من مقتضيات إجَابَةِ الدُّعَاءِ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله: ذَكَرَ الرجل يُطيل ...

من مقتضيات إجَابَةِ الدُّعَاءِ

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله: ذَكَرَ الرجل يُطيل السفر أشعث أغبر، يمدُّ يديه إلى السَّماء: يا رب يا رب ومطعمُه حرام، ومشربه حرامٌ، وملبسه حرام، وغُذِي بالحرام، فأنّى يُستجاب لذلك؟!) [مسلم]

"هذا الكلام أشار فيه ﷺ إلى آداب الدعاء، وإلى الأسباب التي تقتضي إجابته، وإلى ما يمنع من إجابته، فذكر من الأسباب التي تقتضي إجابة الدعاء أربعة:

- أحدهما
إطالة السفر، والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء، كما في حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: (ثلاثُ دعواتٍ مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوةُ المسافر، ودعوةُ الوالد لولده). ومتى طال السفر، كان أقرب إلى إجابة الدعاء؛ لأنه مظنة حصول انكسار النفس، والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء.

- الثاني
حصولُ التبذُّل في اللِّباس والهيئة بالشعث والاغبرار.

- الثالث
مدُّ يديه إلى السَّماء، وهو من آداب الدُّعاء التي يُرجى بسببها إِجابته.

- الرابع
الإلحاح على الله بتكرير ذكر ربوبيته، وهو مِن أعظم ما يُطلب به إجابةُ الدعاء"

[جامع العلوم والحكم - لابن رجب الحنبلي رحمه الله]


◽ المصدر: إنفوغرافيك صحيفة النبأ – العدد 473
الخميس 11 جمادى الآخرة 1446هـ
...المزيد

تدجين وتجنيد! وفي سياق النضج الجاهلي لم يغب عن هؤلاء الوطنيين وهم يشرحون معالم "سوريا المستقبل" ...

تدجين وتجنيد!

وفي سياق النضج الجاهلي لم يغب عن هؤلاء الوطنيين وهم يشرحون معالم "سوريا المستقبل" أن يُظهروا تمايزهم عن الدولة الإسلامية مع أن هذا التمايز لا تخطئه العين، لكنهم حريصون على تذكير المعنيين بأنهم على منهاج النظام الدولي ومواثيقه الجاهلية! وليسوا بحال على منهاج النبوة الذي يكلفهم الكثير.

على النقيض تماما، من سلوك دول الكفر المتلائم مع "الجهاديين المدجنين"؛ تقاطرت نفس هذه الدول الكافرة على إعلان خشيتها وتكرار تحذيراتها من استغلال الدولة الإسلامية للأحداث الجارية، وفي هذا السياق نفسّر سلسلة الغارات الكثيفة التي شنها التحالف الصليبي على مواقع الدولة الإسلامية في "وسط سوريا" قبيل الحدث بأسابيع قليلة، ثم كررها تزامنا مع الحدث رغم بعد "الوسط" عن حدود دويلة يهود.

ولأن التحليلات تصيب وتخطىء، ولأن التقلبات والمتغيرات السياسية لا تهدأ؛ فإن من سياسة (النبأ) ربط المسلمين بالعقائد والمناهج فإنها لا تتبدل بمرور الأيام ولا بتغير الأحداث لأن ميزان الشرع ثابت، خلافا لسياسة الحركات والأحزاب الجاهلية ومناهجها المتغيرة.

في البعد الإيماني للحدث، ظهر تدبير اللطيف الخبير وحكمته البالغة في دفع هؤلاء الشركاء المتشاكسين بعضهم ببعض، ما نتج عنه فكاك أسارى المسلمين بعد سنوات طويلة من التعذيب في سجون "الأقلية" النصيرية، وإن كانت الصورة التي جرى عليها الحال، لم تحقق للمسلمين شفاء وثأرا تاما من أئمة الكفر وجزاري النظام النصيري، لحكمة قدرها الله تعالى، ولعل شفاء صدور المؤمنين والمؤمنات واكتمال فصول ثأرهم يكون على أيدي الأُسد الغضاب الذين يعاقبون المعتدي بأحكام الشريعة لا أحكام الدستور، فلا تأخذهم في الله لومة لائم سلفهم محمد ﷺ وصحبه {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.

في السياق المنهجي، أظهرت الأحداث الأخيرة مجددا تشوّه مفهوم "التحرير" عند العامة والخاصة، فيوم سقطت المناطق في أيدي المليشيات الكردية قالوا تحررت! ويوم سقطت في أيدي النصيرية قالوا تحررت! ويوم سقطت في أيدي الصحوات التركية أو الأمريكية قالوا تحررت! والقاسم المشترك بين هذه الحالات المتباينة هو انحياز الدولة الإسلامية منها بعد أن حكمتها بالشريعة الإسلامية، فهل "التحرر" عند هؤلاء هو التحرر من حكم الإسلام؟!

إن التحرير يعني أن يعلو المكان والإنسان أحكام الشريعة الإسلامية، فتحكم المسلم في أقواله وأفعاله، بل حتى في حبه وبغضه وموالاته ومعاداته، وبالنظر إلى واقع الشام، فلا شك أن التحرير بمفهومه الشرعي ما يزال مفقودا.

وعليه، فمن كان خلافه مع الأسد وعائلته وحاشيته وصورته وتمثاله، فقد انتهت ثورته، ومن كان خلافه مع نظام مرتد يقوم على تعطيل الشريعة والاحتكام للمجالس الانتخابية والدساتير الكفرية وحماية المراقد الوثنية وموالاة الكافرين دولا وأقليات، بحجة "العلاقات الدولية" و"التنسيق الوطني"، فإن المشكلة ما زالت قائمة، بل ستتفاقم، ولذلك سيتواصل الجهاد على ثرى الشام لأن غايته سيادة الشريعة ونبذ الشرك، أما الثورة فتتوقف عند حدود صناديق الاقتراع؛ {وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا}.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 473
الخميس 11 جمادى الآخرة 1446هـ

مقال:
تدجين وتجنيد!
...المزيد

تدجين وتجنيد! لم تعد هناك حاجة مُلحة إلى تجنيد ميليشيات جديدة لحرب المجاهدين، فقد وصلت أساليب ...

تدجين وتجنيد!

لم تعد هناك حاجة مُلحة إلى تجنيد ميليشيات جديدة لحرب المجاهدين، فقد وصلت أساليب "مكافحة الإرهاب" إلى مرحلة متقدمة يتم فيها احتواء وتدجين "جهاديين سابقين" للقيام بالمهمة، بما يضمن مصالح النظام الدولي الكفري، ويشبع رغبة المفتونين بالحكم، رأينا ذلك في نسخ عديدة أبرزها "حكومة طالبان" وأحدثها "حكومة الإنقاذ" وكلاهما دخل القصور الرئاسية بموافقة الجهات المعنية.

وكنا طرحنا قبل سنوات أن سبب عدم سقوط النظام النصيري "رسميا" رغم سقوطه "فعليا"، هو "غياب البديل"! لأن البديل كان آنذاك إما الدولة الإسلامية، أو الفوضى العارمة التي تهدد أيضا حدود اليهود، ولذلك حالت الجهود "الأمريكية اليهودية الروسية الإيرانية" مجتمعة دون إسقاطه، لكن يبدو أنه خلال هذه السنوات وعبر "إستراتيجية التدجين"، تم إنضاج البديل على نار هادئة بعد أن صنع من مقره في "إدلب" نسخة مصغرة لشكل "سوريا المستقبل" وصدّر صورة مقبولة دولية لنظام وطني "غليظ" مع الأكثرية المؤمنة "رقيق" مع "الأقلية" الكافرة.

تدجين وترويض هذه الهيئات يتم عبر مسارات طويلة في أقبية مراكز الدراسات والاستخبارات، تمر بعمليات فحص واختبارات عديدة للتأكد من مدى جدية وتفاني هذه الهيئات في محاربة الجهاد وهدم العقيدة!، وتستمر في ذلك السقوط حتى تصل إلى "مرحلة نضج" تمكّنها من استلام التكاليف الحكومية الأمنية أو الإدارية، كما رأينا مؤخرا في سوريا ومن قبل في أفغانستان.

وبناء عليه، توالت تصريحات مسؤولين يهود وأمريكيين وروس وإيرانيين وغيرهم حول "فتح قنوات اتصال" مباشرة وغير مباشرة مع "المعارضة السورية!" بعد تسلّمها الحكم خلفا للنظام النصيري، هذه الاتصالات لم تكن وليدة اللحظة الثورية، فلم يستيقظ قادة هذه الدول على أخبار سقوط المدن والبلدات بسرعة الآليات! ليقولوا يا للهول!، لقد سقط الأسد! علينا أن نتصل بقادة المعارضة الآن! وأن ننسق معهم قبل فوات الأوان! ليس هذا ما حدث، إن ما حدث عملية إبدال مدروسة للنظام النصيري بنظام جديد يحارب الشرع بـ"الشرع!".

أما عن أسباب إذعان الحركات الجهادية إلى هذا المسار الجاهلي، ولماذا تنكث غزلها وتنقلب على أعقابها؟! فالأسباب والتفسيرات كثيرة طويلة طول مسارات الحرب على الجهاد التي ترعاها قوى الكفر، لكن لعل أبرزها: وصول هؤلاء "الجهاديين المدجنين" إلى نتيجة حاسمة أنه لا جدوى من سلوك سبيل الجهاد في إحداث التغيير المنشود، لأنهم سيصطدمون بكل قوى الكفر العالمي وسيدفعون أثمانا كبيرة لم تطقها قلوبهم المريضة ولا نفوسهم المروّضة فيجنحون إلى مداهنة ومسايرة الجاهلية الدولية بدلا من مصادمتها ومفاصلتها، وصارت تلك عندهم حنكة ونضجا بعد أن كانت ردة وخيانة ونكوصا.

ولذلك بعد 13 عاما من "الجهاد الثوري" في الشام، أصبح الولاء والبراء "طائفية" وفُسّرت الثورة بأنها "قتال اضطراري" ضد "أسرة حاكمة" متسلطة رفضت الحوار وتقاسم السلطة! وليست حربا دينية ضد نظام نصيري كافر حتى بدون "صيدانيا" ومشتقاته، ولذلك خلت خطابات "مهووس السُّلطة واللَّقطة" من وصف النظام بــ"النصيري" خشية أن تُحسب عليه! وهو ما لا يقبله رعاة النظام الجديد ولا دستورهم الجاهلي المزمع تفصيله قريبا ليناسب مقاس "سوريا المستقبل" مع قرب أفول حدود "سايكس - بيكو" وبروز حدود "نتنياهو - ترامب".


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 473
الخميس 11 جمادى الآخرة 1446هـ

مقال:
تدجين وتجنيد!
...المزيد

الحمو الموت • الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: روى ...

الحمو الموت

• الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

روى البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- حديثا عظيما، وهو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذر تحذيرا شديدا من اختلاط الرجال بالنساء ومن التقارب بين الجنسين، وشدد أكثر على مسألة جلوس الزوجة مع أخ الزوج أو قريبه، فقال: (إياكم والدخول على النساء)، قال رجل: «أفرأيت الحمو؟» قال: (الحمو الموت).

قال النووي في رياض الصالحين: «الحمو قريب الزوج كأخيه وابن أخيه وابن عمه».

وقال النووي أيضا: «وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (الحمو الموت)، فمعناه أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن يُنكَر عليه بخلاف الأجنبي، والمراد بالحمو هنا: أقارب الزوج، غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت، وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه فهذا هو الموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه».

ولا ريب أن قريبات الزوجة أيضا فتنة للزوج فتحرم الخلوة بهن وأن يتركن الاحتجاب منه لأن النساء أعظم فتنة على الرجال كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) [متفق عليه].

ولا يصح أن يتذرع الرجل أو المرأة بالحرص أو العفة ونحو ذلك فقد وصف الله الإنسان بأنه ضعيف {وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا} فقد يُقال لنا إن فلانا من الأقارب مأمون الجانب معروف بالأدب والعفة، فنقول: ينبغي أن نسلّم ألّا أحد معصوم من الشيطان، وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم حتى لو كان هذا الرجل صالحا، فإن للشيطان مداخل وحيلًا كثيرة، ينبغي لمن أراد صيانة نفسه وعرضه أن يتأمل فيها ويتجنب القرب منها.

ولذلك سد الشارع كل الطرق التي قد تساعد في الوصول إلى الحرام؛ فحرّم على المرأة أن تتبرج وأن تخضع في القول للأجانب وأن تتعطر عند خروجها من بيتها وغير ذلك، لأن ذلك مدعاة ومُحسّن ومقرّب إلى المحظور و(من حام حول الحمى يوشك أن يرتع فيه) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يخلونّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم: (ألا لا يخلونّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) [رواه الترمذي]، وقال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس بينها وبينه محرم) [رواه الإمام أحمد].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «كان عمر بن الخطاب يأمر العُزاب ألا يسكنوا بين المتأهلين، وألا يسكن المتأهل بين العزاب، وهكذا فعل المهاجرون لما قدموا المدينة على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم» وما هذا إلا خوف الفتنة، وهو المجتمع النقي الطاهر الديّن العفيف، رضي الله عنهم ورحمهم.

فعلى المسلم أن يحذر كل الحذر من هذا المنكر ويدفعه عنه كما يدفع النار أن تحرقه، وحرقٌ أعظم من حرق، فحرق الجسد أخف من حرق الدين والعرض والمروءة، و(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [رواه مسلم]، فانظر أقاربك وجيرانك فحيث وجدت هذا المنكر فامتثل أمر نبيك -صلى الله عليه وسلم- وغيّره. إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد والله أعلى وأحكم ولا حول ولا قوة إلا به.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
الحمو الموت
...المزيد

عملية بروكسل إن كيد الشيطان كان ضعيفاً • ويزيد من إثبات فشل إجراءاتهم الأمنية ما صرحت به أجهزة ...

عملية بروكسل إن كيد الشيطان كان ضعيفاً

• ويزيد من إثبات فشل إجراءاتهم الأمنية ما صرحت به أجهزة مخابراتهم من أن الهجوم داخل المطار استُخدمت فيه بندقية هجومية تمكن أحد المجاهدين من إدخالها إلى داخل صالة المطار واستخدمها في قتل عدد ممن استهدفهم بالهجوم قبل تفجير الحزامين وإحداث مقتلة عظيمة فيمن تم استهدافهم من رعايا الدول الصليبية فإدخال سلاح ناري إلى هذا المكان الخاضع لإجراءات مشددة يوضح حقيقة الوهم عن إمكانية إحكام تأمين أي مكان بشكل تام.

فإذا أضفنا إلى هذه الحقائق ما روي عن مزاعم تركية ويونانية من توجيههم التحذيرات إلى أجهزة المخابرات البلجيكية حول بعض المشاركين في الهجوم فإن هذا زيادة في إثبات قدرة الإخوة -حتى المطلوبين والمراقبين منهم- على التخلص من الحواجز الأمنية الهشة للدول الأوروبية وتنفيذ عمليات ناجحة في أراضيها ولنا في قصتي الأخوين أبي محارب المهاجر الذي أطلق عليه الغرب لقب «الجهادي جون» وأبي عمر البلجيكي مثالان مناسبان على ذلك فالأول تمكن من الوصول إلى أرض الدولة الإسلامية بعد أن عبر عدة دول أوروبية رغم أنه كان ممنوعا من السفر وموضوعا تحت المراقبة من قبل المخابرات البريطانية التي تعتبر من أقوى أجهزة المخابرات في العالم والثاني سبق له أن خرج من فرنسا للالتحاق بالجهاد في الشام ثم العودة إلى فرنسا لتنفيذ عمليات فيها ثم الخروج منها ثانية بعد انكشاف أمره في المحاولة الأولى ثم العودة إليها والنجاح في المشاركة في غزوة باريس وكل هذا باختراق الإجراءات الأمنية الفاشلة للمخابرات الأوروبية التي كانت تبحث عنه ووضعته على قوائم الاغتيال لتقلته الطائرات المسيرة في شوارع الموصل أو في صحراء الأنبار أو أي مكان تعثر عليه فيه.

الجانب الآخر في أهمية العملية كمادة للدراسة والتحليل هو إثبات أن المجاهدين الذين كانوا مقيمين في تلك البلدان هم الأقدر على تنفيذ العمليات الناجحة فيها لا بسبب معرفتهم بلغة البلاد وطبائع أهلها فحسب وإنما لمعرفتهم بحقيقة الأوهام التي يتم ترسيخها في أذهان الناس عن القدرات الأسطورية لأجهزة المخابرات عموما والأوروبية منها خصوصا.

الجهاد في سبيل الله يحطم أوهام المخابرات

إن أجهزة المخابرات على العموم تستخدم الردع الأمني كواحد من أهم الأساليب التي تطبقها لمنع الناس من التفكير في اختراق المنظومة الأمنية وذلك بإقناعهم باستحالة نجاح أي عمل لسبب بسيط هو أن المخابرات تعرف «كل شيء» -كما يُصوّرون الأمر- وقادرة على إحباط أي عمل ضدها وهو في مراحله الأولى وهذا وهم كبير تعمل الدول على ترسيخه في أذهان من تحت أيديها من الناس وأذهان أعدائها على حد سواء ولكن لغايات شتى وتستخدم في سبيل هذا وسائل الإعلام بشكل رئيس حتى تتمكن من اعتقال ذهن المتلقي وجعله بذلك حبيس تلك الأوهام قبل اعتقاله جسديا إذا قرر نقل أفكاره إلى حيز التطبيق.

والجهاد في سبيل الله واحد من أهم الوسائل التي تعين العبد على التخلص من عبودية الخوف من أجهزة المخابرات ومن الطواغيت عموما فمن يحيا في أرض الجهاد ويمارسه فعلا يدرك حقيقة ثمرات التوكل على الله ويرى بعينه ضعف المشركين رغم أعدادهم وعتادهم وأسلحتهم وطائراتهم وتشتد عزيمته وهو يرى إخوانه يقتحمون على أعدائهم بأقل السلاح فينصرهم الله عليهم لما اعتقدوا يقينا أن الخطط العسكرية والأسلحة والأعداد إنما هي محض أسباب وأن النصر يكتبه الله لمن يشاء وما على العبد إلا أن يعمل بما أمره الله به من جهاد الكفار بما يستطيع وقد وعده إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.

خاتمة

إن التركيز على جانب ضعف العدو أكثر من جانب قوة الإخوة المنفذين لعملية بروكسل ليس من باب التقليل من شأن عملهم فنتائجه تغني عن الحديث عنه بفضل الله وقد شهد لهم العدو بنجاحه وحسن تخطيطه وتنفيذه ولكن من باب تنبيه المسلمين عموما أن يخلصوا التوحيد لله بأن يخرجوا من قلوبهم كل خوف من الطواغيت وزبانيتهم فإنما نحن جنود لله القوي المتين وما هم إلا جنود الشيطان وقد أمرنا الله بقتالهم وبين لنا ضعفهم فقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [سورة النساء: 76] وتذكيرهم أن يعملوا بما استطاعوا لقتال أعداء الله من المشركين والملاحدة عموما وأن ينصروا إخوانهم في الدولة الإسلامية بما استطاعوا بإلحاق الأذى بالدول الكافرة ورعاياها مهما صغرت درجة هذا الأذى والله يبارك في أعمالهم ونتائجها وهو الهادي إلى سواء السبيل.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
عملية بروكسل إن كيد الشيطان كان ضعيفاً
...المزيد

عملية بروكسل إن كيد الشيطان كان ضعيفاً • غزوة مباركة جديدة وفق الله المجاهدين إليها، وآتت أكلها ...

عملية بروكسل إن كيد الشيطان كان ضعيفاً

• غزوة مباركة جديدة وفق الله المجاهدين إليها، وآتت أكلها -بفضل الله- كما أريد منها، وأوقعت في أعداء الله من المشركين نكاية عظيمة، نسأل الله أن يتقبل إخواننا جنود الخلافة منفذي عملية بروكسل في الشهداء، ويتقبل منهم أعمالهم، إنه هو السميع العليم.

ولو نظرنا إلى هذه الغزوة بعين فاحصة لوجدنا أن آثارها غير المباشرة تفوق بكثير ما حُقّق من قتل للعشرات من رعايا الدول الصليبية، وإصابة وجرح المئات منهم، وتعطيل الحياة في مدنهم، وتكبيدهم خسائر اقتصادية هائلة.

وربما يكون أهم نتائجها على الإطلاق أنها أظهرت هشاشة النظم الأمنية للدول الأوروبية التي تزعم أنها الأقوى في العالم، وذلك من خلال نوع العملية، وزمانها، ومكانها، والظروف المحيطة بها، وطبيعة المنفذين لها، وكل هذه الأمور وإن كانت تكشف عن توفيق الله -سبحانه وتعالى- لجنود الخلافة القائمين عليها في كل مراحلها من تخطيط وإعداد وتنفيذ، فإنها تكشف بدرجة أكبر عن وهم كبير صنعه الإعلام ورسخه في أذهان الناس عن استحالة اختراق الإجراءات الأمنية للدول الصليبية، وتوجيه ضربات موجعة لها.

فمن حيث مكان الغزوة، فإنه من المفترض أن تكون بلجيكا بشكل عام مكانا غير مناسب من الناحية الأمنية لتنفيذ أي عملية، وذلك بسبب الاستنفار الكبير فيها، الذي بدأ بعد غزوة باريس المباركة مباشرة، واستمر دون انقطاع حتى يوم العملية، ومما يزيد من وضوح خطورة العمل في بروكسل بالذات أن عيون المخابرات العالمية والأوروبية كانت كلها منصبة عليها، باعتبارها مركز التخطيط لعمليات الدولة الإسلامية في أوروبا حسب ظنهم، وقد جرت فيها الكثير من عمليات المداهمة بحثا عمن يظنونهم القائمين على عمليات باريس أو المخططين المحتملين لعمليات مستقبلية، فلذلك فإن تنفيذ أي عمل في هذه المنطقة تحت الاستنفار الأمني الكبير دلالة على أن احتياطاتهم في أعلى درجاتها لن تغني عنهم -بإذن الله- شيئا، وأن المجاهدين إن عزموا على استهدافهم بما يتوفر لديهم من أسباب وتوكلوا على الله، فسييسر الله لهم اختراق تلك الإجراءات الأمنية، والنجاح في تنفيذ عملياتهم وإحداث النكاية الكبيرة في أعدائهم.

ومما يزيد من تأكيد هذه الحقيقة أن منفذي غزوة بروكسل الأخيرة لم يختاروا أهدافا سهلة، بل نفذوا ضرباتهم في مطارها الدولي الذي يفترض أن يكون شديد التحصين في الحالات العادية فضلا عن ظروف الاستنفار الأمني، وما أشيع عن تحذيرات وصلت لأجهزة المخابرات البلجيكية بخصوص عمليات محتملة، فتنفيذ الهجوم داخل المطار تم بنجاح رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي كانت موضوعة حوله وداخله، وهذا محض توفيق الله -سبحانه وتعالى- للإخوة، وكذلك فإن محطات القطارات لا تقل تشديدا عن المطارات، خاصة إذا تذكّرنا عدد المرات التي أخليت فيها هذه المحطات في أوروبا خوفا من استهدافها خلال الشهور الماضية، بل كان الإجراء الأول عادة لأجهزة الأمن الأوروبية هو تأمينها أو إيقافها عن العمل لفترات طويلة.

ويزيد من إثبات فشل إجراءاتهم الأمنية ما صرحت به أجهزة مخابراتهم من أن الهجوم داخل المطار استُخدمت فيه بندقية هجومية تمكن أحد المجاهدين من إدخالها إلى داخل صالة المطار، واستخدمها في قتل عدد ممن استهدفهم بالهجوم قبل تفجير الحزامين، وإحداث مقتلة عظيمة فيمن تم استهدافهم من رعايا الدول الصليبية، فإدخال سلاح ناري إلى هذا المكان الخاضع لإجراءات مشددة، يوضح حقيقة الوهم عن إمكانية إحكام تأمين أي مكان بشكل تام.

فإذا أضفنا إلى هذه الحقائق ما روي عن مزاعم تركية ويونانية من توجيههم التحذيرات إلى أجهزة المخابرات البلجيكية حول بعض المشاركين في الهجوم، فإن هذا زيادة في إثبات قدرة الإخوة -حتى المطلوبين والمراقبين منهم- على التخلص من الحواجز الأمنية الهشة للدول الأوروبية، وتنفيذ عمليات ناجحة في أراضيها، ولنا في قصتي الأخوين أبي محارب المهاجر الذي أطلق عليه الغرب لقب «الجهادي جون» وأبي عمر البلجيكي مثالان مناسبان على ذلك، فالأول تمكن من الوصول إلى أرض الدولة الإسلامية، بعد أن عبر عدة دول أوروبية، رغم أنه كان ممنوعا من السفر، وموضوعا تحت المراقبة من قبل المخابرات البريطانية التي تعتبر من أقوى أجهزة المخابرات في العالم، والثاني سبق له أن خرج من فرنسا للالتحاق بالجهاد في الشام، ثم العودة إلى فرنسا لتنفيذ عمليات فيها، ثم الخروج منها ثانية بعد انكشاف أمره في المحاولة الأولى، ثم العودة إليها والنجاح في المشاركة في غزوة باريس، وكل هذا باختراق الإجراءات الأمنية الفاشلة للمخابرات الأوروبية، التي كانت تبحث عنه، ووضعته على قوائم الاغتيال لتقلته الطائرات المسيرة في شوارع الموصل، أو في صحراء الأنبار، أو أي مكان تعثر عليه فيه.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
عملية بروكسل إن كيد الشيطان كان ضعيفاً
...المزيد

نصرة الدولة الإسلامية على أحزاب الكفر والردة والنفاق من أوثق عرى الإيمان «ومنزلة الولاء والبراء ...

نصرة الدولة الإسلامية على أحزاب الكفر والردة والنفاق من أوثق عرى الإيمان

«ومنزلة الولاء والبراء في الإسلام عظيمة، فالولاء والبراء قاعدة من قواعد الدين وأصل من أصول الإيمان والعقيدة، فلا يصح إيمان شخص بدونهما، فيجب على المرء المسلم أن يوالي في الله ويحب في الله ويعادي في الله، فيوالي أولياء الله ويحبهم، ويعادي أعداء الله ويتبرأ منهم ويبغضهم، فمن أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فهو ولي الله، أما من والى الكافرين واتخذهم أصدقاء وإخوانا فهو مثلهم، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارىٰ أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [المائدة: 51]، والقرآن العزيز مشتمل على كثير من الآيات التي تحذر من اتخاذ الكافرين أولياء، مثل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} [الممتحنة: 1]».

«فالبراء من الأسس التي تقوم عليها العقيدة الإسلامية وهو البعد من الكفار ومعاداتهم وقطع الصلة بهم، فلا يصح إيمان المرء حتى يعادي الكفار والمرتدين والمنافقين ويتبرأ منهم ولو كانوا أقرب قريب، قال سبحانه: {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولٰئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولٰئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} [المجادلة: 22]، فقد تضمنت هذه الآية الكريمة أنه لا يتحقق الإيمان إلا لمن تباعد عن الكفار المحادين لله ولرسوله وتبرأ منهم وعاداهم ولو كانوا أقرب قريب، وقد أثنى -سبحانه وتعالى- على خليله إبراهيم حينما تبرأ من أبيه وقومه ومعبوداتهم حيث قال: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براءٌ مما تعبدون} [الزخرف: 26]».

«وقد أمرنا سبحانه وتعالى بأن نتأسى بالخليل -عليه الصلاة والسلام- وبتوحيده الخالص وبراءته من المشركين حيث قال: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتىٰ تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير} [الممتحنة: 4]».

«أما مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم عليهم فهي كفر ناقل عن ملة الإسلام عند كل من يعتد بقوله من علماء الأمة قديما وحديثا، قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله: الناقض الثامن من نواقض الإسلام «مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين» ... وبناء على هذا فإن من ظاهر دول الكفر على المسلمين وأعانهم عليهم كأمريكا وزميلاتها في الكفر يكون كافرا مرتدا عن الإسلام بأي شكل كانت مظاهرتهم وإعانتهم...»

«وهذا العداء والحقد على الإسلام والمسلمين من قبل هؤلاء الصليبيين واليهود لا يستغرب، لأن الكفر وإن كان مللا شتى إلا أنهم ملة واحدة بالنسبة لعداء المسلمين والحقد عليهم...»

«وبهذه المناسبة فإننا ندعو جميع المسلمين أن يهبوا لنصرة إخوانهم المجاهدين بكل ما يستطيعون من عون بالنفس والمال والدعاء والدعاية، كما نوصي إخواننا المجاهدين بالصبر والثبات والاستماتة في مقاومة هذا العدوان، وكلنا أمل في الله أن تكون ديار المسلمين مقبرة لهؤلاء الصليبيين والمرتدين كما كانت مقبرة لمن قبلهم من الطغاة المستكبرين».

«كما نذكر إخواننا المقاتلين في سبيل الله بحالة المسلمين يوم الأحزاب حينما تكالبت عليهم قوى الكفر وتحالفوا على غزو المدينة واستئصال شأفة المسلمين، إلا أن الله -سبحانه وتعالى- بقوته التي لا تقهر زلزلهم وفرق شملهم وأنجى نبيه ومن معه...» انتهى كلامه رحمه الله.

واليوم يعيد التاريخ نفسه، وتعود نفس ملل الكفر والعمالة لحرب المسلمين من جديد، فالواجب على جميع المسلمين عموما، وعلى المسلمين الساكنين ديار الدولة الإسلامية خصوصا أن ينصروا دولتهم الإسلامية في كل مكان بكل ما يستطيعون من أنفس وأموال ودعوات، وأن يذبوا عن عرض إخوانهم المجاهدين ويوالوهم ويؤدوا لهم واجب النصرة والدعم ويفرحوا بظهورهم وانتصارهم وأن يرفعوا همم الناس ويلجموا أفواه المغرضين والمخذلين، فوالله الذي لا إله إلا هو إن ذلك من أوثق عرى الإيمان، كما أن ضده من الفرح بهزيمة المسلمين ومحبة ظهور الكفار وتمكنهم في الأرض لهو الردة الصريحة عن دين الإسلام.

فاحذر أيها المسلم من مغبة تضييع ما أوجبه الله عليك، واسع في درب مرضاته وكن على يقين بموعود الله لعباده المؤمنين بأن العاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
نصرة الدولة الإسلامية على أحزاب الكفر والردة والنفاق من أوثق عرى الإيمان
...المزيد

نصرة الدولة الإسلامية على أحزاب الكفر والردة والنفاق من أوثق عرى الإيمان الحمد لله، والصلاة ...

نصرة الدولة الإسلامية على أحزاب الكفر والردة والنفاق من أوثق عرى الإيمان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا يخفى عليك اليوم -أيها المسلم اللبيب- كيف اجتمعت ملل الكفر والردة والنفاق من العرب والعجم على حرب الدولة الإسلامية، فتراهم يتحشدون ويجمعون ويأتمرون ويتآمرون ويجيشون ويتوعدون، وتقودهم في ذلك حاملة الصليب أمريكا، حتى باتت المعركة الفاصلة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان قاب قوسين أو أدنى.

ورغم وضوح الرؤية وانكشاف الحقائق، تجد البعض يتساءل: مع من سأقف؟ وما هو موقفي؟

فاسمع هذه الكلمات أيها المسكين، فالخطب جلل والأمر عظيم، فوالله إنهما الفسطاطان اللذان أخبر عنهما الصادق المصدوق: (فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه)!

قال تعالى: {لا يتخِذِ المؤمِنون الكافِرِين أولِياء مِن دونِ المؤمِنِين ومن يفعل ذٰلِك فليس مِن اللهِ فِي شيءٍ إِلا أن تتقوا مِنهم تقاةً ويحذِركم الله نفسه وإِلى اللهِ المصِير} [آل عمران: 28].

وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله) [حديث حسن رواه الطبراني].

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك» [جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي].

يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في شرح قول ابن عباس الآنف: «قوله: «ووالى في الله»، هذا بيان للازم المحبة في الله، وهو الموالاة فيه، إشارة إلى أنه لا يكفي في ذلك مجرد الحب، بل لا بد مع ذلك من الموالاة التي هي لازمة الحب، وهي النصرة والإكرام والاحترام، والكون مع المحبوبين باطنا وظاهرا، وقوله «وعادى في الله»، هذا بيان للازم البغض في الله، وهو المعاداة فيه، أي إظهار العداوة بالفعل كالجهاد لأعداء الله، والبراءة منهم، والبعد عنهم باطنا وظاهرا، وإشارة إلى أنه لا يكفي مجرد بغض القلب، بل لا بد مع ذلك من الإتيان بلازمه، كما قال تعالى: {قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ فِي إِبراهِيم والذِين معه إِذ قالوا لِقومِهِم إِنا برآء مِنكم ومِما تعبدون مِن دونِ اللهِ كفرنا بِكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتىٰ تؤمِنوا بِاللهِ وحده}» [تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد].

لذا فقد تقرر في الشريعة المطهرة وعلم من الدين بالضرورة أن الولاء والبراء أصل من أصول الدين، لا دين ولا إسلام ولا إيمان بدونه!

فما معنى الولاء والبراء؟ وما موقعهما من الدين؟ وماذا يجب على المسلم لكي يحقق الولاية والبراءة؟

قال الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي -رحمه الله- عندما سئل عن الموقف من «الحملة الصليبية على أفغانستان» باختصار وتصرف يسير:

«الولاء في اللغة اسم مصدر من والى يوالي موالاة وولاء، ووالى فلان فلانا إذا أحبه واتبعه، والولاية معناها النصرة والحماية والاتباع، وولي فلان فلانا أي تقرب منه، أما معنى الولاء في الشرع فهو تولي العبد ربه ونبيه باتباع الأوامر واجتناب النواهي وحب ونصرة أولياء الله من المؤمنين».

«أما البراء لغة فهو مصدر برى بمعنى قطع، ومنه برى القلم بمعنى قطعه، والمراد هنا قطع الصلة مع الكفار، فلا يحبهم ولا يناصرهم ولا يقيم في ديارهم، والبراء في الشرع هو البعد والخلاص والعداوة، يقال برى وتبرأ من الكفار إذا قطع الصلة بينه وبينهم فلا يواليهم ولا يحبهم ولا يركن إليهم ولا يطلب النصرة منهم».

«ومنزلة الولاء والبراء في الإسلام عظيمة، فالولاء والبراء قاعدة من قواعد الدين وأصل من أصول الإيمان والعقيدة، فلا يصح إيمان شخص بدونهما، فيجب على المرء المسلم أن يوالي في الله ويحب في الله ويعادي في الله، فيوالي أولياء الله ويحبهم، ويعادي أعداء الله ويتبرأ منهم ويبغضهم، فمن أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فهو ولي الله، أما من والى الكافرين واتخذهم أصدقاء وإخوانا فهو مثلهم، قال تعالى: {يا أيها الذِين آمنوا لا تتخِذوا اليهود والنصارىٰ أولِياء بعضهم أولِياء بعضٍ ومن يتولهم مِنكم فإِنه مِنهم إِن الله لا يهدِي القوم الظالِمِين} [المائدة: 51]، والقرآن العزيز مشتمل على كثير من الآيات التي تحذر من اتخاذ الكافرين أولياء، مثل قوله تعالى: {يا أيها الذِين آمنوا لا تتخِذوا عدوِي وعدوكم أولِياء تلقون إِليهِم بِالمودةِ} [الممتحنة: 1]».


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
نصرة الدولة الإسلامية على أحزاب الكفر والردة والنفاق من أوثق عرى الإيمان
...المزيد

عندما ملك الأرضَ أهلُ الرفض الدولة الحَمْدانية • بدأ أمر الحمدانيين بتمرد على الدولة العباسية ...

عندما ملك الأرضَ أهلُ الرفض الدولة الحَمْدانية

• بدأ أمر الحمدانيين بتمرد على الدولة العباسية فبدؤوا مؤامراتهم بالتعاون مع هارون الشاري الخارجي، وسرعان ما وقع قائدهم حمدان أسيرا بيد العباسيين وسُجن في بغداد فقام الحسين بن حمدان على رأس جيش وأغار على جيش هارون الخارجي قرب الموصل، فهزم الحمدانيون الخوارجَ، وأسروا حليفهم السابق هارون الخارجي قرب الموصل، وسلَّموه للعباسيين في بغداد فعفا الخليفة العباسي عن الحمدانيين بعد قضائهم على أعدائه الخوارج وأفرج عن سيدهم حمدان.

بعد التصالح بين العباسيين والحمدانيين قام الحمدانيون بأداء دور المناصر للدولة العباسية المدافعين عن حوزتها المحاربين لأعدائها، فانخدع العباسيون بالحمدانيين، وانطلت عليهم التقية التي هي دين الرافضة ففي كتبهم «من لا تقية له، لا دين له»، فدخل الحمدانيون بغداد، واستقبلهم الخليفة العباسي وأعطى لقب «ناصر الدولة» للحسن بن حمدان، ولقَّب أخاه عليّاً «سيف الدولة» في شعبان من عام 330 هـ وتولى «ناصر الدولة» إمرة الأمراء في بغداد، وهو منصب تنفيذي كبير، لطالما استأثر به الأتراك السنة الذين كان لهم نفوذ في البلاط العباسي حينذاك، وصل حد عزل وتعيين خلفاء والله المستعان.

لم يستقر الحمدانيون كثيراً ببغداد بسبب الاضطرابات الداخلية وقراراتهم التي جلبت عليهم سخط أهل بغداد، وزياداتهم في الضرائب والأسعار، ما مهد الطريق أمام عودة الأتراك إلى بغداد بقيادة توزون، مستغلين سفر ناصر الدولة إلى الموصل، فاستعادوا منصبهم «إمرة الأمراء» سنة 331 هـ، ولم يستطع زعماء الحمدانيين البقاء في بغداد واضطروا للعودة إلى الموصل.

تطلع سيف الدولة بعد خروج الحمدانيين من بغداد إلى القيام بحملة عسكرية يدفعه لها طمعٌ في توسيع حدود دولته الباطنية، فسار سنة 333 هـ إلى شمال بلاد الشام، فاحتلت قواته مدينة حلب، وأخرج منها حاكمها التابع للدولة الإخشيدية، الحاكمة حينذاك لمصر والشام، رافعا شعار محبة آل البيت، مخفيا ومبطنا حقيقته الرافضية.

وكما وقفنا في حلقاتنا السابقة، عند حديثنا عن تاريخ ملوك الطوائف في الأندلس، فليس كل من يحارب الصليبيين يكون مقصده نصرة الإسلام، فقد حارب الصليبيون في الأندلس دويلات طوائف، واقع أغلب حكامها الردة، وكذلك الأمر مع الحمدانيين، الذين وجدوا أنفسهم بحكم موقعهم الجغرافي المتاخم لآسيا الصغرى، في مواجهة مباشرة مع الروم البيزنطيين، وقد امتدت الحروب بين البيزنطيين والحمدانيين من عام 337 إلى سنة 351 هـ، تلك السنة التي شهدت احتلال الصليبيين حلب، وارتكابهم المجازر في حق أهلها.

وما يعزز القول بأن القتال بين الحمدانيين والبيزنطيين كان من أجل توسيع حدود كل طرف، فالحمدانيون حاربوا كل جيرانهم، سواء كانت دولا سنية أو صليبية أو حتى رافضية على دينهم، حيث كانت نهاية الدولة الحمدانية على يد الدولة العبيدية الإسماعيلية (التي يسميها بعض المؤرخين بالفاطمية، نسبة لفاطمة -رضي الله عنها- بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي منهم براء) سنة 399 هـ.

يقول ابن كثير عن ذلك الوقت: «وقد امتلأت البلاد رفضا وسبا للصحابة من بني بويه وبني حمدان والفاطميين وكل ملوك البلاد مصرا وشاما وعراقا وخراسانا، وغير ذلك من البلاد كانوا رفضا، وكذلك الحجاز وغيره وغالب بلاد المغرب فكثر السب والتكفير منهم للصحابة».

نعم، هذا ما نقله إلينا المؤرخ ابن كثير عن حقيقة الدولة الحمدانية الرافضية، التي اعتنق جمع غفير من أهل حلب دين الرفض في زمانها -كما أشارت بعض الروايات التاريخية- وفي زمانها استفشى سب صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم- وتكفيرهم، وقد وجدت الدولة الحمدانية علماء سوء يمجّدونها ويجمّلونها، ويضفون عليها الشرعية، ووجدت أيضا شعراء برعوا في المدح والتملق للسلاطين، كأبي الطيب المتنبي، وابن عمهم أبي فراس الحمداني.

تَغَنَّت الدولة الحمدانية المحتلة أرض الشام بشعارات «المقاومة» و«الممانعة» وحمايتها بلاد العرب والمسلمين في مواجهة الروم البيزنطيين، وشعارات «العروبة» في مواجهة «الشعوبية» والنفوذ السياسي المتزايد للأعاجم، سواء داخل البلاط العباسي أو على صعيد دويلاتهم الناشئة، وشعارات محبة آل البيت رضوان الله عليهم ونصرتهم -كذا زعموا- في مواجهة الناصبة، وعموم أهل السنة نواصب في دين الرافضة.

فهذا التاريخ، وذي دروسه، فهل من معتبر؟

هذا وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
عندما ملك الأرضَ أهلُ الرفض الدولة الحَمْدانية
...المزيد

عندما ملك الأرضَ أهلُ الرفض الدولة الحَمْدانية تمتلئ صفحات التاريخ الإسلامي بالدول التي تم ...

عندما ملك الأرضَ أهلُ الرفض الدولة الحَمْدانية

تمتلئ صفحات التاريخ الإسلامي بالدول التي تم تسويقها على أنها دول إسلامية وخاصة إذا قاتلت هذه الدول أعداء الأمة الإسلامية من روم أو صليبيين أو سواهم، وعند التنقيب في حقيقة بعض تلك الدول نجد أنها كانت من ألدّ أعداء الإسلام لكونها مبنية على عقائد أهل الضلال من الرافضة والباطنية والخوارج وما شابه وأن قتالها لأعداء المسلمين الذي كان صراعا على الدنيا لا يغفر لتلك الدول وأمرائها ما فعلته من تحريف لعقائد المسلمين ونشر للعقائد الضالة الأمر الذي لا زلنا ندفع تكاليفه إلى يومنا هذا بتسلط هذه الفرق الضالة على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

ومن تلك الدول التي قامت على عقائد ضالة نشرتها بين الناس دولة الرافضة من بني حَمْدان الذين عملوا على نشر دين الرفض في شمال بلاد الشام لولا أن قدر الله سقوطها ثم وجود من تتبع الرافضة وقضى على كفرهم في تلك النواحي، وإن كانت آثارهم في حلب وإدلب وساحل الشام لا زالت موجودة.

ظهرت الدولة الحمدانية أواخر القرن الرابع الهجري، الذي شهد قيام دول باطنية في المشرق العربي، وجثومها على بلاد المسلمين تارة باسم «العروبة» ومجابهة «الشعوبية»، وتارة باسم مناصرة آل البيت ومحاربة النواصب كدولة القرامطة والدولة العبيدية ودولة البويهيين وغيرهم.

يرجع نسب الحمدانيين إلى حمدان بن حمدون التغلبي، وقد كان منهم ولاة وقادة عسكريون في الدولة العباسية قبل انشقاقهم عنها واستقلالهم بدولتهم الرافضية.

بدأ أمر الحمدانيين بتمرد على الدولة العباسية فبدؤوا مؤامراتهم بالتعاون مع هارون الشاري الخارجي، وسرعان ما وقع قائدهم حمدان أسيرا بيد العباسيين وسُجن في بغداد فقام الحسين بن حمدان على رأس جيش وأغار على جيش هارون الخارجي قرب الموصل، فهزم الحمدانيون الخوارجَ، وأسروا حليفهم السابق هارون الخارجي قرب الموصل، وسلَّموه للعباسيين في بغداد فعفا الخليفة العباسي عن الحمدانيين بعد قضائهم على أعدائه الخوارج وأفرج عن سيدهم حمدان.

بعد التصالح بين العباسيين والحمدانيين قام الحمدانيون بأداء دور المناصر للدولة العباسية المدافعين عن حوزتها المحاربين لأعدائها، فانخدع العباسيون بالحمدانيين، وانطلت عليهم التقية التي هي دين الرافضة ففي كتبهم «من لا تقية له، لا دين له»، فدخل الحمدانيون بغداد، واستقبلهم الخليفة العباسي وأعطى لقب «ناصر الدولة» للحسن بن حمدان، ولقَّب أخاه عليّاً «سيف الدولة» في شعبان من عام 330 هـ وتولى «ناصر الدولة» إمرة الأمراء في بغداد، وهو منصب تنفيذي كبير، لطالما استأثر به الأتراك السنة الذين كان لهم نفوذ في البلاط العباسي حينذاك، وصل حد عزل وتعيين خلفاء والله المستعان.

لم يستقر الحمدانيون كثيراً ببغداد بسبب الاضطرابات الداخلية وقراراتهم التي جلبت عليهم سخط أهل بغداد، وزياداتهم في الضرائب والأسعار، ما مهد الطريق أمام عودة الأتراك إلى بغداد بقيادة توزون، مستغلين سفر ناصر الدولة إلى الموصل، فاستعادوا منصبهم «إمرة الأمراء» سنة 331 هـ، ولم يستطع زعماء الحمدانيين البقاء في بغداد واضطروا للعودة إلى الموصل.

تطلع سيف الدولة بعد خروج الحمدانيين من بغداد إلى القيام بحملة عسكرية يدفعه لها طمعٌ في توسيع حدود دولته الباطنية، فسار سنة 333 هـ إلى شمال بلاد الشام، فاحتلت قواته مدينة حلب، وأخرج منها حاكمها التابع للدولة الإخشيدية، الحاكمة حينذاك لمصر والشام، رافعا شعار محبة آل البيت، مخفيا ومبطنا حقيقته الرافضية.

وكما وقفنا في حلقاتنا السابقة، عند حديثنا عن تاريخ ملوك الطوائف في الأندلس، فليس كل من يحارب الصليبيين يكون مقصده نصرة الإسلام، فقد حارب الصليبيون في الأندلس دويلات طوائف، واقع أغلب حكامها الردة، وكذلك الأمر مع الحمدانيين، الذين وجدوا أنفسهم بحكم موقعهم الجغرافي المتاخم لآسيا الصغرى، في مواجهة مباشرة مع الروم البيزنطيين، وقد امتدت الحروب بين البيزنطيين والحمدانيين من عام 337 إلى سنة 351 هـ، تلك السنة التي شهدت احتلال الصليبيين حلب، وارتكابهم المجازر في حق أهلها.

وما يعزز القول بأن القتال بين الحمدانيين والبيزنطيين كان من أجل توسيع حدود كل طرف، فالحمدانيون حاربوا كل جيرانهم، سواء كانت دولا سنية أو صليبية أو حتى رافضية على دينهم، حيث كانت نهاية الدولة الحمدانية على يد الدولة العبيدية الإسماعيلية (التي يسميها بعض المؤرخين بالفاطمية، نسبة لفاطمة -رضي الله عنها- بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي منهم براء) سنة 399 هـ.

يقول ابن كثير عن ذلك الوقت: «وقد امتلأت البلاد رفضا وسبا للصحابة من بني بويه وبني حمدان والفاطميين وكل ملوك البلاد مصرا وشاما وعراقا وخراسانا، وغير ذلك من البلاد كانوا رفضا، وكذلك الحجاز وغيره وغالب بلاد المغرب فكثر السب والتكفير منهم للصحابة».


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
عندما ملك الأرضَ أهلُ الرفض الدولة الحَمْدانية
...المزيد

الأمير النبيل أبو المغيرة القحطاني وعندما وصل إلى الولايات الليبيية وجد أن كثيرا من الناس هناك ...

الأمير النبيل أبو المغيرة القحطاني

وعندما وصل إلى الولايات الليبيية وجد أن كثيرا من الناس هناك أثر فيهم المنهج الفاسد لتنظيم القاعدة في معاملة المرتدين، فبدأ يحرضهم على قتال المرتدين واستئصالهم وهو يقول لهم: «لن نسمح بأن يعيش مرتد معنا آمنا»، فرد عليه أحد المجاهدين: «إن قاتلناهم سنخرج من المدينة»، فقال رحمه الله: «سقوط المدن مع بقاء الولاء والبراء خير من سقوط الولاء والبراء مع بقاء المدن».

كان -رحمه الله- مثالا للشجاعة والإقدام والشدة على أعداء الله في الصف الأول مع إخوانه في كل المعارك والاقتحامات ينفذ معهم عمليات الاغتيال ويعتقل بيده مرتدي الصحوات وأصيب بسبب ذلك عدة مرات إحداها أثناء اغتيال أحد المرتدين وسط الفلوجة حيث أصيب بعدة رصاصات في كتفه، والأخرى أثناء محاولة المرتدين اعتقاله بعدما تعرف عليه أحدهم فعاجله برصاصات من مسدسه قتلته على الفور، ومكنه الله من الإفلات من الأسر رغم تطويقهم للمنطقة وتمشيطهم لكامل الحي الذي اختبأ فيه.

وفي الوقت نفسه كان رفيقا بإخوانه متواضعا لهم، حتى أنه كان غالبا ما يوقع مراسلاته معهم بعبارة «أخوكم الصغير» ما أكسبه محبة كل من عمل معه من الأمراء والجنود، وكان شديد الحرص عليهم، تقبله الله، فيلقي بنفسه في المخاطر ليضمن سلامتهم، ويشهد له أحد إخوانه أنه دخل بنفسه إلى مضافة قصفها الصليبيون في جزيرة الثرثار حيث قُتل الإخوة الموجودون فيها وبقي منهم جريح ثم استمرت الطائرات المسيرة تحوم حول المكان لتلتقط من يحاول الاقتراب من المنزل المدمر، فقُصفت أول مجموعة تقدمت لإخراج الأخ الجريح وقتل المسعفون، ليتبعهم أبو هُمام وحده ويخرج الأخ الجريح رغم الخطر واشتداد الخوف.

أما عن شدته على أعداء الله فما قصة ما فعله بالروافض من مقتلة في سبايكر بخافية على أحد حيث أعدم الآلاف من المشركين دفعة واحدة دون أن تأخذه بهم رأفة ولا شفقة، وفي الولايات الليبية كان بعض الإخوة يقتلون المرتدين خفية قبل وصوله إليهم ولا يتبنون ذلك، فقال لهم «إذا أردتم أن يخافكم الكفار فاقتلوهم، وقولوا: نحن قتلنا»، ففعل الإخوة ذلك، وامتلأت مكاتب الاستتابة بالمرتدين التائبين.

وبالرغم من شدته في المواطن التي تتطلبها كان -رحمه الله- حكيما يضع السيف موضعه والحلم موضعه يجذب إليه الأسماع والقلوب إذا تكلم ففي أحد المواقف المشهودة له قبل غزوة سامراء جمع شيوخ العشائر وتكلم معهم بكلام سرَّهم فكان ذلك سببا في توبة العشرات من عناصر الصحوات وتسليمهم سلاحهم إلى الدولة الإسلامية، وذلك بعد شهور من التنكيل بهم قتلا وأسرا.

وبعد غدرة حصلت لجنود الخلافة في مدينة هراوة في ولاية برقة أرسل الشيخ مع أحد الوسطاء إلى من غدر بالإخوة ليسلموا سلاحهم وإلا سيجعل منهم عبرة لمن بعدهم، فأذعنوا لطلبه ولشروطه عليهم، ومنها أن يضمنوا ما أُتلف من السلاح والذخيرة وبعد أن تابوا وأرسلوا الدفعة الأولى من مبلغ المال المتفق عليه، اتصل الشيخ بالوسيط وقال له: «أخبر أهل هراوة أننا قد عفونا عنهم، وبإذن الله يعوضنا الله خيرا»، وبعد يومين فتح الله على الإخوة في سرت فغنموا من المرتدين كميات كبيرة من السلاح والذخيرة.

أما عبادته وحرصه على تعلم الدين وتعليمه فيروي مَن صاحَبَه في سجنه أنه كان صواما مواظبا على دروس العلم التي كانت تعطى في السجن، وأجازه أحد قادة الدولة الإسلامية في سجن «أبو غريب» بروايتي حفص وورش قراءةً، وإلى جانب طلبه للعلم كان له درس في السيرة يعطيه لإخوانه الأسرى، وكان الإقبال على هذا الدرس يفوق الإقبال على كل حلقات العلم في سجن أبو غريب على الإطلاق.

ويروي مَن صاحبه في سجنه كثيرا من المواقف عن أيمان أطلقها الشيخ في سجنه فأبرها الله له عند خروجه، ودعاء دعا به فاستجاب له الله وتحقق ما دعا اللهَ به.

منها أنه قال في دعائه مرة إنه سيجعل الصحوات يحفرون قبورهم بأيديهم إن من الله عليه بالخروج، فتحقق له ذلك في القصة المشهورة التي وثقها إصدار الفرقان (صليل الصوارم 4)، وهي قصة القيادي في الصحوات الذي قال العبارة التي صارت محل تندر الناس في مشارق الأرض ومغاربها «أخاف إنكم داعش يابا» وذلك حين اعتقله الشيخ أبو نبيل ثم وقف على رأسه وهو يحفر قبره بيديه، ويدعو على سيده المالكي.

ومنها أنه حين سمع بقصة إلقاء جثة الشيخ أسامة بن لادن -رحمه الله- في البحر أقسم بالله أن يمزج دماء الكفار بماء البحر، فأبر الله قسمه، وخرج من سجنه، ثم انتقل من أرض لا بحر فيها لينحر النصارى المشركين على ساحل طرابلس فتمتزج دماؤهم بماء بحره.

ومنها أن أحد الإخوة طلب منه رافضيا مشركا كي يذبحه، فرد عليه الشيخ: أبشر بإذن الله لك رؤوس ألف رافضي، وبعد يومين من الله عليه بأسر الألوف من الروافض في سبايكر لينحرهم ويتقرب بدمائهم إلى الله تعالى، ويفي بوعده لأخيه..


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقتطف من قصة شهيد:
الأمير النبيل أبو المغيرة القحطاني - تقبَّله الله ثبات حتى الممات
...المزيد

الأمير النبيل أبو المغيرة القحطاني بعد خروجه من السجن بفترة قصيرة التقى في بغداد بواليها مناف ...

الأمير النبيل أبو المغيرة القحطاني

بعد خروجه من السجن بفترة قصيرة التقى في بغداد بواليها مناف الراوي ووالي الفلوجة عباس الجواري -تقبلهما الله- لينسق معهما للعودة إلى ساحات الجهاد، فعمل في ولاية الفلوجة، وخاصة في «أبو غريب» قبل أن يصبح نائبا للوالي، ثم واليا على الفلوجة، ويستمر في مسؤوليته حتى اعتقل في واحدة من أكبر الضربات الأمنية التي تعرض لها المجاهدون آنذاك، حيث اعتقله الأمريكيون مع ثلّة من أصحابه في الولاية (في شعبان من عام 1431 هـ)، وسلموه للروافض الذين أودعوه في واحد من أبشع معتقلاتهم التابعة لما يعرف بجهاز مكافحة الإرهاب، والمعروف بسجن «جرائم 52»، حيث انفضح أمره، وكشف الروافض طبيعة عمله في الدولة الإسلامية، ما يعني بالنسبة له الحكم بالإعدام.

بعد انتهاء التحقيق معه تم تسفيره إلى سجن «التاجي»، فأصبح أميرا للإخوة في أحد أقسامه قبل أن ينصحه إخوانه في الخارج بتأمين الانتقال إلى سجن أبو غريب، حيث كانوا يخططون حينها لعملية تحرير الأسرى منه، ونجح مع ثلاثة من إخوانه في تحقيق ذلك، بعد أن أغروا الرافضة المسؤولين عن السجن ببعض المبالغ.

عند وصوله إلى سجن «أبو غريب» كانت خطة الهروب من السجن تقوم على نفق حفره الإخوة في إحدى غرف السجن، فاتخذ كنية جديدة هي (أبو زيد) وتم تعيينه أميرا على أحد أقسام السجن وعضوا في لجنة تنظيم عملية الهروب التي كانت تقوم بدور التنسيق بين الإخوة في داخل السجن وخارجه، وقدر الله أن فشلت خطة الهروب الأصلية باكتشاف الرافضة للنفق المحفور، وإخلائهم للغرفة التي حفر فيها وإغلاقها.

لم ييأس الشيخ وإخوانه من الأمر، بل مضوا لتحقيق غايتهم بعزم أقوى، سيما وقد تم اختياره أميرا لكل الإخوة في سجن «أبو غريب»، واتخذ لنفسه كنية جديدة هي (أبو حامد)، حيث كان ينسق مع الشيخ أبي عبد الرحمن البيلاوي -تقبله الله- لإنجاح الأمر حتى أتمه الله، وأخرجه الله والمئات من إخوانه من غياهب السجون، ليعود جنديا من جنود الدولة الإسلامية في صحراء الأنبار، قبل أن ينقله الشيخ البيلاوي إلى ولاية صلاح الدين أميرا عليها، بكنيته الجديدة (أبو نبيل).

ترافق دخوله إلى صلاح الدين مع العمليات الكبرى للدولة الإسلامية في العراق، التي تكللت بفتح نينوى وما بعده من الفتوحات، فقاد أبو نبيل كل غزوات صلاح الدين في ذلك الوقت وعلى رأسها غزوة سامراء، وقد ظهر في إصدار (على منهاج النبوة) الذي وثقها خطيبا وكان في الإخوة قبل انطلاق الغزوة، ثم أشرف على مذبحة الرافضة من جنود قاعدة سبايكر، وقتل الله على يديه الألوف من الرافضة.

بعد إعلان الخلافة، جاءت البيعات لأمير المؤمنين من كل حدب وصوب، وعلى رأسها بيعة مجاهدي ليبيا، فأرسل أمير المؤمنين الشيخ أبو بكر البغدادي -حفظه الله- سيفه المجرب أبا نبيل ليكون أميرا عليهم، فوضع اللبنات الأول لصرح الدولة الإسلامية هناك.

وبقي أبو المغيرة القحطاني يجالد أعداء الله من المرتدين هناك حتى فتح الله على يديه مدينة سرت وما حولها، وذلك بعد غدر الصحوات بهم في درنة، ونجاته هو من محاولة اغتيال بأيديهم قتل فيها الكثير من إخوانه وجنوده، فتم له ولإخوانه التمكين في الأرض، فحكموا الشريعة، وأقاموا الحدود، وقاتلوا الكفار والمرتدين.

وكانت نهاية رحلة أخينا قتلا بأيدي الأمريكيين الصليبيين الذين استهدفوه بغارة جوية في مدينة «درنة»، بعد سنوات طويلة من الجهاد، فتقبله الله في الصالحين.

لقد كان الثبات على الطريق أبرز صفات الشيخ أبي المغيرة القحطاني رحمه الله، فمن يتتبع مسيرته الجهادية التي جاوزت 13 عاما، يرى بجلاء كيف أنه كان الجبل الأشم الذي لا تزلزله المحن، ولا توهن عزيمته الفتن، فكلما ابتلي بسجن ونجاه الله منه، عاد إلى مجالدة أعداء الله فور خروجه من بين أيديهم، وكلما أصابته جراحات صبر عليها واستمر في جهاده، وفي الوقت نفسه لم تنجح محاولات المرتدين في استمالته أو تثبيط عزيمته بالمغريات، ففي اعتقاله الأخير كان يعرف أنه سيحكم بالإعدام على القضايا التي أثبتها الروافض عليه، وكان ضباط المخابرات يحاولون إغراءه بإخراجه من السجن بفُتات من الدنيا وزخرفها، وقد ساوموه على إطلاق سراحه، ونجاته من عقوبة الإعدام لقاء مساعدتهم في اعتقال الشيخ أبي إبراهيم الزيدي، تقبله الله، فكان جوابه على طلبهم شبيها بجواب يوسف -عليه السلام- لمن أراد أن يفتنه بالسجن ليصده عن دينه (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)، فكان أن نجاه الله من الإعدام والسجن بعد بضع سنين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقتطف من قصة شهيد:
الأمير النبيل أبو المغيرة القحطاني - تقبَّله الله ثبات حتى الممات
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً