الحيتان في البحر، وحتى النمل في جحرها، وأن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير» [مدارج السالكين].

- وجوب طلب العلم:

ولقد فرض الله تعالى طلب العلم على كل مسلم ومسلمة، فالرجال والنساء في طلب العلم الشرعي النافع سواء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) [رواه ابن ماجه والطبراني].

قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله: «اعلم أن طلب العلم فريضة، وأنه شفاء للقلوب المريضة، وأن أهم ما على العبد معرفة دينه الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة، والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار أعاذنا الله منها» [الدرر السنية].

وقال ابن رجب الحنبلي، رحمه الله: «فإنه يجب على كل مسلم معرفة ما يحتاج إليه في دينه، كالطهارة والصلاة والصيام، ويجب على من له مال معرفة ما يجب عليه في ماله من زكاة ونفقة، وحج وجهاد، وكذلك يجب على كل من يبيع ويشتري أن يتعلم ما يحل ويحرم من البيوع، كما قال عمر، رضي الله عنه: لا يبيع في سوقنا إلا من قد تفقه في الدين» [مجموع رسائل ابن رجب].
ولذلك كان من أوجب الواجبات على دولة الإسلام ما إن مكنها الله تعالى في الأرض، أن حرصت على نشر العلم الشرعي بين رعاياها، فأقيمت الدورات الشرعية وانتشرت حلق الذكر والتعليم في المساجد.

وقد كانت الدولة الإسلامية -سددها الله- ولا زالت تحث النساء على طلب العلم، وتقيم لهن الدروس والمحاضرات، وتنشر بينهن الرسائل النافعة، والكتب الجامعة.

- المسلمة ترفع الجهل عن نفسها وأهلها ومن حولها:

عن ابن عمر، رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته) [متفق عليه]، فوجب على المسلمة تعلُّم أمر دينها لرفع الجهل عن نفسها وأطفالها ومن حولها، وتأسيا بمن كان قبلنا من الصحابيات ونساء السلف والصالحين.

ولتعلم الأخت المسلمة أن تنشئة النساء في الحلية والزينة والترف وما أباحه الشارع لهن، لا يجب أن يكون مبلغ همّ المسلمة، ولتقلب صفحات التاريخ، ولتطرق أبواب السير والتراجم، لتجد فيها حدائق غَنَّاء بزهرات يفوح عبيرها مع كل سطر، زهرات هن نساء خيِّرات، زوجات وأمهات وفي نفس الوقت عالمات فقيهات محدِّثات، تعلمن وعلمن، وحفِظن وحفَّظن، بل وتفقهن وأفتين.

- أم المؤمنين تعلم علماء الصحابة:

فها هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق -رضي الله عنها وعن أبيها- يشهد لها كبار الصحابة –رضوان الله عليهم- بغزارة العلم، عائشة معلمة الأمة التي قال عنها الزهري: «لو جُمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل».
وسئل مسروق إن كانت عائشة تحسن الفرائض، فقال: «والذي لا إله غيره، لقد رأيت الأكابر من أصحاب محمد يسألونها عن الفرائض» [رواه الدارمي].

وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: «ما أشكل علينا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث قط، فسألنا عائشة -رضي الله عنها- إلا وجدنا عندها منه علما» [رواه مالك في الموطأ].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
لم يمنعهنّ الحياء أن يتفقّهن في الدين
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
15 شعبان 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً