فرار المنتكسين نَفْيٌ لِلْخَبَث وَتَطْهِيرٌ لِلصَّف الحمد لله رب العالمين، من خلق الإنسان وهداه ...

فرار المنتكسين نَفْيٌ لِلْخَبَث وَتَطْهِيرٌ لِلصَّف

الحمد لله رب العالمين، من خلق الإنسان وهداه النجدين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على دربهم بثبات ويقين، أما بعد:

فإن الزيغ من بعد الرشاد، والضلال من بعد الهدى، والكفر من بعد الإيمان، والشرك من بعد التوحيد، والبدعة من بعد السنة، لهو من أكبر الخذلان والخسران، وإن الله -تعالى- لا يهدي إلى الحق إلا طيبا، ولا يلقي في ردغة الباطل إلا خبيثا.

وإن من تلوث بضلال، أو شاب عقيدته دخن، كثيرا ما ينتكس ويرتكس -إلا من يعصم اللهُ- وإن بدا منه صلاح أو فلاح، قد يخدع الناظرين إلى حاله حينا من الزمن، ثم سرعان ما تَجْفِئُ نفسُه زبدَها، فتنجلي عن عصارة من خبث ونفاق.

• البدع أصل الفساد

وتأمل -أرشدك الله- في هذه القصة لتستبين حقيقة المنتكسين، وأنهم عادة ما تكون لهم جذور في البدع والضلال حتى وإن ربا زرعهم وأينع بين أهل الفضل والمكرمات: "عن عبد الواحد بن صبرة قال: بلغ ابن مسعود أن عمرو بن عتبة في أصحاب له بنوا مسجدا بظهر الكوفة، فأمر عبد الله بذلك المسجد فهدم. ثم بلغه أنهم يجتمعون في ناحية من مسجد الكوفة يسبحون تسبيحا معلوما ويهللون ويكبرون، قال: فلبس برنسا، ثم انطلق فجلس إليهم، فلما عرف ما يقولون رفع البرنس عن رأسه ثم قال: أنا أبو عبد الرحمن، ثم قال: لقد فَضَلْتم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- علما، أو لقد جئتم ببدعة ظلما. قال: فقال عمرو بن عتبة: نستغفر الله، ثلاث مرات، ثم قال رجل من بني تميم: والله ما فَضَلْنا أصحاب محمد علما، ولا جئنا ببدعة ظلما، ولكنا قوم نذكر ربنا، فقال: بلى، والذي نفس ابن مسعود بيده، لقد فَضَلْتم أصحاب محمد علما، أو جئتم ببدعة ظلما، والذي نفس ابن مسعود بيده لئن أخذتم آثار القوم ليسبقنكم سبقا بعيدا، ولئن حرتم يمينا وشمالا لتضلن ضلالا بعيدا" [رواه ابن وضاح في البدع]، ورُوي أن بعض هؤلاء الذين طردهم ابن مسعود -رضي الله عنه- قد قالوا بعد ذلك بقول الخوارج، وناجزوا المسلمين في النهروان، فتأمل كيف كانت بدعهم في العبادات سبيلا إلى انتكاستهم عند النهايات، ولطالما كانت البدعة بريدا للضلال، فكيف بمن أخفى ما أشدّها من الضلالات!

ثم انظر إلى واصل بن عطاء، فقد كان من كبار الفصحاء والبلغاء، وكان يحضر دروس الحسن البصري رحمه الله، وسمّي بالغَزَّال لتردده على سوق الغزل ليتصدق على الفقيرات من النساء، فلما قال بأن الفاسق لا مؤمن ولا كافر، طرده الحسن عن مجلسه، فضلَّ وزاغ وكان أول من حمل لواء المعتزلة.

وكذلك تأمل -يرحمك الله- في حال رَجَّال بن عُنْفُوَة، وقد كان في وفد بني حنيفة الذين قدموا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسلموا، ولكنه افتتن بعد ذلك بمسيلمة الكذاب وارتد وقُتل على ذلك.

وما هذا إلا غيض من فيض المنتكسين، وقطرات من بحار ظلماتهم، فعلام إذن يحزن المرء إذا غادر الخلافة منتكس، أو يجزع إذا يمم بوجهه نحو ديار الكفر مرتكس؟

• المحن تطرد الخبث

إنها المحن إذ تنفي عن الخلافة الخبث كما ينفي الكير خبث الذهب، وتُطهّر الصف من رجس لوثات المنافقين ودنس شبهاتهم، وإن الموحّدين -والله- ليدعون الله أن يخرج هؤلاء جميعا من بين أظهرهم.

وكما قيل: إن من هاجر من أجل صورة فستعود به صورة، ومن هاجر من أجل قصة فستعود به قصة، ومن هاجر لأجل عقيدة ودين فسترسخ أقدامه في الهجرة، بإذن الله تعالى.

وكذلك اليوم نقول أن من هاجر للدولة بعد النصر والتمكين لأنه يروم الدعة والعيش مع الأقوياء، فسيعود أدراجه حتما عند المحنة والابتلاء، ولن يكون أبدا من أتباع رعيل خير القرون الذين قال الله –تعالى- فيهم: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172]، أولئك الذين مسّتهم القروح وعركتهم الشدائد، فما تراجعوا القهقرى وما انفضوا عن نبيّهم، بل ومنذ أن صاح فيهم مناديهم تلك الصيحة الأولى: إن كان رسول الله قد قُتل فقوموا وموتوا على ما مات عليه، بقيت تلكم الصيحة حاديهم في هذه الدنيا إلى أن قضوا، وما بدلوا تبديلا، فرضي الله عنهم وأرضاهم جميعا.

ومن هاجر ظانا أنه قد يجد لدخن عقيدته أو ضلاله متنفسا في دولة الإسلام، أو أنه قد يجد لبضاعته الفاسدة سوقا يبيع فيها ما اهترأ من عقائده بين أهل التوحيد الصافي، فسيخيب سعيه قطعا وستتقيّؤه أرض الخلافة الطيبة كما تقيأت الذين سبقوه وحاولوا تلويث منهجها ولا كرامة.
• المنتكسون آفة كل عصر

وأما من يرى في هروب الخبثاء حجة على جماعة المسلمين، وطعنا في منهجها، فليعد إلى كتب التفاسير ولينظر فيمن نزلت هذه الآية: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 86 - 89].

روى الإمام الطبري بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "كان رجل من الأنصار أسلم، ثم ارتد ولحق بالشرك، ثم ندم فأرسل إلى قومه: أرسلوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل لي من توبة؟ قال: فنزلت هذه الآيات، فأرسل إليه قومه فأسلم" [جامع البيان في تأويل القرآن].

ولقد هاجر عبيد الله بن جحش إلى الحبشة مع زوجه أم المؤمنين حبيبة -رضي الله عنها- غير أنه انتكس على أم الرأس، فارتد على عقبيه وتنصر هناك ومات على ردته، وهو الذي كان يعد في جملة المنتسبين للأصحاب، فهل في هذا مأخذ على دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورسالته؟ معاذ الله، ولكن عيون الشانئين بها رمد وقد عز المنصفون.

وما على دولة الإسلام ولا على أمرائها وجنودها من حرج ولا خوف، إن تولى عنها وعنهم كل البشر ما دام رب البشر يقول لخير البشر: {فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ} [التوبة: 129].

ولله در عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- حين قال: "والله إنْ أبالي إذا وجدتُ ثلاث مائة يصبرون صبري لو أَجْلَبَ عليَّ أهل الأرضِ" [سير أعلام النبلاء].

• ربنا لا تزغ قلوبنا..

ومع هذا النفي للخبث والتطهير للصف، لا يسعنا إلا أن نسأل الله أن يثبتنا وأن لا يجعلنا ممن تزل بهم الأقدام، ونذكر أهل التوحيد، من رعية وجنود، بأن لا يغتروا بما هم عليه اليوم من صلاح وثبات، فإن العبرة بالنهايات لا بالبدايات، ومع كل منتكس يهوي في دركات الباطل، حري بالمؤمن الفطن أن لا يستعظم ذلك، وأن يخشى على نفسه هذه الفتن التي باتت تغشانا، فما أمِنها على نفسه صاحب المقام المحمود، فكان أكثر حلفه -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري عن ابن عمر، قال: "كانت يمين النبي، صلى الله عليه وسلم: (لا ومقلب القلوب)".

وروى الإمام أحمد عن شهر بن حوشب، قال: "قلت لأم سلمة: يا أم المؤمنين، ما كان أكثر دعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه: (يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك). قالت: فقلت له: يا رسول الله، ما أكثر دعاءك: يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك؟ قال: (يا أم سلمة، إنه ليس من آدمي، إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله -عز وجل- ما شاء أقام، وما شاء أزاغ).

قال الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمهما الله: "وليعلم من أنعم الله عليه بمعرفة الشرك، الذي يخفى على أكثر الناس اليوم، أنه قد منح أعظم النعم، {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}، {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ}، إلى قوله: {فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً}، ثم لا يأمن مَن مَنّ الله عليه بذلك من الافتتان" [الدرر السنية].
فليحذر الموحد كل الحذر من أن يزيغ قلبه أو يضل فؤاده، أو أن يأخذه العجب بنفسه، والله -تعالى- يقول: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ} [الأنعام: 110]، نعوذ بالله من الحور بعد الكور.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على خاتِم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 94
الخميس 24 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

تنبيه الأبرار لخطورة الاستئسار (2) الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما ...

تنبيه الأبرار لخطورة الاستئسار (2)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فالخلاص من الكفار سبيل الموحدين الأحرار، هذا لأن المجاهد عزيز بدينه، ولا ينبغي له أن يكون في أغلال الكفار يفتنونه ليرُدُّوهُ ويصُدُّوهُ عن دينه، فإن الموحد إذا قدَّر الله عليه الأسر والاعتقال لحِكمة قضاها سبحانه، فلا بد له من السعي للخلاص من الأسر بأي طريقة مشروعة، والخوف كل الخوف هو من الفتنة في الدين.

• اصبر أبا جندل

فإن الصحابي الجليل أبا جندل -رضي الله عنه- عندما جاء للنبي -صلى الله عليه وسلم- مسلما، وجاء أبوه سهيل بن عمرو ليأخذه، وكان حينئذ على الشرك، لم يكن خوفه سوى من الفتنة في الدين، فقال كما في رواية الإمام أحمد: "...صرخ أبو جندل بأعلى صوته: يا معاشر المسلمين، أتردونني إلى أهل الشرك، فيفتنوني في ديني؟... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا جندل اصبر واحتسب، فإن الله -عز وجل- جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا، فأعطيناهم على ذلك، وأعطونا عليه عهدا، وإنا لن نغدر بهم) قال: فوثب إليه عمر بن الخطاب مع أبي جندل، فجعل يمشي إلى جنبه وهو يقول: اصبر أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب. قال [راوي الحديث]: ويدني قائم السيف منه [أي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أدنى السيف لأبي جندل، رضي الله عنه]. قال: يقول: رجوت أن يأخذ السيف، فيضرب به أباه).

ففي قصة أبي جندل -رضي الله عنه- ما يسلي كل أسير ابتلي على أمر الله تعالى، وهي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- للمأسورين بالصبر والاحتساب، فإن الموحد له ربٌّ ينجيه من هذا الكرب مع صبره على أمر الدين واحتساب الأجر عند الله سبحانه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا جندل اصبر واحتسب، فإن الله -عز وجل- جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا)، فلم يلبث حتى فرَّج الله كرب أبي جندل وكل مستضعف مأسور، فلحقوا بمِسْعَر الحرب أبي بصير رضي الله عنه.

قال الإمام الطبري: "وينفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو، فلحق بأبي بصير، فاجتمع إليه قريب من سبعين رجلا منهم، فكانوا قد ضيقوا على قريش، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لهم فقتلوهم، وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يناشدونه بالله وبالرحم لمَّا أَرْسَل إليهم! فمن أتاه فهو آمن، فآواهم رسول الله فقدموا عليه المدينة" [تاريخ الطبري].

وفي قصة أبي جندل أيضا أن الفاروق عمر -رضي الله عنه- كان يحث أبا جندل على قتل أبيه الذي جاء ليأخذه أمام النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك الفعل، حيث كان يدني قائم السيف من أبي جندل ليأخذه ويضرب به أباه المشرك لينجو من أسره، لكنه لم يفعل رجاء إسلام أبيه، الذي أسلم فيما بعد وكانت له مواقف في نصرة الدين حين ارتدت العرب.

• الهرب من الأسر واجب على القادر عليه

فالموحدون هم الأعلون بدينهم، والأسر فيه فتنة في الدين وهذا هو هدف الكفار، فالسجن هو أحد أساليب الكفار والمرتدين للنيل من دين المسلم، وإيراده الكفر طوعا أو كرها، قال الله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89]، فدين الموحد هو ما يغيظ الكافر وهو سبب اجتماع أمم الكفر عليه، ولذلك لا ينبغي للموحد البقاء تحت قهر السجان والاستسلام للأسر، بل الهرب حين تتوفر الفرصة متوجِّبٌ إجماعا، ونقل الإجماع على ذلك الإمام ابن النحاس -رحمه الله- قائلا: "الأسير المقهور متى قدر على الهرب من الكفار لزمه ذلك بلا خلاف" [مشارع الأشواق].
ويجب على المأسور أن لا ينتظر، بل يجب عليه المبادرة وأن يتخذ الأسباب الممكنة لذلك ويسعى بكل طريقة ووسيلة للخلاص، سواء بقتل السجانين أو الهروب من دون قتلهم حسب الحال، واستخدام الحيلة وخداع الكفار مشروع في ذلك، ومن فعله فَلَهُ سلف من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمثلة واقعية من فعل إخوانه من جنود دولة الإسلام المقتدين بالسلف، ولقد بوَّب الإمام البخاري (باب: هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟)، وأشار إلى قصة الصحابي الجليل مسعر الحرب أبي بصير، رضي الله عنه.
• أبو بصير قدوة لكل مؤمن مأسور

وأورد الإمام البخاري القصة كاملة في باب آخر من صحيحه، وفيها: "رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، فجاءه أبو بصير -رجل من قريش- وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحُليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رآه: (لقد رأى هذا ذعرا)، فلما انتهى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قُتل -واللهِ- صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد -واللهِ- أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل أمه مِسْعَر حرب، لو كان له أحد)، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بِعِير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تناشده بالله والرحم، لمَّا أَرْسَل، فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم، فأنزل الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24]".

وفي هذه القصة دروس مفيدة للمجاهدين، منها أن أبا بصير -رضي الله عنه- تحايل على آسِرِه المشرك وأخذ سيفه بالتحايل عليه فقتله، وسعى لقتل الآخر الذي فرَّ مذعورا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على شجاعة أبي بصير بقوله: (ويل أمه مسعر حرب، لو كان له أحد)، إشارة إلى شجاعته وحسن فعله وتشجيعا له وإقرارا له على صنعه، وحثاً للمسلمين المستضعفين على اللحاق به وهذا ما تحقق له فيما بعد من اجتماع عصبة من المؤمنين الفارين بدينهم معه.

• على نهج حذيفة البطاوي وإخوانه

وعلى سيرة السلف سار جنود دولة الإسلام مِمَّن وقعوا في أسر الصليبيين، فكم من الأنفاق التي حفروها في سجونهم، وكم من أخ هرب حتى من أشدها تحصينا، أما في سجون المرتدين، فحديث الآساد الأحرار الذين قتلوا سجانيهم في داخل سجن (أبو غريب) وأنجدهم إخوانهم من الخارج يعرفه العدو قبل الصديق، حيث خرجت جموع غفيرة من الموحدين، الذين كان لخروجهم أثر كبير في جهاد الكفار وتقوية بنيان الدولة الإسلامية، ومن قبلها محاولة ثلة من آساد بغداد، على رأسهم الأسد الهصور الشيخ حذيفة البطاوي تقبله الله، حيث أحكموا خطتهم واستطاعوا إدخال السلاح إلى داخل السجن بمساعدة إخوانهم من الخارج، فاستطاعوا قتل كبير محققي ومجرمي "مكافحة الإرهاب" فبلغوا ثأرهم وثأر إخوانهم، وقتلوا من قتلوا واستطاعوا الوصول لبوابة السجن فتدخل الصليبيون بطائراتهم وقُتل الإخوة تقبلهم الله، حيث أغاظوا الكفار وجعلوا الحسرة تقطع أكبادهم وقلوبهم، فنكلوا بهم أيما تنكيل، وأخذوا ثأرهم من المرتدين داخل السجن، فهؤلاء وأمثالهم في مشارق الأرض ومغاربها، هم أحفاد الصحابة أباة الضيم وفرسان النزال، وحاديهم في صنيعهم قول الشيخ أبي مصعب الزرقاوي تقبله الله: "ليس الذلة أن يُقتل المرء أو يُعتقل، ولكن الذلة أن يعيش عاجزا عن تطبيق شرعة ربه في الأرض، والذلة أن ترى اليهود يسرحون ويمرحون بين ظهراني المسلمين وأنت صامت لا تستطيع حراكا، ومكبل لا تستطيع فكاكا، والذلة أن يتمكن الصليبيون وأعوانهم من بسط سيطرتهم وبناء قواعد لهم، ثم الانطلاق منها لقتل المسلمين ومحاربة الله ورسوله، والذلة أن ترى أخواتك وهنَّ يصرُخن من قهر السجان الصليبي وأنت مرتاح البال قرير العين".

وبمثل هؤلاء الغُر الميامين من السلف والخلف فليقتدِ المقتدون، فإما حياة تحت ظل شرع رب العالمين، وإما قِتلة تغيظ الكافرين، والحمد لله رب العالمين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 94
الخميس 24 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

الأمير العسكري لولاية الرقة: معركة الرقة لن تكون نزهة للمرتدين والصليبيين حيث المعارك تستعر في ...

الأمير العسكري لولاية الرقة:
معركة الرقة لن تكون نزهة للمرتدين والصليبيين

حيث المعارك تستعر في نواحي المدينة التي صارت ساحة لمن أراد إحدى الحسنيين، ومقبرة للمرتدين وحلفائهم. فمن شاهد معركة الموصل عَلِم يقينا أن معركة الرقة لن تكون إلا خسارة وندامة للمرتدين وأعوانهم. فلن يتقدم الكفار شبرا في أرض الإسلام حتى تنوح نوائحهم على دماء أريقت فداء لجنود الصليبيين كما أريقت دماء الرافضة في الموصل، ولن يخلُوَ بيت من عويل نوائحهم، بإذن الله عز وجل.

(النبأ) تنقل لكم مجريات الحوار مع الأخ الأمير العسكري لولاية الرقة ليحدثنا عن أهم معالم المعركة هناك.

حَدِّثْنا عن ولاية الرقة وأهميتها الاستراتيجية ووضعها العسكري الحالي ومعنويات المجاهدين فيها.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... أما بعد:

لقد تمتعت الرقة بمكانة خاصة قبل الأهمية الاستراتيجية والعسكرية، إذ أنها من أولى المدن التي فتحها الله -سبحانه وتعالى- للمجاهدين، ونشروا فيها عقيدة التوحيد الصافي وحاربوا فيها الكفر بكل أنواعه، وكانت هي المنطلَق لتمدد الدولة الإسلامية، والمركز لعمليات الخلافة في مختلف الجبهات. أمَّا بالنسبة للأهمية الاستراتيجية، فتتمتع الرقة بموقع جغرافي يتوسط الأراضي التركية والمناطق المهمة في بلاد الشام، ويمكن اعتبارها مركز ثقل المدن الواقعة شمال الفرات.

أما عن معنويات المجاهدين، فهي عالية وإرادة القتال موجودة، بفضل الله، ولهم غايتان لا ثالث لهما، فإما شهادة ولقاء رب العالمين، وإما نصر وفتح وتمكين، إن شاء الله.

• ما الذي يهدِف إليه الصليبيون وعملاؤهم في المنطقة بحملتهم على الرقة؟

إن الهدف الرئيس من الحملة الصليبية هو القضاء على الإسلام وأهله، وردُّ الناس عن دينهم بعدما عاد إليهم التوحيد وقد طُمس حِقبة من الزمان.

وأبرز الأهداف العسكرية للحملة على الرقة هي:
• إبعاد المجاهدين عن مركز حَيَويٍّ لهم من النواحي الاقتصادية والعسكرية وغيرها.
• إخراج مجاهدي الدولة الإسلامية من إحدى أكبر مدنهم، ظناً منهم أن ذلك سيُقلل من انضمام المسلمين إلى الدولة الإسلامية.
• إعطاء الملاحدة فرصة لإقامة دُوَيْلَة لهم على مقربة من الأراضي التركية، ظناً منهم أن ذلك سيمنع دخول المجاهدين إلى أوروبا عبر المنافذ الحدودية.
• وصول الصليبيِّين إلى ضفاف نهر الفرات والسيطرة على أبرز المدن فيه وهي: الرقة والسيطرة على السدود المهمة فيها.
• إيهام الغرب والشرق أن استيلاء الصليبيِّين والملاحدة على الرقة، سيكون ضربة قاصمة للمجاهدين وعاملاً يقضي على الخلافة في الأرض، ولكن خابوا وخسِئوا إن شاء الله، فإنها باقية إلى قيام الساعة بإذن الله.

• كيف استعد جنود الخلافة وقادتهم للدفاع عن الولاية عموما ومدينة الرقة خصوصا؟

يسَّر الله -تعالى- للمجاهدين أسبابا للقتال والتصدي للحملة الصليبية والإثخان بأعداء الله، فلقد شَرَعَ المجاهدون بالولاية في بداية الحملة بامتصاص القوة الصليبية عبر الدفاع تارة، والهجوم المعاكس تارة، وضربِ العدو في العمق تارةً أخرى، ونصب الكمائن في مناطق العدو والمناطق التي يُتوقع دخول الكفار إليها، وكان لتلك العمليات أثر بالغ في الكفار والمرتدين، التي جعلت جحافله تبدو قلقة مضطربة، والخوف يعلو جباههم والرُّعبُ يملأ قلوبهم.

وإن من أنجح طرق الدفاع ضد تقدم المرتدين هي تفخيخ الأماكن المحتمل التقدم إليها، وخاصة الاستراتيجية منها، أو التي يريد العدو تحصيل نصر وهمي فيها، ومن الأساليب أيضاً نشر مفارز القنص بمختلف أنواعها الثقيلة منها أو الخفيفة في الأماكن الاستراتيجية التي تظهر فيها عورة العدو، والأماكن المرتفعة كالأبنية وغيرها.

ومن الأساليب أيضاً السيارات المفخخة التي تُغِيرُ على التجمعات والعتاد الذي لا يمكن الوصول إليه بالأسلحة الأخرى كقاذفات الصواريخ أو غيرها.
واعتمد الإخوة على التمويه مُتَّخذين منه سببا مهما لنجاح المعركة، وقام الإخوة أيضا بتقسيم المدينة إلى قواطع وقطعات صغيرة تكون ذاتية التصرف في حالة الطوارئ، وذاتية التعامل مع الأهداف، وكذلك يكون لها مؤن وذخائر، بحيث لا يحتاج القاطع إلى غيره من القواطع الأخرى، ويكون ذاتيَّ التصرف لتقدير المواقف ولترتيب الصفوف.

ومن الأساليب أيضا وضع ورش لصيانة السلاح وإصلاحه وكذلك تصنيعه بعدما أثبتت الدولة الإسلامية -بفضل الله- مهارة في تطوير السلاح، سواء إن كان سلاحا جويا أو طائرات مسيرة أو مضادات الأبنية والثكنات أو أسلحة القنص والكواتم، وكذلك العبوات... وغيرها من الأسلحة التي منَّ الله بها على عباده المجاهدين ولم نَبُح بها.

الأمير العسكري لولاية الرقة:
معركة الرقة لن تكون نزهة للمرتدين والصليبين
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 94 الافتتاحية: حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 94
الافتتاحية:

حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ


يُزَيِّن أهل الباطل باطلهم بالأسماء البرّاقة، والأوصاف اللمّاعة، التي تستفِز فضول السُذَّج الأغرار، وتخدع بعض الأتقياء الأبرار، والتي قد تقترب أحيانا من أحكام ومعانٍ شرعية محمودة، ولكن حقيقتها تخالف حقيقة تلك الأحكام والمعاني، بل وتناقضها أحيانا.

ومن تلك المعاني التي يروّج لها أهل الباطل اليوم، قولهم أن الجهاد يجب أن يكون "جهاد أمة"، ولا يجوز أن ينحصر بحال في فئة من أبنائها، لأنهم أعجز من أن يقوموا بالواجبات الكبيرة لهذا الجهاد لوحدهم، فأعداء الدين كُثُر، وشوكتهم قوية، ولذلك فإن مشاركة "الأمة" كلها في هذا الجهاد ضرورية لترجيح كفة المجاهدين ضد أعدائهم.

وهذا المعنى وإن كان صحيحا في ذاته، فإن أهل الضلال يستخدمونه اليوم سُلَّما يهبطون من خلاله مزيدا من الدركات في رحلة تنازلاتهم التي لا تنتهي عن أحكام الشريعة إرضاء لأهوائهم، وطلبا لرضا المشركين عنهم، وذلك بقولهم أنه يجب التشارك في الجهاد مع مختلف الأحزاب والطوائف التي ينسبونها إلى الإسلام، وإن كان أكثرها طوائف كفر وردّة، وفي سبيل هذا التشارك لا بد من تقديم التنازلات لإرضاء هذه الطوائف، والوصول معها بذلك إلى حلول وسطية، ولو بالدخول معهم في كفرهم وردّتهم.

لقد فهِم مرتدو تنظيم القاعدة في الشام وأشباههم في كل مكان، من مصطلح "جهاد الأمة"، أن المجاهدين يجب أن لا ينعزلوا عن ما يسمونه "الأمة"، لكي لا يتسنى لأعدائهم ضربهم، ويقصدون بمصطلح "الأمة" هنا كل المنتسبين إلى الإسلام حقيقة أو زورا.

ولذلك فقد عزموا منذ بدايات تقرير منهجهم البدعي الضال، أن لا يسبِقوا هؤلاء بشيء، فيكونوا في صفهم دائما مهما كانت درجة تراجعهم، فإذا حصل وسبقوهم في أمر شرعي، أو تحرك ميداني، فلا بد أن يتداركوا أنفسهم ويتراجعوا مع أدنى هزة تصاحب هذا السبق، وذلك للاختفاء في صفوفهم، والاحتماء بهم، ودرء غدرهم وشرورهم، مع ما يتضمّنه ذلك من تضييع لأحكام الدين التي لا يقبلونها، وترك للجهاد وتعطيل له إن قرروا التوقف عنه لأي سبب كان، رغبة بما لدى المشركين، أو رهبة منهم.

وهذا بخلاف منهج أهل الحق، الذين يندفعون في طلبه، والسعي لإقراره في الأرض، ولو خالفهم من خالفهم، أو خذلهم من خذلهم، كما قال -عليه الصلاة والسلام- في وصفهم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) [رواه مسلم]، بل إن هذه الطائفة لا تكتفي بالحق لنفسها وأفرادها، وإنما تسعى جاهدة إلى جرِّ الناس إليه بكل وسيلة مشروعة، فمن جاء للحق طالبا فحيّ هلا، ومن أضرّ نفسه بإصراره على الباطل الذي سيكبُّه في نار جهنم، فلا بأس من إنقاذه من ظلمه لنفسه، وجرّه إلى الحق جرّا حتى يصير في زمرة أصحابه، وينال خيري الدنيا والآخرة، وما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحدود، والتعزيرات إلا من هذا الباب.

وهكذا فإن المجاهد في سبيل الله -تعالى- لا يتأخر عن القيام بحكم من أحكام الشريعة حضر وقته، لمجرد تأخر الناس عنه، بل يتقدمهم إليه، ويُحرِّض المؤمنين منهم على اللحوق به، لقوله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 84]، وإن ما يسميه الناس اليوم "الأمة الإسلامية" ويقصدون بذلك كل المنتسبين إلى الإسلام، لا يمكن أن تُدعى كلها إلى الجهاد في سبيل الله، إذ باتت تحمل في طياتها الكثير من طوائف الكفر والردة التي تنتسب جميعها إلى الإسلام و"الأمة الإسلامية" زورا وبهتانا، وليس هؤلاء بالتأكيد من المكلفين بالجهاد، بل ولا من الذين يجوز الاستعانة بهم في الحرب لقوله عليه الصلاة والسلام: (فلن أستعين بمشرك) [رواه مسلم].

وإن مفهوم "جهاد الأمة" لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل وجود الجماعة المسلمة التي تسمع وتطيع لإمامها المسلم، فإن وُجِدت الحاجة لإخراج المسلمين كلهم إلى الجهاد أو لأي أمر فيه مصلحة لهم كان له ذلك، بما له من أمر ونهي عليهم بالمعروف، كما كان شأن النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين، ومن تبعهم من أئمة الهدى، والحاكمين بما أنزل الله.

وإن الدولة الإسلامية اليوم -بفضل الله- تحشد المسلمين جميعا لقتال المشركين، وتحرضهم على ذلك، وباتت تأطر من تحت سلطانها منهم على ذلك أطرا، وهكذا يكون المنهج النبوي في دفع الناس لأداء الواجب المتعين عليهم، والله الهادي إلى سواء السبيل.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 94
الخميس 24 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

تناسي الكفار خلافاتهم في حربهم المجاهدين • لم يعد يخفى على أحد، في كل الساحات التي تمددت إليها ...

تناسي الكفار خلافاتهم في حربهم المجاهدين

• لم يعد يخفى على أحد، في كل الساحات التي تمددت إليها الدولة الإسلامية من شرق آسيا إلى أقاصي إفريقية، أنه مـا إن يسيطر جنودها على أرض مهما صغرت؛ حتى تُعقد ضدهم التحالفات العسكرية "الدولية أو الإقليمية"، وتؤجل بين المتحالفين كل الخلافات وتسخّر كل الإمكانيات للتفرغ لحربهم، إلا أنه مع طول أمد المعارك، تبدأ هـذه التحالفات بالتصدع شيئا فشيئا فالتبعات التي ترهق ميزانياتها ومعنويات جنودها، تحتم على الدول المشاركة الانكفاء على نفسها، وإعادة النظر في مخاطر "استنزاف مواردها" على مدى السنين القادمة، خصوصا أولئك الذين يقاتلون في أرض غير أرضهم، فهم وإن كانوا يدركون أن ما يفعلونه يهدف لدرء المخاطر التي تهدد مستقبلهم، وأنهم إن لم يقاتلوا المجاهدين حيث كانوا سيضطرون لقتالهم على أرضهم، إلا أن الأقدار لا تجري وفق ما يشتهون ويؤملون ويخططون، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.

افتتاحية النبأ "فشل في الصميم" 443
...المزيد

ما الحل لمصاب المسلمين اليوم؟ • إن الحل لمصاب المسلمين يكمن في وحدتهم وإحياء رابطة الإيمان ...

ما الحل لمصاب المسلمين اليوم؟

• إن الحل لمصاب المسلمين يكمن في وحدتهم وإحياء رابطة الإيمان بينهم ونبذ روابط الجاهلية، فالمسلمون أولى بإخوانهم المستضعفين؛ لأنهم أولياء لهم، وأهلهم وإخوانهم، وأقرب الناس لهم، وكفايتهم تعني قطع الطريق على كثير من هذه المفاسد التي يُلجئهم إليها الكفار والمرتدون، مع التأكيد والتذكير بأنه لا ينبغي أن ينسي جرح للمسلمين في بلد ما جراح باقي المسلمين، فالمسلمون تتكافؤ دماؤهم فوق كل أرض وتحت كل سماء.

[ إفتتاحية النبأ - يشد بعضه بعضا - العدد: 438 ]
...المزيد

نواقض الإسلام • قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله): إعلم أن من أعظم نواقض الإسلام ...

نواقض الإسلام

• قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله):
إعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة:

1- الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له، والدليل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، ومنه الذبح لغير الله، كمن يذبح للجن أو القباب.

2- من جعل بينه وبين الله وسائط، يدعوهم ويسألهم الشفاعة، كفر إجماعاً.

3- من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، كفر إجماعاً.

4- من اعتقد أن غير هدي النبي ﷺ أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، فهو كافر.

5- من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول ﷺ، ولو عمل به، كفر إجماعاً، والدليل قوله تعالى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٩].

6- من استهزأ بشيء من دين الله، أو ثوابه أو عقابه كفر والدليل قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۝٦٥ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: ٦٥- ٦٦].

7- السحر ومنه الصَّرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: ١٠٢].

8- مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: ٥١].

9- من اعتقد أن بعض الناس لا يجب عليه اتباعه ﷺ،وأنه يسعه الخروج من شريعته،كما وسع الخضر الخروج من شريعة موسى عليهما السلام، فهو كافر.

10- الإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولايعمل به، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} [السجدة: ٢٢]
...المزيد

إنَّ لها ما بعدها - بإذن الله تعالى - • ويا جنود الإسلام وأنصار الخلافة في كل مكان، كثفوا ...

إنَّ لها ما بعدها - بإذن الله تعالى -

• ويا جنود الإسلام وأنصار الخلافة في كل مكان، كثفوا الضربات تلو الضربات واجعلوا مراكز إعلام أهل الكفر ودور حربهم الفكرية ضمن الأهداف، فمن لكعب بن الأشرف وحمالة الحطب، من لعلماء السوء ودعاة الشر والفتنة، فواصلوا جهادكم وعملياتكم المباركة، وإياكم أن يهنأ الصليبيون والمرتدون في عقر دارهم بلذيذ عيش وطيب مقام، وإخوانكم يذوقون القصف والقتل والدمار.


[ الشيخ المجدد: أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني البغدادي - تقبله الله تعالى - ]
...المزيد

انتكاس الفطرة بتقديم العقل على النقل • ومن نتائج انتكاس الفطرة أيضا: تقديم العقل على الشرع، ...

انتكاس الفطرة بتقديم العقل على النقل

• ومن نتائج انتكاس الفطرة أيضا: تقديم العقل على الشرع، وجعله "مصدرًا للتشريع" بدلا من التكليف! فما وافق العقل أخذ به المنتكسون وإلا أعرضوا عنه، فالحسن ما استحسنته عقولهم، والقبيح ما استقبحته دون اعتبار لأمر خالقهم وخالق عقولهم التي يقيسون بها! والذي لم يشرّع في دينه - مطلقا - ما يناقض العقول السليمة، إلا عند ذوي الأفهام السقيمة من المجادلين والمعاندين، وما أكثرهم في هذا الزمان!

[ إفتتاحية النبأ - الحرب على الفطرة - العدد: 445 ]
...المزيد

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى ...

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا

قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى الألباب، فتلك بيوتهم خاوية وقد غدت أثرًا بعد عين وأطلالا لا حياة فيها ولا حراك، كما قال تعالى: { أَوَلَمۡ یَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ یَمۡشُونَ فِی مَسَـٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتٍۚ أَفَلَا یَسۡمَعُونَ }، قال ابن كثير: "أي: وهؤلاء المكذبون يمشون في مساكن أولئك المكذبين، فلا يرون فيها أحدًا ممن كان يسكنها ويعمرها، ذهبوا منها، ( كأن لم يغنوا فيها ) كما قال: ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا).. ولهذا قال هاهنا: ( إن في ذلك لآيات ) أي: إن في ذهاب أولئك القوم ودمارهم وما حلّ بهم.. لآيات وعبر ومواعظ ودلائل متظاهرة".

[ إفتتاحية النبأ - بين الهداية والعلم - العدد: 441 ]
...المزيد

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى ...

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا

قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى الألباب، فتلك بيوتهم خاوية وقد غدت أثرًا بعد عين وأطلالا لا حياة فيها ولا حراك، كما قال تعالى: { أَوَلَمۡ یَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ یَمۡشُونَ فِی مَسَـٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتٍۚ أَفَلَا یَسۡمَعُونَ }، قال ابن كثير: "أي: وهؤلاء المكذبون يمشون في مساكن أولئك المكذبين، فلا يرون فيها أحدًا ممن كان يسكنها ويعمرها، ذهبوا منها، ( كأن لم يغنوا فيها ) كما قال: ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا).. ولهذا قال هاهنا: ( إن في ذلك لآيات ) أي: إن في ذهاب أولئك القوم ودمارهم وما حلّ بهم.. لآيات وعبر ومواعظ ودلائل متظاهرة".

[ إفتتاحية النبأ - بين الهداية والعلم - العدد: 441 ]
...المزيد

صيام يوم عرفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي ...

صيام يوم عرفة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده. (رواه مسلم)

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً