أتقولون على الله ما لا تعلمون إن من أصول أهل الفرقة الناجية ومن معالم الطائفة المهتدية أنهم لا ...

أتقولون على الله ما لا تعلمون

إن من أصول أهل الفرقة الناجية ومن معالم الطائفة المهتدية أنهم لا يقولون على الله بغير علم، ولا يحكّمون في أمورهم الأهواء، وإنما أمرهم كله بالرجوع إلى الله ورسوله، والأخذ بما جاء منهم في أمر الدين.

وقد جعل الله عز وجل القول عليه بغير علم من أكبر الكبائر، وقرنه بالشرك به سبحانه، فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، وحذّر من خطورة القول بغير هدى من كتاب أو سنة فقال جل جلاله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج: 8، 9].

ومن أعظم الجرائم وأكبر البدع التي نراها منتشرة اليوم بين الناس لا عوامهم فقط وإنما بعض من انتسب إلى العلم أيضا، خوضهم في بعض أقدار الله عز وجل وسعيهم إلى بيان إرادة الله تعالى منها، دون أدنى دليل على صحة نسبة هذه الإرادة إلى رب العالمين، بل ونجد من يجعل هذه الأقدار دليلا يستدل به على أحكامه المختلفة متبعا في ذلك غير سبيل المهتدين.

ولا شك أن نسبة اسم أو فعل أو صفة لله عز وجل بغير دليل هو من أعظم الكبائر، وقد توقع فاعلها في الشرك والكفر والعياذ بالله، ومن ذلك التألي عليه سبحانه، ونسبة الغضب والرضا أو المغفرة أو اللعنة منه على أحد من عباده، كما قال عليه الصلاة والسلام: (قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك) [رواه مسلم].

وكذلك فإن معرفة أحكام الدين صحة وفسادا تؤخذ من أدلته الشرعية، والدليل في الإسلام للحكم على قول أو فعل أو معتقد أو فرد أو طائفة إنما يكون من كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك من الأدلة التي استقصاها أئمة الدين وأثبتوها في كتب أصول الفقه، والتي ليس من بينها ما يصيب الفرد أو الطائفة من أقدار الله تعالى، بل ليس هذا من الأدلة العقلية المقبولة إذ لا تلازم بين كون العبد صالحا وبين كونه منعما في الدنيا، ولا بين كونه ظالما وبين كونه مقدّرا عليه ما يكره فيها.


• إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ

ومن هذا الظلم والضلال ما نسمعه في هذه الأيام مع اشتداد هجمة المشركين على أهل الإسلام وإمعانهم في القتل والتدمير أملا في إطفاء نور الله تعالى وانتقاما من عباده الموحدين الصابرين على دينه الراسخين في سبيله رسوخ الجبال كلام يصدر عن بعض المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة وبعض الأدعياء لذلك ممن يجعل تسلط هؤلاء الكافرين على المسلمين دليلا على غضبه جل جلاله على هذه الفئة المؤمنة المجاهدة في سبيله، بسبب ما يدّعيه تلبس بعض جنودها أو أمراءها بمعصية أو ظلم أو ما يحسبه هو كذلك.
بل ويتعدى بعضهم في الظلم ويوغل في الظلمات بأن يجعل من تغلب المشركين على المسلمين دليلا على انحراف عقيدة ومنهج هذه الطائفة التي تقوم بأمر الله العظيم، ويطلب بإصلاح هذه العقيدة التي يراها بعين جهله فاسدة، ويدعو لإصلاح المنهج الذي يراه ببصيرته الحولاء منحرفا.

وكذلك فإن أكثر الناس يغترون بالفتح والتمكين، وكما أنهم يدخلون في دين الله أفواجا إذا جاء نصر الله والفتح، فهم يخرجون منه أفواجا إذا كانت الغلبة لأهل الكفر والعصيان، والدليل عندهم في الحالتين هو الفتح والتمكين، وما ذلك بفعل من يتبع الهدى وخطى المرسلين.


• بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِير

فأما الفريق الأول فقد نسب إلى الله تعالى أمرا، وهو الغضب على طائفة معينة من المسلمين، وهو لا يملك علما يقينيا بغضبه عليهم أو رضاه عنهم، فإن كان الله تعالى أخبر بعذابه لبعض من عصاه من المشركين في الدنيا، فإنه أخبر أن ما يصيب به عباده المؤمنين قد يكون كفارة لذنوبهم وتقريبا لهم إليه سبحانه، فكيف يمكن لعبد أن يحكم على ما يصيبه أو سواه بأنه من عذاب الله لمن غضب عليهم أو تمحيصه لمن أحبهم ومنّ عليهم؟! بل نسمع من بعض الجهلة من ينفي نفيا قاطعا أن يكون ما يصيب بعض المؤمنين اليوم من التمحيص الذي يرفع به درجاتهم ويجزم أنه غضب لن يرفع عنهم إلا إن أقروا بما يفتريه عليهم من التهم، وأطاعوه فيما يدعوهم إليه من أهواء، وكأنه عنده بذلك علم من الله تعالى اختصه به دون العالمين.

وأما الفريق الثاني فقد جعل ما يصيب كل عبد في دنياه دليلا على صحة أقواله وأفعاله أو بطلانها، فتراه يحكم على نفسه وغيره بناء على ما يصيبهم، اتباعا لمنهج المشركين الذين وصف الله تعالى حالهم بقوله : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11]، فحال هؤلاء أنهم إن أصابهم شيء من خير الدنيا قالوا نعم الدين ما نحن عليه، وإن أصابهم عذاب في الدنيا قالوا بئس ما نحن عليه..

وهذا كان حال المشركين في بدر لما أعجبتهم كثرتهم وقلة المسلمين طلبوا من الله تعالى أن يجعل نتيجة المعركة فيصلا في إثبات أنهم أهل الحق وأن محمدا عليه الصلاة والسلام على الباطل، فأخبر تعالى أنه أجاب دعاءهم ونصر أهل الحق، وجعل هذه الحالة الخاصة دليلا على حكمه فيها، ولم يجعل انتصار المشركين في أحد دليلا على غضبه على المؤمنين، بل بيّن أن ما أصابهم بمعصيتهم أميرهم وإرادة بعضهم الدنيا قد رفع به درجات المؤمنين وفضح به المنافقين.


• مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ

ولو طلبنا من الفريقين أن يعمّموا أصلهم الفاسد الذي يبنون عليه اليوم أحكامهم الجائرة على كل من ابتلاه الله بمصيبة في الدنيا بل وأهلكهم عن بكرة أبيهم من الناس لتوقفوا وأحجموا دون ذلك، لأن في قولهم هذا الكفر البواح، لما فيه من تكذيب له سبحانه وتعالى في إخباره برضاه عن بعضهم، وهم الأنبياء والصالحون وأتباعهم الذين تسلط عليهم الكفرة والمشركون واستضعفوهم بل وقتلوهم واستأصلوهم، كما حدث مع يحيى وزكريا عليهما السلام وكثير من أنبياء بني إسرائيل، وأصحاب الأخدود وغيرهم من الصالحين الذين ثبتوا على دينهم حتى لقوا الله تعالى وهو راض عنهم.

والمحصلة من ذلك، أن العبد المسلم يعلم أن كل ما يصيبه أو سواه هو بقدر الله الحكيم، ولكنه لا يعلم مراد الله تعالى من هذا القدر إلا ما أخبر به سبحانه، كما في ذكره لقصص الأمم السالفة التي سلط عليها عذابه، كعاد وثمود وقوم نوح وقوم شعيب والظالمون من بني إسرائيل، وإن كان مؤمنا أن العبد الصالح مستحق للثواب من الله تعالى في الدنيا والآخرة، والعبد الظالم مستحق للعذاب في الدنيا والآخرة، وأن الله تعالى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، وخاصة إن كان العبد المبتلى بالخير أو بالشر من أهل الإيمان، فإنه وكما لا يجوز الحكم على أحد من المسلمين بجنة أو بنار إلا من ثبت له ذلك بخبر من وحي، فكذلك لا يجوز الحكم على أحد منهم بأنه مغضوب عليه من الله أو مرضي عنه منه سبحانه، إلا من ثبت له ذلك بدليل صحيح، ونسأله تعالى أن يجعلنا من أهل رضوانه وأن يعيذنا من غضبه وسخطه.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 168
الخميس 2 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى ...

تلزم جماعة المسلمين وإمامهم

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك [رواه البخاري]. ...المزيد

تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى ...

تلزم جماعة المسلمين وإمامهم

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك [رواه البخاري].
• مقتله أثناء صلاته

وفى ظهر اليوم التالي، جلس أخونا -تقبله الله- مع أميره وإخوانه يتذاكرون ويتحدثون حول مراتب الدين من إسلام وإيمان، ثم سأله الأخ (أبو محمد) كيف أصبحُ مؤمنا حقا؟ فأخذ الأخ الأمير يذكر له صفات الإيمان وخصاله، ويوصيه بتقوى الله تعالى في كل حركاته وسكناته، ليكون مستعدا للقاء الله في أي لحظة.

فجلس (أبو محمد) ما بين الظهر إلى العصر يستغفر ويسبّح ويذكر الله تعالى، وكأنه يستعد للقائه -سبحانه-، وبقي على حاله هذه حتى دخل وقت العصر، فقام أبو محمد وأذّن لصلاة العصر، وما هي إلا دقائق حتى قدمت قوة عسكرية لجيش الردة فدارت اشتباكات لساعات عدة بين المجاهدين والمرتدين، فما كان من المرتدين كعادتهم إلا أن استغاثوا بالطائرات لتخلّصهم من حصار المجاهدين لهم.

ومع قدوم الطائرات الحربية اضطر الإخوة ومعهم أبو محمد إلى الانحياز والانسحاب من المكان إلى حيث أراد الله لهم، حيث كان الأخ أبو محمد على موعد مع الشهادة هناك.

وأثناء سيرهم، سأل الأميرُ أبا محمد وقال له: (هل أنت جاهز الآن للشهادة)؟،فابتسم أبو محمد وقال: (نعم أخي منذ أن وعظتني وقت الظهر وأنا في توبة واستغفار وذكر لله تعالى)، ثم توقفوا لكي يصلّوا المغرب والعشاء، والطائرات فوقهم لم تفارق الأجواء، فبدأوا صلاتهم، وفجأة باغتهم صاروخ من طائرة وهم في صلاتهم، ليُقتل أبو محمد -تقبله الله- مع بعض إخوانه، ليكون آخر أعمالهم من الدنيا الصلاة لله تعالى، فرحم الله أبا (محمد الداغستانى)، ونعم الخاتمة التي نالها بالصدق والهمة، ليُقْتلَ مهاجرا مجاهدا مصليا، فلله دره وعلى الله أجره.

وإن في قصة أبي محمد -تقبله الله- عبرة لكثير ممن شغلوا أنفسهم بالعلم عن العمل! وأسَرُوا أنفسَهم في بطون الكتب ولم يتنسموا عبير الجهاد لحظة! فما عرف أبو محمد من دينه غير ما صحَ به توحيدُه وعبادته، فلزِم ما عرف وعمل بما علم، فجمع الله له بين الهجرة والجهاد والقتل في سبيل الله، -نحسبه والله حسيبه- إنها بركة الهجرة والاجتماع والاتباع.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 169
الخميس 9 جمادى الآخرة 1440 هـ
...المزيد

مقال: خذوا حذركم كاميرات المراقبة والاحتياط منها نلاحظ في الفترات الأخيرة ندرة أن يقع عمل ...

مقال: خذوا حذركم
كاميرات المراقبة والاحتياط منها

نلاحظ في الفترات الأخيرة ندرة أن يقع عمل للمجاهدين في المناطق الحضرية، إلا ويتوفر له تسجيل مرئي التقطته إحدى الكاميرات التابعة للأجهزة الأمنية أو المملوكة من قبل الأفراد، إذ يسارع المحققون بعد أي حدث إلى استعراض تسجيلات كل الكاميرات الموجودة في محيط وقوعه، وذلك من أجل الوقوف على حقيقة ما جرى بدقة بعيدا عن الشهادات المضللة والتصورات الخاطئة، وكذلك محاولة الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات عن منفذي العمل الذين يمكن أن يظهروا أو آثارهم في موقع العمل.


• البحث عن المنفذ

بعد تمكن المحققين من التقاط صور تخص الإخوة المنفذين يجري التحرّي عنهم، وذلك من خلال تعميم الصور على أجهزة الأمن المختلفة سعيا لمطابقتها مع صور لأشخاص معروفين لديهم، أو استخدام البرامج الحاسوبية المتطورة في التعرف على الصور، وفي حال العجز عن ذلك يجري نشر الصور بشكل رسمي من قبل أجهزة الاستخبارات والطلب من الناس التعرف على أصحابها وتقديم المعلومات عنهم، أو تسريب هذه الصور عن طريق الصحافة لذات الغرض.

وكذلك الأمر بالنسبة للعربات المستخدمة في الهجوم، وذلك بالبحث عن عائدية العربة في حال التمكن من التقاط أرقام لوحاتها، أو خصائص مميزة لها، تمكن من تقليل عدد الخيارات بخصوص العربات المشابهة لها.

هذا بالنسبة لاستخدام الصور المأخوذة من كاميرا مراقبة واحدة، ولكن أمر التحقيق يتوسع بحثا عن الطريق الذي سلكه المنفذون وصولا إلى نقطة الانطلاق التي قد تساعد الاستخبارات في تحديد مكان إدارة العمل أو أماكن سكن المنفذين أو نقاط تجمعهم قبل تنفيذ العمل.


• البحث عن نقطة الانطلاق

وهذا الأمر يمكنهم القيام به بعد تحديد صورة الشخص المنفذ أو العربة التي استخدمت في التنفيذ، حيث يقوم المحققون بمراجعة تسجيلات الكاميرات في المناطق المختلفة عن طريق تتبع الحركة الراجعة للهدف، والبحث فيما التقطته كل كاميرا موجودة في الطريق إلى تنفيذ العمل، والاستمرار في عملية استرجاع الصور حتى الوصول إلى آخر صورة توفرها كاميرات المراقبة، تشير إلى آخر مكان كان يتواجد فيه المنفذون قبل تنفيذ العمل، وربما يصل المحققون بهذه الطريقة في التتبع إلى نقطة الانطلاق الأولى في حال كانت التغطية بكاميرات المراقبة شاملة لا تترك جزءا من المنطقة دون تصوير.

ولإدراك أهمية هذا الجانب في عملية المراقبة الاستخبارية، وتصوّر حجم اهتمام الأجهزة الأمنية بها، يمكن ضرب المثال بحالة بريطانيا التي تشير التقارير إلى وجود قرابة 6 ملايين كاميرا مراقبة على أراضيها، منها 500 ألف كاميرا مراقبة في مدينة لندن وحدها، إلى الحد الذي تفاخر به أجهزة الأمن هناك وتزعم أن كل شخص من سكان لندن إن تحرك في المدينة فإن هناك 300 كاميرا تقريبا ستلتقط حركته كل يوم.


• نماذج حيّة

وهكذا رأينا هذه الأجهزة بعد عملية مانشستر المباركة تقوم باستعادة صور الكاميرات في المناطق التي مرّ بها الأخ المنفذ -تقبله الله- واستخرجت له صورا وهو يجرّ حقيبة زرقاء كبيرة رجحت أنه نقل بها العبوة الناسفة التي استخدمها في الهجوم، ونشرت هذه الصور في وسائل الإعلام طالبة من الناس تقديم أية معلومات يمتلكونها عن صاحب الصورة، أو الحقيبة الزرقاء التي لم تتمكن من العثور عليها، كما حاولت الاستخبارات من خلال تعقب تسجيلات قديمة معرفة الأماكن التي تردد عليها الأخ خلال الأيام التي سبقت الهجوم في محاولة للاستقصاء عن أشخاص آخرين ربما يكون لهم ارتباط تنظيمي بالأخ المنفذ أو مشاركة في العمل الذي يسّره الله له.

وكذلك في بعض عمليات المجاهدين في بغداد التي نجح فيها الإخوة المنفذون في الانسحاب بسلام من مواقع التنفيذ بعد ركن سياراتهم المفخخة بجوار الأهداف الموضوعة وتفجيرها عن بعد، رأينا استخبارات المرتدين تعرض صورا لمكان التفجير قبل حصوله بثوان لإثبات صورة العربة المفخخة، ثم عرض صور أخرى التقطتها كاميرات المراقبة المنصوبة في الشوارع الرئيسية وقرب السيطرات والحواجز الأمنية في محاولتها تتبع مصدر هذه العربة والوصول إلى مكان انطلاقها الذي يفترض أن يجدوا فيه عناصر التنفيذ أو أدلة تشير إليهم.

مع أننا نجد في غالب الأحيان أن استفادة استخبارات المشركين من إظهار صور الهجوم ونتائجه وتحركات الإخوة المنفذين لا تتعدى جانب الدعاية ورفع اللوم بعد فشلها في منع الهجوم.

• الوعي بالمخاطر مقدمة لتجنّبها

وغالبا لا تؤثر كاميرات المراقبة في منع نجاح العمل، إلا في حالة امتلاك الاستخبارات معلومات مسبقة عن شخصيات المنفذين أو المكان الذي سيخرجون منه للتنفيذ أو الآليات المستعملة في التنفيذ أو الهدف المتوقع استهداف المهاجمين له، وبفقدانهم هذه المعلومات تبقى أهمية هذه الكاميرات في عمليات التحقيق اللاحقة للهجوم، في محاولة من أجهزة الأمن للوصول إلى المنفذين من أجل اعتقالهم طلبا للمعلومات التي بحوزتهم، أو لقلتهم منعا من قيامهم بهجمات أخرى.

ولذلك فإنه ينبغي للمجاهدين عند التخطيط لأي عمل الأخذ بالحسبان أمن الإخوة المنفذين للعمل أو المرتبطين بهم، وأمن المقرات المستعملة في التخطيط والتجهيز والإيواء، وهذا يتطلب تخطيط عملية إيصال المنفذين وأدوات التنفيذ إلى موقع الهجوم، وكذلك عملية سحبهم منه بعد التنفيذ أو في حال فشل العمل أو إلغاءه، وذلك بطريقة تمنع من تعقب الآثار أو تضمن تقطيع سبيل التعقب بوضع ثغرات معلوماتية كبيرة في وجه المتبع لتحركات الإخوة.

وهذا الأمر ممكن -بإذن الله- رغم تكلفته نوعا ما، أولا بالسعي إلى منع العدو من الحصول على معلومات عن المنفذين، بتغطية وجوههم أو تغيير ملامحهم قدر المستطاع أثناء التنفيذ ما يحول دون التعرف عليهم، وكذلك تغيير أرقام العربات ومواصفاتها قدر الإمكان لذات السبب.

وبالنسبة لتمويه الطريق يمكن استخدام نقاط انطلاق غير موجودة في نطاق التغطية الأمنية المعادية بكاميرات المراقبة، كالمناطق الريفية والصحراوية، أو استخدام عدة محطات تبديل للعربات بين نقطة الانطلاق ومكان التنفيذ بحيث لا يؤدي كشف نقطة ما إلى الوصول إلى ما بعدها من المحطات الآمنة للإخوة، واعتبار هذه المحطة المعرضة للانكشاف صالحة للاستخدام مرة واحدة فقط، بالاستفادة منها في عمل واحد وتركها تماما بعد انطلاق المنفذين منها.

وفي حال انسحاب الإخوة من الموقع يمكنهم الخروج من نطاق التغطية كاملا (إلى الريف مثلا) ثم العودة من طرق أخرى بعد تبديل الآليات وكل ما يرتبط بالعمل السابق من لباس ونحوه يمكن أن يكون مميزا في صور كاميرات المراقبة.

والأفضل أن يبتدع الإخوة طرقا ووسائل فريدة في كل عمل مما يحقق المطلوب ويجنبهم الأذى والملاحقة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 167
الخميس 25 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

مقال: خذوا حذركم كاميرات المراقبة والاحتياط منها نلاحظ في الفترات الأخيرة ندرة أن يقع عمل ...

مقال: خذوا حذركم
كاميرات المراقبة والاحتياط منها

نلاحظ في الفترات الأخيرة ندرة أن يقع عمل للمجاهدين في المناطق الحضرية، إلا ويتوفر له تسجيل مرئي التقطته إحدى الكاميرات التابعة للأجهزة الأمنية أو المملوكة من قبل الأفراد، إذ يسارع المحققون بعد أي حدث إلى استعراض تسجيلات كل الكاميرات الموجودة في محيط وقوعه، وذلك من أجل الوقوف على حقيقة ما جرى بدقة بعيدا عن الشهادات المضللة والتصورات الخاطئة، وكذلك محاولة الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات عن منفذي العمل الذين يمكن أن يظهروا أو آثارهم في موقع العمل.


• البحث عن المنفذ

بعد تمكن المحققين من التقاط صور تخص الإخوة المنفذين يجري التحرّي عنهم، وذلك من خلال تعميم الصور على أجهزة الأمن المختلفة سعيا لمطابقتها مع صور لأشخاص معروفين لديهم، أو استخدام البرامج الحاسوبية المتطورة في التعرف على الصور، وفي حال العجز عن ذلك يجري نشر الصور بشكل رسمي من قبل أجهزة الاستخبارات والطلب من الناس التعرف على أصحابها وتقديم المعلومات عنهم، أو تسريب هذه الصور عن طريق الصحافة لذات الغرض.

وكذلك الأمر بالنسبة للعربات المستخدمة في الهجوم، وذلك بالبحث عن عائدية العربة في حال التمكن من التقاط أرقام لوحاتها، أو خصائص مميزة لها، تمكن من تقليل عدد الخيارات بخصوص العربات المشابهة لها.

هذا بالنسبة لاستخدام الصور المأخوذة من كاميرا مراقبة واحدة، ولكن أمر التحقيق يتوسع بحثا عن الطريق الذي سلكه المنفذون وصولا إلى نقطة الانطلاق التي قد تساعد الاستخبارات في تحديد مكان إدارة العمل أو أماكن سكن المنفذين أو نقاط تجمعهم قبل تنفيذ العمل.


• البحث عن نقطة الانطلاق

وهذا الأمر يمكنهم القيام به بعد تحديد صورة الشخص المنفذ أو العربة التي استخدمت في التنفيذ، حيث يقوم المحققون بمراجعة تسجيلات الكاميرات في المناطق المختلفة عن طريق تتبع الحركة الراجعة للهدف، والبحث فيما التقطته كل كاميرا موجودة في الطريق إلى تنفيذ العمل، والاستمرار في عملية استرجاع الصور حتى الوصول إلى آخر صورة توفرها كاميرات المراقبة، تشير إلى آخر مكان كان يتواجد فيه المنفذون قبل تنفيذ العمل، وربما يصل المحققون بهذه الطريقة في التتبع إلى نقطة الانطلاق الأولى في حال كانت التغطية بكاميرات المراقبة شاملة لا تترك جزءا من المنطقة دون تصوير.

ولإدراك أهمية هذا الجانب في عملية المراقبة الاستخبارية، وتصوّر حجم اهتمام الأجهزة الأمنية بها، يمكن ضرب المثال بحالة بريطانيا التي تشير التقارير إلى وجود قرابة 6 ملايين كاميرا مراقبة على أراضيها، منها 500 ألف كاميرا مراقبة في مدينة لندن وحدها، إلى الحد الذي تفاخر به أجهزة الأمن هناك وتزعم أن كل شخص من سكان لندن إن تحرك في المدينة فإن هناك 300 كاميرا تقريبا ستلتقط حركته كل يوم.


• نماذج حيّة

وهكذا رأينا هذه الأجهزة بعد عملية مانشستر المباركة تقوم باستعادة صور الكاميرات في المناطق التي مرّ بها الأخ المنفذ -تقبله الله- واستخرجت له صورا وهو يجرّ حقيبة زرقاء كبيرة رجحت أنه نقل بها العبوة الناسفة التي استخدمها في الهجوم، ونشرت هذه الصور في وسائل الإعلام طالبة من الناس تقديم أية معلومات يمتلكونها عن صاحب الصورة، أو الحقيبة الزرقاء التي لم تتمكن من العثور عليها، كما حاولت الاستخبارات من خلال تعقب تسجيلات قديمة معرفة الأماكن التي تردد عليها الأخ خلال الأيام التي سبقت الهجوم في محاولة للاستقصاء عن أشخاص آخرين ربما يكون لهم ارتباط تنظيمي بالأخ المنفذ أو مشاركة في العمل الذي يسّره الله له.

وكذلك في بعض عمليات المجاهدين في بغداد التي نجح فيها الإخوة المنفذون في الانسحاب بسلام من مواقع التنفيذ بعد ركن سياراتهم المفخخة بجوار الأهداف الموضوعة وتفجيرها عن بعد، رأينا استخبارات المرتدين تعرض صورا لمكان التفجير قبل حصوله بثوان لإثبات صورة العربة المفخخة، ثم عرض صور أخرى التقطتها كاميرات المراقبة المنصوبة في الشوارع الرئيسية وقرب السيطرات والحواجز الأمنية في محاولتها تتبع مصدر هذه العربة والوصول إلى مكان انطلاقها الذي يفترض أن يجدوا فيه عناصر التنفيذ أو أدلة تشير إليهم.

مع أننا نجد في غالب الأحيان أن استفادة استخبارات المشركين من إظهار صور الهجوم ونتائجه وتحركات الإخوة المنفذين لا تتعدى جانب الدعاية ورفع اللوم بعد فشلها في منع الهجوم.

• الوعي بالمخاطر مقدمة لتجنّبها

وغالبا لا تؤثر كاميرات المراقبة في منع نجاح العمل، إلا في حالة امتلاك الاستخبارات معلومات مسبقة عن شخصيات المنفذين أو المكان الذي سيخرجون منه للتنفيذ أو الآليات المستعملة في التنفيذ أو الهدف المتوقع استهداف المهاجمين له، وبفقدانهم هذه المعلومات تبقى أهمية هذه الكاميرات في عمليات التحقيق اللاحقة للهجوم، في محاولة من أجهزة الأمن للوصول إلى المنفذين من أجل اعتقالهم طلبا للمعلومات التي بحوزتهم، أو لقلتهم منعا من قيامهم بهجمات أخرى.

ولذلك فإنه ينبغي للمجاهدين عند التخطيط لأي عمل الأخذ بالحسبان أمن الإخوة المنفذين للعمل أو المرتبطين بهم، وأمن المقرات المستعملة في التخطيط والتجهيز والإيواء، وهذا يتطلب تخطيط عملية إيصال المنفذين وأدوات التنفيذ إلى موقع الهجوم، وكذلك عملية سحبهم منه بعد التنفيذ أو في حال فشل العمل أو إلغاءه، وذلك بطريقة تمنع من تعقب الآثار أو تضمن تقطيع سبيل التعقب بوضع ثغرات معلوماتية كبيرة في وجه المتبع لتحركات الإخوة.

وهذا الأمر ممكن -بإذن الله- رغم تكلفته نوعا ما، أولا بالسعي إلى منع العدو من الحصول على معلومات عن المنفذين، بتغطية وجوههم أو تغيير ملامحهم قدر المستطاع أثناء التنفيذ ما يحول دون التعرف عليهم، وكذلك تغيير أرقام العربات ومواصفاتها قدر الإمكان لذات السبب.

وبالنسبة لتمويه الطريق يمكن استخدام نقاط انطلاق غير موجودة في نطاق التغطية الأمنية المعادية بكاميرات المراقبة، كالمناطق الريفية والصحراوية، أو استخدام عدة محطات تبديل للعربات بين نقطة الانطلاق ومكان التنفيذ بحيث لا يؤدي كشف نقطة ما إلى الوصول إلى ما بعدها من المحطات الآمنة للإخوة، واعتبار هذه المحطة المعرضة للانكشاف صالحة للاستخدام مرة واحدة فقط، بالاستفادة منها في عمل واحد وتركها تماما بعد انطلاق المنفذين منها.

وفي حال انسحاب الإخوة من الموقع يمكنهم الخروج من نطاق التغطية كاملا (إلى الريف مثلا) ثم العودة من طرق أخرى بعد تبديل الآليات وكل ما يرتبط بالعمل السابق من لباس ونحوه يمكن أن يكون مميزا في صور كاميرات المراقبة.

والأفضل أن يبتدع الإخوة طرقا ووسائل فريدة في كل عمل مما يحقق المطلوب ويجنبهم الأذى والملاحقة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 167
الخميس 25 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

يا حملة الراية هبوا إن أقصى ما يتمناه المشركون ويسعون جهدهم لتحقيقه أن يسقطوا راية التوحيد ثم لا ...

يا حملة الراية هبوا

إن أقصى ما يتمناه المشركون ويسعون جهدهم لتحقيقه أن يسقطوا راية التوحيد ثم لا يقوم أحد لرفعها من جديد ليحتشد حولها المجاهدون ويكملوا ما بدأه إخوانهم السابقون.

وطالما بقيت الراية الجامعة عالية خفاقة يرقبها الجنود فسيبقون متحلقين حولها يشدّ بعضهم أزر بعض ويسد بعضهم ثغرة بعض حتى يفتح الله عليهم، فإذا سقطت الراية غاب عن الأنظار الأمر الجامع لهم، وربما وهنت العزائم وظهرت الفرقة والتنازع بأن تهمّ بعض المجاهدين نفوسهم، ويسيؤوا بالله تعالى الظن، فيتشتت شملهم ويقوى عليهم عدوهم.

ولهذا كان حملة الراية من أهم مرتكزات الجماعة المسلمة في كل ملحمة من ملاحمها العظيمة، وكان القصد إليهم من العدو واستهدافهم بالقتل طلبا لإسقاط الراية التي يحملون أمرا ظاهرا لا يخفونه ولا يورّون عليه، ولهذا أيضا لا يرقى إلى شرف حملها إلا أولو العزمات من أتباع المرسلين الذين تهون عليهم نفوسهم في سبيل مرضات ربهم جلّ وعلا، فيرسخون في الصف رسوخ الجبال، ويثبت الله بهم جموع المسلمين أن تميد عند اشتداد الزلازل وعصف الريح.

وقد رأينا في تاريخ هذه الجماعة المباركة تأثير هذا النوع المميز من الرجال على أحداث الحرب بيننا وبين المشركين، حين استعلى طاغوت الصليبيين (بوش) بكبريائه معلنا النصر العظيم على أمة الإسلام بعد أن سلطه الله تعالى على أحد الطواغيت المتحكمين برقاب المسلمين، وظن المخدوع أن الأمر استتب له في الأرض، فخيب الله تعالى سعيه وأراه من جهاد المسلمين ما يكره، لما رفع راية التوحيد والجهاد نفر من المهاجرين والأنصار ودعوا المسلمين للقتال تحتها والاجتماع عليها، فاجتمع على الراية المسلمون من كل صوب، وأدوا ما عليهم من واجب النصرة والجهاد، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من استبقاه الله ليحمل الراية من بعد إخوانه فلا تقر عين المشركين برؤيتها وليس لها رجال يحملونها أو أبطال يذودون عنها.

فما كادوا يعلنون فرحهم بقتل الشيخ الزرقاوي تقبله الله حتى سخر الله من بعده رجالا حملوا الراية من بعده، فرفعها بهم مكانا أرفع، وجعلها بهم أنقى وأنصع، وصارت راية جامعة للمسلمين بعد أن كانت راية فصيل من الفصائل أو تنظيم من التنظيمات.

فلما قضى الشيخان اللذان ابتلاهما الله تعالى بحمل الراية وقد أدّوا ما عليهم -نحسبهم كذلك- وقد كان إخوانهم في ذلك الوقت في أضعف حال وقد غدرت بهم الصحوات، وتألبت عليهم الأحزاب، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فرح المشركون وقالوا: الآن، الآن، لا تحمل الراية من جديد...
فخيب الله ظنونهم وأضل سعيهم، وما هي إلى سُنيّات إلا وكانت الراية تخفق على سهول الشام وجبالها، بعد أن جالت في بوادي العراق وحواضرها، لما وجدت رجالا حملوها وعزموا أن ينصبوها في مقدم كل سرية تجاهد لإقامة دين الله، لا تشاركها راية عمية ولا تنازعها غاية جاهلية، فأثابهم الله في الدنيا نصرا أن زادهم فتحا وتمكينا ورفع بهم راية التوحيد في مشارق الأرض ومغاربها، راية خلافة على منهاج النبوة.

وإننا نظن أن عهد خداع المشركين لأنفسهم بإعلانهم إسقاط الراية قد ولى ولن يعود -بإذن الله- فقد علمتهم تجارب السنين الماضية أن في هذه الأمة في كل زمان من لا يرى في قضاء من قبله من حملة الراية إلا انتقال الواجب العيني إليه بحملها من بعدهم والحفاظ عليها عالية رفيعة كما يجب أن تكون، نقية كما كانت عندما تركها صاحبها عليه الصلاة والسلام، ويحفظها حتى يقضى ما عليه أو يسلمها إلى من هو أشد عزيمة في حملها والدفاع عنها.

فلييأس المشركون من حروبهم وحملاتهم، ولتيأس الشيع والأحزاب والفرق من مكرهم وغدراتهم، ولا يرقبوا صباحا لا تشرق فيه شمس الخلافة على أرض المسلمين، ولا يرقبوا مساء تغيب فيه راية العقاب عن سماء المجاهدين، فهيهات هيهات لما يوعدون.

وليستبشر المؤمنون بنصر الله لهم ما دام كل منهم يرى نفسه خالدا يحمل الراية من بعد زيد وجعفر وابن رواحة رضي الله عنهم أجمعين، كلما سقط منهم سيد تحت الراية حملها عنه أخوه حتي ينفذوا أمر الله تعالى أو يهلكوا دون ذلك، وما بعد مؤتة إلا فتح مكة والقادسية واليرموك {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 167
الخميس 25 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

يا حملة الراية هبوا إن أقصى ما يتمناه المشركون ويسعون جهدهم لتحقيقه أن يسقطوا راية التوحيد ثم لا ...

يا حملة الراية هبوا

إن أقصى ما يتمناه المشركون ويسعون جهدهم لتحقيقه أن يسقطوا راية التوحيد ثم لا يقوم أحد لرفعها من جديد ليحتشد حولها المجاهدون ويكملوا ما بدأه إخوانهم السابقون.

وطالما بقيت الراية الجامعة عالية خفاقة يرقبها الجنود فسيبقون متحلقين حولها يشدّ بعضهم أزر بعض ويسد بعضهم ثغرة بعض حتى يفتح الله عليهم، فإذا سقطت الراية غاب عن الأنظار الأمر الجامع لهم، وربما وهنت العزائم وظهرت الفرقة والتنازع بأن تهمّ بعض المجاهدين نفوسهم، ويسيؤوا بالله تعالى الظن، فيتشتت شملهم ويقوى عليهم عدوهم.

ولهذا كان حملة الراية من أهم مرتكزات الجماعة المسلمة في كل ملحمة من ملاحمها العظيمة، وكان القصد إليهم من العدو واستهدافهم بالقتل طلبا لإسقاط الراية التي يحملون أمرا ظاهرا لا يخفونه ولا يورّون عليه، ولهذا أيضا لا يرقى إلى شرف حملها إلا أولو العزمات من أتباع المرسلين الذين تهون عليهم نفوسهم في سبيل مرضات ربهم جلّ وعلا، فيرسخون في الصف رسوخ الجبال، ويثبت الله بهم جموع المسلمين أن تميد عند اشتداد الزلازل وعصف الريح.

وقد رأينا في تاريخ هذه الجماعة المباركة تأثير هذا النوع المميز من الرجال على أحداث الحرب بيننا وبين المشركين، حين استعلى طاغوت الصليبيين (بوش) بكبريائه معلنا النصر العظيم على أمة الإسلام بعد أن سلطه الله تعالى على أحد الطواغيت المتحكمين برقاب المسلمين، وظن المخدوع أن الأمر استتب له في الأرض، فخيب الله تعالى سعيه وأراه من جهاد المسلمين ما يكره، لما رفع راية التوحيد والجهاد نفر من المهاجرين والأنصار ودعوا المسلمين للقتال تحتها والاجتماع عليها، فاجتمع على الراية المسلمون من كل صوب، وأدوا ما عليهم من واجب النصرة والجهاد، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من استبقاه الله ليحمل الراية من بعد إخوانه فلا تقر عين المشركين برؤيتها وليس لها رجال يحملونها أو أبطال يذودون عنها.

فما كادوا يعلنون فرحهم بقتل الشيخ الزرقاوي تقبله الله حتى سخر الله من بعده رجالا حملوا الراية من بعده، فرفعها بهم مكانا أرفع، وجعلها بهم أنقى وأنصع، وصارت راية جامعة للمسلمين بعد أن كانت راية فصيل من الفصائل أو تنظيم من التنظيمات.

فلما قضى الشيخان اللذان ابتلاهما الله تعالى بحمل الراية وقد أدّوا ما عليهم -نحسبهم كذلك- وقد كان إخوانهم في ذلك الوقت في أضعف حال وقد غدرت بهم الصحوات، وتألبت عليهم الأحزاب، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فرح المشركون وقالوا: الآن، الآن، لا تحمل الراية من جديد...
فخيب الله ظنونهم وأضل سعيهم، وما هي إلى سُنيّات إلا وكانت الراية تخفق على سهول الشام وجبالها، بعد أن جالت في بوادي العراق وحواضرها، لما وجدت رجالا حملوها وعزموا أن ينصبوها في مقدم كل سرية تجاهد لإقامة دين الله، لا تشاركها راية عمية ولا تنازعها غاية جاهلية، فأثابهم الله في الدنيا نصرا أن زادهم فتحا وتمكينا ورفع بهم راية التوحيد في مشارق الأرض ومغاربها، راية خلافة على منهاج النبوة.

وإننا نظن أن عهد خداع المشركين لأنفسهم بإعلانهم إسقاط الراية قد ولى ولن يعود -بإذن الله- فقد علمتهم تجارب السنين الماضية أن في هذه الأمة في كل زمان من لا يرى في قضاء من قبله من حملة الراية إلا انتقال الواجب العيني إليه بحملها من بعدهم والحفاظ عليها عالية رفيعة كما يجب أن تكون، نقية كما كانت عندما تركها صاحبها عليه الصلاة والسلام، ويحفظها حتى يقضى ما عليه أو يسلمها إلى من هو أشد عزيمة في حملها والدفاع عنها.

فلييأس المشركون من حروبهم وحملاتهم، ولتيأس الشيع والأحزاب والفرق من مكرهم وغدراتهم، ولا يرقبوا صباحا لا تشرق فيه شمس الخلافة على أرض المسلمين، ولا يرقبوا مساء تغيب فيه راية العقاب عن سماء المجاهدين، فهيهات هيهات لما يوعدون.

وليستبشر المؤمنون بنصر الله لهم ما دام كل منهم يرى نفسه خالدا يحمل الراية من بعد زيد وجعفر وابن رواحة رضي الله عنهم أجمعين، كلما سقط منهم سيد تحت الراية حملها عنه أخوه حتي ينفذوا أمر الله تعالى أو يهلكوا دون ذلك، وما بعد مؤتة إلا فتح مكة والقادسية واليرموك {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 167
الخميس 25 جمادى الأولى 1440 هـ
...المزيد

مؤسسة الدرع السني - إصدار مرئي مؤسسة الدرع السني المناصرة للدولة الإسلامية تقدم: الإصدار ...

مؤسسة الدرع السني - إصدار مرئي

مؤسسة الدرع السني المناصرة للدولة الإسلامية تقدم:
الإصدار المرئي: [ فما وهنوا ]

(إعادة رفع)

"إصدار مميز يبين ثبات ورباط أنصار الخلافة الإسلامية في ميدان الإعلام في وجه تحالفات الكفار والمرتدين لتشويه الحقائق وبث الشبه والأراجيف"

لمشاهدة الإصدار - تواصل معنا على منصة التيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

إصدار مرئي مناصر - الثبات على العهد مؤسسة العبد الفقير المناصرة للدولة الإسلامية (أعزها الله) ...

إصدار مرئي مناصر - الثبات على العهد


مؤسسة العبد الفقير المناصرة للدولة الإسلامية (أعزها الله) تقدم:
الإصدار المرئي: الثبات على العهد [2]

(إعادة رفع)


لمشاهدة الإصدار - تواصل معنا على منصة التيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الآن الآن جاء القتال - إصدار مميز الإصدار المرئي: [ الآن الآن جاء القتال ] إنتاج: مؤسسة ...

الآن الآن جاء القتال - إصدار مميز


الإصدار المرئي: [ الآن الآن جاء القتال ]

إنتاج: مؤسسة العبد الفقير بالاشتراك مع مؤسسة البتار ومؤسسة الصقري للعلوم الحربية

(إعادة رفع)



لمشاهدة الإصدار - تواصل معنا على منصة التيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 512 مؤسسة المرهفات تُقدّم: تنميق افتتاحية صحيفة النبأ - ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 512


مؤسسة المرهفات تُقدّم:
تنميق افتتاحية صحيفة النبأ - للعدد 512
بعنوان: [ليبيا الأمجاد]



للإطلاع على التنميق انسخ الرابط التالي وضعه في محرك البحث:
https://files.fm/f/8c28y9ueyy

أو بالتواصل معنا على منصة التيليغرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - معذرة إلى ربكم (إعادة رفع) مؤسسة طلائع الأنصار المناصرة للدولة الإسلامية ...

الدولة الإسلامية - معذرة إلى ربكم


(إعادة رفع)
مؤسسة طلائع الأنصار المناصرة للدولة الإسلامية تقدم:

الإصدار المرئي: معذرة إلى ربكم

"يوضح الإصدار حرب حكام العرب بمعاونة علماءهم في صف واحد مع الصليبيين ضد دولة الخلافة الإسلامية في مظاهرة واضحة للمشركين على المسلمين"


لمشاهدة الإصدار - تواصل معنا على منصة التيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
6 جمادى الأولى 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً