‏⁧‫#الطلاق‬⁩ ظاهرة مجتمعية خطيرةحينما تتجاوز العدد المعقول يشترك الزوجان فيه، فالرجل الذي تراجع عن ...

‏⁧‫#الطلاق‬⁩ ظاهرة مجتمعية خطيرةحينما تتجاوز العدد المعقول يشترك الزوجان فيه، فالرجل الذي تراجع عن قيادة السفينة ليكون صخاب في منزله، متهاون في واجباته، مسلما الدور لغيره مع كامل فراغه وتواجده، مافقه من الزواج إلا عبارات الحب، أو الطاعة التي يصادر فيها حقوق المرأة، أو المياعة التي
تخالف معنى الرجولة والقوامة، فإن مثل هذا سريع تصرم صبره، وبعده عن الحكمة في تدبير أسرته، والبقاء مع مثله مضيعة عمر وقيم وهدف وحياة.
‏والمرأة التي رأت في الزواج سفر وسياحة، وتحقيق مطالب مادية، واستعراض ومباهاة أمام الآخرين، وعلو سلطة، وتمرد عن طاعة، فإنها لاتلبث أن تتمرد عن ذلك
‏عند أدني تبدل حال، وفقر، أو محافظة على ثوابت.
‏ولو علم الرجل مقدما أن المرأة الحرة تصبر على الفقر، والمرض، وتبدل الحال ولكنها لاتصبر على الظلم والقسوة والإهانة والشتم، وسوء المعاملة لفقه أن المودة رتبة تعلو فوق المحبة، وأن الرحمة تستدر القلوب المعجمة فكيف بقلوب مؤمنة!
‏فالمرأة المكرمة في منزلها، المُحسن لها ولأهلها كونهم جزء من سعادتها، من يطوي كشحا عن نقصها ليقينه أنها أنثى من ضلع اعوج فيرضى باليسير منها مادام أن نقصها لاينقص دينا أو يثلم مروءة فإن الغالب في مثل هذا دوام العشرة، وحلول السكينة، والعودة للصواب عند أدنى نازلة.
‏فمهما أعلنت المرأة
‏والطلاق شرعه الله عند تعذر استمرار الحياة التي تؤدى فيها الواجبات، وتحفظ فيها الحقوق.
‏ولايتجاوز في ذلك لإعلان الفرح والاحتفال وتقديم الهدايا فهو كسر في نفس المرأة وإن تعالت لالشخص الزوج ولكن لعدة اعتبارات، والله وحده الجابر لكل كسر.
‏...مشاعل آل عايش..
...المزيد

الاحتساب الخطر المطلوب ! عايش بن ماجد المطيري @Ayish_m بسم الله الرحمن الرحيم لايمكن أن ...

الاحتساب الخطر المطلوب !
عايش بن ماجد المطيري
@Ayish_m

بسم الله الرحمن الرحيم

لايمكن أن نشعر بقيمة الشيء حتى نفتقده ! , ولعل في هذه القصة الرمزية, تتضح فكرة هذا المقال , أن في أحد الدول قاموا بقتل جميع الذئاب , فتكاثرت الغزلان حتى خرجت إلى الشوارع فكان في هذا العام سُجلت أعلى عدد في الحوادث المرورية في تاريخهم بسبب قتل الذئاب التي تأكل الغزلان وتقضي عليها ! لا يمكن أن نشعر بقيمة الشيء حتى نتفقده ! تتأمل في قول الله تعالى : ( كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه ) ! فتتأمل هل نحن كمجتمع لا نتناها عن منكر يُفعل ! الذي دفعني لأن أكتب هذا العبارات! موقف رأيته فحزنت دون دافع للفعل او حتى التغيير ! الموقف في الكورنيش وفي يوم الجمعة وفي العطلة الأسبوعية عادةً تكون هذه الأماكن مزدحمة بالناس ! موقف تحرش مجموعة من الشباب في مجموعة من الفتيات ! وفي رضا تام منهن ! تأملت الموقف من بعيد وسط الزحمة لم يغير أو حتى يتكلم أحد من الناس ! هممت أن اتحرك فإذ بأحد المارة يقول " توك ما شفت شيء" ! سألته لماذا ؟ كل يوم مثل هذه المواقف وزيادة !! تذكرت المحتسبين الذي ينزلون فقط لأجل دعوة الناس وتذكيرهم بابتسامة وتلطف ! تأملت مع صاحبي هل الاحتساب خطر ؟ هل المانعين للاحتساب يعملون بالمثل الشعبي ( الباب اللي يجيك منه ريح قفله واستريح ) !! المتأمل في المجتمع الآن , تحجيم دور الاحتساب الرسمي منه او غيره! ظهور وبروز الرافضين للاحتساب وأهله , تخاذل واستسلام بعض المحتسبين ! حينما يجتمع بعض الشباب الصالحين مع بعضهم دون التحرك في إصلاح من حولهم وللاسف تخاذلهم , او حتى اعتمادهم على غيرهم دون البذل باستطاعتهم فهنا المشكلة فلا ينفع اللوم وقتها , المجتمعات طيبة تقبل الناصح و الموجّه , بروز المنكرات وظهورها خطر من الخطأ التغافل عنها ! فيجب علينا نشر الاحتساب في توجيه الناس بالدليل متمسكين بقوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) الدعوة إلى الله وتوجيه الناس الاحتساب ليس مقتصراً على أحد معين او جهاز معين , بل هي واجبة على كل مسلم , لظاهر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان )
بعد ما فقدنا شيء من فضيلة الاحتساب , ما نخشى من انتشار المنكرات وظهورها في شوارعنا و تصبح من العادات فتكثر العادات فيصعب تغيرها ؟!
صدقوني الناس تتقبل وأحياناً تنتظر من يوجهها بأسلوب وابتسامة وتلطف مع مراعاة الظروف والبيئات المختلفة ,,

نسأل الله أن يغفر لنا زلاتنا ..
...المزيد

‏⁧‫#الجهل‬⁩ أخطر من ⁧‫#الوباء‬⁩ بل هو أكثر خطورة منه. ‏قد يمكن السيطرة على الوباء في وقت قصير ...

‏⁧‫#الجهل‬⁩ أخطر من ⁧‫#الوباء‬⁩ بل هو أكثر خطورة منه.

‏قد يمكن السيطرة على الوباء في وقت قصير أيام أو شهور, لكن القضاء على الجهل والتخلف, يلزم أعوام وأعوام وعقود وعقود من الزمن.

لا تجاهري بالمعصية كتبته : هناء بنت عبدالعزيز الصنيع المصيبة الكبرى عند من ترتدي العاري أو ...

لا تجاهري بالمعصية
كتبته : هناء بنت عبدالعزيز الصنيع

المصيبة الكبرى عند من ترتدي العاري أو البنطلون الضيق أنها تجاهر بمعصيتها، أي ترتكب الإثم علانية،

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلُ أمتي معافىً إلاَّ المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول:
يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه» روه البخاري.

إن المجاهرة بالتعري تجعلك على خطر حقيقي..

وقد قيل (إذا أراد الله بعبدٍ هلاكاً نزع منه الحياء).

بل إن المجاهرة بالمعاصي على اختلاف أنواعها تجعل المجتمع كله في خطر..

قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله كان يقال «إن الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة،

ولكن إذا عُمِلَ المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم» .

ويحك.. ماذا فعلت بنفسك ؟ وبالمسلمين ؟ وفي أي إثم تخوضين..؟

هل تصورتِ نفسكِ في يوم من الأيام هادمة للقيم الدينية والأخلاقية في مجتمعك؟

هل يمكن أن يصدر هذا منك ؟

هذه هي الحقيقة، نحن لا نتحدث عن خيالات نحن نتحدث عنك أنتِ ..!

كيف تسعدين بهذه الحياة وأنت تعلمين أن الله غاضبٌ عليكِ؟

وأنت تحرمين نفسك من معافاة الله وأن يختم لك بخير..

كيف يرتاح ضميرك وأنت تعلمين جيداً أن الناس يحتقرون المجَاهِرةُ بالمعصية

التي تؤذيهم في دينهم وأخلاقهم وتربية أبنائهم وبناتهم.

قال ابن بطال
( في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف، لأن المعاصي تذل أهلها )
...المزيد

حكم الترحم على موتى الكفار والاستغفار لهم عبد الرحمن بن صالح السديس ‏@assdais بسم الله الرحمن ...

حكم الترحم على موتى الكفار والاستغفار لهم
عبد الرحمن بن صالح السديس
‏@assdais

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم، أما بعد
فقد رأيت بعض المسلمين إذا مات أحد مشاهير الكفار من أهل الفن أو الاختراع أو الكرة أو غيرها ، رأيت مَن يترحم عليه ويستغفر له!
وإذا قيل له: هذا كافر، وموتى الكفار لا يجوز الاستغفار لهم ولا الترحم عليهم، بدأ يستدل بآيات من القرآن على فعله، فيذكر قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} وهو لا يدري أن تكملة الآية: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ(156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ}الأعراف.
وآخر يقول معترضا على من ينهى عن الترحم عليهم: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَة ربك }؟!
لا وليس لأحد ذلك، بل هم يخبِرون بحكم ربك، الذي تجهله وتجادل فيه بلا علم.
في عجائب أخرى وخوض بلا علم ومجادلة بالباطل، مع أن هذه المسألة من المسائل الظاهرة البينة في دين الإسلام، والآيات الدالة على أن الكفار في النار ولا تنفعهم أعمالهم ولا الدعاء لهم ولا الاستغفار لهم...= كثيرة جدا يصعب حصرها، وكذا نصوص السنة الصحيحة.
ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الخلق كافة، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (28) سبأ، وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (1) الفرقان، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (158) الأعراف.
وعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة». متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار». رواه مسلم.
فكل من لم يدخل دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم= فهو كافر، قال الله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (19) آل عمران، وقال الله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) آل عمران.
وقال الله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا} (13) الفتح.

وهذه بعض النصوص الدالة على أن حكم أن الكفار في النار خالدين فيها، وأن الجنة عليهم حرام؛ وأنه تعالى لعنهم، ولن يغفر لهم، ونهيه تعالى عن الاستغفار لهم، وبيان أنهم شر المخلوقات.

قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ
وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} (162) البقرة.
وقال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} (6) البينة.
وقال الله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (68) التوبة
وقال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}(91) آل عمران.
وقال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (36) المائدة.
وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (48) و(116) النساء
وقال الله تعالى:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (55) الأنفال.
وقال الله تعالى:{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (24) البقرة.
وقال الله تعالى:{وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (37)و(151) النساء
وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (102) النساء
وقال الله تعالى:{إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا} (102)
وقال الله تعالى:{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا} (4) الإنسان.
وقال الله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (12) آل عمران.
وقال الله تعالى:{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (197) آل عمران.
وقال الله تعالى:{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} (49) التوبة.
وقال الله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} (36) فاطر.
وقال الله تعالى:{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (6) الملك
وقال الله تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (48) المدثر.

وقد بيَّن الله تعالى أن الشرك محبط للعمل:
وقال الله تعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (65) الزمر.
وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (23) الفرقان.
وفي صحيح مسلم عن عائشة قلت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين، فهل ذاك نافعه؟ قال: " لا ينفعه، إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ".
وفي مسند أحمد وصححه ابن حبان ـ واللفظ له ـ عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم، وكان يفعل ويفعل قال: "إن أباك أراد أمرا فأدركه" يعني: الذكر.

وإنما يجزون بأعمالهم الحسنة في الدنيا
ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة، يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن له حسنة يجزى بها».

ونهى الله تعالى عباده عن الاستغفار للكفار:
قال الله تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (113) التوبة.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي؛ فلم يأذن لي".
فهذا رسول الله أكرم الخلق على الله، منعه ربه من الاستغفار لأمه مع أنها ماتت قبل بعثته.
فلا يمنع رسول الله من الاستغفار لأمه، ويؤذن لآحاد المسلمين أن يستغفروا لمن جاء بعد بعثته.

وقد حكم الله بأن الجنة حرام على الكفار:
قال الله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (72) المائدة.
وفي صحيح مسلم عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ابن الخطاب، اذهب فنادِ في الناس، أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون».
وفي الصحيحين ـ واللفظ لمسلم ـ عن ابن مسعود: قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.., فقال: «ألا لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، اللهم هل بلغت؟ اللهم اشهد».

وقد ذكر جمع من فقهاء المذاهب الأربعة تحريم الدعاء للكافر الميت، انظر مثلا:

المحيط البرهاني 2/184 في فقه الحنفية، والبيان والتحصيل 2/211 في فقه المالكية، والبيان 3/25 في فقه الشافعية، وشرح المنتهى 2/160 في فقه الحنابلة، ونقل بعضهم الإجماع على ذلك، منهم الإمام ابن تيمية، قال: "الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع". مجموع الفتاوى 12/489.

وفيما ذكر من نصوص الكتاب والسنة وكلام أهل العلم= كفاية لمريد الحق، ومن أصر على الاعتراض بعناد وجهل؛ فلا حيلة فيه،
ومن البليةِ عذلُ مَن لا يَرْعوى ** عن جهله وخطابُ مَن لا يفهمُ
...المزيد

ثمانية عشر مفتاحاً للتوبة جمّاز بن عبدالرحمن الجمّاز السؤال أنا مسلم ولكن بالاسم أريد أن أتوب ...

ثمانية عشر مفتاحاً للتوبة
جمّاز بن عبدالرحمن الجمّاز

السؤال
أنا مسلم ولكن بالاسم أريد أن أتوب وأرجع إلى الله وإلى الإسلام، ولكني أتوب ثم أعود إلى ما كنت عليه، فأرجو منكم إعطائي نصيحة لكي أتوب ولا أعود لما كنت عليه.

الاجابة
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
فهذه أيها الأخ الكريم، سبل وطرق معينة على الاستمرار في التوبة، بل هي مفتاح التوبة، فالزمها واحرص على تطبيقها، ومنها:
1 – الإخلاص لله _تبارك وتعالى_:
فهو أنفع الأدوية، فمتى أخلصتَ لله _جل وعلا_، وصدَقْتَ في توبتك _أعانك الله عليها، ويسّرها لك_ وصَرف عنك الآفات التي تعترض طريقك، وتصدّك عن التوبة، من السوء والفحشاء، قال _تعالى_ في حق يوسف _عليه السلام_: "كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ" (يوسف: من الآية24).
قال ابن القيم: "فالمؤمن المخلص لله من أطيب الناس عيشاً، وأنعمهم بالاً، وأشرحهم صدراً، وأسرهم قلباً، وهذه جنة عاجلة قبل الجنة الآجلة"ا.هـ (1).
فليكن مقصدك صحيحاً، وتوبتك صالحة نصوحاً.
2 – امتلاء القلب من محبة الله _تبارك وتعالى_:
إذ هي أعظم محركات القلوب، فالقلب إذا خلا من محبة الله _جل وعلا_ تناوشته الأخطار، وتسلّطت عليه الشرور، فذهبت به كل مذهب، ومتى امتلأ القلب من محبة الله _جل وعلا_ بسبب العلوم النافعة والأعمال الصالحة –كَمُل أنْسُه، وطاب نعيمه، وسلم من الشهوات، وهان عليه فعل الطاعات.
فاملأ قلبك من محبة الله _تبارك وتعالى_، وبها يحيا قلبك.
3 – المجاهدة لنفسك:
فمجاهدتك إياها عظيمة النفع، كثيرة الجدوى، معينة على الإقصار عن الشر، دافعة إلى المبادرة إلى الخير، قال _تعالى_: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (العنكبوت:69).
فإذا كابدت نفسك وألزمتها الطاعة، ومنعتها عن المعصية، فلتُبشر بالخير، وسوف تُقبل عليك الخيرات، وتنهال عليك البركات، كل ما كان كريهاً عندك بالأمس صار عندك اليوم محبوباً، وكل ما كان بالأمس ثقيلاً، صار اليوم خفيفاً، واعلم أن مجاهدتك لنفسك، ليست مرة ولا مرتين، بل هي حتى الممات.
4 – قِصَر الأمل وتذكّر الآخرة:
فإذا تذكّرت قِصَر الدنيا، وسرعة زوالها، وأدركتَ أنها مزرعة للآخرة، وفرصة لكسب الأعمال الصالحة، وتذكّرت الجنة وما فيها من النعيم المقيم، والنار وما فيها من العذاب الأليم، ابتعدتَ عن الاسترسال في الشهوات، وانبعثت إلى التوبة النصوح ورصّعتها بالأعمال الصالحات.
5 – العلم:
إذ العلم نور يُستضاء به، بل يشغل صاحبه بكل خير، ويشغله عن كل شر، والناس في هذا مراتب، وكل بحسبه وما يناسبه، فاحرص على تعلم ما ينفعك ومن العلم أن تعلم وجوب التوبة، وما ورد في فضلها، وشيئاً من أحكامها، ومن العلم أن تعلم عاقبة المعاصي وقبحها، ورذالتها، ودناءتها.
6 – الاشتغال بما ينفع وتجنّب الوحدة والفراغ:
فالفراغ عند الإنسان السبب المباشر للانحراف، فإذا اشتغلتَ بما ينفعك في دينك ودنياك، قلَّتْ بطالتك، ولم تجد فرصة للفساد والإفساد، ونفسك أيها الإنسان إن لم تشغلها بما ينفعها شغلتك بما يضرك.
7 – البعد عن المثيرات، وما يذكّر بالمعصية:
فكل ما من شأنه يثير فيك دواعي المعصية ونوازع الشر، ويحرّك فيك الغريزة لمزاولة الحرام، قولاً وعملاً، سواء سماعاً أو مشاهدة أو قراءة، ابتعد عنه، واقطع صلتك به، كالأشخاص بعامة، والأصدقاء بخاصة، وهكذا النساء الأجانب عنك، وهكذا الأماكن التي يكثر ارتيادها وتُضعف إيمانك، كالنوادي والاستراحات والمطاعم، وهكذا الابتعاد عن مجالس اللغو واللغط ، والابتعاد عن الفتن، وضبط النفس فيها، ومنه إخراج كل معصية تُبتَ منها، وعدم إبقائها معك، في منزلك أو عملك.
8 – مصاحبة الأخيار:
فإذا صاحبت خيّراً حيا قلبك، وانشرح صدرك، واستنار فكرك، وبصّرك بعيوبك، وأعانك على الطاعة، ودلّك على أهل الخير.
وجليس الخير يذكرك بالله، ويحفظك في حضرتك ومغيبك، ويحافظ على سمعتك، واعلم أن مجالس الخير تغشاها الرحمة وتحفّها الملائكة، وتتنزّل عليها السكينة، فاحرص على رفقة الطيبين المستقيمين، ولا تعد عيناك عنهم، فإنهم أمناء.
9 – مجانبة الأشرار:
فاحذر رفيق السوء، فإنه يُفسد عليك دينك، ويخفي عنك عيوبك، يُحسّن لك القبيح، ويُقبّح لك الحسن، يجرّك إلى الرذيلة، ويباعدك من كل فضيلة، حتى يُجرّئك على فعل الموبقات والآثام، والصاحب ساحب، فقد يقودك إلى الفضيحة والخزي والعار، وليست الخطورة فقط في إيقاعك في التدخين أو الخمر أو المخدرات، بل الخطورة كل الخطورة في الأفكار المنحرفة والعقائد الضالة، فهذه أخطر وأشد من طغيان الشهوة؛ لأن زائغ العقيدة قد يستهين بشعائر الإسلام، ومحاسن الآداب، فهو لا يتورع عن المناكر، ولا يُؤتمن على المصالح، بل يُلبس الحق بالباطل، فهو ليس عضواً أشل، بل عضو مسموم يسري فساده كالهشيم في النار.
10 – النظر في العواقب:
فعندما تفكر في مقارفة سيئة، تأمّل عاقبة أمرك، واخشَ من سوء العاقبة فكما أنك تتلذذ بمقارفة المنكر ساعة، ليكن في خَلَدك أنك سوف تتجرّع مرارات الأسى، ساعات وساعات، فجريمة الزنا، فضيحة وحَدّ، والحدّ إما تغريب أو قتل، وجريمة السرقة، عقوبة وقطع، وجريمة المسكر ويلات وجلد، وجريمة الإفساد، صلب أو قطع أو قتل، هذا في الدنيا، أما الآخرة فالله تعالى بالمرصاد، ولن يخلف الميعاد.
11 – هجر العوائد:
فينبغي لك أيها الصادق، ترك ما اعتدته من السكون إلى الدعة والراحة؛ لأنك إن أردت أن تصل إلى مطلوبك، فتحوّل عنها؛ لأنها من أعظم الحُجُب والمواقع التي تقف أمام العبد في مواصلة سيره إلى ربه، وتعظم تلك العوائد حينما تُجعل بمنزلة الشرع أو الرسوم التي لا تُخالف.
وكذلك يصنع أقوياء العزيمة، وأبطال التوبة، فكن منهم.
12 – هجر العلائق:
فكل شيء تعلّق به قلبك دون الله ورسوله من ملاذ الدنيا وشهواتها ورياساتها ومصاحبة الناس والتعلق بهم، والركون إليهم، وذلك على حساب دينك، اهجره واتركه، واستبدله بغير ذلك، وقوِّ علاقتك بربِّك، واجعله محبوبك، حتى يضعف تعلّق قلبك بغير الله _تعالى_.
13 – إصلاح الخواطر والأفكار:
إذ هي تجول وتصول في نفس الإنسان وتنازعه، فإن هي صلحت صلح قلبك، وإن هي فسدت فسد قلبك.
واعلم أن أنفع الدواء لك أن تشغل نفسك بالفكر فيما يعنيك دون ما لا يعنيك، فالفكر فيم لا يعني باب كل شر، ومن فكّر فيما لا يعنيه فاته ما يعنيه واشتغل عن أنفع الأشياء له بما لا منفعة لدينه.
وإياك أن تمكِّن الشيطان من بيت أفكارك وخواطرك، فإن فعلتَ فإنه يُفسدها عليك فساداً يصعب تدراكه، فافهم ذلك جيداً.
14 – استحضار فوائد ترك المعاصي:
فكلما همّت نفسك باقتراف منكر أو مزاولة شر، تذكّر أنك إن أعرضتَ عنها واجتهدت في اجتنابها، ولم تقرب أسبابها، فسوف تنال قوة القلب، وراحة البدن، وطيب النفس، ونعيم القلب، وانشراح الصدر، وقلة الهم والغم والحزن، وصلاح المعاش، ومحبة الخلق، وحفظ الجاه، وصون العرض، وبقاء المروءة، والمخرج من كل شيء مما ضاق على الفساق والفجار، وتيسير الرزق عليك من حيث لا تحتسب، وتيسير ما عَسُر على أرباب الفسوق والمعاصي، وتسهيل الطاعات عليك، وتيسير العلم، فضلاً أن تسمع الثناء الحسن من الناس، وكثرة الدعاء لك، والحلاوة التي يكتسبها وجهك، والمهابة التي تُلقى لك في قلوب الناس، وسرعة إجابة دعائك، وزوال الوحشة التي بينك وبين الله، وقرب الملائكة منك، وبُعد شياطين الإنس والجن منك، هذا في الدنيا، أما الآخرة فإذا مِتَّ تلقتك الملائكة بالبشرى من ربك بالجنة، وأنه لا خوف عليك ولا حزن، تنتقل من سجن الدنيا وضيقها إلى روضة من رياض الجنة، تنعم فيها إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة وكان الناس في الحر والعَرَق، كنتَ في ظل العرش، فإذا انصرفوا من بين يدي الله _تبارك وتعالى_، أخذ الله بك ذات اليمين مع أوليائه المتقين، وحزبه المفلحين و"ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (الجمعة:4).
إنك إن استحضرت ذلك كله، فأيقن بالخلاص من الولوغ في مستنقع الرذيلة.
15 – استحضار أضرار الذنوب والمعاصي:
فكلما أردتَ مزاولة الحرام، ذكِّر نفسك أنك إن فعلت شيئاً من ذلك فسوف تُحرم من العلم والرزق، وسوف تَلقى وحشة في قلبك بينك وبين ربك، وبينك وبين الناس، وأن المعصية تلو المعصية تجلب لك تعسير الأمور، وسواد الوجه، ووهن البدن، وحرمان الطاعة، وتقصير العمر، ومحق بركته، وأنها سبب رئيس لظلمة القلب، وضيقه، وحزنه، وألمه، وانحصاره، وشدة قلقه، واضطرابه، وتمزّق شمله، وضعفه عن مقاومة عدوه، وتعرِّيه من زينته.
استحضر أنّ المعصية تورث الذل، وتفسد العقل، وتقوي إرادة المعصية، وتضعف إرادة التوبة، وتزرع أمثالها، وتدخلك تحت اللعنة، وتحرمك من دعوة الرسول _صلى الله عليه وسلم_ ودعوة المؤمنين، ودعوة الملائكة، بل هي سبب لهوانك على الله، وتُضعف سيرك إلى الله والدار الآخرة، واعلم أن المعصية تطفئ نار الغيرة من قلبك، وتذهب بالحياء، وتضعف في قلبك تعظيم ربك، وتستدعي نسيان الله لك، وأن شؤم المعصية لا يقتصر عليك، بل يعود على غيرك من الناس والدواب.
استحضر أنك إن كنت مصاحباً للمعصية، فالله يُنزل الرعب في قلبك، ويزيل أمنك، وتُبدَّل به مخافة، فلا ترى نفسك إلا خائفاً مرعوباً.
تذكّر ذلك جيداً قبل اقترافك للسيئة.
16 – الحياء:
إذ الحياء كله خير، والحياء لا يأتي إلا بخير، فمتى انقبضت نفسك عما تُذم عليه، وارتدعت عما تنزع إليه من القبائح، فاعلم أنك سوف تفعل الجميل تلو الجميل، وتترك القبيح تلو القبيح، وحياءٌ مثل هذا هو أصل العقل، وبذر الخير، وأعظمه أن تستحي من ربك _تبارك وتعالى_ بأن تمتثل أوامره وتجتنب نواهيه، فإنك متى علمتَ بنظر الله إليك، وأنك بمرأى ومسمع منه، استحييت أن تتعرّض لمساخطه، قولاً وعملاً واعتقاداً.
ومن الحياء المحمود، الحياء من الناس، بترك المجاهرة بالقبيح أمامهم.
ومن الحياء المحمود، الحياء بألا ترضى لنفسك بمراتب الدون.
احرص دائماً على تذكر الآثار الطيبة للحياء، وطالع أخلاق الكُمَّل، واستحضر مراقبة الله _تعالى_، عندها سوف تمتلك الحياء، فتقترب من الكمال، وتتباعد عن النقائص.
17 – تزكية النفس:
طهِّر نفسك وأصلحها بالعمل الصالح والعلم النافع، وافعل المأمورات واترك المحظورات، وأنتَ إذا قمتَ بطاعةٍ ما، فإنما هي صورة من صور انتصارك على نفسك، وتحرّرك من قويدها، وهكذا كلما كسرتَ قيداً، كلما تقدمت خطوة، والخير دائماً يلد الخير، واعلم أن شرف النفس وزكائها، يقود إلى التسامي والعفة.
18 – الدعاء:
فهو من أعظم الأسباب، وأنفع الأدوية، بل الدعاء عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يُخفِّفه إذا نَزَل.
ومن أعظم ما يُسأل، ويُدعى به سؤال الله التوبة.
ادع الله _تبارك وتعالى_ أن يمن عليك بالتوبة النصوح.
ادع الله _تبارك وتعالى_ أن يُجدِّد الإيمان في قلبك.
أسأل الله _جل وعلا_ لك التوفيق والسداد، وأن يُصلح شأنك، ويغفر ذنبك، والله يتولانا وإياك، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

---------------------------
(1) الجواب الكافي، لابن القيم ص465.
...المزيد

احذروا من فساد المنظمات الإغاثية العالمية وخاصة في الدول الفقيرة المنكوبة بالحروب التي تهدف لإفساد ...

احذروا من فساد المنظمات الإغاثية العالمية وخاصة في الدول الفقيرة المنكوبة بالحروب التي تهدف لإفساد المرأة المحافظة ونشر الإلحاد بينهم

‏س:ما حكم الترحم على الكافر؟ ‏ج: الترحم على الكافر حرام بإجماع العلماء. ‏الدليل:قال الله ...

‏س:ما حكم الترحم على الكافر؟

‏ج: الترحم على الكافر حرام بإجماع العلماء.

‏الدليل:قال الله تعالى:(ما كَانَ لِلنبِيِّ وَالذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِين ولو كَانوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهُمْ أَنهُمْ أَصحابُ الْجحيمِ){التوبة:113}. ...المزيد

تربية الأبناء عبدالهادي بن صالح محسن الربيعي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، ...

تربية الأبناء
عبدالهادي بن صالح محسن الربيعي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ التحريم: 6.

في هذه الآية الكريمة أمر سبحانه وتعالى بوقاية الأهل نار جهنم ومن الأهل الذين يجب وقايتهم نار جهنم الأبناء والبنات ولا يكون ذلك إلا بتربيتهم التربية الصالحة على الدين والأخلاق الحسنة والقيم النبيلة.

وكما أن للوالدين حقوقًا على أبنائهم، فإن للأولاد حقوقًا على الوالدين أيضًا، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم أنه قال: (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا).

فهل أدَّينا هذا الحق أيها الآباء والأمهات؟ فكما أن الولد سيسأل عن حق والده، فإن الوالد سيسأل عن حق ولده.

أيها الأحبة في الله، إن من حقوق الأولاد التي يغفل عنها كثير من الناس: أن يختار الرجل الأم الصالحة، عند الزواج، فالأم الصالحة كالأرض الطيبة، تنبت نباتًا حسنًا، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ)؛ رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

فحث النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار ذات الدين؛ فذات الدين بإذن الله تكون عونًا لزوجها الصالح على تربية أبنائها تربية صالحة، وتقوم بواجبها؛ فالمسؤولية مشتركة بين الأبوين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)؛ رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

والطفل يولد على فطرة الإسلام، ثم يتأثر بما حوله مما يرى ويسمع من والديه وغيرهم، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ)؛ رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

وكما قيل وينشأ ناشئ الفتيان منَّا على ما كان عوده أبوه

أيها الأحبة، لا بد أن يعي كل والدين أن الأبناء والبنات أمانة يجب حفظها ورعايتها، وأن التفريط فيها خيانة كبيرة، ألا نقرأ قول ربنا في كتابه العزيز: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 27، 28].

إنها أمانة وفتنة، يعني اختبار للأبوين هل سيقومان بواجبهما أم لا، وكثير من الأبناء إنما جاء فسادهم من قبل إهمال الأبوين أو أحدهما، وبعض الآباء والأمهات يريد أبناءً صالحين دون أن يبذل أسباب الصلاح، فهذا يقال له:
ترجو النجاةَ ولم تسلك مسالكها **** إن السفينة لا تجري على اليبس
فهذا مضمار شاق يحتاج إلى صبر ومجاهدة، وقبل ذلك استعانة بالله تعالى، وقد عاتب أحدهم ولده على العقوق، فقال له ولده: يا أبتِ عققتني صغيرًا، فعققتك كبيرًا، وأضعتني وليدًا، فأضعتك شيخًا.

أيها الأحبة في الله، أيها الآباء والأمهات مسؤوليتنا ليست مقتصرة على توفير حاجات الجسد من طعام وشراب وكساء ودواء، فهناك ما هو أهم من كل هذه الواجبات، وهو غذاء الروح، الدين والأخلاق، ولا بد أن نعلم أن من أضاع هذه الأمانة فهو على خطر عظيم، فقد جاء الوعيد الشديد على ذلك؛ قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ)؛ متفق عليه.

أيها الإخوة الكرام... التربية الصالحة لها وسائل عديدة من أهمها:

1- الاستعانة بالله في تربيتهم والدعاء لهم:
مهما يبذل الوالدان من الجهود في تربية الأبناء، فلا غنى لهما عن توفيق الله؛ لأن الهداية بيده سبحانه، فلا بد من الدعاء مع العمل بأسباب الهداية، ولأهمية الدعاء في صلاح الأبناء كان الأنبياء والصالحون يحرصون عليه؛ كما قال الخليل إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100]، وقال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 40]، وهذا زكريا عليه السلام يسأل الله ذرية صالحة، فيقول: ﴿ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 5، 6].

2- تربيتهم على العقيدة الصحيحة:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بتعليم الأطفال العقيدة ويربيهم على الإيمان؛ كقوله لابن عباس: (يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)؛ رواه الترمذي.

3- تعويدهم على أداء العبادات:
فمن وسائل تربية الأولاد تعويدهم على فعل الخيرات، وأداء العبادات، ليعتادوا عليها منذ الصغر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)؛ رواه أبو داود وصحَّحه الألباني.
وكذا يعودون على الصيام قبل البلوغ، إذا كانوا يطيقونه كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعودون أبناءهم فيصومونهم، فإذا بكى أحدهم أعطوه اللعبة من العهن؛ رواه البخاري ومسلم.
وكذا بقية العبادات نعودهم عليها، فإذا كبروا سهل عليهم أداؤها والمحافظة عليها.

4- حثهم على الآداب الإسلامية:
كما علم النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أبي سلمة رضي الله عنه آداب الطعام، يروي ذلك هو عن نفسه فيقول: كُنْتُ غُلاَمًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ)؛ يعني صفة أكلي وطريقتي فيه؛ رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

5- إبعادهم عن رفقاء السوء وتحذيرهم منهم:
فمن رعاية الأبناء تجنيبهم رفقاء السوء، سواء الذين يجلسون معهم، أو الذين قد يراسلونهم عبر برامج التواصل الاجتماعي، فصديق السوء ربما في لقاء واحد يهدم ما بناه الوالدان والمربين في سنوات، فلْنَحذر فالصاحب ساحب، لا سيما في هذا الزمان الذي سهل فيه الوصول إلى المعاصي، وأصبح التعارف عن بعد عن طريق برامج التواصل الكثيرة، حتى أصبح الشاب يتعرف على أشخاص لا يعرف عن أخلاقهم شيئًا، وقد يكونون أهل فسق وفجور، بل ربما كانوا كفارًا، فيتأثر بهم عياذًا بالله.

6- تجنيبهم كل ما يفسد أخلاقهم ودينهم:
من ذلك تجنيبهم مشاهدة المناظر الخليعة التي تُبث في التلفاز، أو في الإنترنت عمومًا، فأثرها السيئ في القلوب كبير، لا سيما عند فئة الشباب، ولا يخفى ما فيها من إثارة الشهوات، وتزيين المنكرات، نسأل الله أن يحفظ الجميع من كل شر.

7- التربية بالقدوة:
لا شك أن المربي الناجح سواء كان أبًا أو أمًّا، أو معلمًا، يجب أن يكون قدوة صالحة في نفسه، فكيف يرجو أن يطاع ويكون لتوجيهه أثر، وهو يخالف فعلُه قولَه، فأنت أيها المربي قدوة شئت أم أبيت، قدوة في الخير أو في الشر، فأبناؤك يربطون بين توجيهاتك وتصرفاتك، فإذا رأوك مثلا تسب أو تكذب أو تتكاسل عن الصلاة فهل سيقبلون منك إذا نهيتهم وحذرتهم من الكذب أو السب، أو التكاسل عن الصلاة ربما لن يستجيبوا، ولو استجابوا فربما يكون ذلك أمام عينيك فقط.
وقد قال ربنا سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3]، وكما قيل:
لا تنهَ عن خُلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
8- القرب منهم وإشباعهم عاطفيًّا:
قرب الوالدين من الأبناء لا سيما البنات، وإشباع عواطفهم بالحب والحنان، وإعطاؤهم الثقة في أنفسهم في غاية الأهمية، وملاطفتهم، ومشاركتهم في ألعابهم واهتماماتهم، ومدح الجوانب الإيجابية لديهم، سواء كانت الصفات المكتسبة كالصدق والأمانة والحياء مثلًا، أو حتى الصفات الخلقية؛ كالقوة عند الشاب مثلًا، والجمال عند الفتاة؛ لأن الإنسان بطبيعته يحب من يهتم به، والأولاد إذا لم يجدوا الاهتمام من والديهم، فقد يجدون ذلك في الخارج عند من لا يخاف الله، فيستغل النقص الذي لديهم في هذا الجانب، فيكون ذلك سببًا في انحرافهم.

التربية الصالحة لها ثمرات عظيمة من أهمها:

1- البر بالوالدين والإحسان إليهما:
فلا شك أن أول من ينتفع بصلاح الولد بعد نفع نفسه هم والداه، فسيثمر ذلك الجهد الذي بذلاه الوالدين بِرًّا بهما، لا سيما عند الكبر؛ لأن هذا الولد نشأ على طاعة الله الذي يوجب عليه الإحسان إلى والديه، وستثمر تلك التربية الصالحة، دعوات للوالدين في حياتهما ولن تنقطع بعد مماتهما؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذَا مَاتَ الإنسانُ انْقَطعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثلاثةٍ: إلا من صَدَقَةٍ جَاريةٍ، أو عِلمٍ يُنْتَفعُ به، أو ولدٍ صالِحٍ يَدعُو لهُ)؛ رواه مسلم.

2- صلاح المجتمع من حولهم:
ومن ثمرات التربية الصالحة: انتفاع المجتمع بهؤلاء الأبناء الذين يمشون بين الناس بأخلاق الحبيب صلى الله عليه وسلم، فيكونون فخرًا لمجتمعهم، فخرًا لبلدهم، يبنون مجده، ويشيدون عزه وكرامته، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويعينون الضعيف، وينشرون الأمن، فصلاحهم لهم ولغيرهم، فهم صالحون مصلحون.

3- دوام المحبة والود بينهم:
من الثمرات العاجلة أن الأبناء الصالحين يعيشون متحابين، متعاطفين، متواصلين؛ لأن الدين هو الذي يقودهم بهذه الأخلاق الفاضلة، أما غيرهم ممن لم يتربوا على طاعة الله، فغالبًا ما تجدهم متحاسدين، مشكلاتهم لا تنقطع، يأكل بعضهم بعضًا، وكم من أحداث تقع بين الإخوة منها ما تصل إلى السب والشتائم، ومنها ما تصل إلى الهجر والقطيعة، والبغض والكراهية، ومنها ما يصل إلى القتل والجرائم، نسأل الله السلامة.

4- ضمان صلاح الأجيال القادمة:
ومن الثمرات استمرار الصلاح والخير في الأجيال، فالتربية الصالحة تثمر تربية صالحة مثلها؛ كما قال سبحانه: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران: 34]،
وهذا يضاعف الأجر لكل من غرس بذرة طيبة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وأبناء المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
...المزيد

قضاء حوائج الناس الدكتور عصام بن هاشم الجفري الحمد لله رفيع الدرجات الحمد لله خالق السموات ...

قضاء حوائج الناس

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمد لله رفيع الدرجات الحمد لله خالق السموات ، الحمد لله قاضي الحاجات الحمد لله مفرج الكربات ، أحمده سبحانه وأشكره على نعمة المتتاليات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلهيته ولا في ربوبيته ولا في أسمائه والصفات وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه من الأحياء والأموات.
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله فهي طريق جنان ربكم التي وصفها لكم ربكم بقوله : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ([1]).خرج من قريته بعد أن تآمر علية القوم على قتله خرج منها وهو خائفاً متلفتاً يتوقع الشر في كل لحظة هارباً يسعى بكل طاقته ليس معه مال وليس معه متاع مشى ..ومشى حتى انتهى به المطاف إلى قرية فوصل وقد أنهكه التعب والجوع والظمأ وما كاد يجلس على الأرض ليستريح من عناء السفر المتعب حتى رأى منظراً استفز فيه شهامته ورجولته ونخوته ودينه فماذا رأى..؟ رأى فتاتين عفيفتين طاهرتين تتحاشيان الاختلاط بالرجال معهما أغنامهما ؛ وعلى الرغم من أنه لا يعرفهما وليس له حاجة عندهما إلا أنه رأى أنها فرصة لأن يكسب الأجر عند الله بقضاء حاجتهما ، وعلى الرغم من حرارة الجو و ما كان يعانيه من تعب السفر إلا أنه بادر لقضاء حاجتهما فسقى لهما ثم بعد أن أنجز تلك المهمة لم يطلب منهما أجرة ما عمل أو انتظر منهن كلمة شكر إنما تولى إلى الظل ليستظل من تلك الحرارة الشديدة أعلمتم من هو ذلك الشاب إنه رسول من أولي العزم من الرسل إنه كليم الله موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم خلد الله لنا عمله ذلك في كتابه إلى يوم القيامة ليظل علماً للبشرية في مجال قضاء حوائج الناس واستمعوا لربكم يقص عليكم ذلك الموقف :{ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ()وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ()وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ()فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}(2).أذهب عمله ذلك هباء ؟ لا . لقد تكفل بثمن عمله رب العالمين واسمعوا للثمن : {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ()قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ()قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ}(3). الله أكبر أمان بعد الخوف ورزق بعد الفقر وزوجة بعد العزوبة هذا مع ما ينتظره من الأجر في الآخرة.قضاء حوائج الناس خلق أصحاب الفطرة السليمة ومن باب أولى أن تكون سجية المتقين والمؤمنين فهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم قبل بعثته كان من ضمن شمائله الكريمة قضاء حوائج الناس كما أثنت بها عليه زوجه الوفية خديجة رضي الله عنها وأرضاها حيث قالت له يوم أن جاء فزعاً من الغار في بداية الوحي : (كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ)(4). وبعد الرسالة كان سعيه في ذلك أشد حيث كانت الجارية الصغيرة (الطفلة الصغيرة) تأخذ بيده الشريفة فتنطلق به في شوارع المدينة وهو أكبر سلطة سياسية في ذلك الزمان فيمضي معها حتى يقضي حاجتها.زانتك في الخُلق العظيم شمائلٌ ..يُغرىَ بهن ويولع الكرماء ..فإذا سخوت بلغت بالجود المدى ..وفعلت ما تفعل الأنواء..وإذا عفوت فقادراً ومقدراً ..لا يستهين بعفوك الجهلاء..وإذا رحمت فأنت أم أو أب…هذان في الدنيا هم الرحماء.قضاء حوائج الناس باب عظيم للخير فقد أخرج ابن أبي الدنيا عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قوله:((إن لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس،حببهم إلىالخير،وحبب الخير إليهم،هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة))(5). بشروا من يسعى في قضاء حوائج الناس بقضاء حوائجه ففي الصحيحين عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(6).فمن كان الله في حاجته أتظنون أنه يخيب ..؟ بعض الناس قد يغره المنصب والوجاهة والمكانة فيترفع عن قضاء حوائج الناس فنقول له هذا خير الأمة بعد نبيها الصديق رضي الله عنه كان يواظب على خدمة عجوز مقعدة فبعد أن ولي الخلافة ذهب عمر رضي الله عنه لقضاء حوائجها ظاناً أن أبا بكر ستشغله الخلافة ولو بشكل مؤقت عن ذلك العمل فإذا به يجد أن الخليفة قد سبقه لذلك ! وهذا الفاروق عمر رضي الله عنه وهو خليفة وجد وهو يعس بالليل امرأة في حالة المخاض تعاني من آلام الولادة فحث زوجته على قضاء حاجتها وكسب أجرها فكانت هي تمرض المرأة في الداخل وهو في الخارج ينهمك في إنضاج الطعام بالنفخ على الحطب تحت القدر حتى يتخلل الدخان لحيته وتفيض عيناه بالدمع لا من أثر الدخان الكثيف فحسب بل شكراً لله أن هيأه وزوجته لقضاء حوائج الناس!فما أشد حرمان من لم يوفق لقضاء حوائج الناس وأشد منه خسارة وبؤساً من سعى في تعطيل حوائج الناس.وإلى كل من جعل الله حاجة الناس إليه فبدأ يتبرم ويضيق بتلك الحاجات أقول له احمد الله أن جعل حوائج الناس إليك ولم يجعل حاجتك إلى الناس . أقول له من الذي أعطاك ما أعطاك فاحذر أن تترفع وتحتجب عن حاجات الناس فيمتنع الكريم عن حاجتك ، وقد يبدل الله حالك فيجعل حاجتك إلى الناس بدلاً من أن تكون حاجات الناس إليك معاشر من يسعى في قضاء حوائج العباد المؤمنين اعلموا أنه ليس من قضاء حوائج الناس مساعدتهم على ارتكاب المنكر،كما أنه ليس من قضاء حوائج الناس أن تقضى حوائج الأقارب والمعارف على حساب الآخرين.أيها الأحبة في الله إذا كان الله قد شكر لامرأة زانية وغفر لها زناها لأنها سعت في قضاء حاجة كلب عطش ، فكيف بمن يقضي حاجة عبد مؤمن موحد؟كيف بمن يقضي حاجة جاره؟ كيف بمن يقضي حاجة زوجه وأولاده؟كيف بمن يقضي حاجة والديه من أم أو أب؟كيف بمن يقضي حاجة حاج ضيف من ضيوف الرحمن؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(7).

الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً،وأشهدأن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أما بعد:فاعلموا رحمني الله وإياكم أن بين أيديكم أيام عظيمة هي أيام العشر الأول من ذي الحجة والتي يقول فيها رسولن صلى الله عليه وسلم :((ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُ إلى الله من هذه الأيامِ))-يعني أيام العشر- قالوا:يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال:((ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرجَ بنفسهِ ومالهِ فلم يرجع من ذلك بشيء)). فاحرص أخي الحبيب على اغتنامها واكثر فيها من الصيام وتلاوة القرآن والذكر،ومن كان في خدمة الحجيج فليستحضر النية بأنه إنما يخدمهم لكونهم ضيوف الرحمن يبتغي بذلك وجه الله فهي عبادة جليلة،ولايمنعه ذلك من كثرة ذكر الله أثناء عمله {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}(8)،وليسع العاملون في خدمة الحجيج وغير العاملين ولنسع جميعاً في قضاء حوائج ضيوف الرحمن فندل تائهم ونعلم جاهلهم ونرحم ضعيفهم ونعطي فقيرهم ونحفظ أموالهم ..وهكذا ، فقضاء حوائج الحاج ليست كقضاء حاجة شخص عادي لأنهم ضيوف ربنا وخالقنا ورازقنا ومن بيده سعادتنا،فما بالكم بها في هذه الأيام الفاضلات وفي هذه المشاعر الطاهرات؟واعلموا رحمني الله وإياكم أن مما استحب للعبد المؤمن في نهاية هذه العشر هو الأضحية وهي خير من أن تتصدق بثمنها لقوله صلى الله عليه وسلم :((مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا))أخرجه ابن ماجة،كما يستحب لمن نوى الأضحية أن لايأخذ من شعره أو ظفره لما أخرج الإمام مسلم عن أمنا أم المؤمنين أم سلمة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ)).

------------------------
([1]) آل عمران:133.(2،3) القصص21-27.(4)البخاري،بدء الوحي،ح3.(5)إبن أبي الدنيا،أدب الدنيا والدين، باب قضاء حوائج الناس. (6)البخاري،المظالم والغصب،ح2262.(7)الحج:77.(8)الأحزاب 35.
...المزيد

إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم فهد بن عبدالعزيز بن ...

إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم

فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فنعم الله عز وجل على عباده لا تعد ولا تحصى؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18] وهذه النعم الواجب شكرها حتى لا تزول, قال العلامة ابن باز رحمه الله: الواجب على الجميع شكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعم, والحذر من عدم الشكر...فشكر الله على نعمه جملة وتفصيلاً قيد لها, ووسيلة للمزيد منها, قال الله تعالى: ( وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ ) [إبراهيم:7]...ومن علامات شكر النعمة استعمالها في طاعة الله سبحانه وتعالى, وعدم الاستعانة بها على شيء من معاصيه."

ومن رحمة الله عز وجل, وكرمه وجوده وإحسانه, أنه لا يغير نعمه أنعمها علي قوم حتى يغيروا هم ما بأنفسهم, فيتحولون من طاعته إلى معصيته, قال الله عز وجل: (ذلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ لَم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَها عَلى قَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ) [الانفال:53] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يخبر تعالى عن تمام عدله وقسطه في حكمه, بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه.

وقال الله:( إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ) [الرعد:11] قال الإمام ابن أبي حاتم الرازي: حدثنا أبو سعيد الأشج, ثنا حفص بن غياث, عن أشعث, عن جهم, عن إبراهيم: أوحى الله عز وجل إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن قُل لقومك: إنه ليس من أهلِ قريةٍ ولا أهلِ بيتٍ يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية الله إلا حول الله عنهم ما يحبون إلى ما يكرهون.ثم قال: إن تصديق ذلك في كتاب الله: (إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم) وقال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: وقوله: ( إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ) يقول تعالى ذكره: ( إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ ) من عافيةٍ ونعمةٍ, فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم, (حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ) من ذلك: بظلم بعضهم بعضاً, واعتداء بعضهم على بعض, فتحلّ بهم حينئذ عقوبته وتغيره.

وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ ) أي: لا يسلبهم نعمه, ( حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ) فيعملوا بمعاصيه.

وقال العلامة السعدي رحمه الله: ( إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ ) من النعمة والإحسان ورغد العيش ( حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ) بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر, ومن الطاعة إلى المعصية, أو من شكر نعم الله إلى البطر بها, فيسلبهم الله إياها عند ذلك.

فعلى المسلمين أن يراجعوا أنفسهم, ويغيروا ما هم عليه, ويتوبوا من معصية الله, ويتحولوا إلى طاعته قال العلامة ابن باز رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم) [الرعد:11]:الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وكمال حكمته لا يغير ما بقوم من خير إلى شر, ومن شر إلى خير, ومن رخاء إلى شدة, ومن شدة إلى رخاء, حتى يغيروا ما بأنفسهم, فإذا كانوا في صلاح واستقامة وغيروا غير الله عليهم بالعقوبات والنكبات والشدائد..وقد يكونون في شر وبلاء ومعاص, ثم يتوبون إلى الله, ويرجعون إليه, ويندمون ويستقيمون على الطاعة, فيغير الله ما بهم من بؤس وفرقة, ومن شدة وفقر إلى رخاء ونعمة.

فلنجاهد أنفسنا في تغير حالنا حتى يُغير الله ما نزل بنا, ونحن إن فعلنا هذا فلن نرى من ربنا الكريم الرحيم إلا كل خير.



كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
...المزيد

ضَرَائِبُ الْسُّكُـوْت ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اهدني ...

ضَرَائِبُ الْسُّكُـوْت

ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اهدني وسددني
ضَرَائِبُ الْسُّكُـوْت


الحمد لله الذي جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام أمان لأمة الإسلام، وحفظاً له من كيد الكائدين، وتعدي المعتدين، وتفريط المتساهلين، والصلاة والسلام على خير الآمرين، وإمام الناصحين، وقائد المجاهدين، وعلى آله وصحبه الطائعين، والهداة المُتَّبِعِيْن وبعد:
فإن هذه الأمة المحمدية أمة مرحومة، ومترابطة، هم في التآزر والتماسك كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
هذه الأمة جعل الله تماسكها في تعاونها، وجعل وحدتها في تناصحها، وجعل بناءها في المخلصين من أبنائها، بل إن الله – عز وجل – قيد فوزهم مقيداً بأمرها بالمعروف ونهيهم عن المنكر، قال الله تعالى:{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }[آل عمران:104]
وجعل هلكة هذه الأمة في تفرقها وتشرذمها، وتنازعها واختلافها، وذلك عند تركها لأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، قال الله تعالى:{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:46].
وعندما تتأمل وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - الآمر بالإنكار يتبين لك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يطيقه كل أحد صغر أم كبر، ذكر كان أم أنثى، عظيم كان أم حقير، كل أفراد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يطيقه؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه – قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:« مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ»أخرجه مسلم(186).
فمراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثلاث مراتب:
1- باليد لمن يستطيع ذلك.
2- باللسان، وهذا في الغالب يطيقه الجميع.
3- بالقلب، وهذا لا يعذر به أحد، ويطيقه كل مسلم.
وعندما تتأمل في هذا الحديث أيضاً يظهر لك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة الجميع، فحكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الجميع، فيكون فرض على الأعيان أو على الكفايات أحياناً، أي لابد أن يقام به فيؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وهو مسئولية الجميع، ليس فقط أصحاب الحسبة، والمحتسبين، بل كل من كان من المسلمين.
وإن الناظر في هذا الزمن ليدرك حقيقة إهمال أهل الإسلام لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فسبب ذلك تخاذل أهل الحق، وتطاول أهل الباطل، فأدى ذلك السكوت المشين إلى انتشار الفسوق والعصيان، بل تعداه إلى الكبائر من الذنوب والآثام، بل إلى الوقوع في الكفر والعياذ بالله الواحد الديان.
وكل هذا ضريبة للسكوت من الآمرين، والمجاملة في الحق والدين.
إن هذا السكوت أدى إلى ضعف الحق والدين، وتطاول البغي والعدوان، فاتسع الخرق على الراقع، حتى أصبحنا نرى من يتكلم بالكفر، وينطق بالفسوق، ويدعو إلى الفجور، ولا راد له ولا منكر.

أخي المسلم: لماذا هذا السكوت المشين عن إقامة هذه الشعيرة المتينة؟!
أليس الذي أمرك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر هو الله - جل جلاله - في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؟!.
أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفة الأنبياء والرسل؟!.
أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام الأمان لهذه الأمة؟!
أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم ما تحفظ وتصان به ألأعراض؟!.
هل هناك حل لعلاج كثير من أخطاء الأمة بغير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!.
أم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبح مخيفاً إلى درجة أنه يُظن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُقَدِّمُ موتًا ويؤخر حياة، ويجلب ذلاً ويرفع عزاً!.
هل أصبح مخيفاً إلى درجة أن الإنسان لا ينكر حتى بقلبه؟!
نحن في هذا الزمن لفي أشد حاجة إلى ناصحين صابرين، ومحتسبين مخلصين لا يريدون إلا ما عند الله - عز وجل - وإن ضاع مع هذا الصدق شيئاً من دنياهم، فلم يهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا، وما استكانوا، بل يعلمون أن ما عند الله خير للأبرار، قال الله تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً }[النساء:134].

وهنا أتساءل: هل نعذر جميعاً أمام الله – تعالى - بهذا السكوت؟!
الحق الذي لا مرية فيه أننا لن نعذر، وسنُسأل عن هذه المنكرات، وعن هذا الفجور، والفسوق؛ فماذا ستكون الإجابة، وبماذا تكون الحجة.
علينا أن نُعِدَّ للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، فإننا سنُساءَلُ ممن لا تخفى عليه خافيه.

وفي الختام: أسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمراً رشداً يُعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر إنه على ذلك لقدير وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


وكتبه الفقير
إلى عفو سيده ومولاه
ظَافِرُ بْنُ حَسَن آل جَبْعَان
18/5/1428هـ
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً