أمير ديوان الحسبة: قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه - صدر قرار بمنع استخدام أجهزة استقبال ...

أمير ديوان الحسبة:
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه


- صدر قرار بمنع استخدام أجهزة استقبال القنوات الفضائية في أراضي الدولة الإسلامية وأمر بإزالتها، فهل يمكن أن تبيّن لنا أهمية هذا القرار؟
الحمد لله العظيم الحليم، الذي أحلّ لعباده الطيّبات وحرّم عليهم الخبائث، والصلاة والسلام على من أنزل الله عليه القرآن، فرقانا بين الخير والشر، وبعد.

فإن الله عز وجل أوجب على المسلمين اتخاذ الإمام، وأوجب عليهم طاعته، وأوجب على الإمام أن يسوس رعيته بالشريعة، فيقيم فيهم الدين، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فما من طاعة واجبة إلا ووجب على الإمام أن يدعو المسلمين إليها، ويأمرهم بها، ويعاقب من يتخلّف عن القيام بها، وما من معصية لله إلا ووجب عليه أن ينهى الناس عنها، ويعاقب من يصرّ على اقترافها.

ومن هذا الباب كان واجبا على الإمام أو من ينوب عنه أن ينهى المسلمين عن مشاهدة القنوات الفضائية لما فيها من ضرر كبير على دين المسلمين ودنياهم، وبما أنه لا يمكن –في العادة– مشاهدة هذه القنوات في أراضي الدولة الإسلامية إلا عن طريق جهاز الاستقبال المسمى بـ «الستلايت» أو «الدش» أو ما شابه، فإن النهي يتسع هنا ليشمل حيازة هذا الجهاز الذي تتم المعصية من خلاله، بناء على القاعدة الشرعية أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.


- حبذا لو تشرح لنا الضرر على دين المسلمين ودنياهم في متابعة القنوات الفضائية؟

ضرر القنوات على الدين لم يعد يخفى على أحد من المسلمين، فمنظومة القنوات الفضائية بكاملها واقعة تحت سيطرة أعداء الإسلام من الصليبيين وسائر الطواغيت، وهؤلاء لا يقرّ لهم قرار حتى يردّوا المسلمين عن دينهم، والقنوات الفضائية هي أهم وسائل إفسادهم للدين، من خلال تشويه عقيدة التوحيد والطعن في أهلها والاستهزاء بالدين وشعائره، ونشر عقائد أهل الباطل كالعلمانية والديموقراطية والإلحاد والنصرانية والرفض والصوفية وغيرها، وكسر عقيدة الولاء والبراء، من خلال الدعوة للولاء الوطني والقومي وما شابه، وإنك لا تجد برنامجا إلا وفيه شيء من ذلك، قلّ أو كثر، بشكل ظاهر أو خفي.

بالإضافة إلى برامج المجون والموسيقى، والدعاية للفسق والمعاصي بمختلف أنواعها، وتعويد المشاهدين على رؤية المشاهد الخليعة، والعلاقات المحرّمة.

كذلك تحطيم مفهوم القدوة الصالحة، من خلال دفع الناس إلى الاقتداء بالكفار والمشركين، والفاسقين، وتصوير حياتهم على أنها الحياة المثالية التي يجب أن يسعى إليها كل إنسان.
هذا عدا عن إلهاء الناس عمّا ينفعهم في دينهم أو دنياهم، وإنك لتجد البعض يضيع جزءا كبيرا من يومه وليلته في متابعة تلك القنوات، فلا هو في عمل ينفعه في آخرته ولا هو في عمل ينفعه في دنياه، وهذا مما يكرهه الله لعباده.


◼ صحيفة النبأ - العدد 35
الثلاثاء 9 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
أمير ديوان الحسبة
قرار إزالة «الستلايت» لا تراجع عنه
...المزيد

إحراق أموال الكافرين {مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ ...

إحراق أموال الكافرين

{مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5]

◾️ من طرق الإحراق

* إشعال عدة نيران في مواقع متقاربة لإحراق الغابات
* استخدام قنابل المولوتوف سهلة الصنع ورميها على الهدف
* استعمال طرق لإشعال الحرائق عن بعد بالوسائل المتوفرة بمؤقت أو غيره
* سكب مواد سريعة الاشتعال قرب مكان إشعال النار لضمان انتشارها بأسرع صورة ممكنة وعدم القدرة على السيطرة عليها

◾️ أهداف محتملة

* إحراق الأبنية العالية والمنازل الفارغة
* إحراق الغابات القريبة من المساكن خصوصاً في أوقات الجفاف
* إحراق المراكز التجارية والمستودعات ومحطات الوقود وغيرها من مصالح الكفار التجارية
* إتلاف أموال المرتدين بأنواعها من آليات أو منازل أو مزارع ومحلات تجارية وغيرها

◾️ فوائد الإحراق

* إتلاف أموال الكفار وإدخالهم في دوامة خسائر مالية كبيرة
* إجبارهم على زيادة الحراسة على كل شيء وخسائر إضافية لزيادة أنظمة إطفاء الحرائق
* إشعال الحرائق ممكن بوسائل وطرق مختلفة لا تحتاج إلى تدريب أو مواد ممنوعة أو مشتبه بها، والمجال فيها واسع
* نشر الذعر والهلع خاصة في التجمعات فالفوضى قد تقتل أكثر مما تفعل المفخخات


◼ المصدر: إنفوغرافيك صحيفة النبأ – العدد 478
السنة السادسة عشرة - الخميس 16 رجب 1446 هـ
...المزيد

كيف نستقبل رمضان؟ (2/2) رابعا: التوبة الصادقة النصوح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ...

كيف نستقبل
رمضان؟
(2/2)

رابعا: التوبة الصادقة النصوح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [سورة التحريم: 8]، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة النور: 31]، وقال جل جلاله: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [سورة هود: 3]، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مئة مرة) [رواه مسلم]، وحث -صلى الله عليه وسلم-على التوبة، بقوله: (يا أيها الناس توبوا إلى الله) [رواه مسلم].

ورمضان شهر التوبة، فلا تفوِّت الفرصة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- المنبر يوما، فقال: (آمين، آمين، آمين) قيل له: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا؟! فقال: (قال لي جبريل: رغم أنف عبد دخل عليه رمضان لم يغفر له. فقلت: آمين...) الحديث [حديث حسن رواه البخاري في الأدب المفرد]، وعنه أيضا –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر) [رواه مسلم].

فتب إلى الله -عبد الله- يَكُ خيرا لك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ} [سورة التوبة: 74]، تب فإن الله يحب التوابين، تب إلى ربك ليتوب ربك عليك، فقد قال سبحانه الذي هو أرحم بك من والدتك: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [سورة البقرة: 160].

تدارك ما استطعت من الخطايا ... بتوبة مخلص واجعل مدارك
على طلب السلامة من جحيم ... فخير ذوي الجرائم من تدارك


خامسا: البدء بأعمال رمضان في شهر شعبان، فإن كان رمضان موسما للتقوى، فإن شعبان مرحلة لا بد من النجاح فيها قبل دخول رمضان، وإن العبادة في شعبان بمثابة تدريب مهم يسبق الدخول لمضمار التنافس في عبادات رمضان.
وإننا نجد من تتبع سيرة النبي، عليه الصلاة والسلام، أنه لم يكن يصوم من الشهور نافلة كما كان يفعل في شعبان.

وكما أن صوم شعبان توطئة (تهيئة) لصوم رمضان، كذلك فإن قراءة القرآن وقيام الليل والصدقات وصلة الرحم، وغيرها من العبادات في شعبان بمثابة إعداد واستعداد لأمثالها في رمضان، قال ابن رجب الحنبلي: «ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرع فيه ما يُشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن»، وقال أيضا: «كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبّوا على المصاحف، فقرؤوها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان، وقال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القرّاء» [لطائف المعارف].


سادسا: تنظيم الوقت وقطع الشواغل وإنجاز المتعلقات وتفريغ الذهن، فاقض جميع حوائجك -أخي المسلم- من مواد غذائية وملابس الأطفال للعيد وغيرها من الأمور، اقضها في شعبان، بحيث لا يشغلك شاغل عن العبادة في رمضان.
وإياك إياك والإسراف في المباحات، كالطعام والشراب والملبس، كما يفعل كثيرٌ من الناس، فيتزوّدون في شعبان لرمضان بأنواع المأكولات والمشروبات! فكأن رمضان موسم للأكل والشرب! فيتزوّدون بزاد الدنيا، ولا يتزوّدون بزاد الآخرة، قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [سورة البقرة: 197].

فأين هؤلاء من السلف الصالح الذين كانوا يقطعون مجالس العلم للتفرغ لرمضان، كما كان يفعل الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- فإنه إذا دخل رمضان يفرّ من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن.


فيا أخي الحبيب:
أمامك شهر عظيم، أحسن استقباله، وعظّم شعائره، بالكف عن الغيبة والنميمة وحفظ السمع والبصر واللسان عن الحرام وغيرها من المعاصي، فإن لم تغتنم هذه الفرصة ولم تستعد لها، فهذا يعني أن رمضان سيدخل عليك وينقضي كما انقضى رمضان الذي قبله، ولن تخرج منه إلا بالحسرة والندامة، كما أنك لا تدري أتبلغ رمضان الذي بعده أم لا؟! فكم تعرف من أناس أدركوا رمضان الفائت ولن يدركوا رمضان القادم!


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
كيف نستقبل رمضان؟
...المزيد

أوهام الصليبيين في عصر الخلافة لم يكذب المجاهدون على الله، ولا على المسلمين عندما أعلنوا قيام ...

أوهام الصليبيين في عصر الخلافة


لم يكذب المجاهدون على الله، ولا على المسلمين عندما أعلنوا قيام الدولة الإسلامية، كما أنهم لم يكذبوا عندما قالوا أنها باقية بإذن الله، ولم يكذبوا على الله ولا على المسلمين عندما أعلنوا عودة الخلافة، واختاروا إماما للمسلمين، كما أنهم لم يكذبوا عندما يقولون أنها باقية، بإذن الله.

ويتوهم الصليبيون وعملاؤهم المرتدون، أنهم بتوسيع نطاق حملتهم العسكرية، لتشمل بالإضافة لولايات العراق وولايات الشام، ولايات خراسان وسيناء وغرب إفريقية، والولايات الليبية، سيتمكنون من القضاء على كل ولايات الدولة الإسلامية في آن واحد، بحيث تندثر تماما، ولا يبقى لها أثر، متغافلين عن حقيقة هامة، هي أن العالم كله بعد إعلان عودة الخلافة قد اختلف عن حاله قبل عودتها، وأنهم ببنائهم الخطط ووضعهم الاستراتيجيات بناء على الواقع السابق إنما يخططون لعالم آخر بات غير موجود حاليا، ولن يكون موجودا مستقبلا، بإذن الله.

فكما أن حرب العراق سابقا قد فضحت حقيقة قوة الصليبيين المهيمنين على العالم، وبيّنت إمكانية هزيمتهم، وأظهرت للمسلمين أن الجهاد هو السبيل الوحيد لإقامة الدين وتحكيم الشريعة، فإن إقامة الدولة الإسلامية كشفت لهم أن إعادة الخلافة مسألة ممكنة دون الاضطرار للمرور بالفرضيات التعجيزية التي وضعتها الفصائل والأحزاب التي تدّعي الإسلام، والتي زرعت من خلالها اليأس في نفوس المسلمين من إمكانية إقامة الدين قبل ظهور المهدي ونزول المسيح عليه السلام.

وبناء عليه، يجب على المشركين عموما أن يكونوا على يقين أن الخلافة باقية بإذن الله، ولن يتمكّنوا من إزالتها بتدمير مدينة من مدنها أو حصار أخرى، ولا بقتل جندي أو أمير أو إمام، نسأل الله أن يحفظهم جميعا ويبقيهم شوكة في عيون المشركين والمرتدين، فالمسلمون لن يقبلوا بعد اليوم أن يعيشوا بلا إمام يسوسهم على منهاج النبوة، فيجتمعون عليه، ويجاهدون من ورائه، ويؤدون إليه خمس الغنيمة، وزكاة المال، فيكونوا بذلك على سنة الصحابة -رضوان الله عليهم- الذين ما منعتهم وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يختاروا لأنفسهم من يخلفه في إقامة الدين وتحكيم الشريعة.

وعليهم أن يعلموا أنهم لن يستطيعوا خداع المسلمين بعد اليوم بأنظمة طاغوتية تسبغ على نفسها الأوصاف الشرعية، ولا بأحزاب وتنظيمات ضالة تزعم رفع راية الإسلام، وتتبنى العقائد الجاهلية من ديموقراطية ووطنية وغيرها، وتحارب من يدعو إلى التوحيد الخالص، ويحرص على وحدة جماعة المسلمين.

فقد أظهرت دولة الخلافة لكل الناس كيف تكون الدولة الإسلامية الحقيقية، وكيف تقام الشريعة كاملة غير منقوصة، وكيف يزال الشرك من الأرض التي يمكّن الله فيها للموحّدين، وكيف يكون الدين كله لله، فنسفت بذلك كل أساطير الحاضنة الشعبية، وكل أكاذيب التدرّج، وكل المخاوف من انتقام الصليبيين.

وعليهم أن يتيقنوا أن إرهابهم للمسلمين لم يعد يجدي، وتخويفهم لهم من إقامة الدين لم يعد يجدي أيضا، وأن حجة الكفار حين قالوا {إن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} قد كفر بها المجاهدون، كما كفروا بخوفهم من غير الله، وخشيتهم منهم، وبات لسان حالهم يقول: سنتّبع الهدى ونقيم الدين ونلزم الجماعة ونقاتل دون ذلك حتى تتفلّق رؤوسنا، وتتمزّق أشلاؤنا، فنلقى الله وقد أعذرنا، ولا أدلّ على ذلك من البيعات التي تتوالى لأمير المؤمنين رغم الحملة الصليبية الشرسة على دولة الإسلام وجنودها، حيث يندفع الآلاف من المجاهدين من مشارق الأرض ومغاربها ليلقوا بأنفسهم في أتون هذه الحرب، راغبين بالموت تحت راية الجماعة، عن الحياة في ظل جاهلية الفصائل والأحزاب.

عليهم أن يراجعوا أنفسهم، ويعيدوا صياغة خططهم على هذا الأساس، وإن أرادوا الانتصار حقا -ولن يكون لهم ذلك بإذن الله- فعليهم الانتظار طويلا حتى يباد جيل كامل من المسلمين كان شاهدا على قيام الدولة الإسلامية، وإعادة الخلافة، ومتابعا لقصة صمودها ضد أمم الكفر كلها، جيل عرف التوحيدَ، ورأى أصحابَه، وتعلم كيف يجعل من عقيدة الولاء والبراء واقعا معاشا، وكيف يجعل من الكتاب والسنة واتباع السلف منهج حياة.

عليهم الانتظار حتى ينتهي كل هذا الجيل، ليعيدوا إنتاج الجيل الذي تربّى على أيدي الطواغيت، ونشأ في رعاية الأحزاب الضالة، وعلى أيدي مشايخ السوء وعلماء السلاطين، لأن الجيل الذي عاش في ظل الخلافة، أو عايش ملاحمها قادر -بإذن الله- على إبقاء رايتها مرفوعة، كما كان الجيل الذي نشأ في ظل دولة العراق الإسلامية، قادرا على إعادتها بشكل أقوى مما سبق بعدما ظن الصليبيون وعملاؤهم أنها اندثرت وزال ذكرها من الأرض.

إن دولة الإسلام باقية بإذن الله، وإن الخلافة باقية بإذن الله، على منهاج النبوة، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ
...المزيد

محمد مكاوي طلبت قتله أمريكا واغتاله يهود الجهاد (2/1) هذه وقفة مع أَسَد من أُسْد الله ...

محمد مكاوي
طلبت قتله أمريكا
واغتاله يهود الجهاد
(2/1)
هذه وقفة مع أَسَد من أُسْد الله الأعلام وبطل من أبطال الإسلام، نحسبه كذلك والله حسيبه، أبت نفسه إلا أن يُقتل تحت راية دولة الإسلام، فرفض الفتات ونبذ الفرقة والشتات، إنه البطل الشهيد المهندس محمد مكاوي إبراهيم، قضى قسطا من صباه في دويلة «الإمارات»، حيث كانت تقيم أسرته هناك، ثم رجع إلى السودان، فواصل دراسته، إلى أن التحق بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا ودخل كلية الهندسة، وفي سنين دراسته للهندسة، هداه الله لطريق الحق والسداد، فسلك درب الجهاد، وكان عضوا بارزا في مجموعة «السلمة» التي كانت تحاول القيام بعمليات على الصليبيين في الخرطوم، لكن الله قدّر انكشاف أمرها قبل تحقيق أهدافها، بعد انفجار عبوة كانت قيد التصنيع، وقبض وكلاء الأمريكيين في السودان على جميع أفراد المجموعة، عدا أخوين، كان من بينهما محمد مكاوي.

ولكن المرتدين لم يهدأ لهم بال، وظلوا يبحثون عنه ويطاردونه، وقد حوصر من قبل قوات المباحث في إحدى الليالي، وأراد المرتدون اعتقاله لكنه ولشجاعته -رحمه الله- خرج إليهم شاهرا سلاحه، وأمطرهم بوابل من الرصاص، فولّوا الأدبار تاركين سيارتهم، فأخذ سيارة وهرب بها، ثم اضطر للوقوف بعد أن ابتعد عنهم لإصلاح أحد إطارات السيارة الذي أُصيب ببعض رصاصاتهم، فلحقوا به مرة أخرى واقتربوا منه، فانحاز إلى بناية صغيرة على الطريق، وكلما حاول المرتدون التقدم نحوه أطلق عليهم النار ولم يكن معه سوى ستين طلقة فقط (مخزني كلاشنكوف)، ثم انحاز قبل بزوغ الفجر، بعد أن ملأ قلوبهم رعبا، ودخل إلى الخرطوم، ثم التحق مع رفيقه ببعض الإخوة الذين كانوا في دارفور لتأسيس خلايا جهادية في تلك المنطقة، ثم رجع مرة أخرى للخرطوم، وبعد فترة من وصوله، قدّر الله أن يُلقى القبض عليه وعلى وبعض الإخوة، فحُكم عليهم بالإعدام في قضية قتل الدبلوماسي الأمريكي «جون مايكل جرانفيل» الشهيرة.

وفي كرامة من الكرامات التي منّ الله بها عليه، تمكن هو ومجموعته من الهروب من أعتى السجون السودانية، سجن «كوبر» سيء الصيت، بعد أن وفقهم الله لحفر نفق أرضي، يصل طوله إلى 45 مترا، وظل بعد خروجه متخفيا لمدة عام في السودان، حتى قرر الهجرة إلى الصومال، ووصل كذلك بكرامة أخرى، عابرا نقاط التفتيش والحواجز التي وضع عليها المرتدون صورته، وكان حينئذ يتنقل بجواز سفر لشخص آخر بصورة ليست له، لكنه التوكل على الله الذي ملأ قلبه.

فوصل إلى الصومال وانضم للمجاهدين، وكان مثالا للسمع والطاعة والانضباط، بشهادة كل من عاشره، وكان في سريّة من أشد السرايا في الصومال، حيث يمكث فيها المجاهد أحيانا قرابة العام، دون الرجوع إلى أهله، وتخرّج -رحمه الله- من معسكرين، أحدهما كان معسكرا خاصا لتخريج للكوادر، وقد روى أصدقاؤه أنه كان طالب علم شديد الحرص على الاستفادة من وقته، حتى إجازاته كان يقضيها في التعلم والاستفادة من أصحاب الخبرات العسكرية والشرعية، إلى أن صار الداعية الأبرز في سَريته، يدعو إخوانه ويحرضهم ويعلمهم ويذكرهم بالله، وكان حريصا على تعليم أهل البادية التوحيد وسائر أمور دينهم.

كان -تقبله الله- شجاعا لا يتردد، ففي إحدى المرات أراد أمير السرية التي كانت تعمل في إحدى الغابات داخل الأراضي الكينية أن يمتحن شجاعة الجنود، وفي جنح الظلام كان بالقرب منهم نهر يسبح فيه عدد من أفراس النهر، وكان صوتها عاليا، فأمرهم الأمير أن يقوم كل واحد منهم بجلب الماء من النهر، فرفض الجميع إلا مكاوي، حيث أخذ سلاحه وتوجه إلى النهر، وما هي إلا دقائق حتى سمعوا صوت إطلاق النار، فقد هاجمه فرس النهر، لكن مكاوي لم يفر وأطلق النار عليه وأرداه قتيلا وجلب الماء.

وظل مجاهدا يدافع عن دينه وينصر المستضعفين، حتى جاءت المحنة التي امتحن الله بها المجاهدين، ليعلم من يتبع الحق ممن يتبع الهوى، وقد كان الأخ مكاوي لا يحب التقليد بل يبحث دائما عن الدليل، وبعد إعلان تنصيب خليفة للمسلمين بعد أن خلت الديار منه لقرون، وقف الشهيد محمد مكاوي مع نفسه، وكعادته بدأ البحث والتفتيش عن الحق في هذا الأمر، وقد قال لأحد إخوانه أنه قرأ في ذلك ألف ورقة، وبعد أن ظهر له الحق -وكعادته أيضا- بدأ في الدعوة إليه وعلى الملأ، لا يخاف في الله لومة لائم ولا عذل عاذل، وشهد جلسة جاء فيها «شرعيو حركة الشباب» الذين أخذوا يلبّسون الحق بالباطل، فطلب مناقشتهم، فرفضوا أن تكون أمام الناس، وأبى هو إلا أن تكون أمام الناس، فانفضّوا من غير نقاش، ثم قرر بعدها الهجرة من الصومال مرة أخرى، واللحاق بإحدى ولايات الدولة الإسلامية، ولم يخبر الحركة لأنه كان لا يثق بها ولا بقيادتها.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من قصة شهيد
...المزيد

كيف نستقبل رمضان؟ (2/1) ما هي إلا أيام ويقدم علينا شهر عظيم، شهر الصيام والقيام والقرآن، شهر ...

كيف نستقبل
رمضان؟
(2/1)

ما هي إلا أيام ويقدم علينا شهر عظيم، شهر الصيام والقيام والقرآن، شهر المغفرة والرضوان، فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران، فضّله الله تعالى على سائر الشهور، ففيه أُنزل القرآن، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من صامه أو قامه إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، فيه ليالٍ عشر، هي خير ليالي السنة، شهر رمضان الذي ترتبط به القلوب والأبدان لما تجده النفوس من بهجة واطمئنان، وحب للخيرات وترك للمنكرات، زمن يجتمع فيه المسلمون على البر، ويعتصمون بحبل الله، فتراهم يجتمعون للإفطار ويجتمعون للتراويح ويجتمعون في حلق الذكر والقرآن.

لذا كان حريّا بنا أن نحسن الاستعداد لهذا القادم الكريم، ونغتنم أيامه ولياليه لئلا يفوتنا الخير العميم، ونتفقّه في العبادات المرتبطة بهذا الموسم الحافل، ولا ننشغل بمفضول عن فاضل، فنستقبل ضيفنا بأحسن استقبال، فهو ضيف عزيز غالٍ، مثله كمثل من له حبيب أو صاحب أو قريب، غاب عنه أحد عشر شهرا! ثم علم بمجيئه إليه زائرا عما قريب، فماذا هو صانع لملاقاته واستضافته؟! ونحن سوف نستقبله في غضون أيام، وقد جلب لنا معه أعظم الهدايا وأجزل العطايا وأحلى الكلام، فلا بد أن نحفظ لهذا الضيف قدره وننزله ما يستحق من مكانته.

فإليك أخي الحبيب بعض التوصيات علها تنفعك في تهيئة نفسك لاستقبال شهر رمضان المبارك، وهي:
أولا: الفرح بقدوم رمضان، والاستبشار بحلوله، والسرور بالعبادات التي شرعها الله فيه، وذلك من تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى، {ذَلكَ وَمَنْ يُعَظّمْ شَعَائرَ اللَّه فَإنَّهَا منْ تَقْوَى الْقُلُوب} [سورة الحج: 32].

فأول أدب من الآداب الشرعية بين يدي رمضان، أن تتأهب لقدومه قبل الاستهلال، وأن تكون النفس بحلوله مستبشرة، قال تعالى: {قُلْ بفَضْل اللَّه وَبرَحْمَته فَبذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ ممَّا يَجْمَعُونَ} [سورة يونس: 58]، ومحبة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فرع عن محبة الله عز وجل، فترى المؤمنين الصادقين متلهفين مشتاقين إلى رمضان، تحنّ قلوبهم إلى صوم نهاره، وتئن صدورهم لقيام ليله، وتهفو نفوسهم لعمارة أوقاته بالذكر والقرآن والصدقات، يفرحون بقدوم شهر رمضان، ويدعون الله أن يبلغهم إياه، ويكحل أعينهم برؤية إشراقة هلاله، ويتم عليهم نعمة إتمام صيامه وقيامه، ويستشعرون قلة أيامه وسرعة انقضائه، ويستحضرون الحزن على رحيله ووداعه، ولسان حالهم يردد:
مرحبا أهلا وسهلا بالصيام ... يا حبيبا زارنا في كل عام


ثانيا: تبادل التهاني والتبريكات بحلول شهر رمضان، ذلك أن بلوغ شهر رمضان وإدراكه نعمة دينية كبيرة، حري أن يُهنَّأ المسلم على بلوغها، وقد أُثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول، كما أننا نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر! فمن بلغ رمضان حيا صحيحا قادرا على الصوم، فهذه من نعم الله تعالى عليه، تستحق الحمد والشكر.
قال ابن رجب الحنبلي، رحمه الله: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشّر أصحابه بقدوم رمضان، كما خرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشّر أصحابه، يقول: (قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم)، قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان» [لطائف المعارف].


ثالثا: تَعلُّم ما لا بد منه من فقه الصيام، أحكامه وآدابه، في الحضر والسفر، والعبادات المرتبطة برمضان من تراويح واعتكاف وزكاة فطر وغيرها، وهذه الأحكام والآداب مبسوطة في كتب الفقه، فمما لا شك فيه أن من يعبد الله -في رمضان وغيره- بعلم أفضل بكثير ممن يؤدي العبادات دون معرفة أحكامها إن صحّت نيته، بل قد يترتب على الجهل بأحكام العبادة ضياع ثوابها، ووجوب إعادتها إن كانت من الواجبات، لذلك يجب على المسلم تعلّم أحكام الصيام، طلبا للعمل بها بشكل صحيح، من غير مخالفة ولا بدعة، وكذلك كي لا يحمّل العبد نفسه بما ليس من الدين في الصيام، فيرهق نفسه في غير عبادة الله.


رابعا: التوبة الصادقة النصوح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّه تَوْبَةً نَصُوحًا} [سورة التحريم: 8]، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إلَى اللَّه جَميعًا أَيُّهَا الْمُؤْمنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلحُونَ} [سورة النور: 31]، وقال جل جلاله: {وَأَن اسْتَغْفرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْه} [سورة هود: 3]، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مئة مرة) [رواه مسلم]، وحث -صلى الله عليه وسلم-على التوبة، بقوله: (يا أيها الناس توبوا إلى الله) [رواه مسلم].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
كيف نستقبل رمضان؟
...المزيد

إذا أتاكم مجاهد ترضون خُلُقه ودينه فزوّجوه (2/1) المجاهد، رجل هجر لذائذ الحياة وزخرف الدنيا، ...

إذا أتاكم مجاهد ترضون خُلُقه ودينه فزوّجوه
(2/1)

المجاهد، رجل هجر لذائذ الحياة وزخرف الدنيا، وخرج لتكون كلمة الله هي العليا، فهو درع الإسلام، وبه وبجهاده يحفظ الله تعالى بيضة الدين، ويُعزّ المسلمون، وتُصان الأعراض والحرمات، غير أن المجاهد يبقى غريبا بين قومه وبني جلدته، فهو الذي طلّق دنياه وإن أتته راغمة، وودع الأهلين والأقربين، بل ولربما تبرأ منهم إن هم عادوا الله ورسوله والمؤمنين، وما غربة المجاهد في زماننا الذي نُقضت فيه عرى الإسلام عروةً عروةً، إلا مصداقا لقول نبينا، صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء) [رواه مسلم].

ومن مظاهر غربة المجاهد أنه وإذا ما أراد الزواج توصد دونه أغلب أبواب بيوت المسلمين، إلا ما رحم ربي، وجرمه أنه مجاهد يحمل روحه بيمينه وكفنه بشماله.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون خُلُقه ودينه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) [رواه الترمذي]، قال الشُرّاح: «أي إن لم تزوِّجوا من ترضون دينه وخلقه وترغبوا في مجرد الحسب والجمال أو المال» [تحفة الأحوذي].
فكيف إذا كان هذا الخاطب ممن نرضى خلقه ودينه؟ بل وهو ممن لبى نداء ربه يوم عز النصير، فنفر حين تثاقل المتثاقلون، وجاهد حين تخلف المتخلفون، بل كيف إن كان هذا الخاطب ممن رُفع به رأس أمتنا عالياً عالياً، حتى بات أباطرة الكفر عاجزين عن أن يطالوه ليعيدوه إلى الأرض كما كان آنفا؟ وإن لم يرض الناس بدين من قام بذروة الدين فبدين من يرضون؟!

إن الزواج من مجاهد لهو قربة تتقرب بها الأخت المسلمة إلى الله عز وجل، إن هي أخلصت النية؛ فبزواجها من مجاهد، تكون المسلمة قد برّت أبناءها قبل مجيئهم إذ أنها قد أحسنت اختيار أبيهم، فالأصل الطيب فرعه طيب أيضا.

فالمجاهد هو اليد الأمينة على الأبناء، كما نحسبه والله حسيبه، فما من مجاهد إلا ويسعى جاهدا إلى تنشئة أبنائه تنشئة صالحة على أسس سوية، وأهم تلك الأسس كتاب الله تعالى وسنة نبيه، صلوات ربنا وسلامه عليه، والعقيدة الصحيحة الصافية التي لا تشوبها شائبة ولا تلوثها لوثة.
والمجاهد هو الذي يربّي أطفاله على عزة الإسلام، ويعلمهم أن لا يعطوا الدنية في دينهم ولا يناموا على ضيم.

فبحفظ الآباء والأمهات للدين يحفظ الله الأبناء، قال الله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [سورة الكهف: 82]، قال ابن عباس: «حُفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر منهما صلاحا».

وأما ما يروّج له بعض ضعاف الأنفس من شبهات حول المجاهد تزهّد المسلمات فيه وتثنيهم عن الزواج منه، من أنه شخص مقتول لا محالة، ولا يطول به المقام عادة في هذه الدنيا إذ ما يلبث حتى يُقتل، فهؤلاء ليس أهون من الرد عليهم بقول الله عز وجل: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [سورة النساء: 78]، وقوله تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [سورة آل عمران: 154]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة آل عمران: 156].

قال ابن كثير في تفسيره: «ينهى تعالى عباده المؤمنين عن مشابهة الكفار في اعتقادهم الفاسد، الدال عليه قولهم عن إخوانهم الذين ماتوا في الأسفار وفي الحروب: لو كانوا تركوا ذلك لما أصابهم ما أصابهم... ثم قال تعالى ردا عليهم: {وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي: بيده الخلق وإليه يرجع الأمر، ولا يحيا أحد ولا يموت إلا بمشيئته وقدره، ولا يُزاد في عمر أحد ولا يُنقص منه إلا بقضائه وقدره».

وكم من ميت في بيته وعلى فراشه، وكم من مجاهد قد مضت على جهاده السنين الطوال وما قُتل رغم أن الموت مبتغاه والشهادة مناه، ولكن الآجال بيد الله وحده، لا يقدمها قتال ولا يؤخرها قعود، فليت شعري هل مثل المجاهد في سبيل ربه يُردّ إذا استَأذَن أو شَفَع أو استَنْكح؟!


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 ه‍ـ
...المزيد

محمد مكاوي طلبت قتله أمريكا واغتاله يهود الجهاد (2/2) كان -تقبله الله- شجاعا لا يتردد، ...

محمد مكاوي
طلبت قتله أمريكا
واغتاله يهود الجهاد
(2/2)

كان -تقبله الله- شجاعا لا يتردد، ففي إحدى المرات أراد أمير السرية التي كانت تعمل في إحدى الغابات داخل الأراضي الكينية أن يمتحن شجاعة الجنود، وفي جنح الظلام كان بالقرب منهم نهر يسبح فيه عدد من أفراس النهر، وكان صوتها عاليا، فأمرهم الأمير أن يقوم كل واحد منهم بجلب الماء من النهر، فرفض الجميع إلا مكاوي، حيث أخذ سلاحه وتوجه إلى النهر، وما هي إلا دقائق حتى سمعوا صوت إطلاق النار، فقد هاجمه فرس النهر، لكن مكاوي لم يفر وأطلق النار عليه وأرداه قتيلا وجلب الماء.

وظل مجاهدا يدافع عن دينه وينصر المستضعفين، حتى جاءت المحنة التي امتحن الله بها المجاهدين، ليعلم من يتبع الحق ممن يتبع الهوى، وقد كان الأخ مكاوي لا يحب التقليد بل يبحث دائما عن الدليل، وبعد إعلان تنصيب خليفة للمسلمين بعد أن خلت الديار منه لقرون، وقف الشهيد محمد مكاوي مع نفسه، وكعادته بدأ البحث والتفتيش عن الحق في هذا الأمر، وقد قال لأحد إخوانه أنه قرأ في ذلك ألف ورقة، وبعد أن ظهر له الحق -وكعادته أيضا- بدأ في الدعوة إليه وعلى الملأ، لا يخاف في الله لومة لائم ولا عذل عاذل، وشهد جلسة جاء فيها «شرعيو حركة الشباب» الذين أخذوا يلبّسون الحق بالباطل، فطلب مناقشتهم، فرفضوا أن تكون أمام الناس، وأبى هو إلا أن تكون أمام الناس، فانفضّوا من غير نقاش، ثم قرر بعدها الهجرة من الصومال مرة أخرى، واللحاق بإحدى ولايات الدولة الإسلامية، ولم يخبر الحركة لأنه كان لا يثق بها ولا بقيادتها.

ومن أعجب المشاهد التي تكشف لنا مزيدا من مكر يهود الجهاد، أن أبا سليمان (كنيته في الصومال حينها) كان قد سجل في كتيبة الاستشهاديين منذ سنوات، وكان يطالب بتنفيذ عملية استشهادية، لكن الحركة كانت تماطله، وبعد تلك الجلسة جاؤوه مباشرة، وقالوا له إن العملية جاهزة، فعرف أنهم يريدون التخلص منه، وقد كان واضحا معهم، فأخبرهم على الفور أنه يريد الشهادة، ولكن تحت راية نقية وليس تحت راية «الحركة» العُمّية.
كان مقصد الأخ ورفاقه ولايات ليبيا فرتبوا لرحلتهم، ولكن ما أن سمعت «حركة الشباب» بالخبر حتى سارعت في مطاردتهم ومنعهم من الخروج، وبعد أن مُنعوا قرروا اللحاق بمن ظهر من جند الخلافة في الصومال والانضمام إليهم.
التقى مكاوي بإخوانه الذين بايعوا الخليفة بعد رحلة شاقة من المعاناة والمطاردة من قبل يهود الجهاد، عانى فيها مكاوي ورفاقه الذين اعتقل بعضهم -وما زالوا في سجون الحركة- أشد المعاناة، فقد كانوا يختفون في النهار ويتحركون في الليل، ولم يكن لهم طعام إلا التمر، وأحيانا كانوا يأكلون سرطانات البحر، وكان مكاوي دائما يدعو الله أن يخرجه من بين أيديهم، وكان يقول لرفاقه الذين كان أميرا عليهم: «هكذا هي طبيعة الهجرة، والله لو وصلنا إلى هدفنا بسلام بدون مشاكل لشككت في هجرتنا».

بعد لقائه بباقي الإخوة عيّنوا أميرا لهم، وسجلوا البيعة المرئية التي نُشرت على الإنترنت باسم «بيعة ثلة من مجاهدي الصومال»، والتي كان مكاوي فارس إعلامها، فهو من صنع الراية وصمّمها وخطّط لذلك التسجيل.

وكان مما كتبه لأحد إخوانه وهو في محنة بحث «حركة الشباب» عنه لقتله:
«أنا الحمد لله أتقلب في نعم الله، فقط نحتاج منكم الدعاء، لأنك سمعت -كما أظن- أن الحركة جمعت جيوشا وفرغت جبهات لا لحرب الصليبيين بل لحرب من يبحثون عن الشهادة تحت راية الخلافة، وعلى كل حال أخي، هذا هو درب الجهاد وسنة الله في عباده، فما لنا أن نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل».

وفي آخر أيامه -رحمه الله- كان يكثر من ذكر الله وقراءة القرآن وقيام الليل وسائر العبادات، وكان يخاف على نفسه من الفتن، وكثيرا ما يقول: «اللهم كما جعلتنا من أول من يخرج لنصرة الخلافة فاجعلنا من أول من يُقتل تحت رايتها»، فاستجاب الله دعاءه وقُتل نُصرةً للحق الذي آمن به ودعا إليه.

وقبل الهجوم الذي قامت به الحركة على مجموعة مكاوي بدقائق، جمع الإخوة ووعظهم وطلب منهم العفو والمسامحة، ولما بدأ الهجوم سقط -رحمه الله- شهيدا مع بداية الاشتباكات، فرحمك الله يا أبا سليمان وجعل الجنة مثواك فقد أديت واجبك في الدعوة الهجرة والجهاد والبيعة، وصدقت الله فصدقك، ليُشطب اسمك من قائمة المطلوبين لرأس الكفر أمريكا، ويفرح الصليبيون بصنيع يهود الجهاد بأن حققوا أمنيتهم بلا عناء، ووفروا على خزينتهم خمسة ملايين من الدولارات.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من قصة شهيد
...المزيد

حربنا مع المشركين... باقية لقد جعل الله الصراع بين أهل التوحيد وأهل الشرك سنّة من السنن التي ...

حربنا مع المشركين... باقية


لقد جعل الله الصراع بين أهل التوحيد وأهل الشرك سنّة من السنن التي يسير عليها هذا الكون، إذ لابدّ من التدافع بين الإسلام والكفر في أي زمان ومكان وُجدا، وإلا لاستولى أهل الباطل على الأرض فأفسدوها بشركهم واتّباعهم لشهواتهم وأهوائهم، كما هو حاصل اليوم في ظل استيلاء الصليبيين على العالم، وهيمنتهم عليه.

لذلك كان الأمر الإلهي الدائم لأهل الإسلام أن يكونوا حربا على الشرك وأهله، وأن يجاهدوهم بأيديهم وألسنتهم وقلوبهم، وأوجب عليهم قتالهم حتى يُخضعوهم لحكم الإسلام، فيتبعوه أو يطيعوا أحكامه فيهم، كما في قوله جل وعلا: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [سورة الأنفال: 39]، فلا يوقِفُ أهلُ التوحيد حربهم على المشركين حتى ينهوا وجود الشرك في الأرض كلها، وحتى لا يكون فيها حكم إلا لله عز وجل.

كما بيّن العليم الحكيم سبحانه لعباده الموحّدين أن أهل الشرك يقاتلونهم أبدا، وأن هدف قتالهم هو إخراجهم من الإسلام، ليكونوا في الشرك سواء، كما في قوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة: 217]، وفي الوقت الذي كشف فيه حقيقة حربهم وغايتها، حذّر المسلمين وأوجب عليهم منع المشركين من تحقيق غايتهم من هذه الحرب، وبيّن لهم أن من ارتد عن دينه ولم يصبر على حرب المشركين له ومات على الكفر، حبط كل ما عمله، وإن كان من قبل ردته موحّدا مهاجرا مجاهدا، ولم يعذره الله بقتال المشركين له، فالقتال ليس من صور الإكراه التي يعذر فيها المسلم إن وقع في الشرك.

وإن من العجب الذي نراه اليوم أن تتفاخر الكثير من الفصائل والأحزاب التي تزعم الانتساب إلى الإسلام بعدم إقامتها للدين، وتحكيمها للشريعة، وتسوّق لجنودها وأنصارها أن هذا عين الحكمة، وأحسن السياسة، لأنها بذلك تتجنب قتال المشركين لها، ونقمة المنافقين عليها، وتستجلب سكوت الطواغيت عنها، ورضا أهل الأهواء، متغافلين عن حقيقة أنهم بذلك قد حققوا مراد المشركين منهم بارتدادهم عن دين الله، فأزالوا بذلك داعي قتالهم لهم، الذي بيّن -جل شأنه- أن المشركين لا يزالون يقاتلون المسلمين عليه.
إن من يدرك هذه الحقائق سيفهم سبب العداوة الشرسة التي يظهرها أهل الشرك باختلاف مللهم ونحلهم للدولة الإسلامية وجنودها، وسيعرف سبب إجماع أعداء الدين على قتالها رغم اختلافهم وتنازعهم فيما بينهم، وسيعلم أن الحرب بينها وبينهم لا يمكن أن تنتهي في جولة أو جولتين، بل هي حرب مستمرة لا هوادة فيها، يسعى كل طرف أن يحقق غايته منها.

فالدولة الإسلامية تجعل غاية جهادها تحقيق العبودية لله بإقامة الدين في الأرض، وذلك بجهاد المشركين حفظا لما مكّنها الله فيه، وطلبا لإخضاعهم وبلادهم لحكم الله أو إبادتهم جميعا إن أبوا، وأما المشركون فيعلمون أنهم لن يتمكنوا من إبادة المسلمين من الأرض، ولكن يسعون إلى إجبار أهل الإسلام على ترك أصله، أو دفعهم إلى التنازل عن بعض أركانه أو شعبه.

واليوم وبعد سنوات من الحرب بين الدولة الإسلامية والمشركين وعلى رأسهم أمريكا الصليبية، لا زالت الدولة الإسلامية -بفضل الله وحده- ثابتة على عقيدتها ومنهجها، وقدمت تكاليف باهظة من دماء أمرائها وجنودها، في سبيل أن لا تقدم أي تنازل في دينها، في حين تنازل الكثيرون عن دينهم كله في سبيل حفظ الأنفس والأموال، والعمران والسلطان، فأبقاها الله واستبدلهم، ومكّن لها الله ومحا أثرهم.

فليقتل المشركون منّا ما قدر الله لهم أن يفعلوا، فسيخلفنا الله خيرا، وليستولوا على ما قدّر الله لهم من الأرض، فسنستردها من أيديهم وزيادة بإذن الله، وليدمّروا من المدن والقرى والآليات ما قدّر الله لهم أن يدمّروا، فسيعوّضنا الله كما عوّضنا في كل مرة، فما دام الدين ثابتا والمنهج راسخا، وما دامت راية العقاب طاهرة من دنس الشرك وأهله، فستبقى الدولة الإسلامية، وستستمر حربها عليهم بإذن الله، والعاقبة للمتقين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
حربنا مع المشركين... باقية
...المزيد

أبو جليبيب الإعلامي كتاباتي ستشرب من دمائي لتعلن أنّ في موتي حياتي كم من محنة أخفت في طياتها ...

أبو جليبيب الإعلامي
كتاباتي ستشرب من دمائي
لتعلن أنّ في موتي حياتي

كم من محنة أخفت في طياتها منحة! فمع ازدياد ضغط أهله عليه لينزع فكرة النفير من ذهنه، ويترك متابعة أخبار المجاهدين، ويتوقف عن إطلاع إخوانه على إصداراتهم، وصل الأمر به إلى درجة لم يعد يطيق فيها الصبر على أذاهم، فعزم على فراقهم، والهجرة إلى دار الإسلام، والنفير إلى ساحات الجهاد من جديد، وأعانه على ذلك تعلق أخيه الأصغر به، ورغبته في أن يكون صاحبه في طريق الهجرة، ونصيره في أرض الجهاد.

خرجا من بيتهما لا يعرفان أين يتوجهان، فأمضيا يومهما تائهين في المدينة، لا يدريان كيف يبدآن رحلة الهجرة إلى الشام التي تفصلهم عنها آلاف الأميال، ولا يملكان من تكاليف الرحلة ما يعينهما عليها، بل إنهما اضطرا إلى بيع هواتفهما ليشتريا بأثمانها الطعام والشراب.

وبينما كانا يستريحان في أحد المساجد، منّ الله عليهما بأحد المسلمين دلّهم على الطريق، وآزرهم بما استطاع من المال الذي جمعه لهما، فأكملا ثمن تذاكر الطائرة إلى تركيا، ومنّ الله عليهما بمسلم آخر رأى فقر حالهما فأمدهما من المال ما يمكنّهما من عبور الحدود حتى دخلوا مناطق خارج سيطرة الدولة الإسلامية، ومنها عبرا بسهولة إلى مناطق الدولة الإسلامية فلم يشتبه المرتدون بهما لصغر سنهما، ولكون أوراقهما تثبت أنهما من أهل البلاد، فيسر الله وصولهما إلى دار الإسلام بعد رحلة طويلة، كان أنيسهم فيها دعاؤهم «اللهم دبّر لنا فإننا لا نحسن التدبير».

أنهى أبو جليبيب دوراته الشرعية والعسكرية، ليتم تفريغه للعمل الإعلامي بعد فترة من الرباط، وبعد تزكيته من قبل من يعرفه قبل النفير، وممن صاحبه في المعسكرات والرباط، فيصبح فردا من أفراد المكتب الإعلامي لولاية البركة، ويكون شعلة نشاط وحيوية بين إخوانه الإعلاميين.

كان متعدّد المواهب، فقد استغل فترة استعداده للنفير بالتدرب على عدّة برامج حاسوبية لتصميم الصور وتعديلها، وإخراج الإصدارات المرئية، كما كان صاحب ملكة في فن التصوير طوّرها بحضوره دورة في التصوير الاحترافي داخل الدولة الإسلامية، ليتفرغ بعدها لهذا المجال، ممضيا وقته مع دواوين الولاية في تغطية نشاطاتها، ومنشغلا مع المرابطين في الثغور في تغطية أخبارهم، ومع الاستشهاديين في تسجيل وصاياهم.

وما إن يسمع هيعة للحرب إلا ويمضى إليها يبتغي الموت مضانّه، فيدخل منغمسا مع الجنود المقتحمين ليغطي غزواتهم وينقل للمسلمين صور بطولاتهم، فشارك في الاشتباكات، وصبر تحت دوي القنابل وأزيز الطائرات، وثبت مع إخوانه محاصرا معهم مرّات ومرّات، ولم تقعده الإصابات عن متابعة جهاده، ومضاعفة جهده، بل كان لا يأخذ من النقاهة إلا ما يكفيه للنهوض من جديد والعودة لساحات القتال، ومنازل الأبطال، وكانت أطول فترات انقطاعه عنها أسابيع قليلة قضاها طريح الفراش بعد إصابته بشظية قذيفة هاون سقطت بجواره في معركة (تل تمر) واخترقت صدره ومزّقت رئته، وفور استقرار حالته عاد للعمل داخل المكتب في التصميم وصنع الإصدارات ونشر الأخبار، حتى عاد للعمل الميداني مصورا ومخرجا.

بعد انحياز جنود الخلافة من مدينة الشدادي، عُيِّن أميرا على المكتب الإعلامي في ولاية البركة، حيث كانت المعارك لا تزال على أشدها بين جنود الرحمن وأولياء الشيطان جنوب المدينة، وكان أبو جليبيب على عادته التي لا يفارقها لصيقا بالجبهات، مخالطا لسرايا الانغماسيين وكتائب الاقتحامات، لا تبعده عنهم متطلبات العمل، ولا تشغل باله الإمارة، ولا تلهيه العروس التي لم يمض على بنائه بها فترة طويلة، فكانت نهايته بينهم، أثناء عمل عسكري في قرية (كشكش جبور) حيث استهدفته طائرة صليبية بصاروخ، أحال جسده أشلاء، لينال –بإذن الله– ما تمنّى، ويلحق بإخوانه الذين سبقوه من إعلاميي ولاية البركة، أبي الحارث الجوالي، وأبي عبيدة الزبيدي، وأبي عمر غريبة، وأبي البراء الطائي، وأبي جعفر الحسيني، وأبي طارق الهول، وأبي حمزة الأنصاري تقبلهم الله جميعا في الشهداء، وأحسن لهم الجزاء.

رحل أبو جليبب وإخوانه الإعلاميون، ولسان حال كل منهم يقول: لقد شربت كلماتنا من دمائنا، ولقد صدقنا ما عاهدنا الله عليه، ومضينا فيما دعونا الأمة إليه، فقضينا نحبنا، ولا زال منا من ينتظر، وما بدلنا تبديلا، ولن يبدلوا تبديلا، نحسبهم جميعا كذلك، ولا نزكي على الله أحدا.

رحلوا جميعا، بعدما اقتحموا أرواحنا، واحتل كل منهم حيزا كبيرا من نفوسنا، رحلوا وما تركوا لنا إلا الذكريات الجميلة، وسيرهم العطرة، التي نرويها لمن بعدهم، حتى يأذن الله أن نلحق بهم، فنصير أمثالهم، نسأل الله أن يتقبل منا ومنهم.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من قصة شهيد:
أبو جليبيب الإعلامي
...المزيد

أبو جليبيب الإعلامي كتاباتي ستشرب من دمائي لتعلن أنّ في موتي حياتي كثيرون هم الذين يناصرون ...

أبو جليبيب الإعلامي
كتاباتي ستشرب من دمائي
لتعلن أنّ في موتي حياتي


كثيرون هم الذين يناصرون المجاهدين بأقلامهم وألسنتهم، وكثيرون هم الذين يتمنّون أن ينتقلوا من الجهاد باللسان إلى الجهاد بالسيف والسنان، ولكن قليل منهم من يجتهد في طلب ذلك والحرص عليه، حتى يصل إلى الثغور، ويسقي كلماته من دمائه كؤوسا ترتوي منها، فتزهر ورودا يفوح عبقها، فتملأ الأرجاء بريح طيبة، تستهوي أفئدة غيرهم من المناصرين، الذين يتعلمون ممن سبقهم حقيقة الطريق، ويرون بأعينهم جمال النهاية، ونتيجة صدق النية وصحة الغاية.

لم يكن يخطر ببال خالد إسماعيل وهو يتابع أخبار انتصارات المجاهدين في المنتديات الجهادية، أن يكون يوما ما مشاركا في صناعة تلك الانتصارات، أو مبشِّرا بتلك الأخبار، كما لم يتخيل وهو ينشر صور الشهداء في شبكات التواصل أن تتناقل الصفحات صورته، ويترحم عليه إخوانه شهيدا تحت راية الخلافة، نحسبه كذلك.

لم يكن قد بلغ من العمر عشرين ربيعا عندما تعلّق قلبه بالجهاد وأهله، فصار لا يصبر على متابعة أخبارهم، وقراءة قصصهم، والتعرف على أحوالهم، بل ومحاولة التواصل معهم عن طريق المنتديات رغم معرفته بخطورة ذلك الأمر عليه، ولم يكن هذا التعلق تعصبا فارغا كالذي يعتري البعض حبا في البطولة، وتحيزا للشجعان، وإنما كان التزاما بالإسلام، وحبّا فيمن يعمل به، ويدافع عنه، فصار يلتزم الصلاة في المساجد، ولا يصاحب من الأقران إلا من شابهه في حبّه للمجاهدين، ونصرته لهم.

لم يطل عليه الزمن حتى وجد ساحة الجهاد قد اقتربت من دياره، وحتى صارت جبهات القتال على بعد أميال قليلة من مسكنه في مدينة القامشلي، فما طاب له القعود، ولا عاد يحتمل البعد عن إخوان كان يرجو الله أن يلقاهم وهو لا يعرف عنهم إلا صورا في الإصدارات، أو أسماء وهمية في المنتديات والشبكات، فخرج من دياره مهاجرا إلى الله، ليلتحق بالمجاهدين الذي كانوا في منطقة اليعربية بعد أن فتحها الله عليهم، حيث كان جنود الدولة الإسلامية حينها يعملون تحت مسمى «جبهة النصرة» وذلك قبل غدر أميرها، وشقه للصف، ونقضه للبيعة بمن معه من الخائنين المطاعين، أو السفهاء التابعين.

بقي أبو جليبيب معهم أكثر من شهر، تلقى فيها ضغوطا كبيرة من أهله للعودة، فعاد إلى دياره، بعدما أوهموه أن مرتدي الـ PKK قاموا باعتقال والدته لما بلغهم نبأ نفيره إلى الجهاد، فبقي مدة قصيرة متواريا عن الأنظار في مدينته، خوفا من الاعتقال، خضع بعدها لضغوط أهله بالسفر لإكمال دراسته الجامعية في الخارج، ليبعدوه عن ساحة الجهاد.

سافر كارها إلى قرغيزستان، حيث كان يعمل أبوه، لتلحقهم العائلة كلها إلى هناك، ليبدأ فصل جديد من الفتنة والمحنة، فتنة الدنيا، حيث الجامعة، والمجتمع الجاهلي المنحل، وأبواب المعاصي المشرعة، ومحنة إرهاق أبويه له بالملام لصدّه عن طريق الجهاد وتخويفه من نتائجه عليه وعليهم، حيث لم يكن له من نصير في بلاد الغربة تلك سوى أشقائه الصغار الذين اهتمّ بتربيتهم على الالتزام بالدين، وحبّ الجهاد.

لم يغب الجهاد عن بال أبي جليبيب، ولم تحرفه فتن دار الكفر عن دينه، كما لم تنجح ضغوط أهله في إخراج فكرة النفير من رأسه، فأشغل نفسه بدراسة اللغة الصينية راجيا أن ينفع المسلمين بتعلمها، أو الدعوة إلى الله باستخدامها ريثما يهيأ الله له سبيل الهجرة والنفير.

وفي ذلك الوقت لم يتوقف عن نشاطه في نصرة الدولة الإسلامية، فكان من أهم المناصرين في شبكات التواصل والمنتديات، يكتب بكنى عديدة، فينشر أخبار المجاهدين، ويساهم في دعمهم إعلاميا بإنشاء الحسابات، ورفع الإصدارات، والرد على إعلام الصحوات والمرجفين والطواغيت، دفاعا عن الدولة الإسلامية، ويتواصل مع جنود الدولة الإسلامية ممن كان يعرفهم في نفيره الأول، فيستزيد من كلامهم رغبة في النفير، ويرفع ببشائرهم همّته، ويقوّي بتذكيرهم له من عزيمته على الهجرة والنفير.


كم من محنة أخفت في طياتها منحة! فمع ازدياد ضغط أهله عليه لينزع فكرة النفير من ذهنه، ويترك متابعة أخبار المجاهدين، ويتوقف عن إطلاع إخوانه على إصداراتهم، وصل الأمر به إلى درجة لم يعد يطيق فيها الصبر على أذاهم، فعزم على فراقهم، والهجرة إلى دار الإسلام، والنفير إلى ساحات الجهاد من جديد، وأعانه على ذلك تعلق أخيه الأصغر به، ورغبته في أن يكون صاحبه في طريق الهجرة، ونصيره في أرض الجهاد.

خرجا من بيتهما لا يعرفان أين يتوجهان، فأمضيا يومهما تائهين في المدينة، لا يدريان كيف يبدآن رحلة الهجرة إلى الشام التي تفصلهم عنها آلاف الأميال، ولا يملكان من تكاليف الرحلة ما يعينهما عليها، بل إنهما اضطرا إلى بيع هواتفهما ليشتريا بأثمانها الطعام والشراب.

◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من قصة شهيد:
أبو جليبيب الإعلامي
...المزيد

أكفّاركم خير من أولئكم (2/2) فعلى أي أساس يتم تقسيم أعضاء البرلمانات الذين جعلوا أنفسهم أندادا ...

أكفّاركم خير من أولئكم

(2/2)
فعلى أي أساس يتم تقسيم أعضاء البرلمانات الذين جعلوا أنفسهم أندادا لله، بتشريعهم القوانين الوضعية إلى قسمين، الأول يكون أهله طواغيت مشركين، والثاني ينسب أهله إلى الإسلام زورا وبهتانا؟ وما من قانون تشرعه تلك البرلمانات إلا وكل أعضاء البرلمان مشتركون في إصداره، سواء منهم من وافق عليه، أو من اعترض، فهم قد اشتركوا في التشريع جميعا.

وإذا بحثنا في أحكام بعض أولئك الضالين في قضايا الولاء والبراء، نجد أنهم ألّفوا المؤلفات، ونشروا الخطب والمحاضرات والكلمات في تكفير طواغيت جزيرة العرب، بناء على موالاتهم للصليبيين في حربهم على المسلمين، وحرضوا المسلمين على الخروج عليهم، بل قاتلوهم قتال طائفة مرتدّة، وقد أصابوا في ذلك، فلما وقع بعض أوليائهم في الفعل ذاته صاروا مجتهدين متأولّين، كما نرى اليوم في تولّي صحوات الشام للصليبيّين في قتالهم للدولة الإسلامية، بل بتنا نرى اليوم الفتاوى وهي تنهال من الشرق والغرب لتبرّر فعلهم، وتسمّيه بغير اسمه من قبيل أنه استعانة وليس إعانة، أو أنه مزامنة وليس معاونة، وغير ذلك من خدع التلاعب بالكلمات والحروف التي يخدعون بها السذج من جنودهم وأنصارهم.

فعلى أي أساس يكون الطواغيت من آل سعود كفارا مرتدين لقتالهم المسلمين إلى جانب الصليبيين، وإعانتهم عليهم، ودلّهم على عوراتهم، ويكون مرتدو صحوات الشام الذين يقاتلون الدولة الإسلامية تحت راية الصليب «مجاهدين» و«حماة للدين»؟ مع أن الاثنين وقعوا في الفعل ذاته ولديهما التأويلات الباطلة ذاتها التي يبرّرون بها موالاتهم للصليبيين، من قبيل أن من يحاربونهم من المسلمين «خوارج» أو «مفسدون في الأرض»، أو أنهم مضطرون لفعل ذلك دفعا لمفسدة أكبر، وغير ذلك من الأباطيل التي يروّجها علماء السلاطين على العامّة، وشرعيو الفصائل المرتدة على أتباعها.

فهذا غيض من فيض من الأمثلة والشواهد على تلاعب الفصائل والتنظيمات والأحزاب الضالة بأحكام الشريعة، وتناقضاتهم الفاضحة في أحكامهم على الأفعال، ومن يعمل بها، فإذا وقع غيرهم في الفعل المكفّر كان مستحقا لأن يقع حكم الكفر عليه، وإن وقعوا هم أو من يوالون في الفعل المكفر ذاته صار هذا الفعل «عملا صالحا»، مندوبا فعله أو «واجبا كفائيا تأثم الأمة المسلمة كلها إن تركته»، كما وصفه بعض أحبارهم.

ولو قلَّب أتباع تلك الأحزاب، وجنود تلك التنظيمات، وأنصار تلك الفصائل أعينهم في الواقع، لوجدوا أنهم يعيشون في عالم من التناقضات، ولمّا كان قادتهم وشيوخهم المتبوعون يعلمون هذه الحقيقة، اجتهدوا في حل هذه التناقضات والتخلص من تلك الإشكالات، فلم يجدوا أفضل من الإرجاء وعقائده الضالة لتبرير انحرافاتهم.

فصاروا يشترطون شروطا غير شرعية لتكفير من يقع في تلك الأفعال الكفرية، من قبيل الإقرار اللساني باستحلال الفعل المكفّر، أو القصد القلبي للخروج من الإسلام، بل ومال بعضهم ليصيروا من غلاة الجهمية، بأن جعلوا مجرد معرفة حكم تلك الأفعال المكفّرة مانعا من تكفيرهم، وإن عملوا بها، فصاغوا بذلك دينا جديدا، يوافق أهواءهم، ويخدم ضلالهم، فيستخدمونه سلاحا ضد خصومهم وأعدائهم، ويتدرعون به هم وأولياؤهم من إنكار المنكرين لشركهم وضلالهم، ويخدعون به الجهلة والسفهاء من أتباعهم.

إن الإسلام دين يحكم على الأفعال، لا على التسميات والألقاب، فمن أشرك بالله، وقع عليه اسم الشرك إلا أن يكون مكرها، ونالته أحكام الإسلام في المشركين، مهما كان له من سابقة وبلاء في الإسلام، ومهما كثرت مبرّراته الباطلة، وليعلم كل امرئ أن هذا الدين لله، ليس ملكا لحزب أو تنظيم أو فصيل أو لشخص، فيصوغه كما يريد، ويتلاعب به كما يشاء.

وليعلم كل مسلم أنه باتباعه لأهواء الناس في شركهم بالله يكون مثلهم، مهما كانت بواعثه وتأويلاته، ومهما كانت المنافع الموهومة التي يُزيَّن بها الشرك، كما في قوله: (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لَّا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [سورة الأنعام: 56]، وقوله تعالى: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [سورة البقرة : 120]، وقوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ) [سورة الرعد : 37].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
أكفّاركم خير من أولئكم
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً