وصل الصفوف

منذ 2015-03-27
وصل الصفوف

إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قال عن وَصْلِ صفِّ الصلاة: «من وَصَلَ صفّا وصله الله» (الألباني؛ سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم: [743])، فإنّ وصْل صفوف الدعوة ورصّها أخطر بكثير -في حياة الأمة- من وصلِ صفٍّ - يطول أو يقصر- لصلاةِ جماعةٍ قليلة في ناحية من الأرض -على عظيم أهميته- لا يتضرر بقطعه إلا هم.

وذلك باعتبار الضرر أو النفع المتعديَّيْنِ إلى أكثر المسلمين.. بل إن الصلاةَ مدرسة كبرى، فيها تلخيصٌ بديع لشؤون المسلمين فرادى وجماعات، في قنوتهم لله تعالى وفي استوائهم أمامه سبحانه وتعالى، وفي اصطفافهم عنده، وفي تقديمهم لأَوْلاهم وأعْلَمِهِم بشأنها، واتِّباعهم له في طوعٍ ورضى، وفي تنبيهه إذا سها. وفي الخروج عن إمامته إذا وقع فيما يبطلها وغير ذلك.. فهي تربية على كل ذلك ودعوة إليه، بل علَّق اجتماع القلوب والوجوه بتسوية الصف،  وذلك لعلاقة الظاهر بالباطن، فكان  صلى الله عليه وسلم يقول: «لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم» (البخاري؛ برقم:[717]، ومسلم، برقم: [436]؛ في صحيحيهما).

وهذه الوحدة في الصف ليست بنشاز في حياة المسلم، بل نجدها أيضًا في مواطن أخرى، فمِن الصلاة؛ أول عمل مُمَنهج يبدأ به المسلم إسلامه، ويصطفُّ فيه مع جماعته.. إلى ذروة سنام الإسلام، حيث يؤمَر بتوحيد الصف ورصه، فهذه صفتهم في هذين الموطنين وهاتين العبادتين؛ في ذروة سنام الإسلام وفي عموده، وفيما بينهما كذلك.

وبِرَّصْ صفوف الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ووصلها وتسويتها توصيل كل الصفوف وفي شتى الميادين أيضاً، وتُرَصُّ أبنيتها وتشتدّ وتستوي. إن ظهور الاختلاف في صفوف الأمة على مرأى ومسمع الشانئ والضعيف أمر وراء مجرد وقوع الاختلاف، فانظر إلى ابن مسعود رضي الله عنه ينكر على عثمان رضي الله عنه إتمام الصلاة بمكة، ثم يصلي وراءه الأربع، فيقال له، تنكر ثم تصلي، فيقول: "الخلاف شر"، فظهور الخلاف بغير موجب، يتحول إلى صد عن سبيل الله لا إلى دعوة إلى الله وسبيله! وقليل هم في الأمة مفاتيح الخير بالنسبة إلى أكثر المسلمين حتى إن نسبتهم لتصل إلى نسبة الملح في الطعام. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، فطوبى لمن جعله الله مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر»، ومِن قبلُ قال عيسى عليه السلام: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم:30-31] وجعلني مباركا:أي نَفَّاعا للناس أينما حل وارتحل.. 

الهوى وأثره في الخلاف

موقف المسلم من الخلاف

الاختلاف المحمود

خطر الاختلاف في القرآن

جنة الدنيا - صلاة الجماعة

  • 1
  • 0
  • 2,878

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً