صحيفة النبأ العدد 484 المقال الافتتاحي: سبيل العزة (٢/٢) فالمسلم عزيز باتباعه دين الله، ...

صحيفة النبأ العدد 484
المقال الافتتاحي:
سبيل العزة

(٢/٢)
فالمسلم عزيز باتباعه دين الله، وسلوكه نهج نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ومن ثمار هذه العزة أنك تجد المسلم مقداما شجاعا يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم، يتقدم ولا يحجم، ولا يعمل حسابا لغير الله تعالى، لأنه يعلم أن الله عزيز مغالب عزّ على كل شيء فغلبه وقهره، فبات وما في قلبه إلا خوف العزيز القهار فاكتسب بذلك عزة ومهابة ظهرت على جوارحه حتى هابه أعداؤه ولو كان وحده، فلا يقتحمون عليه عرينه إلا بغطاء الطائرات وأرتال الآليات، كما نراهم في حملاتهم المكوكية على أجناد الخلافة شرقا وغربا يحشدون المئات لاقتحام كهف غائر في جبل أو خيمة في فلاة في أقصى الأرض.

والمؤمن العزيز بالله المستعين به تعالى، يقدم على الموت في سبيل الله تعالى إنْ كان في الموت سلامة توحيده ونصرة شريعته، كما حدث مع سحرة فرعون بعد إيمانهم واعتزازهم بدينهم، وكيف حوّل الإيمان بالقوي العزيز حالهم من عبدة لفرعون أذلاء إلى مؤمنين لله أعزاء، فلم يعبأوا بتهديده ووعيده ومضوا إلى ربهم يرجون لقاءه وهم يرون مصارعهم ودنوّ آجالهم، بعد أن قالوا لفرعون في صورة فريدة لثبات المؤمن المعتز بدينه: {قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ}، ولسان حالهم: كفرنا بك ولم نعد نبالي بما تفعله بنا، بعد أن لامس الإيمان شغاف قلوبنا وصحّ توحيدنا وارتشفنا لأول مرة طعم الاعتزاز بالله وعذوبة طاعته، وهكذا يفعل التوحيد الخالص بأصحابه، يعز شأنهم ويعلي ذكرهم ويحسن خاتمتهم ويجرّؤهم على تقحُّم الأخطار طلبا للأمن يوم العرض الأكبر.

وفي زماننا هذا الذي نعيشه تتكرر القصة بين الثلة المؤمنة، والطواغيت الكفرة الفجرة، وقد تكالبت أمم الكفر على الإسلام وأهله، وعاد الإسلام غريبا كما بدأ، وعاد القائمون بأمره المستمسكون به غرباء في الأرض بعد أن حملوا راية الإسلام صافية ورفضوا الالتقاء مع أعدائه في منتصف الطريق، ووقفوا في وجه طواغيت العصر وفراعنته، وكفروا بهم وجاهروا بعداوتهم وبغضهم تحقيقا لملة إبراهيم عليه السلام، وجاهدوا في سبيل الله تعالى كل من رام صرفهم عن غايتهم بتعبيد الناس لخالقهم سبحانه، وأن لا يحكم في الأرض بغير شرعه.

فجمع الطواغيت لحربهم كل أحلافهم وأوباشهم من الصليبيين واليهود والمنافقين، وأتوا بجيوشهم الكافرة عبر البر والبحر والجو، يريدون ما أراده فراعنة الأمس من حرب التوحيد وطمس دعوته، فثبت لهم أجناد الإسلام ثبات الجبال ولم يعطوا الدنية في دينهم، وقاتلوا في سبيل الله -نحسبهم ولا نزكيهم-، وبذلوا الغالي والنفيس وما ضرهم ما يصيبهم لمّا علموا أنه إلى الله المنقلب، وكانت تضحياتهم نورا أضاءت طريق إخوانهم من بعدهم، وأحيا الله بها أجيالا من شباب الإسلام لا يعدلون بالتوحيد مصلحة، ولا يرون غير الشريعة غاية، ولم يُضع الله تعالى إيمانهم وتضحياتهم وقد استعانوا بالملك العزيز ولاذوا بجنابه، ورفضوا الالتجاء إلى غيره سبحانه، والاعتصام بغير حبله، فكانوا أعزة في حياتهم ومماتهم، وعلى ذلك فليواصل إخوانهم الطريق مِن بعدهم، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 484
السنة السادسة عشرة - الخميس 28 شعبان 1446 هـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 484 المقال الافتتاحي: سبيل العزة (١/٢) تقرر في شريعة ربنا أنّ العزة لله ...

صحيفة النبأ العدد 484
المقال الافتتاحي:
سبيل العزة

(١/٢)
تقرر في شريعة ربنا أنّ العزة لله جميعا، فمن كان باحثا عن العزة طالبا لها، فليلزم سبيل العبودية لله وليسلك صراطه المستقيم فهو سبيل العزة في الدنيا والآخرة، وهو وحده -سبحانه- يعز من يشاء ويذل من يشاء، ولا يملك أحد من الخلق ذلك ولو ملك كل أسباب القوة المادية، ولو فاق قارون مُلكًا وفرعون طغيانًا.

وفي تاريخنا المجيد، نجد أنه لمّا تمسك سلفنا الأوائل بدين الله سبحانه، وسلكوا سبيله؛ عزّوا وعزّ شأنهم ودانت لهم الأمم، في حين لما تخلّف المتخلّفون عن سبيل الله تعالى، وسلكوا سبل الغواية والجاهلية؛ ذلوا وتجرأت عليهم الأمم.

وقد دلنا الله تعالى في كتابه على طريق نيل العزة فقال عز وجل: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، والمعنى كما بيّنه الإمام ابن كثير في تفسيره: "أي: من كان يحب أن يكون عزيزا في الدنيا والآخرة، فليلزم طاعة الله، فإنه يحصل له مقصوده؛ لأن الله مالك الدنيا والآخرة، وله العزة جميعها"، فدلّ ذلك على أن طاعة الله تعالى والاستسلام له، هو سبيل العزة لا سبيل غيره مهما تعددت السبل وافترقت الملل والنحل.

ولا يتصور عاقل البتة أنْ يبتغي المرء العزة بعيدا عن جناب الله تعالى، مفارقا عتبة العبودية له؛ منطرحا على عتبات الطواغيت طوّافا على محافلهم وقصورهم كما يفعل اليوم كثير من الهيئات والأحزاب المرتدة! اللاهثة خلف سراب المكاسب وفتات المناصب تحت أجنحة "النظام الدولي" الكافر! وقد جلّى لنا الله في كتابه حال هؤلاء فقال: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}، وما أجود ما ساقه ابن كثير في معرض تفسيره للآية فقال: "والمقصود من هذا، التهييج على طلب العزة من جناب الله، والالتجاء إلى عبوديته، والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في هذه الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد".

فعُلم بذلك أن موالاة الكافرين من اليهود والنصارى وأذنابهم المرتدين ومداهنتهم وركوب مراكبهم، بحثا عن السلامة والمصالح المتوهمة؛ سراب بقيعة لن يجني أصحابه غير المهانة والمذلة، عقابا لهم بخلاف مرادهم، والجزاء من جنس العمل.

كما قضى سبحانه أنّ العزة والمهابة هي في الإيمان بالله تعالى وما اتصل به من موالاة المؤمنين السائرين على منهاج النبوة قولا وعملا، ومحبتهم وتأييدهم وتكثير سوادهم فلهم العزة بنص القرآن الكريم، فقال عز وجل: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، وكما روي عن عمر بن الخطاب قوله لأبي عبيدة بن الجراح: "إنَّا كنَّا أذَلَّ قومٍ، فأعزَّنا اللَّهُ بالإسلامِ، فمهما نطلُبِ العِزَّةَ بغيرِ ما أعزَّنا اللَّهُ به، أذلَّنا اللَّهُ" [رواه الحاكم وصححه].

فالمسلم عزيز باتباعه دين الله، وسلوكه نهج نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ومن ثمار هذه العزة أنك تجد المسلم مقداما شجاعا يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم، يتقدم ولا يحجم، ولا يعمل حسابا لغير الله تعالى، لأنه يعلم أن الله عزيز مغالب عزّ على كل شيء فغلبه وقهره، فبات وما في قلبه إلا خوف العزيز القهار فاكتسب بذلك عزة ومهابة ظهرت على جوارحه حتى هابه أعداؤه ولو كان وحده، فلا يقتحمون عليه عرينه إلا بغطاء الطائرات وأرتال الآليات، كما نراهم في حملاتهم المكوكية على أجناد الخلافة شرقا وغربا يحشدون المئات لاقتحام كهف غائر في جبل أو خيمة في فلاة في أقصى الأرض.

والمؤمن العزيز بالله المستعين به تعالى، يقدم على الموت في سبيل الله تعالى إنْ كان في الموت سلامة توحيده ونصرة شريعته، كما حدث مع سحرة فرعون بعد إيمانهم واعتزازهم بدينهم، وكيف حوّل الإيمان بالقوي العزيز حالهم من عبدة لفرعون أذلاء إلى مؤمنين لله أعزاء، فلم يعبأوا بتهديده ووعيده ومضوا إلى ربهم يرجون لقاءه وهم يرون مصارعهم ودنوّ آجالهم، بعد أن قالوا لفرعون في صورة فريدة لثبات المؤمن المعتز بدينه: {قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ}، ولسان حالهم: كفرنا بك ولم نعد نبالي بما تفعله بنا، بعد أن لامس الإيمان شغاف قلوبنا وصحّ توحيدنا وارتشفنا لأول مرة طعم الاعتزاز بالله وعذوبة طاعته، وهكذا يفعل التوحيد الخالص بأصحابه، يعز شأنهم ويعلي ذكرهم ويحسن خاتمتهم ويجرّؤهم على تقحُّم الأخطار طلبا للأمن يوم العرض الأكبر.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 484
السنة السادسة عشرة - الخميس 28 شعبان 1446 هـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

من موجبات الجهاد في جزيرة العـرب للشيخ فارس بن أحمد آل شُويل الزهراني المعروف بأبي جندل الأزدي - ...

من موجبات الجهاد في جزيرة العـرب
للشيخ فارس بن أحمد آل شُويل الزهراني
المعروف بأبي جندل الأزدي - تقبله الله

(٢/٢)
الأسباب الموجبة للجهاد في جزيرة العرب كثيرة جدا، وكل سبب يُعتبر أحد مفاتيح الصراع التي لو لم يُتوفر منها إلا هو لكفى به سببا موجبا للجهاد، إذ أعداء الله قد كشروا عن أنيابهم وأظهروا نواياهم وكشفوا مخططاتهم.

٢ - وجوب إزالة الحكام المبدلين لشرع الله

ومن الأسباب الموجبة للجهاد إزالة أنظمة الكفر والردة التي حكمت بغير بما أنزل الله، وعطّلت العمل بالحدود والأحكام الشرعية، واحتكمت إلى شرائع الكفر الطاغوتية من دون شرع الله، وشرّعت التشريع المضاهي لشرع الله تعالى، ونسبت لنفسها كثيرا من خصائص وصفات الإلهية، وحلّلت الحرام وحرّمت الحلال، وحاربت الله ورسوله والمؤمنين بأساليب مختلفة ومتنوعة ترغيبا وترهيبا، وصدّت الناس عن دين الله تعالى وعن التوحيد الخالص بمكر الليل والنهار من أجل أن يتحقق لهم ذلك، وكرهت ما أنزل الله من الدين والتوحيد والجهاد، وسخِرت من دين الله ومن أوليائه، وباركت الشرك الأكبر وأقرّته ولم تُغيّره أو حتى سمحت بتغييره، ودخلت حتى العظم في موالاة أعداء الأمة من اليهود والنصارى وخدمتهم، وخدمت مصالحهم وذادت عنهم... إلخ، ولكل فقرة من هذه الفقرات عشرات الأدلة من الكتاب والسنة، فكيف بها وقد اجتمعت كلها في هذه الأنظمة الكافرة؟

٣ - وجوب استنقاذ أسرى المسلمين من سجون الطواغيت

ومن الأسباب الموجبة للجهاد استنقاذ أسرانا من سجون هؤلاء الطواغيت في جزيرة العرب وقد كتبت في ذلك كتابا بعنوان «وجوب استنقاذ المستضعفين من سجون الطواغيت والمرتدين»، وذكرت فيه عشرات القصص لما يجري لإخواننا المأسورين، فك الله أسرهم، يقول الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75].

وقال العز بن عبد السلام: «وإنقاذ أسرى المسلمين من أيدي الكفار من أفضل القربات، وقد قال بعض العلماء: إذا أسروا مسلما واحدا وجب علينا أن نواظب على قتالهم حتى نخلصه أو نبيدهم، فما الظن إذا أسروا خلقا كثيرا من المسلمين؟!».

٤ - وجوب جهاد الدفاع

ومن الأسباب الموجبة للجهاد إقامة دولة الإسلام واستعادة أموال المسلمين المنهوبة والدفاع عن أموالنا وعن أعراضنا وعن أراضينا وعن بحارنا -وقبل ذلك عن ديننا- وهذه كلها من جهاد الدفع، ولذا علينا أن نحرّك أمّتنا المسلمة لكي تذود عن كل ما سبق، والله أعلم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

من موجبات الجهاد في جزيرة العـرب للشيخ فارس بن أحمد آل شُويل الزهراني المعروف بأبي جندل الأزدي - ...

من موجبات الجهاد في جزيرة العـرب
للشيخ فارس بن أحمد آل شُويل الزهراني
المعروف بأبي جندل الأزدي - تقبله الله

(١/٢)
الأسباب الموجبة للجهاد في جزيرة العرب كثيرة جدا، وكل سبب يُعتبر أحد مفاتيح الصراع التي لو لم يُتوفر منها إلا هو لكفى به سببا موجبا للجهاد، إذ أعداء الله قد كشروا عن أنيابهم وأظهروا نواياهم وكشفوا مخططاتهم.


١ - وجوب إخراج المشركين من جزيرة العرب

فإخراج المشركين من جزيرة العرب سبب رئيس في قيام الجهاد في جزيرة العرب، والأدلة على ذلك كثيرة ومتوافرة، والبحوث في ذلك منتشرة لا تخفى على كل ذي لب، لو لم يكن منها إلا حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) لكفى.

وإني لأتعجب ممن ما زال يطنطن حول أن هؤلاء مُعاهدون وذميون إلخ، وسأورد هنا تعريفا للذمي، وأريد من القارئ أن يطبقه على الأمريكان: «هو الكتابي -يهودي أو نصراني- وكذلك المجوسي، واختُلف في غيرهم، الذي يقيم بدار الإسلام -عدا جزيرة العرب- ويلتزم بأحكام الإسلام في المعاملات، ويدفع الجزية عن يد وهو صاغر»، ولن أطيل في الحديث هنا ولكن على القارئ أن يحكم.

كيف وقد اجتمع مع ذلك أن الحرب الصليبية الجديدة بمراحلها التي تمت، أفغانستان ثم العراق ثم... ثم... كلها انطلقت من جزيرة العرب من قاعدة الخرج وقاعدة العُديد والكويت... إلخ، فهل هؤلاء ذمّيون يا عقلاء؟!

يقول حمود العقلا الشعيبي في كتابه «القول المختار في حكم الاستعانة بالكفار»: «ولما رأيت بعض الحكومات -التي تدعي الإسلام- في الجزيرة العربية قد تجاهلت مدلول هذه النصوص، فسهّلت الطريق لدخول اليهود والنصارى إلى الجزيرة، ومكّنتهم من الإقامة فيها وتكديس ترسانات أسلحتهم المتنوعة فيها لإرهاب المسلمين... ومهاجمتهم بالأسلحة الفتاكة واستمرار الهجمات والضربات العسكرية عليهم من وقت لآخر، رأيت لزاما عليّ أن أبين هذه الحقيقة وفق ما يُفهم من كتاب الله وسنة رسوله، عليه الصلاة والسلام، فكتبت هذا البحث المختصر، وضمنته بعضا من النصوص الواردة في القرآن الكريم وفي السنة المطهّرة في هذا الشأن، كما ذكرت فيه جملة من أقوال علماء الأمة الذين أدوا الأمانة ووفوا بالعهود التي أخذها الله عليهم، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا».

ويقول: «لقد اتفق من يُعتد بقوله من فقهاء الأمة وعلمائها على أنها لا تجوز إقامة اليهود والنصارى والمشركين في جزيرة العرب -لا إقامة دائمة ولا مؤقتة- ما عدا أن بعض العلماء يرى جواز إقامتهم ثلاثة أيام للضرورة، ولا يجوز لمسلم أن يأذن لهم في دخولها للإقامة، معتمدين على الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والآثار الثابتة عن الصحابة، رضوان الله عليهم».

ثم أورد تلك النصوص، ثم قال: «هذه النصوص وغيرها مما لم أورده تدل دلالة قاطعة على أنه لا يجوز لليهود والنصارى وغيرهم من الكفار أن يبقوا في جزيرة العرب، وهي كما ترى في مكان من حيث الصحة والصراحة ووضوح المعنى والإحكام بحيث لا يمكن الطعن فيها بالتضعيف أو التأويل أو دعوى النسخ، وذلك أنها مخرَّجة في الصحيحين وبعضها في المسند وبعضها في السنن، وقد اتفق العلماء على أن ما اتفق على إخراجه البخاري ومسلم -رحمهما الله- أنه يفيد العلم اليقيني، لأن الأمة تلقته بالقبول والتصديق، فلا مجال للطعن فيما اتفق عليه البخاري ومسلم، وأما عدم جواز تأويلها، فذلك لأجل صراحة ألفاظها ووضوحها وكونها نصا في الموضوع لا يحتمل لفظها معنى غير المعنى الظاهر منها، وما كان كذلك فلا يصح تأويله عند علماء الأصول وغيرهم من العلماء، إنما الذي يجوز تأويله من النصوص هو الذي يكون لفظه محتملا لمعنيين فيُرجّح أحدهما لأجل قرينة تحف به، أما كونها محكمة وغير قابلة للنسخ، فلأجل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر وأوصى بإخراجهم من جزيرة العرب في آخر حياته، كما روى الإمام أحمد عن عائشة أنها قالت: كان آخر ما عهد به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يترك بجزيرة العرب دينان)، وكما قال الإمام مالك -رحمه الله- في الموطأ: أنه سمع عمر يقول: كان آخر ما تكلم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يبقين دينان بأرض العرب)؛ فإذا كان الأمر كذلك، فدعوى النسخ غير واردة لمعرفة تأخّر تأريخ تكلّمه -صلى الله عليه وسلم- بذلك».


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

أمير نشر الإسلام في بلاد السودان عرضنا في المقالة السابقة شيئا من مسيرة الفقيه المجدد عبد الله ...

أمير نشر الإسلام في بلاد السودان

عرضنا في المقالة السابقة شيئا من مسيرة الفقيه المجدد عبد الله بن ياسين في تكوين الدولة المرابطية المجاهدة، هذا الرجل الذي أنشأ فضلا عن الدولة جيلا يحمل الراية من بعده، كان منه يوسف بن تاشفين الذي توجه بجيوش المسلمين شمالا فعبر إلى الأندلس وهزم الصليبيين، وكان منه كذلك القائد المظفر أبو بكر بن عمر الذي عَبر رمال الصحراء حاملا الإسلام وحكم الشريعة إلى إفريقية.

وإن ممَّا يميز سيرة هذا الرجل هو تضحيته بكل شيء خدمةً لدينه وأمته، حرصا منه على وحدة صفها وعلو شأنها، ولم يكن ابن عمر ممن يسعى لخدمة نفسه ومصالحها على حساب الأمة ووحدتها، كما هو حال كثير ممن انتسب إلى هذه الأمة في الغابر والحاضر.

- القائد العسكري الجديد

بدأت مسيرة ابن لمتونة وأميرها متعلماً على يد ابن ياسين ثم قائدا عسكريا لجيوشه، ففي المحرم سنة (448 هـ) تولى أبو بكر بن عمر القيادة العسكرية للمرابطين خلفا لأخيه يحيى بن عمر، وواصل تحت إشراف الفقيه ابن ياسين مسيرة الجهاد.

غزو الروافض البجلية

وفي السنة ذاتها (448 هـ) غزا أبو بكر بن عمر بلاد السوس، وفي سنة (449 هـ) افتتح ماسة وتارودانت، وكانت هذه المدن من معاقل الرافضة في المغرب، قال السلاوي في الاستقصا: «وكان بها قوم من الرافضة يُقال لهم البجلية، نسبة إلى عليّ بن عبد الله البَجلِيّ الرافضي... فقاتلهم عبد الله بن ياسين وأبو بكر بن عمر حتى فتحوا مدينة تارودانت عنوة، وقتلوا بها خلقا كثيرا، ورجع من بقي منهم إلى مذهب السنة والجماعة».

- خليفة الشيخ بن ياسين يكمل مسيرته

وبعد استئصال الرافضة سار ابن عمر مع شيخه ابن ياسين لقتال قبائل برغواطة ذات المعتقدات الشبيهة بعقائد المجوسية، وفي أثناء هذه الحرب أصيب عبد الله بن ياسين وكانت بها شهادته، كما نحسبه، فآلت إمارة المرابطين كاملة إلى أبي بكر بن عمر، قال السلاوي: «فكان أول ما فعله بعد تجهيزه إيّاه ودفنه [ابن ياسين] أن زحف إلى برغواطة مصمما في حربهم، متوكلا على الله في جهادهم، فأثخن فيهم قتلا وسبيا حتى تفرقوا في المكامن والغياض، واستأصل شأفتهم وأسلم الباقون إسلاما جديدا، ومحا أبو بكر بن عمر أثر دعوتهم من المغرب وجمع غنائمهم وقسمها بين المرابطين وعاد إلى مدينة أغمات»، وهذا نصر آخر يضاف إلى سلسلة انتصارات ابن عمر في حرب أهل الضلالة ونشر التوحيد، وبهذا أيضا فتحت الدنيا ذراعيها لأبي بكر بن عمر الذي غدا القائد الوحيد للمرابطين.

- أبو بكر بن عمر يترك المغرب متوجها إلى الصحراء

ولكن الأمور لم تدم صافية لابن عمر في إمارة قومه ببلاد المغرب المفتتحة، فبعد أن حقق كل هذه الانتصارات جاءته الأنباء بما يكدر صفوه، قال السلاوي: «ثم ورد عليه رسول من بلاد القبلة فأخبره باختلال أمر الصحراء ووقوع الخلاف بين أهلها»، وهنا وُضع هذا القائد على مفترق طرق، أيرسل أحد أبناء عمومته ليحل هذا الخلاف؟ أم يذهب بنفسه؟ وإن ذهب بنفسه فهل يتخلى عن إمرة قومه بالمغرب بعد كل انتصاراته فيها؟
وهنا ظهرت معادن الرجال، قال السلاوي: «كان الأمير أبو بكر رجلا متورعا فعظم عليه أن يقتل المسلمون بعضهم بعضا، وهو قادر على كفهم ولم يرَ أنه في سعة من ذلك وهو متوالي أمرهم ومسؤول عنهم، فعزم على الخروج إلى بلاد الصحراء ليصلح أمرها ويقيم رسم الجهاد بها»، فترك كل شيء في سبيل الله وحده.

- الأمير يوحد الناس على قتال المشركين

ورحل الأمير المرابطي إلى الصحراء فأصلح حالها ومهد لدولة الإسلام فيها، ثم خرج إلى بلاد السودان مجاهدا في سبيل الله داعيا إليه، قال ابن خلدون: «ولحق بقومه ورفع ما كان بينهم من خرق الفتنة، وفتح باباً من جهاد السودان، فاستولى على نحو تسعين رحلة من بلادهم»، فلم يكتف -رحمه الله- بالإصلاح بين قومه فحسب، بل مهد لغزو جيوش المسلمين غرب إفريقية وإقامة دولة الإسلام فيها.

قال السلاوي: «كان سفر أبي بكر بن عمر إلى الصحراء في ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، ولما وصل إليها أصلح شأنها ورتب أحوالها وجمع جيشا كثيفا وغزا به بلاد السودان فاستولى منها على نحو تسعين مرحلة».

- أبو بكر بن عمر يُخضِع كفار الصحراء

ويذكر السلاوي في موضع آخر أنَّ أبا بكر بن عمر غزا مملكة غانة، ونشر فيها وفيما يجاورها الإسلام: «ثمَّ أن أهل غانة ضعف ملكهم وتلاشى أمرهم في المائة الخامسة، واستفحل أمر الملثمين المجاورين لهم من جهة الشمال ممّا يلي البربر، وزحف إليهم الأمير أبو بكر بن عمر اللمتوني»، ويذكر السلاوي أن أبا بكر بن عمر فتح من تلك البلاد مسيرة ثلاثة أشهر «وحمل الكثير منهم ممن لم يكن أسلم قبل ذلك على الإسلام».
- يترك إمارة المغرب لابن تاشفين ويعود للجهاد في السودان

ويذكر المؤرخون أن أبا بكر بن عمر -رحمه الله- عاد إلى المغرب بعدما عظم شأن ابن عمه يوسف بن تاشفين، ولكنه لما رأى ما وصل إليه ابن عمه من الفتوحات، لم ينازعه في سلطته بل تنازل له عنها وقفل عائدا إلى الصحراء، وذكر السلاوي في (الاستقصا) وصية ابن عمر لابن تاشفين، فقال: «فقال أبو بكر: إني قد وليتك هذا الأمر، وإني مسؤول عنه، فاتق الله تعالى في المسلمين وأعتقني وأعتق نفسك من النار، ولا تضيع من أمور رعيتك شيئا فإنك مسؤول عنه».

اللمتوني شهيدا في بلاد السودان

 وبعد أن أوصى ابن عمر ابن عمه قفل عائدا إلى الصحراء مجاهدا الكفار في إفريقية، قال السلاوي: «فأقام بها مواظبا على الجهاد في كفار السودان إلى أن استشهد من سهم مسموم أصابه في شعبان سنة (480 هـ) بعد أن استقام له أمر الصحراء كافة إلى جبال الذهب من بلاد السودان»، وهكذا انطوت صفحة فارس من فرسان الإسلام، ترك ملذات الدنيا والرياسة، فأبدله الله خيرا منها، قال ابن كثير: «اتفق له من الناموس ما لم يتفق لغيره من الملوك، كان يركب معه إذا سار لقتال عدو خمسمائة ألف مقاتل، كان يعتقد طاعته، وكان مع هذا يقيم الحدود ويحفظ محارم الإسلام، ويحوط الدين ويسير في الناس سيرة شرعية، مع صحة اعتقاده ودينه، وموالاة الدولة العباسية».

رحم الله الشيخ المجاهد الشهيد -بإذن الله- أبا بكر اللمتوني، وتقبّل منه دعوته وجهاده، ونصر أحفاده من جنود الخلافة في غرب إفريقية وشمالها والصحراء، الذين يسعون لإقامة دين الله في تلك البقاع، وإزالة كل آثار الشرك منها، ورزقهم الفتح والتمكين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

كيف يتتبع العدو الإشارات اللاسلكية الطرق التالية تعتمد على تحديد الاتجاه الذي أتت منه الإشارة ...

كيف يتتبع العدو الإشارات اللاسلكية


الطرق التالية تعتمد على تحديد الاتجاه الذي أتت منه الإشارة عن طريق استقبالها بأجهزة مختلفة من مواقع متعددة، ثم استنتاج الموضع الذي انطلقت منه الإشارة اللاسلكية:

• DDF:
وهي من الطرق التي لا تحتاج إلى إلكترونيات معقدة كثيرا (متوسطة التعقيد)، وتعطي دقة لا بأس بها، إذ يقوم عملها على تحديد اتجاه الإشارة من عدة نقاط رصد منتشرة، يحتوي كل منها على مجموعة من الهوائيات، تكون عادةً أربعة، وتعطي كل نقطة رصد الاتجاه الذي استُلمت الإشارة المطلوبة منه، ثم يتم رسم خط على الخريطة من نقطة الرصد إلى الاتجاه الذي أتت منه الإشارة، وبعد رسم جميع الخطوط من جميع نقاط الرصد على الخريطة يتم الحصول على نقطة تقاطع لجميع الخطوط، وهذه هي النقطة التي انطلقت منها الإشارة، وكلما ابتعدت نقطة الإرسال عن نقاط الرصد قلت الدقة في التحديد.

وفي هذه الطريقة وغيرها ستنتج خطوط تشير بعيداً عن الاتجاه الصحيح، وسبب هذا هو انعكاس بعض الإشارات عن الجدران والجبال، ويقوم البرنامج الذي يجمع البيانات من نقاط الرصد ويحللها باستبعاد القراءات الشاذة الناتجة عن الانعكاسات.

• طريقة مقارنة قوة الإشارة المرسلة (RSSI):

فعندما يرسل أي جهاز لاسلكي إشارة فهذه الإشارة تنتشر في الهواء وتبتعد عن الجهاز الذي أرسلها، وأثناء ابتعادها تضعف تدريجيا حتى تتلاشى ويصبح استلامها متعذراً بسبب شدة الضعف مع طول المسافة التي تسافرها الإشارة، ومن الطرق التقليدية أن تُستلم الإشارة في عدد من النقاط المختلفة، وتُقرأ من جهاز الاستلام قوة كل إشارة في كل نقطة استلام، وببعض الحسابات يمكن معرفة الموقع الذي انطلقت منه الإشارة ابتداء، وهذه من أسهل الطرق ولكن دقتها ليست عالية جداً.

وهذه الطريقة البسيطة يمكن استخدامها لمعرفة موقع نقطة الإنترنت اللاسلكي بدقة لا بأس بها باستخدام الهاتف الذكي وتطبيقاته المجانية، فإشارة الإنترنت هي إشارة لاسلكية كهرومغناطيسية، وتنطبق عليها كل القوانين الفيزيائية التي تنطبق على الإشارات الكهرومغناطيسية، ويمكن إيجاد موقع كل نقطة تتصل بالإنترنت لاسلكيا بهذه الطريقة.

• إيجاد وقت الوصول (TDOA) وتحديد زاوية وصول الإشارة (AOA):

وهذه من الأساليب الحديثة المعتمدة لدى الجيش الأمريكي منذ زمن، وتصل دقتها إلى ما دون 100 متر أحياناً، وبالدمج بينها وبين تصوير المنطقة يمكن استنتاج موقع الإرسال بدقة، خصوصاً في المناطق متباعدة البنيان، وتعتمد على استلام الإشارة المطلوب تحديد مصدرها باستخدام نقطة رصد فيها مجموعة من الهوائيات (Antenna) ثم مقارنة زاوية وصول الموجة أو زمن وصول الموجة إلى كل هوائيات المجموعة، وهذا يضمن الحصول على الاتجاه الذي جاءت منه الإشارة إلى مجموعة الهوائيات بدقة بالغة، وبوضع أكثر من نقطة رصد لاستلام نفس الإشارة، ثم رسم خطوط اتجاه الإشارة التي استلمتها كل نقطة، ستكون نقطة التقاطع بين الخطوط هي موقع الإرسال، وتستخدم بشكل تقليدي في مطاردة القبضات اللاسلكية.

ولذلك لا بد من الانتباه لاستخدام أجهزة لاسلكية في أرض مفتوحة؛ لأن انعكاس الإشارة وتشتتها غير متوفر في هذه الحالة، وستزداد دقة تحديد الموقع لدى العدو، والإجراء المضاد في حالة القبضات هو جعل إشاراتها متشابهة لا تميز مستخدماً عن آخر، وبرمجتها بحيث لا ترسل رقم القبضة أو «التون» المعرف بها، وهذا يؤدي إلى امتزاج الإشارات وعدم إمكانية تحديد الشخص المستهدف من دون استخدام العنصر البشري من قبل العدو، وهذا يعقّد عمل الصليبيين، فهم يستخدمون بشكل تقليدي البرمجيات والتحليل البرمجي للبيانات بلا اعتماد على عدد كبير من المحللين البشريين، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

كيف يتتبع العدو الإشارات اللاسلكية إن تحديد موقع الأفراد واﻷسلحة والمقرات هو من أهم خطوات ...

كيف يتتبع العدو الإشارات اللاسلكية

إن تحديد موقع الأفراد واﻷسلحة والمقرات هو من أهم خطوات الاستهداف، ومن المهم للمجاهد أن يعي كيف يحدد العدو موقعه تقنيا، حتى لا يكون فريسة سهلة له، كما أن المعرفة بتقنيات تحديد الموقع يمكن استخدامها في إعطاء العدو معلومات خاطئة، وسيتفاجأ كثير من المجاهدين بمستوى اعتماد العدو على الأجهزة الحديثة، وبمدى التضليل الممكن إحداثه لهذه الأجهزة باستخدام تقنيات بسيطة عند فهم طرق عمل العدو.

لكي تتصور الأمواج اللاسلكية الكهرومغناطيسية التي ترسلها الهواتف الخليوية والقبضات وأجهزة بث الإنترنت (WiFi) وغيرها، فعليك أن تفكر فيها وكأنها أمواج ماء تنتشر بعيدا عن نقطة المجذاف الذي يشكلها ابتداءً، وكأن ارتفاع قدرة الإرسال في القبضة أو برج التقوية (Repeater) أو جهاز بث الإنترنت بمثابة زيادة قوة الجذف وبالتالي إنشاء موجات مائية أكبر وأكبر. وكما أن تحرك الموجات المائية بعيداً عن مصدرها يؤدي إلى ضعفها ثم تلاشيها فتصبح غير مرئية للعين بعد مسافة معينة، فإن استلام الإشارة اللاسلكية يصبح أصعب وأصعب مع الابتعاد عن نقطة الإرسال.

وتتفاوت أجهزة تحديد الموقع في مبدأ عملها وفي دقة تحديدها له، وكذلك في حجمها وإمكانية استخدامها في الساحات المختلفة، فمنها ما يمكن تركيبه في طائرة صغيرة، ومنها ما يحتاج إلى سيارة، وسنذكر أشهر أساليب تحديد الموقع التي تهم المجاهدين.

وللاستزادة يمكن البحث على شبكة المعلومات العالمية عن كلمة «Geolocation” وستجد أن علم تحديد الموقع هو بحر لا ساحل له، وأن دمج تحديد الموقع بالإلكترونيات مع التصوير الجغرافي سيزيد القدرة على استنتاج الموقع بشكل أدق، ونذكر هنا الأساليب التالية:

• منظومة GPS الأمريكية وشبيهاتها الروسية وغيرها:

وهي أشهر أساليب تحديد الموقع، والأكثر شيوعاً في الحياة اليومية مدنياً وعسكرياً، وقد بُنيت على عدد من الأقمار الصناعية التي تدور في السماء، إذ يرسل كل منها موقعه والوقت الحالي في لحظة معينة بشكل مستمر، وتسير هذه الإشارة في كل الاتجاهات، فتستلمها كل أنواع أجهزة تحديد الموقع مثل الهواتف الذكية وأجهزة Garmin وأجهزة Trimple وغيرها.

ويقوم الجهاز المتضمن للـ GPS بتجميع هذه الإشارات التي يستقبلها من الأقمار المختلفة ومقارنتها ببعضها، فإذا كان القمر بعيداً فسوف تصل إشارته متأخرة، وإذا كان قريباً فستصل إشارته سريعاً، ويقوم الجهاز بمقارنة ما يستلم من إشارات الأقمار المختلفة بتوقيت دقيق جداً لديه، ويحسب المسافة بينه وبين كل قمر بناء على الوقت الذي استغرقته إشارة هذا القمر في الطريق حتى وصلت إلى الجهاز، وبعد هذا يقوم بحساب موقعه الجغرافي بناء على القوانين المثلثية المشهورة، وهذه العملية تتكرر بسرعة كبيرة، وتعطي الجهاز الفرصة لأن يحسب موقعه مرات كثيرة في الثانية الواحدة ثم يقرر ما هي الحسابات الأفضل، التي تكررت أكثر أثناء العمل، فيخرجها على أنها هي الموقع الجغرافي الصحيح.
ومن المهم معرفة أن تحديد الموقع بمنظومة GPS لا يتضمن إرسال إشارة أثناء العمل، بل هو استلام إشارة الأقمار الصناعية فقط، ولكن الخرق الأمني يحصل عند وجود جهاز تحديد الموقع مع جهاز اتصال مثل الهاتف، ففي هذه الحالة يمكن اختراق جهاز الاتصال بسهولة بالغة في العادة ثم قراءة الموقع لصاحب الهاتف من دون أن يشعر، وهي عملية اختراق بسيطة لا تحتاج إلى إمكانيات عالية.

الطرق التالية تعتمد على تحديد الاتجاه الذي أتت منه الإشارة عن طريق استقبالها بأجهزة مختلفة من مواقع متعددة، ثم استنتاج الموضع الذي انطلقت منه الإشارة اللاسلكية:

• DDF:

وهي من الطرق التي لا تحتاج إلى إلكترونيات معقدة كثيرا (متوسطة التعقيد)، وتعطي دقة لا بأس بها، إذ يقوم عملها على تحديد اتجاه الإشارة من عدة نقاط رصد منتشرة، يحتوي كل منها على مجموعة من الهوائيات، تكون عادةً أربعة، وتعطي كل نقطة رصد الاتجاه الذي استُلمت الإشارة المطلوبة منه، ثم يتم رسم خط على الخريطة من نقطة الرصد إلى الاتجاه الذي أتت منه الإشارة، وبعد رسم جميع الخطوط من جميع نقاط الرصد على الخريطة يتم الحصول على نقطة تقاطع لجميع الخطوط، وهذه هي النقطة التي انطلقت منها الإشارة، وكلما ابتعدت نقطة الإرسال عن نقاط الرصد قلت الدقة في التحديد.

وفي هذه الطريقة وغيرها ستنتج خطوط تشير بعيداً عن الاتجاه الصحيح، وسبب هذا هو انعكاس بعض الإشارات عن الجدران والجبال، ويقوم البرنامج الذي يجمع البيانات من نقاط الرصد ويحللها باستبعاد القراءات الشاذة الناتجة عن الانعكاسات.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ (٢/٢) شكر الإنعام فرض وأما مسألة كفران العشير فهي ...

تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ

(٢/٢)
شكر الإنعام فرض

وأما مسألة كفران العشير فهي مما عمت بها البلوى بين النساء وطمت، إلا من رحم الله، والكفران جحود النعم وسترها وإخفاؤها وضده الشكران، وقد ورد تفسيره في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (أُرِيت النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن) قيل: أيكفرن بالله؟ قال: (يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط).

قال ابن رجب، رحمه الله: «قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه: مراد المصنّف أن يبيّن أن الطاعات كما تسمى إيمانا كذلك المعاصي تسمى كفرا لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد الكفر المخرج من الملة، قال وخص كفران العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة وهي قوله، صلى الله عليه وسلم: (لو أَمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها). فقرَنَ حق الزوج على الزوجة بحق الله فإذا كفرت المرأة حق زوجها وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية كان ذلك دليلا على تهاونها بحق الله، فلذلك يطلق عليها الكفر لكنه كفر لا يخرج عن الملة» [ابن رجب: فتح الباري].

وقال النووي: «وفيه أن كفران العشير والإحسان من الكبائر فإن التوعد بالنار من علامة كون المعصية كبيرة».

وقال ابن بطال: «وفي هذا الحديث تعظيم حق الزوج على المرأة، وأنه يجب عليها شكره والاعتراف بفضله؛ لستره لها وصيانته وقيامه بمؤنتها وبذله نفسه في ذلك، ومن أجل هذا فضّل الله الرجال على النساء في غير موضع من كتابه، فقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، وقال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228]، وقد أمر -عليه السلام- من أسديت إليه نعمة أن يشكرها، فكيف نعم الزوج التي لا تنفك المرأة منها دهرها كله؟

وقد قال بعض العلماء: شكر الإنعام فرض. واحتج بقوله، عليه السلام: (من أسديت إليه نعمة فليشكرها)، وبقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]، فقَرَنَ بشكره شكر الآباء، قال: فكذلك شكر غيرهم واجب، وقد يكون شكر النعمة في نشرها، ويكون في أقل من ذلك، فيجزئ فيه الإقرار بالنعمة والمعرفة بقدر الحاجة» [شرح صحيح البخاري].

وقال الشوكاني: «وكثيرا ما ترى المرأة إذا كلمها القريب بكلمة حسنة، وأظهر لها أدنى محبة كانت في تلك الحالة طيبة النفس بأن تصيِّر إليه جميع ما تملكه وإن كان بآلاف مؤلفة، وإذا أظهر لها أدنى خشونة، وأبدى لها بعض الميل عنها كانت أشد الناس عداوة له وبغضا، وربما تمنت حال فورة غضبها نزول العظائم به، التي لو نزل عليه بعضها في تلك الحال وهي ثائرة الغضب لعادت باكية عليه».

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان

وإن المتأمل في حال كثير من النساء يرى أن الكفران لا يتأتى منهن في حق الزوج وحسب، وإن كان له منه النصيب الأوفر، بل ويكون أيضا في كثير من الأحيان في حق صديقات المرأة وجاراتها بل وحتى أبنائها، أناس يحسنون إليها ويكرمونها، ومع أول مشكلة قد تحدث ينها و بينهم تكفر كل خير رأته منهم، وتنسى كل معروف أتاها منهم، وكأنها قد جُبلت على هذا الطبع والعياذ بالله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من لم يشكر الناس، لم يشكر الله) [رواه الترمذي وغيره]؛ قال المباركفوري: «قوله: (من لم يشكر الناس... إلخ) قال الخطابي هذا يُتأول على وجهين؛ أحدهما أن من كان من طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان من عادته كفران نعمة الله تعالى وترك الشكر له، والوجه الآخر أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر» [تحفة الأحوذي].

ولا خير في خل يخون خليله
ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده
ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا

وختاما نعود ونقول للأخت المسلمة؛ اللهَ اللهَ في لسانك، تلك العضلة التي قد تلقي بك في نار جهنم، والله الله في زوجك، فواللهِ لن تؤدي حق ربك حتى تؤدي حق زوجك.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ (١/٢) لقد حذَّرت شريعتنا الغراء -قرآنا وسنة- نساء ...

تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ

(١/٢)
لقد حذَّرت شريعتنا الغراء -قرآنا وسنة- نساء أمتنا من جملة من المثالب والمعائب، التي قد تورد صاحبتها المهلكة، ومن تلكم الطباع السيئة المنهي عنها، التي لازمت كثيرا من النساء، كثرة اللعن وكفران العشير.

فعن أبي سعيد الخدري، قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمرّ على النساء، فقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار) فقلن: وَبِمَ يا رسول الله؟ قال: (تكثرن اللعن، وتكفرن العشير) [متفق عليه].

ولتعلم المرأة اللعّانة، أن اللعن يعني الطرد من رحمة الله تعالى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لعن المؤمن كقتله) [رواه البخاري ومسلم عن ثابت بن الضحاك].

وعن أمِّ الدرداء قالت: سمعتُ أبا الدرداء يقول: قال رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لُعِن، فإن كان لذلك أهلا، وإلا رجعت إلى قائلها) [رواه أبو داود].

أوبعد هذا تجرؤ مسلمة على اللعن؟ فكم من امرأة تلعن نفسها في اليوم مرات ومرات وهي لا تدري! بل إن من النساء من لا تجلد بسياط لعناتها إلا ظهور أطفالها المساكين، فما إن تغضب حتى تفريهم بلسانها فريا؛ شتما ولعنا، وما –والله- تلك بأخلاق المؤمنات الصالحات!

عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا ينبغي لصِدِّيق أن يكون لعّانا) [رواه مسلم].

ليس المؤمن بلعّان

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعّانا) [رواه الحاكم].

وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بطعّان، ولا بلعّان، ولا الفاحش البذيء) [رواه أحمد والترمذي].
وعن زيد بن أسلم، أن عبد الملك بن مروان، بعث إلى أم الدرداء بأنجاد [جمع نجد وهو متاع البيت الذي يزينه] من عنده، فلما أن كان ذات ليلة، قام عبد الملك من الليل، فدعا خادمه، فكأنه أبطأ عليه، فلعنه، فلما أصبح قالت له أم الدرداء: سمعتك الليلة، لعنت خادمك حين دعوته، فقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يكون اللعّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة) [رواه مسلم].

وطعّان ولعّان وردتا بصيغة فعّال التي تفيد كثرة الفعل، فالطعّان الذي يطعن في أعراض المسلمين ويقدح فيها، واللعّان الذي يكثر من لعن المسلمين والمسلمات ويسب ويشتم دون رادع أو وازع، والفاحش البذيء الذي لا يتورّع عن التلفظ بكلام فاحش، والجهر بألفاظ قبيحة تشمئز منها النفوس الطيبة وتتأذى منها الأسماع.

ما له... ترب جبينه!

وأين المسلمة من أخلاق نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي قال عنه خادمه أنس بن مالك، رضي الله عنه: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- سبّابا، ولا فحّاشا، ولا لعّانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: (ما له ترب جبينه) [رواه البخاري].
بل إنه قد نهى عن لعن الدواب فكيف بلعن مسلم أو مسلمة؟!

فقد روى مسلم عن أبي برزة الأسلمي، قال: بينما جارية على ناقة، عليها بعض متاع القوم، إذ بصرت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وتضايق بهم الجبل، فقالت: حَلْ، اللهم العنها، قال: فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة).

وفي رواية أخرى؛ عن عمران بن حصين، قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة) قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس، ما يعرض لها أحد [رواه مسلم].

نعم ناقة تركوها لأنها لُعِنت، وبعض النساء اليوم لا نبالغ إن نحن قلنا أن جلّ أدوات مطابخهن قد لُعنت وهذا من المضحكات المبكيات؛ فالسكين يجرحها فتلعنه، والصحن يقع من يدها فتلعنه، وإبريق الشاي الساخن يلسعها فتلعنه، وهكذا فلا يكاد يسلم شيء من لسانها، أصلحها الله.

فلتتقِ المسلمة الله في نفسها وفيمن حولها وإن كان جمادا لا حراك فيه، ولتنزه لسانها عن كل ما يخل بالإيمان ويطمس الحياء، وليكن لسانها رطبا بما زان وحسن، لا بما شان وساء.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده ...

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى

مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده أمريكا، زادت آمال الشركاء المتشاكسين، والخصوم المتنافسين، المنضوين تحت قيادة التحالف باقتراب موعد حسم المعارك، فانطلقوا يستعجلون أخذ حصتهم من الغنائم التي وعدهم بها أسيادهم الصليبيون، ما دفعهم إلى التنازع فيما بينهم على الأرض والثروات التي يمنّي كل منهم نفسه أن تكون ثمنا للخسائر الكبيرة التي مُني بها في حربه مع الدولة الإسلامية.

وعلى الجانب الآخر تقف أمريكا الصليبية وهي تحاول أن تمنع تحوّل هذا التنازع إلى صراع وقتال، يؤثر على مجريات حربهم على الدولة الإسلامية.

- الصراع بين الحكومتين المرتدتين في طرابلس وطبرق

وسعيا لإرضاء الصليبيين عنهم، تحملت «حكومة الوفاق» المرتدة خسائر كبيرة في أرواح جنودها في معركة سرت التي اندفعوا فيها لقتال الدولة الإسلامية بدعم وغطاء جوي من التحالف الصليبي الدولي، ومع سيطرتهم على أجزاء واسعة في المدينة ظنوا أنه قد اقترب موعد الجائزة التي يطلبون الحصول عليها من الصليبيين لقاء قتالهم جنود الخلافة، وإزالتهم سلطان الشريعة الإسلامية عن مدينة سرت.

ولكن فاجأهم الطاغوت (حفتر) بسيطرته على منطقة الهلال النفطي، وحرمانهم بذلك من الموارد المالية الضخمة التي تحتويها تلك المنطقة، بالإضافة لكونها مصدر قوة لمن يملكها بإجباره الدول الأجنبية على التعامل معه للحصول على النفط الليبي الذي يُصدر أغلبه من موانئها، وتمكن حفتر بذلك من سحب البساط من تحت أقدام «حكومة الوفاق» المرتدة ليعطي مزيدا من القوة لحكومته في طبرق.

وردا على ذلك كثرت التسريبات عن احتمال نشوء صراع بين الطرفين على منطقة الهلال النفطي، الذي يغلب أن يتحول إلى حرب مفتوحة في ظل التهديد الكبير الذي بات يشكله الطاغوت حفتر على «حكومة الوفاق» المرتدة، هذا عدا الصراع المحتدم بين حكومتي «الوفاق» و«المؤتمر الوطني» ويسعى كل منهما إلى استلام السلطة في البلاد.

وبالتالي فإن الوضع في ليبيا مرشح للمزيد من الصراعات والنزاعات والتقاتل بين أطراف المرتدين المختلفة، خاصة مع أماني هذه الأطراف بقرب انتهاء المعارك مع الدولة الإسلامية التي تشكل عدوا مشتركا لهم جميعا.

- وإن تصبروا وتتقوا لا يضرّكم كيدهم شيئا

إن المشركين في كل زمان يجمعهم العداء للإسلام وأهله، وتُفرِّقهم المصالح، وإنَّ توقفَ الصراعات بين تلك الأصناف من المشركين التي ذكرناها إنما هو لفترة مؤقتة ليتفرغوا لقتال الدولة الإسلامية، التي ظنوا أن القضاء عليها سهل يسير فإذا بهم يقضون أعواما بانتظار حسم المعارك معها، وهو ما لم يروه إلى الآن، ولن يروه -بإذن الله- إلا والنتيجة بعكس ما كانوا يتمنون.

فلمّا طال عليهم الأمد، وخدعهم شياطينهم بقرب انتهاء المعارك ضد عدوهم المشترك، عادوا اليوم يتربصون ببعضهم، بل وبدأت بوادر الحرب بينهم تزداد وضوحا.

وإن صبر مجاهدي الدولة الإسلامية اليوم، وثباتهم، وزيادة نكايتهم في أعدائهم، وتمكّنهم من إطالة أمد الحرب لفترة أطول، من شأنه أن يزيد من الضغط على أطراف المرتدين المختلفة، ويدفع كلا منها إلى أن يسعى في سبيل مصالحه، منازعا خصومه عليها، وبالتالي تفريق الأحزاب التي اجتمعت على قتال الدولة الإسلامية اليوم، بإذن الله، ونسأل الله تعالى أن يحقق فيهم قوله: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} [الأحزاب: 25]، وأن يعيننا على الكرّة عليهم، إنه على كل شيء قدير.

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده ...

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى

مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده أمريكا، زادت آمال الشركاء المتشاكسين، والخصوم المتنافسين، المنضوين تحت قيادة التحالف باقتراب موعد حسم المعارك، فانطلقوا يستعجلون أخذ حصتهم من الغنائم التي وعدهم بها أسيادهم الصليبيون، ما دفعهم إلى التنازع فيما بينهم على الأرض والثروات التي يمنّي كل منهم نفسه أن تكون ثمنا للخسائر الكبيرة التي مُني بها في حربه مع الدولة الإسلامية.

وعلى الجانب الآخر تقف أمريكا الصليبية وهي تحاول أن تمنع تحوّل هذا التنازع إلى صراع وقتال، يؤثر على مجريات حربهم على الدولة الإسلامية.

- الصراع بين الحكومة التركية المرتدة والـ PKK المرتدين

وبالمثل فإن نموذجا مشابها من الصراع بدأت ملامحه تزداد وضوحا في الشام، بين تركيا والـ PKK المرتدين، اللذين يعمل كلاهما تحت ظل التحالف الصليبي الدولي.

فبعد سنوات من غض الحكومة التركية المرتدة الطرف عن تقدم الـ PKK وفرض سيطرتهم على الأرض بمساعدة التحالف الصليبي الدولي والنظام النصيري، قرر الجيش التركي أن يضع حدا أمام مساعي الـ PKK، ومنعهم من إقامة إقليمهم المستقل على حدودهم الجنوبية، خاصة في ظل أماني التحالف الصليبي الدولي وعملائهم من الـ PKK باقتراب حسم المعارك ضد الدولة الإسلامية في الشام، والسيطرة على كامل ولايتي حلب والرقة.

وفي سبيل ذلك بادرت الحكومة العلمانية التركية المرتدة بتقديم المزيد من الخدمات للتحالف الصليبي الدولي، وذلك بالزج بجيشهم في حرب مباشرة مع الدولة الإسلامية، فضلا عن دعم الآلاف من الصحوات المرتدين بالسلاح والتدريب، وتقديم الغطاء الجوي لهم، وقصف المدن والقرى التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية بالآلاف من الصواريخ وقذائف المدفعية والدبابات، وذلك كله في سبيل الحصول على الرضا الأمريكي عنهم، وتقديم أنفسهم بديلاً للـ PKK في مسك الأرض التي تحرقها الطائرات الصليبية، لتجبر جنود الدولة الإسلامية على الانحياز عنها.

وبمجرد عبور الجيش التركي وعملائه من الصحوات الحدود في إطار العملية العسكرية التي أطلقوا عليها مسمّى «درع الفرات» بدأ الصراع بينهم وبين الـ PKK على إرضاء الأمريكيين، والتنازع بينهم على الأرض، الأمر الذي حاولت أمريكا الصليبية جهدها أن لا يتحوّل إلى حرب مفتوحة بين الطرفين، لكن تطوّرات الأوضاع في محيط مدينة الباب تشي بأن هذه الحرب باتت واقعا، مع محاولة الـ PKK منع «درع الفرات» المرتدين من الاقتراب من مدينة الباب، وبالتالي دق (إسفين) بين مناطق سيطرتهم في كل من منبج وعفرين، بل والإعلان المستمر من الحكومة التركية المرتدة عزمها على إخراج الـ PKK من منبج إلى شرق الفرات، وذلك لإنشاء الإقليم العازل الذي يطمح الأتراك إلى إنشائه منذ زمن، والذي يبدو أن فكرته بدأت تلاقي قبولا عند الروس والأمريكيين على حد سواء.

وبالتالي فإن هذا الصراع بين كل من الـ PKK من جهة، والحكومة التركية المرتدة وعملائها من الصحوات المرتدة من جهة أخرى مرشح للمزيد من التطورات، مع تزايد أماني الطرفين بقرب حسم المعارك ضد الدولة الإسلامية، وسعي كل طرف إلى السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأرض والموارد، وترتيب الأوضاع لصالحه قبل ذلك.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده ...

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى

مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده أمريكا، زادت آمال الشركاء المتشاكسين، والخصوم المتنافسين، المنضوين تحت قيادة التحالف باقتراب موعد حسم المعارك، فانطلقوا يستعجلون أخذ حصتهم من الغنائم التي وعدهم بها أسيادهم الصليبيون، ما دفعهم إلى التنازع فيما بينهم على الأرض والثروات التي يمنّي كل منهم نفسه أن تكون ثمنا للخسائر الكبيرة التي مُني بها في حربه مع الدولة الإسلامية.

وعلى الجانب الآخر تقف أمريكا الصليبية وهي تحاول أن تمنع تحوّل هذا التنازع إلى صراع وقتال، يؤثر على مجريات حربهم على الدولة الإسلامية.

- الصراع بين الرافضة والمرتدين في إقليم كردستان

ولعل أوضح الأمثلة على ما يجري اليوم في مناطق إقليم كردستان، حيث أحاط البيشمركة المرتدون المناطق التي تقدموا إليها -بعد أن دمّرها الطيران الصليبي- بالسواتر الترابية، ونصبوا نقاط التفتيش على مداخل ضيقة في تلك السواتر التي عدها مراقبون بمثابة حدود مؤقتة للدولة التي يطمح مرتدو الأحزاب الكردية العلمانية في إعلانها بعد انتهاء المعارك في الموصل، لاسيما وأن بعض قادته أعلنوا أن قوات البيشمركة لن تنسحب من المناطق التي سيطرت عليها، ما دفع حلفاءهم الرافضة في بغداد إلى إطلاق تصريحات مضادة بأنهم سيتوجهون للسيطرة على تلك المناطق فور انتهاء المعارك في الموصل.

بل نجد أن التنازع امتد إلى داخل إقليم كردستان، حيث الصراع القديم بين الأحزاب الكردية المرتدة في كل من أربيل والسليمانية،فقد دفعت المعارك ضد الدولة الإسلامية وحرص أمريكا الصليبية على عدم السماح بأي صراع جانبي قد يؤثر عليها، إلى تأجيل مؤقت لحلقات الصراع، وذلك في ظل تدهور كبير في الأحوال الاقتصادية، وعجز للحكومة في أربيل عن تأمين رواتب الموظفين، وتعطل البرلمان والحكومة تماما؛ بسبب رفض مرتدي الأحزاب الكردية في السليمانية لرئاسة الطاغوت مسعود البرزاني.

ولكن مع الأماني التي تجددت لدى قادة أحزاب الردة في كردستان بقرب حسم المعارك ضد الدولة الإسلامية، وبالتالي زوال المانع الأمريكي من أي تنازع قد يؤثر على سير تلك المعارك، عاد أعداء البرزاني للضغط عليه عن طريق المظاهرات، والتهديد بإخراج أجزاء واسعة من الإقليم من سيطرة البرزاني عن طريق توحيد كل من السليمانية وجمجمال وحلبجة وكركوك في إقليم واحد محكوم ذاتيا، مستقل عن إقليم كردستان، أو حتى قطع العلاقة بين تلك المناطق وأربيل (عاصمة الإقليم)، عن طريق ربطها مباشرة بالحكومة الرافضية في بغداد.

هذا الأمر دفع الطاغوت مسعود البرزاني -أخيرا- إلى الإعلان عن استعداده للتنازل عن منصب الرئاسة لصالح غيره، دون أن يهدّئ ذلك من حدة الصراع بينه وبين شركائه في الحكومة والبرلمان، في ظل سعي كل منهم للحصول على أكثر المكاسب الممكنة من مال ونفوذ، خاصة مع شعور كل منهم أن كل طرف سيستبد بما وضع يده عليه قبل حسم المعارك في الموصل، وأن تغيير الواقع الجغرافي أو السياسي بعد انتهاء هذه المعارك سيكون في غاية الصعوبة.


• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً