اصبروا وصابروا فإن الله يتولاكم يا أهل غزة

منذ 2024-09-17

إن اليهود يريدون إعادة أمجادهم المزعومة، وبناء هيكلهم المزعوم، يريدون إبادة المسلمين عن بكرة أبيهم، يريدون إبعاد هذه الأمة عن دينها وعقيدتها وكتاب ربِّها وسُنَّة نبيِّها عليه الصلاة والسلام.

اصبروا وصابروا فإن الله يتولاكم يا أهل غزة

المقدمة:

عباد الله، إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا لجراحك يا غزة لمحزونون.

 

أيها المسلمون، في ظل أحداث مترامية، وأوضاع دامية، اعتدى فيها العدوُّ الصهيوني الغاشم، وحشد جنوده وعتاده على أبناء الإسلام في فلسطين، وعلى وجه الخصوص أبناء غزَّة العزة، عودة إلى الأحداث، وما يجري وما يحصل في أرض الإسلام، وفي غزة الصابرة، المجاهدة، وما حصل ويحصل للمؤمنين والمؤمنات، والأبناء والبنات، من صنوف التنكيل، والقتل، وسفك الدماء.

 

فصبرًا يا أهل غزة، فلا بُدَّ للوضع من علاج، وللشدة من انفراج {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41]، قال سبحانه: {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47].

 

أيها المسلمون، لقد مرت بقضية فلسطين وبيت المقدس والمسجد الأقصى، وغزة حلقات من الكيد والمكر والمؤامرة، والمزايدة، وذلك باحتلال تلك الأرض المباركة التي أصبحت ملكًا لكل مسلم مُوحِّد في مشارق الأرض ومغاربها منذ أن فتحها الفاروق عمر بن الخطاب "الخليفة الراشد" رضي الله عنه، ولكن أعداء الله من يهود ونصارى وملاحدة، ومن منافقين، ومن حاقدين، ومن أهل الضلال، كل هؤلاء تآمروا على مُقدَّساتنا، وعلى إسلامنا الصافي النقي.

 

كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه أجمعين.

 

أيها المسلمون، يجب على كل مسلم أن يعلم أن أرض فلسطين وبيت المقدس والمسجد الأقصى وغزة وكل شبر من تلك الأرض المباركة أنها ملك لكل المسلمين أجمعين، وكذلك على كل مسلم مُوحِّد أن يعلم أن اليهود والنصارى هم أعداؤه: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82].

 

فاليهود هم اليهود في الماضي والحاضر والمستقبل، سلسلة متصلة من اللوم والمكر والعناد، والبغي والشر والفساد، {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: 64].

 

أيها الناس، اقرؤوا التاريخ لتدركوا أن يهود الأمس سلف سيِّئ، ويهود اليوم خلف أسوأ، كفروا بنِعَم الله، محرفو الكلم عن مواضعه، عُبَّاد العجل، قتلة الأنبياء، ظلمة للضعفاء، مكذبو الرسالات والنبوءات، خصوم الدعوات على مر العصور والدهور، شذَّاذ الآفاق، عديمو الأخلاق، حثالة البشرية، وسقط الإنسانية {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 60].

 

فاليهود اليوم في غزة هم خلف أسلافهم؛ حيث خلت قلوبهم من الإنسانية، ولم يبق فيها إلا الأنانية، {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 13]، لا يعرفون رحمة ولا رأفة ولا شفقة.

 

أيها الناس، إن من يرى آثار الحرب في غزة، ليدرك أن اليهود رجس، لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمةً، افسدوا ودمروا، قتلوا وأبادوا، يتَّمُوا الأطفال، ورمَّلُوا النساء، هدموا المنازل والعمارات والبيوت على ساكنيها، روَّعوا الآمنين، وأخافوا الساكنين، أرهبوا وأرعبوا، فأي إرهاب بعد هذا الإرهاب.

 

أيها الناس، اليهود حلقات من الغدر والكيد والحقد، والخسة والدناءة والحسد، تطاولوا على مقام الربوبية والألوهية، فقالوا: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181] {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} [المائدة: 64] {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] {وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 43].

 

• لقد رموا الرسل بالعظائم، واتهموهم بالشناعات والجرائم، قتلوا من الأنبياء الكثير، وافتروا عليهم إفْكًا كبيرًا، آذوا موسى، وكفروا بعيسى، وقتلوا يحيى وزكريا، وحاولوا قتل نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، حيث حاولوا إلقاء الحجارة عليه، عملوا له السحر، ودسوا له السم، {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87].

 

أيها المسلمون، لقد عشعش الغدر والتخريب في عقول اليهود، وسرى الظلم والطغيان في عروقهم، فأبوا إلا الغدر والمكر والإيذاء، والفساد والعصيان والاعتداء، فاستحقوا الغضب واللعنة {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [المائدة: 78].

 

أيها المسلمون، الحديث طويل عن ذكر صفات اليهود، وجرائمهم، وأعمالهم الشنيعة، فالقرآن الكريم قد بيَّن ذلك بيانًا شافيًا وافيًا كافيًا {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37].

 

ولكن الخطاب هنا لعموم المسلمين أجمعين، وعلى وجه الخصوص للدول والزعامات، والحكومات، وأهل السلطة وأهل القرار، ومن يملكون الجيوش والسلاح، أين أنتم من مكر هذه الشرذمة الخبيثة وهم اليهود، هل اطلعتم على صفات اليهود وجرائمهم وأعمالهم الشنيعة التي أثبتها الله تعالى في كتابه الكريم، وكذلك وردت بعض صفاتهم في السنة النبوية، وكذلك أعمالهم وجرائمهم عبر التاريخ، لماذا لا نعتبر ونتَّعظ؟! لماذا الموالاة مع اليهود سرًّا أو جهرًا؟! لماذا التطبيع مع قتلة الأنبياء والرسل؟! لماذا المصالحة مع نقضة العهود والمواثيق عبر التاريخ؟!

 

اليهود هم اليهود عبر التاريخ {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120].

 

أيها المسلمون، إن هذه الأمة أمةٌ أبيَّةٌ، منصورة بإذن الله، ولكن يا للأسف، فقد جرى تنويمها وتخديرها بالشهوات، والشبهات، والملهيات، فلا تسأل عن الهجمة الشرسة من أعداء الإسلام الذين يتربَّصون بهذه الأمة وبدينها، وبأخلاقها، وبشبابها الدوائر، حيث عمل الأعداء على بثِّ سمومهم، وأفكارهم، وحضارتهم الزائفة في أوساط أبناء الإسلام، فشتَّتُوا المسلمين، ومَزَّقوا وحدتهم، وتآمروا على دينهم وعلى أخلاقهم، وبذلوا جهدهم في مسخ شباب الإسلام، وأوجدوا لهم أعوانًا من أبناء جلدتنا وممن يتكلمون بألسنتنا، فعاثوا في الأرض الفساد، فسادًا عقائديًّا، وفسادًا أخلاقيًّا، وفسادًا إعلاميًّا، فكان المخطط خطيرًا، وتم إغراق هذه الأمة بالملهيات، والشهوات، والشبهات، فلم تستيقظ هذه الأمة إلا على الدماء، والأشلاء، على أرض غزة.

 

أيها المسلمون، إن اليهود يريدون إعادة أمجادهم المزعومة، وبناء هيكلهم المزعوم، يريدون إبادة المسلمين عن بكرة أبيهم، يريدون إبعاد هذه الأمة عن دينها وعقيدتها وكتاب ربِّها وسُنَّة نبيِّها عليه الصلاة والسلام.

 

اليهود والنصارى وسائر أعداء الإسلام همهم وشغلهم كيف يشوِّهون الإسلام، وكيف يطعنون فيما جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام من الهدى والحق، وهذا ليس بخافٍ على كل مسلم مُوحِّد تابع لما جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام.

 

أيها الناس، فهل تفيق هذه الأمة من سباتها، وتتأمل قول الله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120].

 

إن أعداء الإسلام من يهود ونصارى وملاحدة ومنافقين وأهل الضلال كل هؤلاء جميعًا لن يرضوا عن أمة الإسلام، إلا أن تترك دينها وعقيدتها وكتاب ربِّها وسُنَّة نبيِّها؛ ولهذا نرى ونشاهد الحرب المشتعلة والمسعورة، على الخير وعلى التديُّن، وعلى الدين الحق الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه أجمعين، والحرب على الأجيال من قبل أعداء الإسلام قائمةٌ على قدم وساق، والتشويه للدين وحملته مستمرٌّ بكل الوسائل، كل ذلك الهدف منه أن تكون هذه الأمةُ أمةً ضائعةً، تائهةً، لا مكان لها، ولا قرار.

 

والأصل أن هذه الأمة هي أمةُ الحق والدين والتوحيد، أمة رسالتها رسالة حق وعدل ورحمة، أمة منهجها كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعلى ما كان عليه الصحابة الأخيار.

 

أيها المسلمون، اعتزُّوا بدينكم، وراجعوا تاريخكم تاريخ العز والفتوحات، تاريخ العدل والحق والهدى، تاريخ ناصع البياض.

 

أيها المسلمون، فالدين والكتاب والسنة ومقدساتنا أمانة في أعناقنا جميعًا.

 

أيها الناس، لنستعين بالله تعالى على أعدائنا، ولنُصحِّح ونُجدِّد نيَّاتنا، ولنتعرف أكثر وأكثر على أعداء الإسلام من يهود ونصارى وأمريكان وملاحدة، ومنافقين، وسائر أعداء الدين من أهل الشر والضلال، لكيلا نقع لقمةً سائغةً للأعداء.

 

عباد الله، هذه فلسطين وهذه غزة، أمانة في أعناقنا جميعًا، فلا نُضيِّعها، ولا نتركها.

 

لا يليق بنا نحن أهل الإسلام أن نسلم إخواننا في غزة لعصبة الضلال، ويهود البغي، قال رسول الله: "ما من امرئ مسلم يخذل مسلمًا في موطن تُنتهك فيه حرمته، ويُنتقَص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"؛ رواه البيهقي وحسَّنه الألباني.

 

أيها الناس، إن ما حلَّ ويحل بنا وبأُمَّتنا هو سبب لبُعْدنا عن ديننا وعن كلام ربِّنا وعن سنة نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك بتفرُّقنا واختلافنا، وكذلك بسبب موالاة بعض المسلمين لأعداء هذا الدين، وبسبب الأثرة والجشع والطمع وحب الدنيا، وبسبب ضياع تحكيم الشرع المطهر في أوساطنا، وبسبب محاربة الحق والخير، ومحاربة أهل الدين حملة مشاعل الحق والهدى ممن يسيرون على ما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعلى ما كان عليه الصحابة الأخيار ﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [النحل: 118]، فهل من عودة صادقة إلى الدين الحق الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين؟ وهل من نبذ للتفرُّق والاختلاف، وإعادة جمع كلمة أهل الإسلام على كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وإحياء روح العزة والكرامة في هذه الأمة، ونَشْر العلم كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام؟

 

ألا وصلُّوا وسلِّموا.

______________________________________________________
الكاتب: راجح محمد حسين الحنق

  • 5
  • 0
  • 846

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً