تدجين وتجنيد!
لم تعد هناك حاجة مُلحة إلى تجنيد ميليشيات جديدة لحرب المجاهدين، فقد وصلت أساليب "مكافحة الإرهاب" إلى مرحلة متقدمة يتم فيها احتواء وتدجين "جهاديين سابقين" للقيام بالمهمة، بما يضمن مصالح النظام الدولي الكفري، ويشبع رغبة المفتونين بالحكم، رأينا ذلك في نسخ عديدة أبرزها "حكومة طالبان" وأحدثها "حكومة الإنقاذ" وكلاهما دخل القصور الرئاسية بموافقة الجهات المعنية.
وكنا طرحنا قبل سنوات أن سبب عدم سقوط النظام النصيري "رسميا" رغم سقوطه "فعليا"، هو "غياب البديل"! لأن البديل كان آنذاك إما الدولة الإسلامية، أو الفوضى العارمة التي تهدد أيضا حدود اليهود، ولذلك حالت الجهود "الأمريكية اليهودية الروسية الإيرانية" مجتمعة دون إسقاطه، لكن يبدو أنه خلال هذه السنوات وعبر "إستراتيجية التدجين"، تم إنضاج البديل على نار هادئة بعد أن صنع من مقره في "إدلب" نسخة مصغرة لشكل "سوريا المستقبل" وصدّر صورة مقبولة دولية لنظام وطني "غليظ" مع الأكثرية المؤمنة "رقيق" مع "الأقلية" الكافرة.
تدجين وترويض هذه الهيئات يتم عبر مسارات طويلة في أقبية مراكز الدراسات والاستخبارات، تمر بعمليات فحص واختبارات عديدة للتأكد من مدى جدية وتفاني هذه الهيئات في محاربة الجهاد وهدم العقيدة!، وتستمر في ذلك السقوط حتى تصل إلى "مرحلة نضج" تمكّنها من استلام التكاليف الحكومية الأمنية أو الإدارية، كما رأينا مؤخرا في سوريا ومن قبل في أفغانستان.
وبناء عليه، توالت تصريحات مسؤولين يهود وأمريكيين وروس وإيرانيين وغيرهم حول "فتح قنوات اتصال" مباشرة وغير مباشرة مع "المعارضة السورية!" بعد تسلّمها الحكم خلفا للنظام النصيري، هذه الاتصالات لم تكن وليدة اللحظة الثورية، فلم يستيقظ قادة هذه الدول على أخبار سقوط المدن والبلدات بسرعة الآليات! ليقولوا يا للهول!، لقد سقط الأسد! علينا أن نتصل بقادة المعارضة الآن! وأن ننسق معهم قبل فوات الأوان! ليس هذا ما حدث، إن ما حدث عملية إبدال مدروسة للنظام النصيري بنظام جديد يحارب الشرع بـ"الشرع!".
أما عن أسباب إذعان الحركات الجهادية إلى هذا المسار الجاهلي، ولماذا تنكث غزلها وتنقلب على أعقابها؟! فالأسباب والتفسيرات كثيرة طويلة طول مسارات الحرب على الجهاد التي ترعاها قوى الكفر، لكن لعل أبرزها: وصول هؤلاء "الجهاديين المدجنين" إلى نتيجة حاسمة أنه لا جدوى من سلوك سبيل الجهاد في إحداث التغيير المنشود، لأنهم سيصطدمون بكل قوى الكفر العالمي وسيدفعون أثمانا كبيرة لم تطقها قلوبهم المريضة ولا نفوسهم المروّضة فيجنحون إلى مداهنة ومسايرة الجاهلية الدولية بدلا من مصادمتها ومفاصلتها، وصارت تلك عندهم حنكة ونضجا بعد أن كانت ردة وخيانة ونكوصا.
ولذلك بعد 13 عاما من "الجهاد الثوري" في الشام، أصبح الولاء والبراء "طائفية" وفُسّرت الثورة بأنها "قتال اضطراري" ضد "أسرة حاكمة" متسلطة رفضت الحوار وتقاسم السلطة! وليست حربا دينية ضد نظام نصيري كافر حتى بدون "صيدانيا" ومشتقاته، ولذلك خلت خطابات "مهووس السُّلطة واللَّقطة" من وصف النظام بــ"النصيري" خشية أن تُحسب عليه! وهو ما لا يقبله رعاة النظام الجديد ولا دستورهم الجاهلي المزمع تفصيله قريبا ليناسب مقاس "سوريا المستقبل" مع قرب أفول حدود "سايكس - بيكو" وبروز حدود "نتنياهو - ترامب".
وفي سياق النضج الجاهلي لم يغب عن هؤلاء الوطنيين وهم يشرحون معالم "سوريا المستقبل" أن يُظهروا تمايزهم عن الدولة الإسلامية مع أن هذا التمايز لا تخطئه العين، لكنهم حريصون على تذكير المعنيين بأنهم على منهاج النظام الدولي ومواثيقه الجاهلية! وليسوا بحال على منهاج النبوة الذي يكلفهم الكثير.
على النقيض تماما، من سلوك دول الكفر المتلائم مع "الجهاديين المدجنين"؛ تقاطرت نفس هذه الدول الكافرة على إعلان خشيتها وتكرار تحذيراتها من استغلال الدولة الإسلامية للأحداث الجارية، وفي هذا السياق نفسّر سلسلة الغارات الكثيفة التي شنها التحالف الصليبي على مواقع الدولة الإسلامية في "وسط سوريا" قبيل الحدث بأسابيع قليلة، ثم كررها تزامنا مع الحدث رغم بعد "الوسط" عن حدود دويلة يهود.
ولأن التحليلات تصيب وتخطىء، ولأن التقلبات والمتغيرات السياسية لا تهدأ؛ فإن من سياسة (النبأ) ربط المسلمين بالعقائد والمناهج فإنها لا تتبدل بمرور الأيام ولا بتغير الأحداث لأن ميزان الشرع ثابت، خلافا لسياسة الحركات والأحزاب الجاهلية ومناهجها المتغيرة.
في البعد الإيماني للحدث، ظهر تدبير اللطيف الخبير وحكمته البالغة في دفع هؤلاء الشركاء المتشاكسين بعضهم ببعض، ما نتج عنه فكاك أسارى المسلمين بعد سنوات طويلة من التعذيب في سجون "الأقلية" النصيرية، وإن كانت الصورة التي جرى عليها الحال، لم تحقق للمسلمين شفاء وثأرا تاما من أئمة الكفر وجزاري النظام النصيري، لحكمة قدرها الله تعالى، ولعل شفاء صدور المؤمنين والمؤمنات واكتمال فصول ثأرهم يكون على أيدي الأُسد الغضاب الذين يعاقبون المعتدي بأحكام الشريعة لا أحكام الدستور، فلا تأخذهم في الله لومة لائم سلفهم محمد ﷺ وصحبه {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
في السياق المنهجي، أظهرت الأحداث الأخيرة مجددا تشوّه مفهوم "التحرير" عند العامة والخاصة، فيوم سقطت المناطق في أيدي المليشيات الكردية قالوا تحررت! ويوم سقطت في أيدي النصيرية قالوا تحررت! ويوم سقطت في أيدي الصحوات التركية أو الأمريكية قالوا تحررت! والقاسم المشترك بين هذه الحالات المتباينة هو انحياز الدولة الإسلامية منها بعد أن حكمتها بالشريعة الإسلامية، فهل "التحرر" عند هؤلاء هو التحرر من حكم الإسلام؟!
إن التحرير يعني أن يعلو المكان والإنسان أحكام الشريعة الإسلامية، فتحكم المسلم في أقواله وأفعاله، بل حتى في حبه وبغضه وموالاته ومعاداته، وبالنظر إلى واقع الشام، فلا شك أن التحرير بمفهومه الشرعي ما يزال مفقودا.
وعليه، فمن كان خلافه مع الأسد وعائلته وحاشيته وصورته وتمثاله، فقد انتهت ثورته، ومن كان خلافه مع نظام مرتد يقوم على تعطيل الشريعة والاحتكام للمجالس الانتخابية والدساتير الكفرية وحماية المراقد الوثنية وموالاة الكافرين دولا وأقليات، بحجة "العلاقات الدولية" و"التنسيق الوطني"، فإن المشكلة ما زالت قائمة، بل ستتفاقم، ولذلك سيتواصل الجهاد على ثرى الشام لأن غايته سيادة الشريعة ونبذ الشرك، أما الثورة فتتوقف عند حدود صناديق الاقتراع؛ {وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا}.
◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 473
الخميس 11 جمادى الآخرة 1446هـ
مقال:
تدجين وتجنيد! ...المزيد
مساعدة
الإبلاغ عن المادة
تعديل تدوينة
تدجين وتجنيد! لم تعد هناك حاجة مُلحة إلى تجنيد ميليشيات جديدة لحرب المجاهدين، فقد وصلت أساليب ...
تدجين وتجنيد!
لم تعد هناك حاجة مُلحة إلى تجنيد ميليشيات جديدة لحرب المجاهدين، فقد وصلت أساليب "مكافحة الإرهاب" إلى مرحلة متقدمة يتم فيها احتواء وتدجين "جهاديين سابقين" للقيام بالمهمة، بما يضمن مصالح ...المزيد
لم تعد هناك حاجة مُلحة إلى تجنيد ميليشيات جديدة لحرب المجاهدين، فقد وصلت أساليب "مكافحة الإرهاب" إلى مرحلة متقدمة يتم فيها احتواء وتدجين "جهاديين سابقين" للقيام بالمهمة، بما يضمن مصالح ...المزيد
سوريا الحرة وسوريا الأسد! • هبَّ أن النظام النصيري سقط الآن، ما هو نظام الحكم الذي ستطبقه ...
سوريا الحرة وسوريا الأسد!
• هبَّ أن النظام النصيري سقط الآن، ما هو نظام الحكم الذي ستطبقه الفصائل في "سوريا الحرة؟" إن قلتَ الشريعة، فأنتَ لا تعرف الثورة! أو لا تعرف الشريعة! وإن قلت "مجلس انتقالي" و "دستور وطني"، فمع من كانت مشكلة "الثوار" إذن؟ مع عائلة الأسد؟! في السياسة البغيضة لا يمكن فهم الأحداث خارج نطاقها الزماني والمكاني، والتصعيد الأخير من قبل الصحوات، لا يمكن فهمه بمعزل عن سياقه الزماني بعد "اتفاق لبنان" وتولد رغبة دولية بإخراج إيران من المشهد السوري، وكذلك بعد تعثر الحوار السياسي بين الأسد وأتاتورغان، ما دفع الأخير إلى مخاطبة الأسد وحلفائه من خلف لثام الفصائل وبياناتهم السياسية، وعبر فوّهات بنادقهم المأجورة.
كما لا يمكن فهم هذا التصعيد بمعزل عن سياقه المكاني ممثلا بالشمال السوري الذي تريد تركيا اقتطاع جزء منه منطقة عازلة تحمي حدودها وتمكنها من إعادة النازحين إليها.
معلوم أن "التحالف الدولي" الذي تديره أمريكا، تشارك فيه تركيا كبيدق رئيس، وتدير بدورها بيادق أصغر، تتنافس فيما بينها في كسب رضا الراعي الدولي أو المشغل الإقليمي، ويحاول كل بيدق أن يقدّم نفسه فاتحا "محررا" للسوريين، وسياسيا "متحررا" للداعمين.
إنها حرب بالوكالة بين "البيادق التركية" التي تحرك تركيا بعضها، وتغض الطرف عن بعضها، وبين "الأذرع الإيرانية" لتحصيل مكتسبات أفضل على طاولة "أستانا" أو "الدوحة" أو أي طاولة ترسم خارطة "سوريا المستقبل".
"سوريا المستقبل" أو "الحرة" التي تسعى الصحوات إليها، سبق أن جلاها قادة الدولة الإسلامية في خطاباتهم قبل سنوات طويلة، واليوم تظهر معالمها الجاهلية واضحة في بيانات الهيئات المرتدة التي طغت عليها لغة الطمأنة
للنظام الدولي، و "التعايش" مع "الأقليات" الوثنية والباطنية كالعلوية والإسماعيلية والإيزيدية!، ناهيك عن النصرانية، بل ذهبت هيئات الردة أبعد من ذلك عندما خاطبت روسيا الصليبية بصفتها "شريكا محتملا في بناء مستقبل مشرق لسوريا الحرة!" وخاطبت الحكومة العراقية الرافضية بلغة "التفاهم والتعاون الأخوي!".
إنها ثورة جاهلية تسعى إلى" ترسيخ مفهوم الدولة"، وقطعا يقصدون بها "الدولة المدنية"، التي حاربوا لأجلها الدولة الإسلامية، إنها ثورة وليست جهادا في سبيل الله، ثورة تحرُّرية من "نظام قمعي" يستأثر بالسلطة، بغية الوصول إلى نظام آخر "ديمقراطي" يتقاسم السلطة، هذه هي مفاهيم وأبجديات الثورات، وهذه هي شكل "سوريا الحرة" بعد حقبة "سوريا الأسد!" تتلخص في إسقاط تمثال قبيح وبناء آخر على أنقاضه بوجه حسن! التفسير الشرعي لما يجري، لا يخرج عن سنة التدافع العادلة ، فكما رأينا التدافع في الصراع "اليهودي - الرافضي"، ها نحن نرى التدافع في الصراع "الوطني النصيري"، ولا شك أن هناك فرحة عارمة بين عامة المسلمين للتخلص من قبضة النظام النصيري وهذا طبيعي ومبرر حاليا، لكن خروج المناطق من قبضة النصيرية وسقوطها في قبضة تركيا العلمانية وفصائلها الوطنية لا يعني الانعتاق من شرنقة الجاهلية، وإنما الانتقال إلى حقبة جاهلية أخرى.
بالمحصلة، فالحدث برمته لم يخرج عن نطاق الرغبة الدولية والنظام الدولي الذي صارت مصالح "الجهاديين والثوريين" لا تتقاطع إلا معه! لكن لما كان زحف الدولة الإسلامية قبل سنوات خلافا لرغبة النظام الدولي، سارعوا إلى تشكيل أكبر تحالف صليبي جاهلي في التاريخ لوقف زحف الخلافة الهادر الذي جاء على غير ما يتوقعون ويشتهون، ومع ذلك وصفوها بأنها "مؤامرة" عالمية كونية صنعتها أمريكا واليهود وإيران وروسيا وكل مخابرات العالم
ولسنا في موضع نقارن به مشروع دولة الإسلام بمشاريع الجبهات والهيئات الوطنية القُطرية، فإن الذي بيننا وبينهم لمختلف جدا، ولكن نذكر بأن جيوش الخلافة في البوادي والأرياف لم توقف قتالها للنظام النصيري يوما، ولم تُذل خيولها.
ولئن كان تحرك الصحوات متوافقا متقاطعا مع مصالح الحلف اليهودي الأمريكي، فإن الدولة الإسلامية يوم زحفت كان زحفها وما يزال مخالفا معارضا لكل الرغبات والمصالح الأمريكية اليهودية، حتى وصل زحفها نحو "أربيل" و "كوباني" حدائق اليهود الخلفية، فتداعى التحالف الجاهلي بكل أطرافه يتصارخون: اليهود اليهود أدركوا اليهود وانكبت طائرات الأرض تصب حممها لوقف هذا الزحف الهادر، وتكرر الأمر عندما زحف المجاهدون نحو أسوار بغداد، فانصهر الروم مع الفرس جيشا واحدا يقاتل ويذب عن بغداد خشية أن تعود دارا للخلافة، فكان زحف الدولة الإسلامية خلافا لكل الرغبات الدولية ومفارقة لا التقاء لكل المصالح الدولية ومع ذلك اتهمت بالعمالة لكل أقطاب الأرض! (سنوات خداعات.. يؤتمن فيها الخائن ويخوّن فيها الأمين).
إنها ثورة جاهلية تسعى إلى" ترسيخ مفهوم الدولة"، وقطعا يقصدون بها "الدولة المدنية"، التي حاربوا لأجلها الدولة الإسلامية، إنها ثورة وليست جهادا في سبيل الله، ثورة تحرُّرية من "نظام قمعي" يستأثر بالسلطة، بغية الوصول إلى نظام آخر "ديمقراطي" يتقاسم السلطة، هذه هي مفاهيم وأبجديات الثورات، وهذه هي شكل "سوريا الحرة" بعد حقبة "سوريا الأسد!" تتلخص في إسقاط تمثال قبيح وبناء آخر على أنقاضه بوجه حسن! التفسير الشرعي لما يجري، لا يخرج عن سنة التدافع العادلة ، فكما رأينا التدافع في الصراع "اليهودي - الرافضي"، ها نحن نرى التدافع في الصراع "الوطني النصيري"، ولا شك أن هناك فرحة عارمة بين عامة المسلمين للتخلص من قبضة النظام النصيري وهذا طبيعي ومبرر حاليا، لكن خروج المناطق من قبضة النصيرية وسقوطها في قبضة تركيا العلمانية وفصائلها الوطنية لا يعني الانعتاق من شرنقة الجاهلية، وإنما الانتقال إلى حقبة جاهلية أخرى.
بالمحصلة، فالحدث برمته لم يخرج عن نطاق الرغبة الدولية والنظام الدولي الذي صارت مصالح "الجهاديين والثوريين" لا تتقاطع إلا معه! لكن لما كان زحف الدولة الإسلامية قبل سنوات خلافا لرغبة النظام الدولي، سارعوا إلى تشكيل أكبر تحالف صليبي جاهلي في التاريخ لوقف زحف الخلافة الهادر الذي جاء على غير ما يتوقعون ويشتهون، ومع ذلك وصفوها بأنها "مؤامرة" عالمية كونية صنعتها أمريكا واليهود وإيران وروسيا وكل مخابرات العالم
ولسنا في موضع نقارن به مشروع دولة الإسلام بمشاريع الجبهات والهيئات الوطنية القُطرية، فإن الذي بيننا وبينهم لمختلف جدا، ولكن نذكر بأن جيوش الخلافة في البوادي والأرياف لم توقف قتالها للنظام النصيري يوما، ولم تُذل خيولها.
ولئن كان تحرك الصحوات متوافقا متقاطعا مع مصالح الحلف اليهودي الأمريكي، فإن الدولة الإسلامية يوم زحفت كان زحفها وما يزال مخالفا معارضا لكل الرغبات والمصالح الأمريكية اليهودية، حتى وصل زحفها نحو "أربيل" و "كوباني" حدائق اليهود الخلفية، فتداعى التحالف الجاهلي بكل أطرافه يتصارخون: اليهود اليهود أدركوا اليهود وانكبت طائرات الأرض تصب حممها لوقف هذا الزحف الهادر، وتكرر الأمر عندما زحف المجاهدون نحو أسوار بغداد، فانصهر الروم مع الفرس جيشا واحدا يقاتل ويذب عن بغداد خشية أن تعود دارا للخلافة، فكان زحف الدولة الإسلامية خلافا لكل الرغبات الدولية ومفارقة لا التقاء لكل المصالح الدولية ومع ذلك اتهمت بالعمالة لكل أقطاب الأرض! (سنوات خداعات.. يؤتمن فيها الخائن ويخوّن فيها الأمين).
ولكن فليسمع جنودها وأنصارها قبل خصومها وأعدائها، إنه والله لا يضير دولتكم مدحها أو ذمها فقد استويا عندها، ولم تطلب يوما لقاء جهادها جزاء أو شكورا من أحد، ولئن كانت سجلات الأرض قد ظلمتها وجحدتها فإن سجلات الملك العدل سبحانه لا تفعل، وغدا كله تلقاه في كتاب لا يضل ولا ينسى.
ولا ينقصها شهادة من أحد، وهذه ميادين الملاحم ما زالت قائمة وسيوفها ما زالت مشرعة، ولئن قاتل هؤلاء اليوم تثبيتا وتحسينا لاتفاقيات الطواغيت، فإن الدولة لن توقف قتالها أصلا، ولم ترهن قرارها لأحد، ولئن قاتلوا استجابة لأوامر الداعمين ومصالح الراعين لأنهم خالفوا مشاريعهم ومصالحهم جميعا، فإن الدولة قاتلت استجابة لأوامر الحق سبحانه وتحقيقا لمصالح المسلمين، ولئن طبقوا مواثيق الأمم المتحدة وقوانينها الكافرة في حربهم وسلمهم فإنها طبقت أوامر الخالق سبحانه في حربها وسلمها، ولم تخرج عن ميثاق النبوة ولا ميراثها.
ولئن قاتل هؤلاء من خلال "الإستانة" و"سوتشي" وحدودها، فلم تقاتل إلا في ظلال الشريعة وحدودها، ولئن قاتلوا تماشيا مع المصالح الدولية والإقليمية، فلم تقاتل إلا مخالفة لها، فكانت دولتنا خلاف ما يحبون، تراغمهم وتغيظهم وما زالت ستبقى حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
وقد عابوا عليها قديما أنها لم تحيّد عدوا، ولو استطاعت لفعلت، ولكنها حرب مفاصلة رموها فيها عن قوس واحدة، لأنها خالفت مشاريعهم ومصالحهم جميعا، وهذا كان اعترافا من حيث لا يشعرون أن دولة الإسلام لم توافق رغبة أحد ولم تقاتل لمصلحة أحد ولم تكن في جيب أحد.
وهذه همسة إيمانية تربوية منهجية، إن الشام ستبقى بين الفتن والملحمة، وهذان السياقان لا يمكن الفصل بينهما، وهو ما يحتم على المسلم أن يصحح عقيدته لتقوى ويعزّز إيمانه ليثبته، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
◽ المصدر: افتتاحية صحيفة النبأ العدد 472
الخميس 4 جمادى الآخرة 1446 هـ ...المزيد
• هبَّ أن النظام النصيري سقط الآن، ما هو نظام الحكم الذي ستطبقه الفصائل في "سوريا الحرة؟" إن قلتَ الشريعة، فأنتَ لا تعرف الثورة! أو لا تعرف الشريعة! وإن قلت "مجلس انتقالي" و "دستور وطني"، فمع من كانت مشكلة "الثوار" إذن؟ مع عائلة الأسد؟! في السياسة البغيضة لا يمكن فهم الأحداث خارج نطاقها الزماني والمكاني، والتصعيد الأخير من قبل الصحوات، لا يمكن فهمه بمعزل عن سياقه الزماني بعد "اتفاق لبنان" وتولد رغبة دولية بإخراج إيران من المشهد السوري، وكذلك بعد تعثر الحوار السياسي بين الأسد وأتاتورغان، ما دفع الأخير إلى مخاطبة الأسد وحلفائه من خلف لثام الفصائل وبياناتهم السياسية، وعبر فوّهات بنادقهم المأجورة.
كما لا يمكن فهم هذا التصعيد بمعزل عن سياقه المكاني ممثلا بالشمال السوري الذي تريد تركيا اقتطاع جزء منه منطقة عازلة تحمي حدودها وتمكنها من إعادة النازحين إليها.
معلوم أن "التحالف الدولي" الذي تديره أمريكا، تشارك فيه تركيا كبيدق رئيس، وتدير بدورها بيادق أصغر، تتنافس فيما بينها في كسب رضا الراعي الدولي أو المشغل الإقليمي، ويحاول كل بيدق أن يقدّم نفسه فاتحا "محررا" للسوريين، وسياسيا "متحررا" للداعمين.
إنها حرب بالوكالة بين "البيادق التركية" التي تحرك تركيا بعضها، وتغض الطرف عن بعضها، وبين "الأذرع الإيرانية" لتحصيل مكتسبات أفضل على طاولة "أستانا" أو "الدوحة" أو أي طاولة ترسم خارطة "سوريا المستقبل".
"سوريا المستقبل" أو "الحرة" التي تسعى الصحوات إليها، سبق أن جلاها قادة الدولة الإسلامية في خطاباتهم قبل سنوات طويلة، واليوم تظهر معالمها الجاهلية واضحة في بيانات الهيئات المرتدة التي طغت عليها لغة الطمأنة
للنظام الدولي، و "التعايش" مع "الأقليات" الوثنية والباطنية كالعلوية والإسماعيلية والإيزيدية!، ناهيك عن النصرانية، بل ذهبت هيئات الردة أبعد من ذلك عندما خاطبت روسيا الصليبية بصفتها "شريكا محتملا في بناء مستقبل مشرق لسوريا الحرة!" وخاطبت الحكومة العراقية الرافضية بلغة "التفاهم والتعاون الأخوي!".
إنها ثورة جاهلية تسعى إلى" ترسيخ مفهوم الدولة"، وقطعا يقصدون بها "الدولة المدنية"، التي حاربوا لأجلها الدولة الإسلامية، إنها ثورة وليست جهادا في سبيل الله، ثورة تحرُّرية من "نظام قمعي" يستأثر بالسلطة، بغية الوصول إلى نظام آخر "ديمقراطي" يتقاسم السلطة، هذه هي مفاهيم وأبجديات الثورات، وهذه هي شكل "سوريا الحرة" بعد حقبة "سوريا الأسد!" تتلخص في إسقاط تمثال قبيح وبناء آخر على أنقاضه بوجه حسن! التفسير الشرعي لما يجري، لا يخرج عن سنة التدافع العادلة ، فكما رأينا التدافع في الصراع "اليهودي - الرافضي"، ها نحن نرى التدافع في الصراع "الوطني النصيري"، ولا شك أن هناك فرحة عارمة بين عامة المسلمين للتخلص من قبضة النظام النصيري وهذا طبيعي ومبرر حاليا، لكن خروج المناطق من قبضة النصيرية وسقوطها في قبضة تركيا العلمانية وفصائلها الوطنية لا يعني الانعتاق من شرنقة الجاهلية، وإنما الانتقال إلى حقبة جاهلية أخرى.
بالمحصلة، فالحدث برمته لم يخرج عن نطاق الرغبة الدولية والنظام الدولي الذي صارت مصالح "الجهاديين والثوريين" لا تتقاطع إلا معه! لكن لما كان زحف الدولة الإسلامية قبل سنوات خلافا لرغبة النظام الدولي، سارعوا إلى تشكيل أكبر تحالف صليبي جاهلي في التاريخ لوقف زحف الخلافة الهادر الذي جاء على غير ما يتوقعون ويشتهون، ومع ذلك وصفوها بأنها "مؤامرة" عالمية كونية صنعتها أمريكا واليهود وإيران وروسيا وكل مخابرات العالم
ولسنا في موضع نقارن به مشروع دولة الإسلام بمشاريع الجبهات والهيئات الوطنية القُطرية، فإن الذي بيننا وبينهم لمختلف جدا، ولكن نذكر بأن جيوش الخلافة في البوادي والأرياف لم توقف قتالها للنظام النصيري يوما، ولم تُذل خيولها.
ولئن كان تحرك الصحوات متوافقا متقاطعا مع مصالح الحلف اليهودي الأمريكي، فإن الدولة الإسلامية يوم زحفت كان زحفها وما يزال مخالفا معارضا لكل الرغبات والمصالح الأمريكية اليهودية، حتى وصل زحفها نحو "أربيل" و "كوباني" حدائق اليهود الخلفية، فتداعى التحالف الجاهلي بكل أطرافه يتصارخون: اليهود اليهود أدركوا اليهود وانكبت طائرات الأرض تصب حممها لوقف هذا الزحف الهادر، وتكرر الأمر عندما زحف المجاهدون نحو أسوار بغداد، فانصهر الروم مع الفرس جيشا واحدا يقاتل ويذب عن بغداد خشية أن تعود دارا للخلافة، فكان زحف الدولة الإسلامية خلافا لكل الرغبات الدولية ومفارقة لا التقاء لكل المصالح الدولية ومع ذلك اتهمت بالعمالة لكل أقطاب الأرض! (سنوات خداعات.. يؤتمن فيها الخائن ويخوّن فيها الأمين).
إنها ثورة جاهلية تسعى إلى" ترسيخ مفهوم الدولة"، وقطعا يقصدون بها "الدولة المدنية"، التي حاربوا لأجلها الدولة الإسلامية، إنها ثورة وليست جهادا في سبيل الله، ثورة تحرُّرية من "نظام قمعي" يستأثر بالسلطة، بغية الوصول إلى نظام آخر "ديمقراطي" يتقاسم السلطة، هذه هي مفاهيم وأبجديات الثورات، وهذه هي شكل "سوريا الحرة" بعد حقبة "سوريا الأسد!" تتلخص في إسقاط تمثال قبيح وبناء آخر على أنقاضه بوجه حسن! التفسير الشرعي لما يجري، لا يخرج عن سنة التدافع العادلة ، فكما رأينا التدافع في الصراع "اليهودي - الرافضي"، ها نحن نرى التدافع في الصراع "الوطني النصيري"، ولا شك أن هناك فرحة عارمة بين عامة المسلمين للتخلص من قبضة النظام النصيري وهذا طبيعي ومبرر حاليا، لكن خروج المناطق من قبضة النصيرية وسقوطها في قبضة تركيا العلمانية وفصائلها الوطنية لا يعني الانعتاق من شرنقة الجاهلية، وإنما الانتقال إلى حقبة جاهلية أخرى.
بالمحصلة، فالحدث برمته لم يخرج عن نطاق الرغبة الدولية والنظام الدولي الذي صارت مصالح "الجهاديين والثوريين" لا تتقاطع إلا معه! لكن لما كان زحف الدولة الإسلامية قبل سنوات خلافا لرغبة النظام الدولي، سارعوا إلى تشكيل أكبر تحالف صليبي جاهلي في التاريخ لوقف زحف الخلافة الهادر الذي جاء على غير ما يتوقعون ويشتهون، ومع ذلك وصفوها بأنها "مؤامرة" عالمية كونية صنعتها أمريكا واليهود وإيران وروسيا وكل مخابرات العالم
ولسنا في موضع نقارن به مشروع دولة الإسلام بمشاريع الجبهات والهيئات الوطنية القُطرية، فإن الذي بيننا وبينهم لمختلف جدا، ولكن نذكر بأن جيوش الخلافة في البوادي والأرياف لم توقف قتالها للنظام النصيري يوما، ولم تُذل خيولها.
ولئن كان تحرك الصحوات متوافقا متقاطعا مع مصالح الحلف اليهودي الأمريكي، فإن الدولة الإسلامية يوم زحفت كان زحفها وما يزال مخالفا معارضا لكل الرغبات والمصالح الأمريكية اليهودية، حتى وصل زحفها نحو "أربيل" و "كوباني" حدائق اليهود الخلفية، فتداعى التحالف الجاهلي بكل أطرافه يتصارخون: اليهود اليهود أدركوا اليهود وانكبت طائرات الأرض تصب حممها لوقف هذا الزحف الهادر، وتكرر الأمر عندما زحف المجاهدون نحو أسوار بغداد، فانصهر الروم مع الفرس جيشا واحدا يقاتل ويذب عن بغداد خشية أن تعود دارا للخلافة، فكان زحف الدولة الإسلامية خلافا لكل الرغبات الدولية ومفارقة لا التقاء لكل المصالح الدولية ومع ذلك اتهمت بالعمالة لكل أقطاب الأرض! (سنوات خداعات.. يؤتمن فيها الخائن ويخوّن فيها الأمين).
ولكن فليسمع جنودها وأنصارها قبل خصومها وأعدائها، إنه والله لا يضير دولتكم مدحها أو ذمها فقد استويا عندها، ولم تطلب يوما لقاء جهادها جزاء أو شكورا من أحد، ولئن كانت سجلات الأرض قد ظلمتها وجحدتها فإن سجلات الملك العدل سبحانه لا تفعل، وغدا كله تلقاه في كتاب لا يضل ولا ينسى.
ولا ينقصها شهادة من أحد، وهذه ميادين الملاحم ما زالت قائمة وسيوفها ما زالت مشرعة، ولئن قاتل هؤلاء اليوم تثبيتا وتحسينا لاتفاقيات الطواغيت، فإن الدولة لن توقف قتالها أصلا، ولم ترهن قرارها لأحد، ولئن قاتلوا استجابة لأوامر الداعمين ومصالح الراعين لأنهم خالفوا مشاريعهم ومصالحهم جميعا، فإن الدولة قاتلت استجابة لأوامر الحق سبحانه وتحقيقا لمصالح المسلمين، ولئن طبقوا مواثيق الأمم المتحدة وقوانينها الكافرة في حربهم وسلمهم فإنها طبقت أوامر الخالق سبحانه في حربها وسلمها، ولم تخرج عن ميثاق النبوة ولا ميراثها.
ولئن قاتل هؤلاء من خلال "الإستانة" و"سوتشي" وحدودها، فلم تقاتل إلا في ظلال الشريعة وحدودها، ولئن قاتلوا تماشيا مع المصالح الدولية والإقليمية، فلم تقاتل إلا مخالفة لها، فكانت دولتنا خلاف ما يحبون، تراغمهم وتغيظهم وما زالت ستبقى حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
وقد عابوا عليها قديما أنها لم تحيّد عدوا، ولو استطاعت لفعلت، ولكنها حرب مفاصلة رموها فيها عن قوس واحدة، لأنها خالفت مشاريعهم ومصالحهم جميعا، وهذا كان اعترافا من حيث لا يشعرون أن دولة الإسلام لم توافق رغبة أحد ولم تقاتل لمصلحة أحد ولم تكن في جيب أحد.
وهذه همسة إيمانية تربوية منهجية، إن الشام ستبقى بين الفتن والملحمة، وهذان السياقان لا يمكن الفصل بينهما، وهو ما يحتم على المسلم أن يصحح عقيدته لتقوى ويعزّز إيمانه ليثبته، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
◽ المصدر: افتتاحية صحيفة النبأ العدد 472
الخميس 4 جمادى الآخرة 1446 هـ ...المزيد
بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً • لعشرات السنين هيمنت قضية فلسطين واحتلال اليهود لها على مجمل حياة ...
بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً
• لعشرات السنين هيمنت قضية فلسطين واحتلال اليهود لها على مجمل حياة المسلمين في كل أنحاء العالم، فغلا فيها الغالون، وتاجر بها المتاجرون، حتى راج عند معظم الناس أن فلسطين هي قضية الإسلام الأولى، بعدما أعلن القوميون أنها قضية العرب الأولى، فلا يصح أن تطرح أي قضية أخرى ما لم تحرر فلسطين، لكي لا تتشتت الجهود وتضيع الإمكانيات، بل ولا يصح في نظر الكثيرين أي جهاد ما لم يكن في فلسطين، وبات دعاة الفتنة وعلماء السلاطين في كل مكان يستنكرون على المجاهدين في كل الساحات، ويلبسون على الجهلة بالسؤال: لماذا لا يجاهد هؤلاء في فلسطين؟
وتعدى الأمر بهؤلاء المنحرفين ليدخل في باب الولاء والبراء، إذ لم يعد هناك عدو للأمة المسلمة غير اليهود المحتلين لفلسطين، وحتى من أراد أن يوسع الدائرة لتشمل الصليبيين النصارى، انحرف عن الشريعة بإعلانه أن السبب الوحيد لعدائه لهم هو دعمهم لليهود، ولا عدو من الطواغيت إلا من صالح اليهود، أو تحالف معهم.
ومن جانب آخر صار كل من يعادي الدولة اليهودية بطلا محبوبا ترفع راياته، وتعلق صوره، بغض النظر عن دينه وعقيدته، وبهذا تعلقت قلوب الناس بالشيوعيين من أمثال مقاتلي الجبهتين الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين وحلفائهم من الحركات الماركسية العالمية لفترة من الزمن، ومُجّدوا، وسُمّي قتلاهم شهداء، رغم أنهم ملاحدة كفار، لا يؤمنون بالله ربّا، ولا بالإسلام دينا، ولا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا، ولكن كان يكفي عند أصحاب «قضية العرب الأولى» أنهم يقاتلون اليهود في فلسطين.
ثم تعلقت قلوبهم بالروافض الأنجاس من أمثال حزب اللات، وحركة أمل، لقتالهم لليهود في جنوب لبنان في السنوات الماضية، حتى وصل الأمر بالناس في حرب عام «2006» المعروفة بحرب تموز أن ارتفعت رايات الرافضة، وصور المرتد حسن نصر اللات في منازل الملايين من الناس.
وعلاوة على ذلك تعلقت قلوب عشرات الملايين من الناس بشرار الطواغيت العرب من أمثال جمال عبد الناصر، وحافظ الأسد، ومعمر القذافي، وصدام حسين، بسبب متاجرتهم بقضية فلسطين، وبيعهم الأوهام للمتعلقين بهم من خلال الخطابات الحماسية عن إلقاء اليهود في البحر، أو إحراق دولتهم بالصواريخ.
- الأحزاب المنحرفة
قضية المتاجرة بفلسطين تعدّت القوميين واليساريين والرافضة، حيث دخلت منذ زمن في صلب مناهج العمل للأحزاب والفصائل والجماعات التي تنتسب كذبا للإسلام، باعتبارها وسيلة لحشد الناس، وتوحيد الصف، حيث لم يجدوا في الساحة أمامهم قضية يُجمع عليها الناس غير قضية فلسطين التي تاجر بها الجميع دون استثناء، واستسهلوا بناء مناهجهم الحركية على أساس «قضية فلسطين» الذي أشرف على بنائه القوميون لعقود، وذلك لما وجدوه من بُعد للناس عن الدين، فسولت لهم أنفسهم أن يجمعوا الناس حولهم على هذا الأصل الفاسد وينطلقوا بهم -بزعمهم- لتحقيق الأهداف المعلنة لجماعاتهم في إقامة الدين وتطبيق الشريعة، دون أن يلتفتوا لاختلاف طبائع الناس ممن تجذبه الدعوات لاستنقاذ فلسطين وأنهم خليط من المسلمين والكفرة، من القوميين واليساريين، والنصارى، فهل يمكن أن يتم حشد هؤلاء جميعا لإنجاح أي مشروع «إسلامي» حقيقي؟.
وبعدما يقارب سبعة عقود من الشعارات الفارغة، لا زالت فلسطين تحت حكم اليهود، ولا زال الرافضة وحلفاؤهم من الأحزاب الضالة يتاجرون بالقضية، بعد أن انقسمت فلسطين القديمة إلى ثلاثة أقسام، كل منها يحكم بحكومة طاغوتية تزعم العداء للأخرى.
- الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس يخضع لضوابط الشريعة
• إن وضع قضية فلسطين في إطارها الشرعي الصحيح، وكسر وثن «قضية المسلمين الأولى» الذي تم تعبيد الناس له لعقود، يجب أن يكون الأساس الذي ينبني أي عمل حقيقي باتجاه تلك البقعة المباركة من الأرض.
فقضية المسلمين الأولى هي إقامة التوحيد، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، ولأجلها أرسل الله الرسل وشرع الجهاد، لتطهير كل الأرض من الشرك، وتعبيدهم لرب العالمين عز وجل، كما قال تعالى: {وقاتلوهم حتىٰ لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله}، وينطبق على بيت المقدس وأكنافها في ذلك ما ينطبق على باقي الأرض، بل إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي اليهود لا يجوز إلا إذا كان في سبيل إزالة حكم الطاغوت عنها، وإقامة الدين فيها كاملا غير منقوص، أما أن يستبدل بحكم اليهود، حكم الطواغيت من أمثال من يحكم حاليا في غزة والضفة الغربية، فالجهاد في سبيل ذلك باطل، وهو قتال في سبيل الطاغوت، لا جهاد في سبيل الله.
ولو نظرنا إلى واقع الأرض اليوم لوجدناها تحكم كلها بالشرك وقوانينه، خلا بقاعا منها مكن الله الدولة الإسلامية من إقامة الدين فيها، والجهاد لدفع الكفار عن أراضي المسلمين المغصوبة واجب على المسلمين، ومنها بيت المقدس وأكنافها، وأرض الحرمين، وباقي ديار المسلمين، وبالتالي يتساوى الحكم على الجهاد في فلسطين مع غيره دون تمييز، ولو كان فضل الأرض يقدم خيار الجهاد فيها، فالجهاد لاستنقاذ مكة والمدينة من أيدي الطواغيت من آل سعود مقدم ولا شك على سائر بقاع الأرض.
ومن باب آخر فإن الله عز وجل أمر عباده أن يقاتلوا المشركين كلهم، دون استثناء لبعضهم دون بعض، أو تخصيصه ببعضهم دون بعض، فقال تعالى: {وقاتلوا المشركين كافةً كما يقاتلونكم كافةً واعلموا أن الله مع المتقين}، فما الذي أعطى لليهود الميزة من بين كل أصناف المشركين كي يحصر المنحرفون الجهاد بهم دون غيرهم، فالطواغيت المرتدون الحاكمون لديار الإسلام أشد كفرا منهم، وقتالهم مقدم على قتال المشركين الأصليين، فالجهاد المشروع يكون بقتال اليهود في فلسطين وبقتال الطواغيت وأتباعهم من المرتدين في كل مكان في الوقت نفسه، وكذلك الصليبيين، وكل المشركين في العالم، أما حصر الجهاد باليهود فقط فهو تبديل لشرع الله، واتباع لأهواء الطواغيت الذين يريدون منع المسلمين من جهاد المشركين والمرتدين في البلدان التي يحكمونها.
وكذلك فإن الله تعالى أمر المؤمنين أن يتوجهوا في جهادهم إلى الأقرب إليهم من الكفار، في إطار قتالهم للمشركين كافة، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}، وبالتالي فإن على المسلمين في كل مكان أن يقاتل كل منهم الأقرب إليه من الكفار، فيبدأ المسلمون تحت حكم اليهود بقتالهم، ويبدأ أهل الشام بقتال الطاغوت النصيري وغيره من أصناف المرتدين كالصحوات والـ PKK، ويبدأ المسلمون في العراق بقتال مرتدي الرافضة والبيشمركة والصحوات، والمسلمون في مصر وسيناء بقتال الطاغوت الحاكم لمصر، وهكذا في كل ديار الإسلام، حتى إذا انتهى المسلمون في أي قطر من الأقطار من قتال الكفار الذين يلونهم وأخضعوا أرضهم لحكم الله، انتقلوا إلى الكفار الذين يلونهم، وهكذا حتى تطهر الأرض من الشرك والكفر.
وتتأكد هذه الحقيقة إذا أخذنا بالحسبان أن الطواغيت في جوار بيت المقدس، يشكلون هم وجيوشهم خط الدفاع الأول عن دولة يهود، وبالتالي لا يمكن بحال التوصل إلى قتال اليهود إلا بالتخلص من هؤلاء الطواغيت وإزالة حكمهم، وتدمير جيوشهم، وبالتالي الوصول إلى تخوم دولة اليهود والاشتباك مع جيشهم بشكل مباشر.
إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس وأكنافه من أيدي اليهود والذي نسأل الله أن يكون قريبا، هو مسألة شرعية، تخضع لضوابط الشريعة في كل أجزائها، ولا يصح بحال أن يغلو أحد فيها فيرفعها فوق توحيد الله، مثلما لا يصح أن يتهاون فيها أحد ممن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا، فهو واجب شرعي، يجب على كل المسلمين العمل عليه، لكونه من ديار المسلمين التي استولى عليه الكفار اليهود، وحولوه إلى دار حرب، وحكموه بشريعة الطاغوت، ومنعوا فيه شعائر الإسلام، وقتلوا المسلمين، ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم من أرضهم، فقتال هؤلاء اليهود واجب على كل مسلم، ولكن هذا الواجب أوكد على أهل بيت المقدس لكونهم أقرب إليهم، على أن تكون غاية هذا القتال هي إقامة دين الله لا مجرد استعادة الأرض والمال، أو لمجرد الثأر من اليهود على جرائمهم طيلة العقود الماضية، وواجب على كل المسلمين في العالم إعانتهم في ذلك بما يستطيعون إيصاله إليهم من المال والرجال، وكذلك التخفيف عنهم، والنكاية في عدوهم عن طريق استهداف اليهود وحلفائهم أينما ثقفوهم، وقتلهم، وإتلاف أموالهم، وتعطيل مصالحهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
والجهاد لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي اليهود لا يبرر الانتساب إلى الفصائل والأحزاب المرتدة، مثل حزب اللات الرافضي، وحركة «الجهاد الإسلامي» المرتبطة بها، أو الحركات العلمانية والشيوعية، كحركة فتح والجبهتين الشعبية والديموقراطية، ولا الحركات المنتسبة للإسلام اسما، الممتنعة عن تنفيذ شرع الله حكما، المطبقة لشرك الديموقراطية واقعا كحركة حماس المرتدة.
فقتال الكفار تحت راية كفرية لا يجوز بحال، وإنما يجاهد المسلم تحت راية جماعة المسلمين فإن لم يستطع الالتحاق بالخلافة، فبيعتها وجهاده وحده أبرّ له عند الله من أن يهلك نفسه في سبيل إزالة حكم اليهود وإحلال حكم الأحزاب والفصائل الطاغوتية المرتدة.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقال:
بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً ...المزيد
• لعشرات السنين هيمنت قضية فلسطين واحتلال اليهود لها على مجمل حياة المسلمين في كل أنحاء العالم، فغلا فيها الغالون، وتاجر بها المتاجرون، حتى راج عند معظم الناس أن فلسطين هي قضية الإسلام الأولى، بعدما أعلن القوميون أنها قضية العرب الأولى، فلا يصح أن تطرح أي قضية أخرى ما لم تحرر فلسطين، لكي لا تتشتت الجهود وتضيع الإمكانيات، بل ولا يصح في نظر الكثيرين أي جهاد ما لم يكن في فلسطين، وبات دعاة الفتنة وعلماء السلاطين في كل مكان يستنكرون على المجاهدين في كل الساحات، ويلبسون على الجهلة بالسؤال: لماذا لا يجاهد هؤلاء في فلسطين؟
وتعدى الأمر بهؤلاء المنحرفين ليدخل في باب الولاء والبراء، إذ لم يعد هناك عدو للأمة المسلمة غير اليهود المحتلين لفلسطين، وحتى من أراد أن يوسع الدائرة لتشمل الصليبيين النصارى، انحرف عن الشريعة بإعلانه أن السبب الوحيد لعدائه لهم هو دعمهم لليهود، ولا عدو من الطواغيت إلا من صالح اليهود، أو تحالف معهم.
ومن جانب آخر صار كل من يعادي الدولة اليهودية بطلا محبوبا ترفع راياته، وتعلق صوره، بغض النظر عن دينه وعقيدته، وبهذا تعلقت قلوب الناس بالشيوعيين من أمثال مقاتلي الجبهتين الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين وحلفائهم من الحركات الماركسية العالمية لفترة من الزمن، ومُجّدوا، وسُمّي قتلاهم شهداء، رغم أنهم ملاحدة كفار، لا يؤمنون بالله ربّا، ولا بالإسلام دينا، ولا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا، ولكن كان يكفي عند أصحاب «قضية العرب الأولى» أنهم يقاتلون اليهود في فلسطين.
ثم تعلقت قلوبهم بالروافض الأنجاس من أمثال حزب اللات، وحركة أمل، لقتالهم لليهود في جنوب لبنان في السنوات الماضية، حتى وصل الأمر بالناس في حرب عام «2006» المعروفة بحرب تموز أن ارتفعت رايات الرافضة، وصور المرتد حسن نصر اللات في منازل الملايين من الناس.
وعلاوة على ذلك تعلقت قلوب عشرات الملايين من الناس بشرار الطواغيت العرب من أمثال جمال عبد الناصر، وحافظ الأسد، ومعمر القذافي، وصدام حسين، بسبب متاجرتهم بقضية فلسطين، وبيعهم الأوهام للمتعلقين بهم من خلال الخطابات الحماسية عن إلقاء اليهود في البحر، أو إحراق دولتهم بالصواريخ.
- الأحزاب المنحرفة
قضية المتاجرة بفلسطين تعدّت القوميين واليساريين والرافضة، حيث دخلت منذ زمن في صلب مناهج العمل للأحزاب والفصائل والجماعات التي تنتسب كذبا للإسلام، باعتبارها وسيلة لحشد الناس، وتوحيد الصف، حيث لم يجدوا في الساحة أمامهم قضية يُجمع عليها الناس غير قضية فلسطين التي تاجر بها الجميع دون استثناء، واستسهلوا بناء مناهجهم الحركية على أساس «قضية فلسطين» الذي أشرف على بنائه القوميون لعقود، وذلك لما وجدوه من بُعد للناس عن الدين، فسولت لهم أنفسهم أن يجمعوا الناس حولهم على هذا الأصل الفاسد وينطلقوا بهم -بزعمهم- لتحقيق الأهداف المعلنة لجماعاتهم في إقامة الدين وتطبيق الشريعة، دون أن يلتفتوا لاختلاف طبائع الناس ممن تجذبه الدعوات لاستنقاذ فلسطين وأنهم خليط من المسلمين والكفرة، من القوميين واليساريين، والنصارى، فهل يمكن أن يتم حشد هؤلاء جميعا لإنجاح أي مشروع «إسلامي» حقيقي؟.
وبعدما يقارب سبعة عقود من الشعارات الفارغة، لا زالت فلسطين تحت حكم اليهود، ولا زال الرافضة وحلفاؤهم من الأحزاب الضالة يتاجرون بالقضية، بعد أن انقسمت فلسطين القديمة إلى ثلاثة أقسام، كل منها يحكم بحكومة طاغوتية تزعم العداء للأخرى.
- الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس يخضع لضوابط الشريعة
• إن وضع قضية فلسطين في إطارها الشرعي الصحيح، وكسر وثن «قضية المسلمين الأولى» الذي تم تعبيد الناس له لعقود، يجب أن يكون الأساس الذي ينبني أي عمل حقيقي باتجاه تلك البقعة المباركة من الأرض.
فقضية المسلمين الأولى هي إقامة التوحيد، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، ولأجلها أرسل الله الرسل وشرع الجهاد، لتطهير كل الأرض من الشرك، وتعبيدهم لرب العالمين عز وجل، كما قال تعالى: {وقاتلوهم حتىٰ لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله}، وينطبق على بيت المقدس وأكنافها في ذلك ما ينطبق على باقي الأرض، بل إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي اليهود لا يجوز إلا إذا كان في سبيل إزالة حكم الطاغوت عنها، وإقامة الدين فيها كاملا غير منقوص، أما أن يستبدل بحكم اليهود، حكم الطواغيت من أمثال من يحكم حاليا في غزة والضفة الغربية، فالجهاد في سبيل ذلك باطل، وهو قتال في سبيل الطاغوت، لا جهاد في سبيل الله.
ولو نظرنا إلى واقع الأرض اليوم لوجدناها تحكم كلها بالشرك وقوانينه، خلا بقاعا منها مكن الله الدولة الإسلامية من إقامة الدين فيها، والجهاد لدفع الكفار عن أراضي المسلمين المغصوبة واجب على المسلمين، ومنها بيت المقدس وأكنافها، وأرض الحرمين، وباقي ديار المسلمين، وبالتالي يتساوى الحكم على الجهاد في فلسطين مع غيره دون تمييز، ولو كان فضل الأرض يقدم خيار الجهاد فيها، فالجهاد لاستنقاذ مكة والمدينة من أيدي الطواغيت من آل سعود مقدم ولا شك على سائر بقاع الأرض.
ومن باب آخر فإن الله عز وجل أمر عباده أن يقاتلوا المشركين كلهم، دون استثناء لبعضهم دون بعض، أو تخصيصه ببعضهم دون بعض، فقال تعالى: {وقاتلوا المشركين كافةً كما يقاتلونكم كافةً واعلموا أن الله مع المتقين}، فما الذي أعطى لليهود الميزة من بين كل أصناف المشركين كي يحصر المنحرفون الجهاد بهم دون غيرهم، فالطواغيت المرتدون الحاكمون لديار الإسلام أشد كفرا منهم، وقتالهم مقدم على قتال المشركين الأصليين، فالجهاد المشروع يكون بقتال اليهود في فلسطين وبقتال الطواغيت وأتباعهم من المرتدين في كل مكان في الوقت نفسه، وكذلك الصليبيين، وكل المشركين في العالم، أما حصر الجهاد باليهود فقط فهو تبديل لشرع الله، واتباع لأهواء الطواغيت الذين يريدون منع المسلمين من جهاد المشركين والمرتدين في البلدان التي يحكمونها.
وكذلك فإن الله تعالى أمر المؤمنين أن يتوجهوا في جهادهم إلى الأقرب إليهم من الكفار، في إطار قتالهم للمشركين كافة، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}، وبالتالي فإن على المسلمين في كل مكان أن يقاتل كل منهم الأقرب إليه من الكفار، فيبدأ المسلمون تحت حكم اليهود بقتالهم، ويبدأ أهل الشام بقتال الطاغوت النصيري وغيره من أصناف المرتدين كالصحوات والـ PKK، ويبدأ المسلمون في العراق بقتال مرتدي الرافضة والبيشمركة والصحوات، والمسلمون في مصر وسيناء بقتال الطاغوت الحاكم لمصر، وهكذا في كل ديار الإسلام، حتى إذا انتهى المسلمون في أي قطر من الأقطار من قتال الكفار الذين يلونهم وأخضعوا أرضهم لحكم الله، انتقلوا إلى الكفار الذين يلونهم، وهكذا حتى تطهر الأرض من الشرك والكفر.
وتتأكد هذه الحقيقة إذا أخذنا بالحسبان أن الطواغيت في جوار بيت المقدس، يشكلون هم وجيوشهم خط الدفاع الأول عن دولة يهود، وبالتالي لا يمكن بحال التوصل إلى قتال اليهود إلا بالتخلص من هؤلاء الطواغيت وإزالة حكمهم، وتدمير جيوشهم، وبالتالي الوصول إلى تخوم دولة اليهود والاشتباك مع جيشهم بشكل مباشر.
إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس وأكنافه من أيدي اليهود والذي نسأل الله أن يكون قريبا، هو مسألة شرعية، تخضع لضوابط الشريعة في كل أجزائها، ولا يصح بحال أن يغلو أحد فيها فيرفعها فوق توحيد الله، مثلما لا يصح أن يتهاون فيها أحد ممن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا، فهو واجب شرعي، يجب على كل المسلمين العمل عليه، لكونه من ديار المسلمين التي استولى عليه الكفار اليهود، وحولوه إلى دار حرب، وحكموه بشريعة الطاغوت، ومنعوا فيه شعائر الإسلام، وقتلوا المسلمين، ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم من أرضهم، فقتال هؤلاء اليهود واجب على كل مسلم، ولكن هذا الواجب أوكد على أهل بيت المقدس لكونهم أقرب إليهم، على أن تكون غاية هذا القتال هي إقامة دين الله لا مجرد استعادة الأرض والمال، أو لمجرد الثأر من اليهود على جرائمهم طيلة العقود الماضية، وواجب على كل المسلمين في العالم إعانتهم في ذلك بما يستطيعون إيصاله إليهم من المال والرجال، وكذلك التخفيف عنهم، والنكاية في عدوهم عن طريق استهداف اليهود وحلفائهم أينما ثقفوهم، وقتلهم، وإتلاف أموالهم، وتعطيل مصالحهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
والجهاد لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي اليهود لا يبرر الانتساب إلى الفصائل والأحزاب المرتدة، مثل حزب اللات الرافضي، وحركة «الجهاد الإسلامي» المرتبطة بها، أو الحركات العلمانية والشيوعية، كحركة فتح والجبهتين الشعبية والديموقراطية، ولا الحركات المنتسبة للإسلام اسما، الممتنعة عن تنفيذ شرع الله حكما، المطبقة لشرك الديموقراطية واقعا كحركة حماس المرتدة.
فقتال الكفار تحت راية كفرية لا يجوز بحال، وإنما يجاهد المسلم تحت راية جماعة المسلمين فإن لم يستطع الالتحاق بالخلافة، فبيعتها وجهاده وحده أبرّ له عند الله من أن يهلك نفسه في سبيل إزالة حكم اليهود وإحلال حكم الأحزاب والفصائل الطاغوتية المرتدة.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقال:
بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً ...المزيد
الجزيرة الأسيرة • مع كل موسم جديد من مواسم "هيئة الترفيه" السلولية الجاهلية، يشتد غضب الناس على ...
الجزيرة الأسيرة
• مع كل موسم جديد من مواسم "هيئة الترفيه" السلولية الجاهلية، يشتد غضب الناس على الاحتفالات الساقطة التي يتصدرها طغمة من فُسّاق العالم، دخلوا بلاد الحرمين بفتاوى من أجازوا وشرعنوا وأصّلوا لولاة أمورهم استجلاب النصارى واليهود إلى جزيرة العرب مهبط الوحي ومأرز الإسلام.
وللمفارقة، فإن المَعلم الأقذر في هذه المواسم الجاهلية، يقبع في حي (حطين) في الرياض وكأنها رسالة ما للحالمين بتحرير بيت القدس، أن سبيل تحريرها لا يكتمل إلا بتحرير الجزيرة الأسيرة منطلق الفتوحات الإسلامية.
مآرب ومشارب الغاضبين، تنوعت بين غاضب لمحارم الله تعالى وبلده الحرام، وغاضب لمآرب أخرى سياسية وحزبية، وفرق كبير بين من يوظّف الحَرم لينتصر لنفسه وحزبه!، وبين من ينتصر حقا للحَرم.
وآخرون منافقون يرون في الحدث فرصة لانتقاص دعوة التوحيد ومنهج السلف، فيطعنون في منهاج النبوة انتقاصا من حكام السعودية ومشايخهم، فهل حكام السعودية ومشايخهم وهيئاتهم يمثلون دعوة التوحيد ومنهج السلف؟!
وفريق راح يقلل من خطورة الأمر، بحجة أن المعصية في بلاد الحرمين وغيرها واحدة، وهذا صحيح خلا مكة والمدينة؛ لكنه ليس مبررا للتقليل من خطورة ما يجري من جهتين؛ الجهة الأولى: الاستخفاف بمكانة بلاد الحرمين في الإسلام وتبديد هيبتها وقدسيتها في قلوب المسلمين وهو هدف رئيس لهذه المواسم الجاهلية، ومن جهة ثانية: تكرار هذه المواسم الساقطة وما يجره ذلك من استمراء الجرم وتقبّله والتسليم به وصولا إلى التعايش معه!
ومن الأغاليط المتصلة بذلك، تفسير ما يجري على أنّ الغاية منه -فقط- إلهاء أهل الجزيرة عن سياسات ابن سلمان ومشاريعه في المنطقة، وهذا تقزيم للجرم وفهم منقوص للواقع، بل إنّ ما يجري غاية في حد ذاته، وهل هناك خطر أكبر من سلخ المسلم عن عقيدته وأخلاقه، وتدنيس مقدساته، وجلب عدوه إلى عقر داره؟! إنها حرب ممنهجة على بلاد الوحي، تهدف إلى "علمنتها" وإفساد أهلها وضرب قدسيتها.
وكما في كل مرة، توجهت سهام الغاضبين نحو تفاصيل الحفلات الهابطة أو نحو "هيئة الترفيه" الكافرة الساقطة على أفضل الأحوال، لكن سهام الغضب هذه لم توجه بشكل كاف إلى صدور "هيئة كبار العلماء!" الذين هم سدنة الطاغوت وغطاؤه الشرعي؛ ولا حتى إلى جنود الطاغوت وأوتاده حراس الشرك وحماة الرذيلة.
ولا شك أن شريحة من بلاد الحرمين يتملكهم الأسى والقهر على ما يرونه من مظاهر الفساد العريض في البلاد، لكنهم لا يقدرون على إعلاء صوتهم بالإنكار لهذا المنكر، خشية الأسر والقتل الذي يلوح به نظام آل سلول، وهو ما يحتم عليهم سلوك الطريق الوحيد الذي يمكّنهم من ذلك وهو الجهاد، إذ إنه لم يعد هناك سبيل لإنكار هذا المنكر إلا بوجود قوة تحمي الدعوة، ولا قوة للمؤمن بغير الجهاد.
وإن من الحِكم الإلهية في اختيار الجزيرة العربية مهدا للدين؛ أميّتها، وبالتالي خلوها من فلسفات وأفكار الأمم المحيطة بها كالروم والمجوس والبوذيين، ولذلك لم تأت دعوة التوحيد من "تبادل الثقافات" ولا "تنوع الحضارات"، بل جاءت من الوحي الإلهي، بينما يتنافس طواغيت الجزيرة اليوم على "الانفتاح" على كل "الحضارات" و "الثقافات" الجاهلية ونقلها إلى أرض الجزيرة لمزاحمة الوحي!!، بغية إفساد العقائد والأخلاق، فجمعوا بين شرين كبيرين، الأول: جلب الصليبيين واليهود! والثاني جلب عاداتهم وموروثاتهم الساقطة المصادمة لميراث النبوة!
واليوم ينفق طواغيت آل سلول مئات الملايين في الصد عن سبيل الله عبر التعاقد مع الساقطين والساقطات لإشاعة الفاحشة وإحياء الرذيلة وقتل الفضيلة وإماتة الحياء، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}.
ولأن سنن الله لا تحابي، فإن حالة الأمن التي يتفاخر بها أنصار الطاغوت في الجزيرة ويعيّرون بها غيرهم من البلاد، لن تدوم، والجرأة على حرمات الله والمبارزة بالفواحش والمجاهرة بالمعاصي والفسق إيذان بقرب القلاقل وبداية النهاية لقوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}، وهو عين ما يجري في بلاد الحرمين من تسلط حكامها ومترفيها وأكابر مجرميها إيذانا بقرب هلاكهم ودمارهم بإذن الله.
ولقد توعد الله تعالى من يحبون إشاعة الفاحشة بين المؤمنين بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وتأمل كيف أن الله تعالى علّق العقوبة والعذاب على مجرد محبة إذاعة الفاحشة وأخبارها، فكيف بمن يخطط ويجتهد وينفق الملايين لجلبها وتذليل أسبابها وتهيئة الأرض لها، وهو ما يفعله آل سلول بإظهار وإشاعة الفاحشة ونقلها واستيرادها من بلادها، بل كيف بما هو أعظم من كل الفواحش والكبائر وهو الشرك بالله والردة عن دينه بارتكاب نواقض الإيمان؟!، وهو ما تلبس به طواغيت آل سلول قديما وحديثا، ومنه على سبيل المثال لا الحصر: الموالاة لليهود والنصارى.
وهنا نقطة منهجية مهمة، فإن من يغضب لعقد حفل ماجن في بلاد الحرمين، ولا يغضب لعقد اجتماع للتحالف الصليبي في نفس البلاد، لديه مشكلة عقدية كبيرة، فإن آل سلول ما تجرأوا على عقد هذه الحفلات الساقطة العلنية إلا بعد سنوات من عقد التحالفات الجاهلية مع اليهود والنصارى، فهم جهة التخطيط وآل سلول جهة التنفيذ! فمن تغضبه السهرات ولا تهتز له شعرة أمام الشرك الذي استشرى في بلاد الحرمين حتى قبل عهد ابن سلمان، ومن يغضب لجلب الفاجرات ولم يغضب لجلب النصارى وجيوشهم ومستشاريهم من قبل، ومن تستفزه البغي الفاجرة ولا يستفزه الشيخ الذي أفتى بأنها ذمّية مستأمنة! وأوصى العساكر بحمايتها! من كان هذا حاله فليراجع عقيدته فإنه على خطر.
إن بلاد الجزيرة بحاجة ماسة إلى بدر جديدة، يفرّق الله بها بين الحق والباطل، ويُقتل فيها أئمة الكفر ويبرز فيها أئمة التوحيد وحملة رايته، إنها بحاجة ماسة لخروج المخلصين فيها من المرحلة المكية التي طالت، والارتقاء إلى المرحلة المدنية التي صبغت بالجهاد والقتال ضد دهاقنة الكفر وطواغيت الجزيرة.
أما جنود الخلافة في الولايات والمعسكرات، فلسان حال كل واحد منهم، بأننا لن نترك بلاد الوحي ومسقط رأس النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومدرج صحابته الكرام؛ لهؤلاء الكفرة الفجرة، إنّها الأرض التي ولد ونشأ فيها نبيّ الهدى، وسار فيها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الأصحاب، ولن نبيع ميراثهم، ولن نفرط في أمجادهم، ولن نخون وصيّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب).
▫ المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 470
الخميس 19 جمادى الأولى 1446 هـ ...المزيد
• مع كل موسم جديد من مواسم "هيئة الترفيه" السلولية الجاهلية، يشتد غضب الناس على الاحتفالات الساقطة التي يتصدرها طغمة من فُسّاق العالم، دخلوا بلاد الحرمين بفتاوى من أجازوا وشرعنوا وأصّلوا لولاة أمورهم استجلاب النصارى واليهود إلى جزيرة العرب مهبط الوحي ومأرز الإسلام.
وللمفارقة، فإن المَعلم الأقذر في هذه المواسم الجاهلية، يقبع في حي (حطين) في الرياض وكأنها رسالة ما للحالمين بتحرير بيت القدس، أن سبيل تحريرها لا يكتمل إلا بتحرير الجزيرة الأسيرة منطلق الفتوحات الإسلامية.
مآرب ومشارب الغاضبين، تنوعت بين غاضب لمحارم الله تعالى وبلده الحرام، وغاضب لمآرب أخرى سياسية وحزبية، وفرق كبير بين من يوظّف الحَرم لينتصر لنفسه وحزبه!، وبين من ينتصر حقا للحَرم.
وآخرون منافقون يرون في الحدث فرصة لانتقاص دعوة التوحيد ومنهج السلف، فيطعنون في منهاج النبوة انتقاصا من حكام السعودية ومشايخهم، فهل حكام السعودية ومشايخهم وهيئاتهم يمثلون دعوة التوحيد ومنهج السلف؟!
وفريق راح يقلل من خطورة الأمر، بحجة أن المعصية في بلاد الحرمين وغيرها واحدة، وهذا صحيح خلا مكة والمدينة؛ لكنه ليس مبررا للتقليل من خطورة ما يجري من جهتين؛ الجهة الأولى: الاستخفاف بمكانة بلاد الحرمين في الإسلام وتبديد هيبتها وقدسيتها في قلوب المسلمين وهو هدف رئيس لهذه المواسم الجاهلية، ومن جهة ثانية: تكرار هذه المواسم الساقطة وما يجره ذلك من استمراء الجرم وتقبّله والتسليم به وصولا إلى التعايش معه!
ومن الأغاليط المتصلة بذلك، تفسير ما يجري على أنّ الغاية منه -فقط- إلهاء أهل الجزيرة عن سياسات ابن سلمان ومشاريعه في المنطقة، وهذا تقزيم للجرم وفهم منقوص للواقع، بل إنّ ما يجري غاية في حد ذاته، وهل هناك خطر أكبر من سلخ المسلم عن عقيدته وأخلاقه، وتدنيس مقدساته، وجلب عدوه إلى عقر داره؟! إنها حرب ممنهجة على بلاد الوحي، تهدف إلى "علمنتها" وإفساد أهلها وضرب قدسيتها.
وكما في كل مرة، توجهت سهام الغاضبين نحو تفاصيل الحفلات الهابطة أو نحو "هيئة الترفيه" الكافرة الساقطة على أفضل الأحوال، لكن سهام الغضب هذه لم توجه بشكل كاف إلى صدور "هيئة كبار العلماء!" الذين هم سدنة الطاغوت وغطاؤه الشرعي؛ ولا حتى إلى جنود الطاغوت وأوتاده حراس الشرك وحماة الرذيلة.
ولا شك أن شريحة من بلاد الحرمين يتملكهم الأسى والقهر على ما يرونه من مظاهر الفساد العريض في البلاد، لكنهم لا يقدرون على إعلاء صوتهم بالإنكار لهذا المنكر، خشية الأسر والقتل الذي يلوح به نظام آل سلول، وهو ما يحتم عليهم سلوك الطريق الوحيد الذي يمكّنهم من ذلك وهو الجهاد، إذ إنه لم يعد هناك سبيل لإنكار هذا المنكر إلا بوجود قوة تحمي الدعوة، ولا قوة للمؤمن بغير الجهاد.
وإن من الحِكم الإلهية في اختيار الجزيرة العربية مهدا للدين؛ أميّتها، وبالتالي خلوها من فلسفات وأفكار الأمم المحيطة بها كالروم والمجوس والبوذيين، ولذلك لم تأت دعوة التوحيد من "تبادل الثقافات" ولا "تنوع الحضارات"، بل جاءت من الوحي الإلهي، بينما يتنافس طواغيت الجزيرة اليوم على "الانفتاح" على كل "الحضارات" و "الثقافات" الجاهلية ونقلها إلى أرض الجزيرة لمزاحمة الوحي!!، بغية إفساد العقائد والأخلاق، فجمعوا بين شرين كبيرين، الأول: جلب الصليبيين واليهود! والثاني جلب عاداتهم وموروثاتهم الساقطة المصادمة لميراث النبوة!
واليوم ينفق طواغيت آل سلول مئات الملايين في الصد عن سبيل الله عبر التعاقد مع الساقطين والساقطات لإشاعة الفاحشة وإحياء الرذيلة وقتل الفضيلة وإماتة الحياء، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}.
ولأن سنن الله لا تحابي، فإن حالة الأمن التي يتفاخر بها أنصار الطاغوت في الجزيرة ويعيّرون بها غيرهم من البلاد، لن تدوم، والجرأة على حرمات الله والمبارزة بالفواحش والمجاهرة بالمعاصي والفسق إيذان بقرب القلاقل وبداية النهاية لقوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}، وهو عين ما يجري في بلاد الحرمين من تسلط حكامها ومترفيها وأكابر مجرميها إيذانا بقرب هلاكهم ودمارهم بإذن الله.
ولقد توعد الله تعالى من يحبون إشاعة الفاحشة بين المؤمنين بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وتأمل كيف أن الله تعالى علّق العقوبة والعذاب على مجرد محبة إذاعة الفاحشة وأخبارها، فكيف بمن يخطط ويجتهد وينفق الملايين لجلبها وتذليل أسبابها وتهيئة الأرض لها، وهو ما يفعله آل سلول بإظهار وإشاعة الفاحشة ونقلها واستيرادها من بلادها، بل كيف بما هو أعظم من كل الفواحش والكبائر وهو الشرك بالله والردة عن دينه بارتكاب نواقض الإيمان؟!، وهو ما تلبس به طواغيت آل سلول قديما وحديثا، ومنه على سبيل المثال لا الحصر: الموالاة لليهود والنصارى.
وهنا نقطة منهجية مهمة، فإن من يغضب لعقد حفل ماجن في بلاد الحرمين، ولا يغضب لعقد اجتماع للتحالف الصليبي في نفس البلاد، لديه مشكلة عقدية كبيرة، فإن آل سلول ما تجرأوا على عقد هذه الحفلات الساقطة العلنية إلا بعد سنوات من عقد التحالفات الجاهلية مع اليهود والنصارى، فهم جهة التخطيط وآل سلول جهة التنفيذ! فمن تغضبه السهرات ولا تهتز له شعرة أمام الشرك الذي استشرى في بلاد الحرمين حتى قبل عهد ابن سلمان، ومن يغضب لجلب الفاجرات ولم يغضب لجلب النصارى وجيوشهم ومستشاريهم من قبل، ومن تستفزه البغي الفاجرة ولا يستفزه الشيخ الذي أفتى بأنها ذمّية مستأمنة! وأوصى العساكر بحمايتها! من كان هذا حاله فليراجع عقيدته فإنه على خطر.
إن بلاد الجزيرة بحاجة ماسة إلى بدر جديدة، يفرّق الله بها بين الحق والباطل، ويُقتل فيها أئمة الكفر ويبرز فيها أئمة التوحيد وحملة رايته، إنها بحاجة ماسة لخروج المخلصين فيها من المرحلة المكية التي طالت، والارتقاء إلى المرحلة المدنية التي صبغت بالجهاد والقتال ضد دهاقنة الكفر وطواغيت الجزيرة.
أما جنود الخلافة في الولايات والمعسكرات، فلسان حال كل واحد منهم، بأننا لن نترك بلاد الوحي ومسقط رأس النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومدرج صحابته الكرام؛ لهؤلاء الكفرة الفجرة، إنّها الأرض التي ولد ونشأ فيها نبيّ الهدى، وسار فيها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الأصحاب، ولن نبيع ميراثهم، ولن نفرط في أمجادهم، ولن نخون وصيّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب).
▫ المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 470
الخميس 19 جمادى الأولى 1446 هـ ...المزيد
مصلحون.. أم مفسدون؟ الفصائل والمناهج المنحرفة • كثيرة هي المحاولات التي قامت لإعادة الخلافة ...
مصلحون.. أم مفسدون؟ الفصائل والمناهج المنحرفة
• كثيرة هي المحاولات التي قامت لإعادة الخلافة وتطبيق الشريعة، وكثيرة هي الحركات التي عملت لتحقيق هذا الهدف السامي، وكثيرة هي التضحيات التي بذلت على الطريق، ولكن لم يتمكن أي من تلك الحركات من الوصول إلى هذه الغاية، حتى قدّر الله أن تقام على أيدي ثلة من المجاهدين في العراق والشام.
وكثيرة هي النظريات التي طرحت، والأقاويل التي قيلت، والأساطير التي صيغت، لتفسير هذا التوفيق الرباني لجنود الدولة الإسلامية وقادتها حتى مكنهم الله من إقامة الخلافة، دون أن يعيَ أغلب من خاض في هذه القضية أن هذا النجاح الذي يسره الله، إنما ملخصه الشعار الذي تبنته الدولة الإسلامية وهو (خلافة على منهاج النبوة)، إذ لا يعني هذا الشعار الالتزام بنهج النبوة في إدارة دولة الخلافة وشؤونها السياسية في مرحلة (ما بعد التمكين) فحسب، وإنما أيضاً الالتزام بالمنهج النبوي أثناء العمل على إعادة الخلافة، أي في مرحلة (ما قبل التمكين) أيضاً، وعلى طرفي حافة التمكين وقع الانحراف لدى معظم الفصائل والحركات التي قامت لإعادة الخلافة طيلة القرن الماضي.
فعلى الطرف الأول (قبل التمكين) نجد الكثير من الفصائل والأحزاب أرادت تطبيق الشريعة، وإعادة الخلافة، ولكنها سلكت في سبيل ذلك مناهج متعددة تختلف وتنحرف عن المنهج النبوي لتحقيق ذلك، فكانت النتيجة أكبر من مجرد الفشل في تحقيق الهدف، وإنما تعدته إلى انحراف هؤلاء عن السنة إلى البدعة، بل كثير منهم انحرف نحو الشرك والضلال، بينما كان هدفه الأول التوحيد والهداية.
في حين نجد على الطرف الآخر (بعد التمكين)، بعض الحركات والتنظيمات مكن الله لها في بقعة من الأرض، ولكنها انحرفت عن المنهج النبوي في الحكم، فحكمت بغير ما أنزل الله، وصار سعيها للحفاظ على ما بأيديها، لا إقامة حكم الله فيما مكنهم الله فيه من البلاد والعباد، فصاروا هم من جنس الطوائف الممتنعة التي خرجوا عليها، بل وصار رؤوسهم طواغيت جدد لا يختلفون عن الطواغيت الذين سبقوهم، إلا بلحاهم وشعاراتهم الإسلامية.
▪︎ مصلحون... أم مفسدون؟
إن من يرجع إلى جذور الانحراف في أغلب الفرق والطوائف، سيجد أنهم في كثير من الأحيان أرادوا الإصلاح، ولكنهم أفسدوا دينهم ودين من اتّبعهم، بأن سلكوا في محاولاتهم الإصلاحية هذه غير منهاج النبوة، واستحسنوا هذه المناهج البدعية، فضلّوا وأضلّوا، وكانوا من جملة من قال الله عز وجل فيهم: ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) [سورة الكهف: 103-104].
▪︎ الصوفية والمنهج المنحرف في إصلاح القلوب:
فإذا أخذنا مشركي الصوفية كمثال، نجد أن الصوفيين الأوائل إنما رأوا أن سبب الانحراف في الأمة هو فساد القلوب، وأن الإصلاح إنما يكون بصلاحها بناء على القاعدة النبوية (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب) رواه البخاري، ونجد أن الخلل الأكبر أصابهم عندما بحثوا عن إصلاح القلوب بمناهج أخرى لا تنتمي إلى الإسلام وشريعته، فوجدوا ضالتهم في طرائق الشرق التي تقوم على ادعاء إصلاح النفوس بهجر الملذات، والإكثار من الخلوات، واتباع مسالك معينة تؤدي بحسب ادعائهم إلى المعرفة، ولم يدرك معظم المتصوفة أن هذه المناهج إنما وضعها أهل الديانات الباطل لتناسب ما وضعوه من أديان، وأن هذه المناهج تطورت عبر آلاف السنين لتوافق أصول هذه الأديان الباطلة وحقائقها، وبالتالي من سلك هذه السبل فإنها ستؤدي به إلى الوصول إلى النتيجة ذاتها التي وصل إليها أصحاب تلك الأديان من الشرك والضلال، أو على الأقل إلى مكان قريب منها، ولكنه بالمحصلة خارج الإسلام.
▪︎ "الإخوان المسلمون".. والمنهج المنحرف في العمل السياسي:
وكذلك كان انحراف فرقة "الإخوان المسلمين" إذا أخذناها مثالا على الفرق التي رأى أصحابها أن الإصلاح إنما يكون طريق الوصول إلى الحكم بأي طريقة كانت، ومن ثم تحويل ما يقع تحت أيديهم إلى "مجتمع إسلامي"، ثم الوصول إلى الإصلاح الكامل عن طريق إقامة الدولة الإسلامية.
حيث وجد "الإخوان المسلمون" ومن سلك سبيلهم أن من المستحيل بمكان إقناع الطواغيت الحاكمين بأن يسلموهم السلطة، أو حتى أن يقوم هؤلاء الطواغيت بالإصلاح بأنفسهم، كما قصرت همتهم عن العمل على خلع هؤلاء الطواغيت، كما هو المنهج النبوي، لذا لجؤوا إلى المناهج والسبل الجاهلية في محاولتهم تحقيق أهدافهم، وكان اختيارهم الأنسب تبني الديموقراطية الشركية كمنهج عمل للوصول إلى السلطة، رغم اختلافهم على الحال بعد ذلك، بين زاعم أنه سيحطم صناديق الانتخابات بعد صعوده إلى السلطة عن طريقها، وبين مؤكد على الحفاظ عليها، بل وجعلها أصلا من أصول الإسلام، والعياذ بالله.
لم يدرك معظم هؤلاء أن الديموقراطية هي دين وضعي، وأن من وضعوه وطوروه على مدى آلاف السنين، صمموه لحكم مجتمعاتهم في غياب أي طاعة لرب العالمين في هذه المجتمعات، وبالتالي للوصول بمجتمعاتهم إلى الشرك المحض، والبعد التام عن اتّباع شريعة رب العالمين، وبالتالي إذا ما طُبّق هذا المنهج، وسُلك هذا السبيل في أي مكان في العالم، وعلى أي مجتمع من المجتمعات، فإنه سيؤدي بالمحصلة إلى الوصول إلى الحالة التي أرادها واضعو هذا الدين للمجتمعات الديموقراطية أن تصل إليه، مع اختلافات بسيطة تفرضها العوامل التاريخية والجغرافية.
▪︎ الفصائل المقاتلة.. والمنهج المنحرف في قتال الطواغيت:
وقريبٌ من حال هؤلاء، حال من علم من الفصائل أن الوصول إلى تطبيق شريعة رب العالمين لا يكون إلا عن طريق الجهاد، وأن هذا الطريق هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن نشأ الانحراف في جهادها لما حاولت استيراد الأفكار حول تكتيكات (حرب العصابات) التي طبقتها المنظمات والحركات الشيوعية الكوبية والفيتنامية وغيرها، دون أن ينتبهوا إلى خطورة تسلل ما يختلط بهذه الأفكار المستوردة من أدران مناهجهم الفاسدة.
فصارت مفاهيم من قبيل "الحاضنة الشعبية" و "عدم مسك الأرض" مبررات لدى هذا الفريق لعدم تطبيق شرع الله في الأرض التي مكنهم الله عز وجل فيها، وبامتناعهم عن تطبيق الشرعية متذرعين بهذه الأعذار غير الشرعية، صاروا من جنس الطوائف الممتنعة، بعد أن كان أساس خروجهم هو لتطبيق الشريعة، بل وتمادوا في منهجهم الضال بإعلانهم الحرب على من يريد تطبيق الشريعة، واتهامه بأنه يريد تخريب الجهاد، وتأليب "الحاضنة الشعبية"، وما إلى ذلك من التهم التي مرجعها الأول ما صاغوا جهادهم على أساسه من مفردات المنهج الشيوعي في (حرب العصابات)، وغفلتهم عن حقيقة أن هذا المنهج مستمد من عقيدة إلحادية لا تحل حلالاً، ولا تحرم حراماً، وأن المرجع الأول في تقييماتها هو المنفعة فقط، والحق عندهم هو ما يرون فيه نفعاً لحركاتهم، في حين أن المنهج الإسلامي إنما ينظر إلى شرعية الأفعال قبل النظر في ما يتوقع من مصالح ظنية تأتي من ورائها.
▪︎ لا منهج في الإصلاح غير منهج رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
إن كل منهج من المناهج إنما يؤدي إلى النتيجة التي وضع المنهج على أساسها، في الظروف ذاتها الموافقة لهذا المنهج، ومن أراد أن تكون نتيجة عمله إقامة شرع الله عز وجل، فلا يمكن له أن يتبع غير المنهج الإسلامي النبوي، لأنه المنهج الوحيد الذي ارتضاه الله عز وجل لنبيه -عليه الصلاة والسلام- أن يعمل من خلاله من بعثته وحتى وفاته، وأي انحراف عن هذا المنهج سيؤدي حتماً إلى انحراف عن دين الإسلام باتجاه الأديان الأخرى التي تم تطبيق مناهجها، فضلاً عن أنه لن يؤدي بحال إلى الوصول إلى النتيجة التي يرضاها الله من أعمالهم.
وعليه أن يقوم بتعميم القاعدة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) رواه البخاري، على كل أفعاله التعبدية، فيجاهد كما جاهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويحكم الأرض كما حكمها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويصلح نفسه ومجتمعه كما فعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 13
مقال:
مصلحون.. أم مفسدون؟
الفصائل والمناهج المنحرفة ...المزيد
• كثيرة هي المحاولات التي قامت لإعادة الخلافة وتطبيق الشريعة، وكثيرة هي الحركات التي عملت لتحقيق هذا الهدف السامي، وكثيرة هي التضحيات التي بذلت على الطريق، ولكن لم يتمكن أي من تلك الحركات من الوصول إلى هذه الغاية، حتى قدّر الله أن تقام على أيدي ثلة من المجاهدين في العراق والشام.
وكثيرة هي النظريات التي طرحت، والأقاويل التي قيلت، والأساطير التي صيغت، لتفسير هذا التوفيق الرباني لجنود الدولة الإسلامية وقادتها حتى مكنهم الله من إقامة الخلافة، دون أن يعيَ أغلب من خاض في هذه القضية أن هذا النجاح الذي يسره الله، إنما ملخصه الشعار الذي تبنته الدولة الإسلامية وهو (خلافة على منهاج النبوة)، إذ لا يعني هذا الشعار الالتزام بنهج النبوة في إدارة دولة الخلافة وشؤونها السياسية في مرحلة (ما بعد التمكين) فحسب، وإنما أيضاً الالتزام بالمنهج النبوي أثناء العمل على إعادة الخلافة، أي في مرحلة (ما قبل التمكين) أيضاً، وعلى طرفي حافة التمكين وقع الانحراف لدى معظم الفصائل والحركات التي قامت لإعادة الخلافة طيلة القرن الماضي.
فعلى الطرف الأول (قبل التمكين) نجد الكثير من الفصائل والأحزاب أرادت تطبيق الشريعة، وإعادة الخلافة، ولكنها سلكت في سبيل ذلك مناهج متعددة تختلف وتنحرف عن المنهج النبوي لتحقيق ذلك، فكانت النتيجة أكبر من مجرد الفشل في تحقيق الهدف، وإنما تعدته إلى انحراف هؤلاء عن السنة إلى البدعة، بل كثير منهم انحرف نحو الشرك والضلال، بينما كان هدفه الأول التوحيد والهداية.
في حين نجد على الطرف الآخر (بعد التمكين)، بعض الحركات والتنظيمات مكن الله لها في بقعة من الأرض، ولكنها انحرفت عن المنهج النبوي في الحكم، فحكمت بغير ما أنزل الله، وصار سعيها للحفاظ على ما بأيديها، لا إقامة حكم الله فيما مكنهم الله فيه من البلاد والعباد، فصاروا هم من جنس الطوائف الممتنعة التي خرجوا عليها، بل وصار رؤوسهم طواغيت جدد لا يختلفون عن الطواغيت الذين سبقوهم، إلا بلحاهم وشعاراتهم الإسلامية.
▪︎ مصلحون... أم مفسدون؟
إن من يرجع إلى جذور الانحراف في أغلب الفرق والطوائف، سيجد أنهم في كثير من الأحيان أرادوا الإصلاح، ولكنهم أفسدوا دينهم ودين من اتّبعهم، بأن سلكوا في محاولاتهم الإصلاحية هذه غير منهاج النبوة، واستحسنوا هذه المناهج البدعية، فضلّوا وأضلّوا، وكانوا من جملة من قال الله عز وجل فيهم: ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) [سورة الكهف: 103-104].
▪︎ الصوفية والمنهج المنحرف في إصلاح القلوب:
فإذا أخذنا مشركي الصوفية كمثال، نجد أن الصوفيين الأوائل إنما رأوا أن سبب الانحراف في الأمة هو فساد القلوب، وأن الإصلاح إنما يكون بصلاحها بناء على القاعدة النبوية (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب) رواه البخاري، ونجد أن الخلل الأكبر أصابهم عندما بحثوا عن إصلاح القلوب بمناهج أخرى لا تنتمي إلى الإسلام وشريعته، فوجدوا ضالتهم في طرائق الشرق التي تقوم على ادعاء إصلاح النفوس بهجر الملذات، والإكثار من الخلوات، واتباع مسالك معينة تؤدي بحسب ادعائهم إلى المعرفة، ولم يدرك معظم المتصوفة أن هذه المناهج إنما وضعها أهل الديانات الباطل لتناسب ما وضعوه من أديان، وأن هذه المناهج تطورت عبر آلاف السنين لتوافق أصول هذه الأديان الباطلة وحقائقها، وبالتالي من سلك هذه السبل فإنها ستؤدي به إلى الوصول إلى النتيجة ذاتها التي وصل إليها أصحاب تلك الأديان من الشرك والضلال، أو على الأقل إلى مكان قريب منها، ولكنه بالمحصلة خارج الإسلام.
▪︎ "الإخوان المسلمون".. والمنهج المنحرف في العمل السياسي:
وكذلك كان انحراف فرقة "الإخوان المسلمين" إذا أخذناها مثالا على الفرق التي رأى أصحابها أن الإصلاح إنما يكون طريق الوصول إلى الحكم بأي طريقة كانت، ومن ثم تحويل ما يقع تحت أيديهم إلى "مجتمع إسلامي"، ثم الوصول إلى الإصلاح الكامل عن طريق إقامة الدولة الإسلامية.
حيث وجد "الإخوان المسلمون" ومن سلك سبيلهم أن من المستحيل بمكان إقناع الطواغيت الحاكمين بأن يسلموهم السلطة، أو حتى أن يقوم هؤلاء الطواغيت بالإصلاح بأنفسهم، كما قصرت همتهم عن العمل على خلع هؤلاء الطواغيت، كما هو المنهج النبوي، لذا لجؤوا إلى المناهج والسبل الجاهلية في محاولتهم تحقيق أهدافهم، وكان اختيارهم الأنسب تبني الديموقراطية الشركية كمنهج عمل للوصول إلى السلطة، رغم اختلافهم على الحال بعد ذلك، بين زاعم أنه سيحطم صناديق الانتخابات بعد صعوده إلى السلطة عن طريقها، وبين مؤكد على الحفاظ عليها، بل وجعلها أصلا من أصول الإسلام، والعياذ بالله.
لم يدرك معظم هؤلاء أن الديموقراطية هي دين وضعي، وأن من وضعوه وطوروه على مدى آلاف السنين، صمموه لحكم مجتمعاتهم في غياب أي طاعة لرب العالمين في هذه المجتمعات، وبالتالي للوصول بمجتمعاتهم إلى الشرك المحض، والبعد التام عن اتّباع شريعة رب العالمين، وبالتالي إذا ما طُبّق هذا المنهج، وسُلك هذا السبيل في أي مكان في العالم، وعلى أي مجتمع من المجتمعات، فإنه سيؤدي بالمحصلة إلى الوصول إلى الحالة التي أرادها واضعو هذا الدين للمجتمعات الديموقراطية أن تصل إليه، مع اختلافات بسيطة تفرضها العوامل التاريخية والجغرافية.
▪︎ الفصائل المقاتلة.. والمنهج المنحرف في قتال الطواغيت:
وقريبٌ من حال هؤلاء، حال من علم من الفصائل أن الوصول إلى تطبيق شريعة رب العالمين لا يكون إلا عن طريق الجهاد، وأن هذا الطريق هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن نشأ الانحراف في جهادها لما حاولت استيراد الأفكار حول تكتيكات (حرب العصابات) التي طبقتها المنظمات والحركات الشيوعية الكوبية والفيتنامية وغيرها، دون أن ينتبهوا إلى خطورة تسلل ما يختلط بهذه الأفكار المستوردة من أدران مناهجهم الفاسدة.
فصارت مفاهيم من قبيل "الحاضنة الشعبية" و "عدم مسك الأرض" مبررات لدى هذا الفريق لعدم تطبيق شرع الله في الأرض التي مكنهم الله عز وجل فيها، وبامتناعهم عن تطبيق الشرعية متذرعين بهذه الأعذار غير الشرعية، صاروا من جنس الطوائف الممتنعة، بعد أن كان أساس خروجهم هو لتطبيق الشريعة، بل وتمادوا في منهجهم الضال بإعلانهم الحرب على من يريد تطبيق الشريعة، واتهامه بأنه يريد تخريب الجهاد، وتأليب "الحاضنة الشعبية"، وما إلى ذلك من التهم التي مرجعها الأول ما صاغوا جهادهم على أساسه من مفردات المنهج الشيوعي في (حرب العصابات)، وغفلتهم عن حقيقة أن هذا المنهج مستمد من عقيدة إلحادية لا تحل حلالاً، ولا تحرم حراماً، وأن المرجع الأول في تقييماتها هو المنفعة فقط، والحق عندهم هو ما يرون فيه نفعاً لحركاتهم، في حين أن المنهج الإسلامي إنما ينظر إلى شرعية الأفعال قبل النظر في ما يتوقع من مصالح ظنية تأتي من ورائها.
▪︎ لا منهج في الإصلاح غير منهج رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
إن كل منهج من المناهج إنما يؤدي إلى النتيجة التي وضع المنهج على أساسها، في الظروف ذاتها الموافقة لهذا المنهج، ومن أراد أن تكون نتيجة عمله إقامة شرع الله عز وجل، فلا يمكن له أن يتبع غير المنهج الإسلامي النبوي، لأنه المنهج الوحيد الذي ارتضاه الله عز وجل لنبيه -عليه الصلاة والسلام- أن يعمل من خلاله من بعثته وحتى وفاته، وأي انحراف عن هذا المنهج سيؤدي حتماً إلى انحراف عن دين الإسلام باتجاه الأديان الأخرى التي تم تطبيق مناهجها، فضلاً عن أنه لن يؤدي بحال إلى الوصول إلى النتيجة التي يرضاها الله من أعمالهم.
وعليه أن يقوم بتعميم القاعدة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) رواه البخاري، على كل أفعاله التعبدية، فيجاهد كما جاهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويحكم الأرض كما حكمها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويصلح نفسه ومجتمعه كما فعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 13
مقال:
مصلحون.. أم مفسدون؟
الفصائل والمناهج المنحرفة ...المزيد
فتوحات جنود الخلافة في الولايات الليبيّة... إنّ مع العسر يُسراً • أثبتت تطورات الأوضاع في ليبيا، ...
فتوحات جنود الخلافة في الولايات الليبيّة... إنّ مع العسر يُسراً
• أثبتت تطورات الأوضاع في ليبيا، أن المشروع العالمي للدولة الإسلامية ليس قضية إعلامية تحاول الدولة الإسلامية من خلاله جذب المزيد من الانتباه كما يزعم قادة الفصائل والتنظيمات المنحرفة، وليس قضية لتجنيد المزيد من الأتباع، أو بحثا عن مزيد من الموارد كما يعتقد السياسيون والمحللون في الغرب الصليبي، وإنما هو تطبيق حقيقي لمفهوم الخلافة الراشدة التي أعادت الدولة الإسلامية إقامتها بعد قرون طويلة من إزالتها على أيدي الملوك والسلاطين.
فالخلافة في مفهومها السياسي الشرعي تتضمن قيادة واحدة تجمع المسلمين كلهم تحت راية واحدة، ولذلك كان إجماع فقهاء الإسلام على عدم جواز وجود إمامين في وقت واحد إلا في ظروف قاهرة، وذلك حرصا على وحدتهم، ومخافة تفرقهم وتنازعهم مع تعدد أئمتهم.
ففي الوقت الذي يحشد الصليبيون والرافضة أبصار العالم ليركزوها على أكاذيب انتصارهم النهائي في (الرمادي)، تتقدم قوة من جيش الخلافة على بعد آلاف الكيلومترات، لتسيطر على مدينة حيوية في شمال أفريقيا، وبالتحديد قرب الهلال النفطي الليبي المتموضع حول خليج (سرت) على شواطئ البحر المتوسط، فكان فتح مدينة (بن جواد)، واقتحام ميناء (السدرة النفطي)، وتهديد مدينة (رأس لانوف) الحيوية، إنذارا بالخطر للدول الصليبية التي تحاول صرف أنظار شعوبها عن تمدد الدولة الإسلامية في هذه البقعة الهامة من العالم بموقعها وثرواتها، خوفا من أن يعكر ذلك صفو احتفالاتهم بالانتصارات الزائفة لهم ولحلفائهم في العراق والشام.
ومن جانب آخر فإن الدول الصليبية تعرف حقيقة واقع الدولة الإسلامية في ليبيا جيدا، وتعرف واقع أعدائها بدرجة أكبر، ففي الداخل الليبي كمّ كبير من الفصائل المتنافسة على الأموال والموارد، منقسمة إلى أكثر من معسكر، يتنازعون أكثر من حكومة، ويتقاتلون بعدة جيوش، ويتورط كل منهم في عدة عمليات عسكرية باهظة التكاليف، وقد فشلت كل المحاولات لجمعهم وتوحيدهم، فما يفرّق بينهم من المطامع أكثر مما يجمعهم، وما في يد كل منهم من الموارد ومصادر القوة يغنيه عن الاضطرار للاجتماع مع أعدائه، وفي ظل هذا الواقع تبقى الدولة الإسلامية هي القوة الوحيدة المجتمعة على قلب رجل واحد في وجه أعدائها، باتباعها أمر رجل واحد هو أمير المؤمنين تقبله الله.
وإذا وسعنا الدائرة أكثر وجدنا أن محيط ليبيا القارّي يشمل مجموعة من الدول الهشة سياسيا كما في مصر والجزائر وتونس والسودان التي تحكمها حاليا أنظمة طاغوتية غير مستقرة، في حين أن بعضها الآخر ليس أكثر من أنظمة حكم بدائية كما هو الحال في تشاد ومالي، بالإضافة لذلك فإن هذه الدول المحيطة بولايات الدولة الإسلامية في ليبيا متورطة أصلا في حرب مفتوحة مع الدولة الإسلامية، فجيش الردة المصري منغمس حتى أذنيه في الحرب التي استنزفته في ولاية سيناء، كما أن المفارز الأمنية صعدت من عملياتها في قلب (القاهرة) عاصمة النظام الطاغوتي وفي ضواحيها، في حين ظهرت بوادر لنشاط سرايا من جيش الخلافة في الصحراء الغربية من مصر، أما تشاد ومالي فهما متورطتان في حرب شرسة مع جنود الخلافة في كل من الصحراء وولاية غرب إفريقية، تزيد من إضعاف قدرتيهما على الدخول في حرب إضافية على حدودهما الشمالية، أما الجزائر وتونس، فإن العمليات فيهما قد بدأت، وخاصة في تونس حيث العمليات الأمنية القوية للمفارز الأمنية عصفت ببنية اقتصاد حكومة الطاغوت فيها، كما ظهر -بفضل الله- أول الغيث في مناطق من شرق ولاية الجزائر بإطلاق جنود الخلافة فيها لعملياتهم ضد جيش الردة.
إن معرفة الصليبيين بهذا الواقع جيدا دفعتهم إلى المسارعة بإعلان العزم على تشكيل حلف عسكري دولي جديد لقتال الدولة الإسلامية في الولايات الليبية، في نفس الوقت الذي يجتهدون فيه لجمع الفصائل في ليبيا في إطار حكومة "وحدة وطنية" ستكون مهمتها الأولى قتال الدولة الإسلامية.
إن فتح هذه الجبهة الجديدة على الصليبيين وأعوانهم المرتدين، سيعني -بإذن الله- مزيدا من التشتت بالنسبة لقواتهم، وفي الوقت نفسه سيزيد من مساهمة المسلمين في حربهم، حيث باتت ولايات الدولة الإسلامية في ليبيا مهاجر المجاهدين ممن سدت في وجوههم طرق الهجرة إلى العراق والشام، وخاصة من مصر والسودان والمغرب ودول الصحراء وأوروبا، وصدق الله عز وجل الذي قال في كتابه (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا).
▪︎ صحيفة النبأ – العدد 13
السنة السابعة - الثلاثاء 1 ربيع الآخر 1437 هـ
المقال الافتتاحي:
فتوحات جنود الخلافة في الولايات الليبيّة...
إنّ مع العسر يُسراً ...المزيد
• أثبتت تطورات الأوضاع في ليبيا، أن المشروع العالمي للدولة الإسلامية ليس قضية إعلامية تحاول الدولة الإسلامية من خلاله جذب المزيد من الانتباه كما يزعم قادة الفصائل والتنظيمات المنحرفة، وليس قضية لتجنيد المزيد من الأتباع، أو بحثا عن مزيد من الموارد كما يعتقد السياسيون والمحللون في الغرب الصليبي، وإنما هو تطبيق حقيقي لمفهوم الخلافة الراشدة التي أعادت الدولة الإسلامية إقامتها بعد قرون طويلة من إزالتها على أيدي الملوك والسلاطين.
فالخلافة في مفهومها السياسي الشرعي تتضمن قيادة واحدة تجمع المسلمين كلهم تحت راية واحدة، ولذلك كان إجماع فقهاء الإسلام على عدم جواز وجود إمامين في وقت واحد إلا في ظروف قاهرة، وذلك حرصا على وحدتهم، ومخافة تفرقهم وتنازعهم مع تعدد أئمتهم.
ففي الوقت الذي يحشد الصليبيون والرافضة أبصار العالم ليركزوها على أكاذيب انتصارهم النهائي في (الرمادي)، تتقدم قوة من جيش الخلافة على بعد آلاف الكيلومترات، لتسيطر على مدينة حيوية في شمال أفريقيا، وبالتحديد قرب الهلال النفطي الليبي المتموضع حول خليج (سرت) على شواطئ البحر المتوسط، فكان فتح مدينة (بن جواد)، واقتحام ميناء (السدرة النفطي)، وتهديد مدينة (رأس لانوف) الحيوية، إنذارا بالخطر للدول الصليبية التي تحاول صرف أنظار شعوبها عن تمدد الدولة الإسلامية في هذه البقعة الهامة من العالم بموقعها وثرواتها، خوفا من أن يعكر ذلك صفو احتفالاتهم بالانتصارات الزائفة لهم ولحلفائهم في العراق والشام.
ومن جانب آخر فإن الدول الصليبية تعرف حقيقة واقع الدولة الإسلامية في ليبيا جيدا، وتعرف واقع أعدائها بدرجة أكبر، ففي الداخل الليبي كمّ كبير من الفصائل المتنافسة على الأموال والموارد، منقسمة إلى أكثر من معسكر، يتنازعون أكثر من حكومة، ويتقاتلون بعدة جيوش، ويتورط كل منهم في عدة عمليات عسكرية باهظة التكاليف، وقد فشلت كل المحاولات لجمعهم وتوحيدهم، فما يفرّق بينهم من المطامع أكثر مما يجمعهم، وما في يد كل منهم من الموارد ومصادر القوة يغنيه عن الاضطرار للاجتماع مع أعدائه، وفي ظل هذا الواقع تبقى الدولة الإسلامية هي القوة الوحيدة المجتمعة على قلب رجل واحد في وجه أعدائها، باتباعها أمر رجل واحد هو أمير المؤمنين تقبله الله.
وإذا وسعنا الدائرة أكثر وجدنا أن محيط ليبيا القارّي يشمل مجموعة من الدول الهشة سياسيا كما في مصر والجزائر وتونس والسودان التي تحكمها حاليا أنظمة طاغوتية غير مستقرة، في حين أن بعضها الآخر ليس أكثر من أنظمة حكم بدائية كما هو الحال في تشاد ومالي، بالإضافة لذلك فإن هذه الدول المحيطة بولايات الدولة الإسلامية في ليبيا متورطة أصلا في حرب مفتوحة مع الدولة الإسلامية، فجيش الردة المصري منغمس حتى أذنيه في الحرب التي استنزفته في ولاية سيناء، كما أن المفارز الأمنية صعدت من عملياتها في قلب (القاهرة) عاصمة النظام الطاغوتي وفي ضواحيها، في حين ظهرت بوادر لنشاط سرايا من جيش الخلافة في الصحراء الغربية من مصر، أما تشاد ومالي فهما متورطتان في حرب شرسة مع جنود الخلافة في كل من الصحراء وولاية غرب إفريقية، تزيد من إضعاف قدرتيهما على الدخول في حرب إضافية على حدودهما الشمالية، أما الجزائر وتونس، فإن العمليات فيهما قد بدأت، وخاصة في تونس حيث العمليات الأمنية القوية للمفارز الأمنية عصفت ببنية اقتصاد حكومة الطاغوت فيها، كما ظهر -بفضل الله- أول الغيث في مناطق من شرق ولاية الجزائر بإطلاق جنود الخلافة فيها لعملياتهم ضد جيش الردة.
إن معرفة الصليبيين بهذا الواقع جيدا دفعتهم إلى المسارعة بإعلان العزم على تشكيل حلف عسكري دولي جديد لقتال الدولة الإسلامية في الولايات الليبية، في نفس الوقت الذي يجتهدون فيه لجمع الفصائل في ليبيا في إطار حكومة "وحدة وطنية" ستكون مهمتها الأولى قتال الدولة الإسلامية.
إن فتح هذه الجبهة الجديدة على الصليبيين وأعوانهم المرتدين، سيعني -بإذن الله- مزيدا من التشتت بالنسبة لقواتهم، وفي الوقت نفسه سيزيد من مساهمة المسلمين في حربهم، حيث باتت ولايات الدولة الإسلامية في ليبيا مهاجر المجاهدين ممن سدت في وجوههم طرق الهجرة إلى العراق والشام، وخاصة من مصر والسودان والمغرب ودول الصحراء وأوروبا، وصدق الله عز وجل الذي قال في كتابه (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا).
▪︎ صحيفة النبأ – العدد 13
السنة السابعة - الثلاثاء 1 ربيع الآخر 1437 هـ
المقال الافتتاحي:
فتوحات جنود الخلافة في الولايات الليبيّة...
إنّ مع العسر يُسراً ...المزيد
العداوَة وَالبَغضَاء شرعا وقدرا ▪︎ أصل العداوة والبغضاء قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وأصل ...
العداوَة وَالبَغضَاء شرعا وقدرا
▪︎ أصل العداوة والبغضاء
قال ابن تيمية -رحمه الله-:
"وأصل الموالاة هي المحبة كما أن أصل المعاداة البغض، فإن التحاب يوجب التقارب والاتفاق والتباغض يوجب التباعد والاختلاف" [قاعدة في المحبة]
• من العداوة والبغضاء المأمور بها شرعا
- عداوة المؤمنين وبغضهم للكفار
والدليل قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: ٤]
- بغض المؤمنين للكفر
والدليل قول نبينا عليه الصلاة والسلام: (وأن يَكْرَهَ أن يعودَ في الكفرِ بعدَ إذ أنقذَهُ اللهُ منهُ كما يَكْرَهُ أن يُقذَفَ في النَّارِ) [البخاري]
• من العداوة والبغضاء الواقعة قدرا بإذن الله
- إغراء العداوة والبغضاء بين النصارى
والدليل قوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: ١٤]
- إلقاء العداوة والبغضاء بين اليهود
والدليل قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: ٦٤]
- العداوة بين عموم الكفار
والدليل قوله تعالى: {بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} [الحشر: ١٤]
- تبغيض الله الكفر والفسوق إلى المؤمنين
والدليل قوله تعالى: {وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: ٧]
▫️المصدر: إنفوغرافيك النبأ - العداوَة وَالبَغضَاء شرعا وقدرا
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 464
الخميس 7 ربيع الآخر 1446 هـ ...المزيد
▪︎ أصل العداوة والبغضاء
قال ابن تيمية -رحمه الله-:
"وأصل الموالاة هي المحبة كما أن أصل المعاداة البغض، فإن التحاب يوجب التقارب والاتفاق والتباغض يوجب التباعد والاختلاف" [قاعدة في المحبة]
• من العداوة والبغضاء المأمور بها شرعا
- عداوة المؤمنين وبغضهم للكفار
والدليل قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: ٤]
- بغض المؤمنين للكفر
والدليل قول نبينا عليه الصلاة والسلام: (وأن يَكْرَهَ أن يعودَ في الكفرِ بعدَ إذ أنقذَهُ اللهُ منهُ كما يَكْرَهُ أن يُقذَفَ في النَّارِ) [البخاري]
• من العداوة والبغضاء الواقعة قدرا بإذن الله
- إغراء العداوة والبغضاء بين النصارى
والدليل قوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: ١٤]
- إلقاء العداوة والبغضاء بين اليهود
والدليل قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: ٦٤]
- العداوة بين عموم الكفار
والدليل قوله تعالى: {بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} [الحشر: ١٤]
- تبغيض الله الكفر والفسوق إلى المؤمنين
والدليل قوله تعالى: {وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: ٧]
▫️المصدر: إنفوغرافيك النبأ - العداوَة وَالبَغضَاء شرعا وقدرا
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 464
الخميس 7 ربيع الآخر 1446 هـ ...المزيد
إنّا لمطامعكم بالمرصاد • تمتلئ الساحة اليوم بمشاريع توسُّعية ومطامع سياسية وعسكرية لطواغيت الشرق ...
إنّا لمطامعكم بالمرصاد
• تمتلئ الساحة اليوم بمشاريع توسُّعية ومطامع سياسية وعسكرية لطواغيت الشرق والغرب، في استكمال لدورة "عهد الاستخراب" الذي غزا بلاد المسلمين قديما وما تزال فصوله مستمرة، وكل ذلك لا يخرج عن إطار الحرب على الإسلام التي لم تتوقف منذ بدء البعثة النبوية.
وعند النظر إلى حقيقة هذه المشاريع والأطماع التي تغزو المنطقة؛ نجد أنها امتدادات وتتمّات للمشاريع والمخططات الكبرى التي حاكتها قوى الكفر الصليبية واليهودية والشيوعية التي غزت بلاد المسلمين طويلا، أو هي انعكاسات لثارات دينية تاريخية كالفارسية المجوسية التي حطمها المسلمون قديما.
ولئن كانت الحكومات المرتدة تحتفل اليوم بذكرى "الاستقلال" المزعوم و "التحرر" الموهوم؛ فإن الحقيقة تقول إن هذه الدول لم تستقل عن الغزاة ولم تتحرر من سطوتهم، وإنما أخذ الغزو شكلا آخر أكثر خطرا ومكرا، بدليل أن قادة الغزاة الذين دخلوا البلاد بالأمس عنوة بقوة السلاح، يدخلون اليوم نفس البلاد بالترحيب والاستقبال الرسمي من الحكومات "المستقلة" و "المتحررة"!
على الخارطة، فبلاد الشام تتناوشها أطماع الغزاة مجددا، من سوريا التي حكمها البعث بإرث شيوعي، ثم غزاها الرافضة بتوطئة نصيرية ودعم وأحقاد فارسية، شاركتها مطامع روسية تنافسية، إلى الأردن الذي قام نظامه على السياسات البريطانية والأمريكية الضامنة لسلامة واستقرار أمن اليهود، مرورا بلبنان الذي يخضع عسكريا لأذرع إيران الفارسية ويتبع سياسيا للوصاية الفرنسية، وصولا إلى فلسطين التي سلمتها بريطانيا إلى اليهود الذين يحظون بدعم أمريكا الصليبية والتي تغرس قواعدها العسكرية في شرق الفرات والعراق وغيرها، وتفرض وصايتها على الجزيرة العربية بتواطؤ وتبعية حكامها الخونة المرتدين.
وعموما، لا يخرج المشهد في سائر بلاد المسلمين عن التوصيف السابق؛ غزو ومخططات قديمة بمطامع متجددة، وحكومات محلية مرتدة تنفذ سياسات الغزاة بكل دقة.
وفي أحدث مثال على تجدُّد خطط الغزو والمشاريع القديمة، جرأت حرب غزة اليهود الكافرين على تكرار الإعلان والتصريح في محافل رسمية بما أسموه "مشروع إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات" والذي يعلنون بكل وضوح أنه لا يقتصر على أرض فلسطين فحسب! بل يمتد إلى أجزاء من سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر وحتى الجزيرة العربية.
وليس خفيا أيضا خط الغزو الرافضي الإيراني الجديب، الذي يستهدف ما يسمى منطقة "الهلال الخصيب"، وهو مخطط إيران الفارسية الإستراتيجي الذي تسعى بكل قوتها لتحقيقه، عبر تمكين ميليشياتها وأذرعها هنا وهناك تحت شعارات "المقاومة" و "القدس" التي تمر بمدن وعواصم المسلمين كما صرحوا مرارا بذلك تماما كما يفعل اليهود.
والحكومة التركية بماضيها العلماني الصرف وحاضرها العلماني المتستر خلف غربال الإخوان المرتدين بقيادة "أتاتورغان"، هي الأخرى تمدّ يد المطامع تحت أكمام الإغاثة، وتروّج لمشروعها القومي العلماني عبر الاستثمار في جراحات المسلمين ومآسيهم، وقد عمدت إلى تحقيق مطامعها التوسُّعية بطريقة عسكرية مباشرة عن طريق قواعدها في شمال العراق، أو عن طريق بيادقها وفصائلها الذين وصل بهم الأمر أن فاقوا حكومتهم المركزية، ففرضوا في مناطقهم لغتها ورفعوا أعلامها واستعملوا عملتها!، وهو ما نعاينه في "الشمال المحرر" الذي يروجون فيه لـ "كيان سني" ينفذ أجندة "الغزاة" على مذهب أتاتورك.
وعلى ذات الخط تسعى الأحزاب الكردية ومن يتبعها من الميليشيات على اختلاف تشكيلاتها، للحصول على موطئ قدم بين الأطراف المتصارعة، فتارة يستجدون أوروبا وأمريكا، وتارة يشرقون لروسيا والصين، ويتوددون ليهود بين هذا وذاك، علهم يجدون من يعينهم على تحقيق حلمهم "كردستان" الذي أرقهم منذ عقود، فيستعملهم القاصي والداني في مشاريعه، وهم يجهدون معهم ويصدقون وعودهم، كما كانوا وما زالوا عونا للرافضة في العراق، فيتعنتون معهم سياسيا ويعينونهم عسكريا في الحرب على المسلمين، وكذا حالهم في الشام لما دعمتهم أمريكا في الحرب على المجاهدين، ثم تركتهم يواجهون مصيرهم المحتوم.
وأما إفريقية فقد سارت لها الدول والميليشيات تهافتا من كل حدب، فبعد سنوات من التسلط الأوروبي والأمريكي، جاء الدور على الروس وحلفائهم الصينيين لينقبوا في أرض إفريقية بحثا عن مطامعهم وتقاسما للتركة.
وبغض النظر عن الأشكال التي تأخذها هذه المخططات والمشاريع، سواء كانت مباشرة سافرة أو متسترة خلف شعارات وعناوين مخادعة، وسواء كانت تستخدم "القوة الخشنة" بالنار والحديد أو "الناعمة" بالإعلام والمؤامرات والسياسة، وسواء كان أربابها يتحدثون الإنجليزية أو الروسية أو الفارسية أو العبرية أو حتى العربية، إلا أنها تشترك في نفس الغاية وهي الحرب على الإسلام مصداقا لقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}، فهذا هو دافع كل هذه الحروب والتدافع الذي تغطيه هذه المشاريع والمطامع، ولذلك النصر في هذه الحروب هو حليف المسلمين قطعا، وهو ما تؤكده الوعود الإلهية والنبوية التي هي جزء لا يتجزأ من عقيدتنا.
وعليه، فإننا نقول لكل هؤلاء الغزاة والطامعين على رسلكم! لا يؤزكم الجشع والطمع ولا تأخذكم الحماسة أن توغلوا في أوهامكم، فترسموا خرائط وتخطوا حدودا وتلوِّنوا أقاليمَ وتطلقوا عليها الأسماء، فإنا لمطامعكم لبالمرصاد، وقد حشدنا لهدم مشاريعكم الأجناد لا نقاتلكم بالعدد والعدة، بل بإيمان راسخ ومنهاج لم تخترقه كل حملات غزوكم الفكري وهو باق على سيرته الأولى يوم سحق أجدادنا الفاتحون أجدادكم الغزاة فلم يبقوا منهم كسرى ولا قيصر، وإنا سائرون -بحول الله وقوته- على طريقهم، ماضون باقون على نهجهم إلى أن يرث المتقون الأرض كما بشّرنا سبحانه ووعد في كتابه العزيز: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
وإن المجاهدين اليوم يعيدون رسم خارطة العالم بالتوحيد والجهاد، وكما كسروا الحدود من قبل بين العراق والشام فإنهم سيعيدون الكرة بإذن الله، وكما أسدلوا الستار على كثير من المشاريع والمؤامرات وأحبطوها، فإنهم سيواصلون تصديهم لمطامع ومؤامرات الكافرين بالوسيلة الشرعية الربانية، الجهاد في سبيل الله، طاعة لله وخلافة له في أرضه وسعيا لتحقيق وعده سبحانه القائل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ}، فالوعد بنصر الإسلام والتمكين له في الأرض قائم قادم فليحرص كل مسلم على أن يكون من أهل هذا الوعد بسيره على كتاب ربه وهدي نبيه، والله لا يخلف الميعاد.
▫️ المصدر: مقتطف من افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 464
الخميس 7 ربيع الآخر 1446 هـ ...المزيد
• تمتلئ الساحة اليوم بمشاريع توسُّعية ومطامع سياسية وعسكرية لطواغيت الشرق والغرب، في استكمال لدورة "عهد الاستخراب" الذي غزا بلاد المسلمين قديما وما تزال فصوله مستمرة، وكل ذلك لا يخرج عن إطار الحرب على الإسلام التي لم تتوقف منذ بدء البعثة النبوية.
وعند النظر إلى حقيقة هذه المشاريع والأطماع التي تغزو المنطقة؛ نجد أنها امتدادات وتتمّات للمشاريع والمخططات الكبرى التي حاكتها قوى الكفر الصليبية واليهودية والشيوعية التي غزت بلاد المسلمين طويلا، أو هي انعكاسات لثارات دينية تاريخية كالفارسية المجوسية التي حطمها المسلمون قديما.
ولئن كانت الحكومات المرتدة تحتفل اليوم بذكرى "الاستقلال" المزعوم و "التحرر" الموهوم؛ فإن الحقيقة تقول إن هذه الدول لم تستقل عن الغزاة ولم تتحرر من سطوتهم، وإنما أخذ الغزو شكلا آخر أكثر خطرا ومكرا، بدليل أن قادة الغزاة الذين دخلوا البلاد بالأمس عنوة بقوة السلاح، يدخلون اليوم نفس البلاد بالترحيب والاستقبال الرسمي من الحكومات "المستقلة" و "المتحررة"!
على الخارطة، فبلاد الشام تتناوشها أطماع الغزاة مجددا، من سوريا التي حكمها البعث بإرث شيوعي، ثم غزاها الرافضة بتوطئة نصيرية ودعم وأحقاد فارسية، شاركتها مطامع روسية تنافسية، إلى الأردن الذي قام نظامه على السياسات البريطانية والأمريكية الضامنة لسلامة واستقرار أمن اليهود، مرورا بلبنان الذي يخضع عسكريا لأذرع إيران الفارسية ويتبع سياسيا للوصاية الفرنسية، وصولا إلى فلسطين التي سلمتها بريطانيا إلى اليهود الذين يحظون بدعم أمريكا الصليبية والتي تغرس قواعدها العسكرية في شرق الفرات والعراق وغيرها، وتفرض وصايتها على الجزيرة العربية بتواطؤ وتبعية حكامها الخونة المرتدين.
وعموما، لا يخرج المشهد في سائر بلاد المسلمين عن التوصيف السابق؛ غزو ومخططات قديمة بمطامع متجددة، وحكومات محلية مرتدة تنفذ سياسات الغزاة بكل دقة.
وفي أحدث مثال على تجدُّد خطط الغزو والمشاريع القديمة، جرأت حرب غزة اليهود الكافرين على تكرار الإعلان والتصريح في محافل رسمية بما أسموه "مشروع إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات" والذي يعلنون بكل وضوح أنه لا يقتصر على أرض فلسطين فحسب! بل يمتد إلى أجزاء من سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر وحتى الجزيرة العربية.
وليس خفيا أيضا خط الغزو الرافضي الإيراني الجديب، الذي يستهدف ما يسمى منطقة "الهلال الخصيب"، وهو مخطط إيران الفارسية الإستراتيجي الذي تسعى بكل قوتها لتحقيقه، عبر تمكين ميليشياتها وأذرعها هنا وهناك تحت شعارات "المقاومة" و "القدس" التي تمر بمدن وعواصم المسلمين كما صرحوا مرارا بذلك تماما كما يفعل اليهود.
والحكومة التركية بماضيها العلماني الصرف وحاضرها العلماني المتستر خلف غربال الإخوان المرتدين بقيادة "أتاتورغان"، هي الأخرى تمدّ يد المطامع تحت أكمام الإغاثة، وتروّج لمشروعها القومي العلماني عبر الاستثمار في جراحات المسلمين ومآسيهم، وقد عمدت إلى تحقيق مطامعها التوسُّعية بطريقة عسكرية مباشرة عن طريق قواعدها في شمال العراق، أو عن طريق بيادقها وفصائلها الذين وصل بهم الأمر أن فاقوا حكومتهم المركزية، ففرضوا في مناطقهم لغتها ورفعوا أعلامها واستعملوا عملتها!، وهو ما نعاينه في "الشمال المحرر" الذي يروجون فيه لـ "كيان سني" ينفذ أجندة "الغزاة" على مذهب أتاتورك.
وعلى ذات الخط تسعى الأحزاب الكردية ومن يتبعها من الميليشيات على اختلاف تشكيلاتها، للحصول على موطئ قدم بين الأطراف المتصارعة، فتارة يستجدون أوروبا وأمريكا، وتارة يشرقون لروسيا والصين، ويتوددون ليهود بين هذا وذاك، علهم يجدون من يعينهم على تحقيق حلمهم "كردستان" الذي أرقهم منذ عقود، فيستعملهم القاصي والداني في مشاريعه، وهم يجهدون معهم ويصدقون وعودهم، كما كانوا وما زالوا عونا للرافضة في العراق، فيتعنتون معهم سياسيا ويعينونهم عسكريا في الحرب على المسلمين، وكذا حالهم في الشام لما دعمتهم أمريكا في الحرب على المجاهدين، ثم تركتهم يواجهون مصيرهم المحتوم.
وأما إفريقية فقد سارت لها الدول والميليشيات تهافتا من كل حدب، فبعد سنوات من التسلط الأوروبي والأمريكي، جاء الدور على الروس وحلفائهم الصينيين لينقبوا في أرض إفريقية بحثا عن مطامعهم وتقاسما للتركة.
وبغض النظر عن الأشكال التي تأخذها هذه المخططات والمشاريع، سواء كانت مباشرة سافرة أو متسترة خلف شعارات وعناوين مخادعة، وسواء كانت تستخدم "القوة الخشنة" بالنار والحديد أو "الناعمة" بالإعلام والمؤامرات والسياسة، وسواء كان أربابها يتحدثون الإنجليزية أو الروسية أو الفارسية أو العبرية أو حتى العربية، إلا أنها تشترك في نفس الغاية وهي الحرب على الإسلام مصداقا لقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}، فهذا هو دافع كل هذه الحروب والتدافع الذي تغطيه هذه المشاريع والمطامع، ولذلك النصر في هذه الحروب هو حليف المسلمين قطعا، وهو ما تؤكده الوعود الإلهية والنبوية التي هي جزء لا يتجزأ من عقيدتنا.
وعليه، فإننا نقول لكل هؤلاء الغزاة والطامعين على رسلكم! لا يؤزكم الجشع والطمع ولا تأخذكم الحماسة أن توغلوا في أوهامكم، فترسموا خرائط وتخطوا حدودا وتلوِّنوا أقاليمَ وتطلقوا عليها الأسماء، فإنا لمطامعكم لبالمرصاد، وقد حشدنا لهدم مشاريعكم الأجناد لا نقاتلكم بالعدد والعدة، بل بإيمان راسخ ومنهاج لم تخترقه كل حملات غزوكم الفكري وهو باق على سيرته الأولى يوم سحق أجدادنا الفاتحون أجدادكم الغزاة فلم يبقوا منهم كسرى ولا قيصر، وإنا سائرون -بحول الله وقوته- على طريقهم، ماضون باقون على نهجهم إلى أن يرث المتقون الأرض كما بشّرنا سبحانه ووعد في كتابه العزيز: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
وإن المجاهدين اليوم يعيدون رسم خارطة العالم بالتوحيد والجهاد، وكما كسروا الحدود من قبل بين العراق والشام فإنهم سيعيدون الكرة بإذن الله، وكما أسدلوا الستار على كثير من المشاريع والمؤامرات وأحبطوها، فإنهم سيواصلون تصديهم لمطامع ومؤامرات الكافرين بالوسيلة الشرعية الربانية، الجهاد في سبيل الله، طاعة لله وخلافة له في أرضه وسعيا لتحقيق وعده سبحانه القائل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ}، فالوعد بنصر الإسلام والتمكين له في الأرض قائم قادم فليحرص كل مسلم على أن يكون من أهل هذا الوعد بسيره على كتاب ربه وهدي نبيه، والله لا يخلف الميعاد.
▫️ المصدر: مقتطف من افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 464
الخميس 7 ربيع الآخر 1446 هـ ...المزيد
نقاط على الحروف • حتى لو لم يسفك الرافضة قطرة دم واحدة منا، فإننا في عداء معهم، نصرة واتّباعا ...
نقاط على الحروف
• حتى لو لم يسفك الرافضة قطرة دم واحدة منا، فإننا في عداء معهم، نصرة واتّباعا لديننا، فالرافضة كفار بطعنهم في كتاب ربنا وعرض نبينا وصحابته، من قبل أن يقاتلونا، والعداء معهم عداء ديني لا ينتهي إلا بإسلامهم، ولا ينقص مثقال ذرة بقتالهم لليهود أو تمسُّحهم بفلسطين.
هذه عقيدة أهل السنة في الرافضة، مع التأكيد على أن رافضة زماننا أشد كفرا وحرابة من رافضة الأمس، وأكثر تجبُّرا وجرأة على دين المسلمين وعقيدتهم ومقدساتهم وأعراضهم، وإن ما ندين الله تعالى به أن العداء القائم بين اليهود والرافضة قلّ أو كثُر، ليس من جنس أو درجة العداء بين المسلمين واليهود، وأن الصراع الدائر بين اليهود والرافضة طال أم قصر، هو صراع جاهلي بين طرفين كافرين محاربين للإسلام، الأول كافر أصلي والثاني مرتد ردة مغلّظة، وأن الفتنة الحاصلة بتغلُّب الرافضة أشد من فتنة تغلُّب اليهود؛ لأن مفسدة تغلُّب الرافضة فتنة لاحقة بالدين، ومفسدة تغلُّب اليهود -مع علم العامة بكفرهم نصًّا-، مفسدة لاحقة بالأنفس والأموال، ومعلوم أن حفظ الدين مقدم على حفظ النفس، وأن هلاك الأنفس المسلمة مع كونه عظيما، إلا أنه لا يعدل فساد الدين والفتنة فيه، إذْ إنّ العامة بعيدون عن الافتتان باليهودية، لكنهم ليسوا بعيدين عن الافتتان بالرافضة خصوصا في ظل اختراقهم لقضية فلسطين وأحزابها، ولذلك كان بعض من عاصر "الصراع اليهودي-القومي" يدعو أن لا يتغلّب "الناصريون" على اليهود، لئلا يُفتن الناس بالقومية في دينهم، وهذا لا يخالف فيه إلا من يقدّم مصلحة حزبه على مصلحة الإسلام.
وإن بيانات النعي والترضي والترحم التي انهمرت من فصائل الإخوان المرتدين على قائد حزب الشيطان، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فسجلهم طويل في الترحم على الكافرين بكل مللهم، وأرشيف بياناتهم يمتلئ بألقاب "الشهادة" التي وزعوها على قتلى النصارى! والعلمانيين! والوطنيين! والشيوعيين! وليس الرافضة استثناء؛ وإنّ بطلان جواز الترحم على الرافضة المرتدين، من أظهر المسائل الفقهية، دليلها في تحريم استغفار النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمه أبي طالب الذي دافع عنه طيلة حياته، قال تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}، ودليلها كذلك تحريم استغفار النبي -صلى الله عليه وسلم- لوالديه، لحديث الإمام مسلم عَنْ أَبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول اللَّه قال: (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي!)، إنها العقيدة التي لم تحابِ حتى مقام النبوة المبجّل، فالإسلام الذي لم يسمح بالاستغفار لعمّ رسول الله ووالديه؛ لأنهم ماتوا على الكفر، أيسمح بالاستغفار لزعيم حزب الشيطان وزبانيته الكفرة الفجرة؟!، وقطعا للطريق على من يقسّم الرافضة اليوم إلى فرق وطوائف ويفرّق بينها في الحكم؛ فإن زعيم حزب الشيطان من رؤوس الطائفة الاثني عشرية الإمامية التي أجمع علماء الملة على تكفيرهم، وهذا نقوله تنزُّلا وإظهارا لبطلان مذهب من ترحم على هذا الطاغوت، متوسّعا للرافضة عاذرا لهم، أما مذهبنا، فالرافضة اليوم بكل فرقهم وأطيافهم سواء في الحكم، أئمتهم وأتباعهم، قادتهم وجنودهم، ممتنعون كفار بأعيانهم.
والمتأمل في بيانات فصائل الإخوان المترحّمة على الرافضة الكافرين، ولازم خطاباتهم وصريح تصريحاتهم؛ يجد أن القوم تعدّوا حدود "الاضطرار" الذي زعموه في البداية، وأن علاقتهم بالرافضة تخطت عتبة "التقاء المصالح" إلى التولي والموالاة ورهن المصير بالمصير.
ولمّا كانت عقيدة الولاء والبراء هي الحائط الذي يصطدم به أولياء إيران المتألمون لمصابها؛ اختلق هؤلاء منهجا مشوّها مسخا، فصاروا يتحدثون عن ولاء وبراء مركّب بطريقة غريبة عجيبة تشبه خلطات العطّارين ووصفات الطّبّاخين، خليط ومزيج هجين يجمع عبثا بين الإسلام والكفر!، تحريفا للتوحيد وتمييعا للعقيدة لتناسب "المقاس الإخواني-الرافضي"، وحركاته التي تماهت وانسجمت وانصهرت في المحور الإيراني، حتى صاروا يحرّمون على الناس الفرح بمقتل طاغوت من أشد الطواغيت حربا للإسلام، بذريعة أن هذا الفرح يصب في مصلحة اليهود الكافرين! ولا ندري أين كانت هذه "الموازين الحساسة" لمقاييس الفرح والحزن عند اشتداد الحرب الصليبية على الدولة الإسلامية، وأين كان "فقهاء الإحساس" هؤلاء من الفرح والشماتة بمصاب المسلمين في الموصل والباغوز والرقة وغيرها، فقط لأنهم جنود وذراري ورعايا الدولة الإسلامية!! وليتهم شمتوا وسكتوا، بل تزاحمت فتاواهم بالتحريض عليها ولم يتوسّعوا لها في أوج الحرب عليها، ولم يوسّعوا دائرة الأعذار لها كما يفعلون اليوم مع الرافضة ومطاياهم؟! بل اختاروا "الحسم" و "المفاصلة" معها وأعلنوا الحرب عليها، فحققوا البراءة التامة منها خلافا لموقفهم من الرافضة اليوم! وبعد كل هذا يناظر ويحاضر الإخوان المرتدون في الولاء والبراء وهم ضده ونقيضه على الدوام، حتى قيل: إن أردت أن تعرف الباطل، فانظر أين وقف الإخوان المرتدون، فحيثما وقفوا وتحالفوا فهو الباطل.
في الميدان، أثبتت الأحداث هشاشة المحور الرافضي من الداخل حتى صار مضرب المثل في الاختراق، ولا عجب أن يسهل اختراقه لأسباب عديدة منها شبكات المخدرات والبغاء التي يديرها الحزب الرافضي في أوروبا وتعد شريانا أساسيا لاقتصاده، ومن عجيب تناقضات فصائل الإخوان المرتدين، أنهم صاروا يعقدون مقارنات بين "حصانة" صفوف كتائبهم و "هشاشة" صفوف حزب الشيطان! فلماذا تحالفتم معهم إذن؟! طمعا في هشاشتهم أم زهدا في حصانتكم؟!
ورغم خسائر محور إيران الفادحة واغتيال أبرز قادته بضربات دقيقة خاطفة؛ إلا أن "المحور" ما زال يلتزم بـ "الخطوط الحمراء" ولا يتعدّاها، فيقصر قصفه على "القواعد والمدرجات العسكرية" المخلاة! ويمتنع عن استهداف التجمُّعات البشرية اليهودية التزاما حرفيًّا بتحذيرات اليهود العلنية والسرية، ولذلك لا "نكاية" في صفوف اليهود حتى الآن في القصف الإيراني "الأول والثاني".
وحتى لو تجاوز الصراع بين اليهود والرافضة هذا الحد ووصل مراحل أكثر حدة، فإنه لا يجعله جهادا في سبيل الله، ولا أملا للمسلمين، ولا يغيّر من واقع الفريقين شيئا، فكلاهما عدو للإسلام، والمنحاز إلى أي الفريقين خاسر.
ختاما، على المسلمين في سائر المنطقة أن يستعدوا لفصول المواجهة؛ فإن الرافضة عوّدونا على أن يصبوا غضبهم على المسلمين، وأن ينتقموا من دماء السنة، وإن لم تتأهب جبهة السنة لذلك ستدفع مزيدا من أثمان القعود والتخلف عن الجهاد.
▫ المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 463
الخميس 30 ربيع الأول 1446 هـ ...المزيد
• حتى لو لم يسفك الرافضة قطرة دم واحدة منا، فإننا في عداء معهم، نصرة واتّباعا لديننا، فالرافضة كفار بطعنهم في كتاب ربنا وعرض نبينا وصحابته، من قبل أن يقاتلونا، والعداء معهم عداء ديني لا ينتهي إلا بإسلامهم، ولا ينقص مثقال ذرة بقتالهم لليهود أو تمسُّحهم بفلسطين.
هذه عقيدة أهل السنة في الرافضة، مع التأكيد على أن رافضة زماننا أشد كفرا وحرابة من رافضة الأمس، وأكثر تجبُّرا وجرأة على دين المسلمين وعقيدتهم ومقدساتهم وأعراضهم، وإن ما ندين الله تعالى به أن العداء القائم بين اليهود والرافضة قلّ أو كثُر، ليس من جنس أو درجة العداء بين المسلمين واليهود، وأن الصراع الدائر بين اليهود والرافضة طال أم قصر، هو صراع جاهلي بين طرفين كافرين محاربين للإسلام، الأول كافر أصلي والثاني مرتد ردة مغلّظة، وأن الفتنة الحاصلة بتغلُّب الرافضة أشد من فتنة تغلُّب اليهود؛ لأن مفسدة تغلُّب الرافضة فتنة لاحقة بالدين، ومفسدة تغلُّب اليهود -مع علم العامة بكفرهم نصًّا-، مفسدة لاحقة بالأنفس والأموال، ومعلوم أن حفظ الدين مقدم على حفظ النفس، وأن هلاك الأنفس المسلمة مع كونه عظيما، إلا أنه لا يعدل فساد الدين والفتنة فيه، إذْ إنّ العامة بعيدون عن الافتتان باليهودية، لكنهم ليسوا بعيدين عن الافتتان بالرافضة خصوصا في ظل اختراقهم لقضية فلسطين وأحزابها، ولذلك كان بعض من عاصر "الصراع اليهودي-القومي" يدعو أن لا يتغلّب "الناصريون" على اليهود، لئلا يُفتن الناس بالقومية في دينهم، وهذا لا يخالف فيه إلا من يقدّم مصلحة حزبه على مصلحة الإسلام.
وإن بيانات النعي والترضي والترحم التي انهمرت من فصائل الإخوان المرتدين على قائد حزب الشيطان، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فسجلهم طويل في الترحم على الكافرين بكل مللهم، وأرشيف بياناتهم يمتلئ بألقاب "الشهادة" التي وزعوها على قتلى النصارى! والعلمانيين! والوطنيين! والشيوعيين! وليس الرافضة استثناء؛ وإنّ بطلان جواز الترحم على الرافضة المرتدين، من أظهر المسائل الفقهية، دليلها في تحريم استغفار النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمه أبي طالب الذي دافع عنه طيلة حياته، قال تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}، ودليلها كذلك تحريم استغفار النبي -صلى الله عليه وسلم- لوالديه، لحديث الإمام مسلم عَنْ أَبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول اللَّه قال: (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي!)، إنها العقيدة التي لم تحابِ حتى مقام النبوة المبجّل، فالإسلام الذي لم يسمح بالاستغفار لعمّ رسول الله ووالديه؛ لأنهم ماتوا على الكفر، أيسمح بالاستغفار لزعيم حزب الشيطان وزبانيته الكفرة الفجرة؟!، وقطعا للطريق على من يقسّم الرافضة اليوم إلى فرق وطوائف ويفرّق بينها في الحكم؛ فإن زعيم حزب الشيطان من رؤوس الطائفة الاثني عشرية الإمامية التي أجمع علماء الملة على تكفيرهم، وهذا نقوله تنزُّلا وإظهارا لبطلان مذهب من ترحم على هذا الطاغوت، متوسّعا للرافضة عاذرا لهم، أما مذهبنا، فالرافضة اليوم بكل فرقهم وأطيافهم سواء في الحكم، أئمتهم وأتباعهم، قادتهم وجنودهم، ممتنعون كفار بأعيانهم.
والمتأمل في بيانات فصائل الإخوان المترحّمة على الرافضة الكافرين، ولازم خطاباتهم وصريح تصريحاتهم؛ يجد أن القوم تعدّوا حدود "الاضطرار" الذي زعموه في البداية، وأن علاقتهم بالرافضة تخطت عتبة "التقاء المصالح" إلى التولي والموالاة ورهن المصير بالمصير.
ولمّا كانت عقيدة الولاء والبراء هي الحائط الذي يصطدم به أولياء إيران المتألمون لمصابها؛ اختلق هؤلاء منهجا مشوّها مسخا، فصاروا يتحدثون عن ولاء وبراء مركّب بطريقة غريبة عجيبة تشبه خلطات العطّارين ووصفات الطّبّاخين، خليط ومزيج هجين يجمع عبثا بين الإسلام والكفر!، تحريفا للتوحيد وتمييعا للعقيدة لتناسب "المقاس الإخواني-الرافضي"، وحركاته التي تماهت وانسجمت وانصهرت في المحور الإيراني، حتى صاروا يحرّمون على الناس الفرح بمقتل طاغوت من أشد الطواغيت حربا للإسلام، بذريعة أن هذا الفرح يصب في مصلحة اليهود الكافرين! ولا ندري أين كانت هذه "الموازين الحساسة" لمقاييس الفرح والحزن عند اشتداد الحرب الصليبية على الدولة الإسلامية، وأين كان "فقهاء الإحساس" هؤلاء من الفرح والشماتة بمصاب المسلمين في الموصل والباغوز والرقة وغيرها، فقط لأنهم جنود وذراري ورعايا الدولة الإسلامية!! وليتهم شمتوا وسكتوا، بل تزاحمت فتاواهم بالتحريض عليها ولم يتوسّعوا لها في أوج الحرب عليها، ولم يوسّعوا دائرة الأعذار لها كما يفعلون اليوم مع الرافضة ومطاياهم؟! بل اختاروا "الحسم" و "المفاصلة" معها وأعلنوا الحرب عليها، فحققوا البراءة التامة منها خلافا لموقفهم من الرافضة اليوم! وبعد كل هذا يناظر ويحاضر الإخوان المرتدون في الولاء والبراء وهم ضده ونقيضه على الدوام، حتى قيل: إن أردت أن تعرف الباطل، فانظر أين وقف الإخوان المرتدون، فحيثما وقفوا وتحالفوا فهو الباطل.
في الميدان، أثبتت الأحداث هشاشة المحور الرافضي من الداخل حتى صار مضرب المثل في الاختراق، ولا عجب أن يسهل اختراقه لأسباب عديدة منها شبكات المخدرات والبغاء التي يديرها الحزب الرافضي في أوروبا وتعد شريانا أساسيا لاقتصاده، ومن عجيب تناقضات فصائل الإخوان المرتدين، أنهم صاروا يعقدون مقارنات بين "حصانة" صفوف كتائبهم و "هشاشة" صفوف حزب الشيطان! فلماذا تحالفتم معهم إذن؟! طمعا في هشاشتهم أم زهدا في حصانتكم؟!
ورغم خسائر محور إيران الفادحة واغتيال أبرز قادته بضربات دقيقة خاطفة؛ إلا أن "المحور" ما زال يلتزم بـ "الخطوط الحمراء" ولا يتعدّاها، فيقصر قصفه على "القواعد والمدرجات العسكرية" المخلاة! ويمتنع عن استهداف التجمُّعات البشرية اليهودية التزاما حرفيًّا بتحذيرات اليهود العلنية والسرية، ولذلك لا "نكاية" في صفوف اليهود حتى الآن في القصف الإيراني "الأول والثاني".
وحتى لو تجاوز الصراع بين اليهود والرافضة هذا الحد ووصل مراحل أكثر حدة، فإنه لا يجعله جهادا في سبيل الله، ولا أملا للمسلمين، ولا يغيّر من واقع الفريقين شيئا، فكلاهما عدو للإسلام، والمنحاز إلى أي الفريقين خاسر.
ختاما، على المسلمين في سائر المنطقة أن يستعدوا لفصول المواجهة؛ فإن الرافضة عوّدونا على أن يصبوا غضبهم على المسلمين، وأن ينتقموا من دماء السنة، وإن لم تتأهب جبهة السنة لذلك ستدفع مزيدا من أثمان القعود والتخلف عن الجهاد.
▫ المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 463
الخميس 30 ربيع الأول 1446 هـ ...المزيد
بئس المسار وبئس المصير • لقد كفى الله المؤمنين شرور طغمة كبيرة من قادة الرافضة الكفرة الفجرة ...
بئس المسار وبئس المصير
• لقد كفى الله المؤمنين شرور طغمة كبيرة من قادة الرافضة الكفرة الفجرة القتلة، بتسليط اليهود عليهم في جولة من جولات الصراع والتدافع داخل المعسكر الجاهلي الشيطاني على طريق جهنم، ولا شك أن في هذا مصلحة لعدوهما المشترك -المسلمين-، ولم يخالف في ذلك إلا مطايا الرافضة من الإخوان المرتدين الذين عطلوا الشرائع وخالفوا السنن وأماتوا الولاء والبراء فارتموا في أحضان إيران كملاذ أخير، وأكدوا قلبا وقالبا على "وحدة المسار والمصير".
ولقد علمنا من شريعة ربنا سبحانه أن التدافع سُنة إلهية كما تقع بين معسكري الحق والباطل؛ فإنها كذلك تقع بين مكونات معسكر الباطل نفسه، لقوله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا}، أي: "نسلّط بعضهم على بعض، ونهلك بعضهم ببعض، وننتقم من بعضهم ببعض، جزاء على ظلمهم وبغيهم"، فما من ظالم إلا سيُبلى بأظلم، وهو كذلك من تدبير الله تعالى ومكره لعباده المؤمنين، ومكره سبحانه بالكافرين {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، وهذا من بدهيات الشريعة.
ولذلك لا يختلف مسلمان عاقلان في أن اشتعال الصراع بين الرافضة واليهود يصب قطعا في مصلحة المسلمين تماما كأي صراع جاهلي بين الكافرين، ولذلك سيسعى الطرفان الكافران إلى لملمته وتقنينه وتأطيره داخل حدود معينة، لئلا يستفيد منه المسلمون، بل إن في زوال وتراجع المحور الرافضي خيرا ومصلحة كبيرة للمسلمين، لأن المحور الرافضي بات فتنة لكثير من الفئات المنتسبة للسنة، كالإخوان المرتدين مثلا، فهؤلاء أكثر قوم فُتنوا بالثورة الخمينية ومحورها الرافضي حتى صاروا يدافعون ويدفعون عنها، بل لقد كفوا الرافضة كثيرا من فصول الحرب وصاروا بيادق وأذرعا مسلحة للرافضة في المنطقة يحترقون لأجلهم، ويتلقون "المصائد" بدلا عنهم.
ولقد كثر الحديث مؤخرا حول فرح أهل الشام بمقتلة الرافضة على أيدي اليهود، فانبرى أتباع الإخوان المرتدين يهمزون ويلمزون مسلمي الشام ويخوّنونهم، ويلمّحون إلى وقوعهم في ناقض موالاة اليهود! في تكفير بالجملة لعامة المسلمين!، ولسان حال هؤلاء المكفّرة بالهوى: إن أنت فرحت بمقتل الرافضة فأنت أقرب إلى صف اليهود وموالاتهم! أما أن تقف في خندق المحور الرافضي الكفري وتتولاه وتواليه وتؤكد على "وحدة مسارك ومصيرك" معه، وتحذر من "فك الارتباط" به، فأنت هكذا تمارس حنكة وحكمة سياسية تؤجر عليها مرتين!!
هذه هي وسطية الإخوان المرتدين، يخيّرون الناس بين "كافر أصلي" كفّروه سياسيا ووطنيا لا تديُّنا، وكافر آخر امتنعوا هم عن تكفيره تبريرا وترقيعا لكتائبهم وحركاتهم، إذ لو أقروا بالأولى؛ للزمهم الإقرار بالثانية؛ وهو ما يهربون منه بأسلمة الرافضة ومحورهم، إنها وسطية بين الباطل والباطل، بين الكفر والكفر، بين الرافضة واليهود، بين قتلة الأنبياء وقاذفي أعراضهم، هذا مذهب الإخوان المرتدين، أما مذهب أهل السنة فهو الكفر بالفريقين والبراءة منهما ومحاربتهما بكل وسيلة، فالرافضة واليهود كفار وكلاهما على طريق جهنم، وجهادهما واجب على المسلمين كل بحسب استطاعته؛ فمن كان أقرب للوصول إلى اليهود فليقاتلهم، ومن كان أقرب للوصول إلى الرافضة فليقاتلهم، ومن جمع الله له شرف قتال الفريقين فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
في العمق، فإن استماتة الإخوان المرتدين في الدفاع عن موقف كتائبهم الكربلائية وفصائلهم الإيرانية عائد لسببين، الأول: أن شرائح واسعة من الناس سرّها مقتلة الرافضة المجرمين، وهذا أمر لا تخطئه العين وليس في الشام وحدها، وهو ما جعل أنصار الإخوان المرتدين يشعرون بعزلة تاريخية لم يعيشوها من قبل، إذ انحازوا إلى صف أبتر شاذ مخالف لـ "جمهور الأمة" كما دأبوا على تسميته، والسبب الثاني أنهم ينظرون للمحور الرافضي كآخر جبهة يتسترون فيها خلف شعارات "المقاومة والثورة"، وهي في نظرهم آخر حليف لأفرعهم المتساقطة تباعا من مصر إلى تركيا، فلم يبق إلا فرعهم الغزي الذي ختم مساره بالذوبان في المعسكر الرافضي! وأعلن رسميا وحدة مساره ومصيره مع الرافضة وليس العكس، ولذلك فإيران بالنسبة إليهم هي الحصن والحضن والملاذ الأخير لهم قبل أن يخلعوا مسوك الضأن ويتحالفوا علنا مع الشيطان بصورته السافرة بغير مسوك ولا شعارات.
إن الإخوان المرتدين على مرّ التاريخ كانوا خونة أهل السنة، وفي صف عدوهم، وقد استحقوا هذا الهوان وضربت عليهم الذلة بما اقترفوه من طوام مزمنة بحق العقيدة في مسار جاهلي أوله انحراف، وأوسطه انحراف، وآخره انحراف!، فلقد نقضوا التوحيد من كل باب، وحاربوه في كل ساحة، فمُسخوا أذلاء وعبيدا لا يعز لهم جناب ولا يصح لهم مسار، وصاروا مسبّة العمر ومعرة الدهر! والجماعات بقدر قربهم من مسار الإخوان بقدر ضرب الذلة والمهانة والتيه عليهم.
في العمق، فإن استماتة الإخوان المرتدين في الدفاع عن موقف كتائبهم الكربلائية وفصائلهم الإيرانية عائد لسببين، الأول: أن شرائح واسعة من الناس سرّها مقتلة الرافضة المجرمين، وهذا أمر لا تخطئه العين وليس في الشام وحدها، وهو ما جعل أنصار الإخوان المرتدين يشعرون بعزلة تاريخية لم يعيشوها من قبل، إذ انحازوا إلى صف أبتر شاذ مخالف لـ "جمهور الأمة" كما دأبوا على تسميته، والسبب الثاني أنهم ينظرون للمحور الرافضي كآخر جبهة يتسترون فيها خلف شعارات "المقاومة والثورة"، وهي في نظرهم آخر حليف لأفرعهم المتساقطة تباعا من مصر إلى تركيا، فلم يبق إلا فرعهم الغزي الذي ختم مساره بالذوبان في المعسكر الرافضي! وأعلن رسميا وحدة مساره ومصيره مع الرافضة وليس العكس، ولذلك فإيران بالنسبة إليهم هي الحصن والحضن والملاذ الأخير لهم قبل أن يخلعوا مسوك الضأن ويتحالفوا علنا مع الشيطان بصورته السافرة بغير مسوك ولا شعارات.
إن الإخوان المرتدين على مرّ التاريخ كانوا خونة أهل السنة، وفي صف عدوهم، وقد استحقوا هذا الهوان وضربت عليهم الذلة بما اقترفوه من طوام مزمنة بحق العقيدة في مسار جاهلي أوله انحراف، وأوسطه انحراف، وآخره انحراف!، فلقد نقضوا التوحيد من كل باب، وحاربوه في كل ساحة، فمُسخوا أذلاء وعبيدا لا يعز لهم جناب ولا يصح لهم مسار، وصاروا مسبّة العمر ومعرة الدهر! والجماعات بقدر قربهم من مسار الإخوان بقدر ضرب الذلة والمهانة والتيه عليهم.
أما اليهود، فما زال علوهم يتعاظم وكيدهم يتفاقم ولئن ظنوا أنهم قد سلموا وخلت لهم الساحة فقد خابت ظنونهم فإن حربنا مع حلفائهم الصليبيين وجيوش الردة، جزء من الحرب ضدهم، وتهيئة للمعارك الفاصلة بإذن الله معهم، وهم يدركون ذلك جيدا، وما زالت خيبر أخرى تنتظرهم على أيدي أتباع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأحفاد صحابته.
ولئن كنا نرى أن الساحة لم تتهيأ بعد لهذه المنازلة الفاصلة بهذه الحالة المنهجية الهجينة المخالفة لمنهاج النبوة، ولكن نحسب أنّ من حكمة الله تعالى تأخير وصول طلائع المجاهدين الربيين إلى بيت المقدس وفتح جبهة مباشرة سنية خالصة ضد اليهود؛ حتى يقطع الناس تعلقهم بهذه النماذج الجاهلية، ويكفروا بكل هذه الأحزاب والمشارب التي يتحد فيها مسار خونة السنة بمسار ومصير الرافضة الكافرين.
وإلى أن ييسر المولى تعالى أسباب الوصول والالتحام المباشر مع اليهود في حروب على طريق محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحبه لا طريق الخميني وزمرته؛ فإننا نكرر التحريض لمن تيسرت له الأسباب من المجموعات أو المنفردين أن لا يتوانوا في استهداف "الوجود اليهودي" في كل مكان، فاليهود في القرآن كلهم يهود، وقتلهم أينما حلوا خطوة على طريق القدس، كما أن قتال الرافضة ومحاورهم خطوة على طريق القدس التي فتحها عدو الرافضة اللدود عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصلاح الدين مدمر الدولة العبيدية الرافضية.
فيا أحفاد الفاروق وصلاح الدين لقد قدر الله تعالى أن لا يكتمل المسير إلى القدس إلا بقتال الرافضة ومحاورهم، وهذا من تدبير الله تعالى واختبار صدق حملة الراية في عصر الجاهلية الثانية، فهذا طريق الفاتحين الذين دخلوا القدس أول مرة، وهو الطريق ذاته لمن أراد المسير على خطاهم، والله مولاكم فنعم المولى ونعم النصير.
• المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 462
الخميس 23 ربيع الأول 1446 هـ ...المزيد
• لقد كفى الله المؤمنين شرور طغمة كبيرة من قادة الرافضة الكفرة الفجرة القتلة، بتسليط اليهود عليهم في جولة من جولات الصراع والتدافع داخل المعسكر الجاهلي الشيطاني على طريق جهنم، ولا شك أن في هذا مصلحة لعدوهما المشترك -المسلمين-، ولم يخالف في ذلك إلا مطايا الرافضة من الإخوان المرتدين الذين عطلوا الشرائع وخالفوا السنن وأماتوا الولاء والبراء فارتموا في أحضان إيران كملاذ أخير، وأكدوا قلبا وقالبا على "وحدة المسار والمصير".
ولقد علمنا من شريعة ربنا سبحانه أن التدافع سُنة إلهية كما تقع بين معسكري الحق والباطل؛ فإنها كذلك تقع بين مكونات معسكر الباطل نفسه، لقوله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا}، أي: "نسلّط بعضهم على بعض، ونهلك بعضهم ببعض، وننتقم من بعضهم ببعض، جزاء على ظلمهم وبغيهم"، فما من ظالم إلا سيُبلى بأظلم، وهو كذلك من تدبير الله تعالى ومكره لعباده المؤمنين، ومكره سبحانه بالكافرين {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، وهذا من بدهيات الشريعة.
ولذلك لا يختلف مسلمان عاقلان في أن اشتعال الصراع بين الرافضة واليهود يصب قطعا في مصلحة المسلمين تماما كأي صراع جاهلي بين الكافرين، ولذلك سيسعى الطرفان الكافران إلى لملمته وتقنينه وتأطيره داخل حدود معينة، لئلا يستفيد منه المسلمون، بل إن في زوال وتراجع المحور الرافضي خيرا ومصلحة كبيرة للمسلمين، لأن المحور الرافضي بات فتنة لكثير من الفئات المنتسبة للسنة، كالإخوان المرتدين مثلا، فهؤلاء أكثر قوم فُتنوا بالثورة الخمينية ومحورها الرافضي حتى صاروا يدافعون ويدفعون عنها، بل لقد كفوا الرافضة كثيرا من فصول الحرب وصاروا بيادق وأذرعا مسلحة للرافضة في المنطقة يحترقون لأجلهم، ويتلقون "المصائد" بدلا عنهم.
ولقد كثر الحديث مؤخرا حول فرح أهل الشام بمقتلة الرافضة على أيدي اليهود، فانبرى أتباع الإخوان المرتدين يهمزون ويلمزون مسلمي الشام ويخوّنونهم، ويلمّحون إلى وقوعهم في ناقض موالاة اليهود! في تكفير بالجملة لعامة المسلمين!، ولسان حال هؤلاء المكفّرة بالهوى: إن أنت فرحت بمقتل الرافضة فأنت أقرب إلى صف اليهود وموالاتهم! أما أن تقف في خندق المحور الرافضي الكفري وتتولاه وتواليه وتؤكد على "وحدة مسارك ومصيرك" معه، وتحذر من "فك الارتباط" به، فأنت هكذا تمارس حنكة وحكمة سياسية تؤجر عليها مرتين!!
هذه هي وسطية الإخوان المرتدين، يخيّرون الناس بين "كافر أصلي" كفّروه سياسيا ووطنيا لا تديُّنا، وكافر آخر امتنعوا هم عن تكفيره تبريرا وترقيعا لكتائبهم وحركاتهم، إذ لو أقروا بالأولى؛ للزمهم الإقرار بالثانية؛ وهو ما يهربون منه بأسلمة الرافضة ومحورهم، إنها وسطية بين الباطل والباطل، بين الكفر والكفر، بين الرافضة واليهود، بين قتلة الأنبياء وقاذفي أعراضهم، هذا مذهب الإخوان المرتدين، أما مذهب أهل السنة فهو الكفر بالفريقين والبراءة منهما ومحاربتهما بكل وسيلة، فالرافضة واليهود كفار وكلاهما على طريق جهنم، وجهادهما واجب على المسلمين كل بحسب استطاعته؛ فمن كان أقرب للوصول إلى اليهود فليقاتلهم، ومن كان أقرب للوصول إلى الرافضة فليقاتلهم، ومن جمع الله له شرف قتال الفريقين فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
في العمق، فإن استماتة الإخوان المرتدين في الدفاع عن موقف كتائبهم الكربلائية وفصائلهم الإيرانية عائد لسببين، الأول: أن شرائح واسعة من الناس سرّها مقتلة الرافضة المجرمين، وهذا أمر لا تخطئه العين وليس في الشام وحدها، وهو ما جعل أنصار الإخوان المرتدين يشعرون بعزلة تاريخية لم يعيشوها من قبل، إذ انحازوا إلى صف أبتر شاذ مخالف لـ "جمهور الأمة" كما دأبوا على تسميته، والسبب الثاني أنهم ينظرون للمحور الرافضي كآخر جبهة يتسترون فيها خلف شعارات "المقاومة والثورة"، وهي في نظرهم آخر حليف لأفرعهم المتساقطة تباعا من مصر إلى تركيا، فلم يبق إلا فرعهم الغزي الذي ختم مساره بالذوبان في المعسكر الرافضي! وأعلن رسميا وحدة مساره ومصيره مع الرافضة وليس العكس، ولذلك فإيران بالنسبة إليهم هي الحصن والحضن والملاذ الأخير لهم قبل أن يخلعوا مسوك الضأن ويتحالفوا علنا مع الشيطان بصورته السافرة بغير مسوك ولا شعارات.
إن الإخوان المرتدين على مرّ التاريخ كانوا خونة أهل السنة، وفي صف عدوهم، وقد استحقوا هذا الهوان وضربت عليهم الذلة بما اقترفوه من طوام مزمنة بحق العقيدة في مسار جاهلي أوله انحراف، وأوسطه انحراف، وآخره انحراف!، فلقد نقضوا التوحيد من كل باب، وحاربوه في كل ساحة، فمُسخوا أذلاء وعبيدا لا يعز لهم جناب ولا يصح لهم مسار، وصاروا مسبّة العمر ومعرة الدهر! والجماعات بقدر قربهم من مسار الإخوان بقدر ضرب الذلة والمهانة والتيه عليهم.
في العمق، فإن استماتة الإخوان المرتدين في الدفاع عن موقف كتائبهم الكربلائية وفصائلهم الإيرانية عائد لسببين، الأول: أن شرائح واسعة من الناس سرّها مقتلة الرافضة المجرمين، وهذا أمر لا تخطئه العين وليس في الشام وحدها، وهو ما جعل أنصار الإخوان المرتدين يشعرون بعزلة تاريخية لم يعيشوها من قبل، إذ انحازوا إلى صف أبتر شاذ مخالف لـ "جمهور الأمة" كما دأبوا على تسميته، والسبب الثاني أنهم ينظرون للمحور الرافضي كآخر جبهة يتسترون فيها خلف شعارات "المقاومة والثورة"، وهي في نظرهم آخر حليف لأفرعهم المتساقطة تباعا من مصر إلى تركيا، فلم يبق إلا فرعهم الغزي الذي ختم مساره بالذوبان في المعسكر الرافضي! وأعلن رسميا وحدة مساره ومصيره مع الرافضة وليس العكس، ولذلك فإيران بالنسبة إليهم هي الحصن والحضن والملاذ الأخير لهم قبل أن يخلعوا مسوك الضأن ويتحالفوا علنا مع الشيطان بصورته السافرة بغير مسوك ولا شعارات.
إن الإخوان المرتدين على مرّ التاريخ كانوا خونة أهل السنة، وفي صف عدوهم، وقد استحقوا هذا الهوان وضربت عليهم الذلة بما اقترفوه من طوام مزمنة بحق العقيدة في مسار جاهلي أوله انحراف، وأوسطه انحراف، وآخره انحراف!، فلقد نقضوا التوحيد من كل باب، وحاربوه في كل ساحة، فمُسخوا أذلاء وعبيدا لا يعز لهم جناب ولا يصح لهم مسار، وصاروا مسبّة العمر ومعرة الدهر! والجماعات بقدر قربهم من مسار الإخوان بقدر ضرب الذلة والمهانة والتيه عليهم.
أما اليهود، فما زال علوهم يتعاظم وكيدهم يتفاقم ولئن ظنوا أنهم قد سلموا وخلت لهم الساحة فقد خابت ظنونهم فإن حربنا مع حلفائهم الصليبيين وجيوش الردة، جزء من الحرب ضدهم، وتهيئة للمعارك الفاصلة بإذن الله معهم، وهم يدركون ذلك جيدا، وما زالت خيبر أخرى تنتظرهم على أيدي أتباع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأحفاد صحابته.
ولئن كنا نرى أن الساحة لم تتهيأ بعد لهذه المنازلة الفاصلة بهذه الحالة المنهجية الهجينة المخالفة لمنهاج النبوة، ولكن نحسب أنّ من حكمة الله تعالى تأخير وصول طلائع المجاهدين الربيين إلى بيت المقدس وفتح جبهة مباشرة سنية خالصة ضد اليهود؛ حتى يقطع الناس تعلقهم بهذه النماذج الجاهلية، ويكفروا بكل هذه الأحزاب والمشارب التي يتحد فيها مسار خونة السنة بمسار ومصير الرافضة الكافرين.
وإلى أن ييسر المولى تعالى أسباب الوصول والالتحام المباشر مع اليهود في حروب على طريق محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحبه لا طريق الخميني وزمرته؛ فإننا نكرر التحريض لمن تيسرت له الأسباب من المجموعات أو المنفردين أن لا يتوانوا في استهداف "الوجود اليهودي" في كل مكان، فاليهود في القرآن كلهم يهود، وقتلهم أينما حلوا خطوة على طريق القدس، كما أن قتال الرافضة ومحاورهم خطوة على طريق القدس التي فتحها عدو الرافضة اللدود عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصلاح الدين مدمر الدولة العبيدية الرافضية.
فيا أحفاد الفاروق وصلاح الدين لقد قدر الله تعالى أن لا يكتمل المسير إلى القدس إلا بقتال الرافضة ومحاورهم، وهذا من تدبير الله تعالى واختبار صدق حملة الراية في عصر الجاهلية الثانية، فهذا طريق الفاتحين الذين دخلوا القدس أول مرة، وهو الطريق ذاته لمن أراد المسير على خطاهم، والله مولاكم فنعم المولى ونعم النصير.
• المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 462
الخميس 23 ربيع الأول 1446 هـ ...المزيد
بنغلاديش وحكم الشريعة • عصفت ببنغلاديش مؤخرا أحداث واضطرابات أسبابها تراكمية قديمة، تجددت وتنامت ...
بنغلاديش وحكم الشريعة
• عصفت ببنغلاديش مؤخرا أحداث واضطرابات أسبابها تراكمية قديمة، تجددت وتنامت شيئا فشيئا إلى أن تمخضت في النهاية عن هروب أو "تهريب" حاكمتها إلى الهند على متن مروحية عسكرية، فيما دخلت البلاد مرحلة من "التداول السياسي" من طاغوت لآخر، في مشهد قارنه الكثيرون بما جرى قبل سنوات في بلدان عربية سقط فيها الحاكم دون الحكم، وهي مقارنة لا تبعد كثيرا عن الواقع من حيث الأسباب والوسائل والنتائج.
من ناحية تاريخية، لا تختلف بلاد البنغال كثيرا عن حال بلدان المنطقة من حيث تسلسل أحداث الحكم، فقد استولى البريطانيون الصليبيون على البلاد، ثم تركوها فريسة لصراعات طواغيت باكستان والهند، لتعيش البلاد انقساما مزمنا سيئا أعقبه "استقلال مزعوم" أسوأ، بعد معارك دامية تأتي في سياقها الطبيعي حين يُنازع الطواغيت في حكمهم، ثم استمرت انقلابات ودسائس "المستقلين" على بعضهم حتى رست مراكب الحكم لـ "رئيسة الوزراء" الأخيرة التي ولّت هاربة إلى مشغّليها في الهند، إلا أن القاسم المشترك بين هذه الحكومات المتصارعة على مدار مئات السنين هو الحكم بغير شريعة الإسلام في بلد يوصف بأن غالبيته مسلمة!
من حيث الأسباب والغايات، لم تكن غاية خروج الطلاب والناس إلى شوارع بنغلاديش هو المطالبة بتحكيم الشريعة، بل كان الخروج للمطالبة بتنفيذ "إصلاحات" في نظام الحكم لا تخرجه عن كونه نظاما كفريا، لكنها تحقق لـ "الثائرين" مكاسب دنيوية لا أكثر من قبيل "التوزيع العادل للوظائف"، وفي سبيل هذه الغاية أتلف مئات الشباب أنفسهم وصاروا وقودا لـ "معركة الديمقراطية" و "الوطنية" البائسة التي ما زالت فصولها مستمرة حتى اليوم.
وهو الأمر ذاته الذي جرى في بعض الدول العربية، حين ثار الناس على الأنظمة الطاغوتية المرتدة، في "ثورات" لم تكن على بصيرة من أمرها ولم تسلك سبيل ربها، فانتهت بإبدال طواغيت بطواغيت آخرين أشد فتكا وكفرا، فالمشهد في بنغلاديش يعيد ما جرى في تلك البلدان، حين أسقطوا الطاغوت وأبقوا حكمه وأعوانه ونظامه العميق المتغلغل في كل نواحي الحياة، فهم في الواقع لم يزيدوا على تغيير الرأس برأس آخر، يختلف شكلا لا مضمونا، لتبقى منظومة الطاغوت الكفرية مهيمنة على بلاد المسلمين.
منهجيا، يوجد فرق كبير وبون شاسع بين الأساليب "الثورية" ومشتقاتها، في تغيير الواقع، وبين سبيل الجهاد؛ ذلك أن الجهاد يغيّر الواقع من جذوره، ويقتلع الباطل من أصله ويجتثه من عروقه، من أصغر جندي في منظومة الطاغوت إلى رأس الهرم فيه، ولا يداهنه أو يحاصصه أو يلتقي معه في منتصف الطريق!، فيثمر الجهاد تغييرا حقيقيا جوهريا لا صوريا، كما هو حال "الثورات" التي يخرج فيه حكم الطاغوت من الشباك ويدخل من النافذة!، وهذا من بركات وثمار التمسك بالسبيل الرباني والتزام الوحي الإلهي، فالله تعالى أعلم بما يُصلح الخلق، ولو كان غير الجهاد سبيلا لدلنا عليه سبحانه، ولسلكه نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- وصحابته رضوان الله عليهم.
إن سبب فشل هذه "الثورات" المتلاحقة في بنغلاديش وغيرها من بلاد المسلمين، يكمن في بطلان المنطلقات التي انطلقوا منها، فالشباب الذي أطاح بزعيمة بنغلاديش وقبلها بزعماء مصر وتونس واليمن وليبيا، لم ينطلقوا من منطلقات شرعية، ولم يخرجوا ضد الحكام لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله، ولم تكن غايتهم تطبيق شريعة الله، ولم تكن وسيلتهم الجهاد في سبيل الله، ذلك أنهم نتاج ضخّ عقدي وإعلامي لنفس منظومة الطاغوت الذي ثاروا ضده، فهم حصاد مر لسنوات من الجاهلية التي روجت للسلمية سبيلا للحل، والديمقراطية غايةً في الحكم، وهي كارثة عقدية كبيرة لم تحلّ بشباب بنغلاديش وحدهم، بل ما زالت تعيث فسادا في كل بلدان المسلمين، رغم كل ما أنتجته وأفرزته من ضياع الدين والدنيا.
ومن أسباب هذه الكارثة في بنغلاديش، تضييع الولاء والبراء عند كثير من المنتسبين للإسلام، إلى الحد الذي ترى البوذيين الذين قتلوا وهجّروا مئات آلاف المسلمين من ميانمار المجاورة، والهندوس الذين بلغ إجرامهم بحق المسلمين الآفاق؛ يعيشون آمنين مطمئنين بين "الغالبية المسلمة" في بنغلاديش! دون أن تراق دماؤهم ويُثأر منهم للمسلمين، وهذا مثال واحد من أمثلة إفساد عقائد المسلمين، الذين يجمعهم -في الأصل- دين واحد، ومن ذلك أيضا، أنك تجد الناس يخرجون في بنغلاديش دعما لأهل غزة وسخطا على اليهود؛ في الوقت الذي يتركون فيه ويوادعون الهندوس الداعمين بقوة لليهود، في تناقض فجّ لا يفسره إلا فساد العقيدة وانحرافها.
إن سبب فشل هذه "الثورات" المتلاحقة في بنغلاديش وغيرها من بلاد المسلمين، يكمن في بطلان المنطلقات التي انطلقوا منها، فالشباب الذي أطاح بزعيمة بنغلاديش وقبلها بزعماء مصر وتونس واليمن وليبيا، لم ينطلقوا من منطلقات شرعية، ولم يخرجوا ضد الحكام لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله، ولم تكن غايتهم تطبيق شريعة الله، ولم تكن وسيلتهم الجهاد في سبيل الله، ذلك أنهم نتاج ضخّ عقدي وإعلامي لنفس منظومة الطاغوت الذي ثاروا ضده، فهم حصاد مر لسنوات من الجاهلية التي روجت للسلمية سبيلا للحل، والديمقراطية غايةً في الحكم، وهي كارثة عقدية كبيرة لم تحلّ بشباب بنغلاديش وحدهم، بل ما زالت تعيث فسادا في كل بلدان المسلمين، رغم كل ما أنتجته وأفرزته من ضياع الدين والدنيا.
ومن أسباب هذه الكارثة في بنغلاديش، تضييع الولاء والبراء عند كثير من المنتسبين للإسلام، إلى الحد الذي ترى البوذيين الذين قتلوا وهجّروا مئات آلاف المسلمين من ميانمار المجاورة، والهندوس الذين بلغ إجرامهم بحق المسلمين الآفاق؛ يعيشون آمنين مطمئنين بين "الغالبية المسلمة" في بنغلاديش! دون أن تراق دماؤهم ويُثأر منهم للمسلمين، وهذا مثال واحد من أمثلة إفساد عقائد المسلمين، الذين يجمعهم -في الأصل- دين واحد، ومن ذلك أيضا، أنك تجد الناس يخرجون في بنغلاديش دعما لأهل غزة وسخطا على اليهود؛ في الوقت الذي يتركون فيه ويوادعون الهندوس الداعمين بقوة لليهود، في تناقض فجّ لا يفسره إلا فساد العقيدة وانحرافها.
هذه الاضطرابات العقدية والمنهجية الخطيرة، لا بد لشباب بنغلاديش أن يسعوا لإصلاحها ويعطوا لذلك الأولوية القصوى في حياتهم، قبل أي تحرك ميداني على الأرض، فيحرصوا على تصحيح العقيدة أولا، ويكفروا بالطاغوت أيا كان عنوانه وصفته، جاهلا كان أم من حملة "الشهادات"، عسكريا أو مدنيا، مدفوعا من الشرق أو مدعوما من الغرب، فكل حكم بغير ما أنزل الله العظيم كفر، وكل حاكم بالقوانين الوضعية أيا كان مصدرها ومرجعها ومشرّعها هو كافر بالله، ثم بعد ذلك، نوصيهم باستغلال كل ثغرة تنتج عن هذه الفوضى للإعداد وجمع السلاح والموارد اللازمة لإحياء فريضة الجهاد على منهاج النبوة، وعدم تضييع الفرصة كما ضيعها غيرهم، فإن دول النظام الجاهلي العالمي لن تدع بلاد البنغال دون طاغوت من ثوبها وعلى شاكلتها في الكفر والظلم، ولن تدع المسلمين يحكمون بشريعة ربهم إلا إن انتزعوا منهم الأرض بالحديد والنار، وذلك لا يكون بغير الجهاد في سبيل الله.
وبالجملة، فالواجب على المسلمين في بنغلاديش وكل مكان، أن يصححوا المسار في مواجهة الحكومات المرتدة، فلا يزهقوا أنفسهم في سبيل تغيير شكل الطاغوت، من عسكري إلى مدني أكاديمي، ومن سارق عديم الخبرة إلى سارق محترف، ومن مدمّر للبلاد ناهب لثرواتها إلى معمر لها وبانٍ لاقتصادها، فلا تعمر الأرض بغير شريعة الرحمن، ولو صارت مروجا وقصورا، فالشريعة هي البداية وبغيرها لا سيادة ولا سعادة، ودونها وفي سبيلها تسفك الدماء، هذا هو ديننا الذي ارتضاه لنا ربنا سبحانه، ومن استبطأ النصر واستعظمه، أو أكبر الثمن واستغلاه فلن يصل لمراده، فالغايات العظيمة لا بد لها من بذلٍ عظيم، {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
▫ المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 461
الخميس 16 ربيع الأول 1446 هـ ...المزيد
• عصفت ببنغلاديش مؤخرا أحداث واضطرابات أسبابها تراكمية قديمة، تجددت وتنامت شيئا فشيئا إلى أن تمخضت في النهاية عن هروب أو "تهريب" حاكمتها إلى الهند على متن مروحية عسكرية، فيما دخلت البلاد مرحلة من "التداول السياسي" من طاغوت لآخر، في مشهد قارنه الكثيرون بما جرى قبل سنوات في بلدان عربية سقط فيها الحاكم دون الحكم، وهي مقارنة لا تبعد كثيرا عن الواقع من حيث الأسباب والوسائل والنتائج.
من ناحية تاريخية، لا تختلف بلاد البنغال كثيرا عن حال بلدان المنطقة من حيث تسلسل أحداث الحكم، فقد استولى البريطانيون الصليبيون على البلاد، ثم تركوها فريسة لصراعات طواغيت باكستان والهند، لتعيش البلاد انقساما مزمنا سيئا أعقبه "استقلال مزعوم" أسوأ، بعد معارك دامية تأتي في سياقها الطبيعي حين يُنازع الطواغيت في حكمهم، ثم استمرت انقلابات ودسائس "المستقلين" على بعضهم حتى رست مراكب الحكم لـ "رئيسة الوزراء" الأخيرة التي ولّت هاربة إلى مشغّليها في الهند، إلا أن القاسم المشترك بين هذه الحكومات المتصارعة على مدار مئات السنين هو الحكم بغير شريعة الإسلام في بلد يوصف بأن غالبيته مسلمة!
من حيث الأسباب والغايات، لم تكن غاية خروج الطلاب والناس إلى شوارع بنغلاديش هو المطالبة بتحكيم الشريعة، بل كان الخروج للمطالبة بتنفيذ "إصلاحات" في نظام الحكم لا تخرجه عن كونه نظاما كفريا، لكنها تحقق لـ "الثائرين" مكاسب دنيوية لا أكثر من قبيل "التوزيع العادل للوظائف"، وفي سبيل هذه الغاية أتلف مئات الشباب أنفسهم وصاروا وقودا لـ "معركة الديمقراطية" و "الوطنية" البائسة التي ما زالت فصولها مستمرة حتى اليوم.
وهو الأمر ذاته الذي جرى في بعض الدول العربية، حين ثار الناس على الأنظمة الطاغوتية المرتدة، في "ثورات" لم تكن على بصيرة من أمرها ولم تسلك سبيل ربها، فانتهت بإبدال طواغيت بطواغيت آخرين أشد فتكا وكفرا، فالمشهد في بنغلاديش يعيد ما جرى في تلك البلدان، حين أسقطوا الطاغوت وأبقوا حكمه وأعوانه ونظامه العميق المتغلغل في كل نواحي الحياة، فهم في الواقع لم يزيدوا على تغيير الرأس برأس آخر، يختلف شكلا لا مضمونا، لتبقى منظومة الطاغوت الكفرية مهيمنة على بلاد المسلمين.
منهجيا، يوجد فرق كبير وبون شاسع بين الأساليب "الثورية" ومشتقاتها، في تغيير الواقع، وبين سبيل الجهاد؛ ذلك أن الجهاد يغيّر الواقع من جذوره، ويقتلع الباطل من أصله ويجتثه من عروقه، من أصغر جندي في منظومة الطاغوت إلى رأس الهرم فيه، ولا يداهنه أو يحاصصه أو يلتقي معه في منتصف الطريق!، فيثمر الجهاد تغييرا حقيقيا جوهريا لا صوريا، كما هو حال "الثورات" التي يخرج فيه حكم الطاغوت من الشباك ويدخل من النافذة!، وهذا من بركات وثمار التمسك بالسبيل الرباني والتزام الوحي الإلهي، فالله تعالى أعلم بما يُصلح الخلق، ولو كان غير الجهاد سبيلا لدلنا عليه سبحانه، ولسلكه نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- وصحابته رضوان الله عليهم.
إن سبب فشل هذه "الثورات" المتلاحقة في بنغلاديش وغيرها من بلاد المسلمين، يكمن في بطلان المنطلقات التي انطلقوا منها، فالشباب الذي أطاح بزعيمة بنغلاديش وقبلها بزعماء مصر وتونس واليمن وليبيا، لم ينطلقوا من منطلقات شرعية، ولم يخرجوا ضد الحكام لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله، ولم تكن غايتهم تطبيق شريعة الله، ولم تكن وسيلتهم الجهاد في سبيل الله، ذلك أنهم نتاج ضخّ عقدي وإعلامي لنفس منظومة الطاغوت الذي ثاروا ضده، فهم حصاد مر لسنوات من الجاهلية التي روجت للسلمية سبيلا للحل، والديمقراطية غايةً في الحكم، وهي كارثة عقدية كبيرة لم تحلّ بشباب بنغلاديش وحدهم، بل ما زالت تعيث فسادا في كل بلدان المسلمين، رغم كل ما أنتجته وأفرزته من ضياع الدين والدنيا.
ومن أسباب هذه الكارثة في بنغلاديش، تضييع الولاء والبراء عند كثير من المنتسبين للإسلام، إلى الحد الذي ترى البوذيين الذين قتلوا وهجّروا مئات آلاف المسلمين من ميانمار المجاورة، والهندوس الذين بلغ إجرامهم بحق المسلمين الآفاق؛ يعيشون آمنين مطمئنين بين "الغالبية المسلمة" في بنغلاديش! دون أن تراق دماؤهم ويُثأر منهم للمسلمين، وهذا مثال واحد من أمثلة إفساد عقائد المسلمين، الذين يجمعهم -في الأصل- دين واحد، ومن ذلك أيضا، أنك تجد الناس يخرجون في بنغلاديش دعما لأهل غزة وسخطا على اليهود؛ في الوقت الذي يتركون فيه ويوادعون الهندوس الداعمين بقوة لليهود، في تناقض فجّ لا يفسره إلا فساد العقيدة وانحرافها.
إن سبب فشل هذه "الثورات" المتلاحقة في بنغلاديش وغيرها من بلاد المسلمين، يكمن في بطلان المنطلقات التي انطلقوا منها، فالشباب الذي أطاح بزعيمة بنغلاديش وقبلها بزعماء مصر وتونس واليمن وليبيا، لم ينطلقوا من منطلقات شرعية، ولم يخرجوا ضد الحكام لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله، ولم تكن غايتهم تطبيق شريعة الله، ولم تكن وسيلتهم الجهاد في سبيل الله، ذلك أنهم نتاج ضخّ عقدي وإعلامي لنفس منظومة الطاغوت الذي ثاروا ضده، فهم حصاد مر لسنوات من الجاهلية التي روجت للسلمية سبيلا للحل، والديمقراطية غايةً في الحكم، وهي كارثة عقدية كبيرة لم تحلّ بشباب بنغلاديش وحدهم، بل ما زالت تعيث فسادا في كل بلدان المسلمين، رغم كل ما أنتجته وأفرزته من ضياع الدين والدنيا.
ومن أسباب هذه الكارثة في بنغلاديش، تضييع الولاء والبراء عند كثير من المنتسبين للإسلام، إلى الحد الذي ترى البوذيين الذين قتلوا وهجّروا مئات آلاف المسلمين من ميانمار المجاورة، والهندوس الذين بلغ إجرامهم بحق المسلمين الآفاق؛ يعيشون آمنين مطمئنين بين "الغالبية المسلمة" في بنغلاديش! دون أن تراق دماؤهم ويُثأر منهم للمسلمين، وهذا مثال واحد من أمثلة إفساد عقائد المسلمين، الذين يجمعهم -في الأصل- دين واحد، ومن ذلك أيضا، أنك تجد الناس يخرجون في بنغلاديش دعما لأهل غزة وسخطا على اليهود؛ في الوقت الذي يتركون فيه ويوادعون الهندوس الداعمين بقوة لليهود، في تناقض فجّ لا يفسره إلا فساد العقيدة وانحرافها.
هذه الاضطرابات العقدية والمنهجية الخطيرة، لا بد لشباب بنغلاديش أن يسعوا لإصلاحها ويعطوا لذلك الأولوية القصوى في حياتهم، قبل أي تحرك ميداني على الأرض، فيحرصوا على تصحيح العقيدة أولا، ويكفروا بالطاغوت أيا كان عنوانه وصفته، جاهلا كان أم من حملة "الشهادات"، عسكريا أو مدنيا، مدفوعا من الشرق أو مدعوما من الغرب، فكل حكم بغير ما أنزل الله العظيم كفر، وكل حاكم بالقوانين الوضعية أيا كان مصدرها ومرجعها ومشرّعها هو كافر بالله، ثم بعد ذلك، نوصيهم باستغلال كل ثغرة تنتج عن هذه الفوضى للإعداد وجمع السلاح والموارد اللازمة لإحياء فريضة الجهاد على منهاج النبوة، وعدم تضييع الفرصة كما ضيعها غيرهم، فإن دول النظام الجاهلي العالمي لن تدع بلاد البنغال دون طاغوت من ثوبها وعلى شاكلتها في الكفر والظلم، ولن تدع المسلمين يحكمون بشريعة ربهم إلا إن انتزعوا منهم الأرض بالحديد والنار، وذلك لا يكون بغير الجهاد في سبيل الله.
وبالجملة، فالواجب على المسلمين في بنغلاديش وكل مكان، أن يصححوا المسار في مواجهة الحكومات المرتدة، فلا يزهقوا أنفسهم في سبيل تغيير شكل الطاغوت، من عسكري إلى مدني أكاديمي، ومن سارق عديم الخبرة إلى سارق محترف، ومن مدمّر للبلاد ناهب لثرواتها إلى معمر لها وبانٍ لاقتصادها، فلا تعمر الأرض بغير شريعة الرحمن، ولو صارت مروجا وقصورا، فالشريعة هي البداية وبغيرها لا سيادة ولا سعادة، ودونها وفي سبيلها تسفك الدماء، هذا هو ديننا الذي ارتضاه لنا ربنا سبحانه، ومن استبطأ النصر واستعظمه، أو أكبر الثمن واستغلاه فلن يصل لمراده، فالغايات العظيمة لا بد لها من بذلٍ عظيم، {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
▫ المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 461
الخميس 16 ربيع الأول 1446 هـ ...المزيد
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} • لا نبالغ لو قلنا إنك أينما وجّهتَ ناظريك حول العالم، رأيت ...
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا}
• لا نبالغ لو قلنا إنك أينما وجّهتَ ناظريك حول العالم، رأيت ألوان البلايا وأنواع الرزايا قد نزلت بالمسلمين وحلت بديارهم، فلا يكاد يخلو صقع من الأرض من مسلم يؤذى في دينه ويبتلى في نفسه أو أهله أو ماله أو ولده أو في ذلك كله، بالقتل أو الأسر أو التهجير أو غيرها من صنوف العذاب التي يلحقها طواغيت العصر عربا وعجما بالمسلمين، فما سبب ذلك؟ وما السبيل للخروج من هذا الواقع المر وقلبه على رؤوس الطواغيت وزبانيتهم؟
إن أحوال المسلمين اليوم لا تخفى، فمن جور الشيوعيين في الصين وتركستان، إلى جرائم البوذيين والهندوس في الهند وبورما وأراكان، مرورا بالنصارى الشرقيين المشربين ببطش الشيوعية، إلى نصارى أمريكا وأوروبا الصليبية الذين ملؤوا العالم كفرا وظلما، ومثلهم اليهود الكافرون ومجازرهم في فلسطين، وليس أقل منهم كفرا وجرما الرافضة والنصيرية وما فعلوه في العراق والشام واليمن ولبنان.. إلى غيرهم من ملل الكفر الذين شنوا الحروب تلو الحروب على بلاد المسلمين، ولا ننسى بالطبع الحكومات والجيوش العربية المرتدة التي جرى تأسيسها لحرب المسلمين وقمعهم وإفساد عقيدتهم وأخلاقهم وإسكاتهم وكبح أي محاولة جادة للتغيير والسير نحو الحق، وليس آخرها جرائم هذه الجيوش بحق مسلمي السودان، فكم قتلوا وكم أسروا وكم طغوا وبغوا في الأرض فكانوا بحق فراعنة العصر في الكفر والإفساد.
ومما يزيد الطين بلة ويجعل المشهد أكثر قتامة، تلك الحركات والكيانات المنحرفة عن التوحيد المائلة إلى الشرك، التي كانت وبالا على المسلمين، وشكلت معول هدم تهدم الإسلام من الداخل بما بثته وصدّرته من مناهج باطلة في التغيير خلافا لمنهاج الكتاب والسنة الذي تستروا خلفه أحيانا، واستعرّوا منه أحايين أخرى، لكنهم لم يتبنوه ولم يطبّقوه أبدا في واقعهم وتجاربهم المتعاقبة على الفشل، بل كانوا حربا على من طبّقه أو سعى لتطبيقه، وسلما على من حاربه، وقد رأيناهم من قبل في العراق ومصر وتونس وليبيا، أينما رفعت راية الشريعة كانوا خصومها وأعداءها، وأينما رفعت رايات الجاهلية كانوا أنصارها وحماتها، فكانوا بذلك حربا على الإسلام حقا.
وعن أسباب هذا الهوان والذل والاستضعاف، يطول الكلام وتكثر زواياه، لكننا نتناوله اليوم من زاوية أخرى، فنقول إن الهوان والذل الذي أصاب المسلمين سببه هجرهم مصدر عزتهم وهدايتهم، هجرهم كتاب ربهم، ليس هجر قراءته والترنم به وحفظه وتدشين الحلقات لذلك، بل هجر العمل به وتطبيقه، هجر اليقين بوعده وما جاء به، هجر نقله من السطور والصدور إلى أرض الواقع، ومن ذلك قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}، فهو سبحانه لم يقل: هادنوهم! ولم يقل: سالموهم! بل قال: {قَاتِلُوهُمْ}، وعاتب الله المسلمين كثيرا بقوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وساءلهم أكثر من مرة: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}، وتوعدهم لما تقاعسوا عن ذلك بقوله: {إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وبين لهم أنه غني عنهم وإنما يعود النفع عليهم لا عليه جل جلاله فقال: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، وأخبرهم سبحانه بأنه قادر على إنزال النصر بدون جهاد فقال: {ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ}، وإنما شرع سبحانه الجهاد اختبارا وتمحيصا للعباد فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، ودلّهم على أن خيري الدنيا والآخرة في الجهاد وإن كرهته النفوس فقال: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، قال ابن كثير: "لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم، وذراريهم، وأولادهم، وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة، ومن ذلك القعود عن القتال، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم".
وعن أسباب هذا الهوان والذل والاستضعاف، يطول الكلام وتكثر زواياه، لكننا نتناوله اليوم من زاوية أخرى، فنقول إن الهوان والذل الذي أصاب المسلمين سببه هجرهم مصدر عزتهم وهدايتهم، هجرهم كتاب ربهم، ليس هجر قراءته والترنم به وحفظه وتدشين الحلقات لذلك، بل هجر العمل به وتطبيقه، هجر اليقين بوعده وما جاء به، هجر نقله من السطور والصدور إلى أرض الواقع، ومن ذلك قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}، فهو سبحانه لم يقل: هادنوهم! ولم يقل: سالموهم! بل قال: {قَاتِلُوهُمْ}، وعاتب الله المسلمين كثيرا بقوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وساءلهم أكثر من مرة: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}، وتوعدهم لما تقاعسوا عن ذلك بقوله: {إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وبين لهم أنه غني عنهم وإنما يعود النفع عليهم لا عليه جل جلاله فقال: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، وأخبرهم سبحانه بأنه قادر على إنزال النصر بدون جهاد فقال: {ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ}، وإنما شرع سبحانه الجهاد اختبارا وتمحيصا للعباد فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، ودلّهم على أن خيري الدنيا والآخرة في الجهاد وإن كرهته النفوس فقال: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، قال ابن كثير: "لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم، وذراريهم، وأولادهم، وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة، ومن ذلك القعود عن القتال، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم".
فبعد كل هذه الآيات الربانية التي دلت على طريق الخلاص؛ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}؟، ألم يأن للذين آمنوا أن يستشعروا خطاب الله لهم في تلك الآيات؟ ألم يأن لهم أن تتحرك نفوسهم لرد عادية الكفر والظلم، ألم يأن لهم أن يهاجروا ويجاهدوا وينصروا إخوانهم؟ ألم يأن لهم أن يعلموا كم خسروا بتفريطهم في الجهاد؟
ثم ألم يأنِ للذين آمنوا أن يعرفوا أن ضريبة الجهاد أخف من ضريبة تعطيله وهجره، فلا يوجد أدنى مجال للمقارنة بين من سقطوا قتلى -مثلا- في معركة شقحب ضد التتار، ومن أخذهم سيل التتار الجارف حتى وصل إلى الشام! وكيف يقاس ما قدمه المسلمون في حطين مع ما قدموه للصليبيين في حملاتهم إلى بيت المقدس؛ لا لن نقيس، ولن نقارن فلا وجه للمقارنة بحال بين الطاعة والمعصية، بين العزة والمذلة، فالمكاسب أعز وأوفر من ذلك، بل على العكس تماما سنعمد للمقارنة والتذكير بما جرته علينا السلامة والموادعة اللتان أدتا لسقوط الأندلس وسفك الدماء وانتهاك الأعراض المسلمة، فذلك قد كان أضعافا مضاعفة عما أوصلنا له الإقدام والجهاد في فتحها يوم كانت تعلوها راية الإسلام.
ألم يأن للذين آمنوا أن يدركوا كل ذلك، فيخلعوا هوان القعود وضعف الفرقة، ويكسبوا عز الجهاد وقوة الجماعة، أيحتاج الأمر مزيدا من الجراحات والمجازر، أم طال العهد فقست القلوب وتحجرت؟!
هكذا دلنا الله تعالى في كتابه على طريق النجاة والخروج من نفق الذل والتيه الذي يعيشه أكثر أهل القبلة اليوم، وليس هناك طرق أخرى، فإما أن تبادر وتمتثل الأمر الإلهي بالجهاد والنفير لتقلب الطاولة على رؤوس الطواغيت وتقلب الواقع رأسا على عقب، أو تقعد وتجبن وتتثاقل وتتخلف عن قافلة الجهاد فتنال بذلك خسارة الدنيا والآخرة، أو تسلك طريق نبيك وصحابته فتفوز كما فازوا وتعز كما عزوا، والجزاء من جنس العمل.
المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 460
الخميس 9 ربيع الأول 1446 هـ ...المزيد
• لا نبالغ لو قلنا إنك أينما وجّهتَ ناظريك حول العالم، رأيت ألوان البلايا وأنواع الرزايا قد نزلت بالمسلمين وحلت بديارهم، فلا يكاد يخلو صقع من الأرض من مسلم يؤذى في دينه ويبتلى في نفسه أو أهله أو ماله أو ولده أو في ذلك كله، بالقتل أو الأسر أو التهجير أو غيرها من صنوف العذاب التي يلحقها طواغيت العصر عربا وعجما بالمسلمين، فما سبب ذلك؟ وما السبيل للخروج من هذا الواقع المر وقلبه على رؤوس الطواغيت وزبانيتهم؟
إن أحوال المسلمين اليوم لا تخفى، فمن جور الشيوعيين في الصين وتركستان، إلى جرائم البوذيين والهندوس في الهند وبورما وأراكان، مرورا بالنصارى الشرقيين المشربين ببطش الشيوعية، إلى نصارى أمريكا وأوروبا الصليبية الذين ملؤوا العالم كفرا وظلما، ومثلهم اليهود الكافرون ومجازرهم في فلسطين، وليس أقل منهم كفرا وجرما الرافضة والنصيرية وما فعلوه في العراق والشام واليمن ولبنان.. إلى غيرهم من ملل الكفر الذين شنوا الحروب تلو الحروب على بلاد المسلمين، ولا ننسى بالطبع الحكومات والجيوش العربية المرتدة التي جرى تأسيسها لحرب المسلمين وقمعهم وإفساد عقيدتهم وأخلاقهم وإسكاتهم وكبح أي محاولة جادة للتغيير والسير نحو الحق، وليس آخرها جرائم هذه الجيوش بحق مسلمي السودان، فكم قتلوا وكم أسروا وكم طغوا وبغوا في الأرض فكانوا بحق فراعنة العصر في الكفر والإفساد.
ومما يزيد الطين بلة ويجعل المشهد أكثر قتامة، تلك الحركات والكيانات المنحرفة عن التوحيد المائلة إلى الشرك، التي كانت وبالا على المسلمين، وشكلت معول هدم تهدم الإسلام من الداخل بما بثته وصدّرته من مناهج باطلة في التغيير خلافا لمنهاج الكتاب والسنة الذي تستروا خلفه أحيانا، واستعرّوا منه أحايين أخرى، لكنهم لم يتبنوه ولم يطبّقوه أبدا في واقعهم وتجاربهم المتعاقبة على الفشل، بل كانوا حربا على من طبّقه أو سعى لتطبيقه، وسلما على من حاربه، وقد رأيناهم من قبل في العراق ومصر وتونس وليبيا، أينما رفعت راية الشريعة كانوا خصومها وأعداءها، وأينما رفعت رايات الجاهلية كانوا أنصارها وحماتها، فكانوا بذلك حربا على الإسلام حقا.
وعن أسباب هذا الهوان والذل والاستضعاف، يطول الكلام وتكثر زواياه، لكننا نتناوله اليوم من زاوية أخرى، فنقول إن الهوان والذل الذي أصاب المسلمين سببه هجرهم مصدر عزتهم وهدايتهم، هجرهم كتاب ربهم، ليس هجر قراءته والترنم به وحفظه وتدشين الحلقات لذلك، بل هجر العمل به وتطبيقه، هجر اليقين بوعده وما جاء به، هجر نقله من السطور والصدور إلى أرض الواقع، ومن ذلك قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}، فهو سبحانه لم يقل: هادنوهم! ولم يقل: سالموهم! بل قال: {قَاتِلُوهُمْ}، وعاتب الله المسلمين كثيرا بقوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وساءلهم أكثر من مرة: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}، وتوعدهم لما تقاعسوا عن ذلك بقوله: {إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وبين لهم أنه غني عنهم وإنما يعود النفع عليهم لا عليه جل جلاله فقال: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، وأخبرهم سبحانه بأنه قادر على إنزال النصر بدون جهاد فقال: {ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ}، وإنما شرع سبحانه الجهاد اختبارا وتمحيصا للعباد فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، ودلّهم على أن خيري الدنيا والآخرة في الجهاد وإن كرهته النفوس فقال: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، قال ابن كثير: "لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم، وذراريهم، وأولادهم، وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة، ومن ذلك القعود عن القتال، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم".
وعن أسباب هذا الهوان والذل والاستضعاف، يطول الكلام وتكثر زواياه، لكننا نتناوله اليوم من زاوية أخرى، فنقول إن الهوان والذل الذي أصاب المسلمين سببه هجرهم مصدر عزتهم وهدايتهم، هجرهم كتاب ربهم، ليس هجر قراءته والترنم به وحفظه وتدشين الحلقات لذلك، بل هجر العمل به وتطبيقه، هجر اليقين بوعده وما جاء به، هجر نقله من السطور والصدور إلى أرض الواقع، ومن ذلك قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}، فهو سبحانه لم يقل: هادنوهم! ولم يقل: سالموهم! بل قال: {قَاتِلُوهُمْ}، وعاتب الله المسلمين كثيرا بقوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وساءلهم أكثر من مرة: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}، وتوعدهم لما تقاعسوا عن ذلك بقوله: {إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وبين لهم أنه غني عنهم وإنما يعود النفع عليهم لا عليه جل جلاله فقال: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، وأخبرهم سبحانه بأنه قادر على إنزال النصر بدون جهاد فقال: {ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ}، وإنما شرع سبحانه الجهاد اختبارا وتمحيصا للعباد فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، ودلّهم على أن خيري الدنيا والآخرة في الجهاد وإن كرهته النفوس فقال: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، قال ابن كثير: "لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم، وذراريهم، وأولادهم، وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة، ومن ذلك القعود عن القتال، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم".
فبعد كل هذه الآيات الربانية التي دلت على طريق الخلاص؛ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}؟، ألم يأن للذين آمنوا أن يستشعروا خطاب الله لهم في تلك الآيات؟ ألم يأن لهم أن تتحرك نفوسهم لرد عادية الكفر والظلم، ألم يأن لهم أن يهاجروا ويجاهدوا وينصروا إخوانهم؟ ألم يأن لهم أن يعلموا كم خسروا بتفريطهم في الجهاد؟
ثم ألم يأنِ للذين آمنوا أن يعرفوا أن ضريبة الجهاد أخف من ضريبة تعطيله وهجره، فلا يوجد أدنى مجال للمقارنة بين من سقطوا قتلى -مثلا- في معركة شقحب ضد التتار، ومن أخذهم سيل التتار الجارف حتى وصل إلى الشام! وكيف يقاس ما قدمه المسلمون في حطين مع ما قدموه للصليبيين في حملاتهم إلى بيت المقدس؛ لا لن نقيس، ولن نقارن فلا وجه للمقارنة بحال بين الطاعة والمعصية، بين العزة والمذلة، فالمكاسب أعز وأوفر من ذلك، بل على العكس تماما سنعمد للمقارنة والتذكير بما جرته علينا السلامة والموادعة اللتان أدتا لسقوط الأندلس وسفك الدماء وانتهاك الأعراض المسلمة، فذلك قد كان أضعافا مضاعفة عما أوصلنا له الإقدام والجهاد في فتحها يوم كانت تعلوها راية الإسلام.
ألم يأن للذين آمنوا أن يدركوا كل ذلك، فيخلعوا هوان القعود وضعف الفرقة، ويكسبوا عز الجهاد وقوة الجماعة، أيحتاج الأمر مزيدا من الجراحات والمجازر، أم طال العهد فقست القلوب وتحجرت؟!
هكذا دلنا الله تعالى في كتابه على طريق النجاة والخروج من نفق الذل والتيه الذي يعيشه أكثر أهل القبلة اليوم، وليس هناك طرق أخرى، فإما أن تبادر وتمتثل الأمر الإلهي بالجهاد والنفير لتقلب الطاولة على رؤوس الطواغيت وتقلب الواقع رأسا على عقب، أو تقعد وتجبن وتتثاقل وتتخلف عن قافلة الجهاد فتنال بذلك خسارة الدنيا والآخرة، أو تسلك طريق نبيك وصحابته فتفوز كما فازوا وتعز كما عزوا، والجزاء من جنس العمل.
المصدر: افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 460
الخميس 9 ربيع الأول 1446 هـ ...المزيد