الفوائد (47)- أرض الفطرة

أرض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها، فإن غرست شجرة الإيمان والتقوى أورثت حلاوة الأبد، وإن غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر مرّ.

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (23)- إصلاح الخلل

ومضى نحو قرن ونصف من الحملات الصليبية، وأصبح الأمر أشد حرجًا، وصار بينا أن الحرب الصليبية توشك أن تؤوب بالإخفاق مرة أخرى. فانبعث منهم رجال يطلبون العلم والمعرفة في أرض الإسلام ما استطاعوا، في المشرق وفي الأندلس، وظهر رجال من طبقة "روجر بيكن" الإنجليزي، ممن شاموا العرب والعربية، وجاهدوا في التعلم جهاد المستميت بصبر ودأب، ليزيحوا عن أنفسهم وأهليهم غوائل الجهل. وهب رجال من الرهبان ذوي الحمية أحسوا بالخلل الواقع في الحياة المسيحية التي لم تحم رعاياهم من التساقط السهل في الإسلام على طول قرون، هبوا   لإصلاح هذا الخلل. فكان من أكبرهم رجل ذكي متوقد، جاهد جهادًا عظيمًا في سبيل دينه، أراد أن يزيل جهالة الرهبان والملوك، ويمكن لهم حجة مقنعة تحول بينهم وبين هذا الانبهار بالإسلام وثقافته وحضارته. ذلك الرجل هو "توما الإكويني" الإيطالي الكاثوليكي، وبذكائه وحميته وإخلاصه، استطاع أن يفهمه ويظفر به من كتاب الإسلام وعلمائه وفلاسفته ومتكلميه، كابن رشد وابن سينا وغيرهم، مريدًا بكل ذلك إصلاح الخلل الواقع في الحياة المسيحية. 

الفوائد (28)- للعبد ستر

للعبد ستر بينه وبين الله، وستر بينه وبين الناس، فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله، هتك الستر الذي بينه وبين الناس.

أسرار الصلاة (27)- أسرار الركوع

ثم شرع له بأن يخضع للمعبود سبحانه بالركوع خضوعاً لعظمة ربه، واستكانة لهيبته وتذللاً لعزته. فثناء  العبد على ربه في هذا الركن؛ هو أن يحني له صلبه، ويضع له قامته، وينكس له رأسه، ويحني له ظهره، ويكبره مُعظماً له، ناطقاً بتسبيحه، المقترن بتعظيمه.

فاجتمع له خضوع القلب، وخضوع الجوارح، وخضوع القول على أتم الأحوال، ويجتمع له في هذا الركن من الخضوع والتواضع والتعظيم والذكر ما يفرق به بين الخضوع لربه، والخضوع للعبيد بعضهم لبعض، فإنَّ الخضوع وصف العبد، والعظمة وصف الرب.

الفوائد (24)- تفريغ القلب مما يضاد الإيمان (2)

فكذلك القلب المشغول بمحبّة غير الله وإرادته، والشوق إليه والأنس به، لا يمكن شغله بمحبة الله وإرادته وحبه والشوق إلى لقائه إلا بتفريغه من تعلّقه بغيره، ولا حركة اللسان بذكره، والجوارح بخدمته إلا إذا فرغها من ذكر غيره وخدمته، فإذا امتلأ القلب بالشغل بالمخلوق، والعلوم التي لا تنفع، لم يبق فيها موضع للشغل بالله ومعرفة أسمائه وصفاته وأحكامه.

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (66)- النظر إلى أمر المستشرق (1)

فعندئذ يفضي بك النظر إلى أمر المستشرق، فهو حين ينظر إلى ثقافة أمة أخرى غير أمته، إنما ينظر فيها لأحد الأمرين: إما أن ينظر فيها ليكسب منها شيئًا لأمته وثقافته، وإما أن ينظر فيها ليناظر ويناقش. وكلا الأمرين حق لا ينازعه فيه منازع. وفي كلا الأمرين هو واقع في مأزق ضيق: مأزق اللغة ومأزق الثقافة. لا يستطيع أن يأخذ إلا على قدر ما فهم من لغة غريبة أصلًا عن لغته، ولا يستطيع أن يناقش إلا على قدر ما يتصور أنه استبانه وأدركه من ثقافة غريبة عن ثقافته. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (67)- النظر إلى أمر المستشرق (2)

ولكن المستشرق، وإن يكن قد فعل الأمرين جميعًا خدمة لأمته، فإنه قد جاء فدخل مدخلًا آخر من غير هذين البابين، ودخوله في الباب الثالث هو موضع النزاع بيننا وبينه، دخل لا مستفيدًا ولا مناقشًا، دخل باحثًا ودارسًا عليه طليسان العلم في ميدان المنهج وما قبل المنهج، وهو ميدان له شروط لازمة لا تختل. دخل في لغة هو فيها هجين كل الهجنة، وفي ثقافة هو غريب عنها كل الغربة. ودخوله هو عمل مستشنع فيي ذاته، لأنه اجتراء على دخول هذا الميدان بغير حقه، ولا يسمح بمثله في ثقافة أمته هو نفسه، لأنه لا يملك شيئًا ذا بال من مسوغاته. 

الفوائد (18)- {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ}

قال تعالى {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصّلت:53]، أي أن القرآن حق، فأخبر أنّه لا بد أن يريهم من آياته المشهودة ما يبيّن لهم أن آياته المتلوّة حق. ثم أخبر بكفاية شهادته على صحة خبره بما أقام من الدلائل والبراهين على صدق رسوله. فآياته شاهدة بصدقه، وهو شاهد بصدق رسوله بآياته، فهو الشاهد والمشهود له، وهو الدليل والمدلول عليه. فهو الدليل بنفسه على نفسه كما قال بعض العارفين: "كيف أطلب الدليل على ما هو دليل لي على كل شيء؟ فأي دليل طلبته عليه فوجوده أظهر منه". ولهذا قال الرسل لقومهم: {أَفِي اللَّهِ شَكّ} [إبراهيم:10]، فهو أعرف من كل معروف، وأبين من كل دليل. فالأشياء عُرفت به في الحقيقة وإن كان عُرف بها في النظر والاستدلال بأحكامه وأفعاله عليه. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (57)- اللغة والثقافة (2)

اللغة، هي التي تمهد له الطريق إلى الإحاطة بأسرار الثقافة، لأن أمر الإحاطة عندئذ منوط كله بالقدرة على تمحيص مفردات اللغة تمحيصًا دقيقًا، وتحليل تراكيبها وأجزاء تراكيبها بدقة متناهية، حتى يرى ما هو زيف جليًا واضحًا. ثم منوط أيضًا بالقدرة الفائقة على النظر في الثقافة على ترتيب مادتها بعد نفي زيفها وتمحيص جيدها، متحريًا وضع كل حقيقة من الحقائق في حق موضعها، لأن أخفى إساءة في وضع إحدى الحقائق في غير موضعها، خليق أن يشوه عمود الصورة تشويهًا بالغ القبح والشناعة.  

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (54)- نشأة المستشرق (2)

كيف يجوز في عقل عاقل أن تكون بعض سنوات قلائل كافية لطالب غريب عن اللغة، وهذه حاله، أن يصبح محيطًا بأسرار اللغة وأساليبها الظاهر والباطنة، وبعجائب تصاريفها التي تجمعت وتداخلت على مر القرون البعيدة في آدابها، وأن يصبح بين عشية وضحاها مؤهلًا للنزول في ميدان المنهج وما قبل المنهج، كيف؟ من أن هذا الشرط صعب عسير على الكثرة الكاثرة من أبناء هذه للغة أنفسهم! كيف يجوز لعقل عاقل؟ هذا، مع أنه أيضًا تعلمها تلقيًا من أعجمي مثله، ولم يخالط أهلها مخالطة طويلة متمادية تتيح له التلقي عنهم تلقيًا يبصره ببعض هذه الأسرار! غاية ما يمكن أن يحوزه المستشرق في 20 أو 30 سنة، وهو مقيم بين أهل لسانه، أن يكون عارفًا معرفة ما بهذه اللغة، وأحسن أحواله عندئذ أن يكون في منزلة طالب عربي في الـ14 من عمره! أي هو في طبقة العوام الذين لا يعتد بأقوالهم أحد في ميدان المنهج و ما قبل المنهج. هذا على أن اللغة نفسها هي وعاء الثقافة، فهما متداخلان، فمحال أن يكون محيطًا بأسرارها، دون أن يكون محيطًا بثقافتها إحاطة تؤهله للتمكن من اللغة، فمن أين يكون المستشرق مؤهلًا لنزول هذا الميدان؟! 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (46)- بصفتين لابد منهما

والمستشرقون المتبتلون، بلا شك عندهم، هم أهل خبرة بكل ما في دار الإسلام قديمًا، وما هو كائن فيها حديثًا، من دقيق العلوم عند خاصة المسلمين، إلى خفي أحوال المسلمين من عاداتهم ومعايشهم وطرائق أفكارهم وخصائص حياتهم، إلى علم وثيق شأن دولهم وأقاليمهم وبلدانهم التي تغطي أكبر رقعة من الأرض. فكل دارس منهم مأمون عند كل أوربي، مأمون على ما يقوله، مصدق فيما يقوله، في أمور لا سبيل لأحد منهم إلى معرفتها، لأنها تتعلق بأقوام لسانهم غير لسانهم، ولا يقوم بها إلا دارس صابر ذو معرفة بهذا اللسان الغريب، متصف بصفتين لابد منهما حتى يكون مصدقًا: الصفة الأولى: أن في قلبه كل الحمية التى أثارها الصراع ين المسيحية المحصورة في الشمال، وبين دار الإسلام الممتنعة على الاختراق على مدى عشرة قرون على الأقل، الصفة الثانية: أن في صميم قلبه كل ما تحمله قلوب خاصة الأوربين وعامتهم، وملوكهم وسوقتهم، من الأحلام البهيجة والأشواق الملتهبة إلى حيازة كل ما في دار الإسلام من كنوز العلم والثروة والرفاهية والحضارة. 

الصلاة

الصلاة فيها دفع مكروه وهو الفحشاء والمنكر، وفيها تحصيل محبوب وهو ذكر الله، وحصول هذا المحبوب أكبر من دفع ذلك المكروه (العبودية ص [99]). 

يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
29 ذو الحجة 1445
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً