استمتــــع بحيــــاتك تمر علينا أيام وسنون ولم نشعر بها ، ننظر خلفنا ونتساءل : كم مرة أحسسنا ...

استمتــــع بحيــــاتك


تمر علينا أيام وسنون ولم نشعر بها ، ننظر خلفنا ونتساءل : كم مرة أحسسنا بسعادة ورضا ؟! نحاول أن نتذكر موقف أو موقفين شعرنا وقتهما بالسعادة ،
هل تتذكر اخي/ اختي القارئة أجمل مواقف حياتك ؟ وما هو شعورك وقتها؟

سأجد كثير من الإجابات تقول لا ، وبعضها نعم اتذكر موقف أو موقفين .

هل لديكم استعداد أعزائي ان نتذكر دوماً كل مواقف حياتنا او حتى معظمها ؟ ومشاعرنا حينذاك ؟

بالتأكيد تستطيع ؛ إذا قررت أنت قراراً داخلياً ، نابعاً من قلبك وعقلك أن تعيش اللحظة ، وأن تستمتع ، وتلذذ بكل لحظة بحياتك ، بكل عمل تقوم به ولو صغيراً ، أطلق عليه إنجاز ؛ فاليوم بل الدقيقة التي تمر لن تتكرر ، دقق مع كل تفاصيل تلك اللحظة ،واشعر بداخلك برضا وفرحة بأنها موجودة ، اضحك ولو ضحكة مرسومة ، ابتسم ولو صدقة.

لا أنكر أبداً أن دوام الحال من المحال ، ولن تمر الحياة بأكملها على وتيرة واحدة ، ومن المؤكد أننا جميعاً نعيش أوقات مؤلمة ومثلها مفرحة ،أدعو نفسي معكم لأن نتجاوز كل عسير ونضع نصب أعيننا قول الله تعالى (( إن مع العسر يسرا )) ، أدعو لعدم الاستسلام لحالة اليأس والحزن التي تنتابنا بعض الأوقات ، وأن ننهض منها سريعاً .

ما بالكم أن نتجاهل بقدر المستطاع كل ما يؤلمنا ، ولو لدقائق بسيطة ، أن نغمض أعيننا ، و نأخذ نفساً طويـــلاً ، ونزفره بكل هدوء ، ونكرره مرات ومرات .

دعونا نتدبر قرآننا ، نتأمل في معاني الأذكار أثناء ترديدنا إياها ؛ وأن نستشعر بلذة السجود ونحن أقرب إلى الله تعالى .

أن نتعامل مع الناس من حولنا بكل صفاء وحسن نية ؛ نمارس شغفنا ؛ ونتدرب على تطويره ؛ أن نغير معتقداتنا وأفكارنا ونتعمق فيها وندرسها ، هل هي سلبية أم إيجابية ؛ ترضي ربنا وتسعده بنا أم تغضبه منا ؟
.
هل من مأزق إذا خرجنا مع أولادنا وسط المساحات الخضراء والهواء النقي ، ولعبنا معهم ، ضحكنا معهم ومازحناهم ؟! ما المشكلة في ذلك ؟

دقائق نتذوق بها طعم القهوة ، ونحن نرتشفها في الشرفة تحت أشعة الشمس الذهبية ، أو أثناء تناثر زخات الأمطار ، أو نتناول بها وجبة جديدة ونتلذذ بمذاقها .

سيقول البعض من أين كل هذا ؟! من أين أجلب راحة البال لكل هذا ؟! سيكون الرد عليه :
أخي الكريم ؛ إن لنفسك عليك حق ، ولا تنسى أن الله - عز وجل - قال : (( ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك )) .

إن الحياة قصيرة لا تستحق لحظة ألم ندمر بها صحتنا ، ونجلب بها لأنفسنا العلل والأمراض ، ما علينا إلا أن نتقن فن التغافل ولو بنسبة لا بأس لها ، وأن نحاول الخروج من عنق الزجاجة ومن دائرة الراحة ؛ كي نستمتع بحياتنا.


فتحية السيد المشمشي
...المزيد

لمــــاذا ننشغل بالآخريــــــن؟ تختلف الطباع الشخصية من شخص إلى آخر ، ولكن أسوأهم من يتلذذ ...

لمــــاذا ننشغل بالآخريــــــن؟

تختلف الطباع الشخصية من شخص إلى آخر ، ولكن أسوأهم من يتلذذ بالخوض في المقارنات الجانبية الخاصة ، وتتبع عورات الآخرين ، والتمتع بالقيل والقال.

رأيت الكثير ممن يتربصون للآخرين ، كالصيادين الذين ينتظرون الفرصة للانقضاض على فرائسهم ويصبون عليهم كل تركيزهم واهتماماتهم كالمخالب ، فهذا من يركز على ما يفعله الآخر ، وآخر يركز على ما يقول صديقه .وهناك من يصب كل تركيزه على ما وهب الله لغيره من نعم شتى ، ويتمناها لنفسه.

أرى أختاً تنظر لأختها بعين الحقد والحسد على ما أنعم الله عليها من نعم مختلفة ، سواء كانت نعمة جمال أو أخلاق ؛. نعمة زوج أو أبناء ، أو غير ذلك . أرى آخرين يتدخلون في شئون أناسٍ بحجة الحب والمودة ، ولكنهم يكنون في صدورهم بركان من الحقد والغل بل الحسد .

هناك سؤال دائماً ما أردده بداخلي ؛ لِمَ يتدخل بعض الناس في شئون الآخرين بحجة التودد ؟! لِمَ لم يحمد كل منا ربه على كل ما رزقه اللَّـــــــــه إياه مهما كان كثيراً أم كبيراً ؟! أين ذهبت القناعة ؟! أين ذهب الشعور بالرضا؟!

لِمَ نسى البعض قول حبيبنا وشفيعنا محمد - صلى اللَّـــــــــه عليه وسلم - عندما قال : { من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه } ، هذا الحديث يشمل أجمل بل أروع آداب اجتماعية ذات فوائد جمة ، فعندما يترك المرء أخيه وشأنه فلن ينشغل إلا بذاته وبما يخصه فقط ، وبالتالي يُركِّز على مصلحته مما يؤدي إلى نجاحه أو على الأقل تحقيق مسعاه.
.
مقصدي هنا أخي الكريم هي أمور الناس الخاصة ، و المقارنة بين الأمور الخاصة لبعضنا لبعض ، مقصدي ترك الحقد والحسد بل نزعها من قلوبنا.

إن التدخل في شئون الآخرين يحث الفرد على حب التجسس ، وبالتالي الكره ، ويحث أيضاً على الغيبة والنميمة . كذلك يضر بكرامته بسماع كلمات تسيء إلى شخصيته ؛ كما تقول المقولة المترددة بين الناس " من تدخل فيما لا يعنيه سمع مالا يرضيه "،
لم لا يحافظ على كرامته وكرامة الناس بل وكرامة مجتمع بأكمله.

لِماذا إذن يجذب هؤلاء الناس لأنفسهم الضرر ، ويحملون ذنوباً هم بغنى عنها ؟! لِمَ يُحمِّلون عقولهم أفكاراً سوداء ثقيلة لا قيمة لها ؟! لِمَ يزرعون بقلوبهم أشواكاً تؤذي قلوبهم قبل الآخرين ؟!

أدعوهم لأن يقتلعوا كل المشاعر السلبية السيئة من صدورهم ؛ لأنها تضر بهم قبل أن تضر غيرهم.

أدعوهم لأن يتمنوا الخير للآخرين كما يتمنونه لأنفسهم ، ويدعون لهم دائما بالبركة في أرزاقهم وصحتهم ، فحب الخير للناس من دلائل اكتمال الإيمان لدى المرء ،كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه }.

فتحية السيد
...المزيد

بـــزوغ شــمس جديـــدة لكل منّا لحظات تمر عليه يشعر فيها بالفتور والإحباط ، وكأن عجلة الحياة قد ...

بـــزوغ شــمس جديـــدة

لكل منّا لحظات تمر عليه يشعر فيها بالفتور والإحباط ، وكأن عجلة الحياة قد توقفت ، لم يتلذذ وقتها بأي عمل ينجزه ولو بسيط.

يشعر وقتها بالضيق واحتباس الصدر ، ويعيش في حالة يرثى لها ؛ فنرى من يلجأ وقتها للصمت المميت ، أو للنوم العميق أو لأي طريقة أخرى للعيش بظلام دامس ، لا أثر فيه لبصيص من نور.

ومن المحتمل أن ينتشر هذا الظلام في كل مكان حوله دون أن يدري ؛ ليصبح داء منتشر ، يتغلغل في نفوس أحبته ، ومن هنا لهنا ينتشر داء اليأس والإحباط في أرجاء المجتمع من حوله.

ومن الجهة الأخرى نجد من يقاوم ويحاول الخروج من هذا الجو القاتل ، من يلجأ لوسائل شتى مختلفة ، فنرى الذي يلجأ لربه يصلي ويدعو ويكثر من تقربه له ، وهذا الذي يخرج لإستنشاق الهواء العليل على ساحل البحر أو التمتع بالألوان الزاهية وسط الحدائق والبساتين ، وآخر من يمارس عادات أخرى كممارسة الرياضة أو التأمل أو التنفس العميق.

وهناك من يمسك بالورقة والقلم ويدوِّن كل ما بداخله ، دون أن يعلم أحد بما هو فيه ، فيكتب ويكتب ويكتب إلى أن يُنفِس عن كل شيء يشعره بالإحباط حتى يشعر بالراحة الكاملة .

ومهما كانت طريقة الخروج والتنفيس نراه بعدها يخرج للحياة بروح جديدة ، روح مفعمة بالحيوية والتفاؤل ، وكأنه ولد من جديد ولادة جديدة منعشة كبزوغ شمس جديدة ليوم جديد ، شمس تنشر أشعتها الذهبية على العالم كله.

وبعد وصف كلتا الحالتين ؛ تُرى أي الجهتين منهما أقوى ؟! أيهما تشعرك بالرضا وبالسعادة ؟! وأيهما تُشعرك بجمال الحياة ؟!

أسمعك تقول الحالة الثانية أحلى وأجمل ، وإن كان هذا صحيحاً فلِمَ نقف مكتوفين الأيدي ولم نتقدم ولم نخطو خطوة للأمام ؟! لِمَ مازلنا نعيش بدائرة لن يخرجنا منها غير أنفسنا بعد اللجوء للقوي الأقوى خالق كل شيء؟!

أخي القارئ ، أختي القارئة ؛ علينا أن ننهض ونقاوم هذا الشعور عندما يشق صدورنا ، ويختلج أرواحنا، علينا أن نقاومه بكل ما أوتينا من قوة ولا نستسلم له ، الضعيف فقط من يرى الاستسلام الحل الوحيد ،فهل أنت ضعيف ؟!

إذا تضايقنا واحترنا نلجأ إلى ربي وربك ، ننهض ، ونصلي ركعتين ، نناجه ، ونطلب منه كل ما نريد دون حرج ، سيجبر خواطرنا ، ولن يخيب ظننا أبداً ، وهذا الكلام وعد منه عز وجل لا توقع ولا تخمين ؛ فهو الذي قال في حديثه القدسي على لسان رسوله الكريم :
{ إني لأجدني أستحي من عبدي يرفع إليّ يديه يقول يارب يارب فأردهما}

بالقرب من الله من يكون منّا ضعيف ؟! فالله قوي يحب الأقوياء ،كما قال رسولنا محمد -عليه الصلاة والسلام : {المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف }.

علينا أن نقاوم ونكون أصدقاء لأنفسنا و نصاحب ذواتنا ، يجلس كل منا مع نفسه يحاورها ،ويجادلها ، ويخرج لها كل ما بجعبته .

نمسك بورقة وقلم ، ونخرج كل ما بقلوبنا ، نفرغ محتواها ، نكتب ونكتب بأي اسلوب وبأي لغة كانت ، حينما ننتهى من كتابتنا ننظر ماذا كتبنا ونقرؤها ،إن رأيناها مبهجة نحتفظ بها في دفترنا الخاص ، وإن رأيناها مؤلمة فوراً نحرقها ، نتخلص منها ولا نجعل لها أثر .

نكتب رسالة لشخص معين ، نشكره نمدحه ، ننقده ، نكتب له ما شئنا ، ثم نكتب أسمائنا بألقاب نحبها في خانة المرسل اليه ، ونرسم بجانبه قلبا أو شمساً بأشعتها.

علينا جميعا وقتما نشعر بالإنحدار إلى قاع اليأس والإحباط أن نستفيق لما نحن مقبلين عليه ، وقتها نستطيع أن نعيش وكأننا في ساحة منافسة مع الحياة للحصول على السعادة المصحوبة برضا من الله ، وحتى لا نقع فرائس ضعيفة في براثن مشاعر سلبية تقضي علينا ، وعلى حياتنا.
كما قال الشاعر :
(فويل لمن تَشُقهُ الحياة ...
من صفعة العدم المنتصر)

وقتها علينا أن ننهض، ونوسع مداركنا ،نثقف أنفسنا في نواحي الحياة المختلفة ولا نقف عند حد معين ، نقرأ كتب عديدة ونستنبط منها الرسائل المفيدة لنا ، وندونها بدفترنا ؛ للرجوع إليها وقت الحاجة.

نصاحب الناجحين ، هؤلاء الذين يتميزون بالتفاؤل والإيجابية ،بالإقدام والمثابرة ،نتعلم منهم قيم ومبادئ عظيمة ، أسس النجاح والتميز ، نتعلم منهم كل ما لذَّ وطاب للعيش بحياة سعيدة متميزة ، نتعلم منهم أيضاً طرق التفكير الصحيحة ، طرق التخطيط والإدارة.

دعونا نتعلم أن نقول كلمة (لا) ،نقولها لكل من وكل ما يؤذينا ، لكل من يجرحنا ، نقول (لا ) للمستحيل وللظروف التي تعيقنا من تحقيق كل ما نتمناه ، دعونا نتعلم أن نقولها بكل جرأة وشجاعة دون خوف أو تردد .
علينا أحبتي أن نسعى لتحقيق آمالنا وطموحاتنا التي إن استسلمنا للإحباط واليأس لن يكن لها أي ملامح ، علينا أن نتوكل على الله وحده ولا نتوكل وننتظر معونة من بشر ؛ فرب البشر هو وحده مدبر الأمور.

دعونا نتأمل قصص العظماء ، وكيف استطاعوا أن يتغلبوا على كل ما أعاقهم عن تحقيق أهدافهم ،لا أقصد العظماء فقط من رست بهم سفينة التاريخ على موانئ أعمالهم ؛ ولكن أيضا كل من استطاع أن يكسر سهام القنوط والإحباط ، كل من لم يستسلم لضغوطات حياته ، وحارب الاحباط والفشل بكل قوة وإصرار .

أخي الكريم /أختي الكريمة : أبصر كل ما هو جميل داخلك وانظر إليه كشعاع نور لبزوغ شمس حياة جديدة ، ولا تتغافل عنه ولا تتجاهله ،واصنع نفسك بنفسك ، فأنت نفخة من روح الله تستطيع بالاستعانة به -عز وجل - اجتياز كل ما هو مستحيل ،

واعلم أنه لا يقاس نجاح المرء بالموقع الذي يتبوءه بيوم من الأيام ، بقدر ما يتغلب على ما يقابله من صعاب. أطلق العنان لنفسك ، وانطلق ،ورفرف بجناحيك في سماء السعادة والتفاؤل ، ارفع من معنوياتك وحالتك المزاجية ، ردد دائماً بداخلك " أنا أستطيع تجاوز الصعاب" ، مارس أبسط حقوقك وأنت في رضا وسعادة ، تعلَّم كيف تصنع من عصير الليمون الحامض عصيراً حلواً مستساغاً.

دعونا نتأمل ونتفكر في هذي الأبيات الشعرية:
عش حياتك بما فيهـــــــــــا ... ولاتـخف من ساكنيهـــــــا.
ولا تستسلم وتيأس وتنهزم ... وكـن أنـت البـطل فيهـــــــا.

إن كان الناس ذئبـــــــــــــــــاً ... فـكـن أنـت الأسـد فيهــــــا.

وإن كـــــــانت حربـــــــــــــــــا ً ... عـليـك أن تكـون .

وان كـــــــانت سلمــــــــــــــاً ... فـكـن أنـت بـاديهــــــــــــــا.

فلو كــانت الكرامة أو الـموت ... فمت مرفوع الرأس فيهــــا.

ولاتنظر إلى الأمس بحسرة ... بل قل غداً سأكون إليهــــا.

ولا تنسى وتذكر دومــــــــــا ... تجربة تعبت في تتخطيهــــا.

حتى إذا واجهتـك ثانيــــــــة ... تعرف كيـــــف تفاديهـــــــــا.

فالحيـــــاة مهما كــانت مرة ... ستجد فيهـا ما يحليهـــــــا.

أيها القراء الأعزاء ، هيا نعمل بجد ، ونتسلق سُلم النجاح خطوة خطوة ، هيا نحب أنفسنا وأعمالنا ، نبتكر كل جديد ، نغتنم أوقاتنا ، نحترم كل من نتعامل معهم مهما كانت مناصبهم ، هيا نستغل كل فرصة للوصول إلى طموحاتنا وآمالنا ،للوصول إلى المجد الذي لن يتحقق إلا بالجد والصبر والاجتهاد.

لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر.

فتحية السيد المشمشي
...المزيد

عالم الخيال نعيش جميعاً في بحر الحياة ، تتقاذفنا أمواجه. فتعلو بنا لعنان السماء ، أو تقذف بنا في ...

عالم الخيال
نعيش جميعاً في بحر الحياة ، تتقاذفنا أمواجه. فتعلو بنا لعنان السماء ، أو تقذف بنا في قيعان البحار والمحيطات ، أو تتركنا ما بين هذا وذاك ؛ فلا ندري أي مكان ترسو بنا سفينة الحياة.

هناك من يسعد بوصوله إلى النجوم المتلألئة ، ويبذل قصارى جهده لئلا يقع ويهبط . وهناك من يستسلم لمطبات السحب وعواصف الرياح وينحدر لقيعان الأرض ، ويعيش بعالم منعزل عن واقعه.

عالم يحلم فيه بتحقيق كل أهدافه وأمانيه ، عالم مليء بالأماني التي لن تتحقق إلا على أرض الواقع و بمزيد من الجهد.

طبيعي أن يكون لدى كل منِّا عالمه الخاص عالم الخيال والأحلام ؛ فهو عالم جميل لا أنكر ذلك ، ولكن الانغماس به يعد قنبلة موقوتة ، تجعل صاحبه ينفصل عن واقعه انفصالا تاما ، بل تجعل منه إنساناً مريضاً بالوحدة والانفصال ، تجعل منه انساناً يائساً محبطاً.

قنبلة تجعله دائماً لا يستشعر إلا الحزن والأسى ، لا تجعله يرى جمال الحياة ويستمتع بما خلقه الله له ، كقول الشاعر إيليا أبو ماضي :
( وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى الندى فوقها إكليلا
والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلا )


ولكن قبل الغوص بعالم الخيال ؛ علينا أن نعرف أن التغلغل به هو بمثابة هروب ، نعم ؛ من أرض الواقع إلى عالم الخيال ، من ساحة المواجهة إلى كهف الانسحاب.

ولهذا الهروب أسباب كثيرة منها ، تلاشي المواجهات التي تُخرِج المرء من دائرة الراحة ، أوخوفا من مواجهة المشاكل ، أو انسحابا نتيجة الفشل في موضوع ما ، أو إخفاقات متتالية ، أو وقوع ظلم شديد.

يدخل المرء هذا العالم بطرق شتى ،تختلف من شخص إلى آخر حسب ظروفه . كالانعزال بغرفته لا يُخالط أحداً ، وكالانفراد بهاتفه الخلوي يتصفح مواقع تخرجه من واقعه وما أدراك بكثرة هذه المواقع ، وكذلك أيضاً يهرب بالنوم الطويل أو وصلة من الضحك الهيستيري.

يعيش الإنسان في عالمه الخيالي متناسياً مشاكله ، معتقداً أن هذا هو الحل ، ولكنه لا يدري أنه بذلك يزيدها تعقدا عندما يسترجع وعيه ، يدخله معتقداً أن هذا هو سبيل الراحة والسعادة ، لكنه لا يعلم أنها سعادة مؤقتة سعادة مخدرة ، لا يصاحبها إلا واقع أكثر ألماً ومرارة.

ولكنى أتساءل لِمَ الهروب ؟! بل لمتى ؟! ولماذا نسينا قوله تعالى { ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا } ، أشعر وكأن الهروب له علاقه بعلاقة الفتور بين المرء وربه ، فهل الهروب بهذا الشكل مهما كان نوعه هو السبيل لحل ما نحن به ؟! أم أنه عجز وضعف واستسلام ؟! أم أنه ضعف للعلاقة الربانية ؟!

لِمَ لم نستعن بالله عزوجل في حل مشاكلنا كما قال رسولنا الكريم - عليه الصلاة والسلام - :(إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ).

علينا جميعا أن نقتنع اقتناعاً تاماً أن تلك الدنيا ليست فقط للخيال ؛ لأن الخيال متعة عقلية مؤقتة إن زادت عن حدها انقلبت لضدها.
علينا أن نقتنع أننا خلقنا للمشقة والتعب ، وهذه المشقة تختلف من إنسان لآخر ، أنسينا قوله تعالى { ولقد خلقنا الإنسان في كبد } ؟!

عالم الخيال عالم جميل لا يشوبه شائبة لمن ربط بينه وبين واقعه ، لمن يحلم ويتمنى ، لمن يرسم ويخطط ، لمن يفكر ثم ينفذ على أرض الواقع ، لمن يوازن بين عالميه الواقع والخيال.

علينا جميعاً أن نفكر بعقولنا التي وهبنا الله إياها ثم نتوكل على الله مدبر الأمور ، وأن نقوي علاقتنا بالله عزوجل فهو نعم المولى ونعم الوكيل.

#فتحية السيد
...المزيد

معلومات

المواد المحفوظة 1

المواد المفضلة 1

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً