مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين [2/2] وأما في العصر العباسي وفي ظل سعي عماد الدين زنكي ...

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين

[2/2]
وأما في العصر العباسي وفي ظل سعي عماد الدين زنكي لتوحيد بلاد المسلمين لمجابهة الصليبيين وطردهم من بيت المقدس، وبينما كان يحاصر دمشق ليتم بها ما عزم عليه، عمد أميرها «معين الدين» أنر لمراسلة الصليبيين مخوفاً إياهم من دخول زنكي دمشق، قال ابن الأثير: «فلما رأى أنر أن زنكي لا يفارقهم، ولا يزول عن حصرهم، راسل الفرنج، واستدعاهم إلى نصرته، وأن يتفقوا على منع زنكي عن دمشق، وبذل لهم بذولاً من جملتها أن يحصر بانياس ويأخذها ويسلمها إليهم، وخوفهم من زنكي إن ملك دمشق»، وقد فزع الفرنجة من ذلك لأن معناه إخراجهم من الشام بالكلية إن اجتمعت ممالك الإسلام تحت ظل الزنكيين، وهو ما حذرهم منه «معين الدين» أنر، ولذا سارعوا إلى نجدته، ففك زنكي الحصار عن دمشق، وبعد أن قدم الفرنجة وفّى لهم «معين الدين» أنر، وسار إلى بانياس مع النصارى ليحاصر قلعتها ومن بها من المسلمين، قال ابن الأثير: «فنازلها معين الدين، فقاتلهم، وضيق عليهم، ومعه طائفة من الفرنج، فأخذها وسلَّمها إلى الفرنج».
وهكذا تحققت مصلحتان للفرنج، أولاهما إبعاد خطر زنكي عن الصليبيين، والثانية أخذهم بلدا من بلاد المسلمين، ومع ذلك وبالرغم من قرب «معين الدين» أنر من الفرنج وما صنعه لأجلهم، إلا أنهم جمعوا حشودهم مع ملك الألمان وحاصروا دمشق سنة ثلاث وأربعين وخمسمئة، مما اضطر «معين الدين» أنر إلى الاستنجاد والاستغاثة بسيف الدين غازي بن زنكي، وهو ابن من استعان أنر بالنصارى عليه قبل سنين، ولكن هذا الأمير لبّى نداءه (رغم خيانة أنر السابقة)، وقدم لنجدة المستضعفين من عوام المسلمين، في دمشق مما دعا الفرنجة للانسحاب وعودة ملك الألمان إلى بلاده.

واستطاع نور الدين زنكي أن يأخذ دمشق بعد ذلك سنة تسع وأربعين وخمسمئة وأن يقضي على حكامها رغم محاولتهم من جديد الاستعانة بالصليبيين [انظر: الكامل في التاريخ].
وأما في عصر المماليك، فقد عمد ملك الكرك الملقب بـ «المغيث» عمر لمراسلة التتار ليعينهم على بلاد المسلمين، فيضمنوا له البقاء في كرسيه، إلا أنه فُضح وكُشفت مساعيه، قال ابن كثير: «ركب الظاهر [يقصد: بيبرس] من مصر في العساكر المنصورة قاصداً ناحية بلاد الكرك، واستدعى صاحبها الملك المغيث عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل، فلما قدم عليه بعد جهد أرسله إلى مصر معتقلا فكان آخر العهد به، وذلك أنه كاتب هولاكو وحثه على القدوم إلى الشام مرة أخرى، وجاءته كتب التتار بالثبات ونيابة البلاد، وأنهم قادمون عليه عشرون ألفا لفتح الديار المصرية، وأخرج السلطان فتاوى الفقهاء بقتله»، فكانت عاقبته العزل ثم القتل.

ولو نظرنا إلى زماننا هذا لوجدنا من أمثال هذه القصص الكثير الكثير، من أناس باعوا أنفسهم للصليبيين علانية، وآخرين ظنوا أن بإمكانهم الاستفادة منهم دون أن يخسروا دينهم فكان عاقبتهم أن مضوا في دركات التنازلات عن دينهم فلحقوا بالصنف الأول، وآخرين وقعوا فيما دون ذلك من الإقامة في ديارهم مذلّين مهانين.
وعلى المرء أن يجتهد في عداوة المشركين حتى يعصمه الله من هذه الفتن ويثبّته على الحق.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين [1/2] فرض الله على عباده موالاة المسلمين ومناصرتهم ...

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين

[1/2]
فرض الله على عباده موالاة المسلمين ومناصرتهم وأمرهم بمعاداة المشركين وقتالهم ولكن نجد في كثير من الأحيان من تختلط عندهم الموازين فيصبح الكافر قريبا محبّبا إليهم إذا حقق لهم المصالح بل يصبح أقرب إليهم من المسلمين فيستعينون بأهل الشرك على أهل التوحيد ويوالونهم عليهم في سبيل أن ينالوا لديهم الحظوة والمكانة، وفي التاريخ كثير من القصص التي فيها العبر لأناس وقعوا في مثل هذه الأمور وما دونها.

ففي عصر دولة بني أمية وبعد أن فشل عبد الرحمن بن الأشعث في خروجه على الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مستخدما جيشه الذي كان قد رجع عن غزو بلاد الترك بعد صلح عَقَده مع ملكها وكان من قبل منّاه بأنه سيوقف قتاله ويرفع عنه الخراج أبدا قرر ابن الأشعث اللجوء لملك الترك نفسه خوفا من القتل على يد الحجاج قال ابن كثير: «ثم إن ابن الأشعث دخل هو ومن معه إلى بلاد رتبيل ملك الترك، فأكرمه رتبيل وأنزله عنده وأمّنه وعظّمه».

وإنك لتعجب من إكرام رتبيل لرجل كان بالأمس يحاربه وكاد أن يأخذ دياره ولكنه الكيد للإسلام والمسلمين، وهكذا استفاد رتبيل من لجوء ابن الأشعث إليه عبر اشتراطه شروطا تحفظ مصالح دولته مقابل تسليم ابن الأشعث للحجاج قال ابن كثير: «فأرسل إلى الحجاج يشترط عليه أن لا يقاتل عشر سنين، وأن لا يؤدِّي في كل سنة منها إلا مائة ألف من الخراج فأجابه الحجاج إلى ذلك»، وبعد تحقق هذه المصالح ما كان من ملك الترك إلا الغدر بمن لجأ إليه وأحسن فيه الظن، قال ابن كثير: «فعند ذلك غدر رتبيل بابن الأشعث فقيل إنه أمر بضرب عنقه صبرا بين يديه وبعث برأسه إلى الحجاج.. والمشهور أنه قبض عليه وعلى ثلاثين من أقربائه فقيّدهم في الأصفاد وبعث بهم فلما كانوا ببعض الطريق بمكان يقال له الرجح صعد ابن الأشعث وهو مقيد بالحديد إلى سطح قصر ومعه رجل موكل به لئلا يفر، وألقى نفسه من ذلك القصر وسقط معه الموكل به فماتا جميعا فعمد الرسول إلى رأس ابن الأشعث فاحتزه» وهذه نهاية من أحسن الظن بأهل الكفر وهرب ملتجئا إليهم، بعد أن كان وعدهم ومنّاهم ليسهل عليه خروجه على الخليفة، فكيف بمن تولى المشركين من الصليبيين وظاهرهم على المسلمين؟!

ومن أولئك الذين استعانوا بكفار الترك الحارث بن سريج الذي كان من أمره أنه زعم الدعوة إلى الكتاب والسنة بعد خروجه على الأمويين سنة ستة عشر ومائة، قال الطبري: «لما أقبل الحارث إلى بلخ وكان عليها التجيبي بن ضبيعة المري ونصر بن سيار... فدعاهم الحارث إلى الكتاب والسنة والبيعة للرضا»، ويقصد بذلك البيعة لرجل من آل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم.
واستمر الحارث في ثورته حتى احتاز بلاداً كثيرة رافعاً شعاره ودعوته، قال الطبري: «فأقبل الحارث إلى مرو، وقد غلب على بلخ، والجوزجان، والفارياب، والطالقان، ومرو الروذ»، ولكنه هزم بعد ذلك عدة هزائم منكرة، فلجأ إلى بلاد الترك مستعينا بملكهم على المسلمين، قال الطبري: «وكان الحارث بن سريج بناحية طخارستان فانضم إلى خاقان... فأصبح أسد [قائد جيش المسلمين] فصلى وخطب الناس وقال: إن عدو الله الحارث بن سريج استجلب طاغيته ليطفئ نور الله ويبدل دينه والله مذله إن شاء الله»، وجرت معركة حامية الوطيس كان الظفر فيها لأهل الإسلام وأذل الله فيها أهل الكفر ومن تولاهم من المرتدين، قال الطبري: «وعبى خاقان الحارث بن سريج وأصحابه وملك السغد وصاحب الشاش وخرابغره أبا خاناخره جد كاوس وصاحب الختل جبغويه والترك كلهم ميمنة... حتى انهزم الحارث والأتراك وحمل الناس جميعا، فقال أسد اللهم إنهم عصوني فانصرهم وذهب الترك في الأرض عباديد لا يلوون على أحد فتبعهم الناس مقدار ثلاثة فراسخ يقتلون من يقدرون عليه».
وبعد الهزيمة استقر المقام بالحارث بن سريج بدار الكفر مدة إحدى عشرة سنة تقريبا، إلى أن جاءه كتاب أمان من الخليفة يحثه على الرجوع إلى الإسلام وأهله، قال ابن كثير في البداية والنهاية: «وفي هذه السنة [127 هـ] خرج الحارث بن سريج الذي كان لحق ببلاد الترك ومالأهم على المسلمين فمنّ الله عليه بالهداية ووفقه حتى خرج إلى بلاد الشام، وكان ذلك عن دعاء يزيد بن الوليد إلى الرجوع إلى الإسلام وأهله فأجابه إلى ذلك».

ولكن كان القتل نهاية ابن سريج بعدما خرج مرة أخرى ثائرا، ومفرّقا جماعة المسلمين، ليزعم من جديد الدعوة إلى الكتاب والسنة، وهو الذي كان مناصراً للكفار على المسلمين قبل ذلك، قال ابن كثير: «وجاءه مسلمة بن أحوز أمير الشرطة وجماعة من رؤوس الأجناد والأمراء، وطلبوا منه أن يكف لسانه ويده، وأن لا يفرّق جماعة المسلمين، فأبى، وبرز ناحية عن الناس، ودعا نصر بن سيار إلى ما هو عليه من الدعوة إلى الكتاب والسنة فامتنع نصر من موافقته»، وبعد عدة مؤامرات من الغدر والبغي والخروج، قُتل الحارث بن سريج سنة ثمان وعشرين ومائة على أيدي أصحابه من البغاة [انظر: البداية والنهاية].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

حوار مع أمير ديوان الزكاة - كيف كان وضع الزكاة قبل تنظيم ديوان الزكاة لجبايتها وتوزيعها؟ تحت ...

حوار مع أمير ديوان الزكاة

- كيف كان وضع الزكاة قبل تنظيم ديوان الزكاة لجبايتها وتوزيعها؟

تحت حكم الطواغيت كان أغلب من يؤدي الزكاة من المسلمين يوزعها بنفسه على من يظنه مستحقا للزكاة، فيما كان قسم آخر يؤدون زكاتهم أو جزءا كبيرا منها إلى ما يسمى «الجمعيات الخيرية المستقلة»، وفي الحالتين كان هناك قصور كبير في أدائها.

فمن كان يؤديها بنفسه كان يضعها أحيانا في يد من لا يستحقها، كمن يعطيها للأغنياء من أقاربه وأصدقائه، وقليل من الناس من كان يعرف أحكام الزكاة، وفي أي الأموال تجب، وما نصاب كل نوع من المال، وغير ذلك من الأحكام الشرعية، لذلك كان قسم كبير من المال لا تخرج زكاته.

وإذا أتينا إلى ما يسمى بـ «الجمعيات الخيرية المستقلة» فقد وجدنا في عملها قصورا كبيرا، حيث كان يقتصر في الغالب على تقديم سلات غذائية، أو مبالغ مالية قليلة، بشكل منتظم أو غير منتظم، أو تقديم الخدمات الطبية، أو التعليمية للفقراء، وعلى العموم فقد كانت وارداتها المالية شحيحة لقلة ما يصلها من تبرعات أو أموال الزكاة والصدقات، بالإضافة إلى أن هذه الجمعيات كانت تعاني من الفساد حيث تسود المحسوبيات في توزيع المساعدات، كما تُنهب الكثير من الأموال من إدارات الجمعيات قبل أن تصل إلى الفقراء، كما أن كثيرا من مصارف هذه الجمعيات لم تكن تصلح كمصارف شرعية للزكاة.

ولو أخذنا مدينة الموصل كمثال، فقد كان فيها أكثر من 80 من هذه الجمعيات، ولكن لو نزلنا على الأرض ما هو حجم نشاطها؟ كان محدودا جدا.
ولكن عندما بدأنا العمل في ديوان الزكاة، رأى الناس الفرق بين ما كان سائدا، وبين الواقع الجديد.

فالكثير من الأغنياء عندما بدأنا جباية الزكاة كان يخفي زكاته أو يدفع جزءا قليلا منها إلينا، بحجة أنه يدفعها للفقراء الذين يعرفهم، كما فعل أحد التجار في ولاية حلب، فلما ذهب ليوزع زكاته على من كان يعطيهم في كل عام، وجد أن ديوان الزكاة قد أعطاهم أضعاف المبلغ الذي كان هو يريد إعطاءه لهم، فجاء إلى الإخوة في مركز الزكاة وأدى كامل زكاته لهم، وفوقها بذل من صدقة ماله لإيصالها للفقراء.

وكذلك الأمر مع من كان يأخذ من الجمعيات كانوا يعطونهم مبالغ زهيدة، فلما سجلوا في ديوان الزكاة وأخذوا مستحقاتهم وجدوها مبالغ كبيرة جدا مقارنة بما سبق، فأقوى الجمعيات في الموصل مثلا كان أقصى ما تعطيه للأسرة الفقيرة 25.000 دينار، أما ما يقدمه الديوان اليوم –ولله الحمد- فهو يصل أحيانا إلى 200.000 دينار للأسرة الواحدة بحسب حجمها واحتياجاتها، فالفرق كبير جدا كما ترى، وهذا بفضل الله، وسببه أن إمكانات الديوان كبيرة، بسبب جباية الزكاة، وكذلك ما نسعى إليه من حصر توزيعها على المستحقين، وحمايتها من أيادي المتلاعبين واللصوص.

- لو تحدثنا عن آلية توزيع الزكاة؟
بالنسبة إلى عملية التوزيع، فأول مراحلها تسجيل الفقراء والمساكين وإحصاؤهم، وذلك عن طريق مراكز الزكاة والمساجد، فكل فقير يسجل اسمه وعنوانه لدى إمام المسجد في الحي الذي يسكنه، أو يقوم أحد من المسلمين بإبلاغ الإمام عن حال هذا الفقير، إن كان متعففا، ثم تخرج لجنة لدراسة كل حالة على الواقع، وتحديد مدى استحقاقها للزكاة، وحجم حاجتها في حال استحقاقها، وبعد ذلك يُرفع الأمر لمركز الزكاة، ويعطى المستحق للزكاة بطاقة يستلم زكاته على أساسها.
وفي كل رأس شهر تنطلق لجان من مراكز الزكاة لتوزيعها في المساجد على المستحقين، فيستلم كل مستحق ما قُدِّر له من مال، وهكذا الأمر في كل شهر، وقد يتفاوت مقدار ما يستلمه المستحق بين شهر وآخر بحسب ما يتوفر في بيت مال الزكاة من أموال مجبية.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من حوار مع أمير ديوان الزكاة (2)
...المزيد

حوار مع أمير ديوان الزكاة - أصدرتم تعميما حول موضوع أداء الزكاة، تبينون فيه أهمية هذه الشعيرة ...

حوار مع أمير ديوان الزكاة

- أصدرتم تعميما حول موضوع أداء الزكاة، تبينون فيه أهمية هذه الشعيرة وتحذرون من عدم أدائها، فما سبب إصدار هذا التعميم؟

إن عدم أداء بعض الأغنياء زكاتهم منكر عظيم، وكبيرة من الكبائر، كما أنه يترتب على هذه المعصية عذاب كبير في الآخرة، وهو نار جهنم، أعاذنا الله وإياكم منها، فإن الشريعة قد فرضت على من لا يؤديها عقوبة في الدنيا هي من جنس عمله، ومضادة لقصده، وذلك بأن تؤخذ منه الزكاة، وفوق الزكاة يؤخذ منه شطر ماله، أي نصفه، لقوله عليه الصلاة والسلام: (من أعطاها مؤتجرا فله أجره، ومن منعها فإنا لآخذوها وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا ينال آل محمد منها شيء) [رواه أحمد]، ومن امتنع عن أدائها بالسيف قوتل ردة حتى يتوب إلى الله، وذلك فعل الصحابة -رضوان الله عليهم- مع المرتدين من قبائل العرب التي امتنعت عن أداء الزكاة لخليفة المسلمين أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فقال فيهم: «والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه».

وبناء على ذلك أصدر الديوان تعميما جديدا لتذكير الناس بما عليهم من حق لرب العالمين، وتخويفهم من عذاب الله لمن امتنع عنها، ولعظيم فضل من أداها بحقها، وكذلك تضمّن التعميم، توضيحا أن الديوان سيُعزّر من أخفى حقيقة ماله وتلاعب في أداء زكاته، ومن ثبت عدم أدائه لها تؤخذ منه مع شطر ماله، أي نصفه، طاعة لأمر الله تعالى، واتباعا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتحصيلا لحق مستحقي الزكاة في أموال الأغنياء، هذا من جانب.
ومن جانب آخر فإن من يثبت لدينا أنه أخذ من مال الزكاة مستخدما الكذب والخداع، وتبين لنا أنه كان غير مستحق لها، أو من استمر في أخذ الزكاة بعد أن أغناه الله وخرج من زمرة مستحقيها، فإن عقوبته في الدنيا أن يسترد منه ما أخذ، ويُعاقب بما يستحق.

أما عقوبته في الآخرة، فهي عقوبة من يأكل المال الحرام، وعقوبة من يسأل الناس من غير حاجة كما في حديث مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من سأل الناس أموالهم تكثّرا فإنما يسألهم جمرا فليستقل أو ليستكثر)، أي معناه أنه يعاقب بالنار أو أن الذي يأخذه يصير جمرا يكوى به، كما قال شُراح الحديث.

- كيف يتم معاقبة من لا يؤدي الزكاة في الواقع؟
من مكننا الله من كشف عدم أدائه للزكاة أو تلاعبه في ذلك عاقبناه، وتحضرني حالتان على الأقل إحداها في الموصل والأخرى في الرقة تم فيهما شطر مال اثنين لم يؤديا زكاة مالهما، كما تم تعزير العديد ممن أخفى حقيقة ماله، أو تلاعب بالزكاة بتغيير المال، أو الغش فيما يعطي وما شابه.
كما كشف الله لنا العديدين ممن أخذ من مال الزكاة من غير حاجة، أو أخذ منه فوق حقه عن طريق الخداع، فتم استرداد المال منهم، وتعزيرهم.
- هل هناك كلمة أخيرة توجهها للمسلمين عموما؟
أريد انتهاز هذه الفرصة لأذكر المسلمين عموما بأداء ما عليهم من الزكاة، فهي حق للفقير والمسكين، وليتذكر كلٌّ منهم أنه لو افتقر لودّ أن هناك من يعيله ويعينه، فليتَّقِ الأغنياء الفقر بالزكاة، فما نقص مال من صدقة.

وإن التأخر عن أداء الزكاة يعرّض المسلمين كلّهم لخطر عظيم، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (ولم يمنعوا الزكاة إِلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمْطَروا) [أخرجه الحاكم وصححه]، ونحن الآن في موسم الحصاد، فلا يتأخرن أحد من المسلمين عن أداء زكاته فيعرض نفسه لعذاب الآخرة، وللعقاب في الدنيا. والحمد لله رب العالمين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من حوار مع أمير ديوان الزكاة (2)
...المزيد

حوار مع أمير ديوان الزكاة - لماذا يكون التوزيع في رأس الشهر؟ ولماذا في المساجد؟ الأصل في ...

حوار مع أمير ديوان الزكاة


- لماذا يكون التوزيع في رأس الشهر؟ ولماذا في المساجد؟

الأصل في الزكاة أن توزع بعد جبايتها فورا، ولكن الناس اليوم اعتادت أن تدير أمورها بشكل شهري، فإيجارات المنازل، والديون، بل وحتى الإنفاق، الناس تديره بشكل شهري، لذلك كان الاجتهاد أن يكون التوزيع على هذا الأساس ليستفيد المستحقون من أموالهم بشكل أفضل.

وبناء على ذلك فإن كل ما يجبى خلال أي شهر من الشهور يتم توزيعه خلال الشهر نفسه، إلا أن يكون المال غير نقدي، فيتم توزيعه بعد تحويله إلى نقد للتسهيل على المستحقين، ولا يُدَّخر في بيت مال الزكاة سوى جزء قليل مما يوزع في غير أسهم الفقراء والمساكين.

أما اختيار المساجد مكانا للتوزيع، فذلك عائد لأسباب عديدة، منها أن هذا سنة نبينا، عليه الصلاة والسلام، أنه كان إذا جاءه مال الصدقة جمع الناس في المسجد ووزعها عليهم، ومنها أننا نريد أن نعيد للمسجد مكانته في الإسلام، فمسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- كان مركزا لإدارة مختلف شؤون دولته، وكذلك كان حال خلفائه من بعده، وكذلك فإننا نريد أن نرفع عن الفقير الحرج عند استلامه لحقّه، فهو يأخذ حقّه من بيت الله، لا من عتبات بيوت الأغنياء، هذا فضلا عما يترافق مع تسليم الزكاة من محاضرات دعوية، ودروس شرعية يتلقاها المستحقون للزكاة.

وبالإضافة لذلك فإن المسجد هو المكان الطبيعي لاجتماع المسلمين، فبحضورهم إلى الصلوات في أيام توزيع الزكاة يشاهدون بأعينهم إيصال الزكاة لمستحقيها، وبذلك يطمئن من يؤديها، ويعرف من يستحقها بوجودها فيطلب حقه منها.

- ما هي الآثار التي لمستموها على حال الرعية بعد قيام ديوان الزكاة بهذه الفريضة؟

تكلمنا في الجلسة الماضية أن أهم آثار الزكاة، هو إقامة الدين، وتأكيد طاعة رب العالمين، ولكن كما كل أمر فيه طاعة لله، يكون له بالإضافة للثمرات الأخروية ثمرات طيبة في الدنيا تنعكس على واقع الناس، كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حدّ يقام في الأرض خير من مطر أربعين صباحا) [رواه ابن حبان]، وكذلك الزكاة فإن لها الكثير من الآثار الطيبة على واقع الناس، وعلى رأسهم الفقراء والمساكين، حيث تمكنا بفضل الله من كفالة أكثر 100.000 من الأُسَر التي ليس لها من معين إلا الله، حيث يصلها حقها من مال الزكاة بشكل دوري، فوفرنا لهم جزءا كبيرا من احتياجاتهم، وكذلك وقيناهم من الانحراف نحو المعاصي أو الردة والعياذ بالله، فالمشركون اليوم يحاولون إغراء الناس بالمال ليوقعوهم في الكفر بتجنيدهم في جيوش الردة، أو الصحوات، أو توظيفهم جواسيس، هذا فضلا عن كثير من التائبين ممن كانوا في صفوف طوائف الردة تلك، حيث لم تبقَ لهم رواتب بعد التوبة، فقدمنا لهم ما نستطيع بعد أن صاروا بحكم المستحقين للزكاة.
بل وحتى الأغنياء ينالهم جانب من بركة الزكاة، فالمستحقون للزكاة ينزلون بأموالهم إلى الأسواق ويشترون احتياجاتهم فينعشون حركة التجارة فيها، وكميات الأموال التي تضخ شهريا في الأسواق من هذا الباب ليست هينة، بفضل الله، وكذلك فإن في كفاية الفقراء تحصينا لهم من التعدي على أموال الأغنياء بالسرقة أو الإتلاف، طمعا أو حسدا.

وبالمحصلة لو نظرنا نظرة عامة لوجدنا أن الرعية كلها مستفيدة -بفضل الله- من أداء الزكاة، ونيل الفقراء لحقوقهم في أموال الأغنياء.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من حوار مع أمير ديوان الزكاة (2)
...المزيد

اليهود داخل معركة الأحزاب لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا ...

اليهود داخل معركة الأحزاب


لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا من عجز قبائل العرب عن هزيمته، وتأكّدهم من أن النظام الذي ارتضوا هم وأعداؤهم الفرس بقاءه سائدا في جزيرة العرب لقرون آيل للسقوط، وسيقوم مكانه نظام جديد لا يعرض هيمنتهم على تلك الصحاري للخطر فحسب، بل سيهددهم في عقر دورهم أيضا، فكانت تحركاتهم الأولى للقضاء على هذا الخطر في مؤتة وتبوك، وكان تهديدهم الآخر في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي تراجعوا عن إنفاذه بعد أن ظنوا أن ردّة الأعراب ستكفيهم مؤونته، فخاب سعيهم وكان ما كان للإسلام من عز وتمكين بفضل الله وحده.

واليوم لم تحزم أمريكا الصليبية أمرها بالعودة لقتال الدولة الإسلامية بعد أن فرت من نزالها قبل سنوات خشية الهلاك إلا بعد أن تيقنت من عجز المرتدين عن هزيمتها ودرء خطرها الذي بات لا يهدد فحسب نظام سايكس – بيكو الذي صاغوه منذ قرن من الزمن لإدارة بلدان المسلمين، بل بات يهددهم في عقر دورهم بإعلان الدولة الإسلامية الصريح أن جهادها لن يتوقف - بإذن الله – حتى يخضع العالم كله لشرع الله.

ولذات السبب خرج اليهود اليوم لقتال الدولة الإسلامية، وما أخرجهم إلا يقينهم بخطر داهم بات يتهدّدهم، وهم الذين وصفهم الله عز وجل أنهم لا يقاتلون المسلمين (إلا في بروج مشيّدة أو من وراء جدر)، فانهيار دويلات سايكس – بيكو التي كان من وظائفها حماية دولة اليهود، والاقتراب الكبير لمجاهدي الدولة الإسلامية من حدودها، وخشيتها من انتشار منهجها بين المسلمين المستضعفين داخل تلك الحدود، والعجز الظاهر للدول الصليبية الحامية لليهود عن حسم المعركة معها، كلها أسباب تبرر للدولة اليهودية أن لا تقعد ساكنة إزاء هذا الخطر.

ولم يعد كافيا للحكومة اليهودية وجيشها وأجهزة مخابراتها الاقتصار على تقديم الدعم لأنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية المحيطة بها، لعجز هذه الأنظمة عن استثمار هذا الدعم في تحقيق انتصار على الدولة الإسلامية، فانطلق اليهود ليخوضوا حربهم الخاصة ضدّها، قصفا بالطائرات، واستطلاعا بالمسيّرات، وبثا للجواسيس والعيون، وخاصة في سيناء التي يخوض مجاهدوها حربا ضد جيش الطاغوت السيسي تحت قصف الطيران اليهودي لم تغن عنهم شيئا، وفي ولايات الشام التي تخوض أجهزتها الأمنية حربا مع جواسيس اليهود وعيونهم، لنا فيها الغلبة بحمد الله.

هذه الحرب وإن كانت في بداياتها فإنها – بحمد الله – مؤشر جيد على إمكانية حدوث المزيد من التورط لجيش اليهود فيها، وذلك بتسارع وتيرة الانهيار في أنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية، وفشل الحملة الصليبية على الدولة الإسلامية، والقضاء التام على مرتدي الصحوات، وفصائل الفرقة والشتات.
إن هذه المعركة بالنسبة لليهود لن تكون – بإذن الله – كباقي معاركهم التي خاضوها ضد الأنظمة الطاغوتية، والحركات العلمانية القومية والشيوعية، ولا كمعاركهم مع الفصائل الديموقراطية المنتسبة للإسلام زروا، إذ كل تلك المعارك كانت تجري في إطار قواعد «النظام الدولي» الطاغوتي، فكانت حدود الصراع واضحة المعالم لكل الأطراف، ومن يتجاوزها يعرض نفسه للعقاب، في حين أن الدولة الإسلامية بفضل الله كافرة بهذا «النظام الدولي»، محاربة لكل الطواغيت القائمين عليه، وعلى رأسهم الدول الصليبية الحامية لدولة اليهود، وليس لصراعها مع أعدائها حدود إلا التي فرضها الله عز وجل على المسلمين في جهادهم بأن يخضع المشركون لحكم الإسلام فيهم، وكل الأرض ساحة لجهادها، وكل المسلمين جنود محتملون في جيشها، وكل المشركين المحاربين في الأرض ومنهم اليهود أهداف مشروعة لها.

إن الدولة الإسلامية – بفضل الله – ليست دولة شعارات، ولكنها دولة عزيمة وتوكل على الله، وكل تهديد ووعيد من قادتها لليهود إنما هو من حسن الظن بالله عز وجل أن يمكّنهم منه، فكما قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله من قبل، أنه ومن معه يقاتلون في العراق وعيونهم على بيت المقدس، وكما قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي تقبله الله لليهود من قبل، فإن المسلمين قادمون لقتالهم من العراق والشام واليمن وخراسان ومغرب الإسلام وإفريقية والقوقاز، ومن كل مكان، وإننا لن نزيد على ما قال مشايخنا من قبل شيئا، ولكننا – بحمد الله- على تحقيق ما وعدوا أقدر، ومن أرض الصراع مع اليهود أقرب.

فليقصف اليهود بطائراتهم، فليست علينا بأشد من طائرات الصليبيين وقد صبّرنا الله عليها، وليبعثوا بجواسيسهم وعيونهم فسيفضحهم الله ويمكننا من رقابهم، وليدعموا دويلات سايكس - بيكو الطاغوتية، فستكون أموالهم التي أنفقوا حسرة عليهم، وبإذن الله سيغلبون، ثم إلى جهنم يحشرون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
اليهود داخل معركة الأحزاب
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - أم المؤمنين خديجة بنت خويلد تثبت رسول الله: ويزداد هذا الواجب ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- أم المؤمنين خديجة بنت خويلد تثبت رسول الله:

ويزداد هذا الواجب في زوجات المجاهدين وأمهاتهم وأخواتهم، أن يكنّ لهم ظهورا في بيوتهم وأهلم، يحمينها من إرجاف المرجفين، وكلام المنافقين، فلا يقلن لهم من الكلام إلا ما يثبت الأقدام ويربط القلوب، وإن من أروع قصص النساء المؤمنات في هذا الجانب قصة أمّ المؤمنين خديجة -رضي الله عنها وأرضاها- في تثبيتِ زوجِها النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ ، إذ يفزع إليها يوم أتاه جبريل أوّل مرّة وهو في الغارِ يتعبّدُ: («زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ...) [متفق عليه]، وكانت أول المؤمنين بدعوته من النساء، وظلت تشد من أزره وتقويه من عزيمته حتى توفاها الله، وبقيت محبّتها في قلب رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ شاهدة على عظم ما قامت به، حتى قال فيها عليه الصلاة والسلام: (قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ) [مسند أحمد].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

* أمير ديوان الزكاة (نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين) موضحا لكثير من ...

* أمير ديوان الزكاة
(نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين)

موضحا لكثير من الجوانب عن فريضة الزكاة واداءها في الدولة الإسلامية.
ومبينا حقيقة العلاقة بين ديوان الزكاة وغيره من دوواينها.
وكاشفا لكيفية توزيع أسهم الزكاة على المستحقين.

- الدولة الإسلامية في حرب مع دول الشرك كلها، ألم يكن ممكنا تأجيل تطبيق الزكاة حتى الانتهاء من هذه الحرب؟


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد
لقد شرع الله عز وجل الجهاد في سبيل الله لإقامة الدين، وجعل الزكاة من شروط التمكين الشرعي، قال تعالى (الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)، فنحن لم نجاهد لمجرد الاستيلاء على الأرض، وامتلاك السلطة فيها، وإنما لنقيم فيها دين الله.

والمجاهدون إنما يرابطون على الجبهات ويبذلون دماءهم هناك وهم حريصون أن يروا شريعة الله تقام في الأرض التي يفتحونها كاملة غير منقوصة.

ونحن بإذن الله ما إن يمكننا الله من قطعة من الأرض مهما صغرت، ولو لفترة محدودة، فإننا سنطبق شرع الله فيها، فنقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ولله عاقبة الأمور.

- وهل جباية الزكاة وتوزيعها من تطبيق الشريعة؟ الكثير من الناس يظنون أن ذلك ينحصر بفتح المحاكم التي تحكم بشرع الله، وتقيم الحدود على الجناة؟

كل ما بلغنا به رسول الله عليه الصلاة والسلام هو من شريعة الله، فما بالك بالزكاة التي هي أحد أركان الإسلام، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديث جبريل المشهور (الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)، فالمحاكم قد تمر عليها فترات طويلة دون أن تقضي في قضية واحدة إذا لما ترفع إليها خصومة، والحدود قد لا تقام لشهور أو سنوات إذا انصلح الناس ولم ينتهكوا حدود الله، ولكن الزكاة تقام في كل حال ما دام هناك أغنياء لديهم مال يتجاوز النصاب.
- ولماذا لا تتركون الناس يدفعون زكاة أموالهم بأنفسهم للفقراء؟ لماذا يتولى ديوان الزكاة مهمة جباية الزكاة من الأغنياء وأداءها للفقراء؟
لأن هذا هو الأصل في أداء الزكاة، أن يؤدي الأغنياء الزكاة للإمام، ويتولى هو ردّها على الفقراء، قال تعالى لإمام المسلمين عليه الصلاة والسلام (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها)، وفي وصيّة النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن (فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس) فالنبي عليه الصلاة والسلام يأمر عامله أن يأخذ الزكاة من غنيهم ويردّها على فقيرهم، وكذلك لنا في فعل الصحابة سنّة حسنة، حيث قاتل الصحابة رضوان الله عليهم مانعي الزكاة لأنهم رفضوا أداءها، ولم يقروهم على أدائها بأيديهم، حتى قال أبو بكر رضي الله عنه (والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)، ومن كل ذلك يتبين أن أخذ الزكاة من الأغنياء وأداءها للفقراء إنما هو من مهام الإمام الذي هو خليفة المسلمين، أو من ينوب عنه في ذلك، وفي حال وجوده وتمكنه من أخذ الزكاة، فلا يجوز الافتئات عليه بالتصرف فيها.

وفي الدولة الإسلامية يقوم ديوان الزكاة نيابة عن أمير المؤمنين حفظه الله بالقيام على هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام.

والجانب الآخر الذي يزيد من فرضية إشراف الديوان على أخذ الزكاة وأداءها هو كثرة الفقراء في أراضي الدولة الإسلامية وقلة الأغنياء، وخاصة بسبب الحرب وما تفرضها من تهجير للمسلمين وتدمير لممتلكاتهم وتعطيل لأشغالهم، وذلك إعراض الكثير من أغنياء المسلمين عن أداء زكاتهم كما ينبغي، فالبعض لا يؤدي زكاته إطلاقا، والبعض الآخر يؤخرها عن وقتها، وآخرون لا يؤدون كل ما عليهم منها، وهذا ما يحرم الفقراء من أخذ حقهم الذي كتبه الله لهم في أموال الأغنياء، لذلك يجتهد ديوان الزكاة في تحصيل هذا الحق بكل وسيلة مشروعة، من أجل إيصاله للفقراء، ومن أجل ضمان قيام المسلمين بهذه الفريضة.

فإذا وجد الإمام أن حاجة الفقراء والمساكين قد تم سدّها من أموال الزكاة أو من سواها، وأن المسلمين يؤدون هذه الفريضة، وأجاز لهم أداءها بأنفسهم وكلاء عنه، فعند ذلك يجب على من ملك النصاب أن يؤديها بنفسه إلى من يحتاجها، ونسأل الله أن يكون هذا اليوم قريبا، فيتحقق فينا وصف حال الأمة في آخر الزمان أن يطوف المسلم بصدقته فلا يجد من يأخذها منه.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من:
حوار مع أمير ديوان الزكاة
...المزيد

اليهود داخل معركة الأحزاب لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا ...

اليهود داخل معركة الأحزاب


لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا من عجز قبائل العرب عن هزيمته، وتأكّدهم من أن النظام الذي ارتضوا هم وأعداؤهم الفرس بقاءه سائدا في جزيرة العرب لقرون آيل للسقوط، وسيقوم مكانه نظام جديد لا يعرض هيمنتهم على تلك الصحاري للخطر فحسب، بل سيهددهم في عقر دورهم أيضا، فكانت تحركاتهم الأولى للقضاء على هذا الخطر في مؤتة وتبوك، وكان تهديدهم الآخر في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي تراجعوا عن إنفاذه بعد أن ظنوا أن ردّة الأعراب ستكفيهم مؤونته، فخاب سعيهم وكان ما كان للإسلام من عز وتمكين بفضل الله وحده.

واليوم لم تحزم أمريكا الصليبية أمرها بالعودة لقتال الدولة الإسلامية بعد أن فرت من نزالها قبل سنوات خشية الهلاك إلا بعد أن تيقنت من عجز المرتدين عن هزيمتها ودرء خطرها الذي بات لا يهدد فحسب نظام سايكس – بيكو الذي صاغوه منذ قرن من الزمن لإدارة بلدان المسلمين، بل بات يهددهم في عقر دورهم بإعلان الدولة الإسلامية الصريح أن جهادها لن يتوقف - بإذن الله – حتى يخضع العالم كله لشرع الله.

ولذات السبب خرج اليهود اليوم لقتال الدولة الإسلامية، وما أخرجهم إلا يقينهم بخطر داهم بات يتهدّدهم، وهم الذين وصفهم الله عز وجل أنهم لا يقاتلون المسلمين (إلا في بروج مشيّدة أو من وراء جدر)، فانهيار دويلات سايكس – بيكو التي كان من وظائفها حماية دولة اليهود، والاقتراب الكبير لمجاهدي الدولة الإسلامية من حدودها، وخشيتها من انتشار منهجها بين المسلمين المستضعفين داخل تلك الحدود، والعجز الظاهر للدول الصليبية الحامية لليهود عن حسم المعركة معها، كلها أسباب تبرر للدولة اليهودية أن لا تقعد ساكنة إزاء هذا الخطر.

ولم يعد كافيا للحكومة اليهودية وجيشها وأجهزة مخابراتها الاقتصار على تقديم الدعم لأنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية المحيطة بها، لعجز هذه الأنظمة عن استثمار هذا الدعم في تحقيق انتصار على الدولة الإسلامية، فانطلق اليهود ليخوضوا حربهم الخاصة ضدّها، قصفا بالطائرات، واستطلاعا بالمسيّرات، وبثا للجواسيس والعيون، وخاصة في سيناء التي يخوض مجاهدوها حربا ضد جيش الطاغوت السيسي تحت قصف الطيران اليهودي لم تغن عنهم شيئا، وفي ولايات الشام التي تخوض أجهزتها الأمنية حربا مع جواسيس اليهود وعيونهم، لنا فيها الغلبة بحمد الله.

هذه الحرب وإن كانت في بداياتها فإنها – بحمد الله – مؤشر جيد على إمكانية حدوث المزيد من التورط لجيش اليهود فيها، وذلك بتسارع وتيرة الانهيار في أنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية، وفشل الحملة الصليبية على الدولة الإسلامية، والقضاء التام على مرتدي الصحوات، وفصائل الفرقة والشتات.
إن هذه المعركة بالنسبة لليهود لن تكون – بإذن الله – كباقي معاركهم التي خاضوها ضد الأنظمة الطاغوتية، والحركات العلمانية القومية والشيوعية، ولا كمعاركهم مع الفصائل الديموقراطية المنتسبة للإسلام زروا، إذ كل تلك المعارك كانت تجري في إطار قواعد «النظام الدولي» الطاغوتي، فكانت حدود الصراع واضحة المعالم لكل الأطراف، ومن يتجاوزها يعرض نفسه للعقاب، في حين أن الدولة الإسلامية بفضل الله كافرة بهذا «النظام الدولي»، محاربة لكل الطواغيت القائمين عليه، وعلى رأسهم الدول الصليبية الحامية لدولة اليهود، وليس لصراعها مع أعدائها حدود إلا التي فرضها الله عز وجل على المسلمين في جهادهم بأن يخضع المشركون لحكم الإسلام فيهم، وكل الأرض ساحة لجهادها، وكل المسلمين جنود محتملون في جيشها، وكل المشركين المحاربين في الأرض ومنهم اليهود أهداف مشروعة لها.

إن الدولة الإسلامية – بفضل الله – ليست دولة شعارات، ولكنها دولة عزيمة وتوكل على الله، وكل تهديد ووعيد من قادتها لليهود إنما هو من حسن الظن بالله عز وجل أن يمكّنهم منه، فكما قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله من قبل، أنه ومن معه يقاتلون في العراق وعيونهم على بيت المقدس، وكما قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي تقبله الله لليهود من قبل، فإن المسلمين قادمون لقتالهم من العراق والشام واليمن وخراسان ومغرب الإسلام وإفريقية والقوقاز، ومن كل مكان، وإننا لن نزيد على ما قال مشايخنا من قبل شيئا، ولكننا – بحمد الله- على تحقيق ما وعدوا أقدر، ومن أرض الصراع مع اليهود أقرب.

فليقصف اليهود بطائراتهم، فليست علينا بأشد من طائرات الصليبيين وقد صبّرنا الله عليها، وليبعثوا بجواسيسهم وعيونهم فسيفضحهم الله ويمكننا من رقابهم، وليدعموا دويلات سايكس - بيكو الطاغوتية، فستكون أموالهم التي أنفقوا حسرة عليهم، وبإذن الله سيغلبون، ثم إلى جهنم يحشرون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
اليهود داخل معركة الأحزاب
...المزيد

أمير ديوان الزكاة (نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين) موضحا لكثير من الجوانب ...

أمير ديوان الزكاة
(نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين)

موضحا لكثير من الجوانب عن فريضة الزكاة واداءها في الدولة الإسلامية.
ومبينا حقيقة العلاقة بين ديوان الزكاة وغيره من دوواينها.
وكاشفا لكيفية توزيع أسهم الزكاة على المستحقين.

- مالسبب برأيك في امتناع الأغنياء عن أداء الزكاة رغم أن وجوبها من المعلوم من الدين بالضرورة؟

السبب الأول ولا شك هو قلة الدين وحب المال ولا ننسى أن الكثير من المرتدين في عهد أبي بكر رضي الله عنه تركوا الإسلام رغبة في ترك هذه الفريضة، ومن أمثلة قلة الدين أن بعض من كان يخرج الزكاة قبل أن يمكن الله للدولة الإسلامية كان لا يؤديها بالصورة الشرعية فتراهم يعطونها لمن لا يستحقها، ويحرمون منها الفقراء، فيخصون بهذا المال من يودّون مساعدته من قريب أو صديق، بل وسمعنا أن البعض كان يعطي هذا المال للموظفين ولضباط النظام النصيري على سبيل الرشوة، والله المستعان.

ولذلك تجد أن البعض يحاولون التهرب من أداءها إلى الديوان لأن ديوان الزكاة سيأخذ منهم كامل الحق المفروض في مالهم وفي وقته المحدد وسيتولى هو إيصاله للفقراء ولو علم هؤلاء أننا بذلك ننجيهم من عذاب الله الذي سيصيبهم بعدم أداءهم لهذه الركن لحمدوا الله أن هيئ لهم من يحمل عنهم هذا العبء ويؤدي عنهم هذه الفريضة بالشكل الصحيح.

- لاحظت أنك في كلامك تركز أن الزكاة حق الفقير، بالرغم من أن الله عز وجل جعل مصارف الزكاة سبعة،فما هو نصيب المستحقين الآخرين للزكاة منها؟

إن الأصل في الزكاة أنها حق الفقير لقوله عليه الصلاة والسلام (تؤخذ من غنيهم وتردّ إلى فقيرهم)، وعلى هذا الأساس يعمل ديوان الزكاة، فالسعي الآن لسد حاجة الفقراء والمساكين بالدرجة الأولى، خاصة في الظرف الذي نعيشه اليوم والذي تزداد فيه حاجتهم.

وتوزيع أموال الزكاة على مصارفها الشرعية إنما يخضع لاجتهاد الإمام أولا فيوزعها بحسب حاجة كل باب، وبناء على هذا فقد تم تفعيل الأبواب كلها في وقت من الأوقات ولكن عندما وجدنا شدة حاجة الفقراء والمساكين فقد استحصلنا من اللجنة العامة المشرفة على الإذن بتحويل الأموال من بعض الأبواب بشكل جزئي أو كلي ليوزع على أسهم الفقراء والمساكين فأخذنا كامل حصة سهم (في سبيل الله) الذي يخصص عادة للجهاد وتقوية الثغور، وثلاثة أرباع سهم (الغارمين) وجزءا من سهم (العاملين عليها) كما تقرر أخذ كل ما يفيض شهريا من حاجة سهم (ابن السبيل).
ولكن كما قلت لك القضية تخضع للحاجة والاجتهاد فأينما زادت الحاجة يتم توجيه المال وفي الأمر سعة والحمد لله وعلى سبيل المثال فسهما (في الرقاب) و(المؤلفة قلوبهم) موجودان وندفع الأموال منهما بحسب الحاجة حيث نُعلِم الإخوة في هيئة الأسرى بشكل دوري بمقدار الموجود لدينا من مال مخصص لفكاك أسرى المسلمين وهم يأخذون من هذا المال بحسب حاجتهم بناء على تفويض من اللجنة العامة المشرفة، وقد خرج بحمد الله الكثير من الأسرى من المجاهدين وعامة المسلمين بعدما فداهم الإخوة بهذا المال وكذلك الأمر بالنسبة لسهم (المؤلفة قلوبهم) إذ يدفع منه بقدر الحاجة إلى ذلك نصرة للدين وتثبيتا للمسلمين.

وكما يتبين لك فالقسم الغالب من الأموال التي يجبيها ديوان الزكاة اليوم إنما تذهب لسهمي الفقراء والمساكين، ونسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين وأن يغنيهم الله بفضله.

- يوجد اضطراب كبير في تعريف كل من الفقراء والمساكين في أذهان الناس، فما هي المعايير التي تبنون عليها تحديدكم لهتين الفئتين من الناس، وحجم ما يأخذونه من مال الزكاة؟

ما يبني عليه ديوان الزكاة في الدولة الإسلامية في تعريف الفقير والمسكين هو مقدار الكفاية فمن ملك أكثر من نصف كفايته ولم يحقق الكفاية يكون مسكينا ومن ملك أقل من نصف الكفاية فهو الفقير، وما ندفعه للفقير والمسكين هو لإيصاله إلى حد الكفاية فيكون بذلك غنيا وهذا ما سنصل إليه بإذن الله إذا أدى كل الأغنياء في الدولة الإسلامية زكاتهم على وجهها.

أما حد الكفاية فهو كما تعلم مفهوم نسبي يختلف باختلاف الزمان والمكان وباختلاف حال الناس ومن يعولون ونعمل الآن على إنجاز دراسة لتحديد مقادير كمية لحد الكفاية تتضمن أرقاما مالية لقيمة احتياجاتهم الأساسية وعلى أساس حجم الأسرة سيتم وضع حدود متعددة للكفاية، بحيث يمكننا من خلال ذلك تصنيف الناس إلى فقراء ومساكين وأغنياء ويتم إعطاء الفقراء والمساكين بمقدار ما يسد كفايتهم سواء بتقديم الأموال لهم نقدا ليكفوا حاجتهم من الطعام والشراب والمسكن ومواد التنظيف وغاز الطبخ أو بواسطة وذلك بسداد قيمة ما يستهلكونه من خدمات صحية وتعليمية وخدمات الكهرباء والماء والصرف الصحي وكذلك قيمة وقود التدفئة بدفع هذا الجزء من المال لدواوين الدولة الإسلامية ذات العلاقة لتقوم بتقديم خدماتها للفقراء والمساكين دون أن تتقاضى منهم مقابلا لذلك أسوة بالأغنياء.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من:
حوار مع أمير ديوان الزكاة
...المزيد

▫️ مجاهد ومعلّم.. أبو خالد الحمادي -تقبله الله- [قصة شهيد] - صفاته وأخلاقه: امتن الله تعالى ...

▫️ مجاهد ومعلّم.. أبو خالد الحمادي -تقبله الله-
[قصة شهيد]

- صفاته وأخلاقه:

امتن الله تعالى على الأخ أبي خالد بأخلاق دمثة وخصال حميدة، ما أكسبه محبة إخوانه ورفاق دربه.

أما عن معاملته مع إخوانه فقد كان كثير التبسم في وجه إخوانه طلق المحيا أمامهم يرحم صغيرهم ويوقر كبيرهم ويواسي مبتلاهم، كما كان كثير الجود في الغنى والفقر، حيث شهد له بعض إخوانه أنه كان يقضي حوائجهم بمجرد ما يلاحظ ذلك دون أن يبوحوا بها، وقد شُهد للأخ أبي خالد بصبره في البلاء صبرا يثنى على صاحبه، فقد نال حظه من البلاء في عيشه حينما كان معلما للأشبال ومرض بعض أهله وولده وهو في ذلك الوقت شديد الفقر، فكان يسعى في كسب ما يقضي به حوائجه دون البوح بمشكلته لأحد، إلى أن جلى الله عنه الغمة، ولم يثنه ما أصابه عن نصرة دينه أو يحط من عزمه أو يفت في عضده تقبله الله تعالى، كما عُرف بكثرة قراءة القرآن الكريم، غاديا رائحا يتفيأ ظلال آيات الرحمن، في حل كان أو ترحال.

- قائدا عسكريا في (كرينوا):

كما كان مثالا يحتذى في السمع والطاعة والنصح لأمرائه، محبا للحق ودائرا معه حيث دار لا يخاف لومة لائم.

كذلك كان قوي البنية يتمتع بلياقة بدنية عالية، أضف إلى ذلك حزمه وعزمه في الأمور ما جعل أمراءه يضعون فيه الأمل والثقة في إنجاز كثير من المهام، حتى انتهى به المطاف أن عين قائدا للجند في منطقة (كرينوا)، حيث قاد كثيرا من المعارك بنفسه واستبسل فيها وألقى نفسه في المخاطر حاملا روحه في كفه، وقد كان إقدامه سببا في فتح كثير من الثكنات بفضل الله تعالى، وقد برز عزمه وشجاعته في الغزوة الموحدة الأخيرة: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم)، حيث داهم بنفسه على رأس المفارز الأمنية عددا من أوكار النصارى والمرتدين وفلق رؤوسهم، كما كان شديد الاعتناء بتربية الجنود وعبادتهم، يكثر من تذكيرهم ووعظهم سعيا في تعليق قلوب المجاهدين بربهم سبحانه، وتمتين علاقتهم بخالقهم، إذ هو الناصر والمعين.

- همة عالية:

في الأيام الأخيرة التي سبقت مقتله، ازدادت همته وأصبح لا شيء يوقفه ولا يعرف للتعب معنى في حسابه، فخلال الحملات الأخيرة للمرتدين على منطقة (كرينوا) كان أبو خالد يقود ويتقدم الصفوف في المعارك الدائرة مع الكافرين، ولم يزل الإخوة يظنون أنه لن يخرج من معركة يخوضها لما يلقي بنفسه وسط المعامع إذا حمي الوطيس، حتى أصيب بطلقة (دوشكا) في أحد أضلاعه، وحينها أجبره أمراؤه على أن يعود للعلاج ويأخذ قسطا من الراحة، فأعيد للبيت على كره منه، وفي يوم من الأيام تقدم المرتدون على حساب المجاهدين في أحد المحاور، وإذ بصوت أبي خالد في الجهاز اللاسلكي يدير ويوجه مجموعات المجاهدين، فتفاجأ الإخوة وقد كانوا يظنون أنه ما يزال في المنزل حيث لم يتماثل للشفاء بعد، وما هي إلا دقائق حتى شوهد أبو خالد في الصفوف يقاتل جنبا إلى جنب مع إخوانه رغم إصابته تلك، فلم يزل يصول ويجول حتى هزم الله المرتدين وقد اندمل جرحه وقارب الانتعاش في ساحات الوغى ولم يرض بأن يبقى أسير الفراش وهو يرى الأعداء يحاولون استباحة أرض الإسلام وتدنيس حرمات المسلمين.

- مقتله تقبله الله:

لم يزل أبو خالد كما كان كلما استعصت ثكنة أو تعسر فتحها، خرج على رأس الجند لغزوها، وللدور الذي يؤديه في تثبيت عزيمة المجاهدين وتحريضهم بالقول والفعل جعل كثيرا من الإخوة يستبشرون بمجرد رؤيته في أوساطهم في الغزو، فكانت ثكنة بلدة (إيزغي) الكاميرونية صعبة الغزو لطبيعة التضاريس مع كثافة الأعشاب التي تحجب بعض أجزاء الطريق وما حول الثكنة بحيث لا يرى المهاجم ما يكون أمامه، فخرج على رأس الجند لغزوها كما ذلك دأبه وديدنه بعد تذكرة وتحريض، فكتب الله للمجاهدين النصر وجعل فتح الثكنة والسيطرة عليها من نصيبهم، فقام بتوجيه الإخوة بالإسراع في إخلاء الغنائم إلى مناطق آمنة تحسبا للمدد الذي قد يصل لمؤازرة المرتدين، وانتدب نفسه وبعض مرافقيه لحراسة الإخوة وصد المدد والاشتباك معهم إذا ما قدم، وبالفعل قدم مدد العدو كما كان يتوقع، فلم يتوانَ ولم يتراجع وانبرى يصد عن إخوانه ويغطي انسحابهم، فثبت وقاتل قتال المستميت حتى أصيب إصابة بالغة جعلت مرافقيه يخلونه من ساحة المعركة، وقبل وصولهم إلى مواقع إخوانهم فاضت روحه إلى باريها بعد أن فدى إخوانه بدمه، نسأله تعالى أن يتقبله ويعلي درجته في عليين.


▫️ المصدر: قصة شهيد - صحيفة النبأ - أبو خالد الحمادي -تقبله الله-
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 467
الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

• فوائد إخْفَاء الدُعاء 1- أنه أعظم إيمانًا؛ لأن صاحبه يعلم أن الله تعالى يسمعُ دعاءه ...

• فوائد إخْفَاء الدُعاء


1- أنه أعظم إيمانًا؛ لأن صاحبه يعلم أن الله تعالى يسمعُ دعاءه الخفيَّ.

2- أنه أعظم في الأدب والتعظيم، ولهذا لا تخاطب الملوك ولا تُسألُ برفع الأصوات، وإنما تخفض عندهم الأصوات، ويخفى عندهم الكلام بمقدار ما يسمعونه.

3- أنه أبلغُ في التضرع والخُشوع الذي هو رُوح الدعاء ولُبُّهُ ومقصوده.

4- أنه أبلغُ في الإخلاص.

5- أنه أبلغُ في جمعية القلب على الله تعالى في الدعاء، فإن رفع الصوت يفرقه ويشتته.

6- وهو من النكت السرية البديعة جدًّا، أنه دال على قرب صاحبه من الله، وأنه لاقترابه منه وشدة حضوره يسأله مسألة أقرب شيء إليه فيسأله مسألة مناجاة للقريب لا مسألة نداء البعيد للبعيد.

7- أنه أدعى إلى دوام الطلب والسؤال، فإن اللسان لا يملُّ والجوارح لا تتعب.

8- أن إخفاء الدعاء أبعد من القواطع والمشوشات والمضعفات، فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد فلا يحصل هناك تشويش ولا غيره وإذا جهر به تفطنت له الأرواح الشريرة والباطولية والخبيثة من الجن والإنس، فشوَّشت عليه ولا بد، ومانعته وعارضته.

9- أعظم النعم الإقبال على الله والتعبد له والانقطاع إليه، والتبتلُ إليه، ولكل نعمة حاسد على قدرها دقَّت أو جلَّت، ولا نعمة أعظم من هذه النعمة، وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد.

10- أن الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه، فهو ذكر وزيادة، وقد قال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف]، فأمر نبيه أن يذكره في نفسه.

[بدائع الفوائد] لابن القيم -رحمه الله-


▫️المصدر: إنفوغرافيك النبأ - فوائد إخْفَاء الدُعاء
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 467
الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

معلومات

⭕ إن مـن يـريـد الحـق لابـد أن يـسمـع مـن الطـرفيـن لا مـن طـرف واحـد.. ندعـوك أخـي المسلـم لتسمـع منـا قبـل أن تحكـم علينـا بما سمعت عنـا•• تواصل تلجرام @wmc111a11

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً