الأحدث إضافة

واجب الشباب المسلم المثقف اليوم (وصية من الشيخ الألباني رحمه الله)

نصائح قيمة من عالم جليل هو محدث العصر العلامة محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله- هذه النصائح في أحد كتبه الذي يحمل عنوان: (الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام) فإلى المادة المختارة: ... المزيد

أكفّاركم خير من أولئكم (2/2) فعلى أي أساس يتم تقسيم أعضاء البرلمانات الذين جعلوا أنفسهم أندادا ...

أكفّاركم خير من أولئكم

(2/2)
فعلى أي أساس يتم تقسيم أعضاء البرلمانات الذين جعلوا أنفسهم أندادا لله، بتشريعهم القوانين الوضعية إلى قسمين، الأول يكون أهله طواغيت مشركين، والثاني ينسب أهله إلى الإسلام زورا وبهتانا؟ وما من قانون تشرعه تلك البرلمانات إلا وكل أعضاء البرلمان مشتركون في إصداره، سواء منهم من وافق عليه، أو من اعترض، فهم قد اشتركوا في التشريع جميعا.

وإذا بحثنا في أحكام بعض أولئك الضالين في قضايا الولاء والبراء، نجد أنهم ألّفوا المؤلفات، ونشروا الخطب والمحاضرات والكلمات في تكفير طواغيت جزيرة العرب، بناء على موالاتهم للصليبيين في حربهم على المسلمين، وحرضوا المسلمين على الخروج عليهم، بل قاتلوهم قتال طائفة مرتدّة، وقد أصابوا في ذلك، فلما وقع بعض أوليائهم في الفعل ذاته صاروا مجتهدين متأولّين، كما نرى اليوم في تولّي صحوات الشام للصليبيّين في قتالهم للدولة الإسلامية، بل بتنا نرى اليوم الفتاوى وهي تنهال من الشرق والغرب لتبرّر فعلهم، وتسمّيه بغير اسمه من قبيل أنه استعانة وليس إعانة، أو أنه مزامنة وليس معاونة، وغير ذلك من خدع التلاعب بالكلمات والحروف التي يخدعون بها السذج من جنودهم وأنصارهم.

فعلى أي أساس يكون الطواغيت من آل سعود كفارا مرتدين لقتالهم المسلمين إلى جانب الصليبيين، وإعانتهم عليهم، ودلّهم على عوراتهم، ويكون مرتدو صحوات الشام الذين يقاتلون الدولة الإسلامية تحت راية الصليب «مجاهدين» و«حماة للدين»؟ مع أن الاثنين وقعوا في الفعل ذاته ولديهما التأويلات الباطلة ذاتها التي يبرّرون بها موالاتهم للصليبيين، من قبيل أن من يحاربونهم من المسلمين «خوارج» أو «مفسدون في الأرض»، أو أنهم مضطرون لفعل ذلك دفعا لمفسدة أكبر، وغير ذلك من الأباطيل التي يروّجها علماء السلاطين على العامّة، وشرعيو الفصائل المرتدة على أتباعها.

فهذا غيض من فيض من الأمثلة والشواهد على تلاعب الفصائل والتنظيمات والأحزاب الضالة بأحكام الشريعة، وتناقضاتهم الفاضحة في أحكامهم على الأفعال، ومن يعمل بها، فإذا وقع غيرهم في الفعل المكفّر كان مستحقا لأن يقع حكم الكفر عليه، وإن وقعوا هم أو من يوالون في الفعل المكفر ذاته صار هذا الفعل «عملا صالحا»، مندوبا فعله أو «واجبا كفائيا تأثم الأمة المسلمة كلها إن تركته»، كما وصفه بعض أحبارهم.

ولو قلَّب أتباع تلك الأحزاب، وجنود تلك التنظيمات، وأنصار تلك الفصائل أعينهم في الواقع، لوجدوا أنهم يعيشون في عالم من التناقضات، ولمّا كان قادتهم وشيوخهم المتبوعون يعلمون هذه الحقيقة، اجتهدوا في حل هذه التناقضات والتخلص من تلك الإشكالات، فلم يجدوا أفضل من الإرجاء وعقائده الضالة لتبرير انحرافاتهم.

فصاروا يشترطون شروطا غير شرعية لتكفير من يقع في تلك الأفعال الكفرية، من قبيل الإقرار اللساني باستحلال الفعل المكفّر، أو القصد القلبي للخروج من الإسلام، بل ومال بعضهم ليصيروا من غلاة الجهمية، بأن جعلوا مجرد معرفة حكم تلك الأفعال المكفّرة مانعا من تكفيرهم، وإن عملوا بها، فصاغوا بذلك دينا جديدا، يوافق أهواءهم، ويخدم ضلالهم، فيستخدمونه سلاحا ضد خصومهم وأعدائهم، ويتدرعون به هم وأولياؤهم من إنكار المنكرين لشركهم وضلالهم، ويخدعون به الجهلة والسفهاء من أتباعهم.

إن الإسلام دين يحكم على الأفعال، لا على التسميات والألقاب، فمن أشرك بالله، وقع عليه اسم الشرك إلا أن يكون مكرها، ونالته أحكام الإسلام في المشركين، مهما كان له من سابقة وبلاء في الإسلام، ومهما كثرت مبرّراته الباطلة، وليعلم كل امرئ أن هذا الدين لله، ليس ملكا لحزب أو تنظيم أو فصيل أو لشخص، فيصوغه كما يريد، ويتلاعب به كما يشاء.

وليعلم كل مسلم أنه باتباعه لأهواء الناس في شركهم بالله يكون مثلهم، مهما كانت بواعثه وتأويلاته، ومهما كانت المنافع الموهومة التي يُزيَّن بها الشرك، كما في قوله: (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لَّا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [سورة الأنعام: 56]، وقوله تعالى: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [سورة البقرة : 120]، وقوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ) [سورة الرعد : 37].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
أكفّاركم خير من أولئكم
...المزيد

من درر العلامة ابن القيم عن البلاء

فالبلاء من المواضيع التي تكلم عليها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه وقد جمعتُ بفضل من الله وكرمه بعضًا مما ذكره ... المزيد

أهم أحكام الصيام (2/2) - الحكمة من الصوم: للصوم فوائد عظيمة كثيرة، مدارها كلها على الحكمة ...

أهم أحكام الصيام

(2/2)
- الحكمة من الصوم:

للصوم فوائد عظيمة كثيرة، مدارها كلها على الحكمة التي شرع الله تعالى لأجلها الصيام، وهي (التقوى)، والتي تتمثل بأداء ما أمرنا الله به، والكف عما نهانا عنه سبحانه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183]، و(لَعَلَّ) هنا للتعليل، أي: لأجل أن تتقوا الله، فتتركوا ما حرّم الله، وتقوموا بما أوجب الله.

- حكم تارك الصوم:

من ترك الصوم في رمضان لعذر فلا شيء عليه، كمن تركه لمرض أو سفر أو غير ذلك من الأعذار.
أما من ترك صيام رمضان بلا عذر شرعي فيُنظر حاله، فإن كان تركه للصيام لشهوة طعام وشراب وجماع أو نحو ذلك وأنه كان مُقرّا بوجوب صيام رمضان وركنيّته في الإسلام، فهذا فاسق مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب.

أما من جحد وجوب الصوم -كأن قال مثلا: لا يوجد في الإسلام صيام رمضان- فهذا كافر بإجماع الفقهاء، لأن وجوب صوم رمضان معلوم من الدين بالضرورة، وهو ركن بُني عليه الإسلام، ومن جحده واستحل فطره فقد نقض أصل الدين.

- عقوبة المفطر من غير عذر:

يراد بالعقوبة هنا: الجزاء الدنيوي المترتب على من أفطر عمدا في رمضان من غير عذر شرعي.
وعقوبته متفرعة عن اعتقاده في حكم الصيام، فمن ترك صوم رمضان بلا عذر مع كونه لا يجحد وجوبه، فهذا يعاقب ويعزّر بالجلد أو بحبسه أو بما يراه الإمام من عقوبات رادعة له ولغيره، ومن ترك الصيام مع استحلاله لتركه فهذا مرتدّ يُستتاب من ردّته، فإن لم يتب، يُقتل ردةً بلا خلاف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إذا أفطر في رمضان مستحلّا لذلك، وهو عالم بتحريمه استحلالا له، وجب قتله، وإن كان فاسقا عوقب عن فطره في رمضان بحسب ما يراه الإمام» [مجموع الفتاوى].

- مستحبات الصوم:

مستحبات الصيام كثيرة، أهمها:
1. السحور، ويستحب تأخيره إلى قبيل طلوع الفجر.
2. الدعاء أثناء الصوم وعند الإفطار.
3. تعجيل الإفطار بعد غروب الشمس.
4. الإفطار على رطبات وترا، فإن لم يكن فعلى تمرات، وإلا فعلى ماء.
5. تفطير الصائمين.
6. الإكثار من النوافل كـ (قيام الليل بالتراويح والتهجد، وقراءة القرآن، والصدقة، والاعتكاف في المسجد... إلخ).
وغير ذلك من الطاعات الكثيرة.
مكروهات الصوم
1. المبالغة في المضمضة والاستنشاق.
2. إكثار الكلام بغير ذكر الله وبلا ضرورة.
3. تذوّق الطعام من غير حاجة.
4. الإكثار من الطعام والشراب عند الإفطار.
مباحات الصوم
1. تأخير اغتسال الجنب والحائض والنفساء (إذا طهرتا) إلى ما بعد الفجر.
2. بلع ما لا يمكن الاحتراز عنه كالريق وغبار الطريق ونحوهما.
3. تذوّق الطعام للحاجة (كطهو الطعام أو إطعام طفل).
4. شم الروائح (الطيب أو الطعام).
5. صب الماء على رأس الصائم وجسده، وكذلك النزول في الماء والانغماس فيه.
6. التداوي بما لا يصل إلى الجوف كزرق الإبرة (غير المغذية) في العضلة أو الوريد.

- مبطلات الصوم:

1. نقض شرط من شروط صحة الصيام، مثل ردة المسلم، وجنون العاقل، والحيض والنفاس للمرأة.
2. نقض ركن من أركانه، كمن تعمّد الأكل والشرب (أما إذا أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر)، والجماع وإنزال المني بتعمد (أما الاحتلام في نهار رمضان فلا يبطل الصوم).
3. تعمد إخراج القيء (أما إذا غلبه القيء فلا شيء عليه).
4. إخراج الدم بالحجامة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) [صحيح، رواه أبو داود وغيره].
وختاما، نسأل الله تعالى أن يتقبل منّا الصيام والقيام والجهاد وسائر الأعمال، وأن يعيد علينا شهر رمضان وقد فتحت لنا بغداد ودمشق، وفُكّت قيود الأسرى والأسيرات من سجون الطغاة...
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقالة:
أهم أحكام الصيام
...المزيد

من درر العلامة ابن القيم عن اتباع الهوى

من المواضيع التي تكلم عليها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه, وقد جمعتُ بفضل من الله وكرمه بعضًا مما ذكره ... المزيد

يوم الجمعة: صيامه, ساعة الإجابة فيه, زيارة القبور فيه

بعض الأمور المتعلقة بيوم الجمعة, جمعتها من مؤلفات العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع ... المزيد

{بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} (ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم) هكذا وصف النبي ...

{بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا}

(ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم) هكذا وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- نار الدنيا، هذه النار داهمت أمريكا في أبهى مدنها فأحرقتها وأدمت قلوب مترفيها فأبكتهم وشردتهم وأبادت ديارهم حتى وصفوها بـ "أهوال يوم القيامة" و "نهاية العالم" ووقفت "الدولة العظمى" بكل قواتها ومقدراتها عاجزة أمام قدرة الخالق سبحانه التي تجلت في نار الطهي والتخييم، فكيف بهم غدا وهم يحترقون في نار الجحيم!

وبينما اتّحدت الجاهلية المعاصرة بجيوشها وحكوماتها ودعاتها، على وصم التوحيد والجهاد بـ "التطرف الفكري" تحريفا وتشويها، واجتمعوا على حربه ومكافحته، سلط الله عليهم "التطرف المناخي" كما اصطلحوا على تسميته وتفسيره، ولا يظلم ربك أحدا.

على الأرض، امتدت ألسنة اللهب لتطال أبعد من القصور والبنيان، حيث تضررت بشدة "أسواق التأمين والإسكان" الربوية التي عجزت عن تأمين الخسائر التي بلغت عشرات المليارات في تقديرات ليست نهائية.

العجز الأمريكي أمام نار الطهي، بلغ حد الاستعانة بمئات السجناء للمشاركة فيما عجز عنه الطلقاء، واستنفرت فرق الجيش الأمريكي لضبط الأمن الذي ذرّته الرياح في الهواء، باختصار سقطت المنظومة الأمريكية الحكومية الأمنية في مناطق الحريق، وعمّ الرعب والفوضى الأرجاء، هذا مشهد مصغر للعجز الأمريكي أمام قدرة الخالق تعالى، وهو مشهد تقريبي لما قد تشهده الدول الصليبية المتغطرسة في حال داهمتها قوارع أكبر وأوسع، إنها رسالة إلهية مفادها: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ}.

هذا المشهد حيث الفوضى العارمة وفقدان السيطرة هو فرصة عملياتية ملهمة لشن هجمات أو الإعداد لها، حيث تنقدح أفكار لدى المجاهدين المنفردين حول مدى إمكانية التسبب بحريق مشابه؟ الأمر ممكن، كل ما عليك هو الخروج في "رحلة تخييم" إلى إحدى الغابات القريبة من الأحياء السكنية، ثم أضرم النار وانسحب بهدوء.

في الجانب الشرعي، امتنع الدعاة الحداثيون عن الإقرار بأن ما حل بأمريكا هو انتقام إلهي وعذاب أصابها كما أصاب الأمم الكافرة قبلها، بينما حسم "دعاة الإخوان" أمرهم هذه المرة ووصفوه بذلك وربطوا الانتقام الإلهي بجرح غزة، وقد كانوا من قبل يرفضون الربط بين القوارع التي تضرب أمريكا وأوروبا وبين الانتقام الإلهي للمسلمين المكلومين في العراق أو الشام أو خراسان وغيرها، ويمنعون الفرح بها، وكانوا يقولون كما يقول الممتنعون: إنها مجرد كوارث طبيعية لأسباب علمية لا تحتمل العقوبة أو البلاء أو التخويف!، إنها انتقائية فقهية حزبية تُطوّع الدين لأجل الحزب! وتتاجر بالآيات كما تتاجر بالجراحات!

وعلى كل فاضطرابات وتقلبات أهواء دعاة الإخوان والإرجاء، لا تقل عن اضطرابات وتقلبات المناخ، لكن بما أنهم أقروا بأنه انتقام إلهي عادل من أمريكا لغزة، ماذا لو نجح المجاهدون بافتعال هذه الحرائق في قادم الأيام؟! هل سيشاركوننا فرحة الانتقام أم سيصير "إرهابا" مخالفا لسماحة الإسلام؟!

الملحدون وأفراخهم من العقلانيين ينسبون هذه القوارع والكوارث دوما إلى التغيُّرات المناخية الحادة، ويفسرونها بتفسيرات جافة تخرجها عن قدرة الله وتدبيره، وكأن الطبيعة تتغير بأمر نفسها وتتحرك بتدبيرها لا بأمر خالقها ومدبرها سبحانه.

هذه الاضطرابات ناجمة عن الخلط بين المصائب التي تحل بالمسلم، وبين القوارع التي تضرب الأمم والأقوام، فالأولى لا سبيل للجزم أن ما أصاب فلانا بعينه هو عقوبة له أو ابتلاء، وقد يجتمعان أو يفترقان، وبينهما عموم وخصوص فكل عقوبة ابتلاء، وليس كل ابتلاء عقوبة بدليل أن أكثر الناس بلاء الأنبياء، ولا يُتصور أن بلاءهم عقوبة! بخلاف غيرهم من المؤمنين فقد يجتمع فيهم هذا وذاك، وقطعا بخلاف أحوال الكافرين الذين لا يتحقق في حقهم من هذه القوارع إلا العقاب أو التخويف الذي يرفض الحداثيون طرقه ويهمزونه بأنه "ثقافة وعظية تقليدية" لا تناسب المقام وتسيء إلى الإسلام!

وقد دلت النصوص الشرعية على استمرار وقوع القوارع والعقوبات في أمم الكفر إلى يوم القيامة لقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ}، قال ابن كثير: "أي: بسبب تكذيبهم، لا تزال القوارع تصيبهم في الدنيا، أو تصيب من حولهم ليتعظوا ويعتبروا".


◼ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 478
السنة السادسة عشرة - الخميس 16 رجب 1446 هـ

مقتطف من المقال الافتتاحي:
{بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا}
...المزيد

{بعذابٍ مّن عنده أو بأيدينا} في الجانب الشرعي، امتنع الدعاة الحداثيون عن الإقرار بأن ما حل ...

{بعذابٍ مّن عنده أو بأيدينا}

في الجانب الشرعي، امتنع الدعاة الحداثيون عن الإقرار بأن ما حل بأمريكا هو انتقام إلهي وعذاب أصابها كما أصاب الأمم الكافرة قبلها، بينما حسم "دعاة الإخوان" أمرهم هذه المرة ووصفوه بذلك وربطوا الانتقام الإلهي بجرح غزة، وقد كانوا من قبل يرفضون الربط بين القوارع التي تضرب أمريكا وأوروبا وبين الانتقام الإلهي للمسلمين المكلومين في العراق أو الشام أو خراسان وغيرها، ويمنعون الفرح بها، وكانوا يقولون كما يقول الممتنعون: إنها مجرد كوارث طبيعية لأسباب علمية لا تحتمل العقوبة أو البلاء أو التخويف!، إنها انتقائية فقهية حزبية تطوّع الدين لأجل الحزب! وتتاجر بالآيات كما تتاجر بالجراحات!

وعلى كل فاضطرابات وتقلبات أهواء دعاة الإخوان والإرجاء، لا تقل عن اضطرابات وتقلبات المناخ، لكن بما أنهم أقروا بأنه انتقام إلهي عادل من أمريكا لغزة، ماذا لو نجح المجاهدون بافتعال هذه الحرائق في قادم الأيام؟! هل سيشاركوننا فرحة الانتقام أم سيصير "إرهابا" مخالفا لسماحة الإسلام؟!

الملحدون وأفراخهم من العقلانيين ينسبون هذه القوارع والكوارث دوما إلى التغيّرات المناخية الحادة، ويفسرونها بتفسيرات جافة تخرجها عن قدرة الله وتدبيره، وكأن الطبيعة تتغير بأمر نفسها وتتحرك بتدبيرها لا بأمر خالقها ومدبرها سبحانه.

هذه الاضطرابات ناجمة عن الخلط بين المصائب التي تحل بالمسلم، وبين القوارع التي تضرب الأمم والأقوام، فالأولى لا سبيل للجزم أن ما أصاب فلانا بعينه هو عقوبة له أو ابتلاء، وقد يجتمعان أو يفترقان، وبينهما عموم وخصوص فكل عقوبة ابتلاء، وليس كل ابتلاء عقوبة بدليل أن أكثر الناس بلاء الأنبياء، ولا يتصور أن بلاءهم عقوبة! بخلاف غيرهم من المؤمنين فقد يجتمع فيهم هذا وذاك، وقطعا بخلاف أحوال الكافرين الذين لا يتحقق في حقهم من هذه القوارع إلا العقاب أو التخويف الذي يرفض الحداثيون طرقه ويهمزونه بأنه "ثقافة وعظية تقليدية" لا تناسب المقام وتسيء إلى الإسلام!

وقد دلت النصوص الشرعية على استمرار وقوع القوارع والعقوبات في أمم الكفر إلى يوم القيامة لقوله تعالى: {ولا يزال الّذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعةٌ أو تحلّ قريبًا مّن دارهم}، قال ابن كثير: "أي: بسبب تكذيبهم، لا تزال القوارع تصيبهم في الدنيا، أو تصيب من حولهم ليتعظوا ويعتبروا".

والمتأمل لأقوال أئمة التفسير من السلف كابن عباس وعكرمة وقتادة ومجاهد وابن جبير، يجد أنهم جمعوا في تفسيرهم لهذه القوارع بين تعذيب الكافرين بجنود السماء وجنود الأرض!، فالقارعة هي النكبة أو العذاب الذي يرسله الله على الكافرين، أو هي السرايا والغزوات التي تنزل بساحتهم فتعذبهم بأيدي المؤمنين، قلنا: وهذا هو الذي يعززه الواقع اليوم ونظيره قوله تعالى: {ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم اللّه بعذابٍ مّن عنده أو بأيدينا}، قال ابن كثير: "أي: ننتظر بكم هذا أو هذا، إما أن يصيبكم الله بقارعة من عنده أو بأيدينا، بسبي أو بقتل" أ.هـ. وهذا مستمر حتى يأتي وعد الله، بالنصر والفتح في الدنيا، أو الفوز الكبير يوم القيامة ولذلك ختم بقوله: {إنّ اللّه لا يخلف الميعاد}.

وقد ترد شبهة كيف تكون هذه القوارع التي تضرب الكافرين عقابا إلهيا عادلا وفيهم الأطفال ومن ليس منهم، فنقول إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو على أقوام من الكافرين بعينهم بالهلاك الذي لا يفرق بين الصغير والكبير، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أعدل وأرحم بالخلق منكم، بل قد يضرب البلاء قوما كافرين بينهم مسلمون، فيبعثون على نياتهم كما في حديث الخسف، وفيه إشارة إلى وجوب مفارقة الكافرين وعدم تكثير سوادهم، كما بين الإمام النووي في شرحه فقال: "أي يبعثون مختلفين على قدر نياتهم فيجازون بحسبها، وفي هذا الحديث من الفقه: التباعد من أهل الظلم والتحذير من مجالستهم ومجالسة البغاة ونحوهم من المبطلين لئلا يناله ما يعاقبون به، وفيه: أن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا". [شرح مسلم]

وإنما نتج الإشكال عند الناس من سيادة فقه الإرجاء الذي يساوي بين المؤمن والكافر عند القوارع والمصائب بحجة "الإنسانية" الجائرة التي صارت مرتكزا لكثير من هذه الفتاوى المائعة المنحرفة التي ينسفها حديث الخسف السابق وفهم السلف لا فهم الخوالف.

وهذه رسالة إلى نصارى أمريكا والعالم ندعوكم فيها إلى الإسلام قبل أن تطبق عليكم جنود الأرض وجنود السماء! فإن الإسلام هو الدين الحق وما سواه باطل لن يقبله الله تعالى!، ولذلك سينزل عيسى عليه السلام في آخر الزمان مخيّرا إياكم بين الإسلام أو القتل، وها نحن نقرع في مسامعكم هذه الدعوة قبل أن يأتيكم الموت من كل مكان {بعذابٍ مّن عنده أو بأيدينا}، فهذا وعد الله لنا، والله لا يخلف الميعاد.

◼ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 478
السنة السادسة عشرة - الخميس 16 رجب 1446 هـ

مقتطف من المقال الافتتاحي:
{بعذابٍ مّن عنده أو بأيدينا}
...المزيد

إحراق أموال الكافرين {مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ ...

إحراق أموال الكافرين

{مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5]

◾️ من طرق الإحراق

* إشعال عدة نيران في مواقع متقاربة لإحراق الغابات
* استخدام قنابل المولوتوف سهلة الصنع ورميها على الهدف
* استعمال طرق لإشعال الحرائق عن بعد بالوسائل المتوفرة بمؤقت أو غيره
* سكب مواد سريعة الاشتعال قرب مكان إشعال النار لضمان انتشارها بأسرع صورة ممكنة وعدم القدرة على السيطرة عليها

◾️ أهداف محتملة

* إحراق الأبنية العالية والمنازل الفارغة
* إحراق الغابات القريبة من المساكن خصوصاً في أوقات الجفاف
* إحراق المراكز التجارية والمستودعات ومحطات الوقود وغيرها من مصالح الكفار التجارية
* إتلاف أموال المرتدين بأنواعها من آليات أو منازل أو مزارع ومحلات تجارية وغيرها

◾️ فوائد الإحراق

* إتلاف أموال الكفار وإدخالهم في دوامة خسائر مالية كبيرة
* إجبارهم على زيادة الحراسة على كل شيء وخسائر إضافية لزيادة أنظمة إطفاء الحرائق
* إشعال الحرائق ممكن بوسائل وطرق مختلفة لا تحتاج إلى تدريب أو مواد ممنوعة أو مشتبه بها، والمجال فيها واسع
* نشر الذعر والهلع خاصة في التجمعات فالفوضى قد تقتل أكثر مما تفعل المفخخات


◼ المصدر: إنفوغرافيك صحيفة النبأ – العدد 478
السنة السادسة عشرة - الخميس 16 رجب 1446 هـ
...المزيد

الاستهزاء بالدين.. حكمه وبعض صوره [2/2] وقد يكون القول أو الفعل صريحا في الاستهزاء، وقد يكون ...

الاستهزاء بالدين.. حكمه وبعض صوره

[2/2]

وقد يكون القول أو الفعل صريحا في الاستهزاء، وقد يكون غير ذلك، فالاستهزاء الصريح الواضح البيِّن كُفْر، يحكم فيه بكفر من قاله أو فعله، أما القول أو الفعل غير الصريح الذي يحتمل أكثر من معنى، فيستوقف صاحبه على قصده ومراده، فإن كان قصده من قوله أو فعله -المحتمل- المعنى الكفري فهو كافر، وإن كان قصده غير ذلك، فلا.

وعندما عدّ الإمام محمد بن عبد الوهاب الاستهزاء ناقضا صريحا من نواقض الإسلام العشرة، فقال: «الناقض السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو ثوابه أو عقابه كفر»، قال في آخر رسالة النواقض: «ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره».

كما لا فرق في الحكم بكفر الساب والمستهزئ بين قاصد الكفر وعدم قاصده، فقد يتذرع بعض من يسب أو يستهزئ بأنه لم يقصد السب والاستهزاء.

والدليل أن الله تعالى كفّر من استهزأ بالصحابة -رضوان الله عليهم- في غزوة تبوك ولم يقبل منهم ادعاءهم أنهم لم يقصدوا الكفر بما قالوا.

قال شيخ الإسلام: «وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كُفْر، كَفَر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا، إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله» [الصارم المسلول].

وقال الشيخ سليمان آل الشيخ: «الذين قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء، يعنون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه القراء، لم يقولوها من حيث لم يقصدوا الكفر، ولم يختاروه، وإنما قالوه على وجه المزح واللعب، فرفع ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد ارتحل وركب ناقته، فقالوا: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق، فقال: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون» [الدرر السنية].

وقال في شرحه لكتاب التوحيد -مبينا مراد المؤلف بباب (من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول): «أجمع العلماء على كفر من فعل شيئا من ذلك، فمن استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفر ولو هازلا لم يقصد حقيقة الاستهزاء، إجماعا» [تيسير العزيز الحميد].

إذاً ما دام أمر السب والاستهزاء خطيرٌ خطير! فماالذي يجب على المسلم حيال السابين المستهزئين في دار الكفر؟

يجب عليه أولا أن يغضب لمحارم الله وينكر فعلهم ويمنعهم منه ويكفّرهم ويتبرّأ منهم، وقال صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [رواه مسلم].
ومن الإنكار الواجب قتل المستهزئ أو الساب إن لم يتب من ردته، بالأخص إن كان كفره مما لا تقبل توبته في أحكام الدنيا، كساب الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) [رواه البخاري]، وقتل هؤلاء من الجهاد في سبيل الله.

فإن لم يستطع ذلك، وجب عليه المفارقة فورا، امتثالا لقول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [سورة الأنعام: 68].

فإن لم ينكر، ولم يغير، ولم يفارق، فحكمه حكم المستهزئين السابين سواء بسواء، بنص قول الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [سورة النساء: 140].

قال ابن كثير في تفسيره: «أي إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله وينتقص بها، وأقررتموهم على ذلك، فقد شاركتموهم في الذي هم فيه»، إلى أن قال: «وقوله {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} أي: كما اشتركوا في الكفر، كذلك شارك الله بينهم في الخلود في نار جهنم».

هذا، وإن كان ثمة كلمة أخيرة، فنوجهها لمن وقعوا في شيء من هذا السب والاستهزاء، فنقول لهم:
توبوا إلى الله من ردتكم، وجددوا إسلامكم، وعظموا شعائر الله، ولا تستهينوا بحرماته، ذلكم خير لكم في الدنيا والآخرة.

واعلموا أن الضحك والمزاح والهزل والمرح -الذي هو أكبر سبب يدفعكم للاستهزاء- لن ينفعكم في شيء سوى إرضاء الشيطان والهوى وجلساء السوء، فإذا كان النبي، صلى الله عليه وسلم قال: (ويل للذي يحدث القوم ثم يكذب ليضحكهم، ويل له، ويل له) [حديث حسن، رواه أحمد وغيره]، وهذا في الكذب الذي هو معصية، فكيف بالاستهزاء الذي هو كفر؟!

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


◾ المصدر: صحيفة النبأ العدد 36
...المزيد

رمضان شهر الاجتهاد والطاعات والجهــــاد والفتـوحـــات فالجهادُ من الإيمان بل هو ذروة الإيمان ...

رمضان شهر الاجتهاد والطاعات
والجهــــاد والفتـوحـــات

فالجهادُ من الإيمان بل هو ذروة الإيمان وأعلاه، فلا يَفُتْكَ -يا رعاك اللَّه- حظُّك منه في هذا الشهر الكريم، ففي الصحيح عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: (انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يُخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي، أن أرجعه، بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أُقتل في سبيل الله، ثم أُحيا ثم أُقتل، ثم أُحيا ثم أُقتل).
قال ابن بطال: «انتدب اللَّه: يريد أوجب اللَّه وتفضّل لمن أخلص النية في جهاده أن ينجزه ما وعده» [شرح البخاري].

أنْعِمْ حياةً في الجهاد وفي الهدى
إنَّ الجهادَ مجامعُ الإيمانِ
فاحملْ سلاحكَ لا يغيبُ بريقهُ
إنَّ السلاحَ وسامة الفرسانِ
وارمِ بنفسك في النزال فإنما
لا تقصر الأعمار بالشجعانِ
شهرٌ كريمٌ قد أطلَّ صباحهُ
قد يرفسُ الخيرَ العظيمَ جبانِ

قال، صلى اللَّه عليه وسلم: (من خير معاش الناس لهم رجلٌ ممسكٌ عِنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل أو الموت مظانَّه) [رواه مسلم].
قال النووي: «أي مِنْ خير أحوال عيشهم رجلٌ ممسكٌ...» [شرح مسلم]، وقال القرطبي في «المفهم»: «أي مِنْ أشرف طرق المعاش: الجهاد».
فتأمل -رحمك اللَّه- قوله صلى اللَّه عليه وسلم: (يبتغي القتل)، بعد قوله: (من خير معاش الناس)، فإنّ ذلك يدل على أن الموت في سبيل اللَّه حياة -وإنْ كذبتْ نفسُك الأمّارة بالسوء وأثقلتْ عليك بالشهوات والشبهات- فقد قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [سورة آل عمران: 169].
فاحرص -أيها المجاهد- على الشهادة في هذا الشهر الكريم، وإيّاك إيّاك أن تَحسَب أن الشهادة لُقَطَة لا قيمة لها، بل هي كنز عظيم لا يناله إلا ذو حظ عظيم، ووسام شرف لا يناله إلا من ارتفع إلى درجة عالية.

ثم اعلم أن الطريق إلى الجنة لا مكان فيه للعاجزين الخائفين الجبناء، وإنما يسلكه الشجعان الشرفاء، شرفاء النفس والدين، الذين باعوا أنفسهم للَّه وفي سبيل اللَّه، فهو طريقُ جدٍّ واجتهاد وتعب ونَصَب، تُزهق فيه الأنفس ويَتلف فيه المال، كما أن الجهاد عزة ورفعة.

وإليك منقبة من مناقب أجدادك الكثيرة:

فقد طمع يوماً ملك الروم الصليبيين (أرمانوس) في هزيمة المسلمين على قلة رآها في العدد والعدّة، فجاء في مئتي ألف من الكفار لقتال السلطان (ألب أرسلان) فوصلوا إلى (ملاذ كرد) فبلغ السلطانَ كثرتُهم، وما عنده من الجنود سوى خمسة عشر ألف فارس، فصبَّحهم على الملتقى، فلما التقى الجمعان أرسل السلطان يطلب الهدنة، فقال له طاغيةُ الروم المغرور: لا هدنة إلا بالري (أي في عقر دار المسلمين)، فغضب السلطان ألب أرسلان، وجرى المصاف بين الجيشينِ يوم الجمعة والخطباء على المنابر، ونزل السلطان وعفَّر وجهه بالتراب وبكى وتضرَّع لمولاه ومَنْ بيده النصر، القادر على كل شيء، ثم ركب وحمل، وصدقوا اللَّه، فنزل النصر وقتلوا الروم كيف شاؤوا، وانهزم الصليبيون، وامتلأت الأرضُ بقتلاهم، وأُسر الطاغية (أرمانوس)، وأُحضر إلى السلطان فضربه ثلاث مقارع بيده، ثم فدى نفسه بألف وخمسمائة دينار وبكل أسير في مملكته.

أيها الأبطال، أيها الموحدون المجاهدون:

أنتم في شهر مبارك كريم، لكم من اللَّه فيه المعونة على أنفسكم وعدوكم، شرّفكم اللَّه بجهاد المرتدين والصليبيين، وقد تحمّلتم همّ إقامة الدين واستنقاذ المستضعفين المقهورين، فشدُّوا رحمكم اللَّه، فلقد قال أميرُ المؤمنين أبو عمر البغدادي كلمة عظيمة حين قال: «فيجب على كل مسلم قَدَرَ اللَّهَ حقَّ قدره وعظّم دينَ اللَّه وشرعَه أنْ يبذلَ نفسَه رخيصةً في سبيل اللَّه»، وقال عن السجون والأسرى مخاطباً الأمّهات: «ولكم علينا أن تَرَيْنَ دماءنا تسيل تحت أسوارها حتى تَرَيْنَ أهليكم أحراراً».

فالإخلاص الإخلاص، والجماعة الجماعة، والثبات الثبات، والحذر الحذر، والدعاء الدعاء، والتوكل التوكل يا جنود اللَّه، ودونكم أعداء اللَّه {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [سورة التوبة: 5]، فإنهم ظَلَمةٌ كفرةٌ معتدون، لا يرقبون في مؤمن إلَّاً ولا ذمة، ويسعون في الأرض فسادا، ويحبون أن تشيع الفاحشةُ في الذين آمنوا، وودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء، فلا حَلّ لهم إلا أن يُقتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف.


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
رمضان شهر الاجتهاد والطاعات
والجهــــاد والفتـوحـــات
...المزيد

أجيبوا بالله عليكم هل المجاهدون الصادقون المخلصون من تتنقل قادتهم وممثلوهم بين العواصم، ويحضرون ...

أجيبوا بالله عليكم

هل المجاهدون الصادقون المخلصون من تتنقل قادتهم وممثلوهم بين العواصم، ويحضرون المؤتمرات على أعين الطواغيت، وتفتح لهم الفنادق، ويتصدرون في الفضائيات، وتصلهم عبر المخابرات المساعدات؟

أهذا هو منهج الأنبياء؟
أهؤلاء هم المجاهدون؟!

* مقتبس من كلمة (لن يضروكم إلا أذى) للشيخ أبو محمد العدناني تقبله الله
...المزيد

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً