الصحابة رضي الله عنهم بين الإجلال والإخلال
منذ 2006-02-11
الصحابة هم أبرّ هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلّفا، وأقومها هديا، وأحسنها حالا، اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه، كما قاله ابن مسعود رضي الله عنه. فحبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة. وهم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام، روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل:{ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى } [النمل:59] قال: (أصحاب محمد ) وروى أحمد والطيالسي بإسناد حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ، فجعلهم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه). وإن من أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله به في قوله:{ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم } وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:{ لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه } فهم يترضون عن الصحابة جميعاً ولا يحملون غلاً في قلوبهم لا حد منهم كما هو حال الذين في قلوبهم مرض، لا يسبون أحد منهم ويكفون عما شجر بينهم من خلاف ويعتقدون أنهم جميعاً مجتهدون، فالمصيب منهم له أجران، والمخطأ له أجر واحد، وذنبه مغفور بفضل سابقته وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهم من الحسنات الماحية للسيئات الشيء الكثير قال الله تعالى في فضائلهم {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم أنه بهم رؤوف رحيم }.