بين الفرقان والفتح (١/٢) ونحن نتفيأ ظلال هذا الشهر المبارك، شهر الإيمان والاحتساب لله تعالى، ...

بين الفرقان والفتح
(١/٢)

ونحن نتفيأ ظلال هذا الشهر المبارك، شهر الإيمان والاحتساب لله تعالى، شهر التقوى والصبر والجهاد، نستذكر حدثين عظيمين لم يخرجا عن تلك المعاني الإيمانية والجهادية، حدثين عظيمين رسما خارطة الإسلام في عهد النبوة وما بعده، وكانا معلمين رئيسين في تشييد صرح الإسلام وانتشار دعوته الخالدة، كلا الحدثين وقعا في شهر رمضان، وكان بينهما ست سنوات فقط لكنها كانت نقلة كبيرة للمسلمين ودولتهم ودعوتهم.

الحدث الأول غزوة بدر الكبرى التي وقعت في السنة الثانية للهجرة في السابع عشر من رمضان، وسميت غزوة الفرقان لأنها كانت فرقانا فرّق الله بها بين الحق والباطل، بين التوحيد والشرك، بين الفئة المؤمنة القليلة الصابرة، والفئة الكثيرة الكافرة، فبها ذاع الإسلام وشاع أمره وعزّ أهله، وذلّ الشرك وأهله، حيث كانت أول هزيمة قاسية يتعرض لها المشركون بعد سنوات من البطش والغطرسة، وأول انتصار كبير للمسلمين بعد سنوات من الاستضعاف والغربة.

أما الحدث الثاني فقد وقع بعد الفرقان بست سنوات كما تقدم، وتحديدا في العام الثامن للهجرة، في العشرين من رمضان، وهو الفتح الأعظم فتح مكة المكرمة وعلو الإسلام فيها وسيطرته عقديا وميدانيا عليها، وعودة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته إليها فاتحين مكبرين مهللين تحقيقا لوعد الله تعالى.

وبعيدا عن تفاصيل الحدثين العملياتية التي تستفيض بسردها كتب السير والتاريخ، وتنطق بكل معاني البطولة والعزة والشجاعة والوفاء والتواضع لله، والاستعلاء على الباطل وغيرها من المقامات الإيمانية والقمم الجهادية، إلا أن السرد المعاصر للحدثين الرمضانيين يعمد إلى إغفال أبرز محطة مشتركة بينهما أو تحويرها وتقديمها بصورة تخالف الغاية الإيمانية، وتصادم المنهجية العقدية التي اتسم بها الفرقان والفتح العظيمان.

البراءة والشدة على الكافرين

ولعل من أبرز محطات الفرقان والفتح، أنهما مثّلا ذروة المفاصلة بين الإسلام والكفر، وتحقيقا لأهم عقائد المسلمين وهي الولاء للمؤمنين والبراءة والشدة على الكافرين، التي تتعرض اليوم لحملات هدم وتمييع وإقصاء ليس على أيدي اليهود والنصارى المجاهرين بالعداوة للإسلام فحسب، بل على أيدي المحسوبين على الإسلام والمتمسحين بالجهاد!!، في مفارقة عظيمة تدلك على بعد هؤلاء الأخلاف المبدلين، عن مقصد الفرقان والفتح، وبالضرورة بعدهم بعد المشرقين عن منهاج الفاتحين الأولين.

يبرز موقف المفاصلة والبراء يوم بدر في قوله تعالى: {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ..}، وقد جلّت كتب التفسير المعتبرة هذه الآية بما لا يدع مجالا للباحثين عن الرخص في أبواب الأصول القانعين بالقعود دون الوصول.

لقد نفت الآية الإيمان عن أقوام يوادّون من عادى الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو عشيرتهم، لم يتوسع القرآن في ذلك لأحد، وتجاوز حدود العلاقات والروابط البشرية قاطبة بدءا من أضيق وأغلى الدوائر على المرء وهي دائرة "الأبوة" ثم "البنوة" ثم "الأخوة" وصولا إلى "العشيرة" والقرابة العامة، ووقف عند حدود الرابطة الإيمانية فلم يتجاوزها! وجعلها حدا فاصلا بين الإيمان والكفر، وأعطاها السيادة والكلمة الفصل، إلى حد فصل بها بين الأب وابنه والمرء وأخيه بناء على رابطة الدين، ولقد ذكرت كتب السير والمغازي والتفاسير صورة حية من التطبيق العملي لهذه المفاصلة وكيف امتثل لها الصحابة في معركة بدر الرمضانية، فقاتلوا أقرب الناس إليهم من الكافرين المحاربين بالسيف والسنان، وقدّموا الولاء لله ورسوله والمؤمنين على الولاء للكافرين ولو كانوا أقرب الأقربين، ولا شك أن هذا لا يقع إلا ممن ملأ حب الله تعالى قلبه فخلا من كل المحبوبات المضادة المناوئة.

ليست في قلوبنا هوادة للمشركين

ولم تتوقف المفاصلة والشدة على الكافرين بانتهاء المعركة، بل استمرت بعدها في قضية أسرى بدر الذين كانوا أقرباء الصحابة وبني عمومتهم، كما قال ابن كثير: "ومن هذا القبيل حين استشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين في أسارى بدر... فقال عمر: هل تمكني من فلان -قريب لعمر- فأقتله؟، وتمكن عليا من عقيل، وتمكن فلانا من فلان، ليعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين".



المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 487
السنة السادسة عشرة - الخميس 20 رمضان 1446 هـ

مقال:
بين الفرقان والفتح

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

لا تلتفت للوراء (٢/٢) ومن دروس الابتلاء التي ينبغي أن لا تغيب عن ذهن المسلم؛ أن الدنيا ليست ...

لا تلتفت للوراء

(٢/٢)
ومن دروس الابتلاء التي ينبغي أن لا تغيب عن ذهن المسلم؛ أن الدنيا ليست دارا للحساب والجزاء، وما هي إلا دار ممر لا دار مقر، وهذا من عدل الله تعالى فما بعد الموت إلا الحياة الأبدية، ولكن أين؟ إما في جنان عدن أو في سقر! -عافانا الله وإياكم منها- وهذا الذي يجب أن يشغل بال المسلم على الدوام وهو الذي عليه التعويل، فكم من قتيل فائز وكم من حي خاسر.

وليعلم المسلم أن هذا الطريق لا يثبت عليه إلا الصادقون الذين أخلصوا دينهم لله تعالى، وبذلوا أغلى ما يملكون لإعلاء كلمته في أرضه، وجاهدوا عدوه، ولم يبالوا بما أصابهم، ولم يعبأوا بمكر أعدائهم، فهؤلاء هم حملة الرسالة بحق ووارثوها، الذين اتقوا الله حق تقاته، وجاهدوا في سبيله حق جهاده.

أما الباحثون عن مناهج السلامة، اللاهثون خلف الدنيا وزهرتها، الذين يحسبون أن الأمان في بقائهم أحياء ولو عبيدا للطاغوت، فهؤلاء لم يستنيروا بنور العلم ولم يأووا إلى ركن شديد، وإن حملوا من الأسفار ما لا تحمله الحمر! وما أكثرهم في زماننا، وأشقى منهم من علم الحق وفارقه لضعف يقينه وسوء طويته وتقديم محابّه على محاب خالقه، وليته سكت! بل عكف يبرر للساقطين سقوطهم! ويعيّر الثابتين بثباتهم!

فدونك أيها المسلم المجاهد نهج الأنبياء وسيرهم، والسابقين من أتباعهم، وتأمل الفرق بينهم وبين القاعدين للجهاد بأطرقه يصدون عنه ويلمزون أهله، فإن من أوضح معالم طريق الأنبياء وأتباعهم إرخاص النفوس لخالقها سعيا في نشر دينه وإقامة شريعته ونصرة أوليائه، ومقارعة أعدائه وصد عاديتهم ونسف باطلهم ونبذ شركهم، ولو أصابهم في سبيل ذلك ما أصابهم، فأين مَن هذا سبيله ممن يرى في الموت على منهاج النبوة خسارة وفشلا، والعيش تحت ظلال الطاغوت نجاة ومأمنا؟ هيهات هيهات.

فسر أيها المجاهد في طريقك ولا تلتفت للوراء فليس لديك ترف الوقت والفكر للانشغال بالنابحين خلف قافلة التوحيد والجهاد التي سارت ولن تحط ركابها إلا حيث يحكم الإسلام وتعلو رايته فوق عواصم العرب والعجم، أو تنفرد سالفة قادتها وجنودها في هذا الطريق أسوة بسلفهم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فيا فوز من مضى في الطريق، أو نال الشهادة صابرا محتسبا، ويا خسارة من سقط وفاته الركب.



المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 487
السنة السادسة عشرة - الخميس 20 رمضان 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
لا تلتفت للوراء

لقراءة الافتتاحية كاملة.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

لا تلتفت للوراء (١/٢) إن الطريق إلى إقامة دين الله في الأرض، طريق شاق يقتضي الصبر والمصابرة ...

لا تلتفت للوراء
(١/٢)

إن الطريق إلى إقامة دين الله في الأرض، طريق شاق يقتضي الصبر والمصابرة والمرابطة، ويستوجب توطين النفس على وعورته والابتلاء فيه، ولا بد لسالكيه أن يصيبهم ما أصاب الأنبياء من القتل والجرح والقرح، وما أصاب خاتمهم محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام من صنوف العذاب والنكال، وتلك سيرهم حافلة بالبأساء والضراء والزلزلة قبل أن يتنزل عليهم نصر الله.

وليعلم المسلم أنه لا تلازم بين الحق والسلامة الدنيوية، وأنه لا تعارض بين الوعد بالنصر والقتل الذي يطلبه المجاهدون ويطلبهم، دليل ذلك قوله تعالى في حق الأنبياء وأتباعهم: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}، فالنصرة في الدنيا قد تأتي في حياة الأنبياء كما فعل بإهلاك الأمم المكذبة وإنجاء الأنبياء، وقد تتأخر إلى بعد موتهم كما فعل بقتلة يحيى وزكريا وشعياء سلط عليهم من أعدائهم من أهانهم وسفك دماءهم كما بينه الإمام الطبري وغيره.

وإن من أكثر الأمور المشاهدة المعلومة التي قررها القرآن الكريم وكررها كثيرا، زوال الدنيا وسرعة انقضائها {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}، فكيف لعاقل أن يجعل ما يصيبه فيها من الفتنة بالسراء أو الضراء ميزانا؟

بل إن من الجهل وضعف اليقين انتظار النعيم فيها والتحسر على الفائت منها، وإن من أعظم ثمرات الإيمان، أن لا يعبأ المسلم بما أصابه فيها من لأواء ما دام يحدوه حادي اليقين بوعد الله تعالى بجنة عرضها السماوات والأرض، لا يَلفتهُ عنها سراء ولا ضراء، أرأيت لو أن عبدا عاش حياته مؤمنا مهاجرا مطاردا معذبا، ثم خُتم له بالحسنى وبُشّر بطوبى، هل يضيره كل ما أصابه قبلها؟ فهذا مثل المؤمن.

وإن المتفكر في هذا ليزول عجبه لما يصيب المؤمنين الثابتين على منهاج النبوة في عصرنا، مما أصاب مَن هو خير منهم من الأنبياء والأولياء، تحقيقا لسنة الله تعالى في خلقه: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}، إنها سنة الابتلاء التي لم تخطئ عبدا، تمحيصا للمؤمنين وتنقية لصفوفهم، واستدراجا ومحقا للكافرين.

ومن المعلوم أن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لدعوة الخلق إلى التوحيد وإقامة الحجة عليهم، ومن لوازم ذلك وجود المكذبين والمعاندين الذين لم يخل منهم عصر ولم يسلم منهم نبي ولا رسول كما قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} وقال سبحانه: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}، ولذلك كان لزاما على أتباع الرسل أن يحتملوا ما يصيبهم في طريق التوحيد ويصبروا عليه، وأن يمضوا فيه قدما، لا يردهم عنه ضعف ولا وهن، ولا يثنيهم خوف ولا حزن.

فإن الأمر متعلق بتبليغ الرسالة الربانية التي لأجلها خلق الله الخلق، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، ولم يك في حسابات الأنبياء والمرسلين -وحاشاهم- أن ينالوا بعملهم هذا لعاعة دنيوية أو يقصدوا سلامة بدنية، فهذا نبي الهدى -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في مسند الإمام أحمد: (والله إني لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله له حتى يظهره الله له أو تنفرد هذه السالفة) يعني بذلك الموت! فتأمل كيف جعل المضي في دعوته وجهاده كلَّ همه وغاية مراده ولو قتل في سبيل ذلك، وقد مضى -صلى الله عليه وسلم- في ذلك صادقا ثابتا فسال دمه وكسرت رباعيته ودخلت حلقتا المغفر في وجنتيه وجرح إصبعه فواسى نفسه وهون عليه ذلك أنه في سبيل الله كما في البخاري عن جندب بن سفيان، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في بعض المشاهد، وقد دميت إصبعه، فقال: (هل أنت إلا إصبع دميتِ وفي سبيل الله ما لقيتِ).

وإن من أهم الدروس والعبر التي تتجلى في سير الابتلاء، أن ما أصاب الأنبياء والرسل وأتباعهم لم يكن خذلانا من الله لهم! ولا نصرا لأعدائهم، ولا هو خسارة ولا فشلا؛ بل هو من الابتلاء والامتحان لرفع الدرجات، وهو للكافرين إمهال واستدراج ليستحقوا به أشد العذاب، بسبب كفرهم وحربهم للتوحيد وصدهم عن سبيل الله تعالى.

ومما يستفاد من سير الأنبياء في المحنة والابتلاء، أن بقاء العقائد مقدم على بقاء الأرواح، وإن جلّت هذه الأرواح وعظمت مكانتها كأرواح الأنبياء والرسل عليهم السلام، فكيف بمن هم دونها في القدر والمكانة؟ بل إن أرواح المؤمنين يعظم قدرها بقدر اتصافها والتصاقها بما كان عليه أنبياء الله ورسله، وبهذا فضّل الله المجاهدين على القاعدين ورفعهم درجات.



المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 487
السنة السادسة عشرة - الخميس 20 رمضان 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
لا تلتفت للوراء

لقراءة الافتتاحية كاملة.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

الأكراد جزء من دولة الإسلام • ظالمٌ من قال: إن الأكرادَ شعبٌ لا تاريخ له، فلو قّلبنا صفحات ...

الأكراد جزء من دولة الإسلام

• ظالمٌ من قال: إن الأكرادَ شعبٌ لا تاريخ له، فلو قّلبنا صفحات التاريخ لوجدناه يغصُّ بمواقف مشرفة و أبطال أماجد وأعلام عدة في العلم و العمل، كانوا أكاليلَ غارٍ على رأس هرم الحضارة الإسلامية، فابن الصلاح الحافظ المُحدث المشهور بمقدمته ذائعة الصيت في أصول الحديث، كردي، وابن الحاجب اللغوي الغواص في علم أصول الفقه، كردي، وصلاح الدين فاتح القدس وكاسر الصليب و مزيل دولة الرافضة العُبَيدِية المتعصبة لا يزال إلى الآن على الألسن ذكره وفي القلوب حبه هو و عائلته آل أيوب، فبعد أن استقرت يد الفاطميين على دمشق فُرضت شعائر الرافضة، وبقيت مصر أكثر من مئتي عام دولةً رافضية، ولم يزل الأمر كذلك حتى أزالت ذلك دولةُ نور الدين الشهيد وصلاح الدين الأيوبي.


مم الكلمة الصوتية { وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُم } للشيخ أبو عمر البغدادي (تقبله الله)

للإستماع للكلمة الصوتية.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

انقسام معسكر الصليب • لم تتسع كل مسارات الدبلوماسية لاحتواء خلاف الحليفين الأمريكي والأوكراني ...

انقسام معسكر الصليب

• لم تتسع كل مسارات الدبلوماسية لاحتواء خلاف الحليفين الأمريكي والأوكراني حتى انفجر على الهواء مباشرة وسط المكتب البيضاوي الذي لطالما تآمروا واجتمعوا فيه على حربنا، إنه انقسام كبير في المعسكر الصليبي هو الأبرز في عصرنا، لكنه ليس جديدا ولا غريبا على التركيبة الصليبية طوال تاريخها الأسود.

وسريعا امتدت الأزمة الصليبية خارج المكتب البيضاوي لتشمل أوروبا بأسرها التي سارعت إلى عقد قمة أوروبية استثنائية في "لحظة لا تتكرر إلا مرة كل جيل" كما وصفوها بأنفسهم، هذه القمة لم تنعقد لبحث خطر الدولة الإسلامية وهجماتها العالمية! وإنما لبحث سُبل دعم أوكرانيا بعد موقف "العم سام" الذي جنح للسلم حاليا مع روسيا على حساب علاقته التاريخية بأوروبا العجوز، سعيًا منه للتفرغ لأزماته الخاصة وانكفاءً على ذاته تحت شعار "أمريكا أولا".


افتتاحية النبأ "موقعة المكتب البيضاوي" 485
لقراءة الافتتاحية كاملة.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

❖ سلسلة خصال المجاهدين الصادرة عن صحيفة النبأ. - الخصلة العاشرة - الولاء بين المهاجرين ...

❖ سلسلة خصال المجاهدين الصادرة عن صحيفة النبأ.

- الخصلة العاشرة - الولاء بين المهاجرين والأنصار


الخصلة العاشرة: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وهذه صفة المجاهدين فالمجاهد إما أنصاري وإما مهاجر، فالمهاجر ترك داره وأهله لأجل الله ورسوله ونصرة دينه وجهاد أعدائه ولم يتشبّث بالتراب ولا حتى بالصحاب!، قال الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر]، والأنصاري آوى أخاه الشريد بدينه وأحبّ أخاه في الدين وأعطاه مما عنده وضحّى بأرضه التي صارت هدفا لأعداء الدين، قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر]

وقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أمثلة عليا في الهجرة والصبر على مشقتها وفي النصرة ومواساة إخوانهم المهاجرين حتى كان الأنصاري ليتناصف مع أخيه المهاجر في ماله وأهله وكل شيء، ويطلّق إحدى زوجتيه ليتزوّجها أخاه المهاجر، كل ذلك حبا لدين الله وعرفانا لفضل من خرج في سبيل الله.

ولا يقوم الدين ويظهر الجهاد إلا بالمهاجرين والأنصار، ووصف الله هؤلاء بالمؤمنين حقا فقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال]، ويتأكد وجوب الهجرة والنصرة في زمن بداية قيام دار الإسلام، وزمن الغربة كما هو حالنا اليوم، فالمحروم من لم يكن مهاجرا ولا أنصاريا.

وقد بيّن الله أن الكفار يوالي بعضهم بعضا، وأن ذلك واجب بين المؤمنين، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال]، وهذا كله إتماما للولاء فإنه لا يكمل الإيمان حتى يحب المرء أخاه المسلم ويحب له ما يحب لنفسه، ويكون أخوه جزءًا من جسده، ليصلب بنيان الإسلام، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
...المزيد

كيف بهم غدًا مع غربة الدين وخروج الدجال؟ وكيف بهم غدا مع غربة الدين واندثار العلم، فخرج الدجال ...

كيف بهم غدًا مع غربة الدين وخروج الدجال؟

وكيف بهم غدا مع غربة الدين واندثار العلم، فخرج الدجال وقد استتبت له الأمور ودانت له شياطين الإنس والجن، وجاء فأطعم الناس وقد جاعوا وسقاهم وقد قنطوا، والمسلمون مشردون يفرون بدينهم للقفار والجبال، كما روى الإمام أحمد بسند صحيح عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ويبعث اللّه معه شياطين تكلّم النّاس، ومعه فتنة عظيمة، يأمر السّماء فتمطر، فيما يرى النّاس، ويقتل نفسا، ثمّ يحييها، فيما يرى النّاس، لا يسلّط على غيرها من النّاس، ويقول: أيّها النّاس، هل يفعل مثل هذا إلّا الرّبّ؟ قال: فيفرّ المسلمون إلى جبل الدّخان بالشّام، فيأتيهم فيحاصرهم، فيشتدّ حصارهم، ويجهدهم جهدا شديدا).

افتتاحية النبأ "فكيف بهم غدًا" 483
لقراءة الافتتاحية كاملة.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

اليقظة والحذر في كل وقت: ومن أساليب العدو أن يشعرك بالأمان كي تتصرف بعفوية، فيخفي عينيه التي يرى ...

اليقظة والحذر في كل وقت:
ومن أساليب العدو أن يشعرك بالأمان كي تتصرف بعفوية، فيخفي عينيه التي يرى بهما المجاهدين، ففي يوم من الأيام الربيعية المشمسة، كان بعض المجاهدين في إحدى الولايات يجربون كاميرات حرارية اغتنموها من المرتدين، فرصدوا ثلاث طائرات استطلاع تدور في دائرة على ارتفاع أكثر من 9000 متر، خلافاً للعادة في ذلك الوقت، فقد كانت طائرة البريداتور تنزل حتى تقترب من ارتفاع 1000 متر أحياناً، ولم يتمكنوا حينها من سماع صوت الطائرات الثلاث أو رؤيتها بالعين المجردة، وبسبب أن التصوير الحراري ليس دقيقاً جداً فلم يستطيعوا تحديد نوع الطائرات أو اختصاصها، فلو لم يروها بالتصوير الحراري المتقدم لما علموا أنها موجودة أصلاً، ولربما ظنوا أن الوقت مناسب لنقل الأسلحة والذخائر، وهذه الطائرات في هذا الارتفاع لا تفيد العدو في رصد الأفراد المشاة، خصوصاً إذا كان الماشي يتعمد المشي بين البنايات العالية أو على الأقل بعيداً عن وسط الشارع، ويتعمد التنقل كل مسافةٍ بين أقصى اليمين وأقصى يسار الشارع. ولكن المُسيَّرات العالية تتمكن من رصد وتسجيل اتصالات القبضات والهواتف اللاسلكية، وكذلك رصد السيارات وحركتها بين المقرات، أو الآليات العسكرية، ولهذا فلا يمكن الاستغناء عن التمويه عند نقل المعدات العسكرية وغيرها مهما شعرت بالأمان، وكذلك نستنتج مما سبق ذكره أن من كبائر الأخطاء في عالم الأمن أن تستخدم السيارة بطريقة كسولة وتضعها أمام بيتك ومقرك، بل يجب عليك أن تبعدها عن مكان تواجدك قدر الإمكان.

ولا يفوتنا ذكر أن العدو يرصد الإنترنت الذي يستخدم من داخل أراضي دولة الإسلام، فهم يلصقون أعينهم وآذانهم بخطوط شبكاتنا المارة من هنا وهناك، ويتربصون باتصالاتنا طوال الوقت، ولكنهم يشعروننا دائماً أن الإنترنت ليس مراقباً ويشيعون أن تطبيقاتهم التجسسية هي آمنة ومشفرة ولا يمكن التجسس عليها، وينشرون لهذا الهدف المقالات والدعايات ويدفعون الأموال، وذلك لكي يستخدم المجاهدون برمجياتهم وأدواتهم في تناقل المعلومات الحساسة، فيستفيد منها العدو، أو على اﻷقل يستفيدون من تحليل اتصالات الإخوة ببعضهم لمعرفة حجم اتصالات كل فرد ووقت ومكان تواجده، ولكي يُوجّهوا فرق الاختراق (الهاكرز) إلى هواتف وحاسبات من يظنون أنه مهم للحصول على صوره وصوته وموقعه، ومن أهم طرق التجسس على الأجهزة الحديثة أن تخترق جهاز هاتف أو حاسباً لتجعله يسجل الصوت والموقع بشكل مستمر، فيتمكن العدو عندها من حضور الاجتماعات وسماع النقاشات، ورغم أن هذه الطريقة قديمة ومشهورة، حتى أن أغبى أجهزة المخابرات العربية تستخدمها منذ زمن، إلا أن العدو لم يكتب عنها أو يذكرها بأي شكل من الأشكال في الإعلام، لماذا؟ لأنها ما زالت تعمل بكفاءة حتى يومنا هذا.

واعلم أن الاستهداف يتطلب في بعض الحالات جاسوساً على الأرض أو كاميرا قريبة مرتبطة بالعدو، فلا تقلل من شأن الإجراءات الأمنية التقليدية مثل أن تغير باستمرار من وقت تحركك من بيتك ومقرك، وأن تغير مكان مبيتك وعملك باستمرار إذا كنت ممن يقود مجموعة كبيرة من المجاهدين، أو لك ارتباط بعمل جهادي في ديار الكفر، أو كان لك عند الصليبيين صورة يبحثون عنك من خلالها.

ومما تم ضبطه مع أحد الجواسيس صورة لأحد المجاهدين كان قد استلمها من التحالف، وقد بحث هذا المرتد عن الأخ حتى وجده وراقبه، ثم أرسل للتحالف يذكر عادات الأخ التي راقبها، فذكر اسم الأخ الحركي وموقع بيته الدقيق، وساعة خروجه يومياً إلى عمله ووصف سيارة الأخ التي يستعملها، ومعلومات أخرى غير مفيدة للتحالف، والفائدة هنا هي أن تعرف أن تظليل زجاج السيارة مهم لك لتختفي في أغلب حركاتك، وكذلك استخدم أساليب مواصلات منوعة، مرةً سيارة أجرة ومرة دراجة وهكذا، ثم عليك أن تتخلص من العادات المتكررة، فاخرج إلى عملك مرة بعد الفجر مباشرة ومرة بعد ساعة ومرة بعد ساعتين، وحاول أن تجعل مقابلاتك مع الآخرين في مقراتهم قبل توجهك إلى مقرك كي يتغير وقت وصولك لمقرك يومياً، ولا بأس في أن تبيت في المقر لتنجز متراكم أعمالك، فلا يكون وقت خروجك ثابتاً أيضاً، ما تيسر لك ذلك، ولا تكن من المصابين بـ «الكسل الأمني» فلا تكن لك عادةٌ متكررة يمكن متابعتك والوصول إليك من خلالها.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 63
الخميس 13 ربيع الثاني 1438 ه‍

ـالإفلات من مراقبة الطائرات المسيرة في المناطق السكنية
...المزيد

الإفلات من مراقبة الطائرات المسيرة في المناطق السكنية تحدثنا في العدد الماضي عن بعض الإجراءات ...

الإفلات من مراقبة الطائرات المسيرة في المناطق السكنية

تحدثنا في العدد الماضي عن بعض الإجراءات الأمنية التي ينبغي أن تراعى للإفلات من مراقبة الطائرات المسيّرة، وكذلك يمكن تعميمها للإفلات من مراقبة الجواسيس عموما، ونكمل اليوم الحديث عن بعض الإجراءات الأمنية الأخرى، التي نسأل الله أن يجعل فيها وقاية للمجاهدين من شرور جنود الطواغيت والصليبيين.

الحركة والتغيير زمانياً ومكانياً، لتضليل العدو وتقليل ثقته بمعلوماته:

لأن المصيدة -التي ذكرناها في المقالة السابقة- تكون بطبيعتها ثابتة فإن التغيير والحركة من مفاتيح الأمن بإذن الله، كما أن الرتابة والتكرار ترفع من احتمالات نجاح الجواسيس والطائرات في التقاط رأس الخيط ثم ملاحقة المعلومة المهمة والإضرار بالمسلمين من خلالها.

فإذا نظرنا إلى مقرٍ لتوليف قبضات الاتصال اللاسلكي في إحدى المدن -مثلا- على أنه مكان معروف للعدو (مصيدة)، ويزوره كثير من المجاهدين، فإنه بمراقبة هذا المقر بكاميرات مزروعة قريباً من المكان أو بالطائرات المُسيَّرة يمكن أن يصل العدو إلى عدد من الإخوة المطلوبين من قِبل الصليبيين، وإلى مقرات المجاهدين في هذه المدينة، فالسيارات التي تتردد على المكان ستأتي غالباً من مقرات مجاهدين وتذهب إلى مقرات مجاهدين، فعامة الناس لا يستعملون القبضات اللاسلكية عادة، وانتبه أن التصوير بكل أنواعه يمكن تشغيله للأمام أو للخلف لمعرفة ما قبل وما بعد لحظة زيارة المصيدة، وتَنبَّه أيضا إلى أن تكرار حركة السيارات من مقر غير معروف إلى مقر توليف القبضات أكثر من مرة سيرفع احتمال أن يميز العدو هذا المقر أنه للمجاهدين.

وهنا فائدةٌ هي أن من يشمل عمله التواصل مع شريحة واسعة من المجاهدين فمن الأفضل له أن يتحرك إليهم بدل أن يأتوا إليه إذا أمكن، فتحكّم فرد واحد بأمن حركته أسهل من تحكّم العدد الكبير، فإن لم يستطع فليغير مكان عمله كل فترة، حيث يذهب مسؤول توليف القبضات -في مثالنا هذا- إلى مقر مؤقت كل شهر ليولف قبضات الإخوة ثم يتغير المقر في الشهر التالي، فالمعلومات تستغرق وقتاً لتصل العدو، ووقتاً آخر ليتعامل معها تحليلاً وتوثيقاً، ثم وقتاً للتصرف، فلا بأس بالسلوك الأمني الصحيح حتى لو كانت المعلومة ستنتشر لاحقاً، المهم أن تستمر بالتغيير.

وفائدة أخرى هي أنك عندما تزور مقراً مشهوراً فحاول الذهاب بلا سيارة، مشياً أو بسيارة أجرة، فإن لم تتمكن فليوصلك أخ بسيارةٍ إلى مكان قريب من هدفك ثم يمضي بالسيارة وتكمل ماشياً، فإن لم يكن الحل الأول ولا الثاني ممكنا فحاول أن تتوقف بضع دقائق بسيارتك في مكان مغطى أو بين البنايات المرتفعة حتى يُضيعك الطيران ثم واصل القيادة، وهذه الخطوات يجب فعلها في الذهاب إلى المصيدة وفي الرجوع منها أيضاً، فتصوير المسيرات يتم استرجاعه لمعرفة من أين أتيت والى أين ذهبت، وتصوير السيارة أسهل من تصوير الفرد السائر على قدميه.

وبعد معرفة عدد من المقرات يبدأ دور زرع الجواسيس على الأرض لمتابعة المجاهدين، وقد دفع الأمريكيون في مرةٍ مبلغاً كبيراً لاثنين من الجواسيس ليفتحا محل تصليح إطارات أمام بيت أخ معينٍ، أميرُه مطلوب من قِبل الصليبيين، وقد قام الجاسوسان بمراقبة حركة الأخ خروجاً ودخولاً إلى بيته لمدة شهرين كي يصلا إلى الأخ المطلوب، وهنا يجب على المجاهد أن ينتبه إلى المحلات (المصيدة المصنوعة) التي تُفتتح حديثا حول المقرات والأماكن المزدحمة بالمجاهدين وأن لا يمر عليه الموضوع بلا تحرٍ عن تاريخ العاملين فيها، ومتابعة الكاميرات المخفية هنا وهناك حول المقرات.
...المزيد

الإفلات من مراقبة الطائرات المسيرة في المناطق السكنية تحدثنا في العدد الماضي عن بعض الإجراءات ...

الإفلات من مراقبة الطائرات المسيرة في المناطق السكنية

تحدثنا في العدد الماضي عن بعض الإجراءات الأمنية التي ينبغي أن تراعى للإفلات من مراقبة الطائرات المسيّرة، وكذلك يمكن تعميمها للإفلات من مراقبة الجواسيس عموما، ونكمل اليوم الحديث عن بعض الإجراءات الأمنية الأخرى، التي نسأل الله أن يجعل فيها وقاية للمجاهدين من شرور جنود الطواغيت والصليبيين.

الحركة والتغيير زمانياً ومكانياً، لتضليل العدو وتقليل ثقته بمعلوماته:

لأن المصيدة -التي ذكرناها في المقالة السابقة- تكون بطبيعتها ثابتة فإن التغيير والحركة من مفاتيح الأمن بإذن الله، كما أن الرتابة والتكرار ترفع من احتمالات نجاح الجواسيس والطائرات في التقاط رأس الخيط ثم ملاحقة المعلومة المهمة والإضرار بالمسلمين من خلالها.

فإذا نظرنا إلى مقرٍ لتوليف قبضات الاتصال اللاسلكي في إحدى المدن -مثلا- على أنه مكان معروف للعدو (مصيدة)، ويزوره كثير من المجاهدين، فإنه بمراقبة هذا المقر بكاميرات مزروعة قريباً من المكان أو بالطائرات المُسيَّرة يمكن أن يصل العدو إلى عدد من الإخوة المطلوبين من قِبل الصليبيين، وإلى مقرات المجاهدين في هذه المدينة، فالسيارات التي تتردد على المكان ستأتي غالباً من مقرات مجاهدين وتذهب إلى مقرات مجاهدين، فعامة الناس لا يستعملون القبضات اللاسلكية عادة، وانتبه أن التصوير بكل أنواعه يمكن تشغيله للأمام أو للخلف لمعرفة ما قبل وما بعد لحظة زيارة المصيدة، وتَنبَّه أيضا إلى أن تكرار حركة السيارات من مقر غير معروف إلى مقر توليف القبضات أكثر من مرة سيرفع احتمال أن يميز العدو هذا المقر أنه للمجاهدين.

وهنا فائدةٌ هي أن من يشمل عمله التواصل مع شريحة واسعة من المجاهدين فمن الأفضل له أن يتحرك إليهم بدل أن يأتوا إليه إذا أمكن، فتحكّم فرد واحد بأمن حركته أسهل من تحكّم العدد الكبير، فإن لم يستطع فليغير مكان عمله كل فترة، حيث يذهب مسؤول توليف القبضات -في مثالنا هذا- إلى مقر مؤقت كل شهر ليولف قبضات الإخوة ثم يتغير المقر في الشهر التالي، فالمعلومات تستغرق وقتاً لتصل العدو، ووقتاً آخر ليتعامل معها تحليلاً وتوثيقاً، ثم وقتاً للتصرف، فلا بأس بالسلوك الأمني الصحيح حتى لو كانت المعلومة ستنتشر لاحقاً، المهم أن تستمر بالتغيير.

وفائدة أخرى هي أنك عندما تزور مقراً مشهوراً فحاول الذهاب بلا سيارة، مشياً أو بسيارة أجرة، فإن لم تتمكن فليوصلك أخ بسيارةٍ إلى مكان قريب من هدفك ثم يمضي بالسيارة وتكمل ماشياً، فإن لم يكن الحل الأول ولا الثاني ممكنا فحاول أن تتوقف بضع دقائق بسيارتك في مكان مغطى أو بين البنايات المرتفعة حتى يُضيعك الطيران ثم واصل القيادة، وهذه الخطوات يجب فعلها في الذهاب إلى المصيدة وفي الرجوع منها أيضاً، فتصوير المسيرات يتم استرجاعه لمعرفة من أين أتيت والى أين ذهبت، وتصوير السيارة أسهل من تصوير الفرد السائر على قدميه.

وبعد معرفة عدد من المقرات يبدأ دور زرع الجواسيس على الأرض لمتابعة المجاهدين، وقد دفع الأمريكيون في مرةٍ مبلغاً كبيراً لاثنين من الجواسيس ليفتحا محل تصليح إطارات أمام بيت أخ معينٍ، أميرُه مطلوب من قِبل الصليبيين، وقد قام الجاسوسان بمراقبة حركة الأخ خروجاً ودخولاً إلى بيته لمدة شهرين كي يصلا إلى الأخ المطلوب، وهنا يجب على المجاهد أن ينتبه إلى المحلات (المصيدة المصنوعة) التي تُفتتح حديثا حول المقرات والأماكن المزدحمة بالمجاهدين وأن لا يمر عليه الموضوع بلا تحرٍ عن تاريخ العاملين فيها، ومتابعة الكاميرات المخفية هنا وهناك حول المقرات.
...المزيد

اغتنام أموال المشركين وتهديد اقتصادهم في حروب النبي (صلى الله عليه وسلم) (٢/٢) • غنائم المسلمين ...

اغتنام أموال المشركين وتهديد اقتصادهم في حروب النبي (صلى الله عليه وسلم)
(٢/٢)

• غنائم المسلمين في بدر

وعندما سمعت قريش صياح ضمضم بن عمرو الغفاري المحذر من ضياع قافلتهم، طار صوابها، فركبوا على كل صعب وذلول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قال ابن هشام: «فتجهز الناس سراعا... فكانوا بين رجلين، إما خارج وإما باعث مكانه رجلا. وأوعبت قريش، فلم يتخلف من أشرافها أحد»، ثم قدَّر الله –تعالى- أن تقع في بدرٍ الحربُ الفاصلة بين المسلمين والمشركين التي كان من نتائجها إضافة إلى كسر هيبة المشركين والتنكيل بهم، اغتناء المسلمين والتوسعة عليهم في معيشتهم، فعن عبد الله بن عمرو: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج يوم بدر في ثلاث مائة وخمسة عشر، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عُراة فاكسُهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم)، ففتح الله له يوم بدر فانقلبوا حين انقلبوا وما منهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين، واكتسوا وشبعوا» [رواه أبو داود].

• اعتراض قوافل قريش بعد غزوة بدر

ولم تتوقف هذه السرايا بعد غزوة الفرقان، بل كانت عيون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا تنفك تراقب تحركات قوافل قريش.

ففي جمادى الآخرة (3 هـ) أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية زيد بن حارثة إلى (القردة) ليرصد عيرا لقريش خرجت على طريق العراق، قال ابن سعد في طبقاته: «فبلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرهم، فوجَّه زيد بن حارثة في مائة راكب فاعترضوا لها، فأصابوا العير وأفلت أعيان القوم. وقدموا بالعير على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخمَّسها، فبلغ الخمس فيه عشرين ألف درهم، وقسّم ما بقي على أهل السرية»، وهكذا يقطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قريش كل الطرق، ويغنم المسلمون غنيمة جديدة يقوون بها أنفسهم للحرب القادمة.

• الحرب الاقتصادية تذلّ المشركين

ولقد كان لهذه الحرب عظيم الأثر على المشركين، فقد رأينا مآل قادة المشركين في بدر الذين خرجوا في الأصل حماية لقافلتهم، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن هذه الحرب أذلّت المشركين وجعلتهم يطلبون إيقافها صاغرين، في موقفين مختلفين:

الأول عندما أسلم ثمامة بن أثال وأعلن قطع الحنطة عن قريش، كما جاء في حديث إسلام ثمامة الطويل في صحيح البخاري: «فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟ قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي، صلى الله عليه وسلم»، ويروي ابن هشام تفاصيل ما حدث بعد ذلك فيقول: «ثم خرج إلى اليمامة، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا، فكتبوا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إنك تأمر بصلة الرحم، وإنك قد قطعت أرحامنا وقد قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع، فكتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليه أن يخلي بينهم وبين الحِمل».

وأما الموقف الآخر فهو بعد عدة هجمات قام بها أبو بصير -رضي الله عنه- على قوافل قريش إبّان صلح الحديبية، كونه ومن هاجر من الصحابة في تلك الفترة خارج اتفاق الصلح وفقا لأحد شروطه، لكن قريش رضخت وألغت ذلك الشرط حرصا على اقتصاد قوافلها، كما سبق بيانه في مقالة سابقة.

• منهجٌ لجنود الخلافة

وبفضل الله -تعالى- يسير جنود دولة الإسلام اليوم على المنهج ذاته، فهم الذين منّ الله عليهم بأن بنوا دولتهم بجهادهم، وغنائمهم من أعدائهم، وحاربوا اقتصاد عدوهم بكل سبيل أمكنهم، فليسوا كمن سلك سبيل استجداء أموال الداعمين ورضاهم، وهذا تاريخ جند الخلافة شاهد على صنائعهم، وما وقائع السيطرة على حقول الغاز والنفط وضرب السياحة في عدد من دور الكفر المحاربة لدولة الإسلام، إلا نماذج من هذه الحرب، نسأل الله النصر والتمكين لجنده والهزيمة والخسران لأعدائه.

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 63
الخميس 13 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً ولتوضيح الحقائق، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111art
...المزيد

اغتنام أموال المشركين وتهديد اقتصادهم في حروب النبي (صلى الله عليه وسلم) (١/٢) كان أول ما بدأ ...

اغتنام أموال المشركين وتهديد اقتصادهم في حروب النبي (صلى الله عليه وسلم)
(١/٢)

كان أول ما بدأ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حربه على المشركين، هو تهديد اقتصادهم والسعي لتأمين الموارد للمسلمين في دولته الفتية، وخاصة المهاجرين الذي تركوا كل شيء في ديارهم مهاجرين إلى الله تعالى.

فبالرغم من أن المهاجرين في سبيل الله تركوا أموالهم في مكة طلبا لما عند الله، فاستولى عليها المشركون، إلا أنهم ما إن أُذن لهم بالقتال في سبيل الله حتى شهروا سيوفهم يطلبون أولئك المشركين، ويسعون إلى استرداد ما بأيديهم من الأموال التي أحلها الله -تعالى- للمسلمين من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- دون غيرهم من أتباع الأنبياء، عليهم السلام.

• جُعل رزقي تحت ظل رمحي

وفي الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (جُعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري).
والمتتبع لسيرته -صلى الله عليه وسلم- يجد هذا السبيل واضحا في كثير من غزواته وسراياه، وخاصة ما يتعلق منها بقطع الطريق على قوافل قريش التجارية.

• اعتراض قوافل المشركين قبل معركة بدر

فقد شهدت الفترة السابقة لمعركة بدر الكبرى (2 هـ) إرسال كثير من السرايا لاعتراض تلك القوافل، مما كان له الأثر الكبير في استنزاف موارد المشركين واسترداد بعض ما سلبوه من المهاجرين.

قال ابن سعد: «فكان أول لواء عقده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحمزة بن عبد المطلب بن هاشم في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجر رسول لله، صلى الله عليه وسلم» وكان هدف السرية اعتراض قافلة لقريش قادمة من الشام، قال ابن سعد: «وفيها أبو جهل ابن هشام، في ثلاثمائة رجل. فبلغوا سيف البحر -يعني ساحله- من ناحية العيص»، ولم يقع قتال بين الطرفين رغم التقائهما بسبب حجز أحد رجال القبائل بينهما، لكن خروج السرية ووصولها إلى هدفها كان رسالة لقريش مفادها أن تجارتها إلى الشام باتت مهددة.

ثم في شوال -بعد شهر من السرية الأولى- هاجمت سرية للمسلمين بقيادة عبيدة بن الحارث قافلة أخرى لقريش ووقعت مناوشات، عند ماء يقال له (أحياء) من بطن رابغ، وبعدها بشهر أيضا في ذي القعدة خرج سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في عشرين رجلا من المهاجرين يعترض عير قريش في الخرار [انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد].

• طلب قوافل قريش في ذهابها وإيابها

ومن حرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هذا الأمر أنه كان يطلب قافلة قريش في ذهابها وإيابها، ففي غزوة ذي العشيرة خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطلب قافلة قريش في ذهابها، وهي القافلة ذاتها التي طلبها في إيابها فكانت غزوة بدر الكبرى.

قال ابن سعد: «وخرج في خمسين ومائة. ويقال في مائتين من المهاجرين ممن انتدب، ولم يُكرِه أحدا على الخروج، وخرجوا على ثلاثين بعيرا يعتقبونها... وهي العير التي خرج لها أيضا يريدها حين رجعت من الشأم فساحلت على البحر، وبلغ قريشا خبرها فخرجوا يمنعونها».

وهكذا خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع قلة العَدد والعُدد، إذ لم يكن ليفوِّت فرصةً للتضييق على مشركي قريش بحربهم في تجارتهم، وكذلك للتوسعة على المسلمين بما يغنمونه من أعدائهم.

وفي كلام للشيخ أبي حمزة المهاجر -تقبله الله- عن هذه السرايا قال: «ولضعف حالة الصَّحابة المادية وَجَب جلبُ المال، فهو عصب الجهاد في سبيل الله، ولا بد منه لشؤون حياتهم المعيشية، وفيه استحباب الاستغناء بالغنيمة، والتعفّف عن أموال الناس حتى لو بذلوها عن طيب نفس، طالما كان للتعفّف سبيل مشروعة، ولو كان فيه خطورة على النفس، فكيف وكان في جلبه فوائد أخرى؛ من إرهابِ العدو وحصارٍ لاقتصاده، وتدميرٍ لبنيانِ وجاهتِه التي يَستعبد بها الناس ويَستجلب بها المال» [النبي القائد].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 63
الخميس 13 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً ولتوضيح الحقائق، تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111art
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً