أمير ديوان الصحة: أنشأنا مؤسسات صحية متميزة وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة - الأدوية ...

أمير ديوان الصحة:
أنشأنا مؤسسات صحية متميزة
وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة

- الأدوية والمستلزمات الطبية، ما هو دور ديوان الصحة في ضبط جودتها وأسعارها وضمان توفيرها؟

نتيجة لظروف الحرب والحصار في كثير من مناطق الدولة الإسلامية فقد نقصت واردات الأدوية بشكل كبير، كما تراجعت من حيث النوعية، إذ تعرض كثير من معامل الأدوية للتدمير والتخريب والسرقة، كما حدث مع المعامل في الموصل وحلب وريف دمشق وغيرها، ونتيجة ضعف الرقابة خارج مناطق الدولة الإسلامية فقد ظهر كثير من الورشات والمعامل الصغيرة التي تقوم بتقليد الأدوية المصنعة، وهي في الغالب لا ترقى إليها، هذا إن لم يتعمد فيها الغش لزيادة الأرباح، كما دخل إلى الأسواق كثير من الأدوية المستوردة من المناطق المجاورة لم تخضع غالبا للرقابة الدوائية.

ولضبط هذا الأمر تعمل في كل الولايات فرق من مكتب الرقابة الدوائية التابع للديوان على متابعة الصيدليات ومستودعات الأدوية، والتقصي عن الأدوية الداخلة إلى أراضي الدولة الإسلامية ومصادرها وفعاليتها، ووضع الضوابط التي تحدد تداول هذه الأدوية، وخاصة المسكّنات والأدوية التي تسبب الإجهاض، ومصادرة الأدوية المخالفة، ومحاسبة المخالفين.

وكذلك يجري تنظيم عمل الصيدليات في أراضي الدولة الإسلامية، وخاصة في موضوع أهلية العاملين فيها، وفق ضوابط تتناسب مع وضع كل منطقة، بحيث يجري عمل موازنة بين حاجتها، وما يتوفر فيها من صيدليات وكوادر صيدلانية والغاية أن نحد من الصرف العشوائي للأدوية وما ينجم عن ذلك من مضاعفات ومخاطر على حياة الناس.
كما استحدث الديوان قسما للعلاج بالأعشاب، يعمل على استخلاص الأدوية والعلاجات من النباتات الطبية بطرق حديثة، وتجهيزها للاستفادة منها في علاج الأمراض، وفق الخطط العلاجية التي يضعها الأطباء والمختصون بهذا المجال.

- هل من وصية توجهها إلى العاملين في القطاع الصحي، داخل أراضي الدولة الإسلامية وخارجها؟

أما الأطباء والممرضون والمساعدون وجميع من يعينهم في عملهم داخل دار الإسلام، فأقول لهم جزاكم الله خيرا، فإنكم على ثغر عظيم، وفي عمل صالح مبارك، ونسأل الله أن يجعل لكم نصيبا من قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، ومن قوله تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}، فمجرد ثباتكم في دار الإسلام هو عمل صالح لإغاظتكم الكفار بذلك، فكيف بثواب الرباط والجهاد في سبيل الله، ولذلك أوصيهم بإخلاص النية لله تعالى في عملهم، كي ينالوا أجر رباطهم وثباتهم وجهدهم وعرقهم، وأن لا يكون همّ أحد منهم المال أو السمعة، بل يبتغي فيما أنعم الله به عليه من علم وجه الله تعالى.

أما من هم خارج دار الإسلام، فأقول لهم، لقد حرمتم أنفسكم من خير كبير، وثواب عظيم، هو خير العيش تحت حكم الإسلام، وثواب الجهاد والرباط في سبيل الله، وعرّضتم أنفسكم لفتنة عظيمة على دينكم، بمقامكم في ذمة الكفار، وعيشكم تحت حكمهم وأمرهم.

وأوصيهم بالتوبة إلى الله من كبيرة قعودهم عن الهجرة والجهاد، وأحثهم على الهجرة في سبيل الله، نصرة لدين الله، وولاءا لأولياء الله، وبراءة من أعداء الله، وأحذّرهم من أن يُفتنوا بما علّمهم الله فيقول كما قال عدو الله قارون {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}، فما لدى أيٍ منهم من علم إنما هو ابتلاء له، فإن اتخذه طريقا للجنة فقد فاز وظفر، وإن اتخذه طريقا للدنيا فقد خاب وخسر، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة الحوار كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

أمير ديوان الصحة: أنشأنا مؤسسات صحية متميزة وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة - في جانب ...

أمير ديوان الصحة:
أنشأنا مؤسسات صحية متميزة
وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة

- في جانب الإجراءات التنظيمية، ما هي أهم التطورات التي حققها الديوان، بفضل الله؟

لقد ورّثنا الطواغيت في كثير من المناطق التي فتحها الله علينا نظما صحية ضخمة من حيث الحجم، لكنها مترهلة كسولة من حيث الأداء والإنجاز، مريضة عليلة من حيث البنية، ينخر فيها الفساد بمختلف أنواعه، وتعشش فيها الطفيليات التي تعتاش على حساب آلام الناس ومعاناتهم.

وقد مكننا الله من خلال ضبط جوانب الفساد في قطاع الصحة من توفير الكثير من النفقات، وتحصيل كمٍّ كبيرٍ من المنافع والفوائد.

ودعني أضرب لك أمثلة في الشق المالي، فبعد استلامنا إدارة المنشآت الصحية في ولاية نينوى، راجعنا عقود المشتريات لإدارة الحكومة الرافضية، فوجدنا أن الحكومة المرتدة قد رصدت 13 مليار دينار عراقي شهريا لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية للولاية، في حين أننا نشتري نفس الكمية التي كانوا يشترونها تقريبا بما يعادل مليار إلى مليار وربع دينار عراقي فقط.

وبالإضافة للتكاليف الباهظة للمشتريات، فقد كان نظامهم الصحي يعاني من هدر كبير في الموارد والمشتريات، وذلك في ظل ما يسمونه بالطبابة المجانية، بحيث كان الكثير من المتمارضين يستغلون ثغرات يعرفونها للحصول على أدوية غالية الثمن لا يحتاجونها ليبيعوها من جديد، عدا عن استنزافهم لجهود الكوادر الطبية، وتشكيلهم ضغطا إضافيا على وظائف الأجهزة الطبية ذات الطاقة المحدودة.

وقد خففنا كثيرا من الهدر في الموارد والطاقات، عن طريق فرض أجور علاج رمزية على المراجعين للمستشفيات والمراكز الصحية، الهدف منها إبعاد المتمارضين، وكذلك الاستفادة من هذه الواردات المالية في زيادة فاعلية الكادر الطبي عن طريق توزيعها عليهم، فيزداد دخلهم بازدياد العائد من خدمة المراجعين، وقد طبقنا هذا النظام الذي سميناه (التمويل الذاتي) في مستشفيات ولاية نينوى، ونحن في طريقنا إلى تعميمه بحسب الإمكان، إن شاء الله.

- تحدثت عن تكاليف العلاج بالنسبة للمرضى، كيف تتم المعاملة بالنسبة لرعايا الدولة الإسلامية في هذا الجانب، وهل هناك فروق بين المجاهدين وعامة المسلمين في تكاليف العلاج؟

ذكرت لك سلفا أن ما يدفعه المريض من أجور للعلاج في مستشفيات الدولة الإسلامية إنما هو مبلغ رمزي بالمقارنة مع التكلفة الحقيقية لعلاجه، فهي في كثير من العمليات لا تزيد عن عُشر قيمة المواد اللازمة للعملية من أدوية ومستلزمات، فضلا عن أجرة الأطباء والممرضين والمساعدين، وتكاليف المستشفى، ولو قارنَّا تكاليف العلاج في مستشفيات ديوان الصحة مع مثيلاتها في المستشفيات الخاصة المنتشرة في أراضي الدولة الإسلامية لوجدنا فرقا كبيرا.

وحتى هذه التكاليف الرمزية فإننا نعفي منها الفقراء والمساكين، إذ يتولى ديوان الزكاة السداد عنهم، وكذلك الأمر بالنسبة للأمراض المزمنة كمرضى الفشل الكلوي، والسرطانات وغيرها، رغم أن تكاليفها باهظة الثمن.

أما المجاهدون في سبيل الله فلا شك أن تكاليف علاج المرضى والمكلومين منهم في سبيل الله، يقع كله على عاتق الدولة الإسلامية، فيتم تسديده من قبل ديوان الصحة، كما يتم علاج أسر المجاهدين وفق آليات محددة بالنسبة لهم.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة الحوار كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

أمير ديوان الصحة: أنشأنا مؤسسات صحية متميزة وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة - هل يمكن ...

أمير ديوان الصحة:
أنشأنا مؤسسات صحية متميزة
وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة

- هل يمكن أن تذكر لنا هذه الخطوات؟

بالرغم من المرارة التي نحس بها عندما نسمع عن طبيب خرج إلى دار الكفر، إذ في ذلك خسارة للمسلمين، وفائدة عظيمة للكافرين، بعمله عندهم ومداواته لمرضاهم وجرحاهم، مع ما يعنيه ذلك من خطورة على دين هذا الطبيب، فإن الله تعالى منّ علينا بما يفرح قلوبنا بهجرة الكثير من الأطباء من المسلمين من ديار الكفر رغبة في دار الإسلام، وحرصا على نصرة المجاهدين في حربهم ضد المشركين، فقد جاءنا -ولله الحمد- أطباء من شتى أصقاع الأرض، بعضهم عمل في أكبر المستشفيات العالمية وأكثرها تطورا، ووضعوا أنفسهم في خدمة الدولة الإسلامية، عاملين في ديوان الصحة، مجاهدين في سبيل الله، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وقد رأينا في ذلك سنة الاستبدال التي وعد الله بها المتولين عن النفير في سبيل الله، فقد استبدلهم الله بمن هم خير منهم من المهاجرين في سبيل الله، والحمد لله من قبل ومن بعد.

أما بخصوص خطوات العمل لتأمين الموارد البشرية وتنميتها، فقد بدأنا بالعمل على الحفاظ على ما بأيدينا من كوادر طبية، عن طريق توعية المسلمين من العاملين في هذا القطاع بمخاطر الخروج إلى دار الكفر على دينهم ودنياهم، بالإضافة إلى إزالة العوائق التي تعترض استمرار الكوادر الطبية في عملها، وذلك لتسهيل أمرهم قدر الإمكان، وفي الوقت نفسه جرى الترتيب لتنظيم عمل هذه الكوادر بما يحقق أفضل استفادة منها.

ومن جانب آخر بدأ العمل حثيثا لتنمية الكوادر الطبية من حيث الكم والنوع، وكان أهم المشاريع في هذا الجانب مشروع الكليات والمعاهد الطبية التخصصية، إذ عمل الديوان على استمرار الدراسة في هذه الكليات للطلاب القدامى، وفي الوقت نفسه كان الإصرار على استقبال دفعات جديدة من الطلاب رغم الظروف الصعبة، وتناقص الإمكانيات، بل وفتح كليات جديدة ككلية طب الرقة والمعاهد الملحقة بها، وكذلك تغيير النظام التعليمي المطبّق سابقا ليصبح أكثر فعالية، وأقل استغراقا للوقت، وبفضل الله المشروع يمضي بخطى حثيثة نحو تخريج كوادر طبية مؤهلة، مع ما قد ينتابه من عراقيل في ظل هذه الحرب الصليبية ضد الدولة الإسلامية، وليس بخافٍ ما حلّ بالمنشآت الطبية والتعليمية في مدينة الموصل نتيجة الحرب مع الروافض، والقصف الصليبي، ولله الحمد من قبل ومن بعد.

* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة الحوار كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

أمير ديوان الصحة: أنشأنا مؤسسات صحية متميزة وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة - قطاع ...

أمير ديوان الصحة:
أنشأنا مؤسسات صحية متميزة
وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة

- قطاع الصحة من أكثر القطاعات حاجة للموارد خاصة في ظروف الحروب، كيف استطاع الديوان تأمين احتياجاته من الموارد لإطلاق العمل وإدامته وتطويره، حتى وصل إلى هذه المرحلة المتقدمة، بفضل الله؟

بداية فإن الفضل في ذلك -كما ذكرت- هو لله وحده من قبل ومن بعد، فهو الذي نصرنا على عدونا، ومكّن لنا في الأرض، ورزقنا من الأموال والأنفس والثمرات ما أعاننا به على إقامة دينه، وتحكيم شرعه، وخدمة عباده.

أما بالنسبة لموارد ديوان الصحة، فهذا القطاع يحتاج لموارد كثيرة ومتنوعة، على رأسها الموارد البشرية النوعية، والموارد المالية الكبيرة، والموارد المادية من مراكز طبية، وأجهزة، ومعدات، وآليات وغيرها، بالإضافة إلى الإجراءات والأنظمة التي تضمن إدارة هذه الموارد الكبيرة وتحقيق أفضل الاستفادة منها.

أما بالنسبة للموارد الماديّة، فقد أحرزناها -والحمد الله- بسيوفنا، فمن جملة ما منّ الله به علينا من فتوحات وتمكين، المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات بمستلزماتها كافة، ومن أجود الأنواع، فلم ندفع فيها فلسا واحدا، فكان عملنا في ذلك مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (وجُعل رزقي تحت ظل رمحي)، ومع كل مدينة يفتحها الله لنا كان الديوان يحرز ما فيها من أموال المشركين من مراكز ومعدات تخص عمله، كفيء للمسلمين، ثم يُستفاد منه بالطريقة المناسبة، سواء في مكانه أو بنقله إلى مكان آخر يحتاج إليه، وهكذا -بفضل الله- أمنّا غالب ما تحتاجه مستشفيات الدولة الإسلامية في الولايات الشرقية والغربية، ولم ينقصنا من الأجهزة والمعدات إلا الشيء القليل الذي اشتريناه بالمال.

ولكن نتيجة ظروف الحرب والاستهداف المستمر للمنشآت الصحية من قبل الروافض والنصيرية والصليبيين، فقد أصاب كثيرا منها التدمير والتخريب، لذلك عملنا على إصلاح ما يمكن إصلاحه، وإنشاء منشآت صحية جديدة على نفقة الديوان، بمعايير عالية الجودة -بفضل الله- تفوق ما دمره المشركون.

كما عمل الديوان على إكمال حاجات المستشفيات والمراكز الصحية المختلفة، وخاصة من الأجهزة الطبية المتطورة، كأجهزة التصوير الطبقي المحوري، والرنين المغناطيسي، والتصوير القوسي، وجهاز قص السائل الزجاجي للعين، وغيرها من الأجهزة المتطورة التي حصلنا عليها إما من الغنيمة والفيء، أو بإصلاح الأجهزة القديمة، أو حتى بشرائها.

والنفقات المالية للديوان يأتي أغلبها من بيت مال المسلمين، وذلك لتغطية النفقات الجارية والمشتريات، بالإضافة إلى جزء من الواردات المالية التي تأتي من الأجور المخفضة للعلاج في مستشفيات الدولة الإسلامية وتساهم في دعم ميزانية الديوان.

وتبقى الموارد البشرية هي أهم حاجات الديوان، وذلك لكون العمل الطبي لا يمكن لأي شخص القيام به، وإنما فقط من قبل كوادر ذات تحصيل علمي معين، وخبرة كبيرة، إذ لا يمكن أن نسمح لأيٍ كان أن يعالج مريضا أو يداويه، وفي ظروف الحرب التي نعيشها، فقد خرج الكثير من الأطباء والكوادر الطبية من ضعفاء الإيمان، ولحقوا بدار الكفر، طمعا في الأموال، أو خوفا من القصف، وبذلك فقدنا قسما كبيرا من الموارد البشرية الضرورية، وخاصة في المناطق القريبة من جبهات القتال، وقد عمل الديوان على سد النقص الحاصل في هذا الباب، وتقدمنا خطوات كبيرة في هذا الجانب، والفضل لله وحده.

* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة الحوار كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

أمير ديوان الصحة: أنشأنا مؤسسات صحية متميزة وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة ديوان ...

أمير ديوان الصحة:
أنشأنا مؤسسات صحية متميزة
وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة

ديوان الصحة واكب الدولة الإسلامية منذ نشأتها، هل تحدثنا باختصار عن أهم مراحل تطور هذا الديوان؟

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..

منذ إعلان أمير المؤمنين الشيخ أبي عمر البغدادي -تقبله الله- عن إقامة دولة العراق الإسلامية، وطرح تشكيلتها الوزارية، كان للصحة حظ من هذه الوزارة الأولى، ضمن وزارة للصحة، وقع على عاتقها آنذاك إدارة الملف الطبي في الدولة الإسلامية.

وهذا لا يعني أنه لم يكن هناك قطاع خاص بالصحة قبل هذا الإعلان، لكن كان الأمر أقل تنظيما، في فترة الفصائل والجماعات، كالتوحيد والجهاد، ثم تنظيم القاعدة، ومن معه من الفصائل التي تشكلت منها الدولة الإسلامية.

وليس خافيا اليوم أن الدولة الإسلامية مرت بمحنة كبيرة آنذاك بسبب القتال الشرس مع الجيش الأمريكي الصليبي، وعملائه من الصحوات المرتدين، ما أدى إلى خسارة المجاهدين لأكثر الأرض التي كانوا ممكَّنين فيها، وانحياز كثير منهم إلى الصحاري، ومن بقي منهم في المدن عاش حياة أمنيّة، يتربص بالمشركين وهم يتربصون به.

وفي هذه الأثناء استمرت وزارة الصحة في عملها الذي اقتصر على خدمة المجاهدين وعوائلهم، وعوائل الأسرى والشهداء، من خلال تقديم ما يمكن من المساعدة لهم في علاجهم ودوائهم، وكذلك الإشراف على بعض المضافات السرية للجرحى، وإدارة ملف العلاج خارج العراق لمن تتطلب حالته ذلك، ويمكنه الخروج.

وقد كانت هذه المرحلة من أصعب المراحل، إذ كان صعبا جدا الوصول إلى الجرحى من المجاهدين، وكثيرا ما مات الإخوة بسبب تأخر وصول الطبيب إليهم، وكذلك كانت مضافات الجرحى داخل العراق وخارجه معرضة دائما للإنزالات والمداهمات، وذهب كثير من الإخوة بين قتيل وأسير نتيجة ذلك.

وكان فتح ساحة الشام للمجاهدين تفريجا على الإخوة من المرضى والجرحى، إذ صار يمكن لهم ولعوائلهم الانتقال إلى الشام للتداوي والعلاج، إذ كان القطاع الطبي للدولة الإسلامية في العراق والشام حينها قيد التكوين والتطوير، حتى استقر أمر الديوان مع ما منّ الله عليه من تمكين في بعض الولايات، ليستوي العمل على سوقه مع فتح الموصل والولايات الشرقية، فحدثت نقلة نوعية في عمل الديوان وصولا إلى ما هو عليه الآن من نمو وازدهار، بفضل الله وحده.

- ما هي مسؤوليات ديوان الصحة في الدولة الإسلامية اليوم؟

يقع على عاتق الإخوة العاملين في الديوان مهام عظيمة تتعلق كلها بصحة رعايا الدولة الإسلامية ومجاهديها، يمكننا أن نجملها في أبواب؛ الأول هو الصحة الوقائية، إذ يعمل الديوان على وقاية الناس من الأمراض وخاصة السارية والمعدية منها، وذلك عن طريق حملات التلقيح، ومتابعة الأسواق وما فيها من مواد قد تضر بصحة الناس، وعلى رأسها بعض الأدوية، وغير ذلك من الإجراءات التي تهدف إلى الحد من انتشار الأمراض قدر الإمكان، بإذن الله.

والباب الثاني وهو الذي يأخذ الحظ الأكبر من الجهد والموارد، وهو الصحة العلاجية، ويتعلق برعاية المرضى والمصابين، والسعي في علاجهم بإذن الله تعالى، وذلك من خلال عمل المستشفيات والمستوصفات والعيادات والنقاط الطبية والصيدليات.

والباب الثالث يعنى بنشر التوعية الصحية بين الناس حول الأمراض وكيفية الوقاية منها، والإسعافات الأولية، بالإضافة لحملات الدعاية المصاحبة لحملات التلقيح، والدعوة للتبرع بالدم، وما شابه، وتتم غالبا بالاشتراك مع الإخوة في الإعلام.

وهناك باب رابع يقع على عاتق ديوان الصحة، وإن كان علميا أكثر منه تنفيذيا، وهو باب التعليم والتدريب الطبي، وذلك من خلال التعليم الطبي الجامعي الذي يقوم على جامعتين للعلوم الطبية، اﻷولى هي جامعة العلوم الطبية في الولايات الشرقية وتضم كلّيتين للطب البشري، وكلية طب الأسنان، وكليتي الصيدلة والتمريض،باﻹضافة لعدة معاهد طبية وصحية، وجامعة العلوم الطبية في الولايات الغربية وتضم كلية للطب البشري، وعددا من المعاهد الطبية، وكذلك يشرف الديوان على التدريب الطبي من خلال الدورات الطبية المستمرة للمجاهدين في ديوان الجند لتخريج المسعفين والعناصر الطبية المرافقة للجيش في الجبهات وخطوط الرباط.

* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة الحوار كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم ما تسلط على الناس طاغوت من الطواغيت إلا سعى لتعبيدهم ...

فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم

ما تسلط على الناس طاغوت من الطواغيت إلا سعى لتعبيدهم لنفسه، فمنهم من يستعمل الترغيب بالمال والحظوة ليقربهم منه، ومنهم من يمارس القهر والتجبر ليخضعهم له، ومنهم من يستخدم المكر والخداع ليقنعهم به، ولكلٍّ في ما يستعمله أساليب وحيل، ما زال الطواغيت يأخذون بها منذ القدم، حتى باتت معروفة مشهورة، متبعة مكرورة، باختلاف الأزمنة والأمكنة.

وإن من أهم وسائل الطواغيت لخداع المسلمين علماء السوء الذين يُحرفون الكَلم عن مواضعه، ويكتمون البينات، ويكتبون الكتاب بأيديهم ثم ينسبون ما كتبوه إلى الله تعالى، ورسوله الكريم، أو يبدِّلون شرع الله تعالى فيحلّون الحرام، ويحرّمون الحلال.

لقد كان المرتدون من علماء السوء وما زالوا الأداة الطيِّعة في أيدي الطواغيت لإخضاع الناس وتعبيدهم لهم من دون الله تعالى، وكانوا وما زالوا يقومون بدور سحرة فرعون فيسحرون أعين الناس وعقولهم، ويلبِّسون عليهم، حتى يُروهم الحق باطلا، والباطل حقا، ويدفعوهم لتولي الطواغيت وجنودهم، والبراءة من الأنبياء وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ومع اشتداد الحرب بين المسلمين والطواغيت ومن ورائهم أمم الكفر المختلفة وعلى رأسهم الصليبيون، راجت سوق علماء السوء أكثر فأكثر فارتفعت قيمتهم في بلاطات الطواغيت، وتسابقت على لقائهم القنوات والمحطات التابعة لهم، وفُتحت أمامهم المساجد وحِلق العلم، وطبعت كتبهم، وروّجت أقوالهم، ونشرت صورهم، وكثّرت ألقابهم، وذلك كي ينجحوا في المهمة التي وكلوا بها، بمحاربة التوحيد وأهله، ومناصرة الطاغوت وأوليائه.

بل تطوَّع نفر كثير منهم وزاد على الكلام السيء بالفعل الأسوأ، فمضوا يتجسسون على عورات المسلمين، ويتحسسون لكلامهم، ويسعون للإيقاع بهم لتسليمهم لجنود الطاغوت، فيودعونهم السجون، ويفتنونهم عن دينهم، ويقتلونهم، وكل ذلك بفتاوى مدبَّجة من أولئك المرتدين من علماء الطواغيت.

وقد أخطأ بعض المجاهدين كثيرا خلال السنوات الماضية عندما أحسنوا الظن بأحبار الكفر هؤلاء، فظنوا أنما يدفعهم لعداء الموحدين شبهة عارضة تزول بالعلم، أو جهل بالحال يُدفع بالبيان، فأجهدوا أنفسهم وضيَّعوا أوقاتهم وهم يرسلون الرسائل والمندوبين للقائهم وتوضيح ما أشكل عليهم، على أمل أن يهدوهم إلى سواء السبيل، فلا يزداد أولئك المجرمون إلا بعدا عن الحق وأهله والتصاقا بالطاغوت وأهله.

لقد علم مجاهدو الدولة الإسلامية منذ زمن طويل أن قضية علماء الطواغيت هي قضية كفر بالله العظيم، وأن عالم الطاغوت لا يختلف في حكمه عن حكم جنود الطواغيت الذين يقاتلهم المجاهدون ويتقربون إلى الله بقتلهم، بل لا شك لديهم أن علماء الطاغوت أعظم كفرا وأشد حرابة على المسلمين من جنود الطاغوت وأجهزة مخابراته، فهم الذين يبررون لهم كفرهم وردّتهم عن الإسلام، وهم الذين يحرضونهم على قتال المسلمين موالاةً للمشركين، وهم الذين يثبِّطون الناس عن جهاد أعداء الله ويضلونهم عن سبيل الله، بل هم من أئمة الكفر الذين قال الله تعالى فيهم: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [التوبة: 12].

وعليه فإن جنود الدولة الإسلامية لم يتورعوا -بفضل الله- عن قتل علماء السوء الموالين للمشركين، ولم يصدّهم عن إقامة حكم الله فيهم شهرة أسمائهم، ولا عدد ألقابهم، ولا كثرة مريديهم وأنصارهم، ولا حجم فصائلهم وأحزابهم، ولا خوف من ملامة جاهل، أو طعن حاقد، فقطفوا رؤوس الكثيرين منهم، غيلة وجهارا، ذبحا بالسكاكين، وتفجيرا بالعبوات، وفلقا للرؤوس بالبنادق والمسدسات، وما زالوا -بفضل الله- يقعدون لهم كل مرصد، ويتحيَّنون لقتلهم كل فرصة، كحال بقية أصناف المرتدين الذين يتقربون إلى الله بقتلهم.

ويحسب علماء الطاغوت في ديار الكفر أنهم بمأمن عن ضربات المجاهدين، وبمنأى عن بنادق سرايا الانغماسيين، وكواتم مفارز الأمنيين، وسكاكين الأسود المنفردين، ولكن هيهات... هيهات...

فإنا -بإذن الله- نتعقبهم أينما كانوا، ونتتبعهم أينما هربوا، لنقطف رؤوسهم، ونكف ألسنتهم عن المسلمين، ونحمي شريعة الله من أن ينالها تحريفهم لنصوصها، وتبديلهم لأحكامها، ونقاتلهم كما نقاتل أسيادهم الطواغيت، وجنودهم المرتدين، سواء بسواء، كما أمرَنا ربنا -جل وعلا- بقوله: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36]، ونحرض المسلمين في كل مكان على قتلهم واغتيالهم، كما نحرضهم على قتال الصليبيين والمرتدين، إلا أن يتوبوا من ردتهم، ويعودوا إلى دينهم. قال تعالى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [التوبة: 74].


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ
...المزيد

لا إله إلا الله قول وعمل قال الشيخ محمد بن عبد الوهّاب، رحمه الله: اعلم رحمك الله تعالى، أن لا ...

لا إله إلا الله قول وعمل

قال الشيخ محمد بن عبد الوهّاب، رحمه الله:
اعلم رحمك الله تعالى، أن لا إله إلا الله هي الكلمة العالية، والشريفة الغالية، من استمسك بها فقد سلم، ومن اعتصم بها فقد عُصم، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرُم ماله ودمه، وحسابه على الله، عز وجل) [رواه مسلم عن طارق بن أشيم]، والحديث يفصح أن لا إله إلا الله، لها لفظ ومعنى.

ولكن الناس فيها ثلاث فرق: فرقة نطقوا بها وحقّقوها، وعلموا أن لها معنى وعملوا به، ولها نواقض فاجتنبوها. وفرقة: نطقوا بها في الظاهر، فزيّنوا ظواهرهم بالقول، واستبطنوا الكفر والشك. وفرقة: نطقوا بها ولم يعملوا بمعناها، وعملوا بنواقضها، فهؤلاء: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: 104]؛ فالفرقة الأولى هي الناجية، وهم المؤمنون حقا، والثانية هم المنافقون، والثالثة هم المشركون.

فلا إله إلا الله حصن، ولكن نصبوا عليه منجنيق التكذيب، ورموه بحجارة التخريب، فدخل عليهم العدو، فسلبهم المعنى، وتركهم مع الصورة، وفي الحديث: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأبدانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) [رواه مسلم عن أبي هريرة]؛ سلبوا معنى لا إله إلا الله، فبقي معهم لقلقة باللسان، وقعقعة بالحروف، وهو ذِكر الحصن لا مع الحصن، فكما أن ذِكر النار لا يحرق، وذِكر الماء لا يغرق، وذِكر الخبز لا يشبع، وذِكر السيف لا يقطع، فكذلك ذِكر الحصن لا يمنع؛ فإن القول قشر، والمعنى لب، والقول صدف، والمعنى در، ماذا يُصنع بالقشر مع فقدان اللب؟ وماذا يُصنع بالصدف مع فقدان الجوهر؟
لا إله إلا الله مع معناها، بمنزلة الروح من الجسد، لا يُنتفع بالجسد دون الروح، فكذلك لا يُنتفع بهذه الكلمة دون معناها؛ فعالم الفضل أخذوا بهذه الكلمة بصورتها ومعناها، فزينوا بصورتها ظواهرهم بالقول، وبواطنهم بالمعنى، وبرزت لهم شهادة القدم بالتصديق، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18].

وعالم العدل [أي الشرك]: أخذوا هذه الكلمة بصورتها دون معناها، فزيّنوا ظواهرهم بالقول، وبواطنهم بالكفر، بالاعتقاد فيمن لا يضر ولا ينفع؛ فقلوبهم مسودة مظلمة، لم يجعل الله لهم فرقانا يُفرّقون به بين الحق والباطل، ويوم القيامة يبقون في ظلمة كفرهم، {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} [البقرة: 17].

فمن قال: لا إله إلا الله، وهو عابد لهواه ودرهمه وديناره ودنياه، ماذا يكون جوابه يوم القيامة لمولاه؟ {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23]، (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أُعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش) [رواه البخاري عن أبي هريرة].

إذا قلت: لا إله إلا الله، فإن كان مسكنها منك اللسان لا ثمرة لها في القلب، فأنت منافق، وإن كان مسكنها منك القلب [مع التزام الجوارح بها]، فأنت مؤمن، وإياك أن تكون مؤمنا بلسانك دون قلبك، فتنادي عليك هذه الكلمة في عرصات القيامة: «إلهي صحبته كذا وكذا سنة، فما اعترف بحقي، ولا رعى لي حرمتي حق رعايتي!» فإن هذه الكلمة تشهد لك، أو عليك.

فعالم الفضل تشهد لهم بالاحترام، حتى تدخلهم الجنة؛ وعالم العدل [أي الشرك] تشهد لهم بالإجرام، حتى تدخلهم النار، {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7].

لا إله إلا الله شجرة السعادة، إن غرستها في منبت التصديق، وسقيتها من ماء الإخلاص، ورعيتها بالعمل الصالح، رسخت عروقها، وثبت ساقها، واخضرت أوراقها، وأينعت ثمارها، وتضاعف أكلها، {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 25].
وإن غُرست هذه الشجرة في منبت التكذيب والشقاق، وأسقيتها بماء الرياء والنفاق، وتعاهدتها بالأعمال السيئة والأقوال القبيحة، وطفح عليها غدير الغدر ولفحها هجير هجر، تناثرت ثمارها، وتساقطت أوراقها، وانقشع ساقها، وتقطعت عروقها، وهبّت عليها عواصف القذر، ومزقتها كل ممزق، {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان: 23].

فإذا تحقق المسلم هذا، فلا بد معه من تمام بقية أركان الإسلام، كما في الحديث الصحيح: (بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام) من استطاع إليه سبيلا [رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر]، {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
انتهى كلامه رحمه الله بتصرف يسير.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ
لقراءة المقال كاملاً تواصل - تيليغرام:
@wmc11ar
...المزيد

رؤى.. وأحلام (١/٢) - الرؤى للاستئناس لا للاستدلال: ومن جانب آخر ينبغي على المسلم أن لا يغلو ...

رؤى.. وأحلام
(١/٢)

- الرؤى للاستئناس لا للاستدلال:

ومن جانب آخر ينبغي على المسلم أن لا يغلو ولا ينفتن بما يحسبه من الرؤى الصالحة، فلا يبني عليها أحكاما إذ ليس هو بالنبي فتكون رؤياه وحيا من الله تعالى، ولا تأويلها له علما يقينا، ولا يرى فيها تزكية له أو لغيره، ولا يمتنع بسببها عن معروف أو يقع في منكر، ولا يتّكل عليها فيغفل عما كلَّفه الله من الطلب لما فيه خيره في الدنيا والآخرة، بل يستأنس بها، ويفرح بها، ويبشّر بها، ويحمد الله عليها.

وإن للاستدلال على الأحكام الشرعية طرقا معروفة ليس من بينها الأحلام والمنامات، فالرؤى لا تحرّم حلالا ولا تحلّل حراما، ومن يرى النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه فسيراه على صورته وهيئته الحقة، أما ما يشيعه البعض من صور وأنوار، وهيئات وأفكار لا يقبلها عاقل فهذا من الحلم، والحلم من الشيطان، والشيطان لا يتمثل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كما أخبر بذلك، صلى الله عليه وسلم، ولكن قد يتمثل بصورة غير صورته كما نص العلماء.

قال الإمام النووي، رحمه الله: «قوله صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فقد رآني)... معنى الحديث أن رؤيته صحيحة وليست من أضغاث الأحلام وتلبيس الشيطان، ولكن لا يجوز إثبات حكم شرعي به لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي وقد اتفقوا على أن مِن شرط مَن تُقبل روايته وشهادته أن يكون متيقظا لا مغفلا ولا سيء الحفظ ولا كثير الخطأ ولا مختل الضبط، والنائم ليس بهذه الصفة فلم تقبل روايته لاختلال ضبطه، هذا كله في منام يتعلق بإثبات حكم على خلاف ما يحكم به الولاة، أما إذا رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمره بفعل ما هو مندوب إليه أو ينهاه عن منهي عنه أو يرشده إلى فعل مصلحة فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه لأن ذلك ليس حكما بمجرد المنام بل تقرر من أصل ذلك الشيء» [شرح النووي على مسلم].

ومما عمت به البلوى في أيامنا هذه، اعتماد البعض على الرؤى اعتمادا يتجاوز مجرد الاستئناس والاستبشار ويخالف بذلك هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعه من الأخيار، حتى باتت رؤى الفتوح والانحياز حديث الساعة في كل مجلس ومحفل، وكأن كل راءٍ هو يوسف، عليه السلام، وكل معبِّر هو يعقوب، عليه السلام!

فلا شك أن من الرؤى ما يكون سببا في تثبيت الله لعباده الصالحين، كما حدث مع المسلمين في غزوة بدر، قال تعالى {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الأنفال: 43]، فكثرة الرؤى المبشرات هي من النعم التي أنعم الله بها على عباده الموحدين، خاصة في ظل هذه الحرب الشرسة على الدولة الإسلامية، التي تشارك فيها ملل الكفر والشرك كافة، ولكن التأويل غير المنضبط للرؤى والأحلام، وإسقاطها على الوقائع والأحداث بدعوى رفع الهمم وتثبيت القلوب قد تكون له نتائج عكسية، بما يتسبب به من إحباط إذا لم يصدق التأويل بعد أن تتعلق به بعض النفوس المتعبة المريضة.

فليس كل ما يراه المؤمن في منامه رؤيا صالحة، وليست كل رؤيا صالحة تجد من يأولها تأويلا صحيحا، وليس كل تأويل صحيح ينطبق على الواقع مباشرة بل قد يقع تأويلها بعد سنين عديدة، وهذا من علم الغيب الذي لم يُطلع الله عليه أحدا من عباده، فرؤيا يوسف في طفولته بسجود إخوانه وأبويه له وقعت بعد سنين طويلة وهو رجل، وليس كل تأويل صحيح لرؤيا صالحة مما يصح قصه على الناس، كما في رؤيا يوسف التي أمره نبي الله يعقوب بكتمانها عن إخوته.

وليسأل العبد ربّه دوما أن يبعد عنه الهمّ والحزن بما شاء، سبحانه، وأن يثبته على الصراط المستقيم، وأن يربط على قلبه، ويؤتيه العلم النافع، ويعينه على أداء العمل المتقبل، إن الله سميع مجيب الدعاء، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

رؤى.. وأحلام قيل في شأنها الكثير، وخاض فيها من يجهل ومن يحسن التعبير، منها ما يُفرح ويبشِّر، ...

رؤى.. وأحلام

قيل في شأنها الكثير، وخاض فيها من يجهل ومن يحسن التعبير، منها ما يُفرح ويبشِّر، ومنها ما يحزن ويُنفّر، إذا كانت من الله تعالى صلحت وصدقت، وإذا كانت من الشيطان فسدت وكذبت، والبشر في تلقيها ثلاثة؛ إما غالٍ فيها يبني عليها كل تفاصيل حياته ومن حوله، بل يعدها أحيانا وحيا يوحى إليه كالصوفية ومن شابههم، وإما وسط يتلقاها وفق ما دلت عليه النصوص الشرعية فيستأنس بخيرها ويستعيذ بالله من شرها، وإما منكر لها لا يرى فيها إلا هلوسات وأخلاطا كالفلاسفة وبعض المعتزلة وبعض الأطباء... وبين هذا وذاك، تبقى هي بين المبشرات الصادقة وأحاديث النفس وأضغاث الأحلام.

- الرؤيا حق:

وقد ورد ذكر الرؤى في الكتاب العزيز في أكثر من موضع؛ قال تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ} [الأنفال: 43]، وقال أيضا: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4]، وقال أيضا: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} [الفتح: 27]، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كانت رؤيا الأنبياء وحيا»، وأول ما بُدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة.

والأحاديث والآثار الدالة على ثبوت الرؤيا وأنها حق، كثيرة وفيرة، وكما أن رؤيا الأنبياء وحي، فإن رؤيا الصالحين من مبشرات النبوة وجزء منها؛ فعن أنس بن مالك، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الرؤيا الحسنة، من الرجل الصالح، جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة) [رواه البخاري]، وعن أبي الدرداء، قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ} [يونس: 63 - 64] فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له) [رواه مسلم]. ولفظ الرجل الصالح هنا ليس للحصر فقد تكون الرؤيا الحسنة من المرأة الصالحة. ولا يعني هذا أن الصالح لا يرى إلا الرؤيا الحسنة الصادقة بل قد يرى الأضغاث أيضا وإن ندر ذلك. والناس في صدق رؤاهم مختلفون وكلٌّ ومنزلة إيمانه وصلاحه.

وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول: (هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة) [رواه أبو داود].

- التعامل مع الرؤى والأحلام:

وقد علّمَنا سيد الأولين والآخرين -عليه الصلاة والسلام- كيف نتعامل مع الرؤيا، فجعل لها ولرائيها ومعبرها آدابا، والرؤى على ثلاثة أقسام؛ رؤيا صادقة، وحديث نفس وأضغاث أحلام، وتلاعب شيطان؛ عن أبي سعيد الخدري، أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها، فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدِّث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها، ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره) [رواه البخاري].

وقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- كل مسلم ومسلمة أن لا يحدِّثا أحدا بتلاعب الشيطان بهما في المنام، فتارة يحزنها وتارة يخيفهما؛ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لأعرابي جاءه فقال: إني حلمت أن رأسي قُطع فأنا أتبعه، فزجره النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: (لا تخبر بتلعّب الشيطان بك في المنام).

بل يكتفي المسلم والمسلمة بما قد أرشدَنا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى التزامه عند رؤية ما يكره؛ فعن جابر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه) [رواه مسلم].

وتأويل الرؤى هو من العلم الشريف الذي يمنّ الله به على من يشاء من عباده، ممَّن علم التنزيل وفقه التأويل، كما في قوله تعالى {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 6]، فهذا العلم كان يقوم عليه الأنبياء، وأتباعهم من حوارييهم وصحابتهم ومن تبع هداهم وعمل بسنتهم، ولكننا بتنا نرى اليوم من يتصدر لهذا العلم من الجهّال والأدعياء، بل ومن الفسّاق والماجنين، والسحرة والمرتدين.

فالحذر الحذر من التصدي لهذا العلم بغير هدى ولا كتاب منير، والحذر الحذر من عرض الرؤى والأحلام على كل من هب ودب من الأدعياء، الذين يسوقون بضاعتهم بتأويل الرؤى على الوجه الذي يُرضي أصحابها ليمنّوهم ويأمّلوهم، ويكسبوا بذلك وجوههم وأموالهم.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

قصة شهيد: أبو عمر الأردني تقبله الله عبدٌ يبتغي الموت مظانّه، نحسبه (١/٢) - وعجلت إليك ربّي ...

قصة شهيد:
أبو عمر الأردني تقبله الله
عبدٌ يبتغي الموت مظانّه، نحسبه
(١/٢)

- وعجلت إليك ربّي لترضى:

الشوق إلى القتل في سبيل الله لم يخفت في ظل زحمة العمل وكثرة المهام، والرغبة في تنفيذ العملية الاستشهادية كانت تزداد كلما ازداد إيمانه، مع العمل الصالح الذي كان يؤديه، نحسبه، فيزداد إلحاحا على أمرائه أن يأذنوا له بالالتحاق بصفوف الاستشهاديين، وهم يتهربون من إجابته، ويؤجلون في طلبه، حتى أعياهم ردّہ، فاشترطوا عليه أن يختار لهم بديلا له في عمله، يستأمنه عليه، ويرتضيه في دينه وخلقه، وخبرته، فسعى لهم فيما أرادوا حتى ترك ديوان الركاز وقد اطمأن أنه لم يترك ثغرة مكانه، بل سدّہ بمن يقوم به حق القيام، ومضى في تحقيق أمنيته، يبتغي الموت مظانّه، والقتل مكامنه.

فكلما سمع عن غزوة في ولاية من ولايات الشام يمضي إليها، عارضا نفسه على الأمراء العسكريين، طلبا لتجاوز إخوانه الذين قد سبقوه التسجيل في قافلة الاستشهاديين.

عرفه أحد إخوانه من الولاة، فعزم عليه أن يرجع إلى عمله السابق ليخدم دين الله في ذلك الثغر، وهو أهل له، فعاد من الغزوة حزينا، ويمم وجهه شطر ولايات العراق، وقد أمّل نفسه أن لا يعرفه أحد هناك، ليفاجأ بالعدد الكبير من الاستشهاديين في المضافات، كلٌّ يترقب أن ينادى لدوره، ويأبى أن يؤثر أخاه بذلك الدور، فعاد إلى هناك أيضا، وهو يسأل الله لنفسه فرجا قريبا.

سأله أحد إخوانه مرّة عن سبب استعجاله القتل في سبيل الله، فأشار إلى قلبه، وأنبأه بخوفه على نفسه من الفتن.

وفي فترة انتظاره كان يراسل أهله ينصحهم في دين الله، ويسعى في هداية أبيه، ويدعوه للبراءة من الإخوان المرتدين، حتى وصل به الحال أن يبلغه ببراءته منه إن لم يتبرأ منهم ومن شركهم بالله العظيم.

بعد طول انتظار، بلغه أمر غزوة في عقر دار النصيرية، فتقدم إلى إخوانه ولسان حاله يقول: أنا لها، رغم ما في تلك الغزوة من خطر أمني، لكونه في طريقه إلى الهدف سيمر بالكثير من مواقع النصيرية، ويتسلل من بين جنودهم، وتحت سمعهم وبصرهم وفي مرمى نيرانهم، واحتمال انكشافه لهم ليس ببعيد، وبالتالي أسره أو قتله، وفشل خطته قبل تنفيذها، فلم يبالِ بكل ذاك وعزم على التنفيذ مستعينا بالله تعالى.

فكتب وصيته لأولاده أن لا يغادروا دار الإسلام أبدا، وأن يكثروا مما ينفعه من الأعمال الصالحة، ولأهله أن لا يقولوا على المجاهدين في الدولة الإسلامية ما ليس فيهم، وللمسلمين عامة أن يهاجروا ويجاهدوا في سبيل الله تعالى، ولكل من عرفه من المسلمين أن يسامحه ويعفو عنه إن أخطأ بحقه أو قصر.

وفي العشر الأوائل من ذي الحجة من العام 1437 هـ فَجَّر أبو عمر -تقبله الله- سيارته المفخخة في عقر دار النصيرية، فنسف حاجزا للمرتدين في حي عكرمة بمدينة حمص، فقُتل وجُرح على يديه العشرات منهم، بفضل الله، فأصابهم على حين غرة، ورماهم في مقتل، تقبله الله وأعلى نزله.

قُتل رحمه الله، وهو ابن سبعة وثلاثين ربيعا، وهو يتمثل قوله، صلى الله عليه وسلم:
(من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة، أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل والموت مظانه) [رواه مسلم].

نحسبه كذلك، ونسأل الله له ولإخوانه الفردوس الأعلى، وأن يلحقنا بهم غير خزايا ولا مفتونين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

قصة شهيد: أبو عمر الأردني تقبله الله عبدٌ يبتغي الموت مظانّه، نحسبه عشاق الشهادة.. ذاك الصنف ...

قصة شهيد:
أبو عمر الأردني تقبله الله
عبدٌ يبتغي الموت مظانّه، نحسبه

عشاق الشهادة.. ذاك الصنف النادر من البشر، تجد أحدهم لا يكل ولا يمل في طلب المنزلة، والسعي للقتل في سبيل الله كي ينالها، فيكون من الذين يغفر الله لهم ذنوبهم، ويلقى الله وهو عنه راض، فيدخل الفردوس الأعلى من الجنة من غير حساب، في زمرة الأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.

تجدهم يلقون بأبدانهم في أفواه المنايا، ويخوضون المعارك، ويتقحمون المهالك، منغمسين في أتون الحروب، يتتبعون الموت مظانّه، وكل أمنيتهم قتلة في سبيل الله.

وآخرون ينثرون أجسادهم، ويمزقون أشلاءهم ليحرقوا أعداء الله بلهيب نارهم، قربة إلى الله، سبحانه، ولاءً للمسلمين، وبراءةً من المشركين، ولسان حال أحدهم في كل حال، وعجلت إليك ربّ لترضى.

ومن هؤلاء العشّاق للمنازل العلى من الجنة، أبو عمر الأردني، تقبله الله، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

مهندس خبير في برمجة الحاسب، وإداري محترف، جمع الله له من علوم الدنيا، وحفظ آيات الكتاب العزيز، ورزقه من خير الدنيا المهنة المريحة، والمكانة المرموقة في الوظيفة، في أكبر الشركات التي عمل بها في الأردن ودول أخرى، كما رزقه -سبحانه- الزوجة التي يرضاها والولد الذي يحب، فلم يلهه ذلك كله عن السعي في أمر ربه له بالهجرة والنفير، كيف لا وهو يقرأ قوله سبحانه: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 39]، فبقي سنوات يتحرق لميعاد الهجرة، وهو يتابع أخبار إخوانه المجاهدين، ويرى بطولات أحبابه الاستشهاديين، متشوقا إلى اليوم الذي يكون بينهم، وإلى الساعة التي يلحق بقوافلهم المباركة.

ولمّا سمع خطاب أمير المؤمنين الشيخ أبا بكر البغدادي -حفظه الله- الذي خص فيه الكوادر العلمية والشرعية والعسكرية بوجوب الهجرة والنفير، عزم أمره، وكتم خبره إلا عن زوجته التي آزرته وحفظت سرّہ، ومضى يتجهز للرحيل، وينهي معاملاته وينجز ما علق من شؤونه، وينطلق مهاجرا إلى الله ورسوله.

وفي الطريق إلى دار الإسلام يسمع أهله بنبأ هجرته، فيجهدون أنفسهم في صدّہ عن سبيل الله، وحثه على الرجوع إليهم، والسعي في التلبيس عليه في شأن هجرته وجهاده بالطعن في الدولة الإسلامية، خاصة من قبل أبيه الذي كان مؤيدا للإخوان المرتدين، فلم يسمع أبو عمر لكلامهم، ولم تأخذه في دين الله اللائمة، وأكمل رحلته، حتى منّ الله عليه بالوصول إلى أرض الخلافة، فكان ذلك اليوم أسعد يوم في حياته.

- سمع وطاعة.. في المنشط والمكره:

بمجرد وصوله إلى مضافات المهاجرين في الدولة الإسلامية، وضع نفسه تحت تصرف إخوانه المجاهدين، كاشفا لهم عن غايته الكبرى من الهجرة بأن ينفذ عملية استشهادية في أعداء الله، مستعجلا القتل في سبيل الله.

فلما عرف إخوانه بعلمه وخبراته، طلبوا منه أن يتريث في أمر العملية الاستشهادية، وأن ينفع المسلمين بما منّ الله عليه من العلم، خاصة وأن دار الإسلام اليوم أحوج ما تكون للخبراء والعلماء من الموحّدين الذين يؤتمنون على دين الناس ودنياهم، وأموالهم ودمائهم وأعراضهم، فما كان منه -رحمه الله- إلا السمع والطاعة، راضيا بالعمل في أي ثغر يُندب إليه، وتنفيذ أي مهمة يُكلَّف بها، ما دامت في رضى الله سبحانه، وفي خدمة الإسلام والمسلمين.

فكان عمله -تقبله الله- في ديوان الركاز، حيث تحفظ أموال المسلمين مما أنعم الله عليهم من بركات الأرض وكنوزها، وتوجه لخدمة دين الإسلام وإقامته، وحيث العمل على أشده في تأمين احتياجات المسلمين من الوقود في ظل الحرب على الدولة الإسلامية.

بدأ أبو عمر الأردني عمله في القسم الإداري من الديوان، فبذل كل ما يستطيع من جهد في عمله، مرهقا نفسه في سبيل ضبط العمل، وتحسين الأداء فيه، ومع زيادة جهده واجتهاده، وزيادة ثقة إخوانه بدينه وخبراته، ترقى في المسؤولية حتى كُلِّف بالإدارة العامة لديوان الركاز، فلم تخدعه الألقاب، ولم تغرِہ المغانم، ولم تعنِ هذه المسؤوليات الجديدة بالنسبة إليه إلا مزيدا من التعب والجهد، والمراقبة لنفسه وعمله، فلا يعود إلى بيته إلا في أوقات متأخرة من الليل، جالبا معه جداوله وسجلاته، ليكمل عمله حتى يتعب فلا يبقى مناص من قليل راحة للبدن والذهن.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

سفينة النجاة في عصر الفتن من نعم الله على الموحّدين أنه يؤلف بين قلوبهم فيصبحون بنعمته إخوانا، ...

سفينة النجاة في عصر الفتن

من نعم الله على الموحّدين أنه يؤلف بين قلوبهم فيصبحون بنعمته إخوانا، مهما كانت العداوة بينهم مستحكمة قبل الإسلام، إذ منّ الله -سبحانه- على الأنصار في المدينة بذلك فقال: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]، وكذلك فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما عتب عليه الأنصار أن تألف قلوب الناس بعد فتح مكة بشيء من حطام الدنيا، فذكّرهم -عليه الصلاة والسلام- أن ما نالهم في الإسلام من الهداية بعد الضلال، والتآلف من بعد العداوة والقتال، هو خير وأثمن من الأموال التي يفرح بها الناس.

أما الكفار والمرتدون بكل أصنافهم وأطيافهم، فلا يزالون متعادين فيما بينهم، وإن جمعهم كلهم العداء للإسلام والمسلمين، وسبب ذلك أن كلاً منهم يعبد إلها يختلف عن آلهة الآخرين، ويتبع منهجا يعارض مناهج الآخرين، أو يتنافس معهم على المتاع ذاته، ولا يمنعهم مانع من أن يطغوا في الأرض، أو يبغي بعضهم على بعض، ولو لأتفه الأسباب.

وقد كان مما منّ الله به على أمة الإسلام في مهدها الأول، أن بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- والعرب أشتاتٌ متفرقون، قد طحنتهم حروب القبائل وثاراتها، وأهلكت فرسانهم ودهاتهم، وكذلك فعلت الحرب بفارس والروم، حتى أذن الله بسحق كل تلك العصبيات الجاهلية على أيدي الموحدين.

وإن هذا السبب من أسباب النصر -الذي يفتح الله به للمجاهدين في كل زمان، باختلاف أعدائهم فيما بينهم، وتنازعهم، وإنهاك بعضهم البعض، قبل أن تكون نهايتهم على أيدي المسلمين- لن ينقطع إلى أن تضع الحرب أوزارها بين أهل الإسلام وأهل الكفر، وذلك لأن أسباب هذا التنازع بينهم لن تنقطع أبدا، بتنافسهم على الدنيا، وتصارعهم في سبيل الهيمنة والملك والأمجاد القومية الجاهلية، وكذلك بتغلغل الرأسماليين وخاصة اليهود منهم في صفوفهم وإذكائهم لتلك النزاعات والصراعات خدمة لمصالحهم، ورغبة في الاستفادة من تلك الصراعات في الاغتناء عن طريق الربا والتجارة.

وخلال القرن الماضي فقط، أهلك الله عشرات الملايين منهم، في حروب مدمّرة قامت فيما بينهم، سواء منها ما كان بين قوميات متصارعة كما في الحربين الكبريين، أو حتى في الصراعات على الملك داخل القوميات، وهي التي تعرف بالحروب الأهلية، وقد أضعف الله أغلب أمم الشرك والكفر بعد تلك الحروب، ولكن لم يكن في أمة الإسلام من يستطيع جمع المسلمين خلفه ليقودهم إلى تحقيق التمكين للمسلمين، وقهر أمم الشرك، وإخضاعها لحكم الإسلام، بل وقع كثير من الناس ضحية تلك الصراعات التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل؛ وذلك لكونهم خلال الفترات الماضية كانوا إما خاضعين لطواغيت الحكم التابعين لأمم الشرك المتجبرة، أو خاضعين لطواغيت الأحزاب والقبائل والطرق الصوفية، الذين لم يكن أحد منهم يتصور يوما أن يصاول أمم الشرك وهو يعبدها من دون الله خوفا ورجاء.

إن أيامنا هذه تشي -بإذن الله- بمرحلة جديدة من التنازع الكبير، والصراعات المدمِّرة في صفوف أمم الشرك المختلفة، وبين القوميات الجاهلية المتنازعة، سببها الرئيس تنافسهم على الأموال والنفوذ، وإنهم في الوقت الذي يصوغون فيه فسطاط كفرهم المحارب لفسطاط الإيمان الذي تمثله الدولة الإسلامية، فإنهم يبنون التحالفات المتعددة المتعارضة داخل ذلك الفسطاط، وكلٌّ منهم يتربص بأخيه الدوائر، ليدفعه عن قطعة من الأرض، أو يزيحه عن مجال من مجالات النفوذ والهيمنة، أو يضعفه في جانب من جوانب الاقتصاد أو السياسة.

ومن نعم الله تعالى أن تحل هذه المرحلة، وللمسلمين جماعة يعتصمون بها عند الفتن، وإمام يتخذونه جُنّة من أمامهم، ويقاتلون به مِن ورائه، وولايات منتشرة في أصقاع الأرض المختلفة يمكنهم أن يأووا إلى جنودها، ويهاجروا إلى أرضها فيستقووا بها ويقووها، وجيش ذو راية نقية يمكنهم أن يقاتلوا في صفوفه لتكون كلمة الله هي العليا، فيقيهم الله بذلك من الضياع وسط دوامة الصراعات الواسعة، والانحراف باتجاه إهلاك النفوس والأموال في خدمة مشاريع ومصالح دول الشرك المختلفة.

وأما من أبى الاعتصام بحبل الله، وبقي على عبادة هواه، واتباعه طواغيته من علماء السوء المبدلين لشريعة الله، وقادة الأحزاب والتنظيمات الضالّين المضلّين، ورؤوس القبائل الجاهليين العابدين للمال والجاه، وغيرهم، فلن ينجو من عذاب الله بإضاعة دينه، فضلا عن إهلاك نفسه وأهله وماله، والله لا يهدي القوم الفاسقين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

للمزيد من الحقائق وكشف الشبهات.. تواصل تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً