الأحدث إضافة

نصائح جامعة من أمير المؤمنين أبي بكر البغدادي تقبله الله فاسعوا للنصر مجتهدين باذلين، واطلبوا ...

نصائح جامعة من أمير المؤمنين أبي بكر البغدادي تقبله الله


فاسعوا للنصر مجتهدين باذلين، واطلبوا الشهادة صابرين محتسبين، وتوكلوا على من بيده ملكوت كل شيء، وارجوه العون والسداد والهداية والرشاد، وواصلوا المسير فهذا طريق الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، هجرة وقتال، دماء وأشلاء، ولا يهولنكم أو يغرنكم كثرة المنتكسين أو المخذلين والمخالفين.

والزموا غرز الجماعة، وإياكم والإختلاف على أمراءكم، وليحفظ كل امرئ منكم ثغره، ولا يؤتين الإسلام من قبله، فالطبيب والإعلامي والقاضي والدعوي والمحتسب والأمني والإداري كل في جهاد وجلاد وصبر واحتساب، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة


أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي تقبله الله
من الكلمة الصوتية: { وبشر الصابرين }
...المزيد

أهمية الهداية في حياة المجاهد بيّن -تعالى شأنه- أن الظالمين من عباده يحرمون من هدايته بمقدار ...

أهمية الهداية في حياة المجاهد

بيّن -تعالى شأنه- أن الظالمين من عباده يحرمون من هدايته بمقدار معصيتهم له، حتى إن خرجوا عن طاعته بالكلية، حُرموا من هدايته بالكلية أيضا، وهذا من أكبر عقوباته لمن عصاه في الدنيا، قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]، وقال سبحانه: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [المنافقون: 6]، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67].

فإذا علم المجاهد ذلك، نظر إلى حاله في كل حين، فإن وجد في نفسه نشاطا على الطاعات وتعلقا بالجهاد في سبيل الله ورغبة في الآخرة عن الدنيا، حمد الله تعالى أن يسّر له من العبادات ما يقوي به إيمانه، وأبعده عن معاصيه، وإن وجد في نفسه فتورا وانصرافا إلى الدنيا ورغبة فيها عن الآخرة، سأل الله تعالى لنفسه الهداية واستعان على ذلك بالطاعات الظاهرة والباطنة، وتاب من المعاصي، واستغفر الله من ذنبه، لعل الله تعالى أن يهديه إلى صراط مستقيم.


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [190]
"آمنوا بربهم وزدناهم هدى"
...المزيد

سنة الاستبدال { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا ...

سنة الاستبدال

{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }

ولقد رأينا مصداق هذا الأمر كثيرا في هذا الجهاد المبارك، إذ يبعث الله تعالى في كل حين طوائف من عباده تنصر دينه وتعمل لإقامته في الأرض، في الوقت الذي تزيغ فيه قلوب عباد مضى لهم في طريق الجهاد سنين، إما لشهوات دنيوية رانت على قلوبهم فأنستهم ذكر ربهم، فمكنوا الشيطان بذلك من أنفسهم، أو لشبهات دينية استولت على عقولهم حتى ضلوا بها عن سواء السبيل، والسعيد من أسعده الله بالثبات على الطريق من بعد الهداية إليه، حتى نيل الجائزة التي أعدها الله تعالى لمن ختم حياته بالسير عليه، جنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للمتقين.


• مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد [179]
"فسوف يأتي الله بقوم"
...المزيد

نهر الدم أقسم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في إحدى معاركه مع الفرس أن يجري النهر بدمائهم إن ...

نهر الدم


أقسم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في إحدى معاركه مع الفرس أن يجري النهر بدمائهم إن أمكنه الله من رقابهم، فتحقق قسمه -رضي الله عنه- في وقعة (أليس) في السنة الثانية عشرة للهجرة.

قال الطبري: "ولما أصاب خالد يوم الولجة من أصاب من بكر بن وائل من نصاراهم الذين أعانوا أهل فارس، غضب لهم نصارى قومهم، فكاتبوا الأعاجم وكاتبتهم الأعاجم، فاجتمعوا إلى أليس، وعليهم عبد الأسود العجلي، وكان أشد الناس على أولئك النصارى مسلمو بني عجل: عتيبة بن النهاس وسعيد بن مرة وفرات بن حيان والمثنى بن لاحق ومذعور ابن عدي، وكتب أردشير إلى (بهمن جاذويه) -وهو بـ (قسيانا)- أن سر حتى تقدم (أليس) بجيشك إلى من اجتمع بها من فارس ونصارى العرب، فقدَّم (بهمن جاذويه) (جابان) وأمره بالحث، وقال: كفكف نفسك وجندك من قتال القوم حتى ألحق بك إلا أن يعجلوك، ومضى (جابان) حتى أتى أليس، فنزل بها في صفر، واجتمعت إليه المسالح التي كانت بإزاء العرب".

واستطاع خالد -رضي الله عنه- أن يفاجئ الأعداء فهجم عليهم وهم يستعدون لتناول طعامهم، قال ابن كثير: "فبينما هم قد نصبوا لهم سماطا فيه طعام يريدون أكله، إذ غافلهم خالد بجيشه... ونفرت الأعاجم عن الطعام وقاموا إلى السلاح فاقتتلوا قتالا شديدا جدا، والمشركون يرقبون قدوم (بهمن) مددا من جهة الملك إليهم، فهم في قوة وشدة وكلب في القتال، وصبر المسلمون صبرا بليغا، وقال خالد: اللهم لك عليَّ إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحدا أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم. ثم إن الله -عز وجل- منح المسلمين أكتافهم فنادى منادي خالد: الأسر، الأسر، لا تقتلوا إلا من امتنع من الأسر، فأقبلت الخيول بهم أفواجا يساقون سوقا، وقد وكل بهم رجالا يضربون أعناقهم في النهر، ففعل ذلك بهم يوما وليلة ويطلبهم في الغد ومن بعد الغد، وكلما حضر منهم أحد ضُربت عنقه في النهر، وقد صرف ماء النهر إلى موضع آخر، فقال له بعض الأمراء: إن النهر لا يجري بدمائهم حتى ترسل الماء على الدم فيجري معه فتُبِرَّ بيمينك، فأرسله فسال النهر دما عبيطا، فلذلك سمي نهر الدم إلى اليوم، وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا".

وهذه هي قصة النهر الذي جرى بدماء المجوس، نسأل الله أن يجازي أحفادهم الرافضة بمثل ما جازاهم.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 125
الخميس 12 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

وهذا الفخ قد وقع فيه -للأسف- بعض من يحسنون الظن بأنفسهم، ممن استهواهم الشيطان ولبَّس عليهم، فصاروا ...

وهذا الفخ قد وقع فيه -للأسف- بعض من يحسنون الظن بأنفسهم، ممن استهواهم الشيطان ولبَّس عليهم، فصاروا يحسبون أي تحرك للجهاد في سبيل الله رعونة وتهورا وإهلاكا للنفس، ويسمُّون قعودهم عن الجهاد وتقاعسهم عن واجباتهم حكمة وحرصا، في الوقت الذي يسمِّي نفسه "خلية نائمة" للمجاهدين، وربما صدق في هذه فهو نائم حقا، وربما لن يستيقظ أبدا إلا أن يتغمده الله برحمته.

وبالتالي يجب على كل مجاهد في سبيل الله أن يعتبر نفسه "خلية عاملة" في جسد المجاهدين، فإن تطلب الأمر تحول إلى "خلية كامنة"، لا أن يكون "خلية نائمة" لا فائدة منها، بل هي حمل زائد على المجاهدين أحيانا تستهلك مواردهم دون تقديم فائدة مضافة إليهم.

• خلية آمنة لا خلية خطرة:

ومن كل ما سبق يمكننا اعتبار كل عنصر من عناصر العمل الجهادي، سواء كان فردا أو كيانا أو نوعا من التجهيزات والمعدات، بمثابة آلية لها وظيفة في المعركة، يجب الموازنة في تصميمها بين قدرتها على الحركة وأداء الوظيفة المطلوبة منها، وبين تكاليف تأمينها الضرورية للحفاظ عليها لتتمكن من أداء تلك الوظيفة.

وكلما كانت هذه الآلية معرضة لخطر أكبر أثناء أدائها لوظيفتها، تطلب الأمر تدريعها بشكل أفضل، وبذلك يتنوع التأثير على قدرتها على الحركة، أو أداء الوظائف المطلوبة منها، وبهذا يوازن القائد بين احتياجه إلى آلية سريعة الحركة مريحة للراكبين، ولكنها ضعيفة الحماية، وبين أن يزيد وسائل الحماية فيها، مع التضحية ببعض الإمكانيات الأخرى كالسرعة والراحة مثلا.

وهكذا نجد المشكلة المتعلقة باستثقال كثير من المجاهدين الحريصين على إنجاز أعمالهم بسرعة للإجراءات الأمنية، فهم يرونها معيقا لهم، تبطئ وتيرة العمل، وتحمله تكاليف إضافية يبخلون بها أحيانا، وتقصر مواردهم عن تأمينها في أحيان أخرى، ولذلك يتهاونون في هذا الجانب، ظانين أن ذلك من التوكل على الله، وهم واقعون غالبا في معصية أمرائهم، وتعريض أنفسهم وإخوانهم وعملهم للخطر، بسبب تهاونهم في الأخذ بأسباب الأمن.

ولا شك أنه كلما قلت تكاليف العمل الجهادي وتحسنت سرعة إنجازه فهذا أفضل، ولكن بدون أن يؤدي التركيز على هذا الجانب إلى إهمال سلامة العمل ككل، وتعريضه للفشل التام، بالتغافل عن المخاطر التي قد يتعرض لها، بتهديد العناصر التي تحقق أهدافه بمجموعها، إذ يمكن أن يؤدي تمكن العدو من تدمير أو تحييد أي من عناصره إلى تعطيل العمل الجهادي، بل وتدميره كليا إلى درجة تمنع من استعادة زخمه إلا بتكاليف عالية تفوق بكثير التكاليف التي كان يمكن بذلها على تأمينه.

فإذاً لا يكفي أن يكون المجاهد "خلية عاملة" في الجسد الجهادي، وإنما ينبغي أن يحصن نفسه ليكون "خلية عاملة آمنة"، يصعب على العدو تدميرها، أو النفاذ من خلالها إلى هذا الجسد، أو حتى تحويلها إلى خلية سرطانية مدمِّرة للجسد كله من داخله.

• اتقوا الله ما استطعتم:

فهذه الموازنة بين ضرورة العمل لإنجاز المطلوب، وضرورة حماية العمل والقائمين عليه من الأخطار المصاحبة لأعمالهم، هي من أهم الأسس التي ينبغي مراعاتها في وضع الإجراءات الأمنية، وتنفيذها، والأمر بالالتزام بها من قبل الأمراء والجنود على حد سواء.

ورأس الأمر -ولا شك- هو تقوى الله عز وجل، ومفتاحه قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} [التغابن: 16]، فالمجاهد يبذل أقصى ما يستطيع من جهد في إنجاز عمله، كما يتخذ أقصى ما بيده من إجراءات أمنية، ولا يفرط في كلا الأمرين بشيء، وفي النهاية يضع دائما في حسبانه قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، فكل ما في وسعه من الواجبات هو مكلف به، عاص لله بتركه، مستحق للوم والعقوبة، ومن قصَّر فليتب إلى الله تعالى، وليصلح عمله، ويسأل الله الإعانة على نجاح عمله، والوقاية من أذى أعدائه، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 125
الخميس 12 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - مقال: خذوا حذركم (2) تسهيل بلا تعطيل يمكننا تشبيه الإجراءات الأمنية ...

الدولة الإسلامية - مقال: خذوا حذركم (2)

تسهيل بلا تعطيل
يمكننا تشبيه الإجراءات الأمنية الوقائية، أو "الأمنيات"، بالدرع التقليدي الذي يُنصب للدبابة لوقاية الجنود داخلها وأجزائها الحساسة من القذائف المعادية.

ومعروف أن قدرة هذا الدرع على التصدي للقذائف ومنع أذاها من بلوغ العناصر التي نُصب الدرع لحمايتها تزداد كلما كانت مادته الأولية أكثر صلابة، أو كان أكثر سماكة، بحيث يتناسب مقدار السماكة المطلوبة عكسا مع صلابة المادة، فكلما كانت مادة الدرع أصلب احتيج إلى سماكة أقل من الدرع للقيام بالمطلوب، والعكس بالعكس.

وفي الوقت نفسه فإن مصمم الدبابة يجب أن يراعي الوظيفة الأساسية للدبابة وهي أن تدبَّ على الأرض، فتتحرك، ناقلة مدفعها والجنود داخلها في ساحة المعركة بحيث تحقق الفائدة المرجوة من صناعتها وتوظيفها في القتال، في الاقتراب من الأهداف المعادية بدرجة كافية لاستهدافها وتدميرها.

وبالتالي يجب عليه الموازنة بين قوة تصفيح الدبابة وقدرتها على الحركة والمناورة، إذ إن قوة التصفيح التقليدي تعتمد على سماكة الدرع بدرجة أولى، وهذه السماكة ترتبط بثقل مادة التصفيح، وبالتالي إذا أراد المصمم زيادة سماكة الدرع أخذ في حسابه الثقل الإضافي المركب على جسم الدبابة، وما يتطلبه ذلك من قوة إضافية ضرورية لدفعها، يجب تأمينها من خلال زيادة قوة محرك الدبابة، وإلا حولت زيادة ثقل الدرع بدون هذا الحساب إلى مجرد حصن ثابت قادر ربما على حماية الجنود من كل أنواع القذائف، ولكنه عاجز عن التحرك من مكانه، فهو مجرد موقع دفاعي لا أكثر.


• خلية عاملة لا خلية نائمة:

ومن هذا المنظار يمكننا النظر إلى أي عنصر من عناصر العمل الجهادي، فإن وظيفته الأساسية هي تحقيق الهدف المطلوب منه، وما السعي إلى تأمينه -من المنظور العملي- إلا لكي يستمر في أداء وظيفته، بالإضافة إلى كونه متعلقا بنفوس مسلمة وأموال للمسلمين يجب حفظها، وأما أن تؤدي زيادة إجراءات التأمين إلى تقييد قدرة العنصر على الحركة لإنجاز المطلوب منه، فإن هذه الإجراءات تتحول إلى أداة تعطيل للعمل الجهادي، بدل أن تكون أداة تسهيل له، من خلال حمايته مما قد يؤثر على نجاحه واستمراريته وقدرته على النمو.

ومن المعروف أن الجهاد كله قائم على تعريض النفس والمال للخطر، بالإضافة إلى ما يتطلبه من الجهد والمشقة الكبيرَين اللذَين لا يقوى عليهما إلا أولو العزم من المؤمنين المستعدّين لبذل ذلك كله في سبيل مرضاة ربهم، ولذلك كله جعل الله -تعالى- الجهاد ذروة سنام الإسلام، وفضَّل المجاهدين على القاعدين من المؤمنين، واختص من يُقتل منهم بمرتبة تأتي بعد مرتبة النبوة والصديقيّة، وهي الشهادة، وقد قال ابن القيم: "من تعبد ‏الله بمراغمة عدوه، فقد أخذ من ‏الصديقية بسهم وافر"، فقد يجمع المجاهد المرتبتين اللتين تليان مرتبة النبوة.

وبالتالي فإن من يراغم أعداءه الكافرين فلا بد أن يعرف يقينا أنه أصبح هدفا لهم، يستهدفونه ليثبطوه عن قتالهم، فإن أبى إلا طاعة ربه ومضى في جهاده أصبح هدفا للقتل أو الأسر أو الكسر أو البتر، وذلك لإخراجه من ساحة المعركة بينهم وبين أولياء الرحمن، أو للاستفادة منه في الإضرار بصف المجاهدين عن طريق تحصيل ما لديه من معلومات عنهم، أو حتى العمل على تجنيده بالترغيب أو الترهيب ليكون عنصر اختراق لصفوف المسلمين يعين المشركين عليهم.

ولهذا فإنه يجب على المجاهد في سبيل الله أن يضع نصب عينيه واجبَين أساسيَّين ينبغي عليه أداؤهما بشكل متزامن، أولاهما تحقيق أهداف الجهاد، وثانيهما تأمين صف المجاهدين من كل خطر قد يتعرض له، ومن ذلك تأمين نفسه، والمعلومات والموارد التي بحوزته، وإخوانه المرتبطين به، والعمل الذي يقوم عليه، فهذا مطلوب منه بالدرجة الأولى، فضلا عما يشمله من الواجبات التي تعم كل المجاهدين، بل وكل المسلمين أحيانا.

وإن كان تأمينه متعلقا بقيامه ببعض الإجراءات، فإن القيام بها يكون واجبا عليه، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولكن كما قلنا سابقا، فإن هذا الواجب الثانوي يجب أن لا يطغى على الجانب الأساسي المتمثل بنجاح العمل الجهادي في أداء وظائفه، أما أن تؤدي مساعي المجاهد إلى تأمين نفسه وعمله إلى قعوده عن الجهاد في سبيل الله، أو تعطيل الجهاد، فإن هذا فتنة وضلال، وإلا فما يعيق أكثر المسلمين اليوم من الجهاد إلا حرصهم على تأمين أنفسهم ومنافعهم من الأخطار الملازمة للجهاد في سبيل الله، إذ لا يمكن أن نعتبر تأمين هؤلاء القاعدين لأنفسهم نجاحا وفلاحا، بل هو فشل وخيبة لهم في الدنيا والآخرة، لأنه عطلهم عن القيام بواجب مفروض عليهم، يترتب على تركه عذاب في الآخرة، وذل وتسلط للكافرين عليهم في الدنيا.
...المزيد

• من الناس من يعبد الله على حرف: وهناك صنف من الناس ليسوا على يقين من صحة الطريق الذي يسلكونه ...

• من الناس من يعبد الله على حرف:

وهناك صنف من الناس ليسوا على يقين من صحة الطريق الذي يسلكونه لطلب مرضاة الله، وزيَّن لهم هواهم مقياساً خاطئاً لمعرفة الحق من الباطل، فإن أقبلت عليهم الدنيا بمتاعها وزخرفها قالوا إذن طريقنا الذي سلكناه صحيح وحق، وإن أصابتهم الفتن التي أخبر الله -عز وجل- بأنها ستصيب لا محالة كل من يقول آمنا بالله وبنبيه -صلى الله عليه وسلم- وبدين الإسلام، {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2]، استغرب هؤلاء من هذه الفتن واستنكروا أن تصيبهم وقرروا ترك طريق الاستقامة على دين الله، قائلين: لا طاقة لنا بهذه المصائب، مدعين أن هذه المحن تدل على عدم صحة الطريق الذي يسلكونه، فينقلبون راجعين مدبرين، وقد أخبر -تعالى- عنهم بقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11]، فهؤلاء كما يصورهم لنا القرآن يقفون في مكان خطير، وميزانهم غير شرعي بل تلعب به أهواؤهم، ولا فرق في الحكم عليهم بالضلال والخسران بين من ضل منهم على علم أو من ضل على جهل، والمصيبة التي أصابتهم كانت كبيرة بحيث خسروا بها الدنيا، وبنكوصهم وتراجعهم عن دينهم خسروا الآخرة أيضاً، فأي خسارة أبين من هذه؟ نسأل الله العافية في الدين والدنيا والآخرة.

• مثل لمن ضل على علم:

رجل أنعم الله عليه بنعمة العلم بآيات الله، ولكنه فتن بفتنة عظيمة من فتن الدنيا، بحيث إنه صار على مفترق طرق إما أن يختار التمسك بآيات الله فيخسر ذلك العرض الدنيوي، وإما أن ينسلخ من دينه اتباعاً لهواه، فأخلد إلى الأرض وركن إلى الدنيا مؤثراً لشهواتها على ما أعد الله للمتقين، فضرب الله له مثلاً بالكلب يظل لاهثاً سواءً أطاردته أم تركته، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 175 - 176]، فهذا رجل لم ينفعه علمه ولم يسعفه فهمه، بل أعمته شهوات الدنيا عن أن يطلب لنفسه المكانة الرفيعة عند ربه تعالى، وخطر هؤلاء الذين يضلون على علمٍ كبيرٌ، لأنهم يُضلون كثيراً من الناس وراءهم، إما بأن يدعوهم إلى الضلال الذي صاروا إليه، وإما أن يسنُّوا للناس سنة سيئة فيقتدي بهم أناس في ضلالهم، فيحمل ذلك العالم وزره وأوزار من أضلهم، وقد حذرنا الله –تعالى- من أنه لا يعذر من يتبع أئمة الضلال، وأنهم سيتبرأ بعضهم من بعض، ولا ينفعهم ذلك التبرؤ شيئاً، قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 166 - 167].
ولعلنا نقف وقفات أخرى مع الفتن والابتلاءات، نسأل الله العافية في ديننا ودنيانا، والحمد لله رب العالمين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 125
الخميس 12 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً