توقُّوا هذه الخمس ◾ قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "مَنْ وُقِيَ خَمْسًا فقد وُقِيَ شَرَّ ...

توقُّوا هذه الخمس

◾ قال الفضيل بن عياض رحمه الله:
"مَنْ وُقِيَ خَمْسًا فقد وُقِيَ شَرَّ الدنْيَا وَالآخِرَةِ: العُجْبُ والرِّيَاءُ والكِبْرُ والْإِزْرَاءُ والشَّهْوَةُ". [حلية الأولياء]

▪ 1 العُجْبُ:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلَّلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) [متفق عليه]. قال القرطبي: "إعجاب المرء بنفسه هو ملاحظته لها بعين الكمال مع نسيان نعمة الله" [فتح الباري].

▪ 2 الرِّيَاءُ:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (من سمَّع سمّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به) [متفق عليه]. قال النووي: "ومعنى: (من راءى) أي: من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم، (راءى الله به) أي: أظهر سريرته على رؤوس الخلائق" [رياض الصالحين].

▪ 3 الكِبْر:
قال -صلى الله عليه وسلم- (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ... الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ) [رواه مسلم]. قال النووي: "ومعناه -أي غمط الناس-: احتقارهم.. أما بطر الحق: فهو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا" [المنهاج].

▪ 4 الْإِزْرَاءُ:
ومعناه تحقير واستنقاص الغير والتقليل من شأنهم، وتصغير الشيء والتهاون به، قال -صلى الله عليه وسلم-: (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) [رواه مسلم].

▪ 5 الشَّهْوَةُ:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ) [متفق عليه]. قال ابن تيمية: "المتبعون لشهواتهم من الصور والطعام والشراب واللباس، يستولي على قلب أحدهم ما يشتهيه حتى يقهره ويملكه ويبقى أسيرا" [مجموع الفتاوى].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 508
السنة السابعة عشرة - الخميس 20 صفر 1447 هـ
...المزيد

توقُّوا هذه الخمس ◾ قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "مَنْ وُقِيَ خَمْسًا فقد وُقِيَ شَرَّ ...

توقُّوا هذه الخمس

◾ قال الفضيل بن عياض رحمه الله:
"مَنْ وُقِيَ خَمْسًا فقد وُقِيَ شَرَّ الدنْيَا وَالآخِرَةِ: العُجْبُ والرِّيَاءُ والكِبْرُ والْإِزْرَاءُ والشَّهْوَةُ". [حلية الأولياء]

▪ 1 العُجْبُ:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلَّلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) [متفق عليه]. قال القرطبي: "إعجاب المرء بنفسه هو ملاحظته لها بعين الكمال مع نسيان نعمة الله" [فتح الباري].

▪ 2 الرِّيَاءُ:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (من سمَّع سمّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به) [متفق عليه]. قال النووي: "ومعنى: (من راءى) أي: من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم، (راءى الله به) أي: أظهر سريرته على رؤوس الخلائق" [رياض الصالحين].

▪ 3 الكِبْر:
قال -صلى الله عليه وسلم- (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ... الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ) [رواه مسلم]. قال النووي: "ومعناه -أي غمط الناس-: احتقارهم.. أما بطر الحق: فهو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا" [المنهاج].

▪ 4 الْإِزْرَاءُ:
ومعناه تحقير واستنقاص الغير والتقليل من شأنهم، وتصغير الشيء والتهاون به، قال -صلى الله عليه وسلم-: (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) [رواه مسلم].

▪ 5 الشَّهْوَةُ:
قال -صلى الله عليه وسلم-: (حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ) [متفق عليه]. قال ابن تيمية: "المتبعون لشهواتهم من الصور والطعام والشراب واللباس، يستولي على قلب أحدهم ما يشتهيه حتى يقهره ويملكه ويبقى أسيرا" [مجموع الفتاوى].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 508
السنة السابعة عشرة - الخميس 20 صفر 1447 هـ
...المزيد

مِن أقوال علماء الملّة قال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-: "ينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر ...

مِن أقوال علماء الملّة

قال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-:
"ينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر عواقب المعاصي، فإنه ليس بين آدمي وبين الله تعالى قرابة ولا رحم، وإنما هو قائم بالقسط، حاكم بالعدل. وإن كان حلمه يسع الذنوب، إلا أنه إذا شاء، عفا، فعفَّى كل كثيف من الذنوب، وإذا شاء أخذ باليسير. فالحذر الحذر!".
[صيد الخاطر]
...المزيد

مِن أقوال علماء الملّة قال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-: "ينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر ...

مِن أقوال علماء الملّة

قال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-:
"ينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر عواقب المعاصي، فإنه ليس بين آدمي وبين الله تعالى قرابة ولا رحم، وإنما هو قائم بالقسط، حاكم بالعدل. وإن كان حلمه يسع الذنوب، إلا أنه إذا شاء، عفا، فعفَّى كل كثيف من الذنوب، وإذا شاء أخذ باليسير. فالحذر الحذر!".
[صيد الخاطر]
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 508 الافتتاحية: • عراق المراغمة عقدان أو يزيد لم توقف ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 508
الافتتاحية:

• عراق المراغمة

عقدان أو يزيد لم توقف فيهما الحكومات الرافضية المتعاقبة على العراق حملاتها بحثا عن الأمن المفقود، بينما يعيش مبدِّدو أمنها فصولا متتابعة من الجهاد والعطاء، لم يكلّوا ولم يملّوا رغم طول الطريق وشدة الخذلان وكثرة المناوئين وثقل المحنة التي ناءت بحملها الجبال، وحملها أولئك الأبطال الذين هضمت الأمة حقهم وتواصى الجميع بحربهم.

ونحسب أنهم كانوا قطب الرحى في إشعال جذوة الجهاد الأصيل الذي غيّر وجه المنطقة وغزا العالم، ودشّن عصرا جديدا من المراغمة والمفاصلة، بعد أن كاد الجهاد يضيع بين مشاريع الضرار الإخوانية والمتأخونة التي أرادوها بديلا لمشروع الدولة الإسلامية والخلافة على منهاج النبوة.

وخلافا لانتصاراتهم الكثيرة، انتصر أجناد العراق في موقعتين ضمن حروب المراغمة، كان لهما بالغ الأثر في حفظ مسيرة الجهاد من الزيغ والانحراف؛ الأولى كانت على "صحوات باتريوس" في العراق، والثانية على "صحوات توماس" في الشام، وبين هذه وتلك كادت صورة الجهاد النقي أن تختفي وتضمحل بين نموذجي "الضاري" و "الجولاني" لولا أنّ الله هيّأ له من يصونه ويحرسه، وهذا يحسب لأجناد العراق الذين تمالأ المنافقون قديما وحديثا على محاربة مشروعهم، فخيّب الله سعيهم وكشف سوأتهم وصاروا مضرب المثل في الخيانة والانتكاس، وتأمل عندما تذكر الخيانة والانتكاس، من يتبادر إلى ذهنك؟

ومع كل ما يحيط بهم، لم يحد أجناد العراق عن دربهم، صُبُر أباة يكابدون من المحن أشدّها ومن الظروف أمرّها، وثمرات جهادهم ما تزال تتصدر ميدان الصراع العالمي بين الإسلام والكفر، واذكروا إنْ شئتم يوما واحدا خلا من تقارير العدو، تحذّر وتنذر من أجناد العراق.

إنْ حضروا ارتعدت فرائص الأعداء وعاد الرافضة والصليبيون شركاء حلفاء، وإن غابوا لم تغب آثارهم ولم ينس الرافضة فعالهم فعكفوا يتذاكرونها في لطميات لا تنتهي، تحسب لهم أمريكا ألف حساب ووفقا لمقياس خطرهم تؤقّت جداول الانسحاب، ويشارك اليهود الملاعين في حربهم مكرا وتجسُّسا من وراء حجاب، لقد نُصروا بالرعب حقا ولا عجب بعد أنِ اقتفوا هدي نبيهم وساروا عليه، ووالوا وعادوا فيه، وعاشوا وقتلوا تحت لوائه، ولم يبالوا بكل من ناوأهم.

قوافل شهدائهم ماضية، ومحن أسراهم في السجون لا يضاهيها محنة ومعهم ذووهم الكرام البررة المغيبون عن ذاكرة الأمة، وجلَد جنودهم في القفار والوديان لا يطيقه الرجال، ولولا الموانع لسردنا ما تشيب له مفارق الرأس من الأهوال، ومع ذلك لم يتهاونوا في دينهم، ولم يبخلوا على أمتهم ولم يبادلوها الخذلان بالخذلان، يستعذبون الموت في سبيل الله تعالى، ويقدّمونه على التنازلات والمساومات، شعارهم التجلُّد خير من التبلُّد، والمنية خير من الدنيا، صمتوا ولم تصمت بنادقهم بعيدا عن عدسات الإعلام في ثبات ملحمي لم تُحط به الطبقات ولا سير الأعلام، وعذرا أجناد العراق فمؤرّخو زماننا لم يعتادوا سوى تأريخ النكبات والخيانات، لا المفاخر والمكرمات، أما الملائكة الكرام فقد فعلوا، فأبشروا وقروا عينا فوارس العراق، فما عند الله خير وأبقى.

شكّلوا نواة جيوش الفتح التي انطلقت قبل أكثر من عقدين وشيّدت صرح المشروع المقدس الذي اجتمع الروم والفرس والمنافقون على حربه منذ أول يوم أُسس فيه على التقوى، وما زال الكافرون والمنافقون يتواصون بحربه حتى هذه اللحظة، بينما واصلت جيوش الفتح طريقها منذ ذلك الحين لم تذل خيولها حتى وصلت سنابكها بلاد إفريقية وخراسان وما زالت مسيرتها ماضية بفضل الله تعالى.

تتسابق الجيوش والحكومات على مطاردة جنودهم قبل قياداتهم، وتُفتح قنوات التنسيق بين أجهزة المخابرات إنْ وردت إشارة ساخنة عن أحدهم، وتطير الوكالات والقنوات بنبأ مقتل عراقي في نزال، وأسر عراقي في إنزال، كأنّ أجناد العراق مادة الرعب ومنتهى الإرهاب الذي يحاول كل هؤلاء عبثا الخلاص منه وهيهات.

لأجل ما سبق، يتعرض مسلمو العراق لأبشع الجرائم الرافضية في السجون والمخيمات المنسية، وسط تغييب إعلامي ممنهج يمارسه إعلام الدجال، وهو نهج مقصود غير مستغرب، لكن ما يكرّسه ويفاقمه تجاهل عامة المسلمين لجرح إخوانهم في العراق كأنهم لا يرون فيه بأسا، مع أنّ ما فيه يفوق ما في كثير من الجراح مجتمعة، لكن الأحرار لم يعتادوا النواح والشكوى ولو بقوا في المحنة مئة عام! نتحدث بلسانهم لا نيابة عنهم، فمن ينوب عن هؤلاء ومن يطيق ما يطيقون؟

إننا نذكّر المسلمين بنصرة إخوانهم أهل العراق تحت مظلة الإسلام الذي يوجب عليهم ذلك، وتيقنوا أن من خذل أهل العراق لن ينصر أهل فلسطين، ومن باع بغداد الرشيد لن يشتري الأقصى.

ولأنه يُبتلى المؤمن على قدر دينه، فقد جاءت المحنة العراقية على قدر الجهد الذي بذله مجاهدو العراق في حفظ مسيرة الجهاد وتدويله وإخراجه من قمقم السواتر والحدود، وردفه بالرجال والمال، وقبل ذلك أطره على منهاج النبوة الذي انتصر على مناهج التمييع والترقيع التي اخترقت ساحات الجهاد وأنتجت مسوخا جهادية وخلائط منهجية لم تعرفها القرون المفضلة.

وإنّ لفوارس العراق حبا في قلوب المؤمنين، وغيظا ورعبا في قلوب الكافرين، وحسدا وحقدا في قلوب المنافقين، وما ذلك إلا لشدتهم على الكافرين وتقديمهم مصلحة العقيدة على كل المصالح الموهومة، ووقوفهم سدا في وجه المؤامرات التي تستهدف العقيدة والجهاد، حتى صار أجناد العراق مضرب المثل في الولاء والبراء، نحسبهم والله حسيبهم.

وننتهز الفرصة لنخاطب أجناد العراق خطاب الأخوة الإيمانية، ونرسل إليهم تذكيرا ووصية، فخذوها عنا واسمعوا وتدبروا بشارة ربكم لمن سبقكم: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}، لن يضيّعكم الله يا فوارس العراق، ولن يتركم أعمالكم سبحانه، لن يضيّع إيمانكم وصبركم وتضحياتكم قديما وحديثا سرا وعلانية، وحسبكم أنكم كنتم أهل السبق إلى الجادة، وها أنتم اليوم أهل الصبر والمراغمة، فهنيئا لكم السابقة وهنيئا لكم اللاحقة، فالثبات الثبات والاحتساب الاحتساب، ونسأله تعالى لنا ولكم حسن العاقبة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 508
السنة السابعة عشرة - الخميس 20 صفر 1447 هـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 508 الافتتاحية: • عراق المراغمة عقدان أو يزيد لم توقف ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 508
الافتتاحية:

• عراق المراغمة

عقدان أو يزيد لم توقف فيهما الحكومات الرافضية المتعاقبة على العراق حملاتها بحثا عن الأمن المفقود، بينما يعيش مبدِّدو أمنها فصولا متتابعة من الجهاد والعطاء، لم يكلّوا ولم يملّوا رغم طول الطريق وشدة الخذلان وكثرة المناوئين وثقل المحنة التي ناءت بحملها الجبال، وحملها أولئك الأبطال الذين هضمت الأمة حقهم وتواصى الجميع بحربهم.

ونحسب أنهم كانوا قطب الرحى في إشعال جذوة الجهاد الأصيل الذي غيّر وجه المنطقة وغزا العالم، ودشّن عصرا جديدا من المراغمة والمفاصلة، بعد أن كاد الجهاد يضيع بين مشاريع الضرار الإخوانية والمتأخونة التي أرادوها بديلا لمشروع الدولة الإسلامية والخلافة على منهاج النبوة.

وخلافا لانتصاراتهم الكثيرة، انتصر أجناد العراق في موقعتين ضمن حروب المراغمة، كان لهما بالغ الأثر في حفظ مسيرة الجهاد من الزيغ والانحراف؛ الأولى كانت على "صحوات باتريوس" في العراق، والثانية على "صحوات توماس" في الشام، وبين هذه وتلك كادت صورة الجهاد النقي أن تختفي وتضمحل بين نموذجي "الضاري" و "الجولاني" لولا أنّ الله هيّأ له من يصونه ويحرسه، وهذا يحسب لأجناد العراق الذين تمالأ المنافقون قديما وحديثا على محاربة مشروعهم، فخيّب الله سعيهم وكشف سوأتهم وصاروا مضرب المثل في الخيانة والانتكاس، وتأمل عندما تذكر الخيانة والانتكاس، من يتبادر إلى ذهنك؟

ومع كل ما يحيط بهم، لم يحد أجناد العراق عن دربهم، صُبُر أباة يكابدون من المحن أشدّها ومن الظروف أمرّها، وثمرات جهادهم ما تزال تتصدر ميدان الصراع العالمي بين الإسلام والكفر، واذكروا إنْ شئتم يوما واحدا خلا من تقارير العدو، تحذّر وتنذر من أجناد العراق.

إنْ حضروا ارتعدت فرائص الأعداء وعاد الرافضة والصليبيون شركاء حلفاء، وإن غابوا لم تغب آثارهم ولم ينس الرافضة فعالهم فعكفوا يتذاكرونها في لطميات لا تنتهي، تحسب لهم أمريكا ألف حساب ووفقا لمقياس خطرهم تؤقّت جداول الانسحاب، ويشارك اليهود الملاعين في حربهم مكرا وتجسُّسا من وراء حجاب، لقد نُصروا بالرعب حقا ولا عجب بعد أنِ اقتفوا هدي نبيهم وساروا عليه، ووالوا وعادوا فيه، وعاشوا وقتلوا تحت لوائه، ولم يبالوا بكل من ناوأهم.

قوافل شهدائهم ماضية، ومحن أسراهم في السجون لا يضاهيها محنة ومعهم ذووهم الكرام البررة المغيبون عن ذاكرة الأمة، وجلَد جنودهم في القفار والوديان لا يطيقه الرجال، ولولا الموانع لسردنا ما تشيب له مفارق الرأس من الأهوال، ومع ذلك لم يتهاونوا في دينهم، ولم يبخلوا على أمتهم ولم يبادلوها الخذلان بالخذلان، يستعذبون الموت في سبيل الله تعالى، ويقدّمونه على التنازلات والمساومات، شعارهم التجلُّد خير من التبلُّد، والمنية خير من الدنيا، صمتوا ولم تصمت بنادقهم بعيدا عن عدسات الإعلام في ثبات ملحمي لم تُحط به الطبقات ولا سير الأعلام، وعذرا أجناد العراق فمؤرّخو زماننا لم يعتادوا سوى تأريخ النكبات والخيانات، لا المفاخر والمكرمات، أما الملائكة الكرام فقد فعلوا، فأبشروا وقروا عينا فوارس العراق، فما عند الله خير وأبقى.

شكّلوا نواة جيوش الفتح التي انطلقت قبل أكثر من عقدين وشيّدت صرح المشروع المقدس الذي اجتمع الروم والفرس والمنافقون على حربه منذ أول يوم أُسس فيه على التقوى، وما زال الكافرون والمنافقون يتواصون بحربه حتى هذه اللحظة، بينما واصلت جيوش الفتح طريقها منذ ذلك الحين لم تذل خيولها حتى وصلت سنابكها بلاد إفريقية وخراسان وما زالت مسيرتها ماضية بفضل الله تعالى.

تتسابق الجيوش والحكومات على مطاردة جنودهم قبل قياداتهم، وتُفتح قنوات التنسيق بين أجهزة المخابرات إنْ وردت إشارة ساخنة عن أحدهم، وتطير الوكالات والقنوات بنبأ مقتل عراقي في نزال، وأسر عراقي في إنزال، كأنّ أجناد العراق مادة الرعب ومنتهى الإرهاب الذي يحاول كل هؤلاء عبثا الخلاص منه وهيهات.

لأجل ما سبق، يتعرض مسلمو العراق لأبشع الجرائم الرافضية في السجون والمخيمات المنسية، وسط تغييب إعلامي ممنهج يمارسه إعلام الدجال، وهو نهج مقصود غير مستغرب، لكن ما يكرّسه ويفاقمه تجاهل عامة المسلمين لجرح إخوانهم في العراق كأنهم لا يرون فيه بأسا، مع أنّ ما فيه يفوق ما في كثير من الجراح مجتمعة، لكن الأحرار لم يعتادوا النواح والشكوى ولو بقوا في المحنة مئة عام! نتحدث بلسانهم لا نيابة عنهم، فمن ينوب عن هؤلاء ومن يطيق ما يطيقون؟

إننا نذكّر المسلمين بنصرة إخوانهم أهل العراق تحت مظلة الإسلام الذي يوجب عليهم ذلك، وتيقنوا أن من خذل أهل العراق لن ينصر أهل فلسطين، ومن باع بغداد الرشيد لن يشتري الأقصى.

ولأنه يُبتلى المؤمن على قدر دينه، فقد جاءت المحنة العراقية على قدر الجهد الذي بذله مجاهدو العراق في حفظ مسيرة الجهاد وتدويله وإخراجه من قمقم السواتر والحدود، وردفه بالرجال والمال، وقبل ذلك أطره على منهاج النبوة الذي انتصر على مناهج التمييع والترقيع التي اخترقت ساحات الجهاد وأنتجت مسوخا جهادية وخلائط منهجية لم تعرفها القرون المفضلة.

وإنّ لفوارس العراق حبا في قلوب المؤمنين، وغيظا ورعبا في قلوب الكافرين، وحسدا وحقدا في قلوب المنافقين، وما ذلك إلا لشدتهم على الكافرين وتقديمهم مصلحة العقيدة على كل المصالح الموهومة، ووقوفهم سدا في وجه المؤامرات التي تستهدف العقيدة والجهاد، حتى صار أجناد العراق مضرب المثل في الولاء والبراء، نحسبهم والله حسيبهم.

وننتهز الفرصة لنخاطب أجناد العراق خطاب الأخوة الإيمانية، ونرسل إليهم تذكيرا ووصية، فخذوها عنا واسمعوا وتدبروا بشارة ربكم لمن سبقكم: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}، لن يضيّعكم الله يا فوارس العراق، ولن يتركم أعمالكم سبحانه، لن يضيّع إيمانكم وصبركم وتضحياتكم قديما وحديثا سرا وعلانية، وحسبكم أنكم كنتم أهل السبق إلى الجادة، وها أنتم اليوم أهل الصبر والمراغمة، فهنيئا لكم السابقة وهنيئا لكم اللاحقة، فالثبات الثبات والاحتساب الاحتساب، ونسأله تعالى لنا ولكم حسن العاقبة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 508
السنة السابعة عشرة - الخميس 20 صفر 1447 هـ
...المزيد

اسم الله (الغني) تكملة للكلام عن أسماء الله جل وعلا، نتدبر في هذا المقال اسم الله ...

اسم الله (الغني)


تكملة للكلام عن أسماء الله جل وعلا، نتدبر في هذا المقال اسم الله (الغني).

قال تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 68] هذا الاسم من أسماء الله تعالى، يظهر جانباً من عظمة الله -تعالى- القائم بنفسه القيوم على عباده، فلله -سبحانه- الملك التام، وله خزائن السماوات والأرض، وهو على كل شيء قدير، وعباده لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وليس لله منهم شريك في ذرة من خلقه، ولا حاجة به إلى عون من مخلوقاته فقد استغنى الله -تعالى- عنها، هو الذي خلقها، وبقاؤها مفتقر إليه، هو الذي يدبر أمرها ويصلح شؤونها، لا يملك المخلوق لنفسه ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله، كما أن إحسان الطائعين لا ينفع الله شيئاً ومعصية المسيئين لا تضر الله شيئاً، بل الطاعة تنفع صاحبها والمعصية تضر فاعلها، كما علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نقول في دعائنا: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، أي لا ينفع صاحب الغنى غناه وإنما ينفعه فضل الله ورحمته، وتنفعه طاعته إذا تقبلها الله عز وجل، والذي يوفق الطائعين هو ربهم ذو الفضل العظيم، والذي يضل الظالمين هو ربهم الحكيم العليم سبحانه، قال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الزمر: 7]، فالله -تعالى- غني عن عباده ولكنه -سبحانه- يجازيهم بأعمالهم، فيرضى عن المتقين ويثيبهم ويغضب على الكافرين ويعاقبهم.


• من كمال غناه سبحانه وتعالى:

أنه ما اتخذ صاحبة أي زوجة ولا ولداً، فهذان إنما يحتاجهما العباد الضعفاء الفقراء إلى الله المحتاجون إلى من يؤنسهم ويعينهم في قضاء حاجاتهم، قالت الجن: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدً} [الجن: 3]، جد ربنا أي غناه سبحانه.

وحاجة العباد إلى الله -تعالى- دائمة مستمرة، لا غنى بهم عن رحمة الله وعونه طرفة عين، يستجيب دعاءهم ويكشف ضرهم ويهدي بفضله ورحمته من يشاء منهم صراطه المستقيم في الدنيا، ويهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم.

ومن غناه -سبحانه- أنه لم يلد ولم يولد، وأنه هو الأحد الصمد الذي استغنى عن الطعام والشراب وسائر ما يحتاج إليه الخلق.

ويخبرنا الله -سبحانه- عن غناه وعن امتنانه علينا فيقول: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم: 48]، أي هو -سبحانه- الذي يغني عباده ويملكهم أنواع المقتنيات.

وقال -تعالى- مذكراً لعباده بحقيقة افتقارهم إليه غاية الفقر، لا يستغنون عن فضله ورحمته ولطفه ومعونته وتدبيره لأمورهم طرفة عين ولا أقل من ذلك، وهو -سبحانه- الغني الغنى التام المطلق، ولا يشغله غناه عن حاجات خلقه وقيامه بشؤونهم، ولذلك هو -تعالى- الحميد أي المحمود على أسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله، التي منها اسمه الغني وصفة الغِنى وأنه المغني لعباده الذي يربيهم التربية العامة ويربي أولياءه الصالحين التربية الخاصة.


• سنة الاستبدال وعلاقتها باسم الله الغني:

وقد بين الله -تعالى- لخلقه كمال غناه، بأنه قادر على أن يذهبهم ويأتي بمن يخلفهم، كما جاء بهؤلاء المخاطبين من آبائهم، {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} [الأنعام: 133].

وهو -سبحانه- مع غناه رحيم، ومن رحمته أنه أنذر من لم يلبِّ دعوة الإنفاق في سبيله فسيستبدله بمن لا يكون مثله في التقصير في طاعة الله، {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].
وأنذر -سبحانه- عباده المؤمنين حاثاً لهم على مواصلة طريق الجهاد لنصرة دين الله أنه غني عن جهاد المجاهدين، وأن من يجاهد فإنما يجاهد لنفسه كما قال سبحانه: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6]، وأن من ارتد عن دينه أو قعد عن نصرته فإن الله -تعالى- سوف يستبدل به غيره، يكونون على ما يحب الله من الصفات، فيجعل لهم الغلبة على أعدائه، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ

فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]، فالله -تعالى- غني وذو فضل عظيم يؤتيه من يشاء على مقتضى حكمته وعلمه بمن يستحق ذلك.


الذي أغناك -سبحانه- يأمرك بالإنفاق:

ومن حكمة الله -تعالى- أنه حين يأمر عباده بالإنفاق في سبيله يذكرهم بأن هذا الرزق من عنده {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3]، فتطيب نفوسهم ويذهب الشح عنهم خاصة وأن ربهم الغني -سبحانه- يعدهم بالخلف الحسن: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39] .

قال ابن جرير في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267]، "واعلموا أيها الناس أن الله -عز وجل- غنيٌّ عن صدقاتكم وعن غيرها، وإنما أمركم بها وفرضها في أموالكم رحمة منه لكم ليغني بها عائلَكم ويُقَوِّيَ بها ضعيفكم، ويجزل لكم عليها في الآخرة مثوبتكم، لا من حاجة به فيها إليكم".

وقرن الله -عز وجل- اسمه الكريم باسمه الغني في قوله: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [سبأ: 40] أي غني عن أعمال من يكفر به، وهو -سبحانه- كريم عمَّ خيرُه الكثيرُ المؤمنَ والكافرَ في الدنيا، ومن يشكر نعم الله يكرمه الله بزيادتها ومباركتها، وهو -سبحانه- واسع العطاء، وحتى نفهم سبب اقتران اسم الغني بالكريم، نتذكر أن كثيراً من الناس يقترن الغنى عندهم باللؤم، وقد تعالى الله عن ذلك فله -سبحانه- المثل الأعلى، أي الوصف الأعلى فهو الغني الكريم.


هو الغني سبحانه:

ويصف الله -عز وجل- عدله وغناه وكرمه في حديث قدسي عظيم، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روى عن الله -تبارك وتعالى- أنه قال: (يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم مُحرماً، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع، إلا من أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي كلكم عار، إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجِنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه) [رواه مسلم]. وكان أبو إدريس الخولاني الراوي عن أبي ذر إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه، وقال أحمد بن حنبل: ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا الحديث. وحتى يتضح لنا اقتران صفة العدل بصفة الغنى لله -عز وجل- نتذكر قول الله -تعالى- عن أكثر أصحاب الغنى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 7] تعالى الله ذو الجلال والإكرام عن كل نقص وعيب، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

اسم الله (الغني) تكملة للكلام عن أسماء الله جل وعلا، نتدبر في هذا المقال اسم الله ...

اسم الله (الغني)


تكملة للكلام عن أسماء الله جل وعلا، نتدبر في هذا المقال اسم الله (الغني).

قال تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 68] هذا الاسم من أسماء الله تعالى، يظهر جانباً من عظمة الله -تعالى- القائم بنفسه القيوم على عباده، فلله -سبحانه- الملك التام، وله خزائن السماوات والأرض، وهو على كل شيء قدير، وعباده لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وليس لله منهم شريك في ذرة من خلقه، ولا حاجة به إلى عون من مخلوقاته فقد استغنى الله -تعالى- عنها، هو الذي خلقها، وبقاؤها مفتقر إليه، هو الذي يدبر أمرها ويصلح شؤونها، لا يملك المخلوق لنفسه ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله، كما أن إحسان الطائعين لا ينفع الله شيئاً ومعصية المسيئين لا تضر الله شيئاً، بل الطاعة تنفع صاحبها والمعصية تضر فاعلها، كما علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نقول في دعائنا: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، أي لا ينفع صاحب الغنى غناه وإنما ينفعه فضل الله ورحمته، وتنفعه طاعته إذا تقبلها الله عز وجل، والذي يوفق الطائعين هو ربهم ذو الفضل العظيم، والذي يضل الظالمين هو ربهم الحكيم العليم سبحانه، قال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الزمر: 7]، فالله -تعالى- غني عن عباده ولكنه -سبحانه- يجازيهم بأعمالهم، فيرضى عن المتقين ويثيبهم ويغضب على الكافرين ويعاقبهم.


• من كمال غناه سبحانه وتعالى:

أنه ما اتخذ صاحبة أي زوجة ولا ولداً، فهذان إنما يحتاجهما العباد الضعفاء الفقراء إلى الله المحتاجون إلى من يؤنسهم ويعينهم في قضاء حاجاتهم، قالت الجن: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدً} [الجن: 3]، جد ربنا أي غناه سبحانه.

وحاجة العباد إلى الله -تعالى- دائمة مستمرة، لا غنى بهم عن رحمة الله وعونه طرفة عين، يستجيب دعاءهم ويكشف ضرهم ويهدي بفضله ورحمته من يشاء منهم صراطه المستقيم في الدنيا، ويهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم.

ومن غناه -سبحانه- أنه لم يلد ولم يولد، وأنه هو الأحد الصمد الذي استغنى عن الطعام والشراب وسائر ما يحتاج إليه الخلق.

ويخبرنا الله -سبحانه- عن غناه وعن امتنانه علينا فيقول: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم: 48]، أي هو -سبحانه- الذي يغني عباده ويملكهم أنواع المقتنيات.

وقال -تعالى- مذكراً لعباده بحقيقة افتقارهم إليه غاية الفقر، لا يستغنون عن فضله ورحمته ولطفه ومعونته وتدبيره لأمورهم طرفة عين ولا أقل من ذلك، وهو -سبحانه- الغني الغنى التام المطلق، ولا يشغله غناه عن حاجات خلقه وقيامه بشؤونهم، ولذلك هو -تعالى- الحميد أي المحمود على أسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله، التي منها اسمه الغني وصفة الغِنى وأنه المغني لعباده الذي يربيهم التربية العامة ويربي أولياءه الصالحين التربية الخاصة.


• سنة الاستبدال وعلاقتها باسم الله الغني:

وقد بين الله -تعالى- لخلقه كمال غناه، بأنه قادر على أن يذهبهم ويأتي بمن يخلفهم، كما جاء بهؤلاء المخاطبين من آبائهم، {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} [الأنعام: 133].

وهو -سبحانه- مع غناه رحيم، ومن رحمته أنه أنذر من لم يلبِّ دعوة الإنفاق في سبيله فسيستبدله بمن لا يكون مثله في التقصير في طاعة الله، {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].
وأنذر -سبحانه- عباده المؤمنين حاثاً لهم على مواصلة طريق الجهاد لنصرة دين الله أنه غني عن جهاد المجاهدين، وأن من يجاهد فإنما يجاهد لنفسه كما قال سبحانه: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6]، وأن من ارتد عن دينه أو قعد عن نصرته فإن الله -تعالى- سوف يستبدل به غيره، يكونون على ما يحب الله من الصفات، فيجعل لهم الغلبة على أعدائه، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ

فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]، فالله -تعالى- غني وذو فضل عظيم يؤتيه من يشاء على مقتضى حكمته وعلمه بمن يستحق ذلك.


الذي أغناك -سبحانه- يأمرك بالإنفاق:

ومن حكمة الله -تعالى- أنه حين يأمر عباده بالإنفاق في سبيله يذكرهم بأن هذا الرزق من عنده {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3]، فتطيب نفوسهم ويذهب الشح عنهم خاصة وأن ربهم الغني -سبحانه- يعدهم بالخلف الحسن: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39] .

قال ابن جرير في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267]، "واعلموا أيها الناس أن الله -عز وجل- غنيٌّ عن صدقاتكم وعن غيرها، وإنما أمركم بها وفرضها في أموالكم رحمة منه لكم ليغني بها عائلَكم ويُقَوِّيَ بها ضعيفكم، ويجزل لكم عليها في الآخرة مثوبتكم، لا من حاجة به فيها إليكم".

وقرن الله -عز وجل- اسمه الكريم باسمه الغني في قوله: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [سبأ: 40] أي غني عن أعمال من يكفر به، وهو -سبحانه- كريم عمَّ خيرُه الكثيرُ المؤمنَ والكافرَ في الدنيا، ومن يشكر نعم الله يكرمه الله بزيادتها ومباركتها، وهو -سبحانه- واسع العطاء، وحتى نفهم سبب اقتران اسم الغني بالكريم، نتذكر أن كثيراً من الناس يقترن الغنى عندهم باللؤم، وقد تعالى الله عن ذلك فله -سبحانه- المثل الأعلى، أي الوصف الأعلى فهو الغني الكريم.


هو الغني سبحانه:

ويصف الله -عز وجل- عدله وغناه وكرمه في حديث قدسي عظيم، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روى عن الله -تبارك وتعالى- أنه قال: (يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم مُحرماً، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع، إلا من أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي كلكم عار، إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجِنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه) [رواه مسلم]. وكان أبو إدريس الخولاني الراوي عن أبي ذر إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه، وقال أحمد بن حنبل: ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا الحديث. وحتى يتضح لنا اقتران صفة العدل بصفة الغنى لله -عز وجل- نتذكر قول الله -تعالى- عن أكثر أصحاب الغنى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 7] تعالى الله ذو الجلال والإكرام عن كل نقص وعيب، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - قصة شهيد: أقدم على عمليتين استشهاديتين ولم يُكتب له تنفيذ أيٍّ منهما أبو ...

الدولة الإسلامية - قصة شهيد:

أقدم على عمليتين استشهاديتين ولم يُكتب له تنفيذ أيٍّ منهما

أبو الخير القرشي:
حافظٌ لكتاب الله.. رفيعُ الأخلاق.. شديدُ الحياء.. سخيٌّ


أقدم على عمليته الاستشهادية مرتين ولكن الله -تعالى- لم يكتب له تنفيذها، وكان رحيله عندما شارك في توثيق عملية انغماسية ضد أولياء الشيطان في منطقة "شبام" في اليمن، فلما اشتد الأمر على إخوانه، وضع آلة التصوير التي يستخدمها جانبا، وقذف بنفسه إلى مجموعة الانغماسيِّين، وبايعهم على الموت في سبيل الله، ونكل بالمرتدين، إلى أن قُتل، تقبله الله.

كان رفيع الأخلاق، سامي الروح، سخياً كريماً، كثير التصدق، كثير الصمت، شديد الحياء، شديد التواضع، هادئا، نصوحا، مُتقنا لكتاب الله، مكثرا لقراءته، حافظا له، جاهد بماله ونفسه إلى أن لقي ربه، نحسبه والله حسيبه.

سأله أحد إخوانه يوما عن أمنيته فأجاب: رؤية وجه ربي الكريم، ومرافقة نبيه، صلى الله عليه وسلم، والفوز بالفردوس الأعلى.

إنه أبو الخير القرشي، من مدينة الحديدة غربي اليمن، ولد في أبها، ونشأ وترعرع في الرياض بنجد، وقُتل ولم يتجاوز الحادية والعشرين من عمره.

• نشأته وشبابه:

نشأ في بيت صلاح وتقى، لكن ألهته الملهيات التي أضاعت كثيراً من الشباب، أحب الألعاب القتالية وتمرس بها، وكادت تودي به لولا أن صرفه الله عنها، ثم شُغل بمُلهٍ آخر وهو عالم كرة القدم حتى أنه احترفها، وعُرض عليه أن يلعب في أحد الأندية الخليجية، وصرفه الله مرة أخرى عنها، لم يكن بعيدا عن طريق الصلاح والصالحين، حيث كان ملتزما بحلقات القرآن الكريم، وبفضل الله -سبحانه- ثم بفضل أحد رفاقه الذين كانوا معه في الحلقة التزم فارسنا، وجَدَّ في حفظ كتاب الله، ثم بعد فترة من الالتزام والعكوف عليه حفظه بحمد الله، فأصبح مدرساً في إحدى الحلقات وإماما لأحد المساجد، وما زال رفيقه -الذي كان له الفضل بعد الله في هدايته- سببا في إرشاده إلى طريق الحق، طريق الجهاد والموحدين.

• قصة نفيره:

بعد أن أرشده صديقه إلى هذا الطريق وبعد مرور فترة من حياته، سافر رفيقه إلى ماليزيا ليتخصص في مجال الحاسوب، ورغم انشغاله في أمور الدراسة، إلا أنه ما فتئ ينسق ويبحث عن طريق يوصله لديار الإسلام، فمنَّ الله عليه أن وجد طريقاً لأرض الشام، ولكن الطواغيت المرتدين عرقلوا عليه طريق هجرته، وكان هذا الأمر في ظاهره شرَّاً، ولكنه في باطنه يحمل الخير الكثير، فكأنما أراد الله لهما وجهةً أخرى لتكون منطلق حياتهما الجهادية، فتم التنسيق والتخطيط للهجرة البديلة، حتى التقيا في ولاية صنعاء ثم اتجها نحو ولاية اللواء الأخضر (مدينة إب)، منطلق الموحدين آنذاك.

ثم بعد ذلك، انتقل فارسنا مع المجاهدين إلى ولاية شبوة، وأُمِّر على إحدى المضافات هناك، فلم يزده ذلك إلا تواضعا وتحملاً للمسؤولية، فكان يوزع المهام بين الإخوة ولا ينسى نفسه وهو أحرصهم على الخدمة، فكان لذلك الأثر الكبير على إخوانه، ومن المواقف التي حصلت أنه رسم جدولاً لعمل الإخوة في المطبخ، فاعترض الإخوة على هذا الجدول، كل منهم يريد أن يستأثر بالأجر في خدمة إخوانه، حتى رُفع ذلك إلى الأخ المسؤول ليفصل فيها.

ومما امتاز به الحرص على الجانب التوعوي للإخوة، فكان يُدرِّسهم في المضافةِ القرآنَ الكريم، ويعطيهم المواعظ الهامة وينصحهم ويبذل لهم مما منَّ الله به عليه في هذا الباب.

وأثناء وجوده في ولاية شبوة كُلِّف من قِبل الإخوة بالتدريب في أحد معسكرات الخلافة، حيث أنه كان يتمتع ببنية جسدية رياضية، فكان نِعم المدرب والمربي، تقبله الله.

• العمليتان الاستشهاديتان:

ثم عجِل إلى الله، كما نحسبه والله حسيبه، وطلب من الإخوة أن ينفذ عملية استشهادية ضد الحوثة المشركين، فوافق الإخوة على طلبه، وعندما أعدُّوا له السيارة، قدَّر الله لها أن تنفجر بسبب خلل فني قبل وقت العملية، فما يئس فارسنا وأراد الثانية، فجهَّز الإخوة له السيارة الثانية، ثم ركب فارسنا جواده وانطلق به مقبلا غير مدبر يبتغي القتل في سبيل الله مظانه، فقدر الله له تأخير أجله فلم يُوَفَّق بإيجاد هدفه، فانتظر يومين عسى الله أن ييسر له مبتغاه، حتى عاد فارسنا والحزن يعصر فؤاده، بعد أن ودع صحبه وأحبابه ليعيش معهم مرة أخرى.

• لكلِّ أجلٍ كتابٌ:

تعلم فارسنا من هذا الدرس الكبير أن الإنسان له أجل محتوم ويوم معلوم، وأن عمله في الدنيا زادٌ له يوم النعيم، فلم يكل أو ييأس، ولم يقعد لكونه استشهاديا وينتظر موعد عمليته، بل كان يحرض الاستشهاديين، وكان أكثرهم خدمة لإخوانه، ويُجدُّ ويجتهد حتى يتقبله الله، فبدأ العمل في مجال الإعلام.

انتقل فارسنا لولاية حضرموت، والتحق بالمجال الإعلامي فاختير إعلامياً ميدانياً، ولزم ذلك أن ينتدبه الاخوة ليأخذ دورة عسكرية لما يتطلب ذلك من لياقة ومرونة.

وكما يحكي إخوانه الذين رافقوه في الرحلة إلى المعسكر أنه كان مؤنساً لهم في الطريق، ينشد لهم بعض الأبيات المحرضة، ويسليهم ويذهب عنهم عناء الطريق، مضيفا أنه كان مشجعاً لإخوانه رافعا لهممهم، وكان نشيطاً في أول الصفوف، فكلفه الإخوة بإمارة إحدى السرايا.

• رحيله (تقبله الله):

كان -تقبله الله- قد أمضى ليله في تلاوة القرآن والدعاء والقيام، ثم صلى فجر صبيحة ذلك اليوم بإخوانه واستعانوا بالله ثم انطلقوا لغزوتهم.

قسمهم القائد العسكري إلى سريتين: سرية تغزو منطقة "سر" والأخرى منطقة "شبام"، وانطلق فارسنا مع سرية شبام "إعلامياً ميدانياً"، ويُذكِّر إخوانه بالله ويحرضهم ويحثهم على الإثخان في أعداء الله.

وأثناء تصويره للمعارك بين جند الرحمن وجند الشيطان، انطلق فارسنا مع الإخوة الانغماسيين ليصورهم، فانغمس الموحدون في أوكار المرتدين، وأثخنوا فيهم القتل والجراح، ثم انحازوا إلى موقع آخر قريب من المرتدين بعدما وصلت تعزيزاتهم، فاشتد الأمر على الإخوة، فأعطى فارسنا آلة التصوير التي كانت معه لأحد الإخوة وصاح بإخوانه يثبتهم ويشد من أزرهم، ثم قال: "لنتبايع على الموت"، فتبايعوا جميعا على الموت وانغمسوا، فخرج أحد المرتدين من مخبئه فانبرى له فارسنا فقتله، ثم انغمس فيهم وتقدم، لينال ما تمناه مقبلاً غير مدبر، تقبله الله.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - قصة شهيد: أقدم على عمليتين استشهاديتين ولم يُكتب له تنفيذ أيٍّ منهما أبو ...

الدولة الإسلامية - قصة شهيد:

أقدم على عمليتين استشهاديتين ولم يُكتب له تنفيذ أيٍّ منهما

أبو الخير القرشي:
حافظٌ لكتاب الله.. رفيعُ الأخلاق.. شديدُ الحياء.. سخيٌّ


أقدم على عمليته الاستشهادية مرتين ولكن الله -تعالى- لم يكتب له تنفيذها، وكان رحيله عندما شارك في توثيق عملية انغماسية ضد أولياء الشيطان في منطقة "شبام" في اليمن، فلما اشتد الأمر على إخوانه، وضع آلة التصوير التي يستخدمها جانبا، وقذف بنفسه إلى مجموعة الانغماسيِّين، وبايعهم على الموت في سبيل الله، ونكل بالمرتدين، إلى أن قُتل، تقبله الله.

كان رفيع الأخلاق، سامي الروح، سخياً كريماً، كثير التصدق، كثير الصمت، شديد الحياء، شديد التواضع، هادئا، نصوحا، مُتقنا لكتاب الله، مكثرا لقراءته، حافظا له، جاهد بماله ونفسه إلى أن لقي ربه، نحسبه والله حسيبه.

سأله أحد إخوانه يوما عن أمنيته فأجاب: رؤية وجه ربي الكريم، ومرافقة نبيه، صلى الله عليه وسلم، والفوز بالفردوس الأعلى.

إنه أبو الخير القرشي، من مدينة الحديدة غربي اليمن، ولد في أبها، ونشأ وترعرع في الرياض بنجد، وقُتل ولم يتجاوز الحادية والعشرين من عمره.

• نشأته وشبابه:

نشأ في بيت صلاح وتقى، لكن ألهته الملهيات التي أضاعت كثيراً من الشباب، أحب الألعاب القتالية وتمرس بها، وكادت تودي به لولا أن صرفه الله عنها، ثم شُغل بمُلهٍ آخر وهو عالم كرة القدم حتى أنه احترفها، وعُرض عليه أن يلعب في أحد الأندية الخليجية، وصرفه الله مرة أخرى عنها، لم يكن بعيدا عن طريق الصلاح والصالحين، حيث كان ملتزما بحلقات القرآن الكريم، وبفضل الله -سبحانه- ثم بفضل أحد رفاقه الذين كانوا معه في الحلقة التزم فارسنا، وجَدَّ في حفظ كتاب الله، ثم بعد فترة من الالتزام والعكوف عليه حفظه بحمد الله، فأصبح مدرساً في إحدى الحلقات وإماما لأحد المساجد، وما زال رفيقه -الذي كان له الفضل بعد الله في هدايته- سببا في إرشاده إلى طريق الحق، طريق الجهاد والموحدين.

• قصة نفيره:

بعد أن أرشده صديقه إلى هذا الطريق وبعد مرور فترة من حياته، سافر رفيقه إلى ماليزيا ليتخصص في مجال الحاسوب، ورغم انشغاله في أمور الدراسة، إلا أنه ما فتئ ينسق ويبحث عن طريق يوصله لديار الإسلام، فمنَّ الله عليه أن وجد طريقاً لأرض الشام، ولكن الطواغيت المرتدين عرقلوا عليه طريق هجرته، وكان هذا الأمر في ظاهره شرَّاً، ولكنه في باطنه يحمل الخير الكثير، فكأنما أراد الله لهما وجهةً أخرى لتكون منطلق حياتهما الجهادية، فتم التنسيق والتخطيط للهجرة البديلة، حتى التقيا في ولاية صنعاء ثم اتجها نحو ولاية اللواء الأخضر (مدينة إب)، منطلق الموحدين آنذاك.

ثم بعد ذلك، انتقل فارسنا مع المجاهدين إلى ولاية شبوة، وأُمِّر على إحدى المضافات هناك، فلم يزده ذلك إلا تواضعا وتحملاً للمسؤولية، فكان يوزع المهام بين الإخوة ولا ينسى نفسه وهو أحرصهم على الخدمة، فكان لذلك الأثر الكبير على إخوانه، ومن المواقف التي حصلت أنه رسم جدولاً لعمل الإخوة في المطبخ، فاعترض الإخوة على هذا الجدول، كل منهم يريد أن يستأثر بالأجر في خدمة إخوانه، حتى رُفع ذلك إلى الأخ المسؤول ليفصل فيها.

ومما امتاز به الحرص على الجانب التوعوي للإخوة، فكان يُدرِّسهم في المضافةِ القرآنَ الكريم، ويعطيهم المواعظ الهامة وينصحهم ويبذل لهم مما منَّ الله به عليه في هذا الباب.

وأثناء وجوده في ولاية شبوة كُلِّف من قِبل الإخوة بالتدريب في أحد معسكرات الخلافة، حيث أنه كان يتمتع ببنية جسدية رياضية، فكان نِعم المدرب والمربي، تقبله الله.

• العمليتان الاستشهاديتان:

ثم عجِل إلى الله، كما نحسبه والله حسيبه، وطلب من الإخوة أن ينفذ عملية استشهادية ضد الحوثة المشركين، فوافق الإخوة على طلبه، وعندما أعدُّوا له السيارة، قدَّر الله لها أن تنفجر بسبب خلل فني قبل وقت العملية، فما يئس فارسنا وأراد الثانية، فجهَّز الإخوة له السيارة الثانية، ثم ركب فارسنا جواده وانطلق به مقبلا غير مدبر يبتغي القتل في سبيل الله مظانه، فقدر الله له تأخير أجله فلم يُوَفَّق بإيجاد هدفه، فانتظر يومين عسى الله أن ييسر له مبتغاه، حتى عاد فارسنا والحزن يعصر فؤاده، بعد أن ودع صحبه وأحبابه ليعيش معهم مرة أخرى.

• لكلِّ أجلٍ كتابٌ:

تعلم فارسنا من هذا الدرس الكبير أن الإنسان له أجل محتوم ويوم معلوم، وأن عمله في الدنيا زادٌ له يوم النعيم، فلم يكل أو ييأس، ولم يقعد لكونه استشهاديا وينتظر موعد عمليته، بل كان يحرض الاستشهاديين، وكان أكثرهم خدمة لإخوانه، ويُجدُّ ويجتهد حتى يتقبله الله، فبدأ العمل في مجال الإعلام.

انتقل فارسنا لولاية حضرموت، والتحق بالمجال الإعلامي فاختير إعلامياً ميدانياً، ولزم ذلك أن ينتدبه الاخوة ليأخذ دورة عسكرية لما يتطلب ذلك من لياقة ومرونة.

وكما يحكي إخوانه الذين رافقوه في الرحلة إلى المعسكر أنه كان مؤنساً لهم في الطريق، ينشد لهم بعض الأبيات المحرضة، ويسليهم ويذهب عنهم عناء الطريق، مضيفا أنه كان مشجعاً لإخوانه رافعا لهممهم، وكان نشيطاً في أول الصفوف، فكلفه الإخوة بإمارة إحدى السرايا.

• رحيله (تقبله الله):

كان -تقبله الله- قد أمضى ليله في تلاوة القرآن والدعاء والقيام، ثم صلى فجر صبيحة ذلك اليوم بإخوانه واستعانوا بالله ثم انطلقوا لغزوتهم.

قسمهم القائد العسكري إلى سريتين: سرية تغزو منطقة "سر" والأخرى منطقة "شبام"، وانطلق فارسنا مع سرية شبام "إعلامياً ميدانياً"، ويُذكِّر إخوانه بالله ويحرضهم ويحثهم على الإثخان في أعداء الله.

وأثناء تصويره للمعارك بين جند الرحمن وجند الشيطان، انطلق فارسنا مع الإخوة الانغماسيين ليصورهم، فانغمس الموحدون في أوكار المرتدين، وأثخنوا فيهم القتل والجراح، ثم انحازوا إلى موقع آخر قريب من المرتدين بعدما وصلت تعزيزاتهم، فاشتد الأمر على الإخوة، فأعطى فارسنا آلة التصوير التي كانت معه لأحد الإخوة وصاح بإخوانه يثبتهم ويشد من أزرهم، ثم قال: "لنتبايع على الموت"، فتبايعوا جميعا على الموت وانغمسوا، فخرج أحد المرتدين من مخبئه فانبرى له فارسنا فقتله، ثم انغمس فيهم وتقدم، لينال ما تمناه مقبلاً غير مدبر، تقبله الله.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

• سبب نزول (آية التيمم) قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ ...

• سبب نزول (آية التيمم)

قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43].

قال ابن كثير في تفسيره: "ومن عفوه عنكم وغفره لكم أن شرع التيمم، وأباح لكم فعل الصلاة به إذا فقدتم الماء توسعة عليكم ورخصة لكم".

وأما سبب نزول آية التيمم، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، حتى إذا كنا في البيداء -أو بذات الجيش- انقطع عقد لي، فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! فجاء أبو بكر، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضعُ رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبستِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فخذي، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته [متفق عليه].

وهكذا نزلت رخصة التيمم بسبب أمر ظنَّه المسلمون شرّاً، فكان خيرا عظيما، وفيه بيان مكانة بيت الصديق، رضي الله عنه، وما أجرى الله بسببه من خير وتيسير للمسلمين، وفيه حسن رعاية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهل بيته، إذ حرص على أن يجد عقدا أضاعته زوجه، لما يعلمه من أثر فقده عليها، وهكذا يعلمنا رسول الله الرفق بأهلينا والاهتمام بهم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

• سبب نزول (آية التيمم) قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ ...

• سبب نزول (آية التيمم)

قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43].

قال ابن كثير في تفسيره: "ومن عفوه عنكم وغفره لكم أن شرع التيمم، وأباح لكم فعل الصلاة به إذا فقدتم الماء توسعة عليكم ورخصة لكم".

وأما سبب نزول آية التيمم، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، حتى إذا كنا في البيداء -أو بذات الجيش- انقطع عقد لي، فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! فجاء أبو بكر، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضعُ رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبستِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فخذي، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته [متفق عليه].

وهكذا نزلت رخصة التيمم بسبب أمر ظنَّه المسلمون شرّاً، فكان خيرا عظيما، وفيه بيان مكانة بيت الصديق، رضي الله عنه، وما أجرى الله بسببه من خير وتيسير للمسلمين، وفيه حسن رعاية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهل بيته، إذ حرص على أن يجد عقدا أضاعته زوجه، لما يعلمه من أثر فقده عليها، وهكذا يعلمنا رسول الله الرفق بأهلينا والاهتمام بهم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
27 صفر 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً