محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (70)- ما بعد فتح القسطنطينية (1)
غبر ما غبر، ودخلت دار الإسلام في سنة لذيذة أورثتها نشوة النصر المؤزر، ودخلت أوربة كلها في عزيمة حاسمة لترد عن عرضها العار، وبلغ السيل الزبي، فكانت يقظة محسوسة في جانب، وغفوة لا تحس في جانب، وشال الميزان، وانطلقت الأساطيل الأوربية تطوق دار الإسلام من أطرافها البعيدة، فإذا دار الإسلام محصورة في الجنوب، بعد أن كانت حاصرة المسيحية في الشمال، وشيئًا فشيئًا فقدت دار الخلافة في القسطنطينية هيبتها وسيطرتها، وصارت لأوربة هيبة مرهوبة وسيطرة!
ابن قيم الجوزية
الفوائد (24)- تفريغ القلب مما يضاد الإيمان (2)
فكذلك القلب المشغول بمحبّة غير الله وإرادته، والشوق إليه والأنس به، لا يمكن شغله بمحبة الله وإرادته وحبه والشوق إلى لقائه إلا بتفريغه من تعلّقه بغيره، ولا حركة اللسان بذكره، والجوارح بخدمته إلا إذا فرغها من ذكر غيره وخدمته، فإذا امتلأ القلب بالشغل بالمخلوق، والعلوم التي لا تنفع، لم يبق فيها موضع للشغل بالله ومعرفة أسمائه وصفاته وأحكامه.
ابن قيم الجوزية
الفوائد (15)- الفاتحة وما تضمنته (3)
قوله {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]، يتضمّن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامة على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربه له كما لا سبيل له إلى عبادته إلا بمعونته، ولا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته.
ابن قيم الجوزية
الفوائد (8)- القيامة الصغرى والكبرى
أخبر عن القيامة الصغرى، وهي سكرة الموت، وأنها تجيء بالحق، وهو لقاؤه سبحانه وتعالى، والقدوم عليه، وعرض الروح عليه، والثواب والعقاب الذي تعجل لها قبل القيامة الكبرى. ثم ذكر القيامة الكبرى بقول: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيد} [ق:20]. ثم أخبر عن أحوال الخلق في هذا اليوم، وأن كل أحد يأتي الله سبحانه وتعالى ذلك اليوم ومعه سائق يسوقه، وشهيد يشهد عليه، وهذا غير شهادة جوارحه، وغير شهادة الأرض التي كان عليها له وعليه، وغير شهادة رسوله والمؤمنين. فإن الله سبحانه وتعالى يستشهد على العبد الحفظة والأنبياء والأمكنة التي عملوا عليها الخير والشر، والجلود التي عصوه بها، ولا يحكم بينهم بمجرّد علمه، وهو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين. ولهذا أخبر نبيه أنه يحكم بين الناس بما سمعه من إقرارهم، وشهادة البيّنة، لا بمجرّد علمه فكيف يسوغ لحاكم أن يحكم بمجرد علمه من غير بيّنة ولا إقرار؟
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (16)- واهتز العالم الأوربي
بطل عمل السلاح بالإخفاق واليأس، وخمدت الحروب تقريبًا بين الإسلام والصليبية نحو قرن ونصف قرن، ثم وقعت الواقعة! اكتسحت الأرض المسيحية في آسية في شمال الشام، ودخلت برمتها في حوزة الإسلام. وفي يوم الثلاثاء 20 من جمادي الأولى سنة 857هـ سقطت القسطنطينية عاصمة المسيحية، ودخلها محمد الفاتح بالتكبير والتهليل، وارتفع الآذان في طرف أوربة الشرقي. إذن، فقد وقعت الواقعة!! واهتز العالم الأوربي كله هزة عنيفة ممزوجة بالخزي والخوف والرعب والغضب والحقد.
ابن قيم الجوزية
أسرار الصلاة (23)- إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] انتظر جواب ربه له: "هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل"، وتأمل عبودية هاتين الكلمتين وحقوقهما، وميِّز الكلمة التي لله سبحانه وتعالى، والكلمة التي للعبد، وفِقهِ سرَّ كون إحداهما لله، والأخرى للعبد، وميِّز بين التوحيد الذي تقتضيه كلمة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، والتوحيد الذي تقتضيه كلمة {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وفِقهَ سرَّ كون هاتين الكلمتين في وسط السورة بين نوعي الثناء قبلهما، والدعاء بعدهما، وفِقه تقديم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} على {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (21)- الهمج الهامج
ثم جاء ما يبدد هذا اليأس.. هذه الجيوش الجرارة من الهمج الهامج تتدفق من قلب أوربة، تريد مرة آخرى اختراق العالم الإسلامي من شماله في الشام، ونشبت الحروب الصليبية التي ستستمر قرنين كاملين، في خلالها استولوا على جزء من أرض الشام، وأقام به بعضهم إقامة دائمة، وأنشأوا ممالك وخالطوا المسلمين مخالطة طويلة، وأحرزوا من كنوز العالم الإسلامي ثروة هائلة يستمتعون بها، وعرف الهمج الهامج ما لم يكن يعرف، وامتلأت قلوبهم شهوة ورغبة فيما فتنتهم به ديار الإسلام وحضارته. ويعود العائدون بعد كل حملة من الحملات الـ7 الصليبية إلى ديارهم وأهليهم ويتحدثوا بما رأوا، وينبهر السامعون ويتوقون إلى الرحلة والانضمام إلى كتائب المجاهدين الصلبيين لتحقيق آمالهم في الغنى والثروة والاستمتاع.
العدل والظلم
لا يُعلم العدل والظلم إلا بالعلم، فصار الدين كله: العلم والعدل وضد ذلك الظلم والجهل، قال الله تعالى {وَحَمَلَهَا ٱلْإِنسَـٰنُ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومًۭا جَهُولًۭا} [الأحزاب من الآية:72] (المستدرك [5/125]).
عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
القناعة بالحق
كثرة سماع الباطل تؤثر على القناعة بالحق، فقد حذّر الله نبيّه المعصوم صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال:
{ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ } [المائدة من الآية:49].
إبراهيم السكران
مقتبسات من كتاب رقائق القرآن
كثيرًا ما يرتبط في أذهاننا أن قوة النتائج مرتبطة بما يظهر من قوة الأسباب في مظاهرها وغطائها المادي، ولذلك تهفو النفوس لتعلق بالسبب. يقول ابن تيمية: "قوم ينظرون إلى جانب الأمر والنهي والعبادة والطاعة شاهدين لإلهية الرب سبحانه الذي أمروا أن يعبدوه، ولا ينظرون إلى جانب القضاء والقدر والتوكل والاستعانة، وهو حال كثير من المتفقهة والمتعبدة، فهم مع حسن قصدهم وتعظيمهم لحرمات الله ولشعائره يغلب عليهم الضعف والعجز والخذلان؛ لأن الاستعانة بالله والتوكل عليه واللجؤ إليه والدعاء له؛ هي التي تقوي العبد وتيسر عليه الأمور، ولهذا قال بعض السلف: من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله" (الفتاوى [32/10]).
أبو الفرج ابن الجوزي
الطريق إلى الله
اعلم أن الطريق الموصلة إلى الحق سبحانه ليست مما يُقطع بالأقدام، وإنما يُقطع بالقلوب. والشهوات العاجلة قُطاع الطريق
الفجر 00:00 | الظهر 00:00 | العصر 00:00 | المغرب 00:00 | العشاء 00:00 |