الفوائد (45)- تولد الطاعة ونموها وتزايدها

مثال تولد الطاعة ونموها وتزايدها، كمثل نواة غرستها، فصارت شجرة، ثم أثمرت فأكلت ثمرها، وغرست نواها، فكلما أثمر منها شيء، جنيت ثمره، وغرست نواه. وكذلك تداعي المعاصي، فليتدبّر اللبيب هذا المثال، فمن ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها.

الفوائد (33)- يخرج العارف من الدنيا

يخرج العارف من الدنيا ولم يقضي وطره من شيئين: بكاؤه على نفسه، وثناؤه على ربّه.

أسرار الصلاة (27)- أسرار الركوع

ثم شرع له بأن يخضع للمعبود سبحانه بالركوع خضوعاً لعظمة ربه، واستكانة لهيبته وتذللاً لعزته. فثناء  العبد على ربه في هذا الركن؛ هو أن يحني له صلبه، ويضع له قامته، وينكس له رأسه، ويحني له ظهره، ويكبره مُعظماً له، ناطقاً بتسبيحه، المقترن بتعظيمه.

فاجتمع له خضوع القلب، وخضوع الجوارح، وخضوع القول على أتم الأحوال، ويجتمع له في هذا الركن من الخضوع والتواضع والتعظيم والذكر ما يفرق به بين الخضوع لربه، والخضوع للعبيد بعضهم لبعض، فإنَّ الخضوع وصف العبد، والعظمة وصف الرب.

الفوائد (19)- حديث يزيل الهم والغم!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصاب عبدا هم ولا حزن، فقال اللهم: إني عبدك، وابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي وغمي، إلا أذهب الله همّه وغمّه، وأبدله مكانه فرحًا»، قالوا: "يا رسول الله أفلا نتعلمهن؟"، قال: «بلى، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن». فتضمّن هذا الحديث العظيم أمورًا من المعرفة والتوحيد والعبودية. منها أن الداعي به صدّر سؤاله بقوله: "إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك" وفي ذلك تملّق له واعتراف بأنه مملوكه وآبائه مماليكه، فتحت هذا الاعتراف: أني لا أغنى بي عنك طرفة عين، وليس لي من أعوذ به وألوذ به غير سيّدي الذي أنا عبده، وفي ضمن ذلك الاعتراف بأنه مربوب مدبّر مأمور منهي، إنما يتصرّف بحكم العبودية لا بحكم الاختيار لنفسه. فليس هذا في شأن العبد بل شأن الملوك والأحرار. 

الفوائد (14)- الفاتحة وما تضمنته (2)

فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور، وقد تضمنّتها سورة الفاتحة وانتظمتها أكمل انتظام. فإن قوله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 2-4]، يتضمّن الأصل الأول وهو معرفة الرب تعالى ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله. والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى، وهي اسم (الله والرب والرحمن). فاسم (الله) متضمّن لصفات الألوهيّة، واسم (الرب) متضمّن لصفات الربوبية، واسم (الرحمن) متضمن لصفات الإحسان والجود والبر. ومعاني أسمائه تدور على هذا. وقوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5]، يتضمّن معرفة الطريق الموصلة إليه، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبّه ويرضاه، واستعانته على عبادته. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (37)- المستشرقين

ومن يومئذ نشأت هذه الطبقة من الأوربيين الذي عرفوا فيما بعد باسم (المستشرقين) وهم أهم وأعظم طبقة تمخضت عنها اليقظة الأوربية، لأنهم جند المسيحية الشمالية، الذين وهبوا أنفسهم للجهاد الأكبر، ورضوا لأنفسهم أن يظلوا مغمورين في حياة بدأت تموج بالحركة والغنى والصيت الذائع، وحبسوا أنفسهم بين الجدران المخفية وراء أكداس من الكتب، مكتوبة بلسان غير لسان أممهم التي ينتمون إليها، وفي قلوبهم كل اللهيب الممض الذي في قلب أوربة، والذي أحدثته فجيعة سقوط القسطنطينية في حوزة الإسلام، ولكن لا هم لهم ليلًا ولا نهارًا إلا حيازة كنوز علم دار الإسلام بكل سبيل، تتوهج أفئدتهم نارًا أعتى من كل ما في قلوب رهبان الكنيسة، ولكنهم كانوا يملكون من القدرة الخارقة أن يخالطوا أهل الإسلام في ديارهم، وعلى وجوههم سيمياء البراءة واللين والتواضه وسامة طوية البشر.

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (38)- الاستعمار والتبشير

وبفضل هؤلاء المتبتلين المنقطعين عن زخرف الحياة الجديدة، وبفضلهم وحدهم، وبفضل ملاحظاتهم التي جمعوها من السياحة في دار الإسلام ومن الكتب، وبذلوها لملوك المسيحية الشمالية، نشأت طبقة الساسة الذين يعدون ما استطاعوا من عدة لرد غائلة الإسلام ثم قهره في عقر دياره، ولتحقيق الأحلام والأشواق التي كانت تخامر قلب كل أوربي، أن يظفر بكنوز الدنيا المدفونة في دار الإسلام وما وراء دار الإسلام، وهم الذي عرفوا فيما بعد باسم رجال (الاستعمار)، وبفضلهم وحدهم، وبفضل ملاحظاتهم التي زودوا بها رهبان الكنيسة، ثارت حمية الرهبان، ونشات الطائفة التي نذرت نفسها للجهاد في سبيل المسيحية، وللدخول في قلب العالم الإسلامي لكي تحول من تستطيع تحويله عن دينه إلى المللة المسيحية، وأن ينتهي الأمر إلى قهر الإسلام في عقر داره، هكذا ظنوا يومئذ وهذه الطائفة هي التي عرفت فيما بعد باسم رجال (التبشير). 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (34)- لسان العرب

كان كل مدد اليقظة مستجلبًا كله من علوم دار الإسلام، من العلم الحي في علمائه، ومن العلم المسطر في كتبه. والسبيل إلى ذلك في الأمرين جميعًا كان معرفة لسان العرب. ولن أقص عليك التاريخ الطويل، ولكن اعلم أن لسان العرب كان له السيادة المطلقة على العالم، قرونًا قبل ذلك طوالًا، وكانت المسيحية الشمالية مجاورة لهذا السلطان المطلق، ومصارعة لأهله صراعًا طويلة تارة، ومخالطة لهم بالتجارة والرحلة وغيرهما زمنًا طويلًا تارة أخرى، ولذلك كان هذا اللسان العربي معروفًا معرفة جيدة لطوائف من العامة والخاصة في ديار بيزنطة من ناحية، وفي قلب أوربة نفسها لمجاورتها الأندلس. 

أسرار الصلاة (33)- أسرار الجلوس بين السجدتين

ولما كان هذا الاعتدال محفوفاً بسجودين؛ سجود قبله، وسجود بعده، فينتقل من السجود إليه، ثم منه إلى السجود الآخر، كان له شأن، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل الجلوس بين السجدتين بقدر السجود يتضرع إلى ربه فيه، ويدعوه ويستغفره، ويسأله رحمته، وهدايته ورزقه وعافيته، وله ذوق خاص، وحال للقلب غير ذوق السجود وحالهن؛ فالعبد في هذا القعود يتمثَّل جاثياً بين يدي ربه، مُلقياً نفسه بين يديه، مُعتَذراً إليه مما جَناَه، راغباً إليه أن يغفر له ويرحمه، مستَعدياً له على نفسه الأمَّارة بالسوء.

أسرار الصلاة (32)- بنيت الصلاة على خمس

ولما بنيت الصلاة على خمس: القراءة والقيام والركوع والسجود والذكر، سمّيت باسم كل واحد من هذه الخمس: فسمّيت قياماً لقوله: {قُمِ ٱلَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًۭا} [المزمل:2]، وقراءة لقوله: {وَقُرْءَانَ ٱلْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْءَانَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًۭا} [الإسراء من الآية:78]، وسمّيت ركوعاً لقوله: {وَٱرْكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ‌ ٰكِعِينَ} [البقرة من الآية:43]، وسجوداً لقوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} [الحجر من الآية:98]، وذكراً لقوله: {فَٱسْعَوْا۟ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ} [الجمعة من الآية:9]. وأشرف أففعالها السجود، وأشرف أذكارها القراءة.

أسرار الصلاة (24)- إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (2)

أراد تقديم العبادة، وهي العمل، على الاستعانة، فالعبادة لله والاستعانة للعبد، فالله هو المعبود، وهوالمستعان على عبادته، فإياك نعبد؛ أي إياك أريد بعبادتي، وهو يتضمن العمل الصالح الخالص، والعلم النافع الدال على الله، معرفة ومحبة، وصدقاً وإخلاصاً، فالعبادة حق الرب تعالى على خلقه، والاستعانة تتضمن استعانة العبد بربه على جميع أموره، وهي القول المتضمن قسم العبد.

فكل عبادة لا تكون لله وبالله فهي باطلة مضمحلة، وكل استعانة لا تكون بالله وحده فهي خذلانٌ وذل. وتأمل علم ما ينفع العباد وما يدفع عنهم كل واحد من هاتين الكلمتين من الآفة المنافية للعبودية نفعاً ودفعاً وكيف تدخل العبد هاتان الكلمتان في صريح العبودية.

أسرار الصلاة (3)- ألوان العبودية

ولما امتحن الله سبحانه عبده بالشهوة وأشباهها من داخل فيه وخارج عنه، اقتضت تمام رحمته به وإحسانه إليه أن هيأ له مأدبة قد جمعت من جميع الألوان والتحف والتحف والخلع والعطايا، ودعاه إليها كل يوم خمس مرَّات، وجعل في كل لون من ألوان تلك المأدبة، لذة ومنفعة ومصلحة ووقار لهذا العبد، الذي قد دعاه إلى تلك المأدبة ليست في اللون الآخر، لتكمل لذة عبده في كل من ألوان العبودية ويُكرمه بكلِّ صنفٍ من أصناف الكرامة، ويكون كل فعل من أفعال تلك العبودية مُكفّرًا لمذموم كان يكرهه بإزائه، ويثيبه عليه نورًا خاصًا، فإن الصلاة نور وقوة في قلبه وجوارحه وسعة في رزقه، ومحبة في العباد له، وإن الملائكة لتفرح وكذلك بقاع الأرض، وجبالها  وأشجارها، وأنهارها تكون له نورا وثوابًا خاصًا يوم لقائه.

يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
14 ربيع الأول 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً