سلسلة خصال المجاهدين، الصادرة عن صحيفة النبأ. الخصلة الخامسة عشرة: شكر الله وحمده الخصلة ...

سلسلة خصال المجاهدين، الصادرة عن صحيفة النبأ.

الخصلة الخامسة عشرة: شكر الله وحمده

الخصلة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {الْحَامِدُونَ}، قال القرطبي: "أي الراضون بقضائه المصرفون نعمته في طاعته، الذين يحمدون الله على كل حال" [التفسير]، فهم المعترفون لله بالنعم، والشاكرون في السراء والضراء، فكل فضل يدركهم ينسبونه إلى الله وكل شر يصيبهم يرضون به لأنه قدر الله، ومن أعظم ما يتعلمه المجاهد في سبيل الله أن ينسب كل خير إلى الله تواضعا واعترافا وعبودية لله تعالى وتعلقا به، وإن كان قد اجتهد اجتهادا شديدا فإن الفضل لله أولا وآخرا، وفي قوله تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} تبيان لهذه الحقيقة، فإن قتلت الكافر فذلك بفضل الله، وإن أثخنت في الكفار فالله هو المسدّد، وإن عظُم بلاؤك فهو بقدر من الله، ومن كان كذلك فهو الموحد، جاء في رسالة سعد بن أبي وقاص إلى عمر رضي الله عنهم بعد فتح المدائن: "وإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- على ما منحنا الله الظفر على العدو الذي أطاع شيطانه وأرخى في ميدان الغي عنانه، وقد أجرانا الله سبحانه على جميل العادة وأخذنا الملك من يزدجرد بن كسرى في كثرة أطواده واحتزاز رؤوس أجناده" [فتوح الشام]، وغير هذا كثير في رسائلهم رضي الله عنهم التي يرجعون كل فضل فيها إلى الله سبحانه.

اللهم اجعلنا تائبين عابدين حامدين ولك شاكرين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المصدر:
صحيفة النبأ العدد 367
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC11AR
...المزيد

قـصـيـدة غــزة قد كنت في جهل وتيه أرتع ** حتى بدت أحداث غزة تصدع عامٌ يضاهي بحث عمر في ...

قـصـيـدة غــزة

قد كنت في جهل وتيه أرتع
** حتى بدت أحداث غزة تصدع

عامٌ يضاهي بحث عمر في الورى
** فضحوا بصوت أنينهم من طبَّعوا

يادمعة نزلت تنادى حيرة
** هل بينكم رجل شريف يسمع

إنا نُهجَّر إن سكنَّا بقعة
** والقصف فوق خيامنا يتتابع

ظلَّت تنادي طفلة من جوعها
** هل بينكم من بالمؤونة يُسرع

قالوا ارحموا الحيوان في أفعالكم
** إن صار صوت صراخنا لا يُفزع

قد شقنا دعم الجميع عداتنا
** وجيوشهم للكافرين تَرَكَّعوا

ما نالها منا اليهود بقصفهم
** خانوا وكنا حالمين ونطمع

يا فرحة الغازي المخرب بالفتاوى
** جرمت من للبضائع قاطعوا

هل مات فينا نسل أحمدَ والصحابة
** من لغير الله لا لن يخضعوا

الشام تندب والعراق تثاقلت
** رام الصليب ديارهم وتمتعوا

فاقت مصائب دُورهم وُصّافها
** تغشى الخطوب الشاهدين فيجزعوا

سوداننا هز النزيف كيانه
** كشمير نادت من لها قد يهرع

إيغور مات جميع من صلى بها
** شيشاننا والبوسنة من يدفع

يا أمتي هلك الكثير بذلة
** مضت السنين ومن لشملنا يجمع

يا أمتي إن الولاء لديننا
** وكذا البراء فلا يضِرْكم خادع

رسموا الحدود ليضعفوا ويفرقوا
** والخمر للأقلام بات ينازع

وفعوا خراقا ضاحكين بسكرة
** قالوا العروبة مرجع لتقطعوا

هاذي الحقيقة أمتي كي تعرفوا
** زاد العناء تنَطعٌ ومطامعُ

طال الحنين لعزة ومناعة
** تشفي كلوم ضعافنا إن ترجعوا

تخزي جموع الكافرين ويخضعوا
** لله رب العالمين ويركعوا

ونقودهم بالشرع طال غيابه
** حكما يعيد العدل فيها يسطع

[قصيدة لأبي تيمية الهاشمي]
...المزيد

سبل عملية لنصرة المسلمين في فلسطين ▪ أولا: النصرة العسكرية 1- استهداف الأحياء اليهودية في ...

سبل عملية لنصرة المسلمين في فلسطين

▪ أولا: النصرة العسكرية
1- استهداف الأحياء اليهودية في أمريكا وأوروبا وسائر العالم.
2- مهاجمة السفارات اليهودية والصليبية بالحرق والتخريب.
3- استهداف المعابد اليهودية (الكنس) المنتشرة في كل مكان.
4- مهاجمة الملاهي الليلية اليهودية واستهداف زوارها بالقتل.
5- استهداف المصالح الاقتصادية اليهودية المنتشرة في العالم.

▪ ثانيا: النصرة الإعلامية
1- توعية الأجيال بأن المعركة مع اليهود دينية عقائدية بحتة، لا وطنية ولا قومية.
2- وأنّ ميدان المعركة يشمل كل أماكن الوجود اليهودي ولا ينحصر داخل فلسطين.
3- بيان حقيقة اليهود كما جاءت في القرآن، وأنّ اليهود في كل زمان ومكان سواء.

▪ ثالثا: النصرة بالدعاء
إن الدعاء سلاح المؤمن، وهو سلاح فتّاك إن استوفى شروطه وآدابه، وهو مرافق لكل صور النصرة السابقة ولا ينفكّ عنها بحال، فلا تنسوا المسلمين من الدعاء.

◾ "ندعوكم للالتحاق بأجناد الخلافة، الذين يسعون لإزالة الحدود والسدود التي تحول بينهم وبين نزال اليهود، والذين قد عزموا -بإذن الله تعالى- لتحطيم الجيوش وإسقاط العروش التي جعلها الصليبيون لبني إسرائيل حصنا ومنعة، ويحرضون إخوانهم في كل مكان للنيل من اليهود والإثخان فيهم، داخل فلسطين وخارجها، ليقتلوهم حيث ثقفوهم، وليشردوا بهم من خلفهم، ويزرعوا الرعب في قلوبهم، حتى يطهروا بيت المقدس من شركهم بالله العظيم، ويعيدوا أرضها إلى دار الإسلام من جديد، وما ذلك على الله بعزيز"
الشيخ المجاهد أبو حمزة القرشي -تقبله الله تعالى-


المصدر:
إنفوغرافيك النبأ العدد 413
سبل عملية لنصرة المسلمين في فلسطين
...المزيد

هجمات جنود الخلافة في ولاية غرب إفريقية خلال شهر رمضان 1446 هـ ▪ 57 عملية 28 صولة ...

هجمات جنود الخلافة في ولاية غرب إفريقية
خلال شهر رمضان 1446 هـ

▪ 57 عملية

28 صولة واشتباكا
16 عبوة
3 مداهمات
2 عمليتان استشهاديتان
1 كمين
7 أخرى

▪ مناطق الهجمات:

نيجيريا: (بنو) - (يوبي) - (أداماوا)
الكاميرون: (ماروا)
النيجر: (ديفا)

▪ 169 قتيلا وجريحا

162 كافرا ومرتدا
5 نصارى
2 جاسوسان

▪ 79 آلية مدمرة ومعطبة

26 مدرعة
16 رباعية الدفع
18 دراجة نارية
7 دبابة
12 أخرى

▪ إحراق

7 معسكرات
3 ثكنات
1 حاجز

▪ اغتنام

7 رباعية الدفع
7 قوارب
22 دراجات نارية
كميات من الأسلحة والذخائر المتنوعة

• 17/ رمضان
هجوم على معسكر لجيش النيجر في بلدة (شيتيماري) بمنطقة (ديفا)، تخلله تنفيذ عملية استشهادية بسيارة مفخخة على دوريات المؤازرة، أدى لمقتل وإصابة 15 عنصرا وتدمير وإعطاب 4 مدرعات.

• 25/ رمضان
هجوم على معسكر مشترك للجيشين الكاميروني والنيجيري قرب بلدة (وولغو) بمنطقة (برنو)، تخلله عملية استشهادية بسيارة مفخخة، أسفر عن مقتل نحو 15 عنصرا وتدمير 10 آليات.

• 28/ رمضان
هجوم على معسكر للجيش النيجيري في بلدة (غونيري) بمنطقة (يوبي)، أدى لمقتل 11 عنصرا وإصابة آخرين وفرارهم، وإحراق المعسكر و18 آلية متنوعة، واغتنام آلية رباعية الدفع وأسلحة وذخائر.


المصدر:
صحيفة النبأ العدد 489
الخميس 5 شوال 1446هـ

• للمزيد.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

وماذا بعد وداع رَمَضَان 1- شكر الله على إتمام أداء عبادة رمضان قال الله تعالى: ...

وماذا بعد وداع رَمَضَان

1- شكر الله على إتمام أداء عبادة رمضان

قال الله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]، قال ابن رجب رحمه الله: "لما كانت المغفرة والعتق كل منهم مرتّبا على صيام رمضان وقيامه، أمر الله سبحانه وتعالى عند إكمال العدة، بتكبيره وشكره".

2- سؤال الله القبول والاستغفار من التقصير

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}، وعن علي رضي الله عنه قال: "كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل"، وعن أبي روّاد قال: "أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح فإذا فعلوه، وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا؟".

3- المداومة على فعل الطاعات بعد رمضان

كالمحافظة على الصلوات وسننها الراتبة وعلى الخشوع فيها، والمحافظة على صيام النوافل الواردة ومنها الست من شوال، ومواصلة تلاوة القرآن وحفظه وتدبره، فقد سُئل -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله؟ قال: (أدومه وإن قل) [مسلم]

4- كن ربانيا واعبد ربك حتى يأتيك اليقين

فلا تكن رمضانيا تعبد الله في رمضان فقط، ولكن كن ربانيا تعبد الله في كل الشهور، قيل لبشر: إن قوما يتعبدون ويجتهدون في رمضان فقط فقال: "بئس القوم لا يعرفون لله حقا إلا في رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها".

5- علامة قبول الطاعة أن توفق لغيرها

من علامات قبول الطاعة أن توفّق لغيرها، ومن علامة الرد السيئة بعدها، وإن الحسنة تقول أختي أختي، قال الحسن: "إذا قبل الله العبد فإنه يوفقه إلى الطاعة ويصرفه عن المعصية"، فانظر حالك وقيم نفسك ولا تكن كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.

6- إن قصرت فعد وتب إلى الله تعالى

ومن قصّر في رمضان فعليه المبادرة فورا بالتوبة والإنابة والإقبال على الله تعالى والاستغفار وليحذر من التسويف وأن يمنّي نفسه العمل في رمضان القادم، فإنه من تلبيس إبليس عليه، وهل يضمن أحدنا أن يعيش إلى غد؟ فكيف إلى العام؟!


المصدر:
صحيفة النبأ العدد 489
الخميس 5 شوال 1446هـ
...المزيد

من طاعة إلى طاعة (١/٢) - أنفقوا ينفق عليكم: ومن العبادات التي ينبغي وصلها بعد رمضان، الإنفاق ...

من طاعة إلى طاعة
(١/٢)

- أنفقوا ينفق عليكم:

ومن العبادات التي ينبغي وصلها بعد رمضان، الإنفاق في سبيل الله تعالى، وتشتد حاجة المسلمين إليها في هذه الظروف العصيبة التي تحياها أمة التوحيد في شرق الأرض وغربها في العراق والشام واليمن والسودان وخراسان وفلسطين وغيرها من بقاع المسلمين التي ترزح تحت نير الغزاة من النصارى واليهود والرافضة وحكومات الردة، فليحرص المسلم على أن يكون له سهم في ذلك وينوي به تفريج كربات إخوانه المسلمين.

- لا تهجروا القرآن:

ومن العبادات التي ينبغي أن لا يقصّر فيها المسلم بعد رمضان تلاوة القرآن الكريم، وليكن المسلم كما كان السلف حالا مرتحلا ينتقل من ختمة إلى أخرى، ويبقي مصحفه مشرعا طوال العام لا يهجر تلاوته ولا تدبره، ومن باب أولى لا يهجر الاحتكام إليه، وتلك بلية العصر التي أوتي منها المسلمون.

- الزم بابك لا تبرحه!

والحاصل، أن أبواب الطاعات التي يطرقها المسلم عديدة وميدانها ممتد فسيح، وهذا من فضل الله تعالى على عباده أن يسّر ونوّع لهم سبل الطاعة والخير، وقد يفتح الله تعالى بفضله وحكمته على مسلم من باب الصلاة، وقد يفتح على غيره من باب الصيام، وآخر من باب الإنفاق أو التلاوة أو الذكر وقد يجمع العبد بين باب وآخر بحسب همته وما وُفق إليه، وكما قيل: "إذا فُتح لأحدكم باب خير؛ فليسرع إليه، فإنه لا يدري متى يُغلق عنه"، وهكذا فليلزم كل مسلم بابه الذي يسّره الله له، ولا يبرحه حتى يأتيه اليقين من ربه.

- أخلصوا وتابعوا:

ويحسن بنا في هذا المقام تذكير المسلمين بأنّ الأعمال إنما تُقبل بشرطين، الأول: أن يكون العمل خالصا لوجه الله سبحانه، لا يُشرك معه فيه غيره، وذلك قيد يخرج به قصد غير الله تعالى، والرياء والسمعة ونحوها مما يفسد العمل أو يحبطه لقوله تعالى في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه) [رواه مسلم].

والشرط الثاني: أن يكون صوابا موافقا هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيخرج بذلك ما كان مبتدعا أو مخالفا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وضابطه أن يحرص المسلم على اتباع هدي نبيه -صلى الله عليه وسلم- في كيفية العبادة وصفتها بغير زيادة ولا نقصان، فلا هدي أتم من هديه ولا أحد أعبد لله منه، ولا يسع المسلم إن أراد الوصول إلا أن يسلك مسلكه ويلزم طريقته، فليجتهد في تحقيق الإخلاص لله، والمتابعة لرسوله، فهما حصن المسلم في هذا الزمان، والله الموفق وهو الهادي إلى سوي الصراط، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ العدد 489
الخميس 5 شوال 1446هـ

• لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

من طاعة إلى طاعة (١/٢) ينبغي للمسلم أن يكون مشواره في عبادته لله تعالى كالحالّ المرتحل، يحلّ في ...

من طاعة إلى طاعة

(١/٢)
ينبغي للمسلم أن يكون مشواره في عبادته لله تعالى كالحالّ المرتحل، يحلّ في عبادة ويرتحل إلى أخرى، ينتقل من طاعة إلى طاعة ومن قربة إلى قربة، وهكذا حتى يلقى الله على ذلك، لقوله تعالى مخاطبا نبيه: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} واليقين يعني الموت، قال الإمام القرطبي: "والمراد استمرار العبادة مدة حياته، كما قال العبد الصالح: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)".

وبعد انقضاء رمضان موسم الطاعة الأشهر والأكبر في الإسلام، فعلى المسلمين مواصلة طاعتهم وقرباتهم لربهم سبحانه بعد رمضان، وقد عدّ علماء السلف من علامات قبول الطاعة في رمضان وغيره؛ أنْ يوفق العبد إلى طاعات بعدها، فالطاعة توصل إلى أخرى والحسنة تنقل إلى أختها.

- باب الريان مفتوح:

ومن الأعمال التي شرعها الإسلام بعد رمضان وحثّ عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- صيام ستة أيام من شوال، كما في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه شرح العمدة: "إتباع رمضان بست من شوال مستحب، نص عليه أحمد في غير موضع... وكان أحمد ينكر على من يكرهها كراهة أن يلحق برمضان ما ليس منه؛ لأن السُّنة وردت بفضلها والحضّ عليها" أهـ.

مع ضرورة الانتباه إلى أن قضاء أيام رمضان لمن أفطر معذورا؛ مقدّم على صيام نافلة شوال، لأن الفريضة مقدّمة على النافلة بلا ريب.

ولعل الحكمة من سنّ عبادة صوم بعد صوم رمضان، هي أن يبقى المسلم قريبا من هذه العبادة الجليلة التي يتأتى فيها الإخلاص والاحتساب والصبر وقهر الشهوة وتأديب النفس وتقويم الخلق وتحقيق التقوى وغيرها من مزايا عبادة الصيام التي استفاض في ذكرها فقهاء الإسلام استقاء من نصوص الكتاب والسُّنة وحسبك بالحديث القدسي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (قال الله: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جنة) [متفق عليه].

ولذلك لا ينبغي للمسلم أن يكون رمضان آخر عهده بالصيام، بل يسعى لطرق باب الصيام ما استطاع إليه سبيلا.

وبعد صيام ست من شوال، يأتي موسم العشر الأوائل من ذي الحجة ويُشرع فيه سائر أعمال البر ومنها الصيام وخاصة صيام يوم عرفة، ثم يأتي شهر الله المحرم وقد نُدب إلى إكثار الصوم فيه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم) [متفق عليه]، ومنه صيام يوم عاشوراء أي العاشر من المحرم، ثم تبقى نوافل الصيام المعروفة كصيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، و صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهكذا يكون باب الصيام مفتوحا أمام العبد طوال العام يأتي منه ما استطاع، ويغنم من أجوره الكبيرة، ويقطف من ثماره الوفيرة التي يجدها الصائمون في حياتهم جُنة ووقاية واستقامة، وبعد مماتهم جَنّة وكرامة، كما في الحديث: (إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم) [متفق عليه]، والذي يظهر أنّ ذلك مختص بمن يكثر صيام النوافل، وإلا، فلا عبرة للتمايز بين المسلمين في صيام رمضان، لأنهم يشتركون في صيامه وإنما يتفاوتون في صيام غيره، والله أعلم.

- لا تتركوا قيام الليل:

كما أن هناك أبوابا كثيرة من الطاعات التي ينبغي الاستمرار فيها غير الصيام، كصلاة الليل التي هي شرف المؤمن ودأب الصالحين، وهي أفضل الصلاة بعد الفريضة كما في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)، وقد حذّر النبي -صلى الله عليه وسلم- مَن كان محافظا عليها مِن تركها، لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله: (يا عبد الله، لا تكن مثل فلان؛ كان يقوم الليل، فترك قيام الليل!) [متفق عليه]، وقد بوّب الإمام البخاري لهذا الحديث "باب ما يُكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه".

فلا ينبغي للمسلم أن يهجر هذه العبادة العظيمة بعد رمضان، وليحرص على المداومة عليها ولو بركعتين قبل النوم أو قبل الفجر، فوقت قيام الليل من بعد صلاة العشاء وحتى الفجر، وكان من حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها إذا نام عنها لمرض أو نحوه؛ أن يقضيها في النهار، وكذا فعل صحابته، فتأمل شدة حرصهم وشدة تفريطنا والله المستعان.


المصدر:
صحيفة النبأ العدد 489
الخميس 5 شوال 1446هـ

• لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 489 الافتتاحية: {وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (٢/٢) لقد كشفت الدولة الإسلامية ...

صحيفة النبأ العدد 489
الافتتاحية:
{وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}

(٢/٢)
لقد كشفت الدولة الإسلامية حين طبّقت الشريعة في مناطق سيطرتها قديما وحديثا، خبايا كثير من هؤلاء المستترين ببعض الكتاب الكافرين ببعضه، فأتاحت للناس فرصة اكتشافهم حين عبّروا عما كانوا يضمرون من الكفر بلسان حالهم أو مقالهم، وهذا من بركات الجهاد الذي يُفضح فيه المنافقون الذين يظهرون عكس ما يبطنون.

إن الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه، مشكلة قديمة ظهرت في الأمم الغابرة، أي أنهم موجودون في ميدان الصراع بين الحق والباطل منذ القدم، فقد قال الله تعالى عن بني إسرائيل: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}، والملاحظ أن الكافرين ببعض الكتاب كانوا يزعمون الحرص على اتباع الحق والبحث عنه، وأتباعهم اليوم من هذا الصنف لم يخرجوا عن حال أسلافهم تبريرا وبهتانا.

إن أولئك الذين يريدون شريعة مفصلة حسب أهوائهم وحركاتهم وأحزابهم، متكيفة حسب ظروفهم، ولا يريدون أن يتجشموا عناء أن يكيّفوا ظروفهم حسبها، أو يقيدوا واقعهم بقيودها، أو أولئك الذين يريدون إقناع أنفسهم أن الإسلام روحانيات بين العبد وربه لا علاقة لحكم الدنيا به ولا علاقة له بها، هم في الحقيقة يكفرون ببعض الكتاب ويؤمنون ببعض، سواء أقروا بذلك أم لم يقروا، وسواء تعللوا بالعلل الفاسدة أو تحججوا بالمصالح المتوهمة التي نراها يوما بعد يوم تتبدد وتبطل هنا وهناك.

أما المسلم الحق الذي خضع واستسلم وانقاد بالكلّية للإسلام، يعتقد أن امتثال وتعظيم أمر ربه تعالى فيه المصلحة المطلقة في كل حال، وأن طاعة الله تعالى ورسوله أنفع له من المصالح والمفاسد المتوهمة، التي اتخذها كثير من المتعالمين والإسلاميين متكأ يردون به الآيات المحكمات التي لا تقبلها نفوسهم المريضة، ولا تتوافق مع عقولهم القاصرة.

إن دين الله تعالى واضح بيّن في كتاب الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، لن يقبل الله من أحد غيره، وهو الإسلام بعقيدته وشريعته، عقيدته التي ينعقد عليها الولاء والبراء، وشريعته التي تسوس الناس وتقودهم إلى السعادة والنجاء، وهو كلٌّ لا يتجزأ، والمسلم هو من آمن به كله، وما سوى ذلك فهو إما كفر به كله، أو كفر ببعضه، وكلاهما كفر ينافي الإسلام مهما أطلقوا عليه ومهما عللوه وبرروه، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.


• المصدر:
صحيفة النبأ العدد 489
الخميس 5 شوال 1446هـ

• لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 489 الافتتاحية: {وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (١/٢) لم تزد الدولة الإسلامية على ...

صحيفة النبأ العدد 489
الافتتاحية:
{وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}

(١/٢)
لم تزد الدولة الإسلامية على أن حولت ما كان حبيس الكتب والمصنفات، وأسير الدروس والمحاضرات، إلى واقع عملي يحكم الناس بشريعة خالقهم، ليعيشوه في هذا الزمان كما عاشه المسلمون في القرون الأولى، من غير تحريف أو تبديل أو زيادة أو نقصان، ودعت إلى ذلك وطبقته ميدانيا وفاصلت عليه، فاحتجّ أكثر الناس عليها وتحالفت الأمم والجيوش ضدها.

فهل كان أولئك المعترضون على حكم الشريعة الذي طبقته دولة الإسلام؛ يريدون الإسلام كله كما أنزله الله تعالى، أم أنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض؟ لماذا يرفضون الانصياع لحكم الشريعة ويأبونها، ويرونها مشكلة لا حلا؟! ولماذا يتهربون من الاعتراف بحقيقة معتقدهم هذا؟

إن المعترضين على تحكيم الشريعة الإسلامية اليوم، هم في حقيقة الأمر لا يرون أن أحكام الإسلام صالحة للتطبيق في عصرنا، وأن تطبيقها في القرون الأولى تم في حقبة لم تكن ظروف الناس وحياتهم كما هي عليه اليوم، بمعنى أنهم يرون الإسلام صالحا لزمان دون زمان، إلا أن أكثرهم لا يجرؤون على البوح والتصريح بهذا المعتقد الفاسد، وبدلا من ذلك يجهدون أنفسهم ليواروه بالجدالات العقيمة والأطروحات الفلسفية التي يطعّمونها أحيانا ببعض النصوص مع تحريف شديد لمعانيها؛ ليصدّروها للناس على أنها حجج من الشرع نفسه!، وكأنهم يقولون إن الشريعة تنادي بتعطيل الشريعة!!

وللمثال على ذلك، لو أن وسيلة إعلامية معاصرة، نقلت خبر غزوة بني قريظة التي ذبح فيها المسلمون رجال اليهود في سوق المدينة، ويتّموا أطفالهم وسبوا نساءهم واغتنموا أموالهم، في مشهد عظيم من مشاهد تنكيل إمام المجاهدين -صلى الله عليه وسلم- بالكافرين.

يا ترى كيف ستكون صياغة ونقل وتغطية الخبر للناس؟! وما الذي سنسمعه من المحللين و "المفكرين" و "المفتين"؟ وما هي الأوصاف التي سيطلقونها على تلك المذبحة؟ وعلى صانعيها؟ وكيف ستكون ردود الفعل من "المؤسسات الدولية" المختصة بحقوق كل شيء إلا المسلمين؟!

في الواقع، إن كثيرا من الناس يحتاجون إلى مصارحة أنفسهم، والاعتراف بأنهم لا يريدون الإسلام كما أنزل على رسول الله!، وكما طبقه رسول الله!، وكما عاشه المسلمون مع رسول الله في صدر الإسلام واستمر عليه الخلفاء الراشدون بعده، هذه المصارحة ستكون بديلا للتدليس والتلاعب بالمصطلحات، وتغليف رد أحكام الإسلام؛ بشتى أنواع الأغلفة والمبررات الفكرية والمادية والعقلانية...، التي برع في صناعتها وتصديرها الدعاة على أبواب جهنم على اختلاف مشاربهم ودوافعهم وأشكالهم، الذين سيحملون أوزارهم وأوزار من يضلونهم بها من الناس.

ولعل السبب في تهرُّب أكثر هؤلاء من هذه المكاشفة والمصارحة مع أنفسهم؛ أنهم لا يريدون الاعتراف والإقرار بأنهم يرفضون الإسلام ويأبون الخضوع له!؛ وأنهم في حقيقة الأمر لم يستسلموا لأحكامه ولم ينقادوا له ولم ينصاعوا إليه بالكلية كما أمرهم تعالى، ليبقى هؤلاء يحسبون أنفسهم على شيء، ويتهربون مما هم عليه من الكفر! فلا يقرون بما اقترفوه في حق الإسلام، ولا يعترفون بخطورة ما هم عليه في الدنيا والآخرة.

وأيّا كانت أسباب ذلك، فإن من نتائجه أن هذا الصنف من الأفراد والجماعات، سيبقى يجادل بين الناس بالباطل، ويصبغ كلامه بصبغة الشريعة التي يأباها ويحاربها ويكفر بها من حيث يشعر أو لا يشعر! وخطورته في أنه يبقى متسترا بزي أهل الإسلام، يُضِل من يسلك طريقه ويتأثر به من الناس، وينفرهم من الشريعة ويشككهم في وجوب تطبيقها وتحكيمها والإذعان إليها فجرمه كبير ووزره أكبر.

وقد استفاد الطواغيت على اختلاف أصنافهم، حكاما وقادة حركات وفصائل جاهلية، ودعموا هذه الأصناف المجادِلة بالباطل كلٌّ حسب حاجته، كتّابا وإعلاميين ومحللين و "مفكرين" وغيرهم من أباة الحق وخصوم الشريعة وما أكثرهم في هذا الزمان؛ ذلك أنهم يقدمون نسخة من الإسلام المشوه الأبتر تتوافق مع مصالح الطواغيت وسياساتهم وتمنع الناس من جهادهم، وتؤطّرهم في مسارات تُبقي على بعض مظاهر الإسلام التي يحتاجونها للتستر خلفها، فيقدّمون الكفر ببعض الكِتاب في قوالب ونظريات فكرية برّاقة، تأخذ ببصائر من زاغوا فأزاغ الله قلوبهم فانكبّوا على وجوههم في هذه المهالك.


• المصدر:
صحيفة النبأ العدد 489
الخميس 5 شوال 1446هـ

• لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

لحوم الأزواج مسمومة [٢/٢] - العاقل لا يفضح سرّ بيته والأشنع من فعل هذه الزوجة الظالمة ...

لحوم الأزواج مسمومة
[٢/٢]

- العاقل لا يفضح سرّ بيته

والأشنع من فعل هذه الزوجة الظالمة لنفسها، أن تجد رجلا عاقلا يتكلم في أسرار بيته للناس، ويفضح خبايا علاقته بزوجته، ويكشف سترها أمام غيره من الرجال، فهذه والله من علامات قلة المروءة، ولا يفعلها إلا من سفه نفسه، اللهم إلا الكلام في ما يحتاج إلى وصفه للقاضي أو المفتي أو الناصح المستأمن في دينه وخلقه، الأمين على ما يبلغه من أسرار إخوانه.

وكم هو نبيل خُلق ذاك التابعي الذي أراد يوما أن يطلق زوجته فسألوه: لم تريد تطليقها؟ فقال: لست ممن يذكر زوجته بسوء. وبعد أن طلقها عاود سؤاله بعض الفضلاء: لِمَ طلقتَ زوجك؟ فقال: لست ممن يتحدث عن امرأة أجنبية عنه!
وليعلم أحد الزوجين وهو يتحدث عن قرينه أو قرينته، أن كل سر من أسرار بيتك تفشيه، وكل سوء تذكره هو بمثابة الخرق الذي يصيب ذاك اللباس، ومتى ما اتسعت الخروق وزادت فسيهترئ «ثوب الزوجية» لا محالة، حتى يتمزّق، ولا ينفعه الترقيع.

فكما أنه للبيوت حرمات، كذلك لها أسرار ينبغي على لسان المؤمن الموحد أن يتنزه عن كشفها للناس وإن كانوا أقرب الأقربين، بل إن المراقب لشأن كثير من العائلات، يرى أن الأمور تزداد سوءا بين الزوجين المتخاصمين إذا ما تدخل طرف ثالث بحجة إيجاد حلول لبعض الخصومات البسيطة، فيزداد الطين بلة، وتتعقد الأمور أكثر.
وقد يقول البعض إن مرد ذلك هو التنفيس والشكوى لا أكثر، فنقول حينها: إي نعم إن النفس البشرية قد تبلغ قدرتها على التحمل -في بعض الأحيان- النصاب، فيجد أحد الزوجين في صديق له أذنا صاغية، وقلبا ناصحا، وهنا مكمن الداء والدواء لمثل هذه الظاهرة، وهي أن يحسن هذا الشاكي أو تلك الباكية اختيار المستمع لتلك المشاكل والنزاعات، فيكون شخصا أمينا على سرهما، حافظا لبوحهما، نصوحا صدوقا يخشى الله ويتقيه فيهما.

أما أن يصبح أحدهما فيحدّث بما يجري بين جدران منزلهما كل من هب ودب، حتى تغدو أدق تفاصيل حياتهما فاكهة المجالس وبضاعة القُصّاص، فهذا فضحٌ وليس تنفيسا أو شكوى يُراد من ورائها النصح والإصلاح.

وإن كان الزوج أو الزوجة شاكيين ولا بد، بعد أن استنفدا كل السبل، فدونهما القاضي أو المفتي، فهذه خويلة بنت ثعلبة لما ظاهرها زوجها لم تشكه إلى أحد، وإنما رفعت أمره إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنزل في شأنها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1]، وكذلك فعلت هند زوجة أبي سفيان، فعن عائشة، أن هند بنت عتبة قالت: «يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم»، فقال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) [رواه الشيخان].


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

لحوم الأزواج مسمومة [١/٢] إن العلاقة بين الزوج وزوجته تتجاوز حدود هذه الدنيا، لتسمو بأبعادها ...

لحوم الأزواج مسمومة
[١/٢]

إن العلاقة بين الزوج وزوجته تتجاوز حدود هذه الدنيا، لتسمو بأبعادها الأخروية فوق مجرد الشهوة والمتعة، ريثما يأذن الله -تعالى- ويحط المؤمنون والمؤمنات في جنات الخلد الرحال، مصداقا لقول الكبير المتعال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} [الرعد: 23]، وإن من حكمة الله العزيز أن جعل من الكمال في بني البشر أمرا متعذر النوال، وجعلنا ناقصين خطائين، ولذلك فإن المشاكل الأسرية لا يكاد يخلو منها بيت بحال.

ولكن بعض الأزواج -أصلحهم الله- من النساء كانوا أو الرجال، لا يتورعون عن هتك أستار بيوتهم بالقيل والقال، فنجد في كثير من الأحيان أزواجا يذكرون ما يحدث بينهم وبين زوجاتهم من مشاكل في مجالسهم الخاصة والعامة، وكذاك تفعل بعض الزوجات، أو يذكر كلٌّ منهما الآخر في غيابه بما يكره، وهذه الأفعال من الطرفين مذمومة شرعا وعرفا.

- ولا يغتب بعضكم بعضا

والغيبة من آفات اللسان التي لا تعود على المرء إلا بالتباب والخسران، (وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم؟) [رواه أحمد].

والله -عز وجل- يقول: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12]، و{بَعْضُكُمْ بَعْضًا} هنا لم يستثن منها الشارع الأزواج والزوجات، فلا يحل لأحدهما ذكر الآخر بسوء في غيابه، حتى وإن كان صادقا في مزاعمه؛ فعن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أتدرون ما الغيبة؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (ذكرك أخاك بما يكره)، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: (إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه) [رواه مسلم].

وبعض النساء -أصلحهن الله- تعرف الغيبة وعظم أمرها عند الله تعالى، وأنها من آفات اللسان، والتي لا تعود على المرء إلا بالتباب والخسران، ولكنها تستثني من المُستغابين زوجها وضرتها، ظانة أن أكل لحوم هؤلاء من الحلال الزلال، وهي بمنأى يوم القيامة عن الحساب والسؤال.

وقلما تجد بين من يستمعن إليها زاجرة أو رادعة، تنهاها وتذكِّرها، بل أكثرهن تعجبهن وتثير فضولهن هذه السير والتراجم لأزواج غائبين، بوّب النووي في كتابه رياض الصالحين: «باب تحريم سماع الغيبة، وأمر من سمع غيبة محرمة بردها والإنكار على قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه».

وليت بعضهن تكتفي بالاستماع، فمنهن من تعينها على زوجها وتشد من أزرها في الباطل، فإذا اشتكت امرأة من زوجها تداعت بعض صويحباتها بالتحريض والتأليب، بل وأكثر من ذلك فمن النساء من تعين أختها بوصف طريق المحكمة وإجراءات الخلع، وتزيِّن لها إنهاء علاقتها بزوجها طمعا في تزويجها لأحد أقاربها أو أقارب زوجها، لا محبة فيها وحرصا على صلاح أمرها، وكأنها لم تقرأ قط ما رواه أبو داود عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس منّا من خبّب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده).

وكذلك الأمر مع الضرة، فكثير من النساء لا يتورعن عن ذكر ضرائرهن بسوء، بل قد يصل ببعضهن الأمر حد سبِ ضرتها وشتمها في غيابها بسبب الغيرة المفرطة، ويكون ذلك إما في مجلس نساء، أو في حضرة الزوج الذي لا يعرف في كثير من الأحيان ماذا يفعل! أيصد عادية سليطة اللسان هذه عن نفسه أم عن زوجته الغائبة؟! والله المستعان.

ولتذكر كل مسلمة أن أي انتقاص لأخيها أو اختها المسلمَين ولو بإشارة فإنها من الغيبة المحرّمة التي هي من كبائر الذنوب، فعن عائشة رضي الله عنها- قالت: «... فقلت: يا رسول الله، إن صفية امرأة، وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة، فقال: (لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته)» [رواه أبو داود].

فهذه أم المؤمنين قالت في ضرتها صفية -رضي الله عنهما- مازحة ما تنتقصها به، وكان قولها إشارة باليد لا نطقا باللسان، ومع هذا فقد نبهها -صلى الله عليه وسلم- إلى عظم ما فعلت، بأن هذه الكلمة التي قد لا يلقي لها المرء بالا لو أنها مُزجت بماء البحر لغيرت من أوصافه لعِظمها، وحسبنا في وصف ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم» [رواه البخاري].


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

تَوكَّلُّوا عَلى الله لا على عُدَدِكم لا يُجادِل مسلمان اثنان في أنَّ إعداد العُدة للجهاد في ...

تَوكَّلُّوا عَلى الله لا على عُدَدِكم

لا يُجادِل مسلمان اثنان في أنَّ إعداد العُدة للجهاد في سبيل الله من الأمور الواجبةِ المطلوبة، وقد حثَّ الله سبحانه وتعالى عليها في كتابه الكريم بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60]، ولا شكَّ أنَّ إعداد العدة من الأمور التي تُعين على النصر والظفر على الأعداء.

وقد امتثل جنود الخلافة -بفضل الله عزوجل- لهذا الأمر الإلهي، فأعدوا ما وفقهم الله له، وقد رأى العدو من ذلك شيئا يسيرا، والقادم بإذن الله أدهى وأمر، إلَّا أنَّه لا ينبغي للمسلم الموحِّد أن يجعل اعتمادَہ وتوكلَّه على ما أعدَّہ واستعدَّ به، بل عليه أن يَتبرَّأ من حوله وقوَّته إلى حول الله وقُوَّته، وألَّا تغرَّہ هذه القوة في شيء، فهي وإن كان إعدادها سببا من أسباب النصر، فإن الاغترار بها سبب من أسباب الهزيمة، ولنا في سيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ولنا فيما أصابهم يوم حنين عظة وعبرة، قال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 25-26].

قال ابن كثير في تفسيره: «ذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة من غزواتهم مع رسوله وأن ذلك من عنده تعالى، وبتأييده وتقديره، لا بِعَددهم ولا بعُدَدهم، ونبَّههم على أنَّ النَّصر من عنده، سواء قلَّ الجمع أو كثر، فإن يوم حنين أعجبتهم كثرتهم، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئا فولوا مدبرين إلا القليل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أنزل [الله] نصره وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين معه».

فيا أيُّها المجاهد الموحد كن على علم بأن إعدادك امتثالٌ لأمر الله وأن النصر إنما يأتي من عنده سبحانه، وأنك بالتزامك طاعته وانتهائك عما نهى عنه يُكتب لك النصر والظفر، واعلم أنَّه كما أمرك بإعداد العدة فقد أمرك بالتوكل عليه وحده لا على شيئ سواه، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِہِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3].

وليعلم المجاهد الموحِّد أن تزعزع النيات وتقلب القلوب أشد عليه وأخطر من الحشود مهما بلغت ومن طائرات العدو مهما كثرت وقصفت، فليحرص على هذا القلب أشد الحرص، وليحذر من إبليس ووساوسه فإن حرصه على تغيير النيات عظيم، وهو لا يسأم منه حتى تفارق الروح الجسد، وليكن قلبه دائما معلقا بالله وحده لا ينزعه عن ذلك التعلّق شيء.

وليحذر من عبارات قد تطلقها الألسنة ما يلبث أثرها أن يصل إلى القلوب، من مثل «أن الاستشهاديين -مع عظيم نكايتهم بأعداء الله- يحسمون المعارك»، أو أنه «ما دام معنا سلاح كذا، فلن نهزم أو نغلب»، أو أن «ما أعددناه من وسائل كاف لإلحاق الهزيمة بالأعداء»، وليكن لسان حال المجاهد ومقاله ومعتقد قلبه الجازم أنه لا معوّل ولا اعتماد على ما أعده -وإن عظم- إلا من جهة أنه استجاب لأمر الله به.

يا أيها المجاهد يا من خرجت لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، يا من ضحيت بكل شيء ليسود التوحيد أرجاء العالم، توحيدُك لا تكن ممن يُنقِصه أو يخرمه، فتوكل على الله حق التوكل، فهو مصرّف الأمور مسبّب الأسباب بأمره سبحانه وتعالى.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً