🩸أمريكا وأوروبا لم يأتوا إلى سوريا ليسألوا عن اختفاء مئات الآلاف وعن القتل والتعذيب والتدمير ...

🩸أمريكا وأوروبا لم يأتوا إلى سوريا ليسألوا عن اختفاء مئات الآلاف وعن القتل والتعذيب والتدمير والتهجير، وعن سجن الآلاف، وعن المقابر الجماعية، وعن تجارة الأعضاء البشرية، وعن صناعة الكبتاغون والمخدرات، وعن كبس الجثث.

🩸أتوا بعد سنوات طويلة ليسأولوا السوريين:
ما رأيكم بالمرأة؟
ما رأيكم بالكحول؟
ما رأيكم بالحجاب؟
ما رأيكم ببيع الخمور؟

🩸فلا كرامة عندهم للمسلمين وهمهم الوحيد قتلهم وإفسادهم في دينهم ودنياهم حتى يحلو لهم الحفاظ على دولة اليهود وتقويتهم في المنطقة.

🩸هل عرفتم لماذا ينادون بحرية المرأة وحرية الفكر وحماية الأقليات؟

🩸إنهم يريدون حرية المرأة حتى ينشروا الفواحش والرذيلة في بلاد الشام وحتى يفسدون المسلمين من هذا الباب ولا يريدون أن يعودوا لدينهم لأنهم يعلمون أنه مصدر قوتهم وعزتهم ونصرهم.

🩸هل عرفتم لماذا ينادون بحرية الفكر وحماية الأقليات؟
🩸إنهم يريدون نشر الكفر والشرك عن طريق الحفاظ على طوائف الكفر والردة كأمثال المسيحيين وعبدة الشيطان والملحدين والنصيرية والدروز والرافضة ودعاة الديمقراطية وغيرهم.

💥 قال ابن كثير -رحمه الله-: "وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنزلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ يُبَيِّنُ بِذَلِكَ تَعَالَى شِدَّةَ عَدَاوَةِ الْكَافِرِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ حَذَّرَ تَعَالَى مِنْ مُشَابِهَتِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ لِيَقْطَعَ الْمَوَدَّةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ.
وينبِّه تَعَالَى عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الشَّرْعِ التَّامِّ الْكَامِلِ، الذِي شَرَعَهُ لَنَبِيِّهِمْ مُحَمَّدٍ ﷺ، حَيْثُ يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾". انتهى

💥 فيا أخي المسلم إن هؤلاء الكفار لا خير فيهم، فاستمسك بدينك واحرص عليه وعلى البراءة من الكفار وكفرهم وبغضهم وعداوتهم، فإن هذا من أصول الإسلام التي لا يصح إلا بها وهو أساس النصر الذي يسعى الكفار لطمسه من بين المسلمين، نسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمرَ رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية.

#مثاني
@Mthaanii
...المزيد

أهم أحكام زكاة الفطر [2/2] -عمّن يخرجها المسلم: يخرجها الإنسان المسلم عن نفسه وعمن يعولهم ...

أهم أحكام زكاة الفطر

[2/2]

-عمّن يخرجها المسلم:

يخرجها الإنسان المسلم عن نفسه وعمن يعولهم (ينفق عليهم)، فيخرجها عن نفسه وزوجته وأولاده وما ملكت يمينه ووالديه الفقيرين، والبنت التي لم يدخل بها زوجها، والأقارب إذا لم يستطيعوا إخراجها عن أنفسهم، فإن استطاعوا فالأولى أن يخرجوها هم، لأنهم المخاطبون بها أصلا، ويبدأ بالأقرب فالأقرب، بنفسه فزوجته فأولاده ثم بقية القرابة أقربهم فأقربهم على حسب قواعد الميراث، ولا تجب عن الحمل الذي في البطن إلا إن يُتطوع بها، وإن مات مَن وجبت عليه الفطرة قبل أدائها، أخرجت من تركته، والخادم إذا كان له أجرة مقدرة كل يوم أو كل شهر لا يخرج عنه.

- مقدارها:

مقدار زكاة الفطر صاع من طعام، لحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- حيث قال: «كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام...» [متفق عليه]، والصاع المعتبر هو صاع النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يساوي أربعة أمداد، والمد هو ما يملأ كفي الرجل المعتدل الكفين، قال ابن الأثير: «وقيل إن أصل المُد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاما» [النهاية].

تنبيه: الوزن يختلف باختلاف ما يملأ به الصاع، فعند إخراج الوزن لا بد من التأكد أنه يعادل ملء الصاع من النوع المخرج منه، فهو مثلا يعادل ثلاثة كيلو من الرز تقريبا، بينما يعادل كيلوين ونصف من الطحين... وهكذا.

- الأنواع التي تخرج في زكاة الفطر:

يجوز إخراج زكاة الفطر من كل طعام يعد قوتا، أي يقتاته الناس، ولا يفسد بالادخار، وذلك لحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- المتقدم: «كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب»، وتفسير الطعام هنا ببعض أنواعه لا يعني قصره على هذه الأنواع، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- فرض هذه الأنواع لأنها كانت قوت أهل المدينة، وعلى هذا يجوز إخراجها من كل ما يعد قوتا لأهل بلده من أرز أو دقيق أو تمر أو عدس أو فاصولياء... وليحرص المؤمن على أن تكون زكاة فطره من الجيد الطيب لا من شر الأصناف، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله) [رواه مسلم].

مصرف زكاة الفطر (لمن تدفع زكاة الفطر)

تصرف زكاة الفطر للمحتاجين (الفقراء والمساكين)، للحديث المذكور: «فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمه للمساكين»، قال ابن القيم: «وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- تخصيص المساكين بهذه الصدقة ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة، ولا أمر بذلك ولا فعله أحد من أصحابه ولا من بعدهم» [زاد المعاد].

ولا يجوز دفع زكاة الفطر لكافر أو مرتد أو عاص يستعين بها على معصيته، وعلى المسلم أن يتحرى من المساكين المستحقين لزكاة الفطر عائلات الشهداء والأسرى والمصابين، فلهؤلاء حق علينا، وهم أحق الناس بصدقاتنا، وهم يستحقونها من أكثر من وجه، قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [سورة البقرة: 273]، فذكر الله تعالى مستحقي النفقات، ووصفهم بست صفات: أحدها الفقر، والثانية أنهم {أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: محبوسون بسبب الجهاد، والثالثة {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} أي: عاجزون عن الأسفار لطلب الرزق، والرابعة {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} وهذا بيان لصدق صبرهم وحسن تعففهم، والخامسة {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} أي: بالعلامة التي ذكرها الله في وصفهم، وهذا لا ينافي قوله: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ}، فإن الجاهل بحالهم ليس له فطنة يتفرس بها ما هم عليه، وأما الفطن فمجرد ما يراهم يعرفهم بعلامتهم، والسادسة أنهم {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} أي: لا يسألونهم سؤال إلحاف، أي: إلحاح، فهؤلاء أولى الناس وأحقهم بالصدقات [تيسير الكريم الرحمن].

ويجوز للمسلم أن يقوم بإخراج زكاة فطره بنفسه أو أن يوكل مسلما بإخراجها عنه أو أن يدفعها لديوان الزكاة ليقوم الإخوة هناك بتفريقها على مستحقيها، ولهذا أصل في الشرع، فقد كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يعين أبا هريرة –رضي الله عنه- ويرتبه على جمع زكاة فطر المسلمين وتفريقها على مساكين المسلمين [رواه البخاري]، وكذلك فعل الصحابة –رضي الله عنهم- من بعده.

نسأل الله تعالى أن يتقبل من المسلمين صيامهم وصدقاتهم وطهرهم وزكاتهم.


المصدر: صحيفة النبأ - العدد 37
الثلاثاء 23 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال - أهم أحكام زكاة الفطر
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 38 مجاهدون.. في كل أرض وتحت كل سماء إن من يراقب أفعال أعداء الدولة ...

صحيفة النبأ العدد 38
مجاهدون.. في كل أرض وتحت كل سماء


إن من يراقب أفعال أعداء الدولة الإسلامية اليوم، ليعجب من عظيم مكر الله بهم، ويسخر من خفة عقولهم، ويفرح كثيرا بتأييد الله ونصره لأوليائه.

ففي كل يوم يخرج قادتهم مستعرضين بالخرائط الملونة عدد الأمتار التي استطاعوا انتزاعها من يد المجاهدين، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء المقارنة بين التكاليف التي دفعتها الدولة الإسلامية لأخذ هذه الأرض، والتكاليف التي تكبّدوها هم لاستعادة السيطرة عليها مرّة أخرى.

وفي كل يوم يقيمون احتفالا بنصر مزعوم هنا أو هناك، وتثملهم نشوة هذه الانتصارات فترة من الزمن، فينامون سكارى وهم يحلمون بأن يستفيقوا على إعلان لانتصار حقيقي على الدولة الإسلامية، فيخيّب الله ظنونهم، حين توقظهم من سكرتهم أنباء فتوحات جديدة لجنود التوحيد في مشارق الأرض ومغاربها، حتى باتوا يتخوفون من أن يجعل الله في أي خطوة يخطونها وأي انتصار موهوم يحققونه نعمة لعباده المجاهدين ويسرا عليهم، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

ولنا اليوم في احتفالاتهم باستعادة السيطرة على مدينة الفلوجة صورة حيّة؛ فالمدينة التي سيطر عليها جنود الدولة الإسلامية وحققوا منها أهدافهم بأن أقاموا فيها الدين كاملا ما دامت تحت سلطانهم، وجعلها الله على أيديهم شوكة في حلوق الرافضة لثلاثين شهرا أو يزيد، وخسروا على أسوارها عشرات الألوف من القتلى والجرحى، وما لا يحصى من السلاح والعتاد والأموال، لم يتمكن المرتدون من استعادتها إلا بعد أن حشدوا أكثر من ثلاثين ألفا من المقاتلين، وأسرابا من الطائرات الحربية الصليبية، ولم يدخلوها إلا وهم يتشحطون بدمائهم، فلم يجدوا فيها من جثث جنود الخلافة ما يرقصون فوقها، ولا من سلاحهم وعتادهم ما يفرحون باغتنامه، فصبّوا جام غضبهم على الجدران والأحجار يحرقونها لينفسوا ما في داخلهم من غيض، ويدمرونها ليزيلوا ذكريات مريرة تعصف بأذهانهم وهم يحصون التكلفة الباهظة التي دفعوها لتحقيق هذا الهدف الذي يعلمون هم أكثر من غيرهم أن قيمته بالنسبة إليهم دعائية لا أكثر، فيما قيمة ما حققه جنود الخلافة كبيرة جدا وعلى كل الأصعدة، والحمد لله وحده.

فقد ثبّت الله المسلمين في الفلوجة تحت حصار خانق محكم لمدة تسعة أشهر، صابرين على الجوع وقلة السلاح والعتاد، دون أن يملؤوا الدنيا بكاء وعويلا، بل ولم يوقفوا غاراتهم على المشركين، مطلقين الحملة تلو الحملة، محققين فيهم النكاية العظيمة، فلما احتشدت عليهم الأحزاب وأحاطت بهم غرسوا أقدامهم في الأرض، ولم يسلموا منها شبرا إلا وقد أجروا بقربه نهرا من دماء المرتدين، واستمرّوا على حالهم مدافعين لعدوهم حتى أعذرهم الله بأن استقر كل ما في أيديهم من ذخيرة في صدور الروافض المشركين، واستحال كل ما في أيديهم من متفجرات نارا أحرق الله بها أجساد المرتدين، فخرجوا من ساحة المعركة مكلّلين بالفخار، متحرفين لقتال ومتحيّزين إلى فئة، بعد أن عرّفوا الكفار قيمة الثمن الذي عليهم الاستعداد لدفعه إن أغرتهم نفوسهم بالمسير للقاء عساكر التوحيد وجنود الخلافة، وبيّنوا للمسلمين حقيقة الرافضة وحجم حقدهم على أهل الإسلام، وما سينال المسلمين إذا ما تمكّنوا منهم.

خرج المجاهدون من الفلوجة وهم -بفضل الله- أضعاف ما كانوا عليه حين دخولها، أصلب عودا، وأشد حنكة في الحرب، وأشد شوقا لسفك دماء المشركين في كل أرض، سهاما في كنانة أمير المؤمنين -تقبله الله- يلقيها في صدور أعداء الإسلام، ومددا لإخوانهم في كل الجبهات يجبرون كسرهم، ويسدون ثغرهم، ويشاركونهم فتحهم ونصرهم.

خرجوا من الفلوجة وهم -بإذن الله- لا ينتابهم أدنى شك أنهم أقاموا فيها بما يرضي ربهم، فأقاموا الدين كاملا غير منقوص، وأزالوا الشرك وأهله، وحكّموا الشريعة، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وجاهدوا في سبيل الله، وبذلوا كل ما في وسعهم ليحفظوا ذلك كله، وهم عازمون اليوم وكل يوم على إعادة تلك الأرض وكل أرض إلى حمى الإسلام، وإخضاعها لأحكام الشريعة.

خرجوا وهم الكُرّار المتحفّزون للعودة إلى تلك الأرض، ليذوق أعداء الله على أيديهم أضعاف ما ذاقوه في الجولات الماضية، وليسوقوا الروافض سوقا أمامهم، لا إلى بغداد، ولكن إلى حيث ميعاد ثأرنا من المشركين، في النجف الأشرك، وكربلاء المدنّسة، بإذن الله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 38
الثلاثاء 7 شوال 1437 ه‍ـ
...المزيد

أهم أحكام الصيام (1/2) بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى ...

أهم أحكام الصيام
(1/2)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، وعلى كل مسلم تحقيق هذا الركن ليتم إسلامه، ولا يمكنه ذلك إلا بمعرفته لأهم أحكام الصيام في رمضان.

- تعريف الصوم:

الصوم لغةً: مِن صَامَ يَصُومُ، والمصدر منه صَومَاً وصِيَامَاً، والصوم هو الإمساك عن الشيء، سواء كان طعاما أو شرابا أو كلاما أو غير ذلك، قال تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيَّاً} [سورة مريم: 26]، فـ (صَوْماً) وردت هنا بمعنى: إمساكا عن الكلام [لسان العرب، لابن منظور].

والصوم شرعاً: الإمساك عن المفطرات (من الطعام والشراب والجماع)، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، مع النية.

- حكم الصوم:

صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، وواجب (فرض) على كل مسلم، بنص القرآن والسنة وإجماع الأمة.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183]، وقال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [سورة البقرة: 185].

وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «بُني الإسلام على خمس؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان» [متفق عليه].

وقد أجمعت الأمة على وجوب صيام رمضان على المسلمين، وأن من أنكر وجوبه كفر [مراتب الإجماع، لابن حزم].

- شروط وجوب الصوم:

لا يجب الصوم إلا على:
1. المسلم: فلا يصح صيام الكافر.
2. العاقل: فلا يجب على المجنون.
3. البالغ: فلا يجب على الصبي، ولكن يستحب أن يُدرَّب عليه ليتعوده عند البلوغ.
4. الصحيح: فلا يجب على المريض الذي يزيد الصوم في مرضه أو يؤخر في شفائه.
5. المقيم: فلا يجب على المسافر، ويستحب له الصوم إن لم يجد فيه مشقة.
6. القادر: فلا يجب على من لا يطيقه، كالكبير في السن، والمريض الذي لا يُرجى شفاؤه، والحامل والمرضع إذا كان الصوم يضر بهما أو بولديهما.

- أركان الصوم:

1. النية: ومحلها القلب، ويكفي أن تنوي منذ أول يوم من أيام شهر رمضان صيام الشهر كله، ويقوم مقام النية الاستعداد للصيام بالقيام للسحور وتحري وقت الفجر للامتناع عن المفطرات ونحو ذلك.
2. الإمساك عن المفطرات: وهي الأكل والشرب والجماع (يعني الإمساك عن شهوتي البطن والفرج).
3. الزمان: ووقت الصوم من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.

- فضل الصوم:

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدّم من ذنبه) [رواه البخاري].

فإن صُمت رمضان (إيمانا) منك بأن صيامه فرض من الله تعالى يجب أداؤه، فقد حققت الشرط الأول في الحديث، وإن صُمت رمضان (احتسابا) للأجر والمثوبة من الله تعالى، ولم تصم رمضان رياء وسمعة، فقد حققت الشرط الثاني في الحديث، ولك بعد ذلك البشارة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بـ (مغفرة ما تقدّم من ذنبك) إن شاء الله.

- الحكمة من الصوم:

للصوم فوائد عظيمة كثيرة، مدارها كلها على الحكمة التي شرع الله تعالى لأجلها الصيام، وهي (التقوى)، والتي تتمثل بأداء ما أمرنا الله به، والكف عما نهانا عنه سبحانه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183]، و(لَعَلَّ) هنا للتعليل، أي: لأجل أن تتقوا الله، فتتركوا ما حرّم الله، وتقوموا بما أوجب الله.

- حكم تارك الصوم:

من ترك الصوم في رمضان لعذر فلا شيء عليه، كمن تركه لمرض أو سفر أو غير ذلك من الأعذار.
أما من ترك صيام رمضان بلا عذر شرعي فيُنظر حاله، فإن كان تركه للصيام لشهوة طعام وشراب وجماع أو نحو ذلك وأنه كان مُقرّا بوجوب صيام رمضان وركنيّته في الإسلام، فهذا فاسق مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب.

أما من جحد وجوب الصوم -كأن قال مثلا: لا يوجد في الإسلام صيام رمضان- فهذا كافر بإجماع الفقهاء، لأن وجوب صوم رمضان معلوم من الدين بالضرورة، وهو ركن بُني عليه الإسلام، ومن جحده واستحل فطره فقد نقض أصل الدين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقالة:
أهم أحكام الصيام
...المزيد

والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّّتها [3/3] - التربية على حب القتال في سبيل الله: ...

والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّّتها
[3/3]

- التربية على حب القتال في سبيل الله:

ومن أعظم نعم الله على الأشبال في أرض الخلافة، التي على الأم استشعارها وحسن استغلالها وشكر الله تعالى عليها، أن ينشأ أبناؤها في كنف بيت أب مجاهد، فيكبرون وقد اعتادت أعينهم الصغيرة على رؤية السلاح من بنادق وجعب ورصاص وقنابل وأحزمة ناسفة، كما وأن متابعة إصدارات المجاهدين وأخبارهم المقروءة والمسموعة، تنمي لدى الشبل حب الجهاد وأهله وبغض من عاداهم، وقد تسمع الأم لوماً من بعض الناس على طريقة تربيتها لأبنائها، متحججين بأن هذا قد يقتل طفولتهم ويميت براءتهم، ولمثل هؤلاء نقول؛ أخرج أبو يعلى بإسناد جيد عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كان الحسن والحسين -عليهما السلام- يصطرعان بين يدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (هَيَّ حسن) ، فقالت فاطمة، رضي الله عنها: يا رسول الله، لم تقول: (هَيَّ حسن)؟ فقال: (إن جبريل عليه السلام يقول: هَيَّ حسين).

وأخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: «إني لواقف يوم بدر في الصف، نظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم، هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، وما حاجتك يا ابني أخي؟ قال: بلغني أنه سب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والذي نفسي بيده لو رأيته لم يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فغمزني الآخر فقال لي مثلها، قال: فتعجبت لذلك، قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، فقلت لهما: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه، فاستقبلهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبراه، فقال: (أيكما قتله؟) فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، قال: (هل مسحتما سيفيكما؟) قالا: لا، فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السيفين فقال: (كلاكما قتله)».
وجاء في البداية والنهاية: «عن هشام بن عروة قال: إن أول ما فصح به عبد الله بن الزبير وهو صغير السيف السيف، فكان لا يضعه من فيه، وكان الزبير إذا سمع ذلك منه يقول له: أما والله ليكونن لك منه يوم ويوم وأيام».

وعن عروة بن الزبير أن الزبير أركب ولده عبد الله يوم اليرموك فرسا وهو ابن عشر سنين ووكل به رجلا [رواه البخاري].

- الحرص على اللسان العربي:

وحبذا لو تحرص الأم المسلمة أن تحافظ على عروبة لسان أبنائها، وتقويمه من اللحن، فإن لم يكونوا من العرب فتسعى إلى تعليمهم اللسان العربي، ليتعلموا أمر دينهم، ويختلطوا بجماعة المسلمين، وقد روى الخطيب البغدادي أن عليا وابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم- كانوا يضربون أبناءهم على اللحن


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 38
الثلاثاء 7 شوال 1437 ه‍ـ

مقال:
والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّّتها
...المزيد

والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّّتها [1/3] حريّ بكلّ أمٍّ أنعم الله عليها بنعمة ...

والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّّتها
[1/3]


حريّ بكلّ أمٍّ أنعم الله عليها بنعمة الإنجاب في ربوع دولة الإسلام، أن تستغل هذا الفضل العظيم الذي آتاها الله تعالى دون غيرها من النساء، فتسعى جاهدة لتنشئة أبنائها تنشئة ترضي بها ربها وتنفع بها أمتها، كيف لا؟ وهي الأم المنجبة والحاضنة والمربية، بينما الرجال الآباء هم بين عمل ورباط.

فعن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته) [متفق عليه].

وقد عرّف أهل العلم الراعي على أنه الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما اؤتمن على حفظه، فهو مطلوب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه، ومسؤول هل قام بما يجب لرعيته أو لا.

وعندما يقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها)، فهذا تكليف عظيم وأمانة كبيرة قد وُسِّدت للمرأة المسلمة، فيها من الأجر والثواب ما فيها، إن هي أدت ما عليها في حق رعيتها وهم الأبناء، وفيها من الحساب والعقاب ما فيها، إن هي ضيّعت هذه الأمانة وفرطت في حق رعيتها.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [سورة التحريم: 6]، وقال ابن عمر -رضي الله عنهما- لرجل: «أدِّب ابنك، فإنك مسؤول عن ولدك، ماذا أدّبته، وماذا علمته، وإنه مسؤول عن برّك وطواعيته لك» [رواه البيهقي].

- الابتداء بالتوحيد:

وإن أول ما على الأم المسلمة تنشئة الأطفال عليه عند أول نطقهم، تلقينهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ومعناها، ومما يروى عن علي بن الحسين -رحمه الله- أنه كان يعلم ولده ويقول: (قل آمنت بالله وكفرت بالطاغوت) [رواه ابن أبي شيبة]، وكذلك تلقن الأم طفلها الأصول الثلاثة: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ وأيضا سؤال الطفل: أين الله؟ وما هو القرآن؟ ومثل هذه الأسئلة التي تضع أسسا للعقيدة السليمة والتوحيد الصافي في نفس الطفل.

ومن أجمل ما قد يتعلمه الطفل معية الله -سبحانه وتعالى- لعبيده، فيتعلم الخشية من الله -عز وجل- ويعظم شأن الخالق في نفسه، ويتحسس مراقبته له في سره وعلانيته، وهذا عبد الله التستري -رحمه الله- كان وهو طفل يردد قبل أن ينام: (الله شاهدي، الله ناظري، الله معي) [رواه ابن أبي شيبة].

- صلاح الأم سبب لإصلاح أبنائها:

وعلى الأم المربية المعلمة القدوة أن تصلح من نفسها حتى تنجح في إصلاح رعيتها في بيتها، فإن صلاح الرعية من صلاح الراعي، وصلاح الأبناء من صلاح الأم.

وقد روى ابن أبي الدنيا أن عتبة بن أبي سفيان قال لمؤدِّب ولده: «أبا عبد الصمد، ليكن أول إصلاحك بَنِيَّ إصلاحك نفسك؛ فإن عيوبهم معقودة بعيبك، الحسن عندهم ما صنعت والقبيح عندهم ما استقبحت» [النفقة على العيال].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 38
الثلاثاء 7 شوال 1437 ه‍ـ

مقال:
والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّّتها
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 38 رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاّب للموحدين من محمد بن عبد الوهّاب، إلى من ...

صحيفة النبأ العدد 38
رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاّب للموحدين


من محمد بن عبد الوهّاب، إلى من يصل إليه من الإخوان المؤمنين بآيات الله، المصدّقين لرسول الله، التابعين للسواد الأعظم من أصحاب رسول الله، والتابعين لهم بإحسان، وأهل العلم والإيمان، المتمسكين بالدين القيم عند فساد الزمان، الصابرين على الغربة والامتحان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فإن الله سبحانه بعث نبيكم -صلى الله عليه وسلم- على حين فترة من الرسل، وأهل الأرض من المشرق إلى المغرب، قد خرجوا عن ملة إبراهيم، وأقبلوا على الشرك بالله، إلا بقايا من أهل الكتاب، فلما دعا إلى الله، ارتاع أهل الأرض من دعوته، وعادَوْه كلهم، جُهّالهم وأهل الكتاب، عبّادهم وفسّاقهم، ولم يتبعه على دينه إلا أبو بكر الصديق، وبلال وأهل بيته -صلى الله عليه وسلم- خديجة وأولادها، ومولاه زيد بن حارثة، وعلي، رضي الله عنه.

قال عمرو بن عبسة: لما أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة قلت: ما أنت؟ قال: نبي. قلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله. قلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يُعبد الله لا يُشرك به شيء. قلت: من معك على هذا؟ قال: حر وعبد. ومعه يومئذ أبو بكر، وبلال.

فهذا صيغة بُدوّ الإسلام وعداوة الخاص والعام له، وكونه في غاية الغربة، ثم قد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ) فمن تأمل هذا وفهمه، زالت عنه شبهات شياطين الإنس، الذين يجلبون على من آمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخيل الشيطان ورجله.

فاصبروا يا إخواني، واحمدوا الله على ما أعطاكم، من معرفة الله سبحانه، ومعرفة حقه على عباده، ومعرفة ملة أبيكم إبراهيم، في هذا الزمان التي أكثرُ الناس منكر لها، واضّرعوا إلى الله أن يزيدكم إيمانا ويقينا وعلما، وأن يثبت قلوبكم على دينه، وقولوا كما قال الصالحون، الذين أثنى الله عليهم في كتابه: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [سورة آل عمران: 8]
واعلموا أن الله سبحانه، قد جعل للهداية والثبات أسبابا، كما جعل للضلال والزيغ أسبابا؛ فمن ذلك: أن الله سبحانه أنزل الكتاب، وأرسل الرسول، ليبين للناس ما اختلفوا فيه، كما قال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [سورة النحل: 64] فبإنزال الكتب، وإرسال الرسول، قطع العذر، وأقام الحجة، كما قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سورة النساء: 165].

فلا تغفلوا عن طلب التوحيد وتعلمه، واستعمال كتاب الله وإجالة الفكر فيه، وقد سمعتم من كتاب الله ما فيه عبرة، مثل قولهم: نحن موحدون، نعلم أن الله هو النافع الضار، وأن الأنبياء وغيرهم لا يملكون نفعا ولا ضرا، لكن نريد الشفاعة، وسمعتم ما بيّن الله في كتابه، في جواب هذا، وما ذكر أهل التفسير وأهل العلم، وسمعتم قول المشركين: الشرك عبادة الأصنام، وأما الصالحون فلا، وسمعتم قولهم: لا نريد إلا من الله، لكن نريد بجاههم*، وسمعتم ما ذكر الله في جواب هذا كله.

وقد منّ الله عليكم بإقرار علماء المشركين بهذا كله، سمعتم إقرارهم أن هذا الذي يفعل في الحرمين، والبصرة، والعراق، واليمن، أن هذا شرك بالله، فأقروا لكم أن هذا الدين الذي ينصرون أهله، ويزعمون أنهم السواد الأعظم، أقروا لكم أن دينهم هو الشرك.

وأقروا لكم أيضا أن التوحيد الذي يسعون في إطفائه، وفي قتل أهله وحبسهم، أنه دين الله ورسوله، وهذا الإقرار منهم على أنفسهم، من أعظم آيات الله، ومن أعظم نعم الله عليكم، ولا يبقى شبهة مع هذا إلا للقلب الميت، الذي طبع الله عليه، وذلك لا حيلة فيه.

ولكنهم يجادلونكم اليوم بشبهة واحدة، فأصغوا لجوابها، وذلك أنهم يقولون: كل هذا حق، نشهد أنه دين الله ورسوله، إلا التكفير والقتال، والعجب ممن يخفى عليه جواب هذا! إذا أقرّوا أن هذا دين الله ورسوله، كيف لا يكفر من أنكره وقتل من أمر به وحبسهم، كيف لا يكفر من أمر بحبسهم؟! كيف لا يكفر من جاء إلى أهل الشرك، يحثهم على لزوم دينهم وتزيينه لهم؟! ويحثهم على قتل الموحدين، وأخذ مالهم، كيف لا يكفر، وهو يشهد أن هذا الذي يحث عليه، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنكره ونهى عنه؟! وسماه الشرك بالله، ويشهد أن هذا الذي يبغضه، ويبغض أهله، ويأمر المشركين بقتلهم، هو دين الله ورسوله!

واعلموا أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله، أو صار مع المشركين على الموحدين ولو لم يشرك، أكثر من أن تحصر، من كلام الله، وكلام رسوله، وكلام أهل العلم كلهم
.وأنا أذكر لكم آية من كتاب الله، أجمع أهل العلم على تفسيرها، وأنها في المسلمين، وأن من فعل ذلك فهو كافر في أي زمان كان، قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [سورة النحل: 106] إلى آخر الآية وفيها: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ} [سورة النحل: 107] ؛ فإذا كان العلماء ذكروا أنها نزلت في الصحابة لما فتنهم أهل مكة، وذكروا: أن الصحابي إذا تكلم بكلام الشرك بلسانه، مع بغضه لذلك وعداوة أهله، لكن خوفا منهم، أنه كافر بعد إيمانه، فكيف بالموحد في زماننا، إذا تكلم في البصرة، أو الإحساء، أو مكة، أو غير ذلك خوفا منهم، لكن قبل الإكراه، وإذا كان هذا يكفر، فكيف بمن صار معهم، وسكن معهم، وصار من جملتهم؟! فكيف بمن أعانهم على شركهم، وزينه لهم؟ فكيف بمن أمر بقتل الموحدين، وحثهم على لزوم دينهم؟
فأنتم وفقكم الله تأملوا هذه الآية، وتأملوا من نزلت فيه، وتأملوا إجماع العلماء على تفسيرها، وتأملوا ما جرى بيننا وبين أعداء الله، نطلبهم دائما الرجوع إلى كتبهم التي بأيديهم، في مسألة التكفير والقتال، فلا يجيبوننا إلا بالشكوى عند الشيوخ، وأمثالهم، والله أسأل أن يوفقكم لدينه القيم، ويرزقكم الثبات عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

* يقصد الشيخ بهم الذين يستشفعون بالأموات قائلين «يا فلان اشفع لي عند الله» ونحوه زاعمين أنهم يتقربون إلى الله بجاه الصالحين، وهذا هو عين شرك الجاهلية الأولى، قال تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ} [سورة الزمر: 3].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 38
الثلاثاء 7 شوال 1437 ه‍ـ
...المزيد

والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّّتها [2/3] - التربية على الزهد والخشونة: كما ...

والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّّتها
[2/3]

- التربية على الزهد والخشونة:

كما ويجدر بالأم المسلمة أن تزرع في نفوس أبنائها أن هذه الدنيا دار سفر، وأن الآخرة هي دار القرار، والله -عز وجل- يقول على لسان مؤمن آل فرعون: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [سورة غافر: 39]، وهكذا يزهد هؤلاء الناشئة في هذه الدنيا الفانية فتهون عليهم وتعظم في أعينهم الآخرة، بتربية أمهم لهم على شظف العيش وشيء من الخشونة، وإرضاعهم معنى الزهد، وأن هذه النعم التي نتنعم بها لزوّالة، وليس أفضل في مثل هذا من سيرة إمام الزاهدين -صلى الله عليه وسلم- فعن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: «إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نار!» فقلت: «يا خالة ما كان يعيشكم؟» قالت: «الأسودان التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيران من الأنصار كانت لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ألبانهم فيسقينا» [متفق عليه].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) [متفق عليه]؛ قال ابن حجر: «(قوتا): أي اكفهم من القوت بما لا يرهقهم إلى ذل المسألة ولا يكون فيه فضول تبعث على الترفه والتبسط في الدنيا» [فتح الباري].

نعم هذا ما سأله النبي -صلى الله عليه وسلم- لآل بيته رغم أن جبريل -عليه السلام- قد أتاه بمفاتيح خزائن الأرض ولكنه -صلى الله عليه وسلم- زهد فيها، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «ما شبع آل محمد -صلى الله عليه وسلم- من طعام ثلاثة أيام حتى قُبض» [رواه البخاري]، وها هو النبي -صلى الله عليه وسلم- حبيب الحق وصفيه وخير خلقه ينام على الحصير حتى تدمي جنبه ويراه عمر -رضي الله عنه- فيبكي لذلك، فيقول له النبي: (ما يبكيك؟) فيقول: يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله، فقال: (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة) [متفق عليه].

هكذا كان حال نبينا -صلوات ربنا وسلامه عليه- في هذه الدنيا، وعلى مثل هذا يجب أن يتربى جيل الخلافة، فيَنشأ جيلاً صلباً خشناً قد عركته الحياة وشدت عوده، ويتهيأ بذلك لحمل الأمانة وأخذ الراية والاستخلاف في الأرض، عن أبي عثمان النهدي، قال: «أتانا كتاب عمر بن الخطاب: اخشوشنوا، واخشوشبوا، واخلولقوا، وتمعددوا كأنكم معد، وإياكم والتنعم، وزي العجم» [رواه الطحاوي في «شرح معاني الآثار»].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 38
الثلاثاء 7 شوال 1437 ه‍ـ

مقال:
والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّّتها
...المزيد

وماذا بعد وداع رمضان؟ [1/2] - أحبّ العمل إلى الله أدومه... ومما يجب عليك بعد أن منَّ الله ...

وماذا بعد وداع رمضان؟
[1/2]


- أحبّ العمل إلى الله أدومه...

ومما يجب عليك بعد أن منَّ الله عليك بإتمام الشهر الفضيل الدوام على عباداتك التي كنت تتعبد بها في رمضان، من صيام وقيام وصدقات وقرآن وأذكار... إلخ، فحافظ على ما بدأتَ به كماً ونوعاً، فحافظ على الصلوات في أوقاتها وعلى سننها الراتبة وعلى الخشوع فيها وعلى التبكير إليها في المساجد... وحافظ على الصيام، فالذي شرَّع لك صيام رمضان هو سبحانه الذي شرَّع لك صيام داود -عليه السلام- وصيام ثلاثة أيام من الشهر وصيام الاثنين والخميس، ولْيكن صيامك –كما كنت في رمضان- صيام الظاهر والباطن، وحافظ على تلاوة القرآن وحفظه وتدبره والعمل به، ولا تهجر كتاب الله كما يفعل الكثير من الناس ما إن يهل هلال شوال! وهكذا مع سائر العبادات التي تعبَّدتَ بها الله تعالى.

وقد حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على المداومة على العمل الصالح بعد رمضان، كما في قوله، عليه الصلاة والسلام: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) [رواه مسلم]، فديمومة الصيام في شوال توصل المسلم بأجواء صيام رمضان، وعندما سألت عائشة -رضي الله عنها- رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: (أدْوَمُه وإن قَلَّ) [رواه مسلم]، قال النووي: «وفيه الحث على المداومة على العمل، وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع، وإنما كان القليل الدائم خيراً من الكثير المنقطع، لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة» [شرح صحيح مسلم].

- واعبد ربّك حتى يأتيك اليقين:

وإياك إياك أن تكون من عبّاد رمضان، الذين لا يعبدون الله حق عبادته إلا في رمضان! أوليسَ الله تعالى هو ربُّ رمضان وربُّ غيره من الشهور؟!
قيل لبعض السلف: «إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان»، فقال: «بئس القوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان! إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها» [اللطائف].

وهل ضمنت -عبد الله- أن الله تعالى قد تقبل منك رمضان وأنك ستموت على ما أنت عليه؟! ألم تسمع قوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}، وقد قيل في تفسيرها: «واعبد ربك حتى يأتيك الموت، الذي هو مُوقَن به» [تفسير الطبري].

وقوله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}، وقد قيل في تفسيرها: «إن الله تعالى، أمر نبيّه أن يجعل فراغه من كلّ ما كان به مشتغلا من أمر دنياه وآخرته، مما أدّى له الشغل به، وأمره بالشغل به إلى النصب في عبادته، والاشتغال فيما قرّبه إليه، ومسألته حاجاته، ولم يخصص بذلك حالا من أحوال فراغه دون حال، فسواء كلّ أحوال فراغه، من صلاة كان فراغه، أو جهاد، أو أمر دنيا كان به مشتغلا... وقوله: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} يقول تعالى ذكره: وإلى ربك يا محمد فاجعل رغبتك، دون من سواه من خلقه» [تفسير الطبري].

واعلم -يا من أتممت عبادات رمضان- أنَّ من علامات قبول الله تعالى لعباداتك في رمضان، استمرارَك عليها بنفس نشاطك، فدليل قبول الطاعة أن توصل لطاعة بعدها، وعلامة ردها أن توصل بمعصية بعدها، فالحسنة تقول لأختها تعالي، والسيئة كذلك، فانظر حالك وقيِّم نفسك، ولا تكن {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا}، ولا تكن من الخَلَف الذين {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ}.

وأخيراً نختم بنصيحة غالية لمن قصَّر في عبادة رمضان، ونقول له: احذر -أخي المسلم- أشد الحذر من الشيطان أن يعدك ويمنيك بأنَّ رمضان قد فات وانقضت أيامه، وأنك ستعوض ما فاتك في رمضان المقبل! فإنَّ هذا من تلبيس إبليس اللعين بالتسويف والمماطلة في العبادة، والأجدر بك أن تبادر فوراً بالتوبة والإنابة وتُقبل على عبادة الله وتستغفره لما فرطت في جنبه سبحانه، أما انتظارك أحد عشر شهراً لكي تتوب فإنَّ هذه لحياة طويلة، ما أنت ولا أي أحد يضمن إدراكها! كما أنَّ تسويفك هذا العام سيتكرر العام القادم! فكم من أناس عاهدوا الله أن يفعلوا كذا وكذا إذا حلَّ رمضان، وإذا بهم يدخل عليهم الشهر ويخرج ولم يفعلوا شيئاً مما عاهدوا الله عليه! فاحذر أخي أشد الحذر من هذا المرض الـمُهلك، وبادر بالتوبة وحسن العبادة من شوال، نسأل الله تعالى أن يبلغك رمضان المقبل فتُري الله منك ما يسرّ.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 38
الثلاثاء 7 شوال 1437 ه‍ـ

مقال:
وماذا بعد وداع رمضان؟
...المزيد

أكفّاركم خير من أولئكم (2/2) فعلى أي أساس يتم تقسيم أعضاء البرلمانات الذين جعلوا أنفسهم أندادا ...

أكفّاركم خير من أولئكم

(2/2)
فعلى أي أساس يتم تقسيم أعضاء البرلمانات الذين جعلوا أنفسهم أندادا لله، بتشريعهم القوانين الوضعية إلى قسمين، الأول يكون أهله طواغيت مشركين، والثاني ينسب أهله إلى الإسلام زورا وبهتانا؟ وما من قانون تشرعه تلك البرلمانات إلا وكل أعضاء البرلمان مشتركون في إصداره، سواء منهم من وافق عليه، أو من اعترض، فهم قد اشتركوا في التشريع جميعا.

وإذا بحثنا في أحكام بعض أولئك الضالين في قضايا الولاء والبراء، نجد أنهم ألّفوا المؤلفات، ونشروا الخطب والمحاضرات والكلمات في تكفير طواغيت جزيرة العرب، بناء على موالاتهم للصليبيين في حربهم على المسلمين، وحرضوا المسلمين على الخروج عليهم، بل قاتلوهم قتال طائفة مرتدّة، وقد أصابوا في ذلك، فلما وقع بعض أوليائهم في الفعل ذاته صاروا مجتهدين متأولّين، كما نرى اليوم في تولّي صحوات الشام للصليبيّين في قتالهم للدولة الإسلامية، بل بتنا نرى اليوم الفتاوى وهي تنهال من الشرق والغرب لتبرّر فعلهم، وتسمّيه بغير اسمه من قبيل أنه استعانة وليس إعانة، أو أنه مزامنة وليس معاونة، وغير ذلك من خدع التلاعب بالكلمات والحروف التي يخدعون بها السذج من جنودهم وأنصارهم.

فعلى أي أساس يكون الطواغيت من آل سعود كفارا مرتدين لقتالهم المسلمين إلى جانب الصليبيين، وإعانتهم عليهم، ودلّهم على عوراتهم، ويكون مرتدو صحوات الشام الذين يقاتلون الدولة الإسلامية تحت راية الصليب «مجاهدين» و«حماة للدين»؟ مع أن الاثنين وقعوا في الفعل ذاته ولديهما التأويلات الباطلة ذاتها التي يبرّرون بها موالاتهم للصليبيين، من قبيل أن من يحاربونهم من المسلمين «خوارج» أو «مفسدون في الأرض»، أو أنهم مضطرون لفعل ذلك دفعا لمفسدة أكبر، وغير ذلك من الأباطيل التي يروّجها علماء السلاطين على العامّة، وشرعيو الفصائل المرتدة على أتباعها.

فهذا غيض من فيض من الأمثلة والشواهد على تلاعب الفصائل والتنظيمات والأحزاب الضالة بأحكام الشريعة، وتناقضاتهم الفاضحة في أحكامهم على الأفعال، ومن يعمل بها، فإذا وقع غيرهم في الفعل المكفّر كان مستحقا لأن يقع حكم الكفر عليه، وإن وقعوا هم أو من يوالون في الفعل المكفر ذاته صار هذا الفعل «عملا صالحا»، مندوبا فعله أو «واجبا كفائيا تأثم الأمة المسلمة كلها إن تركته»، كما وصفه بعض أحبارهم.

ولو قلَّب أتباع تلك الأحزاب، وجنود تلك التنظيمات، وأنصار تلك الفصائل أعينهم في الواقع، لوجدوا أنهم يعيشون في عالم من التناقضات، ولمّا كان قادتهم وشيوخهم المتبوعون يعلمون هذه الحقيقة، اجتهدوا في حل هذه التناقضات والتخلص من تلك الإشكالات، فلم يجدوا أفضل من الإرجاء وعقائده الضالة لتبرير انحرافاتهم.

فصاروا يشترطون شروطا غير شرعية لتكفير من يقع في تلك الأفعال الكفرية، من قبيل الإقرار اللساني باستحلال الفعل المكفّر، أو القصد القلبي للخروج من الإسلام، بل ومال بعضهم ليصيروا من غلاة الجهمية، بأن جعلوا مجرد معرفة حكم تلك الأفعال المكفّرة مانعا من تكفيرهم، وإن عملوا بها، فصاغوا بذلك دينا جديدا، يوافق أهواءهم، ويخدم ضلالهم، فيستخدمونه سلاحا ضد خصومهم وأعدائهم، ويتدرعون به هم وأولياؤهم من إنكار المنكرين لشركهم وضلالهم، ويخدعون به الجهلة والسفهاء من أتباعهم.

إن الإسلام دين يحكم على الأفعال، لا على التسميات والألقاب، فمن أشرك بالله، وقع عليه اسم الشرك إلا أن يكون مكرها، ونالته أحكام الإسلام في المشركين، مهما كان له من سابقة وبلاء في الإسلام، ومهما كثرت مبرّراته الباطلة، وليعلم كل امرئ أن هذا الدين لله، ليس ملكا لحزب أو تنظيم أو فصيل أو لشخص، فيصوغه كما يريد، ويتلاعب به كما يشاء.

وليعلم كل مسلم أنه باتباعه لأهواء الناس في شركهم بالله يكون مثلهم، مهما كانت بواعثه وتأويلاته، ومهما كانت المنافع الموهومة التي يُزيَّن بها الشرك، كما في قوله: (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لَّا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [سورة الأنعام: 56]، وقوله تعالى: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [سورة البقرة : 120]، وقوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ) [سورة الرعد : 37].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
أكفّاركم خير من أولئكم
...المزيد

أهم أحكام الصيام (2/2) - الحكمة من الصوم: للصوم فوائد عظيمة كثيرة، مدارها كلها على الحكمة ...

أهم أحكام الصيام

(2/2)
- الحكمة من الصوم:

للصوم فوائد عظيمة كثيرة، مدارها كلها على الحكمة التي شرع الله تعالى لأجلها الصيام، وهي (التقوى)، والتي تتمثل بأداء ما أمرنا الله به، والكف عما نهانا عنه سبحانه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183]، و(لَعَلَّ) هنا للتعليل، أي: لأجل أن تتقوا الله، فتتركوا ما حرّم الله، وتقوموا بما أوجب الله.

- حكم تارك الصوم:

من ترك الصوم في رمضان لعذر فلا شيء عليه، كمن تركه لمرض أو سفر أو غير ذلك من الأعذار.
أما من ترك صيام رمضان بلا عذر شرعي فيُنظر حاله، فإن كان تركه للصيام لشهوة طعام وشراب وجماع أو نحو ذلك وأنه كان مُقرّا بوجوب صيام رمضان وركنيّته في الإسلام، فهذا فاسق مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب.

أما من جحد وجوب الصوم -كأن قال مثلا: لا يوجد في الإسلام صيام رمضان- فهذا كافر بإجماع الفقهاء، لأن وجوب صوم رمضان معلوم من الدين بالضرورة، وهو ركن بُني عليه الإسلام، ومن جحده واستحل فطره فقد نقض أصل الدين.

- عقوبة المفطر من غير عذر:

يراد بالعقوبة هنا: الجزاء الدنيوي المترتب على من أفطر عمدا في رمضان من غير عذر شرعي.
وعقوبته متفرعة عن اعتقاده في حكم الصيام، فمن ترك صوم رمضان بلا عذر مع كونه لا يجحد وجوبه، فهذا يعاقب ويعزّر بالجلد أو بحبسه أو بما يراه الإمام من عقوبات رادعة له ولغيره، ومن ترك الصيام مع استحلاله لتركه فهذا مرتدّ يُستتاب من ردّته، فإن لم يتب، يُقتل ردةً بلا خلاف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إذا أفطر في رمضان مستحلّا لذلك، وهو عالم بتحريمه استحلالا له، وجب قتله، وإن كان فاسقا عوقب عن فطره في رمضان بحسب ما يراه الإمام» [مجموع الفتاوى].

- مستحبات الصوم:

مستحبات الصيام كثيرة، أهمها:
1. السحور، ويستحب تأخيره إلى قبيل طلوع الفجر.
2. الدعاء أثناء الصوم وعند الإفطار.
3. تعجيل الإفطار بعد غروب الشمس.
4. الإفطار على رطبات وترا، فإن لم يكن فعلى تمرات، وإلا فعلى ماء.
5. تفطير الصائمين.
6. الإكثار من النوافل كـ (قيام الليل بالتراويح والتهجد، وقراءة القرآن، والصدقة، والاعتكاف في المسجد... إلخ).
وغير ذلك من الطاعات الكثيرة.
مكروهات الصوم
1. المبالغة في المضمضة والاستنشاق.
2. إكثار الكلام بغير ذكر الله وبلا ضرورة.
3. تذوّق الطعام من غير حاجة.
4. الإكثار من الطعام والشراب عند الإفطار.
مباحات الصوم
1. تأخير اغتسال الجنب والحائض والنفساء (إذا طهرتا) إلى ما بعد الفجر.
2. بلع ما لا يمكن الاحتراز عنه كالريق وغبار الطريق ونحوهما.
3. تذوّق الطعام للحاجة (كطهو الطعام أو إطعام طفل).
4. شم الروائح (الطيب أو الطعام).
5. صب الماء على رأس الصائم وجسده، وكذلك النزول في الماء والانغماس فيه.
6. التداوي بما لا يصل إلى الجوف كزرق الإبرة (غير المغذية) في العضلة أو الوريد.

- مبطلات الصوم:

1. نقض شرط من شروط صحة الصيام، مثل ردة المسلم، وجنون العاقل، والحيض والنفاس للمرأة.
2. نقض ركن من أركانه، كمن تعمّد الأكل والشرب (أما إذا أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر)، والجماع وإنزال المني بتعمد (أما الاحتلام في نهار رمضان فلا يبطل الصوم).
3. تعمد إخراج القيء (أما إذا غلبه القيء فلا شيء عليه).
4. إخراج الدم بالحجامة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) [صحيح، رواه أبو داود وغيره].
وختاما، نسأل الله تعالى أن يتقبل منّا الصيام والقيام والجهاد وسائر الأعمال، وأن يعيد علينا شهر رمضان وقد فتحت لنا بغداد ودمشق، وفُكّت قيود الأسرى والأسيرات من سجون الطغاة...
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 34
الثلاثاء 2 رمضان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقالة:
أهم أحكام الصيام
...المزيد

{بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} (ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم) هكذا وصف النبي ...

{بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا}

(ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم) هكذا وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- نار الدنيا، هذه النار داهمت أمريكا في أبهى مدنها فأحرقتها وأدمت قلوب مترفيها فأبكتهم وشردتهم وأبادت ديارهم حتى وصفوها بـ "أهوال يوم القيامة" و "نهاية العالم" ووقفت "الدولة العظمى" بكل قواتها ومقدراتها عاجزة أمام قدرة الخالق سبحانه التي تجلت في نار الطهي والتخييم، فكيف بهم غدا وهم يحترقون في نار الجحيم!

وبينما اتّحدت الجاهلية المعاصرة بجيوشها وحكوماتها ودعاتها، على وصم التوحيد والجهاد بـ "التطرف الفكري" تحريفا وتشويها، واجتمعوا على حربه ومكافحته، سلط الله عليهم "التطرف المناخي" كما اصطلحوا على تسميته وتفسيره، ولا يظلم ربك أحدا.

على الأرض، امتدت ألسنة اللهب لتطال أبعد من القصور والبنيان، حيث تضررت بشدة "أسواق التأمين والإسكان" الربوية التي عجزت عن تأمين الخسائر التي بلغت عشرات المليارات في تقديرات ليست نهائية.

العجز الأمريكي أمام نار الطهي، بلغ حد الاستعانة بمئات السجناء للمشاركة فيما عجز عنه الطلقاء، واستنفرت فرق الجيش الأمريكي لضبط الأمن الذي ذرّته الرياح في الهواء، باختصار سقطت المنظومة الأمريكية الحكومية الأمنية في مناطق الحريق، وعمّ الرعب والفوضى الأرجاء، هذا مشهد مصغر للعجز الأمريكي أمام قدرة الخالق تعالى، وهو مشهد تقريبي لما قد تشهده الدول الصليبية المتغطرسة في حال داهمتها قوارع أكبر وأوسع، إنها رسالة إلهية مفادها: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ}.

هذا المشهد حيث الفوضى العارمة وفقدان السيطرة هو فرصة عملياتية ملهمة لشن هجمات أو الإعداد لها، حيث تنقدح أفكار لدى المجاهدين المنفردين حول مدى إمكانية التسبب بحريق مشابه؟ الأمر ممكن، كل ما عليك هو الخروج في "رحلة تخييم" إلى إحدى الغابات القريبة من الأحياء السكنية، ثم أضرم النار وانسحب بهدوء.

في الجانب الشرعي، امتنع الدعاة الحداثيون عن الإقرار بأن ما حل بأمريكا هو انتقام إلهي وعذاب أصابها كما أصاب الأمم الكافرة قبلها، بينما حسم "دعاة الإخوان" أمرهم هذه المرة ووصفوه بذلك وربطوا الانتقام الإلهي بجرح غزة، وقد كانوا من قبل يرفضون الربط بين القوارع التي تضرب أمريكا وأوروبا وبين الانتقام الإلهي للمسلمين المكلومين في العراق أو الشام أو خراسان وغيرها، ويمنعون الفرح بها، وكانوا يقولون كما يقول الممتنعون: إنها مجرد كوارث طبيعية لأسباب علمية لا تحتمل العقوبة أو البلاء أو التخويف!، إنها انتقائية فقهية حزبية تُطوّع الدين لأجل الحزب! وتتاجر بالآيات كما تتاجر بالجراحات!

وعلى كل فاضطرابات وتقلبات أهواء دعاة الإخوان والإرجاء، لا تقل عن اضطرابات وتقلبات المناخ، لكن بما أنهم أقروا بأنه انتقام إلهي عادل من أمريكا لغزة، ماذا لو نجح المجاهدون بافتعال هذه الحرائق في قادم الأيام؟! هل سيشاركوننا فرحة الانتقام أم سيصير "إرهابا" مخالفا لسماحة الإسلام؟!

الملحدون وأفراخهم من العقلانيين ينسبون هذه القوارع والكوارث دوما إلى التغيُّرات المناخية الحادة، ويفسرونها بتفسيرات جافة تخرجها عن قدرة الله وتدبيره، وكأن الطبيعة تتغير بأمر نفسها وتتحرك بتدبيرها لا بأمر خالقها ومدبرها سبحانه.

هذه الاضطرابات ناجمة عن الخلط بين المصائب التي تحل بالمسلم، وبين القوارع التي تضرب الأمم والأقوام، فالأولى لا سبيل للجزم أن ما أصاب فلانا بعينه هو عقوبة له أو ابتلاء، وقد يجتمعان أو يفترقان، وبينهما عموم وخصوص فكل عقوبة ابتلاء، وليس كل ابتلاء عقوبة بدليل أن أكثر الناس بلاء الأنبياء، ولا يُتصور أن بلاءهم عقوبة! بخلاف غيرهم من المؤمنين فقد يجتمع فيهم هذا وذاك، وقطعا بخلاف أحوال الكافرين الذين لا يتحقق في حقهم من هذه القوارع إلا العقاب أو التخويف الذي يرفض الحداثيون طرقه ويهمزونه بأنه "ثقافة وعظية تقليدية" لا تناسب المقام وتسيء إلى الإسلام!

وقد دلت النصوص الشرعية على استمرار وقوع القوارع والعقوبات في أمم الكفر إلى يوم القيامة لقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ}، قال ابن كثير: "أي: بسبب تكذيبهم، لا تزال القوارع تصيبهم في الدنيا، أو تصيب من حولهم ليتعظوا ويعتبروا".


◼ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 478
السنة السادسة عشرة - الخميس 16 رجب 1446 هـ

مقتطف من المقال الافتتاحي:
{بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا}
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً