ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من ...

ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله


الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من أشكال السياسة، لا يلجأ إليها الخصمان أو أحدهما ما دام هناك وسيلة أخرى لتحقيق الأهداف، وتأمين المصالح، بسبب تكلفتها العالية بشريا واقتصاديا وعسكريا، وخاصة إذا كان الخصوم من القوة بمكان بحيث يتمكن كل منها من إحداث ضرر كبير بعدوه، فلا يخرج المنتصر من الحرب إلا وقد مُنِي بخسائر فادحة، لا تعوضها الفوائد المرجوة من هذه الحرب أحيانا.

فما دام هناك وسائل يأمل الخصوم من خلالها تحصيلَ المطامع أو تأمينَ المصالح، فإن فرص الحرب تتراجع، حتى إذا أحكم كل من الخصمين المنافذ في وجه خصمه، ولم يبق هناك ما يمكن التفاوض عليه، أو التنازل عنه طلبا لبديل، ازدادت احتمالات الحرب بين الطرفين.

وهذا ما نراه اليوم في لعبة السياسة الدولية القائمة بين كل من روسيا وأمريكا، التي ساحتها ليست أرض أي من البلدين ولكن مناطق النفوذ المفترض لكل منهما، حيث يناور الطرفان بما لديه من عوامل قوة لانتزاع النقاط من خصمه، وحرمانه من تحصيلها.

وإذا أخذنا بالاعتبار أن مساحة اللعب بين الطرفين ذات امتداد كبير جدا، يشمل قارتين من قارات العالم، هما آسيا وأوروبا، وهي مرشحة بقوة للتمدد في إفريقيا، علمنا حينها أن خسارة أي من الطرفين لجولة هنا، أو منفعة هناك لا تعني لأي منهما خسارة اللعبة ككل، بل لا ضير عندهما من الاستمرار فيها بأن يتنازل أحدهما للآخر عن قضية يتبناها، لقاء أن يتنازل له خصمه في قضية أخرى لا تزال أوراقها القوية في يده.

وعلى أطراف هذه الحلبة الكبرى للصراع تتموضع حلبات جانبية بين الدول المرتبطة بكل من الخصمين المتصارعين، تخضع صراعاتهم لقواعد الصراع المركزي، وتتأثر بنتائجه.

وبناء على هذا كله، فإن من التهور أن يحسب المتابع للأحداث أن كل تهديد أو تصريح معاد أو استعراض للقوة يبذله المسؤولون الروس أو الأمريكان هو تمهيد لإعلان حرب أو ما شابه ذلك، فالتهديد في العلن قد يكون دعوة إلى المفاوضات في السر، والتصريح المعادي قد يكون إثارة لانتباه الخصم إلى تجاوزه عدد النقاط المقبول تحصيله في إحدى المباريات، واستعراض القوة قد يكون تعريفا بالحدود التي يجب أن يلتزمها كل من الطرفين، والتأكيد على أهمية موقع قد يكون إعلانا لقيمته المرتفعة في أي عملية مقايضة يمكن إجراؤها بينهما، وكل ذلك على اعتبار أن تحقيق التهديدات، أو إيقاع القوة محلَّها، أو الإصرار العنيد على الفوز في كل المباريات، هو الخط الأحمر الوحيد الذي يحرص الطرفان على عدم تجاوزه، دون بقية الخطوط الحمراء الوهمية الكثيرة التي يرسمها كل منهما على خريطة السياسة الدولية.
إن ضغط روسيا الأكبر ليس واقعا على أمريكا، ولكن على الدول الأوروبية التي باتت تشعر أنها مهددة فعلا بالمطامع الروسية التي ليس لها حد، في الوقت الذي تنزوي فيه أمريكا إلى داخل قارتها تلعق جراحها الكثيرة التي أنهكتها على مدى العقدين الماضيَين من الحرب الشرسة ضد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، تاركة دول أوروبا لذاتها، معلنة العجز عن الاستمرار في حمايتها إلى الأبد، حتى لو قررت دفع ثمن هذه الحماية، وهذا ما جرأ روسيا على الحط أكثر من هيبة تلك الدول، والاستفزاز المستمر لها، وتذكيرها بكهولتها وعجزها منفردة أو حتى مجتمعة عن الوقوف في وجه التمدد الروسي الذي بات يهدد دول أوروبا الشرقية كلها، في حين تتجنب دول أوروبا أي مواجهة، بل تسعى جهدها للتخفيف من غضب حكام روسيا، ومنعهم من التهور بالإقدام على أي عمل يفوق طاقة حكام تلك الدول عن التغافل والسكوت عنه، معترفين ضمنيا بكهولة دولهم وأمراضها، التي لن ينفعها على المدى القريب الحجم الكبير من الأجانب الذين قُبلوا لاجئين في تلك الدول.

وإن على المجاهدين في سبيل الله أن يتحسبوا لفترة صراع طويلة مع روسيا وحلفائها في مختلف المناطق، حتى قبل الانتهاء من صراعهم الحالي مع أمريكا، خاصة وأنها تحاول أن تنازع أمريكا والدول الأوروبية الصليبية على زعامة الحرب على المسلمين، وأن يعدّوا العدّة ليحسموا هذا الصراع لصالحهم مهما طال أمده، وقد جربنا روسيا وحلفاءها في الشام، وما تكرار تجربة الأمريكيين في العراق بحقهم بالأمر العسير، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من ...

ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله


الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من أشكال السياسة، لا يلجأ إليها الخصمان أو أحدهما ما دام هناك وسيلة أخرى لتحقيق الأهداف، وتأمين المصالح، بسبب تكلفتها العالية بشريا واقتصاديا وعسكريا، وخاصة إذا كان الخصوم من القوة بمكان بحيث يتمكن كل منها من إحداث ضرر كبير بعدوه، فلا يخرج المنتصر من الحرب إلا وقد مُنِي بخسائر فادحة، لا تعوضها الفوائد المرجوة من هذه الحرب أحيانا.

فما دام هناك وسائل يأمل الخصوم من خلالها تحصيلَ المطامع أو تأمينَ المصالح، فإن فرص الحرب تتراجع، حتى إذا أحكم كل من الخصمين المنافذ في وجه خصمه، ولم يبق هناك ما يمكن التفاوض عليه، أو التنازل عنه طلبا لبديل، ازدادت احتمالات الحرب بين الطرفين.

وهذا ما نراه اليوم في لعبة السياسة الدولية القائمة بين كل من روسيا وأمريكا، التي ساحتها ليست أرض أي من البلدين ولكن مناطق النفوذ المفترض لكل منهما، حيث يناور الطرفان بما لديه من عوامل قوة لانتزاع النقاط من خصمه، وحرمانه من تحصيلها.

وإذا أخذنا بالاعتبار أن مساحة اللعب بين الطرفين ذات امتداد كبير جدا، يشمل قارتين من قارات العالم، هما آسيا وأوروبا، وهي مرشحة بقوة للتمدد في إفريقيا، علمنا حينها أن خسارة أي من الطرفين لجولة هنا، أو منفعة هناك لا تعني لأي منهما خسارة اللعبة ككل، بل لا ضير عندهما من الاستمرار فيها بأن يتنازل أحدهما للآخر عن قضية يتبناها، لقاء أن يتنازل له خصمه في قضية أخرى لا تزال أوراقها القوية في يده.

وعلى أطراف هذه الحلبة الكبرى للصراع تتموضع حلبات جانبية بين الدول المرتبطة بكل من الخصمين المتصارعين، تخضع صراعاتهم لقواعد الصراع المركزي، وتتأثر بنتائجه.

وبناء على هذا كله، فإن من التهور أن يحسب المتابع للأحداث أن كل تهديد أو تصريح معاد أو استعراض للقوة يبذله المسؤولون الروس أو الأمريكان هو تمهيد لإعلان حرب أو ما شابه ذلك، فالتهديد في العلن قد يكون دعوة إلى المفاوضات في السر، والتصريح المعادي قد يكون إثارة لانتباه الخصم إلى تجاوزه عدد النقاط المقبول تحصيله في إحدى المباريات، واستعراض القوة قد يكون تعريفا بالحدود التي يجب أن يلتزمها كل من الطرفين، والتأكيد على أهمية موقع قد يكون إعلانا لقيمته المرتفعة في أي عملية مقايضة يمكن إجراؤها بينهما، وكل ذلك على اعتبار أن تحقيق التهديدات، أو إيقاع القوة محلَّها، أو الإصرار العنيد على الفوز في كل المباريات، هو الخط الأحمر الوحيد الذي يحرص الطرفان على عدم تجاوزه، دون بقية الخطوط الحمراء الوهمية الكثيرة التي يرسمها كل منهما على خريطة السياسة الدولية.
إن ضغط روسيا الأكبر ليس واقعا على أمريكا، ولكن على الدول الأوروبية التي باتت تشعر أنها مهددة فعلا بالمطامع الروسية التي ليس لها حد، في الوقت الذي تنزوي فيه أمريكا إلى داخل قارتها تلعق جراحها الكثيرة التي أنهكتها على مدى العقدين الماضيَين من الحرب الشرسة ضد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، تاركة دول أوروبا لذاتها، معلنة العجز عن الاستمرار في حمايتها إلى الأبد، حتى لو قررت دفع ثمن هذه الحماية، وهذا ما جرأ روسيا على الحط أكثر من هيبة تلك الدول، والاستفزاز المستمر لها، وتذكيرها بكهولتها وعجزها منفردة أو حتى مجتمعة عن الوقوف في وجه التمدد الروسي الذي بات يهدد دول أوروبا الشرقية كلها، في حين تتجنب دول أوروبا أي مواجهة، بل تسعى جهدها للتخفيف من غضب حكام روسيا، ومنعهم من التهور بالإقدام على أي عمل يفوق طاقة حكام تلك الدول عن التغافل والسكوت عنه، معترفين ضمنيا بكهولة دولهم وأمراضها، التي لن ينفعها على المدى القريب الحجم الكبير من الأجانب الذين قُبلوا لاجئين في تلك الدول.

وإن على المجاهدين في سبيل الله أن يتحسبوا لفترة صراع طويلة مع روسيا وحلفائها في مختلف المناطق، حتى قبل الانتهاء من صراعهم الحالي مع أمريكا، خاصة وأنها تحاول أن تنازع أمريكا والدول الأوروبية الصليبية على زعامة الحرب على المسلمين، وأن يعدّوا العدّة ليحسموا هذا الصراع لصالحهم مهما طال أمده، وقد جربنا روسيا وحلفاءها في الشام، وما تكرار تجربة الأمريكيين في العراق بحقهم بالأمر العسير، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

الحلم حلة أهل الإيمان والعقل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبد القيس: إن فيك ...

الحلم حلة أهل الإيمان والعقل


قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبد القيس: إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "قيل للأحنف بن قيس: ما الحلم؟ قال: أن تصبر على ما تكره قليلا" [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين].

ورُوي أن رجلاً سبَّ ابن عباس، رضي الله عنهما، فلما فرغ الرجل قال ابن عباس: "يا عكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها؟" فنكَّس الرجل رأسه واستحى.

ومثلها أن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- قال لعرابة بن أوس: "بم سُدْت قومك يا عرابة؟" قال: "يا أمير المؤمنين، كنت أحلم عن جاهلهم وأعطي سائلهم وأسعى في حوائجهم، فمن فعل فعلي فهو مثلي، ومن جاوزني فهو أفضل مني".

إنه الحِلم -أخي المجاهد- الذي يعتبر من أهم الصفات التي يجب على المسلم التحلي بها إذا ما أراد أن يكون من أصحاب الخلق الحسن، فهو يعني الطمأنينة عند الغضب، والتفكر قبل الحكم على الشيء، والتعقل والروية.

وقال الإمام ابن القيم: "أوثق غضبك بسلسلة الحلم، فإنه كلب إن أفلت أتلف" [الفوائد].

أخي المجاهد، لقد وصف الله -تعالى- نفسه بهذه الصفة فقال عزَّ من قائل: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235]، وفي آية أخرى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]، وقال أيضا: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17]. ووصف -تعالى- خليله إبراهيم -عليه السلام- بها فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114].

وما نال أحد من النبي -صلى الله عليه وسلم- فينتقم منه إلا إذا انتَهَك محارم الله فينتقم لله، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: خَدَمْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع سنين، أو تسع سنين، ما علمتُ قال لشيء صنعتُ: لم فعلت كذا وكذا؟ ولا لشيء تركت: هلا فعلت كذا وكذا [رواه مسلم].

أخي المجاهد، إن الحلم مطلوب في كل الأوقات وفي جميع الظروف وهو كنز ثمين، وهو في زمن الشدائد والفتن أثمن وأحوج، حيث تحار العقول، وتختلج القلوب، وتضطرب المواقف، ولا يسع المرء عند ذلك سوى تقوى الله والحلم.

واعلم أن ذلك ليس دعوة للبلادة في الطباع، تجعل المرء محط تلقي الإهانات والإساءات دون رد، ولكنه تريُّث وتعقُّل، ونظر في العواقب وتدبُّر، وتقدير للمصالح والمفاسد، وما لم يكن هناك تدبر للإساءة وأسبابها، فلن يكون هناك قدرة على تجاوزها أو ردها.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

الفتن والابتلاءات (1) الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً، والصلاة والسلام على من أرسله ربه ...

الفتن والابتلاءات (1)

الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً، والصلاة والسلام على من أرسله ربه شاهداً ومبشراً ونذيراً، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد..

فقد بيَّن الله -تعالى- أن إرادته الشرعية في خلق العباد أن يعبدوه مخلصين له الدين، واقتضت حكمته البالغة أن يكلف العباد بفعل ما يحب وترك ما يكره، وأن يجعل لهم إرادة واختياراً فيختاروا أحد الطريقين: طريق الهدى أو طريق الضلال، دون أن يجبرهم على طاعة أو معصية، مع أن جميع أفعالهم لا تقع إلا بمشيئة الله سبحانه، قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]، وهذه هي هداية الدلالة بأن بيَّن لهم وميَّز لهم طريق الحق من طريق الباطل، وقد وصف الله -تعالى- نفسه بأنه المبين في قوله: {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 25]، ووصف نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأنه مبين فقال سبحانه: {وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ} [الدخان: 13]، ووصف كتابه بأنه مبين: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15]، لئلا يكون للناس حجة على الله بعد ذلك، والله -تعالى- يهدي من يشاء بحكمته وفضله ورحمته، ويضل من يشاء بحكمته وعدله.


• الابتلاء بالنعم وبالمصائب:

يريد الله -تعالى- من عباده أن يداوموا على طاعته وامتثال أوامره في السراء والضراء، وأن يقابلوا نعمه بالشكر، ويقابلوا المصائب بالصبر.

وأما النعم فالله -تعالى- يصيب بها المؤمن والفاسق، ولذلك أنكر الله -تعالى- على من يعد نعم الله الدنيوية إكراماً له، ويعد تضييق الرزق إهانة له، فقال سبحانه: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا} [الفجر: 15 - 17]، فالله -تعالى- يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، وأما الدين فلا يعطيه إلا لمن يحب.

وكذلك المصائب الدنيوية تصيب الطائع والعاصي، فالفقر والأمراض ونقص الأنفس والجوع والخوف تصيب المسلمين والكافرين، ولكن المسلم له مواقف عدة من هذه المصائب:

1- أولها أنه يعلم أنها من عند الله سبحانه، فيرضى ويسلِّم.

2- وأن لله فيها حكمة قد تظهر للخلق وقد يجهلونها.

3- الإيمان بقضاء الله وقدره، وأنه قدّر الخير والشر، ولا يقول لو كان كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولكن يقول: قدر الله وما شاء فعل، كما أمرنا النبي، صلى الله عليه وسلم، فالمؤمن لا يلوم نفسه على وقوع المصائب، لأنها قدر الله.

4- أن هذه المصيبة قد أصابته بذنب أذنبه، لقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، فيستغفر الله ويتوب إليه من ذنوبه، وهو موقن بأن الله -تعالى- يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.


• الصبر على الأذى فيه:

هناك مشاق ومصائب وأذىً ومحن تصيب المسلم بسبب دعوته إلى الله وإعلانه الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين والطواغيت وأتباعهم، وأيضاً بسبب مجاهدته لأعداء الله بالحجة والسنان، فهذه يعلم المؤمن أنها ابتلاءات تجري على سنة الله في عباده المجاهدين، بحيث يمحصهم ثم يمحق أعداءهم، ويكشف بها الصادق في إيمانه من الكاذب، والمؤمن من المنافق، فهذه الابتلاءات والفتن يستقبلها المؤمن بالرضا والصبر والاستمرار في دعوته وجهاده، كما أنه لا يهين ولا يستكين لعدوه ولا يحزن لما أصابه في سبيل الله، ويستشعر علوه على الكافرين بإيمانه بالله عز وجل، وقد يجتمع مع هذه السنن الإلهية وقوع معصية من العباد فيحصل الابتلاء والتمحيص، ويعقبهما لطف الله بعباده وعفوه عنهم لاستمرارهم في طاعته ومجاهدة أعدائه، كما حصل في غزوة أحد، فقد حصل الفشل بسبب معصية بعض الرماة وحبهم للدنيا، ولكن الله –تعالى- عفا عنهم بعد أن ابتلاهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152].

وأخبر -تعالى- في السياق نفسه ما حصل في غزوة أحد أن له حكماً كثيرة من صرفه للمؤمنين عن الكافرين، قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: 137].

• أنواع الفتن:

أتى ذكر الفتن في النصوص الشرعية بمعنى الابتلاء والاختبار الذي يبين حقيقة الشيء، وذلك مثل إحراق الذهب لاختبار حقيقته وصفائه ونقاوته، وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]، وأيضاً قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2 - 3].

وجاءت الفتنة بمعنى العذاب كما في قوله -تعالى- عن الكفار: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13]، وأيضاً قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت: 10 - 11]، والفتنة هنا بمعنى التعذيب لأجل صرف المسلم عن دينه.

والمعنى الثالث للفتنة هو الضلال، وأعظم الضلال الشرك بالله، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]، قال الإمام أحمد -رحمه الله- عن هذه الآية: الفتنة الشرك. وجاءت الفتنة بمعنى الضلال في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49]، ادعى المنافقون خوفهم من أن يفتتنوا بنساء الروم إذا ذهبوا لجهادهم، فأخبر الله -تعالى- أنهم واقعون في ضلال أكبر من ذلك وهو كفرهم الذي يخفونه عن الناس.

وقد يراد بالفتنة سبب الضلال وقد تكون بسبب شهوة أو شبهة، فأما الفتنة بالشهوات فهي فتنة المال والأهل والولد، كما في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 28]، وهذا السبب يؤدي إلى الضلال للمفتونين الذين يتصرفون تجاه أسباب الفتنة بما يخالف شرع الله، وأما المتقون فيقدمون أوامر الله ويجتنبون ما حرم ولو عارض شهواتهم وما يحبونه من أموال أو أهل أو ولد، وكذلك النساء فتنة أي سبب للوقوع في المعاصي، كما قال نبينا -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المتفق عليه: (ما تركتُ بعدي فِتْنَة هي أضَرُّ على الرجال من النساء)، والمعصوم من عصمه الله تعالى.

وأما الفتنة بالشبهات، فمثل ما أخبر الله -عز وجل- عن الملكين ببابل هاروت وماروت، اللذين نزلا بأمر الله وكانا يعرفان السحر، فإذا جاءهما أحد يريد تعلم السحر منهما قالا له: إنما نحن فتنة فلا تكفر، فإن أصر بعد ذلك علماه السحر، والملائكة لا تعصي الله تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

وإذا نسبت الفتنة إلى العبد فهي مذمومة دائماً، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج: 10] أي: أحرقوا المؤمنين.

ولله -تعالى- حكم عظيمة من فتن الشبهات والشهوات، فالله -تعالى- يحب من عبده أن يظل عائذاً به من الضلال، مستجيراً به من الفتن وأسبابها، طالباً الهداية على الدوام، باحثاً عن الحق والصواب، متجرداً من الهوى، مستشعراً فقره إلى ربه الكريم، وحاجته إلى أن يثبته الله على الهدى، كلما أحس بالتباس أمر عليه دعا بدعاء نبيه -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يدعو به في استفتاح صلاة الليل: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) [رواه مسلم].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 123
الخميس 27 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 123 قصة شهيد: أغراه المرتدون في خراسان بالمناصب إن تخلى ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 123
قصة شهيد:


أغراه المرتدون في خراسان بالمناصب إن تخلى عن الدولة الإسلامية فرفض وقاتلهم

• سعد الإماراتي
بشَّر بالخلافة وكان من أوائل الملتحقين بصفوفها وقاتل الصليبيِّين والمرتدين تحت سلطانها

لم يكن "سعد الإماراتي" يعلم عندما غادر بلدته "لوجر" في صغره برفقة أهله أنه سيكون يوما ما الأمير العسكري لمدينة "ننجرهار" تحت سلطان الخلافة، وأنه سيكون من أوائل المبايعين لخليفة المسلمين في خراسان، والساعين لامتداد نفوذها هناك.

ولم يكن يعلم كذلك بأن كثيرا من الذين يحملون البنادق في بلاده، ويرتدون الجعب، ويطلقون اللحى والشعور، سيرتَدُّون عن دينهم ويقاتلون لصالح قوى صليبية كافرة أو مرتدة عميلة.

وهو الذي عاين في صغره اندحار الصليبيِّين الروس عن بلاده وأدرك بفعل ذلك أن الجهاد في سبيل الله عز ليس بعده ذل، وأنه لا بد لذلك الجهاد أن يكون على علم وبصيرة، وتحت راية التوحيد لتطبيق شرع رب العالمين، وتأكد كذلك وهو في السنوات الأولى من حياته، أن لا خيار أمام المسلم غير القيام بفرض دفع الصائل عن دينه وأهله وعرضه.

لم يتوقع عبد الهادي الملقب بـ "سعد الإماراتي" أنه سيخوض أشرس حروبه يوما ما مع أبناء جلدته من المرتدين، وأنه سيُقتل على أيديهم، بعد أن شهدت له جبال خراسان بصولاته ضد الصليبيِّين الأمريكيِّين والطالبان المرتدين، والحكومتين العميلتين الأفغانية والباكستانية.


• تشرب الجهاد وأحب أهله:

ترعرع في مخيم "باغبانان" في بيشاور بعد أن وصل إليه مع أسرته بسبب التهجير الذي تعرضوا له قبل 30 عاما، بعد دخول القوات الروسية الصليبية بلدته، تلقى في مدارسها علومه، إضافة إلى اللغة الإنجليزية وعلوم الحاسوب، فكان على إلمام جيد بهما.

تشرب الجهاد منذ صغره وأحب أهله، وأدرك أنه لا بد من علم ينير طريق المجاهد، وأيقن بأن القتال تحت راية التوحيد هو الجهاد وما دونه مضيعة للدين وللوقت والجهد، وإهدار للطاقات، وتفريط بالأرواح.

وما إن اكتمل نضوج الشاب اليافع حتى أعلن الصليبيون الأمريكيون عن حملتهم على بلاده، فقام في سبيل الله قومة الأسود، ليساهم في تحكيم شرع الله في الأرض ودحر الغزاة عنها، وكانت أولى غزواته ضد الصليبيِّين في منطقة "كنر" الأفغانية تحت إمرة القاري إسماعيل، الذي كان من المطلوبين الأوائل لدى الأمريكان.


• عملية إنزال فاشلة:

ومن شدة تنكيل سعد وأميره ومجموعاتهما المجاهدة بالصليبيِّين وأعوانهم، نفَّذت عليهم القوات الصليبية الكافرة عملية إنزال دامية لكن الله عصمهما آنذاك، دُمِّرت على إثرها مروحية للكفار وقُتل عدد كبير منهم.

بعد ذلك هاجر البطلان إلى باكستان، حيث قُتل أميره قاري إسماعيل في عملية مداهمة للجيش الباكستاني المرتد في "بيشاور"، وبفعل التضييق والملاحقة هاجر عبد الهادي إلى "ميرانشاه" في وزيرستان.

لم يكن بطلنا ليحصر جهاده في الحدود التي رسمها الصليبيون، ولم يقصر جهاده على قتال الصليبيين وعلى الحكومة الأفغانية العميلة المرتدة، بل كان يقاتل كذلك الحكومة الباكستانية المرتدة، وكان من ذلك أن أُسر في منطقة "مهمند" شمال غربي باكستان، ومكث في السجن مدة، وبعد خروجه عاود هجماته الدامية على الصليبيِّين والمرتدين في باكستان وأفغانستان.


• طلب خبيث من المرتدين وعمالة:

ولما استحكمت شبكة الاستخبارات الباكستانية على حركة "الطالبان" وعلى شبكة "حقاني" طلبوا من عبد الهادي أن يحصر جهاده وعملياته ضد الحكومة الأفغانية فقط، ولكن عبد الهادي كان قد عرف قبل ذلك خُبث عقائد الطالبان ومكائدهم، فلم يُلق لطلبهم بالا، واستمر في العمليات ضد المرتدين في باكستان وأفغانستان، وكان مع عبد الهادي رجال صادقون مخلصون أصحاب عقيدة، وإثر ذلك أعلنت حركة طالبان المرتدة أن عبد الهادي باغٍ على الحركة، لعدم حصر عملياته حيث تريد الاستخبارات الباكستانية.

إلا أن سعد الإماراتي لم يلقِ لإعلان الطالبان بالا، ولا حسب لهم حسابا، فبدأت ضرباته النوعية -هو ومن بقي معه من إخوانه الصادقين- على الاستخبارات في منطقة "لوغر" الأفغانية، وعلى الاستخبارات الباكستانية المرتدة، ما دفع الأخيرة لمحاولة اغتياله أكثر من مرة، إلا أن الله -تعالى- عصمه منهم.


• أول من بشَّر بالخلافة:

أحب سعد إخوانه المجاهدين في العراق من أول ظهور لهم، وأحب رايتهم، بعد أن سمع كلمات قاداتهم وشاهد إصداراتهم وعملياتهم، وتأكد أنهم أصحاب عقيدة ومنهج، فكان من شدة حبه لهم أنه كان دائما يصحب معه راية "العقاب"، ولما أُعلنت الدولة الإسلامية في العراق والشام، أدرك أن بعد هذا الإعلان أمر عظيم ألا وهو الخلافة، فبشَّر عبد الهادي الأمة والمجاهدين من حوله، وذلك موثق بإصدار يحمل اسم (قافلة الحق، العدد الثالث).


كان سعد الإماراتي من قديم الأيام يتفقد أخبار إخوانه المجاهدين في العراق والشام، لصحة عقيدتهم وسلامة منهجهم، وكان يعتبر نفسه أحد الفرسان في ركبهم.

ولما أُعلنت الخلافة تحققت أمنيته وأصبح حلمه واقعا، فاجتمع بإخوانه الصادقين كالشيخ مقبول، والشيخ حافظ سعيد خان، والشيخ أبي يزيد، وغيرهم من الصادقين وشكلوا النواة الأولى للخلافة في خراسان، وأرسلوا بيعتهم لأمير المؤمنين الشيخ أبي بكر البغدادي -حفظه الله- الذي قبلها منهم.


• رفضٌ لابتزاز المرتدين:

وبعد إعلان ولاية خراسان أمَّره إخوانه على منطقتي "لوجر" و"بكتيا"، ولما وصل لمنطقة عمله استقبله الناس هناك أحرَّ استقبال مما جعل مرتدي حركة طالبان في تخبط كبير، ومن أجل ذلك أرسلوا ثلاثة من كبار أعضاء شورى "كويتَّه" إلى عبد الهادي ووعدوه بأن يجعلوه أميرا على كابول من قبل الحركة إن تخلى عن الدولة الاسلامية، ولما رفض عبد الهادي بشدةٍ طلبهم، طلبوا منه أن يعتزل القتال ولا ينضمّ إلى جيش الخلافة في خراسان، فطالب بالأدلة الشرعية على مطلبهم، غير أن فاقد الشيء لا يعطيه، ولم يكن أمامهم إلا أن عادوا أدراجهم إلى "كويتَّه" خائبين خاسئين.

ولما هاجم الصليبيون والطالبان المرتدون مناطق سلطان الخلافة في "ننجرهار"، استنفره إخوانه لصد حملتهم، فما كان منه إلا أن استجاب ولبَّى النداء.

وبعد وصوله اتجه إلى منطقة "عدل خيل" فدارت بينه وبين المرتدين والصليبيِّين معارك دامية، وكان وقتها أميرا للحرب هناك، كما خاض جيش الخلافة تحت إمرته ضد الطالبان المرتدين معارك عديدة.


• في الصفوف الأولى:

وفي عام 1437 هـ خاض معارك شديدة ضد الحكومة الأفغانية في منطقة "كوت"، وبعد السيطرة على عدة نقاط للجيش الأفغاني هو وإخوانه، واجه قوة عاتية للجيش المرتد بمساندة قصف شديد من طائرات الصليبيين، بهدف استعادة السيطرة على ما استلبه منهم جيش الخلافة بقيادته، ومع شدة الحملة الشرسة والقصف العنيف كان عبد الهادي يرص الصفوف، ويرشد إخوانه لأنجع الأساليب في إيقاع القتل بالكفار والمرتدين، وكان لذلك أثر كبير على الجنود، إذ كانوا يرون أميرهم البطل بينهم في صفوف القتال الأولى.

وفي اليوم الثالث عشر بعد عيد الفطر لعام 1437 هـ كان القدر بانتظار أخينا وبطلنا عبد الهادي "سعد الإماراتي بن حاجي محمود"، بعدما ناهز عمره 33 عاما، قضى جلها مجاهدا في سبيل الله، حيث أصابه أحد المرتدين بطلق ناري بعد وضوئه لصلاة العصر قتل على إثره، فتقبله الله في الشهداء المخلصين، كما نحسبه والله حسيبه، وأعلى له الدرجات في الجنة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 123
الخميس 27 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

رسوب طالبان في اختبار التوحيد ومن جملة إخفاقات الإمارة في ترقيع حربها على التوحيد، أنها جمعته في ...

رسوب طالبان في اختبار التوحيد

ومن جملة إخفاقات الإمارة في ترقيع حربها على التوحيد، أنها جمعته في سياق واحد مع اعتراضها على إعلان "المحكمة الجنائية" فرض عقوبات بحق بعض قادتها، واستجدائها رفع "القيود السياسية المفروضة على حكومتها"، فهل هذا خطابُ كافرٍ بالمحكمة الدولية أم خاضع لها معتدٍّ بها متأثرٍ بتقييماتها؟! إنّ هذا نموذج واحد فقط لرسوب طالبان في اختبار التوحيد العملي بعيدا عن خدعة "الحواشي والزيادات" فمشكلتها مع "الأصل" لا الحاشية!


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 482
" في الأصل لا الحاشية!"
...المزيد

الجامية؛ أنصار طواغيت الشرق والغرب يظن البعض أن المذهب الجامي والمدخلي محصور في المنسوبين زورا ...

الجامية؛ أنصار طواغيت الشرق والغرب


يظن البعض أن المذهب الجامي والمدخلي محصور في المنسوبين زورا وبهتانا للسلف ونصرتهم لطواغيت العرب.

فهل تعلم أن هنالك جامية "سلفية" في إيران يدعون للسمع والطاعة لخامنئي، وفي العراق يدعون للسمع والطاعة لرؤساء الرافضة المتعاقبين في بغداد، وفي أمريكا يدعون للسمع والطاعة لبوش ومن أتى بعده!!!

وهنالك جامية على المذهب الصوفي والإخواني، ففي روسيا الصوفية يدعون للسمع والطاعة لبوتين، وفي الصين يدعون للسمع والطاعة للرئيس الشيوعي، وفي بريطانيا وعدة دول يدعو الإخوان المرتدون للسمع والطاعة للدول التي هم فيها!!

وهنالك الجامية القواعدجية التي تدعو للسمع والطاعة لحركة طالبان الوطنية التي طردتهم لاحقا!

وهنالك الجامية الهتشية التي تدعو للسمع والطاعة لطاغوت سوريا الجديد! ومن سماتهم؛ ما رآه الطاغوت حسنًا ولو كان كفرًا زيَّنوه، ولو حرَّم الطاغوت شعيرة إسلامية أجازوه.
...المزيد

أحاديث مَدَار الإسلام (2) ◾ قال الإمام النووي في بستان العارفين: "ومما ينبغي الاعتناء به، بيان ...

أحاديث مَدَار الإسلام (2)

◾ قال الإمام النووي في بستان العارفين:
"ومما ينبغي الاعتناء به، بيان الأحاديث التي قيل إنها أصول الإسلام، وأصول الدين، أو عليها مدار الإسلام أو مدار الفقه والعلم".

16- (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم...). [البخاري].

17- (البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس). [مسلم].

18- (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة...). [مسلم].

19- (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت...). [متفق عليه].

20- (قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارا قال: لا تغضب). [البخاري].

21- (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها...). [الدارقطني].

22- (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها...). [الترمذي].

23- (لقد سألت عن عظيم.. تعبد الله لا تشرك به شيئا...). [الترمذي].

24- (قل لي في الإسلام.. قال: قل آمنت بالله ثم استقم). [مسلم].

25- (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد...). [الترمذي].

26- (يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك...). [الترمذي].

27- حديث عمر رضي الله عنه، في بيان معنى الإيمان والإسلام والإحسان. [مسلم].

28- (مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستحي فاصنع ما شئت). [البخاري].

29- (أرأيت إذا صليت الصلوات الخمس المكتوبات وصمت... أأدخل الجنة؟ قال: نعم). [مسلم].



• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 511
السنة السابعة عشرة - الخميس 12 ربيع الأول 1447 هـ
...المزيد

مِن أقوال علماء الملّة قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "إيّاك أنْ تغتر بما يغتر به ...

مِن أقوال علماء الملّة

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-:

"إيّاك أنْ تغتر بما يغتر به الجاهلون، فإنهم يقولون: لو كان هؤلاء على حق، لم يكونوا أقلّ الناس عددا، والناسُ على خلافهم؛ فاعلم أنّ هؤلاء هم الناس، ومَن خالفهم فمشبَّهون بالناس ليسوا بناس!، فما الناسُ إلا أهل الحق وإنْ كانوا أقلهم عددا".

[مفتاح دار السعادة]
...المزيد

الدولة الإسلامية - مقتطفات نفيسة (51) من كلام الشيخ المجاهد أبي حذيفة الأنصاري -حفظه الله ...

الدولة الإسلامية - مقتطفات نفيسة (51)
من كلام الشيخ المجاهد أبي حذيفة الأنصاري -حفظه الله تعالى-


• على منهاج النبوة

وعلى هذا النهج المبارك نشأت الدولة الإسلامية ومضت، فالتوحيد قصدت، والشريعة نصرت، والشرك نبذت وفارقت وفاصلت وحاربت، والجهاد وسيلة اتخذت، فأخذت منهاج النبوة قولا وعملا، وضربت بعرض الحائط كل ما خالفه وناوأه من المناهج والدساتير والخرافات والأساطير، ففتح الله عليها وألهمها رشدها، فرأت الحق حقا واتبعته، والباطل باطلا واجتنبته، فكانت هذه من أعظم النعم التي أكرم الله بها دولة الإسلام، فسارت على بصيرة من أمرها، تتقدم بثبات نحو غايتها التي لن تعدل بها غاية، رغم كل ما تعرضت له من حروب ومحن وزلازل تنهد لها الجبال، إلا أنها ما زالت باقية ماضية بفضل الله تعالى على طريقها المبارك، وولاياتها في شرق الأرض وغربها تواصل معركة التوحيد حتى يكون الدين كله لله، وكل مجاهد فيها على ثقة ويقين بأنه لو لم يخرج من هذه الدنيا إلا بالتوحيد والوفاة على الإسلام، لكفى به حظا ونصرا.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 511
السنة السابعة عشرة - الخميس 12 ربيع الأول 1447 هـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ - قصة شهيد: الطبيب أبو حنظلة -تقبله الله- قائد العمليات في ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ - قصة شهيد:

الطبيب أبو حنظلة -تقبله الله-
قائد العمليات في كابل


نُشهر أقلامنا اليوم لنكتب قصة من قصص البطولة والفداء، وسيرة عطرة من سير الفرسان النبلاء، نقتبس عِبَرها ونتنسّم عبيرها، ونتسنّم ذراها ونتفيّأ ظلالها، قصة الحياة والموت معا لكن في سبيل الله تعالى، بطلها المجاهد الطبيب (نقيب علي أكبر) أبو حنظلة -تقبله الله تعالى- أحد أبطال خراسان وقادتها الشجعان.

• طبيب الأعصاب

وُلد المجاهد أبو حنظلة في إحدى قرى (لوجر) عام 1407 هـ، وتربى في كنف أسرة محافظة غرست فيه القيم النبيلة والأخلاق الأصيلة، وعندما قارب سنّ البلوغ انتقل مع عائلته إلى باكستان واستقر في (بيشاور)، وهناك أتمّ مراحله الدراسية بتفوّق ملحوظ.

في المرحلة الجامعية اختار أبو حنظلة دراسة الطب وتفوّق فيها محرزًا المرتبة الثالثة على دفعته بجامعة الطب في كابل، وحصل على شهادة الطب في "جراحة الأعصاب".

• منحة وسط الأسر

لكن هذه الشهادة الورقية والدرجات الدنيوية لم تكن لتحجب المؤمن عن غايته في نيل الشهادة العليا والدرجات الحقيقية التي أعدها الله للمجاهدين كما في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ في الجنَّةِ مائَةَ درجةٍ أعدَّهَا اللَّه للمُجَاهِدينَ في سبيلِ الله، مَا بيْن الدَّرجَتَينِ كَمَا بيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ).

ولم تكن جراحة الأعصاب المربحة، تنسيه جراح أمته الغائرة، فطلّق الطبيب الوقور عيش الدعة والقعود وخرج سنة 1430 هـ في طلب الجهاد قاصدا ثغور (وزير ستان).

وهناك تعرض الطبيب أبو حنظلة للأسر من قبل الجيش الأفغاني المرتد وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، قضاها في سجن (بُل جرخي)، كانت منحة في ثوب محنة، ونورا أضاء دربه وسط العتمة، (وعَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ)، إذْ شاء الله تعالى أن يلتقي في السجن ببعض إخوانه من جنود الخلافة، ويستمع إليهم عن قرب، ويتعرف على منهجهم عن كثب، فانشرح صدره وحسم أمره وبايع الدولة الإسلامية من فوره.

بعد خروجه من الأسر لم ينشغل الشاب الطبيب بخاصة نفسه وإصلاح مستقبله كما هو دأب أكثر شباب الأمة اليوم، بل صدّق القول بالعمل وأتبعَ البيعة بالوفاء، والتحق رسميا بصفوف الدولة الإسلامية في كتيبة كابل، ليبدأ فصلا جهاديا حافلا بالبذل والعطاء للمسلمين، والنكاية والإثخان في الكافرين.

• متواضع رفيق بإخوانه

يُجمع كل من احتك بالطبيب أبي حنظلة أنه حظي بصفات حميدة وخصال مجيدة ينبغي لكل مجاهد أن يتصف بها، من حسن العشرة ودماثة الخلق واللين في أيدي إخوانه، فكان شفيقا رفيقا بإخوانه المجاهدين، متواضعا خافضا جناحه لهم، مهتما لأمرهم وأمر سائر المسلمين وجراحاتهم، باذلا غاية جهده في نصرتهم، ساعيا في تحصيل أسباب قوتهم، ورعا حريصا على حفظ مقدراتهم، كما كان كثير المدارسة للمباحث الشرعية ليحيا عن بينة ويقاتل على بصيرة.

• قائد الهجمات وبطل المعمعات

وعلى الجهة المقابلة، كان المجاهد الطبيب شجاعا في مقارعة الكافرين غليظا عليهم، وبينما ينغمس أطباء الأمة عادة في الترف والإحجام حتى أخمصهم، انغمس طبيبنا في الجهاد والاقتحام حتى اكتظ سجله الجهادي بالصولات والملاحم، فجمع سِفرا من البطولات وخوض المعمعات قلّما يجتمع لأحد في زمن الإسفاف، نُفصح اليوم عن بعض صفحاته شحذا للهمة وتحريضا للأمة، وإبرازا للقدوات الحقيقية التي حريّ أنْ تُقتدى ويُقتفى أثرها ويُحتفى بها، تشجيعا لمن أحجم ليتقدم، وحثا لمن تلكأ أن يقدم، ورفعا للستار عن بعض مآثر المجاهدين في خراسان الذين التقت عمائم النفاق بقبّعات "المارينز" على حربهم.

كان أبو حنظلة نائبا لأمير كابل، وفي الوقت عينه قائد العمليات ورجل المهمات، يخطط ويقود ويشرف ويشارك ويباشر العمل بنفسه في الميدان.

خاض حنظلة العدا المواجهات، وقاد العديد من المعارك والغزوات ضد مفاصل الحكومة المرتدة في كابل، أذاق فيها جنود الطاغوت بأس المؤمنين وغضبة المجاهدين.• من المشفى العسكري إلى القصر الرئاسي!

ولعل من أشهر الغزوات التي خطط لها وقادها، الهجوم الانغماسي على أكبر مشفى عسكري مخصص لاستقبال القوات المرتدة في كابل، قاد الطبيب الهجوم بخمسة من الأنصار والمهاجرين، اجتازوا جميع التحصينات وخاضوا أشرس الاشتباكات وقتلوا العشرات، حتى تشاركت القوات الأفغانية الخاصة والقوات النرويجية في التصدي للهجوم عبر إنزال جوي بعد عجزهم عن اقتحام المكان طيلة ست ساعات.

ومن العمليات التي نفذها المجاهد الطبيب مرارا وتكرارا قصف "مطار كابل العسكري" و "القصر الرئاسي" بصواريخ الكاتيوشا، منغّصا عيش الطواغيت وجنودهم، زارعا الرعب في قلوبهم.

• الانتقام للموصل

بعد أيام على احتفال السفارة العراقية في كابل بجرح الموصل التي خاض أبناؤها أشرس ملاحم العصر، جاء القرار بالانتقام وهبّ الطبيب الأريب لوضع خطة الهجوم، فجهّز وأرسل الانغماسيين الغيارى يؤدبون الرافضة في سفارتهم، وسروا بالموت إليهم، فقتلوا منهم وشرّدوا بقيتهم، وأروهم نجوم الموصل في رابعة خراسان، في تطبيق عملي للولاء والبراء والنصرة والإخاء، ولمَ العجب؟ فهذا منهاج السماء وهؤلاء أبطاله وكماته الأوفياء.

• يتابع الهدف بنفسه

كان من دأب القائد حنظلة قبيل كل هجوم، أنه يجتهد في بحث ودراسة الهدف بنفسه، للوصول إلى أفضل الطرق للانطلاق وأكثرها إنجاحا للهجوم، فكان يدرس خريطة الموقع وجميع ثغراته ومداخله ومخارجه، ولا يتركه حتى يطمئن بنفسه إلى سلامة الخطة ومناسبتها للهدف، ثم يسمح بعدها لإخوانه بالتحرك، ويقودهم بنفسه أحيانا إلى موقع الهجوم بكل تفان وإقدام.

• المزيد من البطولات

وما زلنا نقلّب صفحات المجد في سجل هذا الكمي الهمام، لننقل إليكم مزيدا من البطولات والهجمات التي خططها وقادها جرّاح الأعصاب، بإيجاز نسردها، فنحن على كل الأحوال لن نوفيها حقها.

منها الهجوم الانغماسي قرب مطار كابل وقصفه بالصواريخ، بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي وزعيم الناتو، وقد تكتموا عنه وحاولت طالبان سرقته.

ومنها العملية الاستشهادية قرب تجمّع السفارات الصليبية، ومنها العملية الانغماسية على مبنى "فضائية شمشاد"، ومنها العملية الانغماسية على المركز التدريبي للاستخبارات الأفغانية، ومنها العملية الانغماسية الخماسية على "مقر الفرقة 111" في كابل، حيث أوصل أبو حنظلة الانغماسيين إلى عقر الكلية الحربية، عبر التسلل فوق الأسلاك الشائكة، فما استفاق جنود الطاغوت إلا وعشاق المنايا فوق رؤوسهم.

ومنها العملية الاستشهادية المزدوجة على مقري الاستخبارات الأفغانية بمنطقة (شاش درك) في كابل.

• وللرافضة نصيب

كما كان للرافضة نصيب من بأس الطبيب، حيث لفحتهم نار الثأر خلال العملية الانغماسية المزدوجة التي شارك في تخطيطها، واستهدفت قطعانهم السائبة في منطقة (دشت برجي) في العاصمة كابل، والتي تعد خزانا بشريا للرافضة في خراسان ومددا لميليشياتهم المقاتلة في كل مكان، خصوصا إبّان حملتهم المجوسية الأخيرة على بلاد الشام والعراق.

• الغزوة العشرية على وزارة الداخلية

ومن أبرز الهجمات التي شارك حنظلة العدا في تخطيطها والإشراف عليها، الغزوة الانغماسية العشرية على وزارة الداخلية في كابل، حيث انطلق فيها عشرة من المهاجرين والأنصار، بسيارتين مضادتين للرصاص، وتخطوا جميع الحواجز الأمنية، متنكرين بملابس القوات الأمريكية حتى وصلوا إلى مقر الوزارة، وفجّروا أحزمتهم واشتبكوا وقتلوا وأصابوا العشرات، وكان الهدف منها "وزير الداخلية" بنفسه، إلا أن طارئا فنيا حال دون الوصول إليه.

• مهندس التفجيرات

لم يكن الطبيب قائدا ومخططا للهجمات فحسب، بل كان مهندسا يصنع العبوات ويطور اللاصقات بأبسط الإمكانيات المحليّة المتوفرة، بعون من الله وتوفيقه.

وقد هندس وأشرف الطبيب على إعداد سلسلة التفجيرات التي ضربت المراكز والنقاط الانتخابية، خلال إحدى جولات الانتخابات الشركية في العاصمة كابل، قبل عدة سنوات بمعدل عشرين تفجيرا.

كما نجح في تصنيع العبوات المخصصة لاستهداف السيارات المصفحة، وغيرها من أنواع العبوات المطورة والموقوتة التي أحدثت نقلة نوعية في الهجمات وسهلت كثيرا من المهمات، حتى استفاد المجاهدون منها في كسر جدران (سجن جلال آباد)، وحققت إثخانا وقطّعت أوصالا في صفوف جنود المرتدين.

فرحل الطبيب وبقيت عبواته ولمساته تداوي جراح المسلمين وتشفي صدورهم، وتنكي بالكافرين وتدمي قلوبهم، هكذا يفعل الطبيب عندما يكون على منهاج النبوة، اللهم فاجعل هذا له من الباقيات الصالحات.• مقتله بغارة أمريكية في مهمة جلال آباد

في رمضان عام 1440 هـ، كان القائد أبو حنظلة وإخوانه يستعدون لخطوة ميدانية كبيرة تتمثل في السيطرة على منطقة (جلال آباد).

وقد انهمك أبو حنظلة وإخوانه في الإعداد لهذه الخطوة، ووضعوا الخطة الكاملة، ورصدوا لها العدة اللازمة، كما أرسلوا إلى الخليفة أبي بكر البغدادي تقبله الله يخبرونه بالأمر، ففرح الشيخ بذلك وأرسل إليهم مبلغا خاصا من بيت المال لدعم الخطوة الشجاعة.

وبينما كان أبو حنظلة في طريقه للاجتماع بأمراء المجاهدين للتشاور بشأن إتمام مراحل الخطة، قصفته مسيّرة أمريكية بمنطقة (زاوه) بقاطع (ننجرهار) ليومين بقيا من رمضان عام 1440 هـ، ليقضي نحبه في الغارة وهو منغمس في الإعداد والتجهيز لنصرة الإسلام والتمكين له، وكفى بها نهاية وخاتمة حسنة لحياة رجل أتته الدنيا راغمة فركلها ومضى يطبب القلوب بالجهاد ويداوي العلل بالقتال، فرحم الله حنظلة العدا ومسعر الحرب.

أما خطة السيطرة على (جلال آباد) فكانت إحدى مراحلها اقتحام سجنها المركزي وقد تم، ويليها مراحل أخرى أوسع، لكن حال دون إتمامها "الحملة الثلاثية" التي تقاسمها الصليبيون والحكومة الأفغانية وطالبان على مناطق سيطرة المجاهدين، وكان أولياء طالبان آنذاك يخفون مشاركتهم فيها، غير أن الخبر السيء لهؤلاء جميعا، أن الطبيب حنظلة ترك خلفه من يكمل المشوار ويضع الخطط ويواصل المسير بإذن الله تعالى، حتى تخضع خراسان لحكم الشريعة لا الديموقراطية.


المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 511
السنة السابعة عشرة - الخميس 12 ربيع الأول 1447 هـ

قصة شهيد:
الطبيب أبو حنظلة -تقبله الله-
قائد العمليات في كابل
...المزيد

سلامة الصدور من نعم الله على المؤمنين أن رتّب لهم أجورا على سلامة صدورهم واتساع خواطرهم ...

سلامة الصدور

من نعم الله على المؤمنين أن رتّب لهم أجورا على سلامة صدورهم واتساع خواطرهم لإخوانهم، ولعِظم مكانة هذه الصفة الحميدة خصّ الله تعالى بها أهل الجنة فقال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}.

ولمّا كان المسلمون الأولون، أذلة على إخوانهم، سليمة صدورهم تجاه بعضهم، صاروا يدا واحدة على من سواهم، فرُصت صفوفهم واشتد بنيانهم، وقويت شوكتهم ودان العرب والعجم لهم.

معنى سلامة الصدر

إن سلامة الصدر تعني خلّوه من الغل والحقد والحسد والضغينة تجاه المسلمين، فلا يحمل المسلم في صدره لأخيه إلا المحبة، ولا يظن به إلا خيرا، ولا يتمنى له إلا خيرا، بل يحب له الخير كما يحبه لنفسه.

ولكن، اعلم أخي المسلم، أنّ سلامة الصدر مما يشق على النفوس، فإن العبد قد يصبر على مكابدة قيام الليل وصيام الهواجر، لكنه قد لا يطيق إزالة ما رسب في قلبه على إخوانه! يشهد لذلك قصة الرجل الذي قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ)، والحديث اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه، إلا أن الشاهد منه قول الصحابي: "هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق"، فدلّ على أن تنقية الصدر من هذه العوالق لا تطيقه النفوس إلا بإرغامها وأطرها عليه.

كيف أحقق ذلك؟

إذن، المسلم مطالب ابتداء بمجاهدة نفسه في تحقيق سلامة صدره وتخليصه مما يوغره ويعلق به من غل ونحوه، فالمجاهدة أول الطرق إلى تحقيق ذلك.

- ومما يعين على ذلك: التوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يطهر قلبه من هذه الأدران، لأن الدعاء مفتاح كل خير، وقد كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (واسلل سخيمة صدري)، يعني نقّه من الغل والحقد.

- ومما يعين على ذلك مطالعة سير السابقين الأولين في تعاملاتهم فيما بينهم، وكيف اجتثوا جذور الغل والحسد والشحناء من صدورهم، بعد أن سمت نفوسهم إلى معالي الأمور وترفّعت عن سفاسفها، فما عاد يهمها من قال فيها بمدح أو ذم، وما عاد يحزنها أن يفوتها حظ من حظوظ الدنيا.

الصحابة وسلامة الصدر

لقد أثنى الله على الأنصار في كتابه لسلامة صدورهم تجاه إخوانهم المهاجرين، فقال عز وجل: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا}، قال ابن كثير: "أي، ولا يجدون في أنفسهم حسدا للمهاجرين، فيما فضلهم الله به من المنزلة والشرف، والتقديم في الذكر والرتبة".

وحرصا على سلامة صدورهم، كان الصحابة يسارعون لتطييب خواطر إخوانهم لكي لا تتراكم هذه العوالق فتتكاثر على القلب حتى تملأه غلا وحقدا، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه: "أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ، وَصُهَيْبٍ، وَبِلَالٍ فِي نَفَرٍ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ؟ فَأَتَى النَّبِيَّ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ، لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ، لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ!)، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ؟ قَالُوا: لَا، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَخِي"، فتأمل مسارعة الصدّيق إلى إخوانه ليتأكد أنهم لم يحملوا عليه في صدورهم، وتأمل ردهم عليه.

هكذا كان الصحابة الكرام، وهكذا رباهم نبينا عليه الصلاة والسلام، الواحد منهم يرى غيره من إخوانه خيرا منه، يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، وينافسه في الآخرة لا في الدنيا.

إن بعض الظن إثم

ومما يعين على سلامة الصدر، ترك مهلكة الظنون، إذ ليس أهلك لصدر المؤمن وأروى لنبتة الضغينة في قلبه، من سوء الظن بإخوانه، لأنه يورث التجسس والغيبة والخوض في الأعراض والنيات، وقد حرّم الله تعالى ذلك كله ونهى عنه فقال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}، قال ابن كثير: "يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله، لأن بعض ذلك يكون إثما محضا، فليجتنب كثير منه احتياطا... وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال: ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلا خيرا، وأنت تجد لها في الخير محملا". اهـ.لا تباغضوا ولا تحاسدوا

- وقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن جملة من الصفات الذميمة التي توغر الصدر وتُذهب سلامته، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) [البخاري]، أما التباغض فمحمود مع الكافرين، محرَم بين المسلمين، فالمؤمن مفروض عليه بغض الكافرين ومعاداتهم، وحب المسلمين وموالاتهم، وليس العكس كما يفعل المرتكسون.

ولو كان المسلم عاقلا، ما حسد أخاه على نعمة رزقها الله إيَاها، إذ كيف يحسده عليها، وهو يعلم أنه تعالى هو الذي قسم هذه النعم بين خلقه بعدله وحكمته؟! فقد يكون الحسد هنا اعتراضا منه على قدر الله تعالى! فليحترس المسلم من ذلك ويربأ بنفسه أن يقع في هذا المنزلق من أجل لعاعة الدنيا وحطامها.

الدنيا وإبليس

- ومن أسباب الجنوح إلى تلك الصفات الموغرة للصدر، الحرص على الدنيا والتعلق بها واتخاذها دار قرار لا دار ممر، وكما قيل: فحب الدنيا رأس كل خطيئة! وأغلب خصومات الناس اليوم سببها التنافس على الدنيا، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته من ذلك فقال: (فَوَاللهِ ما الْفَقْرَ أخْشَى علَيْكُم، ولَكِنِّي أخْشَى أنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كما بُسِطَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كما أهْلَكَتْهُمْ) [البخاري]، وأي شيء يجلبه التنافس على الدنيا غير الأحقاد والأضغان؟

- ومن أسباب فقدان سلامة الصدر: إبليس اللعين الذي لا يتوقف عن السعي في إيقاع العداوة بين المسلمين، والتحريش بينهم بالخصومات والشحناء والنفخ في نفوسهم كما قال الصادق المصدوق: (إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ) [مسلم]. والعجب ممن يجعل إبليس دليله إلى عورات إخوانه، فيضلهم ويحرش بينهم.

المؤمن للمؤمن كالبنيان

لقد وصف النبي علاقة المسلم بأخيه المسلم فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ) [متفق عليه]، فلا يمكن للبناء أن يعلو ويستقيم إذا كان به ثغرات وفجوات، فيكون حينها عرضة للتصدع والانهيار، ولذا جاء النهي عن كل ما يؤدي لذلك من الأقوال والأفعال.

فالواجب على المسلمين عامة وأصحاب الثغور خاصة -كونهم الأحوج للألفة والاجتماع- الحرص على سلامة صدورهم لإخوانهم، واجتناب كل ما قد يلقيه الشيطان بينهم لإيقاع التدابر والتشاحن فيما بينهم حتى تأتلف الأرواح وتتحد القلوب، وترتص الصفوف، ويقوى عودها وتنتظم لبناتها، ويشمخ بنيانها فيعلو الإسلام ويعز جنابه ويسود أهله، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 511
السنة السابعة عشرة - الخميس 12 ربيع الأول 1447 هـ

مقال:
سلامة الصدور
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
21 ربيع الأول 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً