رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (7)- لا يشوبه ذرو من الصدق!

قد بينت لك ما آستطعت طبيعة هذا الميدان، ميدان ما قبل المنهج، وطبيعة النازلين فيه، ثم المخاوف التي تهدد ما قبل المنهج بالتدمير والفساد حتى يصبح ركامًا من الأضاليل، وحتى تفسد الحياة الأدبية فسادًا يستعصى أحيانًا على البرء. ولا يغررك ما غرى به بعض المتشدقين المموهين: أن القاعدة الأساسية في منهج ديكارت، هي أن يتجرد الباحث من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل بحثه خالي الذهن خلوًا تامًا مما قبل، فإنه شيء لا أصل له، ويكاد يكون بهذه الصياغة كذبًا مصفي لا يشوبه ذرو من الصدق! هبه يستطيع أن يخلي ذهنه، أفمستطيع هو أيضًا أن يتجرد من سلطان اللغة التي غذي بها صغيرًا؟ أفمستطيع هو أن يتجرد من سطوة الثقافة التي جرت من مجرى لبان الأم من وليدها؟ أفمستطيع هو أن يتجرد كل متجرد من بطشة الأهواء التي تستكين ضارعة في أغوار النفس وفي كهوفها؟ 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (6)- طبيعة الميدان!

فهذا كما ترى، ميدان لا يطيق النزول في أرضه وبحقه، إلا ما أوتي حظًا وافرًا من البصر النافذ، والإخلاص المتجرد لطلب الحق وإدراكه. وبطبيعة هذه الميدان، تدخل نفس النازل في أرضه عاملًا حاسمًا في شطري ما قبل المنهج، تدخل أولًا عن طريق معرفة اللغة التي نشأ فيها صغيرًا، وتدخل ثانيًا من طريق الثقافة التي ارتضع لبانها يافعًا، وتدخل ثالثًا من طريق أهوائه ومنازعه التي يملك ضبطها أو لا يملكها بعد أن استوى رجلًا مبينًا عن نفسه. فهذا الثاث هو موضع المخافة، الذي يستوجب الحذر، ويقتضيك حسن التحري.

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (5)- آداب اللسان

أما آداب اللسان، فإن الناس لا يتحاجون إلى ما أسميته ما قبل المنهح إلا بعد أن تستوفى الآداب نموها عن طريق اللغة التي هي وعاء المعارف جميعًا، وبعد أن تستوفى أيضًا نموها عن طريق الثقافة التي هي ثمرة المعارف جميعًا، وبعد أن تستوفى حظًا من القوة والتماسك والشمول والغلبة على أصحاب هذه اللغة وهذه الثقافة، حتى يحتاج عندئذ إلى إعادة النظر المفصل بين تداخل أطرافها بعضها في بعض، طلبًا لتصحيح المسيرة، وطلبًا للوضوح، وطلبًا للنهج السوي والطريق المستقيم. 

الإبادة الثقافية

يندر أن يكون احتلال الأرض، وقتل سكانها، هدفاً خالصاً يقف عنده الغزاة، ويتأكد ذلك في حق الغزاة العقائديين الذي ينطلقون من معتقدات في أنفسهم وعن الآخرين. ولذلك فغالباً ما يتبع الاحتلال عمليات تغيير في الثقافة، وهذا التغيير إما سلمي يسانده حسن المعاملة، وطول الملازمة، وعامل الزمن، وإما قسري كما يحدثنا التاريخ؛ ونراه في الواقع المصاحب للعدوان الصليبي على أمتنا. ... المزيد

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (2)- المنهج الأدبي

ولكي لا تقع في الوهم والضلال، وكي لا يغرر بك أحد من المتشدقين من أهل زماننا هذا بالثرثرة، فاعلم أن حديثي هنا هو عن الذي يسمى "المنهج الأدبي" على وجه التحديد؛ أي: عن المنهج الذي يتناول الشعر والأدب بجميع أنواعه، والتاريخ، وعلم الدين بفروعه المخلتفة، والفلسلفة بمذاهبها المتضاربة، وكل ما هو صادر عن الإنسان إبانة عن نفسه وعن جماعته؛ أي يتناول ثقافتها المتكاملة المتحدرة إليه في تيار القرون المتطاولة والأجيال المتعاقبة. ووعاء ذلك كله ومستقره هو اللغة العربية واللسان لا غير.

الفن ضرورة

في الوسط الإسلامي دائرة الفن غائبة، لا يوجد فن إسلامي يحمل المفاهيم الكلية (الفلسفات الحاكمة، أو النموذج المعرفي، أو الإطار النظري) للجماهير ... المزيد

"تحدي الثلج" وثقافة التفاهة

أيقنتُ بعدها أننا أمة تعيش على ثقافة التقليد، وأصبحت سمةً وراثيةً لنا، تتغلب على كل الجينات التي نحملها، مورثين تلك السمة لأجيالٍ تحتاج منا إلى أن نكون قدوة. ... المزيد

أولادنا وأخطاؤنا التربوية (4)

إن تنظيم الوقت والتخطيط، والحرص على المتابعة والتنفيذ، إضافة إلى الشعور بالمسؤولية أمام الله أولًا، ثم أمام خلقه، والإحساس بأن القضية ليست فردية، وإنما مستقبل أمة وأجيال. ... المزيد

أولادنا وأخطاؤنا التربوية (3)

التربية في الأصل تهدف إلى رفعة الإنسان، وتنشئته وتنميته تنمية سامية، بحيث ينشا نشأة صالحة يرتقي فيها؛ فلا يهبط إلى مستوى الحيوانية البهيمية؛ وفي هذا تختلف الثقافات في تحقيق هذا الهدف السامي. ... المزيد

بيت الحكمة (أول أكاديمية علمية في التاريخ)

كان هارون الرشيد مغرماً بالعلم والمعرفة، لدرجة أنه كان يقبل الجزية كتباً! بدلاً من تقديمها على شكل أموال، وهذا يدلنا على مدى عناية الرشيد بالكتب وشغفه باقتنائها، ولا أدل على ولع الرشيد بالكتب غير أن عدد الكتب أيامه في بيت الحكمة بلغ المليون كتاب! ... المزيد

في آفاق التغيير (الأمن الثقافي)

هل نحن بحاجة لأنْ نُوصِد الأبواب، ونُعلي الأسوار أمام موجات الفكر الغربي، الذي أفرز في العقود الأخيرة مذاهب العدمية والعبثية واللاعقل واللاوعي؟ ... المزيد

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً