كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - أسماء بنت أبي بكر تدفع ابنها للموت صابرا: ومن الأمثلة أيضا ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- أسماء بنت أبي بكر تدفع ابنها للموت صابرا:

ومن الأمثلة أيضا أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها، يوم حوصر ابنها خليفة المسلمين عبد الله بن الزبير في مكة من جيش البغاة الذي يقوده الحجاج الثقفي، فجاء يستشيرها للخروج لقتاله بعدما اشتد عليه أذاهم، وقال لها: «خذلني الناس حتى ولدي وأهلي، فلم يبق معي إلا اليسير ممن ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت والله يابني أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على الحق وإليه تدعو فامش له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يتلعّب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنبا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك،، وإن قلت: كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفا، فهذا ليس من فعل الأحرار، ولا أهل الدين، فكم خلودك في الدنيا، القتل أحسن»، فدنا منها أمير المؤمنين وقبل رأسها، وقال: «هذا والله رأيي، (....)، ولكني أحببت أن أعلم رأيك، فزدتني بصيرة مع بصيرتي، فانظري يا أمه، فإنّي مقتول من يومي هذا، فلا يشتد حزنك، وسلمي الأمر لله».

ثم انصرف ابن الزبير عنها وهو يقول:
«إني إذا أعرف يومي أصبر وإنما يعرف يومه الحرُّ»

فسمعت والدته رضي الله عنها قوله فقالت: «تصبر والله، إن شاء الله، أبوك أبو بكر والزبير، وأمك صفية بنت عبد المطلب».
فهكذا يكون حال الزوجة المؤمنة مع زوجها، وهكذا يكون حال الأم المؤمنة مع ابنها، فيمضي في طريقه يجاهد أعداء الله، ويقوم بما أمره ربه، ولها من عمله نصيب بإذن الله.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - أم المؤمنين خديجة بنت خويلد تثبت رسول الله: ويزداد هذا الواجب ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- أم المؤمنين خديجة بنت خويلد تثبت رسول الله:

ويزداد هذا الواجب في زوجات المجاهدين وأمهاتهم وأخواتهم، أن يكنّ لهم ظهورا في بيوتهم وأهلم، يحمينها من إرجاف المرجفين، وكلام المنافقين، فلا يقلن لهم من الكلام إلا ما يثبت الأقدام ويربط القلوب، وإن من أروع قصص النساء المؤمنات في هذا الجانب قصة أمّ المؤمنين خديجة -رضي الله عنها وأرضاها- في تثبيتِ زوجِها النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ ، إذ يفزع إليها يوم أتاه جبريل أوّل مرّة وهو في الغارِ يتعبّدُ: («زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ...) [متفق عليه]، وكانت أول المؤمنين بدعوته من النساء، وظلت تشد من أزره وتقويه من عزيمته حتى توفاها الله، وبقيت محبّتها في قلب رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ شاهدة على عظم ما قامت به، حتى قال فيها عليه الصلاة والسلام: (قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ) [مسند أحمد].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - الإيمان بالقدر والثقة بوعد الله درع المرأة المؤمنة: وأحكام ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- الإيمان بالقدر والثقة بوعد الله درع المرأة المؤمنة:

وأحكام النساء في هذا الباب كأحكام الرجال سواء بسواء، فمن وقعت من المسلمات في شيء من ذلك بتخويف أهل بيتها أو غيرها من المسلمين، وإشاعة الإشاعات التي تضعف القلوب بينهم فعليها أن تستغفر الله من هذا الذنب، وأن تصحح إيمانها بقضاء الله وقدره، وأن تعيَ جيّدًا قولَ اللهِ تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (التوبة 51)، وحديثَ النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ لعبدِ الله بن عبّاس وهو رديفٌ خلفه: (يَا غُلامُ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ) [رواه أحمد والترمذي].

وإن المرأة المسلمة عليها دائما إذا ما سمعت شيئا من إرجاف المرجفين، عن قوة أعدائنا، وتحضيراتهم لغزونا، وتحشيدهم علينا بالعدة والعتاد، أن تضع نصب عينها قوله تعالى حكاية عن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، لما حشد لهم الروم الذين كانوا يمتلكون أقوى جيوش العالم آنذاك {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

فهكذا يكون جواب المرأة المسلمة للمرجفين والمنافقين، أن ترد عليهم بقولها «حسبنا الله ونعم الوكيل»، ليقينها أن مدد الله يكفي عباده مهما كانت قوة أعدائهم، ولإيمانها أنه لن يصيبها وأهلها وسائر الناس، إلا ما كتب الله لهم، ولمعرفتها أن تخويف الشيطان إنما ينطلي على أوليائه لا على المؤمنين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة في ظروف الحرب والفتن والشدة، تزداد الهموم، وتبلغ القلوب الحناجر، ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة


في ظروف الحرب والفتن والشدة، تزداد الهموم، وتبلغ القلوب الحناجر، فمن الناس من يثبتهم الله بإيمانهم وحسن ظنّهم بالله، ومنهم من يهلك فينقلب على عقبيه، منتكسا عن دينه، موليا الدبر، وخائنا لإخوانه، بل تجد أن كثيرا من هؤلاء لا يكتفي بانهزامه، بل يحاول سعيه أن ينقل تلك الهزيمة إلى غيره، ويشيعها في المسلمين كافة، فيهوّل من شأن أعدائهم، ويسعى لإخافة المسلمين منهم، وصدهم بذلك عن قتالهم والوقوف في وجههم.

وهذا الفعل من الأفعال المشهورة عن المنافقين، المنتشرة بين ضعيفي الإيمان ومسلوبي اليقين، من الرجال والنساء، فأما شأنهم في الرجال معروف، ودورهم فيما مضى من كلام مبسوط وموصوف، أما في النساء، فإن المصيبة من قبلهن تكمن في نقل هذا الإرجاف من بيوت المنافقين وألسنتهم لتدخله إلى بيتها وبين زوجها وأولادها، لتقع في أفعال المنافقين من حيث شعرت أم لم تشعر.

- الإرجاف فعل المنافقين:

والإرجافُ هو الخبر الكاذب المثيرُ للفتنِ والاضطرابِ. قالَ القرطبي رحمه الله في تفسيره: (الإرْجافُ الْتِمَاسُ الْفِتْنَةِ، وَإِشَاعَةُ الْكَذِبِ وَالْبَاطِل لِلاِغْتِمَامِ بِهِ)ا.هـ

وقد ذمّ الله تعالى الإرجافَ وأهله في مواضعَ كثيرةٍ من القرآنِ الكريمِ، فقد قالَ عزّ وجلّ: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} (الأحزاب 18)، وقالَ أيضًا: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61)] (الأحزاب)، قال الجصاص في (أحكام القرآن): (فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْإِرْجَافَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْإِشَاعَةَ بِمَا يَغُمُّهُمْ وَيُؤْذِيهِمْ يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّعْزِيرَ وَالنَّفْيَ إذَا أَصَرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ، وَكَانَ قَوْمٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَآخَرُونَ مِمَّنْ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي الدِّينِ وَهُمْ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَهُوَ ضَعْفُ الْيَقِينِ يُرْجِفُونَ بِاجْتِمَاعِ الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ وَتَعَاضُدِهِمْ وَمَسِيرِهِمْ إلَى الْمُؤْمِنِينَ فَيُعَظِّمُونَ شَأْنَ الْكُفَّارِ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ وَيُخَوِّفُونَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى بِاسْتِحْقَاقِهِمْ النَّفْيَ وَالْقَتْلَ إذَا لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ اللَّهِ وَهُوَ الطَّرِيقَةُ الْمَأْمُورُ بِلُزُومِهَا وَاتِّبَاعِهَا). ا.هـ

ومن خطورة الإرجاف أن حذر المجاهدين من الاختلاط بالمرجفين، لأنهم يوهنون الصف بكلامهم، ويضعفون المسلمين بتخذيلهم، كما قال تعالى {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ رَهْطٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، يُشِيرُونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إلَى تَبُوكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: أَتَحْسِبُونَ جَلَّادَ بَنِي الْأَصْفَرِ كَقِتَالِ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا! وَاَللَّهِ لَكَأَنَّا بِكَمْ غَدًا مُقَرَّنِينَ فِي الْحِبَالِ، إرْجَافًا وَتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

لقد كنا هناك! (2/2) لقد سعت أمريكا جاهدة لوضع حد للهجمات العابرة للقارات التي تهدد الدول ...

لقد كنا هناك!
(2/2)

لقد سعت أمريكا جاهدة لوضع حد للهجمات العابرة للقارات التي تهدد الدول الصليبية ورعاياها حول العالم، لكن دون جدوى، وبينما هي تحارب الدولة في بوادي العراق والشام وقمم خراسان وشعاب اليمن وأدغال إفريقية وغيرها؛ إذا بأنصارها يفجعون أمريكا وسط شوارعها وأشهر أحيائها، إنها معادلة عادلة جدا.

بات هذا النوع من الهجمات خطرا يهدد أمن الدول الصليبية بلا حلول في الأفق، إذْ ليس هناك قادة أو جنود أو معسكرات معينة تنصبّ عليها جهود التحالف الصليبي لمهاجمتها أو قصفها كما جرت العادة، إنهم يواجهون أشباحا يخرجون من العدم، حالة افتراضية تتحول إلى قنبلة أو بندقية أو شاحنة تدهس بلا رحمة أكوام أمة الصليب التي لوثت الفطر ووصل شرها إلى الفضاء.

لقد بقي أعداء دولة الإسلام ينعتونها بالافتراضية حتى أصبحت مصدر إلهام لحالة تهديد فريدة من نوعها، جنودها ينشطون وينظّمون ويجنّدون في الفضاء، لكنهم يضربون على الأرض، إنها حالة افتراضية "فرط واقعية".

طريقة الرجل الأربعيني في إظهار تأييده أو تبعيته للدولة الإسلامية عبر اقتحام الحشد الصليبي بعربة عليها راية عقاب مطوية؛ طريقة تقليدية اتّبعها الانغماسيون مطلع الألفية الثالثة، مثل وضع المهاجم ورقة مطوية في جيبه تحتوي وصيته، إنها طريقة سهلة لمن انقطعت به سبل التواصل والتوثيق، قصاصة ورقية تحتوي بيعة للدولة الإسلامية أو حتى راية عقاب بأبعاد "سينتيمترية" في جيبك الصغير أيها المجاهد ستكون كافية لإغاظة المحققين الصليبيين وتأكيد مخاوفهم! قصاصات البيعة أو رايات الجيب هذه ستكون بمثابة تذكار ثقيل للحكومات الصليبية في مسرح الموت المتسلسل!

على جبهة المناوئين للجهاد، تعالت أصوات المنافقين والمغرضين بالتشكيك في دوافع الرجل وطعنوا حتى في دينه وإسلامه ومنعوا حتى توبته! وعيّروه بماضيه! لماذا يتحول الإخوان والمرجئة إلى "خوارج" عندما يتعلق الأمر بالدولة الإسلامية؟!

في نهاية كل عام إفرنجي تتعرض حسابات الدولة الإسلامية إلى موجة حذف جنونية، ويهدف هذا الإجراء السنوي الذي تشارك به "اليوروبول" إلى التشويش على أي مراسلات لتنسيق وتخطيط الهجمات التي تستهدف الأعياد النصرانية، ومع ذلك وقع ما كانوا يحذرون.

لقد غيرت الدولة الإسلامية "روزنامة" الدول الصليبية فصارت مواسم الأعياد عندهم مرتبطة ارتباطا شرطيا بالتحذير والقلق والطعن والدهس والموت الزؤام، غير أن ذلك لم يبلغ ذروته بعد! ومع ذلك فهذا تنبيه وتذكير للمجاهدين المنفردين في عقر أوروبا وأمريكا بضرورة عدم الاكتفاء بمواسم الأعياد السنوية فأيامهم تمتلئ بمناسبات كثيرة يحتشدون فيها بالمئات بل الألوف، وليبحث كل مجاهد في الشبكة العنكبوتية عن موعد حفل موسيقي حاشد أو معرض للكتاب أو سوق تنزيلات أو تظاهرة أو مناسبة رياضية أو ثقافية... فكلها أهداف مشروعة ولا تدع أحدا من دعاة جهنم وفقهاء الأقليّات، يقطع الطريق عليك نحو قتال عدوك والثأر لدينك، فقد حافلتك وانغمس وأسمعهم صوت الارتطام وتكسير العظام.

ولتضع أيها المجاهد نصب عينيك هذه الآية: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ}، خصوصا أنها تتعرض لمحاولات نسخٍ معاصرة! بعد قرون على انقطاع الوحي، والمعنى كما قال الإمام البغوي: "أي لا تدع جهاد العدو والانتصار للمستضعفين من المؤمنين ولو وحدك، فإن الله قد وعدك النصرة وعاتبهم على ترك القتال، والفاء في قوله: {فَقَاتِلْ} جواب عن قوله: {وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}؛ فقاتل {وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} على القتال والجهاد ورغّبهم في الثواب". فتأمل حال الممتثل لهذه الآية اليوم هل يخرج عن تلك الحالتين المباركتين بنص الكتاب: {فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ}، ومآله في الحالتين الأجر العظيم كما أكّده الحقُّ سبحانه ونسبه إليه فقال: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}، وواقع الهجمات اليوم يتراوح بين هاتين الحسنيين، على أن ذلك لا يعني التهاون في الإعداد والاحتياط اللازم الذي يحصل به الإثخان والنكاية وشفاء الصدور، وفي الآية ربط لمقام القتال بمقام التحريض ولا ينفك هذا عن ذلك، فانتبه أيها المناصر.

وهذا نداء وتحريض لكل المجاهدين المفترضين في عقر أوروبا وأمريكا وخلف خطوطها، لا تشاوروا أحدا في جهادكم العابر للقارات، وارصدوا من الأهداف أدسمها واضربوا بلا هوادة، فإن دماء النصارى قاطبة لا تعدل قطرة دم واحدة من دماء المسلمين النازفة كل يوم، وإن هذه الهجمات بعض الثأر لا كله، فاجعلوها دائمة مستمرة لا مؤقتة بميقات أو ميعاد.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 477
السنة السادسة عشرة - الخميس 9 رجب 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
لقد كنا هناك!
...المزيد

لقد كنا هناك! (2/1) ليست الدولة الإسلامية متلهفة لتبني كل ما يجري في العالم من هجمات كما يظن ...

لقد كنا هناك!
(2/1)

ليست الدولة الإسلامية متلهفة لتبني كل ما يجري في العالم من هجمات كما يظن البعض، وإن كانت على طريقتها ومنهاجها، بل حتى لو كانت ثمرة تحريضها أو أكثر من ذلك! وبريدها يمتلئ بالرسائل المتصلة بكثير من الهجمات حول العالم لكنها لم تجتز محدِّدات معيّنة لتبنيها وإنْ باركتها وشكرتها وأشادت بها وهي على كل حال مما تفردت به في زمن التهافت على توطيد العلاقات مع الصليبيين حكومات وأقليات!

لقد حبست أمريكا الصليبية أنفاسها وهي تراقب وتترقب بقلق إعلام الدولة الإسلامية خشية تبنيه رسميا الهجوم الدامي على أرضها، الذي نفذه رجل أمريكي متأثر بخطاب ودعاية الدولة الإسلامية التي أنفقت أمريكا وحلفها البائس ملايين الدولارات لحربها وحجبها عن الناس في شرق الأرض وغربها، فإذا بها ترتد عليها في عقر دارها.

بعض الهجمات المخططة بلغت كلفتها أزيد من مئة ألف دولار، بينما الكلفة التشغيلية لهذا النوع من الهجمات لا تكاد تذكر، مجاهد إعلامي متيقظ في هجعة الليل يبث خطابا تحريضيا باللغة العربية، يترجمه مناصر يجيد الإنجليزية ينشره ناشر، يتلقف الخطاب مسلم بقلب حي يترجمه ولكن إلى أفعال، وينقله إلى حيز الميدان، صراخ كبير ورعب أكبر، ما الذي يحدث؟ أمريكا تحت الهجوم في يوم زينتها! من الفاعل؟ إنه شبح الدولة الإسلامية الذي يطاردهم منذ نحو عقدين ولم يجد سحرة أمريكا أي "تعويذة" تخلصهم من هذا "الكابوس" الذي لا يضرب إلا في اليقظة.

الجديد في الأمر أن المهاجم استخدم هذه المرة تقنية حديثة في الرصد والتصوير، لكنه لسبب ما لم يفعّل خاصية البث المباشر لينقل مشاهد الفشل والموت الأمريكي عبر البث الحي! وعلى كلٍّ فالفشل الأمريكي والصليبي في حرب "الإرهاب" لم يعد بحاجة إلى بثٍّ يُثبته، ومع ذلك سيحرص المجاهدون في المرات القادمة على استقبال البث من "المرسل" لينتشر في أعماق العالم.

على الهامش كانت "نظارة ميتا" بمثابة طرد ملغوم وصل إلى "الرئيس التنفيذي" للشركة الصليبية المتورطة في حرب إعلام الخلافة، الهجوم برمته قام على حسن التوظيف والاستغلال الأمثل للموارد والتقنية الأمريكية في حرب أمريكا ذاتها، إنها حرفيا: "بضاعتكم ردت إليكم".

وبينما "بايدن" يحزم أمتعته للرحيل بعد فترة رئاسية بدأها وختمها بوعود القضاء على الجهاد، يصر "المتأثرون" بالدولة الإسلامية على تنغيص رحيله كما نغّصوا قدومه، ولن يختلف الحال كثيرا بقدوم "ترامب" فبانتظاره ميراث ثقيل من الفشل الأمني والاستنزاف والهجمات وراء الحدود.

لقد سعت أمريكا جاهدة لوضع حد للهجمات العابرة للقارات التي تهدد الدول الصليبية ورعاياها حول العالم، لكن دون جدوى، وبينما هي تحارب الدولة في بوادي العراق والشام وقمم خراسان وشعاب اليمن وأدغال إفريقية وغيرها؛ إذا بأنصارها يفجعون أمريكا وسط شوارعها وأشهر أحيائها، إنها معادلة عادلة جدا.

بات هذا النوع من الهجمات خطرا يهدد أمن الدول الصليبية بلا حلول في الأفق، إذْ ليس هناك قادة أو جنود أو معسكرات معينة تنصبّ عليها جهود التحالف الصليبي لمهاجمتها أو قصفها كما جرت العادة، إنهم يواجهون أشباحا يخرجون من العدم، حالة افتراضية تتحول إلى قنبلة أو بندقية أو شاحنة تدهس بلا رحمة أكوام أمة الصليب التي لوثت الفطر ووصل شرها إلى الفضاء.

لقد بقي أعداء دولة الإسلام ينعتونها بالافتراضية حتى أصبحت مصدر إلهام لحالة تهديد فريدة من نوعها، جنودها ينشطون وينظّمون ويجنّدون في الفضاء، لكنهم يضربون على الأرض، إنها حالة افتراضية "فرط واقعية".

طريقة الرجل الأربعيني في إظهار تأييده أو تبعيته للدولة الإسلامية عبر اقتحام الحشد الصليبي بعربة عليها راية عقاب مطوية؛ طريقة تقليدية اتّبعها الانغماسيون مطلع الألفية الثالثة، مثل وضع المهاجم ورقة مطوية في جيبه تحتوي وصيته، إنها طريقة سهلة لمن انقطعت به سبل التواصل والتوثيق، قصاصة ورقية تحتوي بيعة للدولة الإسلامية أو حتى راية عقاب بأبعاد "سينتيمترية" في جيبك الصغير أيها المجاهد ستكون كافية لإغاظة المحققين الصليبيين وتأكيد مخاوفهم! قصاصات البيعة أو رايات الجيب هذه ستكون بمثابة تذكار ثقيل للحكومات الصليبية في مسرح الموت المتسلسل!

على جبهة المناوئين للجهاد، تعالت أصوات المنافقين والمغرضين بالتشكيك في دوافع الرجل وطعنوا حتى في دينه وإسلامه ومنعوا حتى توبته! وعيّروه بماضيه! لماذا يتحول الإخوان والمرجئة إلى "خوارج" عندما يتعلق الأمر بالدولة الإسلامية؟!

في نهاية كل عام إفرنجي تتعرض حسابات الدولة الإسلامية إلى موجة حذف جنونية، ويهدف هذا الإجراء السنوي الذي تشارك به "اليوروبول" إلى التشويش على أي مراسلات لتنسيق وتخطيط الهجمات التي تستهدف الأعياد النصرانية، ومع ذلك وقع ما كانوا يحذرون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 477
السنة السادسة عشرة - الخميس 9 رجب 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
لقد كنا هناك!
...المزيد

فاشتبك معهم الإخوة بالأسلحة الخفيفة، وجلب الطواغيت كعادتهم عشرات المدرعات، والمئات من الجنود رغم ...

فاشتبك معهم الإخوة بالأسلحة الخفيفة، وجلب الطواغيت كعادتهم عشرات المدرعات، والمئات من الجنود رغم معرفتهم أن الإخوة قلة قليلة لا يملكون إلا أسلحة خفيفة.

وانغمس أخونا أبو عبد الله على سيارة لقوات الطوارئ المرتدة بحزامه الناسف وفجره فيهم، ليرسل لأعداء الله رسالة أن الأسود لا تسلم نفسها للكلاب، وأن القتل في سبيل الله منية المجاهدين، وأنهم ما خرجوا إلا من أجل نصرة هذا الدين، وإقامة شرع الله المغيَّب، ولكي يبذلوا دماءهم لأجل هذا الهدف، وأن المجاهدين لن يكونوا لقمة سهلة للطواغيت، بل دون الوصول لهم دماء وأشلاء، وأن جنود الخلافة قد رووا بدمائهم أرض جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم.

فليبشر طواغيت الجزيرة بما يسوؤهم، فخلف هذا الرجل رجال، لم يلقوا أسلحتهم بعد، ولن يلقوها أبدا حتى يكون الدين كله لله، في جزيرة العرب، وفي أرض الله كلها، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

قصة شهيد:
عادل بن عبد الله المجماج التميمي
ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى فكاك أسرهم
...المزيد

عادل بن عبد الله المجماج التميمي ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى ...

عادل بن عبد الله المجماج التميمي
ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى فكاك أسرهم


أرض القصيم، ودود ولود، نزعت عنها رداء الشرك من قرون، ونصر أهلها التوحيد، فكان منهم أجيال من الموحّدين المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ولا ينقضي جيل إلا وقد غرس في الذي يليه عقيدة صافية، ونفوسا أبية.

ولم يختلف جيلنا المعاصر عن أسلافهم، فالألوف من شباب القصيم نفروا خلال العقود الماضية ليمدوا ساحات الجهاد في مشارق الأرض ومغاربها، ولم تنفع كل محاولات الطواغيت من آل سلول في القضاء على دعوة التوحيد في هذه المنطقة، رغم التعسف والسجون، ورغم تلبيس الملبسين من السرورية والجامية وأشباههم.

فلا زال فيها بقية باقية من أهل الإيمان، يسيرون على خطى أسلافهم ممن نصر دعوة التوحيد عندما صدع بها الشيخ محمد بن عبد الوهّاب وإخوانه، ممّن لا يعرف إلا طريق العزة والشرف والرفعة، فجعل طريقها يبدأ من الصدع بملة إبراهيم، ويمر على سجون ومعتقلات المرتدين، إلى مناجزتهم بالسيف، ومن هذه الثلة المباركة بطلنا المجاهد أبو عبد الله التميمي (عادل بن عبد الله المجماج) تقبّله الله.

ولد أبو عبد الله في مدينة عنيزة من حواضر نجد عام 1410 هـ، وشب على حب العلم وأهله، وثنى ركبتيه على عدد من علماء مدينته وحفظ القرآن على أيديهم، وكان يتردد على مجالس العلم ليتعلم دين الله عز وجل، ويرفع الجهل عن نفسه.

دخل كلية الشريعة وكان الطالب المجتهد فيها، إلا أنها كانت مليئة بالمناهج الضالة، سواء من جهة كتبها المفروضة، أو من الأفكار التي يروجها المدرسون فيها، وكان -رحمه الله- كما ذكر عنه أحد أقرانه لا يسلّم لهم بما يطرحونه من أباطيل وضلالات، بل يناقشهم ويردّ على شبهاتهم، وكان منهم مدرس يشيع في محاضراته انحرافات في العقيدة، فلم تكن تمر محاضرة لهذا المدرس إلا ويناقشه أبو عبد الله ويرد على ضلاله، ولم يطل به الأمد وترك الكليّة مبكرا.

كان -رحمه الله- من الصادعين بالكفر بالطاغوت، لا يجلس مجلسا إلا ويبّصر الناس بحقيقة طواغيت آل سلول، وحكم عسكرهم، وشرطهم، وعلمائهم المرتدين.

ومن المعلوم من سنن الله الكونية أن الصراع بين الحق والباطل مستمر حتى قيام الساعة، ولذلك سعى طواغيت الجزيرة إلى محاربة الجهاد والمجاهدين في كل مكان، زاعمين أنهم سيوقفون أهل هذه الدعوة المباركة عن نشرها، وأنهم سيمنعون الرجال من القتال والجهاد، فملؤوا سجونهم بالشباب المجاهدين، وزجوا بالموحدين في معتقلاتهم، لا لذنب إلا أنهم صدعوا بالتوحيد، وحاربوا عباد الصليب وأذنابهم.

فكان لهذا الأمر تأثير بالغ على كثير من الشباب ومنهم فارسنا تقبله الله، فكان من أبرز المناصرين للأسرى والأسيرات في سجون الطواغيت، وأسر من أجل ذلك مرتين؛ إحداها حينما خرجت مسيرة نصرة للأسرى في سوق النخيل في مدينة بريدة، حيث قام جنود الطواغيت بالاعتداء على نساء المسلمين، فانبرى لهم الأسد، وتعارك مع جنود الطاغوت حتى يمنعهم من الوصول للنساء حتى اعتقلوه ومكث في السجن أكثر من سنة، حتى أفرج عنه، ثم خرج عزيزا شامخا ينصر دين الله.

وما لبث أن ذهب إلى سجن الطرفيّة مطالباً بفكاك الأسرى والأسيرات من سجون الطواغيت، ومعه أحد إخوانه فاعتقله الطواغيت مرة أخرى، ليزجوا به في معتقلاتهم لأكثر من ثلاث سنين، ثم أفرجوا عنه، بعد أن وضعوه في برنامج الطاغوت ابن نايف للمناصحة، وهو برنامج يضعون فيه الموحدين قبل الإفراج عنهم محاولين صرفهم عن التوحيد الذي دعوا إليه.

حينما خرج من سجونهم وضع الطواغيت في ساقه حلقة إلكترونية لتتبعه، ومعرفة مكانه في كل وقت، وظنوا أنهم بهذه الحلقة سيجعلون بطلنا ذليلا خانعا لهم، فلم يستسلم لهم -تقبله الله- بل تمكّن من الاتصال بالمجاهدين في ولاية نجد بعد فترة قصيرة من خروجه من السجن، ولم يكن ما وضعوه له عائقا له من النفير، فقام بقصها رغم خطورة ذلك عليه، ولحق بالإخوة المجاهدين مبايعاً لخليفة المسلمين.

التحق بجنود الخلافة في جزيرة العرب، وقلبه يحترق على أخواته الأسيرات في سجون الطواغيت المرتدين، وعلى إخوة لهم أعدمهم الطاغوت بسبب نصرتهم للمجاهدين، وقتالهم للصليبيين وأذنابهم المرتدين، فلا يكاد يمر عليه يوم إلا ويذكر من خلّفهم وراءه من إخوانه الأسرى والأسيرات في سجون الكفر، كيف لا وهو اعتقل مرتين نصرة لهم.

انضمّ -رحمه الله- إلى إحدى السرايا، التي قامت بتنفيذ عدد من العمليات التي أرعبت الطواغيت وجنودهم، وكان له خبرة في مجال التقنية وأمن المعلومات، فلم يبخل على إخوانه بإعطائهم الدروس والتعليمات في هذا الأمر المهم لهم.

وما كان لهذه النفس بعد هذا الجهد والنصب والتعب إلا أن تستريح من هذه الدنيا الفانية، فقد قام المرتدون في يوم الخميس (27 رجب 1437 هـ) بمحاصرة مكان السرية في ولاية الحجاز بين الطائف ومكة، ومطالبة الإخوة الموجودين بتسليم أنفسهم للطواغيت، وأنى لهذه الأسود أن تسلم نفسها وقد ذاقت في الجهاد طعم العز.
...المزيد

شهر شعبان بين السنة والبدعة [2/2] هل يُشرع صيام شهر شعبان كله أم بعضه؟ في حديث عائشة -رضي ...

شهر شعبان بين السنة والبدعة
[2/2]

هل يُشرع صيام شهر شعبان كله أم بعضه؟

في حديث عائشة -رضي الله عنها- السابق روايتان؛ هما رواية: «كان يصوم شعبان كله»، ورواية: «كان يصوم شعبان إلا قليلا»، وبالجمع بين الروايتين، يظهر بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم أكثر أيام شهر شعبان، قال النووي: «وقولها كان يصوم شعبان كله، كان يصومه إلا قليلا، الثاني تفسير للأول، وبيان أن قولها كله: أي غالبه» [شرح صحيح مسلم]، وقال القاضي عياض: «وكذلك يفسر قوله: (كان يصوم شعبان كله) (كان يصوم شعبان إلا قليلا)، والكلام الثاني تفسير للأول، وعبّر بالكل عن الغالب والأكثر» [إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم]، ويقوّي هذا الرأي ما رواه مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: «ما صام النبي -صلى الله عليه وسلم- شهرا كاملا قط غير رمضان»، قال النووي: «قال العلماء: وإنما لم يستكمل غير رمضان لئلا يُظن وجوبه» [المنهاج].

الفصل بين صيام شعبان وصيام رمضان:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجلٌ كان يصوم صومه، فليَصُم ذلك اليوم) [متفق عليه]، وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» [حديث حسن، رواه أبو داود وغيره].

قال الصنعاني: «واعلمْ أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال في ليلة بغَيْم ساتر أو نحوه فيجوز كونه من رمضان وكونه من شعبان والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه» [سبل السلام]، وعن عطاء قال: كنت عند ابن عباس قبل رمضان بيوم أو يومين فقرّب غداءه فقال: «أفطروا أيها الصِّيَّام! لا تواصلوا رمضان بشيء وافْصِلوا» [رواه عبد الرزاق في مصنفه].

قال ابن عبد البر: «استحب ابن عباس وجماعة من السلف رحمهم الله أن يفصلوا بين شعبان ورمضان بفطر يوم أو أيام، كما كانوا يستحبون أن يفصلوا بين صلاة الفريضة بكلام أو قيام أو مشي أو تقدم أو تأخر من المكان» [الاستذكار].

إحصاء هلال شعبان لرمضان:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحصوا هلال شعبان لرمضان) [حديث حسن، رواه الترمذي وغيره]، قال المباركفوري: «(أحصوا) بقطع الهمزة أمر من الإحصاء وهو في الأصل العد بالحصا أي عدّوا (هلال شعبان) أي أيامه (لرمضان) أي لأجل رمضان أو للمحافظة على صوم رمضان... وقال ابن حجر: أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء» [تحفة الأحوذي].

بدع النصف من شعبان:

مما أحدث الناس في دين الله مؤخّرا تخصيصهم ليلة النصف من شعبان (ليلة الخامس عشر) بالقيام، أو تخصيصهم نهاره بصيام، أو قراءة سُوَر معينة في ذلك اليوم، أو الصلاة المسماة عندهم «الصلاة الألفية» والأخرى المسماة «صلاة براءة»، أو إيقاد المصابيح وتوزيع الحلوى... وغيرها مما هو معروف هذه الأيام، وما له مستند سوى أحاديث موضوعة أو ضعيفة جدا، وفيما يلي بعض أقوال أهل العلم في ذلك:

- قال القرطبي: «ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يُعوَّل عليه، لا في فضلها، ولا في نسخ الآجال فيها» [الجامع لأحكام القرآن].

- قال أبو بكر الطرطوشي المغربي: «روى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قال: ما أدركنا أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلا على سواها» [الحوادث والبدع].

- قال ابن القيم: «ومن الأحاديث الموضوعة: أحاديث صلاة ليلة النصف من شعبان» [المنار المنيف في الصحيح والضعيف].

- قال ابن دحية: «قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث النصف من شعبان حديث يصح، فتحفَظوا عباد الله من مُفترٍ يروي لكم حديثا يسوقه في معرض الخير، فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا صح أنه كَذِبٌ خرج من المشروعية، وكان مستعمله من خَدَم الشيطان لاستعماله حديثاً على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يُنزل الله به من سلطان» [الباعث على إنكار البدع والحوادث، لأبي شامة المقدسي].

- قال الشوكاني: «قال المجد في المختصر: حديث صلاة ليلة النصف من شعبان باطل، وهكذا قال غيرُه من أئمة هذا الشأن» [تحفة الذاكرين].

- قال النووي: «وهاتان الصلاتان -يقصد صلاة الرغائب وصلاة نصف شعبان- بدعتان مذمومتان منكرتان قبيحتان» [المجموع، شرح المهذب].

فهذا شهر شعبان قد أهلكم أيها المسلمون، فاغتنموه بالطاعات، وروّضوا النفوس لاستقبال شهر رمضان، بالصيام والقيام والقرآن، واطلبوا بذلك الأجر من الكريم الرحمن.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

مقال:
شهر شعبان بين السنة والبدعة
...المزيد

شهر شعبان بين السنة والبدعة [2/1] شعبان هو الشهر الثامن من شهور السنة، وسمّي بهذا الاسم لأن ...

شهر شعبان بين السنة والبدعة
[2/1]

شعبان هو الشهر الثامن من شهور السنة، وسمّي بهذا الاسم لأن القبائل كانت تتشعب فيه، أي تتفرق فيه للقتال، بعد قعودها عنه في شهر رجب المحرّم، ولهذا الشهر فضائل كثيرة وردت في أحاديث السنة الصحيحة، ما يغني عن غيرها من الضعيف والموضوع، مما شاع بين الناس عن فضائل ينسبونها لبدع من الدين ما أنزل الله بها من سلطان.

كما إن للصيام في هذا الشهر أحكاما خاصة، لفضله، ولالتصاقه بشهر الصوم رمضان، نذكر أهمها في هذه المقالة المختصرة.

فضل الصيام في شهر شعبان:

للصيام في شعبان فضل ليس كفضل غيره من الشهور، لذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُكثر من الصيام فيه، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله» وفي رواية: «كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا» [متفق عليه]، كما أن صوم يوم من شعبان يعدل يومين من غيره، روى الشيخان عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال له: (أصمت من سَرَرِ شعبان شيئا؟) قال: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: (فإذا أفطرت، فَصُمْ يومين مكانه)، قال الحافظ ابن حجر: قال القرطبي: «وفيه إشارة إلى فضيلة الصوم في شعبان وأن صوم يوم يعدل يومين في غيره، أخذا من قوله في الحديث (فصم يومين مكانه) يعني مكان اليوم الذي فوَّتَه من صيام شعبان» [فتح الباري].

الحكمة من إكثار الصيام في شعبان:

سأل أسامة بن زيد -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، لَمْ أَرَكَ تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلا: (ذلك شهر يغفُل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحِب أن يرفع عملي وأنا صائم) [حديث حسن، رواه النسائي]، ومن هنا يتبين أن الإكثار من صيام شعبان له أسباب، منها:

غفلة الناس: والعبادة في أوقات الغفلة لها شأن عظيم، ولنا على ذلك عدة أمثلة ذكرها ابن رجب الحنبلي في كتاب (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف)، منها: ما رتّبه الله تعالى من الأجر الجزيل لمن يذكره سبحانه في الأسواق (دعاء دخول السوق)، لأن السوق مكان غفلة! يكثر فيه الكذب والغش والنظر للمحرمات... لذا كتب الله سبحانه لمن قال دعاء دخول السوق ألفَ ألفِ حسنة، وحطَ عنه ألفَ ألفِ سيئة، ورفع له ألفَ ألفِ درجة [حديث صحيح، رواه النسائي وغيره]، ومنها: عن سلمان -رضي الله عنه- أنه قال: «إذا صلى الناس العشاء صدروا عن ثلاث منازل: منهم من عليه ولا له، ومنهم من له ولا عليه، ومنهم من لا له ولا عليه... وَمَنْ له ولا عليه؛ فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فقام يصلي، فذلك له ولا عليه...» [رواه الطبراني]، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهَرْجِ كهجرة إليّ) [رواه مسلم]، قال النووي: «المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها ولا يتفرغ لها إلا أفراد».

السبب الثاني: أن شعبان شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، كما هو مبيّن في الحديث السابق الذكر: (وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين).

السبب الثالث: في الحديث أيضا إشارة منه -صلى الله عليه وسلم- إلى مزيَّة أخرى لشهر شعبان، وهي أنه متوسط بين شهري رجب المحرّم ورمضان المعظّم، فترى الناس يجتهدون في العبادة في رجب، ما لا يجتهدون في شعبان!

قال الحافظ ابن حجر: «فهذا فيه إشعار بأن في رجب مشابهة برمضان، وأن الناس يشتغلون من العبادة بما يشتغلون به في رمضان، ويغفلون عن نظير ذلك في شعبان، لذلك كان يصومه صلى الله عليه وسلم»، ثم أورد أثرا بسنده عن أم أزهر بن سعيد، أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها، فذكرتْ لها أنها تصوم رجب، فقالت لها عائشة: «صومي شعبان، فإن فيه الفضل»، وأما حديثها رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر صياما منه في شعبان» فظاهره فضيلة الصوم في شعبان على غيره [تبيين العجب بما ورد في شهر رجب].

السبب الرابع: ومن حِكَم صيام شعبان أيضا التمرين لصيام رمضان، قال ابن رجب: «وقد قيل في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط» [لطائف المعارف].


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

مقال:
شهر شعبان بين السنة والبدعة
...المزيد

طاعة المرأة لزوجها عبادة واجبة خلق الله الزوجين الذكر والأنثى، وجعل بعضهم لبعض أزواجا، وجعل ...

طاعة المرأة لزوجها عبادة واجبة


خلق الله الزوجين الذكر والأنثى، وجعل بعضهم لبعض أزواجا، وجعل بينهم مودة ورحمة، وجعل للرجال منهم القوامة على النساء، كما في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ}، وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}، وقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}.

وأوصى الرجال بما أعطاهم من القوامة أن يحسنوا عشرة زوجاتهم ويصبروا على ما يكرهون منهن كما في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، وما جاء في الحديثِ: (ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإِنما هنّ عوانٌ عندكم) [رواه الترمذي]، ومعنى قوله: عوانٌ عندكم، أي: أسرى في أيديكم، بل وجعل الله ذلك أحد مقاييس التفاضل بين الرجال كما في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) [حديث صحيح، رواه الترمذي وابن حبّان].

كما جعل الله للرجل على زوجته حقوقا يجب عليها أن تؤديها له، وقرن أداءها لحقوق زوجها بأدائها لحقوق الله عليها، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: (المرأة لا تؤدي حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها كلّه، حتى لو سألها وهي على ظهر قتب لم تمنعه نفسها) [حديث صحيح، رواه الطبراني]، وقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصّنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) [رواه أحمد والطبراني]، وفي الحديث المرفوع: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) [رواه ابن ماجه والترمذي والحاكم].

فطاعة المرأة المسلمة لزوجها عبادة تتقرّب بها إلى الله كسائر العبادات، ولا يعقل من مسلمة تخاف الله واليوم الآخر أن تزعم أن صلاتها وصيامها وصدقتها وهجرتها تغنيها عن أداء حق زوجها عليها، فتتكبر عليه، أو ترى نفسها ندا له، أو تعصيه فيما أمرها من غير معصية الله، أو تعتدي عليه بالكلام أو ما سواه، ويكفيها ما سبق من الأدلّة على افتقارها إلى أداء حقوق زوجها وطاعته لتنال رضا الله وتدخل جنته، وتكون بذلك من الصالحات، اللواتي وصفَهن الله عز وجل بقوله: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: «وقوله: {فَالصَّالِحَاتُ} أي: من النساء {قانِتَاتٌ}، قال ابن عباس وغير واحد: يعني مطيعات لأزواجهن».

فكيف تسوّغ بعض النساء لأنفسهن الخروج من منازلهن بغير إذن أزواجهن، بل معصيتهم إن منعوهن من ذلك؟ وكيف يبرّرن معصيتهن لأزواجهن فيما أباح الله لهم أن يتأمّروا فيه، فضلا أن يكون أمرهم هو واجبا شرعيا من التزام بالحجاب، وتجنّب للاختلاط، وقرار في البيوت؟

وكيف تجرؤ امرأة أن تنافس الزوج وتزاحمه فيما أعطاه الله إياه من حقوق القوامة عليها، وولايته لأمرها وأمر أولاده، كما في قوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}، وقوله {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، وقول نبيه عليه الصلاة والسلام (والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته) [رواه البخاري ومسلم].

وكيف تنسى امرأة تقرأ كتاب الله قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}، فأعطى الله بذلك للزوج الحق في ضرب الزوجة ضربا غير مبرّح إن أبت إعطاء ما عليها من حق الطاعة، ولم تستجب للموعظة وعقوبة الهجر، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قول الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}، قال: «تلك المرأة تنشز، وتستخف بحق زوجها، ولا تطيع أمره» [رواه الطبري والبيهقي]، وقال الطبري، رحمه الله: «وأما قوله: {نُشُوزَهُنَّ}، فإنه يعني استعلاءهن على أزواجهن، وارتفاعهن عن فُرُشهم بالمعصية منهن، والخلاف عليهم فيما لزمهنّ طاعتهم فيه، بغضاً منهن وإعراضاً عنهم».

فليذكر الرجال أزواجهم بما لهم عليهن من حق الطاعة، وليخوفوهن بالله من معصيتهم في المعروف، وليذكّر الآباء بناتهم بذلك، ولتذكّر المرأة أختها بذلك، فإنّ الأمر عظيم، وإن معصية الزوج وعدم أداء حقوقه إنما هو من كبائر الذنوب، نعوذ بالله أن تقع فيه نساء المسلمين، إنه الهادي إلى سواء السبيل.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

مقال:
طاعة المرأة لزوجها عبادة واجبة
...المزيد

غُسْل الجنابة مسائل وأحكام تعريف غُسْل الجنابة: الغسل لغة: مصدر للفعل غَسَل يَغْسِل غَسْلاً ...

غُسْل الجنابة مسائل وأحكام


تعريف غُسْل الجنابة:

الغسل لغة: مصدر للفعل غَسَل يَغْسِل غَسْلاً وغُسْلاً، ومعناه: سيلان الماء على الشيء، والغُسل شرعا: هو إفاضة الماء الطهور على جميع البدن على وجه مخصوص بنية التطهر.

أما الجنابة لغة: فهي مأخوذة من البُعد، ومنه قوله تعالى: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36] أي البعيد، والجنابة شرعا: هي الاسم من الجُنُب، والجُنُب هو من أنزل المني، أو جامع وإن لم يُنزل، وسمي جنبا لأنه يجتنب الصلاة والمسجد وقراءة القرآن.

حالات وجوب الغسل من الجنابة:

الأسباب التي توجب على المسلم والمسلمة الغسل هي:

1- خروج المني في يقظة أو نوم: لقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الماء من الماء) [رواه مسلم]، ففي حال اليقظة يشترط لوجوب الغسل خروج المني بدفق وشهوة، قال ابن قدامة: فخروج المني الدافق بشهوة يوجب الغسل، وهو قول عامة الفقهاء [المغني]، فإذا خرج من الإنسان مني في حال اليقظة بغير شهوة بسبب مرض ونحوه، فلا يجب عليه الغسل.

أما في حال النوم فإن مجرد خروج المني يوجب الغسل سواء كان بشهوة أو بغير شهوة، فعن أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: جاءت أم سليم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم، إذا رأت الماء) [متفق عليه]، وظاهر الحديث أن المحتَلِم بمجرد أنه يرى آثار المني في ثوبه يجب عليه الغسل وإن لم يشعر بشهوة، في حين أنه لو شعر بالشهوة واللذة ولم يجد آثار المني فلا غسل عليه.

2- الجماع ولو من غير إنزال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قعد بين شعبها الأربع، ثم أجهد نفسه، فقد وجب الغسل، وإن لم ينزل) [رواه مسلم].

صفة غسل الجنابة (كيفية الاغتسال من الجنابة):

وصفت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: (كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم أدخل أصابعه في الماء، فخلل بها أصول شعره، ثم صب على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم أفاض الماء على جلده كله) [متفق عليه]، وبيّن الفقهاء -رحمهم الله- أن للغسل من الجنابة صفة واجبة لا يتم الغسل ولا تتحقق الطهارة إلا بها، وصفة مستحبة (صفة كمال) وهي كل ما زاد على الصفة الواجبة من سنن.

أولا: الصفة الواجبة في الغسل، وهي الصفة التي إن توفرت في الغسل كان مجزئا، وتتحقق هذه الصفة بتحقق ركنين هما:

1- النية، أن ينوي بقلبه رفع الحدث الأكبر (وهو هنا الجنابة).

2- تعميم جميع البدن بالماء (إيصال الماء إلى كل البشرة والشعر).


ثانيا: الصفة المستحبة في الغسل (صفة الكمال)، وتتحقق هذه الصفة بالآتي:

1- النية.

2- التسمية (أن يقول: بسم الله).

3- أن يغسل يديه ثلاثا قبل إدخالهما في الإناء.

4- ثم يغسل فرجه وما أصابه من الأذى بشماله.

5- ثم يغسل يديه بعد غسل فرجه.

6- ثم يتوضأ وضوءا كاملا كالوضوء للصلاة.

7- ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثا حتى يبلغ أصول الشعر، ويبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر.

8- ثم يفيض الماء على سائر جسده مرة واحدة.

9- كما يستحب للمغتسل تخليل شعر رأسه ولحيته، وتعاهد الأماكن التي قد لا يصلها الماء مباشرة كالإبطين وداخل الأذنين والسرة وغيرها.

- ما يجوز للجنب وما لا يجوز:

يحرم على الجنب: الصلاة، والطواف، ومس المصحف، وقراءة القرآن، واللبث (المكث) في المسجد. ويستحب للجنب: أن يغسل فرجه ويتوضأ إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام، أو يعاود الجماع. ويباح للجنب: الذكر، والدعاء، ودخول المسجد وعبوره، وأن يصبح صائما قبل أن يغتسل، وأن يقضي حوائجه، وأن يخالط الناس... وهناك خلاف مشهور في بعض هذه المسائل، والله أعلم.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

مقال:
غُسْل الجنابة
مسائل وأحكام
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً