صحيفة النبأ العدد 74 - قصة شهيد: أبو أنس الأنصاري السيناوي (تقبله الله) من الذين تبوَّؤوا الدار ...

صحيفة النبأ العدد 74 - قصة شهيد:

أبو أنس الأنصاري السيناوي (تقبله الله)
من الذين تبوَّؤوا الدار والإيمان كما نحسبه

[1/2]

من المجاهدين الأنصار من إذا ذكرته تذكرت قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. يبذلون كل ما بأيديهم لنصرة دين الله، ويحبّون المهاجرين في سبيل الله، ويتقربون إلى الله بالإحسان إليهم والقيام على حوائجهم، ويسعون جهدهم في خدمة إخوانهم والنصح لهم، ومن هؤلاء السائرين على خطى أنصار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبو أنس الأنصاري السيناوي، تقبله الله، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

آوى ونصر بنفسه وماله، ولم يدَّخر شيئاً في سبيل نصرة هذا الدين، في زمن قلّ فيه النصير والمعين، في أشد أوقات الجهاد في سيناء تأزما ومخمصة، أيام الاستضعاف، وبقي على ذلك حتى إعلان البيعة لخليفة المسلمين، وتأسيس ولاية سيناء، لم يغير أو يبدل حتى لقي الله تعالى، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

عرف الحق والتزمه، وجرت عليه سنة الله في المؤمنين إذا قالوا آمنا، أن يبتليهم ويمحصهم، فدخل مدرسة يوسف، ولقي فيها من العذاب والنكال من الطواغيت ما الله به عليم، فلم تَفُتَّ في عضده قيود السجن حتى نجاه الله منه، لم يركن إلى الدنيا، بل ثبت على نصرته وجهاده حتى أتاه اليقين، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

• سيِّد قومه.. خادم إخوانه:

لما طُلب من المجاهدين ملء استمارات استبيان التخصصات والأعمال التي يمكن أن يؤدوها في جهادهم، كان أبو أنس الوحيد الذي طلب خدمة المهاجرين، ولم يكتبها غيره.

كان لكل الإخوة مهاجرين وأنصار أباً وأخاً أكبر، بعطفه وقيامه على شؤونهم، وأخاً أصغر لهم، بتواضعه وتذلُّلـه لهم، يأرز إليه كل الإخوة، من عرفه منهم ومن لم يعرفه، فقد كان لسانهم ويدهم، يتكلم عنهم ويقضي لهم ما يحتاجونه، حتى قال بعضهم بعد مقتله: أحسست باليُتم بعده.

إذا رأيته هبته، وإذا كلَّمته ألفته، وإذا خالطته أحببته، موطَّأ الأكناف، عالي الهمة، إذا رأيته بين قومه حسبته سيدهم، يأمر فيطاع ولا تُرَدُّ له كلمة، وإذا وجدته بين إخوانه وهو يقوم على شأنهم حسبته خادمهم، وهو من هو، فقد كان له قصب السبق، وله بين الأمراء حظوة لما له من رأي ومشورة.

ينظر في وجه أخيه ويعرف ما به دون أن يتكلم، بل قال أحد الإخوة المهاجرين: ناديته مرة على جهاز الاتصال لأطلب منه حاجة، فما إن رد قال: ما تطلبه هو في طريقه إليك، قال: وما يدريك ما أريد؟ قال له: "ابن بطني يعرف رطني"، وهي مقولة مشهورة، تقال كناية عن القرب بين الإخوان، أي كعلاقة الولد بأمه، وبالفعل أتى له بما كان يحتاج، فلقد كان سريع البديهة، حاد الذكاء، لماحا كيِّسا فَطنا، رحمه الله.

من أراد أن يتزوج استشاره، ولربما خطب له، ومن أراد بناء بيت ساعده، ومن شكى قلة المال أقرضه، أو سعى في توفير المال له، حتى لو اقترض هو لنفسه ليعطي أخاه، لا تكاد تجده مضيعاً لوقته، فيومه مزدحم بالأعمال التي جلها لخدمة الجهاد إلا ما يكون من نزر يسير لسد ضرورات حياته اليومية، ولحق بصف الجهاد كثير من المجاهدين بسبب دعوته، وما ذلك إلا لصدقه، نحسبه والله حسيبه.

وكان من حسن عشرته لإخوانه في سريته وهو أميرهم، أن ينام آخرهم ويستيقظ أولهم، يوقد النار في الأيام الباردة ليسخن ماء الوضوء لإخوانه، ويعد لهم الطعام، لا يكل ولا يمل.
مرة في الشتاء ومع قلة الغطاء، آثر ترك إخوته ينامون في الداخل، وذهب لينام في السيارة ويتغطى بغطاء خفيف لا يكاد يقي من البرد.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74 الافتتاحية: أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74
الافتتاحية:
أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا


• كما تتشابه صفات الطواغيت في كل وقت، فإنهم يتشابهون في معاملتهم لأهل التوحيد، وإن كانوا يتفاوتون في مدى إجرامهم، ومدى تنكيلهم بالمسلمين.

وقد ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم أمثلة عديدة من جرائم هؤلاء الطغاة التي اقترفوها ليصدّوا الناس عن دين الله، ويعبِّدوهم لأنفسهم من دون رب العالمين، كما في قصص أنبياء الله الأولين، نوحٍ وصالحٍ وهودٍ مع الملأ من أقوامهم، وإبراهيم مع الملك الكافر الظالم الذي رماه في النار، وأصحاب الأخدود مع الطاغية المتجبر قاتل الغلام، وفرعون ذي الأوتاد مع بني إسرائيل.
ووصف -جل جلاله- ما كان يُحلّه فرعون ببني إسرائيل من عذاب، بالبلاء العظيم، فقال مذكرا إياهم، وممتناً عليهم بإنجائهم منه: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [البقرة: 49].

وقد كان هذا العذاب الذي صُبَّ على بني إسرائيل، قبل بعثة موسى -عليه السلام- فيهم، فلما آمنوا به واتبعوه، وأغضبوا الطاغية المتجبر عليهم بذلك، لم يكن بيد عدو الله مزيد من عذاب فيصبه عليهم ويفتنهم به عن دينهم، قال تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127]، ولذلك قال أهل الإيمان من بني إسرائيل لرسول الله لما دعاهم إلى الاستعانة بالله والصبر على أذى فرعون لهم: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129].

واليوم تشتد فتنة المشركين من الصليبيين والمرتدين على أهل الإيمان في الدولة الإسلامية، وكلما طال على أعداء الله الأمد، وازدادت عليهم تكاليف حملتهم على أهل الإيمان، دون أن يتمكنوا من حسم المعركة، وإزالة حكم الشريعة من الأرض، زادوا من بطشهم بأهل السنة، وحرصوا على إيقاع أكبر الأذى فيهم، ولا يفرقون في ذلك بين مجاهد في سبيل الله وقاعد عن الجهاد، ولا بين صغير وكبير، أو ذكر وأنثى، فكلهم في حساباتهم أعداء لهم، يستحقون القتل والعذاب، لأنهم خرجوا عن حكمهم الطاغوتي إلى حكم رب الأرباب.

ولا يزال الصليبيون يستَخْفون بأتباعهم، وأوليائهم المنافقين، فبعد كل جريمة يرتكبونها يخرجون ليلقوا باللائمة على أوليائهم، ليبعدوا عن أنفسهم التهمة، ويخدعوا السذج المغفلين أن معركتهم هي مع جنود الدولة الإسلامية فقط، وأنهم لا يتقصَّدون إيقاع العذاب بعامة المسلمين.

لذلك نجدهم كلما دَمَّروا مدينة من مدن المسلمين، ودفنوا أهلها تحت أنقاض بيوتهم، خرجوا على الإعلام كاذبين يتهمون حلفاءهم من الـ PKK المرتدين أو الروافض بأنهم أخطؤوا في توجيه طائراتهم، كما فعلوا في منبج والموصل وغيرها.

إن من يعرف الواقع ويرجع بالتاريخ قليلا أو كثيرا، يعلم يقينا أن جرائم المشركين والصليبيين بحق أهل الإسلام لم تنقص قبل إقامة الدولة الإسلامية عنها بعد قيامها، وأن جرائمهم بحق المسلمين خارج أراضي الدولة الإسلامية لا تقل عن تلك الواقعة على رعاياها، بل إن أي إحصائية لأعداد الضحايا تُثبت أن عدد من قُتل من أهالي الموصل على أيدي الصليبيين والروافض قبل قيام الخلافة هم عشرات أضعاف من قُتلوا منهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأن من قُتل على يد الطاغوت النصيري وحلفائه في مدن الشام التي يحكمها الصحوات المرتدون بالقوانين الجاهلية لا يقلون عمَّن قُتل من المسلمين الذين يعيشون تحت حكم الشريعة بالقصف الصليبي والنصيري في المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية.

والمسلم الذي يحيا تحت حكم الشريعة في الدولة الإسلامية يضع نصب عينيه دائما قول سلفه من المسلمين من أتباع موسى -عليه السلام- له: {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} [الأعراف: 129]، فيعلم أنه مُعرَّض لأذى المشركين ما دام على إسلامه، وأنه إن يؤذى وهو عزيز يقيم دين الله ويُحكِّم شريعته، خير له من أن يؤذى وهو ذليل مستكين تحت حكم الطواغيت، وليعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، والعاقبة للمتقين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ
...المزيد

إِمَاءُ اللهِ فِي بُيُوتِ اللهِ [3/3] محظورات في المساجد: ولا يجوز رفع الأصوات داخل ...

إِمَاءُ اللهِ فِي بُيُوتِ اللهِ

[3/3]
محظورات في المساجد:

ولا يجوز رفع الأصوات داخل المسجد باللَّغط في حق الرجال، وإنه في حق النساء أشد وأغلظ حرمة، عن السائب بن يزيد -رضي الله عنه- قال: كنت قائما في المسجد، فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، قال: من أنتما، أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ [رواه البخاري].
وإن بعض النساء اليوم -أصلحهن الله- لا يتورَّعن عن رفع أصواتهن، بل وقد تتعالى من بعضهن ضحكات وهنَّ في بيت الله تعالى، ولا يُلقين لهذه المخالفة الشرعية بالا، فلتحذر المسلمة من مغبة ذلك، مع جواز الكلام المباح، لحديث السائب بن يزيد -رضي الله عنه- السالف ذكره.

وإذا دخلت الأخت المسلمة المسجد ووجدت مصلى النساء مكتظا كأن تكون صلاة عيد أو جمعة فلا تتخطى رقابهن تريد أول الصفوف للوصول إلى صديقة لها أو قريبة، فعن عبد الله بن بُسر -رضي الله عنه- أن رجلا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: (اجلس فقد آذيت وآنيت) [رواه أبو داود وأحمد].

كما وعلى المسلمة الحذر من أمر ترتكبه بعض النسوة، ألا وهو البيع والشراء داخل المسجد، لأن المساجد لم تُبنَ لهذا الغرض، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا لا أربح الله تجارتك) [رواه ابن خزيمة والترمذي].

وكذلك من أضاعت شيئا وجاءت تطلبه في المسجد، فيُسن لمن سمعتها تسأل عنه أن تدعو عليها؛ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من سمع رجلا ينشد ضالةً في المسجد، فليقل: لا ردَّها الله عليك، فإن المساجد لم تُبن لهذا) [رواه مسلم].

كما ويجوز للمسلمة الانضمام لحلقات حفظ القرآن وطلب العلم الشرعي في المساجد، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (... وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلَّا نزلت عليهم السَّكينة، وغشيَتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) [رواه مسلم].

وأما الحائض والنفساء فلا يجوز لها المكث في المسجد، ولكن يجوز لهن الخروج للعيدين إن كانت الصلاة في الفلاة، وإن هي أمنت التلويث، غير أنها لا تحضر الصلاة وتكتفي بسماع الخطبة والدعاء للمسلمين، فعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نُخرِجهن في الفطر والأضحى، العواتق والحيَّض وذوات الخدور، فأما الحُيَّض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت يا رسول الله! إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: (لتُلبِسْها أختُها من جلبابها) [متفق عليه].

وختاما على المسلمة أن تعلم أن المساجد بيوت الله وأحب البقاع إليه سبحانه، فلتحذر من أن ترتادها لتعصي الله فيها، بزينة تبدو، أو عطر يعصف، أو صوت يعلو، أو لغو أو لغط، وإن رأت منكرا فلتنصح أخواتها بلين ولا تنفّرهن، ولتتذكَّر أن أعرابيا بال في مسجد نبينا، فما عنَّفه، صلى الله عليه وسلم، وإنما علَّمه وبيَّن له خطأه بمنتهى اللين والرفق، هذا والله تعالى أعلى وأعلم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلِّم على سيد الأنبياء والمرسلين.


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 73

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إِمَاءُ اللهِ فِي بُيُوتِ اللهِ [2/3] سنن وآداب دخول المسجد: أما إذا دخلت المرأة المسجد ...

إِمَاءُ اللهِ فِي بُيُوتِ اللهِ

[2/3]

سنن وآداب دخول المسجد:

أما إذا دخلت المرأة المسجد فيُشرع لها أن تصلي ركعتين قبل أن تجلس، فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) [متفق عليه]، وأما إذا دخلت وأقيمت الفريضة فلا صلاة حينها إلا المكتوبة؛ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) [رواه مسلم].

وعلى المسلمة أن تلتمس آخر صف من صفوف النساء، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (خيرُ صفوف الرِّجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرُّها أولها) [رواه مسلم]، فنجد أن الشارع يحرص كل الحرص على إبعادها عن الرجال ويحول دونها والاختلاط بهم حتى في بيوت الله التي ما أُسست إلا للطاعة والعبادة.

ويُسن للمرأة التصفيق إذا نابها شيء في صلاتها، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء) [متفق عليه].

وأما كيفية التصفيق فقد اختلف الفقهاء حولها؛ فمنهم من قال تصفق المرأة بباطن كفيها، ومنهم من قال تصفِّق بظاهر يدها فوق باطن كفها، وقال بعض العلماء تصفق بإصبعين من يمينها فوق باطن شمالها.

أما إذا لم يكن هناك رجال فلا يضير المرأة أن تسبِّح كما فعلت أم المؤمنين عائشة مع أختها أسماء -رضي الله عنهما وعن أبيهما- في صلاة الكسوف، وإنما كان المحذور من التسبيح في حضرة الرجال خشية سماعهم صوتها وافتتانهم به.

وعلى النساء إذا انتهى الإمام من الصلاة أن يغادرن المسجد قبل الرجال؛ عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن النساء في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنَّ إذا سلَّمنَ من المكتوبة قمن، وثبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام الرجال. [رواه البخاري].


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 73

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إِمَاءُ اللهِ فِي بُيُوتِ اللهِ أَحْكَامٌ وآدَابٌ [1/3] إن كثيرا من المسلمات اليوم يحفظن ...

إِمَاءُ اللهِ فِي بُيُوتِ اللهِ

أَحْكَامٌ وآدَابٌ
[1/3]
إن كثيرا من المسلمات اليوم يحفظن حديث: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) الذي رواه الشيخان، ولكنَّ قليلات منهن من يفقهن أحكام المساجد وضوابط الخروج إليها والصلاة فيها، فإن كنت يا مسلمة خارجة إلى المسجد ولا بد، فإليك هذي السطور، علها تنفعك وتنأين بها عن المحظور.

الأصل في المرأة القرار في البيت:

اعلمي أختي المسلمة -وفقك الله لكل خير- أن الأصل في المرأة القرار في البيت، وأن صلاتك في بيتك أفضل من صلاتك في المسجد.

كما أن المتأمل في حديث نبينا، صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) يلحظ أنه -صلى الله عليه وسلم- عند نهيه عن منع النساء لم يرغّب في صلاة الجماعة لهن، ولم يذكر أفضالها كما كان شأنه مع الرجال وهو يرغبهم في الجماعة، بل نجده في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يردف النهي عن المنع بقوله: (وبيوتُهن خير لهن)، بل إن صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم؛ فعن أم حميد الساعدية أنها جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. قال: (قد علمتُ، وصلاتُك في بيتك خيرٌ لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجد الجماعة) [رواه أحمد].

ضوابط الخروج من البيت:

وإن على المرأة قبل خروجها من بيتها تريد المسجد أن تستأذن زوجها، ويحرُم على المرأة الذهاب إلى المسجد متعطِّرة متزيِّنة؛ فعن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليَخرجن وهن تَفِلات) [رواه أبو داود]، ومعنى تَفِلات أي غير متعطِّرات، وأخرج الإمام مسلم -رحمه الله- من حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما- قالت: قال لنا رسول الله، صلى اللّه عليه وسلم: (إذا شهِدَت إحداكن المسجد، فلا تمس طيباً).

وعن موسى بن يسار، قال: مرَّت بأبي هريرة امرأةٌ، وريحها تعصف، فقال لها: أين تريدين يا أَمة الجبار؟ قالت: إلى المسجد، قال: وتَطَيَّبْتِ؟ قالت: نعم، قال: فارجعي فاغتسلي، فإني سمعت النبي -صلي الله عليه وسلم- يقول: (لا يقبل الله من امرأة صلاة خرجت إلى المسجد وريحها تعصف، حتى ترجع فتغتسل) [أخرجه ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في الآداب]، هذا وتعطُّر المرأة عموما عند خروجها من بيتها حرام سواء كانت تريد المسجد أم غيره، ولا يجوز للمسلمة أن يجد ريحَها إلا زوجها ومحارمها.

وفي طريقها إلى المسجد تجتنب المرأة وسط الطريق وتلزم جوانبه؛ فعن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري، عن أبيه، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للنساء: (استأخرن، فإنه ليس لكن أن تَحْقُقنَ الطريق، عليكن بحافات الطريق)، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. [أخرجه أبو داود والطبراني].


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 73

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

قلت: وكلام أحمد في ذمه التقليد وإنكار تأليف كتب الرأي كثير مشهور. قوله: "عرفوا الإسناد" أي: ...

قلت: وكلام أحمد في ذمه التقليد وإنكار تأليف كتب الرأي كثير مشهور.

قوله: "عرفوا الإسناد" أي: إسناد الحديث، و"صحته" أي: صحة الإسناد، وصحته دليل على صحة الحديث.

قوله: "ويذهبون إلى رأي سفيان"، أي: الثوري الإمام الزاهد العابد الثقة الفقيه، وكان له أصحاب ومذهب مشهور، فانقطع.

ومراد أحمد الإنكار على من يعرف إسناد الحديث وصحته، ثم بعد ذلك يقلِّد سفيان أو غيره، ويعتذر بالأعذار الباطلة، إما بأن الأخذ بالحديث اجتهاد، والاجتهاد انقطع منذ زمان! وإما بأن هذا الإمام الذي قلدته أعلم مني، فهو لا يقول إلا بعلم، ولا يترك هذا الحديث مثلا إلا عن علم! وإما بأن ذلك اجتهاد، ويشترط في المجتهد أن يكون عالما بكتاب الله، عالما بسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وناسخ ذلك ومنسوخه، وصحيح السنة وسقيمها، عالما بوجوه الدلالات عالما بالعربية والنحو والأصول، ونحو ذلك من الشروط التي لعلها لا توجد تامة في أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- كما قاله المصنف.

فيقال له: هذا إن صح، فمرادهم بذلك المجتهد المطلق، أما أن يكون ذلك شرطا في جواز العمل بالكتاب والسنة، فكذب على الله وعلى رسوله، صلى الله عليه وسلم، وعلى أئمة العلماء، بل الفرض والحتم على المؤمن إذا بلغه كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وعلم معنى ذلك في أي شيء كان، أن يعمل به ولو خالفه من خالفه، فبذلك أمرنا ربنا، تبارك وتعالى، ونبينا، صلى الله عليه وسلم، وأجمع على ذلك العلماء قاطبة، إلا جهَّال المقلدين وجفاتهم ومثل هؤلاء ليسوا من أهل العلم، كما حكى الإجماع على أنهم ليسوا من أهل العلم، منهم أبو عمر بن عبد البر وغيره.
قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3].
وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54].

فشهد -تعالى- لمن أطاع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالهداية، وعند جفاة المقلدين أن من أطاعه -صلى الله عليه وسلم- ليس بمهتدٍ إنما المهتدي من عصاه وعدل عن أقواله، ورغب عن سنته إلى مذهب أو شيخ ونحو ذلك.

وقد وقع في هذا التقليد المحرَّم خلق كثير ممن يدعي العلم والمعرفة بالعلوم، ويصنف التصانيف في الحديث والسنن، ثم بعد ذلك تجده جامدا على أحد هذه المذاهب يرى الخروج عنها من العظائم.

وفي كلام أحمد إشارة إلى أن التقليد قبل بلوغ الحجة لا يُذم إنما المذموم المنكر الحرام: الإقامة على ذلك بعد بلوغ الحجة، نعم ويُنكِر الاعراضَ عن كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- والإقبالَ على تعلم الكتب المصنفة في الفقه استغناءً بها عن الكتاب والسنة، بل إن قرؤوا شيئا من كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، فإنما يقرؤون تبركا لا تعلما وتفقُّها، أو لكون بعض المُوقِفين وقف على من قرأ البخاري مثلا، فيقرؤونه لتحصيل الوظيفة لا لتحصيل الشريعة، فهؤلاء من أحق الناس بدخولهم في قول الله تعالى: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} [طه: 99 – 101].
وقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] إلى قوله: {وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} [طه: 127].

فإن قلت فماذا يجوز للإنسان من قراءة هذه الكتب المصنفة في المذاهب؟

قيل يجوز من ذلك قراءتها على سبيل الاستعانة بها على فهم الكتاب والسنة، وتصوير المسائل، فتكون من نوع الكتب الآلية، أما أن تكون هي المقدَّمة على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- الحاكمة بين الناس فيما اختلفوا فيه، المدعو إلى التحاكم إليها دون التحاكم إلى الله والرسول، صلى الله عليه وسلم، فلا ريب أن ذلك منافٍ للإيمان مضادٌ له، كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] فإذا كان التحاكم عند المشاجرة إليها دون الله ورسوله، ثم اذا قضى الله ورسوله أمرا وجدت الحرج في نفسك، وإن قضى أهل الكتاب بأمر لم تجد فيها حرجا، ثم إذا قضى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأمر لم تسلِّم له وإن قضوا بأمر سلمت له، فقد أقسم الله تعالى سبحانه -وهو أصدق القائلين- بأجلِّ مقسم به وهو نفسه -تبارك وتعالى- أنك لست بمؤمن والحالة هذه، وبعد ذلك فقد قال الله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَہُ} [القيامة: 14 - 16].


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 73

للمزيد من المقالات النافعة.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

قلت: وكلام أحمد في ذمه التقليد وإنكار تأليف كتب الرأي كثير مشهور. قوله: "عرفوا الإسناد" أي: ...

قلت: وكلام أحمد في ذمه التقليد وإنكار تأليف كتب الرأي كثير مشهور.

قوله: "عرفوا الإسناد" أي: إسناد الحديث، و"صحته" أي: صحة الإسناد، وصحته دليل على صحة الحديث.

قوله: "ويذهبون إلى رأي سفيان"، أي: الثوري الإمام الزاهد العابد الثقة الفقيه، وكان له أصحاب ومذهب مشهور، فانقطع.

ومراد أحمد الإنكار على من يعرف إسناد الحديث وصحته، ثم بعد ذلك يقلِّد سفيان أو غيره، ويعتذر بالأعذار الباطلة، إما بأن الأخذ بالحديث اجتهاد، والاجتهاد انقطع منذ زمان! وإما بأن هذا الإمام الذي قلدته أعلم مني، فهو لا يقول إلا بعلم، ولا يترك هذا الحديث مثلا إلا عن علم! وإما بأن ذلك اجتهاد، ويشترط في المجتهد أن يكون عالما بكتاب الله، عالما بسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وناسخ ذلك ومنسوخه، وصحيح السنة وسقيمها، عالما بوجوه الدلالات عالما بالعربية والنحو والأصول، ونحو ذلك من الشروط التي لعلها لا توجد تامة في أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- كما قاله المصنف.

فيقال له: هذا إن صح، فمرادهم بذلك المجتهد المطلق، أما أن يكون ذلك شرطا في جواز العمل بالكتاب والسنة، فكذب على الله وعلى رسوله، صلى الله عليه وسلم، وعلى أئمة العلماء، بل الفرض والحتم على المؤمن إذا بلغه كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وعلم معنى ذلك في أي شيء كان، أن يعمل به ولو خالفه من خالفه، فبذلك أمرنا ربنا، تبارك وتعالى، ونبينا، صلى الله عليه وسلم، وأجمع على ذلك العلماء قاطبة، إلا جهَّال المقلدين وجفاتهم ومثل هؤلاء ليسوا من أهل العلم، كما حكى الإجماع على أنهم ليسوا من أهل العلم، منهم أبو عمر بن عبد البر وغيره.
قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3].
وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54].

فشهد -تعالى- لمن أطاع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالهداية، وعند جفاة المقلدين أن من أطاعه -صلى الله عليه وسلم- ليس بمهتدٍ إنما المهتدي من عصاه وعدل عن أقواله، ورغب عن سنته إلى مذهب أو شيخ ونحو ذلك.

وقد وقع في هذا التقليد المحرَّم خلق كثير ممن يدعي العلم والمعرفة بالعلوم، ويصنف التصانيف في الحديث والسنن، ثم بعد ذلك تجده جامدا على أحد هذه المذاهب يرى الخروج عنها من العظائم.

وفي كلام أحمد إشارة إلى أن التقليد قبل بلوغ الحجة لا يُذم إنما المذموم المنكر الحرام: الإقامة على ذلك بعد بلوغ الحجة، نعم ويُنكِر الاعراضَ عن كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- والإقبالَ على تعلم الكتب المصنفة في الفقه استغناءً بها عن الكتاب والسنة، بل إن قرؤوا شيئا من كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، فإنما يقرؤون تبركا لا تعلما وتفقُّها، أو لكون بعض المُوقِفين وقف على من قرأ البخاري مثلا، فيقرؤونه لتحصيل الوظيفة لا لتحصيل الشريعة، فهؤلاء من أحق الناس بدخولهم في قول الله تعالى: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} [طه: 99 – 101].
وقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] إلى قوله: {وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} [طه: 127].

فإن قلت فماذا يجوز للإنسان من قراءة هذه الكتب المصنفة في المذاهب؟

قيل يجوز من ذلك قراءتها على سبيل الاستعانة بها على فهم الكتاب والسنة، وتصوير المسائل، فتكون من نوع الكتب الآلية، أما أن تكون هي المقدَّمة على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- الحاكمة بين الناس فيما اختلفوا فيه، المدعو إلى التحاكم إليها دون التحاكم إلى الله والرسول، صلى الله عليه وسلم، فلا ريب أن ذلك منافٍ للإيمان مضادٌ له، كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] فإذا كان التحاكم عند المشاجرة إليها دون الله ورسوله، ثم اذا قضى الله ورسوله أمرا وجدت الحرج في نفسك، وإن قضى أهل الكتاب بأمر لم تجد فيها حرجا، ثم إذا قضى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأمر لم تسلِّم له وإن قضوا بأمر سلمت له، فقد أقسم الله تعالى سبحانه -وهو أصدق القائلين- بأجلِّ مقسم به وهو نفسه -تبارك وتعالى- أنك لست بمؤمن والحالة هذه، وبعد ذلك فقد قال الله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَہُ} [القيامة: 14 - 16].


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 73

للمزيد من المقالات النافعة.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ • قال الشيخ سليمان بن ...

اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ

• قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في كتابه (تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد) في باب (ومن أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرمه الله فقد اتخذهم أربابا من دون الله):

لما كانت الطاعة من أنواع العبادة بل هي العبادة، فإنها طاعة الله بامتثال ما أمر به على ألسنة رسله عليهم السلام، وأنه لا يطاع أحد من الخلق إلا حيث كانت طاعته مندرجة تحت طاعة الله، وإلا فلا تجب طاعة أحد من الخلق استقلالاـ
والمقصود هنا الطاعة الخاصة في تحريم الحلال أو تحليل الحرام، فمن أطاع مخلوقا في ذلك غير الرسول، صلى الله عليه وسلم، فإنه لا ينطق عن الهوى، فهو مشرك، كما بيَّنه الله -تعالى- في قوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ} أي: علماءهم، {وَرُهْبَانَهُمْ} أي: عبادهم {أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31]، وفسرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بطاعتهم في تحريم الحلال، وتحليل الحرام كما سيأتي في حديث عَدي.
فإن قيل قد قال الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] قيل: هم العلماء، وقيل هم الأمراء، وهما روايتان عن أحمد، قال ابن القيم: "والتحقيق أن الآية تعم الطائفتين"، قيل إنما تجب طاعتهم اذا أمروا بطاعة الله وطاعة رسوله، فكان العلماء مُبلِّغين لأمر الله وأمر رسوله، والأمراء منفِّذين له، فحينئذ تجب طاعتهم تَبعا لطاعة الله ورسوله، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف) [ رواه البخاري ومسلم]، وقال: (على المرء السمع والطاعة ما لم يُؤمر بالمعصية، فإذا أُمِر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) حديثان صحيحان، فليس في هذه الآية ما يخالف آية براءة.

وقال ابن عباس: "يوشك أن تَنزل عليكم حجارةٌ من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟".
قوله: "يوشك" بضم أوله وكسر الشين المعجمة، قال أبو السعادات: "أي يقرب ويدنو ويسرع".

وهذا الكلام قاله ابن عباس لمن ناظره في مُتعة الحج، وكان ابن عباس يأمر بها، فاحتج عليه المناظِر بنهي أبي بكر وعمر عنها، أي: وهما أعلم منك وأحق بالاتباع، فقال هذا الكلام الصادر عن محض الإيمان وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وإن خالفه من خالفه، كائنا من كان، كما قال الشافعي: "أجمع العلماء على أنَّ من استبانت له سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن له أن يدعها لقول أحد" [مدارج السالكين].

فإذا كان هذا كلام ابن عباس لمن عارضه بأبي بكر وعمر وهما هما، فماذا تظنه يقول لمن يعارض سنن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإمامه وصاحب مذهبه الذي ينتسب إليه؟! ويجعلُ قوله عيارا على الكتاب والسنة، فما وافقه قبِله وما خالفه ردَّه أو تأوَّله، فالله المستعان.

وما أحسن ما قال بعض المتأخرين:
فإن جاءهم فيه الدليل موافقا
لما كان للآبا إليه ذهاب
رضوه وإلا قيل هذا مؤول
ويركب للتأويل فيه صعاب

ولا ريب أن هذا داخل في قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية [التوبة: 31].

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وقال أحمد بن حنبل: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون الى رأي سفيان، والله -تعالى- يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63]، أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك". هذا الكلام من أحمد رواه عنه الفضل بن زياد وأبو طالب.

قال الفضل عن أحمد: "نظرت في المصحف فوجدت طاعة الرسول في ثلاثة وثلاثين موضعا، ثم جعل يتلو: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} الآية [النور: 63]، وجعل يكررها ويقول: وما الفتنة إلا الشرك، لعلَّه إذا أراد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيزيغ قلبُه، فيُهلِكه وجعل يتلو هذه الآية: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم} [النساء: 65]".

قال أبو طالب عن أحمد -وقيل له: إن قوما يدَعون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان- فقال: "أعجب لقوم سمعوا الحديث وعرفوا الإسناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره، قال الله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَة أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] وتدري ما الفتنة؟ الكفر، قال الله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217] فيدعون الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي" ذكر ذلك شيخ الإسلام.
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 73 الافتتاحية: ربيع الخلافة.. وخريف الثورات الجاهلية ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 73
الافتتاحية:

ربيع الخلافة.. وخريف الثورات الجاهلية

لا يكتفي أهل الباطل بالاقتصار على ما يقترفون، وإنما يسعون -غالبا- إلى تصوير باطلهم حقا، لينجوا من العقوبة والملامة، بل إنهم في كثير من الأحيان يُجهدون أنفسهم ليُسبغوا على هذا الباطل من الأوصاف الشرعية ما يجعله في أذهانهم من فضائل الأعمال.

ولما كان الجهاد ذروة سنام الإسلام، ومبعث فخر للمسلمين، فإنه قد انتسب إليه كثير من الأدعياء، وجرَّأهم على ذلك علماء السوء الأشقياء، مستندين في ذلك على المتشابهات، نابذين وراء ظهورهم القاطعات المحكمات، وخاصة في السنوات الأخيرة التي هاجت فيها الدنيا وماجت، في ظِل ما يحلو للبعض تسميته بـ "ثورات الربيع العربي".

فلا خلاف في أن الخروج على الحاكم الكافر وقتالَه بالسيف من أعظم القربات، وأفضل الأعمال، وأبرك الجهاد، بل ولا شك في أن أمرَ الحاكم المسلم بالمعروف إن تركه، ونهيَه باللسان عن المنكر إن ركبه، هو من الأعمال الصالحات، ولكن أن يَنسب كلُّ خارجٍ على حاكمٍ فِعْلَه للجهاد في سبيل الله، مهما كانت صفة هذا الحاكم، ومهما كانت غاية الخروج وصفته، فإن هذا من أعظم الكذب على الله سبحانه.

فالخروج على الحاكم الكافر يكون جهادا في سبيل الله إذا كانت الغاية من قتاله أن تكون كلمة الله هي العليا، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) [متفق عليه]، أما إن كان الخروج لاستبدال كفر بكفر، فهو كفر، ولا يختلف حكم فاعله عن حكم الطاغوت الذي خرج عليه وقاتَلَه، إذ كلاهما يرفع راية كفرية، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76].

وهكذا كان حال الكثيرين ممَّن خرجوا على الطواغيت الحاكمين لبلاد المسلمين، إذ لم يلبثوا أن أظهروا الموافقة على الكفر، بل ومطالبتهم به، من خلال رفعهم شعارات الديموقراطية التي لا تعني إلا منازعة الله في حكمه، ومطالبتهم بالدولة المدنية التي تُنحى فيها الشريعة، وتعلوها القوانين الوضعية الطاغوتية، ويستوي فيها المؤمنون والكافرون، والموحدون والمشركون، وذلك استرضاء للمشركين في الدول الصليبية، ومداهنة لهم، وخوفا من إغضابهم.

وبالتالي فإن الغايات الظاهرة المعلنة لكثير ممن خرج على الطواغيت كانت استبدال حكمهم الاستبدادي العسكري، بحكم لا يقل عنه كفرا، بل يزيد عليه ضررا بالتباس أمره على الناس، وعِظم فتنتِه عليهم، وهو الحكم الديموقراطي المدني، فوقع هؤلاء "الثوار" المطالبون بالديموقراطية في الكفر والشرك، رغم زعمهم في بداية الأمر أنهم ما خرجوا في المظاهرات، وعرَّضوا أنفسهم للقتل والأسر والتعذيب، ولا حملوا السلاح وقاتلوا جنود الطواغيت إلا ليقيموا بعد إسقاط الحكام الكافرين حكما إسلاميا على منهاج النبوة.

ولم تدَّخر الدولة الإسلامية جهدا منذ الأيام الأولى للمظاهرات التي خرجت ضد الطواغيت في دعوة الناس إلى أن يكون خروجهم في سبيل الله، صافي الراية، واضح الغاية، لإقامة دين الله في الأرض، لا منافسةً على ملك، أو نصرةً لعصبية، فضلا عن أن يكون لإقامة طاغوت مكان طاغوت، وإحلال شرك مكان شرك، وحذَّرتهم من أن يضيعوا جهودهم ويستنزفوا طاقاتهم في سلوك مناهج بدعية ضالة، أو ركوب مشاريع حمقاء مهلكة، كالسلميّة، واستجداء العون من المشركين.

وأتبعت القول بالعمل، فأظهرت للعالم كله -بفضل الله- كيف تُنكَّس راية الكفار، وتُسحق جيوش الطواغيت، ويقام دين رب العالمين، دون مداهنة للمشركين، أو استجداء للصليبيين، بل بتجريد التوحيد، وإبطال الشرك والتنديد، وموالاة المؤمنين، وفلق رؤوس الظالمين، فرزقها الله من بعد الوابل الصيّب ربيعا أزهر بإعادة الخلافة، وتحكيم الشريعة، وتوحيد الجماعة.

وعلى منهاجها فليسر كل باغ للوصول، وبجماعتها فليعتصم كلُّ حريص على السلامة، وبهدي النبوة الذي عملت به فليعمل كل من يروم ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.

وأما من خالف الحق الذي سارت عليه واتبع سبيل الضالين المضلين، فلم يجن من ثوراته الجاهلية إلا غضب الرحمن، وتسلط أهل الأوثان، فلا هو نال دنيا يرومها، ولا هو أبقى دينا ينجو به في آخرته، ثم لن تكون عاقبتهم إلا أن يلعنوا ثوراتهم التي قدَّسوها، ويعودوا ليركنوا من جديد إلى الطواغيت، والله لا يهدي القوم الظالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 73

للمزيد من المقالات النافعة.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491 المقال الافتتاحي: معركة الجمارك الأمريكية [2/2] إن ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491
المقال الافتتاحي:
معركة الجمارك الأمريكية

[2/2]
إن الكساد الذي يهدد الاقتصاد العالمي الربوي، لن يقتصر على أمريكا أو أوروبا، بل سيطال جميع الأنظمة والحكومات الطفيلية التي ربطت مصيرها بأمريكا وحلفها ودولارها، بل ستكون أزمتها أكبر من أزمة دولة الدولار نفسها! وستغدو عملة الدولار التي استخدمتها أمريكا في إخضاع وابتزاز الشركاء والأعداء، ستغدو أيقونة الأزمة الاقتصادية، وستنقلب لعنة ووبالا على عبادها البائعين أنفسهم بها.

لكن هذا لا يعني أن يتّكل المسلمون على ذلك، فليس بالضرورة أن يسقط هذا النظام الجاهلي غدا أو بعد غد، فقد تطول أو تقصر مدة بقائه وتربُّعه على عرش الحرب على الإسلام، وقد يسقط وينشأ بعده نظام أكثر حرابة.

وإنما المطلوب من المسلمين شرعا وواقعا، أن يعززوا نظام اقتصادهم بالصدقات كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء منهم، والمطلوب الاعتماد على الذهب قدر المستطاع، وهجر البنوك الربوية ومعاملاتها التي تفشّت في المجتمعات الجاهلية، كما عليهم وجوبًا مناصرة المجاهدين ومؤازرتهم والالتحاق بهم، لأنهم الطائفة التي سيجري الله على أيديها أقداره بهزيمة الكافرين وتدمير عروشهم.

لقد بات ثابتًا أنّ الاقتصاد الأمريكي وتبعًا له العالمي، يعيش أزمة مزمنة، كلما وضعوا خطة لعلاجه، انتكست حالته مجددا فعادوا من حيث بدأوا، فهم في الحقيقة من أزمة إلى أخرى، لأن الأساس الذي بنوا عليه اقتصادهم؛ أساس متصدع متداع يتضمن كل أسباب السقوط والانهيار، {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}.

ختاما، زعم الأهوج "ترامب" مرارا أنه انتصر في محاربة الجهاد، وبينما هو الآن منهمك في محاربة السيارات الألمانية والبضائع الصينية! ومقبل على المزيد من هذه المعارك التجارية؛ يبقى الجهاد المستفيد الأكبر من هذه المعارك التي اندلعت بين هذه الدول الكافرة، لأن جميعها عدو للجهاد الذي هو قدر الطائفة المنصورة إلى يوم الدين.


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 491
السنة السادسة عشرة - الخميس 19 شوال 1446 هـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491 المقال الافتتاحي: معركة الجمارك الأمريكية [1/2] بعد ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491
المقال الافتتاحي:
معركة الجمارك الأمريكية

[1/2]
بعد معركة "البيت البيضاوي" التي فتح فيها الطاغوت الأمريكي النار على أوروبا، ها هو يلقي في "حديقة الورود" قنبلة نووية على الاقتصاد العالمي بأسره! مستهدفًا حلفاءه قبل أعدائه! عبر فرض تعريفات جمركية خيالية، يريد من خلالها "إنقاذ" الاقتصاد الأمريكي من الغرق، مكرِّرًا بذلك سياسات أسلافه التي زادتهم رهقًا وغرقًا.

فما فعله "ترامب" ليس جديدا على عالم السياسات الأمريكية الفاشلة في علاج أزماتهم المزمنة، فقد سبقه وشابهه قانون "سموت هاولي" للتعريفات الجمركية الذي فرضه الطاغوت "هربرت هوفر" قبل نحو قرن لنفس الأسباب التي يتعلل بها "ترامب" اليوم، إلا أن ردود الفعل المضادة على تلك التعريفات، أحدثت العكس وزادت المركب الأمريكي غرقا، وهو ما يتكرر اليوم.

يبرر "ترامب" خطوته المتشنجة بأنها تهدف إلى تجاوز "العجز التجاري" الأمريكي وإحداث "توازن" مع الدول المنافسة، خصوصا الصين والاتحاد الأوروبي، عبر تطبيق سياسة "العين بالعين" أي المعاملة بالمثل.

المعاملة بالمثل ستدفع الدول المتضررة إلى تطبيق نفس السياسة مع أمريكا، وبالفعل، فالرد الصيني والأوروبي لم يتأخر وجاء قويا وموازيا، وهو ما يهيئ الفرصة لاندلاع مزيد من المعارك الاقتصادية المتبادلة بين أعداء الإسلام، وتعمُّقها وانتقالها إلى ميادين جديدة خارج الميدان الاقتصادي.

إن ما حدث هو بمثابة فرض "حواجز وقيود" على حرية التجارة التي كان الصليبيون يتفاخرون بها، وينظرون إليها رمزا لقوتهم ووحدتهم؛ بينما هم اليوم يفضّون وحدتهم بأموالهم، ويهدمون بيوتهم بأيديهم.

وبعيدا عن الغوص في تعقيدات الاقتصاد، تنطوي الخطوة الترامبية على مخاوف حقيقية من حدوث "ركود عالمي" غير مسبوق يضرب الاقتصاد العالمي، إلى حد دفع "خبراء الاقتصاد" الدوليين إلى التحذير من خطورة الخطوة واصفين إيّاها بـ "القنبلة النووية! والزلزال الاقتصادي!"

الزلزال الاقتصادي بالفعل بدأ يضرب الأسواق العالمية الربوية التي تقتات عليها الحكومات الكافرة التي تساق راغمة إلى مستقبلها الأسود المليء بالحروب والتصدعات السياسية والاقتصادية.

وإلى جانب التبعات الاقتصادية والسياسية، فإنّ للأزمة تبعات اجتماعية وخيمة على شعوب هذه الدول الصليبية، فارتفاع معدلات البطالة وتفشي الفقر كل ذلك سيؤدي حتما إلى تفشي جرائم القتل والسرقة وتجارة المخدرات والبشر، وستنشأ أجيال أمريكية أوروبية تمتهن الجريمة! وتقتل لكي تأكل! إننا نتحدث عن تفكك اجتماعي يفوق حد السيطرة والعلاج.

ولكي نقرّب الصورة أكثر، نستذكر ما حلّ بهذه الشعوب الصليبية إبّان "أزمة كورونا" وكيف ظهرت على حقيقتها الهمجية البهيمية في السرقة والنهب والاعتداء بحثا عن الطعام والمال، كان ذلك عينة صغيرة من التفكك الاجتماعي الناجم عن الأزمة الاقتصادية بفعل "الفيروس الصيني!"، بينما التفكك المتوقع حدوثه بفعل "الكساد الأمريكي" سيفوق كل الحدود.

في البعد الشرعي، فإنّ الأسباب التي أدت إلى خلخلة النظام الاقتصادي العالمي ممتدة متعددة نلخِّصها في أمرين اثنين، الأول: قيامه على الربا جملة وتفصيلا، والثاني: تورطه -بقيادة أمريكا- في سلاسل الحروب الصليبية باهظة التكلفة، والتي بلغت ذروتها في مرحلة "التحالف الدولي" الذي أنفق المليارات على حرب الدولة الإسلامية، بعد أن جرجرته إلى أكبر معركة استنزاف معاصرة، ولا أدلّ على ذلك من أنّ الخطوة التي اضطرت أمريكا لاتخاذها لتدارك الأمر؛ هي تعزيز السياسة الانسحابية من المنطقة، كي تقلل نفقاتها العسكرية وتُوفرها لعلاج أزماتها المتفاقمة خلف المحيطات.

وبذلك جمعت أمريكا ونظامها الدولي بين الأمرين الأمرّين الموجبين لحرب الله تعالى؛ فرابت، وأولياء الله عادت؛ فاستحقّت بذلك وعيد الله تعالى في الحديث القدسي: (مَن آذى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب)، كما استحقّت وعيده للمرابين في قوله سبحانه: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، قال ابن عباس: أي "استيقِنوا بحرب من الله ورسوله"، قال قتادة: "أوعدهم الله بالقتل كما تسمعون"، قال أبو جعفر: "هذه الأخبار تنبئ عن أنّ -الآية- إيذان من الله عز وجل لهم بالحرب والقتل" أهـ. كما قال سبحانه: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}، فالحرب والمحق والسحق هو وعد الله الذي ينتظر اقتصاد الكافرين ونظامهم الربوي، سواء حكمهم "ترامب" أو غيره، وسواء حكمهم اليسار أو يمينه، ومصير قارون وفرعون هو ما ينتظر الطاغوت الأمريكي وأمثاله، فكيف يفلح نظام هذا حاله ومآله؟!


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 491
السنة السادسة عشرة - الخميس 19 شوال 1446 هـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4) الرافضة الاثنا عشرية من إمامة ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4)
الرافضة الاثنا عشرية
من إمامة المعدوم.. إلى ولاية الطواغيت
[4/4]

- نظرية (نيابة الفقيه):

تمكن طواغيت (الأصوليين) من فتح باب الاجتهاد أمام أنفسهم، بكسرهم قفل (الإمامة الإلهية) الذي أغلق الباب عليهم، وحلِّهم للعقدة التي وضعها طواغيت (الإخباريين)، والمتعلقة بعدِّ كل علم غير علم الأنبياء والأئمة علما ظنِّيا، وعدم إجازتهم العمل به، فأخرجوا نظرية جديدة تقوم على أساس (النيابة العامة للفقهاء) عن المهدي، بناء على تأويل نص منسوب لأحد أئمتهم يجيز طاعة من يعرف أقوال آثارهم، فهم نواب للمهدي في هذا الباب لا أكثر، وهو (أي المهدي) يسددهم ويمنعهم من الخطأ، اعتمادا على نظرية (اللطف) الاعتزالية، بل هو يَظهر عند الضرورة لينقض إجماعهم على الخطأ بقول يلقيه بين أقوالهم من معلوم أو مجهول.

إلا أن الغالب في قضية التأصيل لنظرية (نيابة الفقيه) هو حل إشكالية استلام ضريبة (الخمس) التي فرضوا من خلالها اقتطاع خمس أموالهم وتأديتها لأئمتهم، إذ توقف أداؤها لفترة طويلة لغياب الإمام، فما كان أمام طواغيت الرافضة سوى أن يفتحوا الباب لأنفسهم لأخذ هذه الأموال من الناس، بدعوى الاحتفاظ بها في خزائنهم وتأديتها لمهديِّهم عند خروجه، أو نيابته في التصرِّف فيها وإنفاقها على آل البيت، زعموا، وفي سبيل نشر دينهم، وتقوية أتباعهم، فلما فُتح باب النيابة عن الإمام الغائب في باب واحد هو (الخمس)، أجاز طواغيت الرافضة لأنفسهم النيابة عنه في الأبواب كلها تدريجيا، حتى قال أحد رواد هذا الاتجاه، وهو شيخهم الكركي: "إن الفقيه المأمون، الجامع لشرائط الفتوى، منصوب من قبل الإمام المهدي".

وهكذا بدأ طواغيت الرافضة يحلون محل أئمتهم، ويتشبهون بهم أكثر فأكثر، ويحتكرون لأنفسهم ما حصروه بهم، من تشريع، واجتهاد، وقضاء، ورئاسة، فبدؤوا يستثمرون نظرية (نيابة الفقهاء) في الضغط على الحكام لأخذ الإجازة منهم بالحكم، وإلا كانوا طواغيت مشركين، فشابهوا بذلك ما كان يفعله "باباوات" النصارى في أزمنة ضعفهم من اشتراط إجازتهم لشرعنة حكم ملوك أوروبا، زاعمين النيابة في ذلك عن عيسى المسيح عليه السلام.

- من "نيابة الفقيه" إلى "ولاية الفقيه"..:

ربما تكون الدولة الصفوية أول الدول الرافضية التي مارس فيها طواغيت الرافضة سلطتهم نوابا للمهدي المزعوم، بأن جعل طهماسب بن إسماعيل الصفوي الحكم لأحدهم وهو الكركي، ليحكم بالنيابة عن المهدي، على أن يجيزه بإدارة شؤون بلاد فارس، فيكتسب بذلك شرعيّة في نظر الروافض الذين كان يسعى لاستمالتهم إلى صفِّه ضد أعدائه العثمانيين بشكل خاص، وكذلك في نظر جنوده وأنصاره من القزلباشية الصوفيين الباطنيين.

ولكن اشتراط هذه الإجازة للحكام من "نواب المهدي" لم يرسخ كقانون، نظرا لتهرب الملوك منها أولا، وللتنازع حول أصل نظرية "نيابة الفقهاء" مع (الإخباريين) الذين لم يستسلموا لإخوانهم (الأصوليين)، ولم يسلّموا لهم بتنصيبهم من قبل مهديِّهم، ورغم ذلك فقد استمر نفوذ طواغيت الروافض بازدياد بين أتباعهم، وبالتالي امتلكوا القوى التي يستطيعون من خلالها الضغط على الحكام، كما فعلوا مع سلاطين القاجاريين حتى نهاية حكمهم، ونظرا لاضطراب العلاقة بينهم وبين الحكام، فقد ظهر بين طواغيت الروافض اتجاه قوي يقول بوجوب أن تكون السلطة في أيديهم بشكل مباشر، ثم يفوِّضوا هم جزءا منها لمن يرون من الناس، بدل تقاسمها مع الحكام، فلا ينالوا منها غير الولاية على القضايا الدينية فحسب.

وهكذا وبعد أن ضاق الروافض وطواغيتهم ذرعا بنظرية (الإمامة الإلهية) وشروطها، ونظريات (الغيبة) و(الانتظار)، باتوا يجهرون بصوت خافت بالحاجة إلى إعادة النظر في هذه النظريات الباطلة، أو على الأقل إيجاد منافذ تسمح لهم بإقامة الدول والحكومات، والفصل في القضايا والمنازعات، وحراسة الثغور وإقامة الحدود، وجمع "الخمس"، والزكوات، وغير ذلك مما لا غنى لمجتمعاتهم عنه، فتطور لديهم القول بنظرية جديدة بنوا عليها آخر دولهم الطاغوتية بإذن الله، وهي دولة إيران الشركية التي تقاتلها دولة الإسلام اليوم، وهي نظرية "ولاية الفقيه".

وسنسعى -بإذن الله- في حلقة قادمة من هذه السلسلة إلى الحديث عن هذه النظرية، وواقعها اليوم في ظل تطبيقها من قبل طواغيت إيران، نسأل الله أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وأن يهدينا سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً