كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - أسماء بنت أبي بكر تدفع ابنها للموت صابرا: ومن الأمثلة أيضا ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- أسماء بنت أبي بكر تدفع ابنها للموت صابرا:

ومن الأمثلة أيضا أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها، يوم حوصر ابنها خليفة المسلمين عبد الله بن الزبير في مكة من جيش البغاة الذي يقوده الحجاج الثقفي، فجاء يستشيرها للخروج لقتاله بعدما اشتد عليه أذاهم، وقال لها: «خذلني الناس حتى ولدي وأهلي، فلم يبق معي إلا اليسير ممن ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة، والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: أنت والله يابني أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على الحق وإليه تدعو فامش له، فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك يتلعّب بها غلمان بني أمية، وإن كنت إنما أردت الدنبا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من قتل معك،، وإن قلت: كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفا، فهذا ليس من فعل الأحرار، ولا أهل الدين، فكم خلودك في الدنيا، القتل أحسن»، فدنا منها أمير المؤمنين وقبل رأسها، وقال: «هذا والله رأيي، (....)، ولكني أحببت أن أعلم رأيك، فزدتني بصيرة مع بصيرتي، فانظري يا أمه، فإنّي مقتول من يومي هذا، فلا يشتد حزنك، وسلمي الأمر لله».

ثم انصرف ابن الزبير عنها وهو يقول:
«إني إذا أعرف يومي أصبر وإنما يعرف يومه الحرُّ»

فسمعت والدته رضي الله عنها قوله فقالت: «تصبر والله، إن شاء الله، أبوك أبو بكر والزبير، وأمك صفية بنت عبد المطلب».
فهكذا يكون حال الزوجة المؤمنة مع زوجها، وهكذا يكون حال الأم المؤمنة مع ابنها، فيمضي في طريقه يجاهد أعداء الله، ويقوم بما أمره ربه، ولها من عمله نصيب بإذن الله.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

ولتستبين سبيل المجرمين • مع اشتداد الابتلاء يزداد التمحيص، ويزداد فسطاطا الإيمان والنفاق ...

ولتستبين سبيل المجرمين


• مع اشتداد الابتلاء يزداد التمحيص، ويزداد فسطاطا الإيمان والنفاق تمايزا، حتى يصبح افتراقهما واضحا لكل ذي عينين، وما ذلك إلا لأن أهل الإيمان والتوحيد يزدادون إيمانا وإظهارا لإيمانهم، وأهل النفاق والشرك يزدادون كفرا وإظهارا لكفرهم.

فبعد سنوات من تلبيسهم على الناس في قضية علاقتهم بالصليبيين والطواغيت، فضح الله مرتدي الصحوات بقتالهم إلى جانب الجيش التركي المرتد، وتحت غطاء من طائرات التحالف الصليبي وبتنسيق معهما، بل واتضح الأمر أكثر بدخول القوات الصليبية الأمريكية إلى المناطق التي يسيطرون عليها، وإقامتهم قواعدهم العسكرية داخلها، الأمر الذي لم يعد ممكنا تمويهه، ولا إخفاؤه عن أعين الناس، ولا تفيد لتبريره فتاوى علماء السوء، بمجالسهم وتجمعات الضرار التي أنشؤوها.

وقد أنعم الله على الدولة الإسلامية بمنهج قويم مبني على الصدق والعمل به، فعندما حكمت على بعض الفصائل في الشام بأنها من جنس صحوات العراق بناء على أفعال قادتها وتصريحاتهم ومناداتهم بالديموقراطية وعلاقاتهم مع الصليبيين والطواغيت في المنطقة، كانت صادقة في الوصف والحكم، ولم يكن ذلك مجرد ذريعة لقتالهم كما اتهمها المضلّون، الذين زادوا على ذلك بإلصاق تهمة «الخارجية» الباطلة بمجاهديها والدعوة إلى سفك دماء المهاجرين والأنصار تقربا إلى الله بزعمهم، رغم أن مجاهدي الدولة الإسلامية كانوا حينها في موقف دفاع عن أنفسهم وأعراضهم، بعد غدر الفصائل بهم تلبية لأوامر الصليبيين والطواغيت.

ولم تكن موجة الهجوم والاتهامات هذه بجديدة على الدولة الإسلامية، بل لم تزد عن كونها تكرارا لما قيل بحقها سابقا إبان فتنة الصحوات في العراق، التي انتهت بزوال فصائل الصحوات تماما بعد أن أظهر مقاتلوها ردّتهم الصريحة بقتالهم جنود الدولة الإسلامية برفقة المدرعات الأمريكية التي كانت تقتلهم بالأمس، وتحت غطاء من المروحيات التي كانت تدك مدنهم وقراهم قبل أيام، ولم تنفعهم كل الفتاوى والتبريرات التي أصدرها علماء الطواغيت الذين حركتهم أجهزة المخابرات لمناصرة مشروع الصحوات الذي خدم الصليبيين أيما خدمة.

واليوم يسير مرتدو الصحوات في الشام على سنّة أسلافهم في العراق، إذ لم يكتفوا بالعمالة للصليبيين من خلال التجسس على المسلمين وقتالهم خدمة لهم، والتنسيق مع طيرانهم لضرب الموحّدين، بل لم يزل بهم الأمر حتى صاروا يقاتلون تحت العلم الأمريكي وتحت القيادة الأمريكية كما رأينا في حالة صحوات «جيش سوريا الجديد» في الجنوب، وصارت المدرعات الأمريكية تجوب مناطق سيطرتهم في الشمال، وصار الجنود الأمريكيون يظهرون معهم في العلن وبلا استحياء.

إن الدولة الإسلامية عندما قاتلت مرتدي الصحوات قبل ثلاث سنين لم تكن تقاتل مجاهدين موحّدين كما كان يزعم السفهاء ومنظرو الصحوات وعلماء الطواغيت، ولكنها قاتلت في ذلك الوقت مشركين موالين للصليبيين والطواغيت، مع من والاهم فصار منهم، وإن حكمها فيهم لم يتغير منذ ظهرت منهم تلك الموالاة المكفّرة، ولكن الذي تغير هو تصريحات بعض من كان يجادل عنهم، بعد أن اتسع الخرق عليهم ولم يعد بإمكانهم ترقيعه، فصاروا يهاجمون عمالة الصحوات الواضحة للصليبيين على استحياء، وقد فضح الله أمرهم أمام جنودهم وأنصارهم المرتدين المدّعين للجهاد، والذين لا يمكنهم قبول التناقض بين ما كان يلقى على أسماعهم من وجوب العداء لأمريكا، وحصر القتال بها على أنها رأس الكفر في العالم، وبين أن يروا جنود أمريكا يتجولون في أرضهم وبحماية حلفاء مدّعي الجهاد.

وإننا نقول لمن استبان له الأمر اليوم بعد أن أعماه عن رؤيته عصبية جاهلية، وحزبية تنظيمية، وتقديس لـ»الرموز»، كيف تبرّر لنفسك بعد اليوم بقاءك على الردّة في صف المرتدين؟ وكيف تبرّر لنفسك قتالك الموحدين من جنود الدولة الإسلامية بالتحالف مع الصليبيين؟ وكيف تبرّر لنفسك طاعة شيوخك وعلمائك الضالين المضلّين بعد أن استبان لك كذبهم على الدولة الإسلامية ومجادلتهم عن المرتدين؟

لقد آن لك أن تتوب إلى الله مما أوقعت نفسك فيه من الردّة، وأن تفارق صفوف المرتدين مهاجرا إلى دار الإسلام، لتقول حينها للموحد الذي عاديته قبل توبتك: {تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: 91] بأن أظهر لك ردّة الصحوات، وهداك إلى تكفيرهم والبراءة منهم وقتالهم، وأن تتبع ما أسلفت من السيئات بحسنات الجهاد في سبيل الله والدخول في جماعة المسلمين، وإن أرض الدولة الإسلامية مفتوحة لكل المسلمين، ولا تثريب منها على التائبين من الردّة، ولو كانوا قتلوا من جنودها ألف ألف من المجاهدين، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1437 ه‍ـ
...المزيد

قصة انغماسي قتل وأصاب 20 مرتداً في ريف حلب الشمالي • النبأ - ولاية حلب - خاص تجهز الأبطال ...

قصة انغماسي قتل وأصاب 20 مرتداً في ريف حلب الشمالي

• النبأ - ولاية حلب - خاص

تجهز الأبطال وارتفعت هممهم، ولسان حالهم: «والله لنرين الله منا ما يحب، بإذن الله، فهو يرانا في هذه الساعة وينظر إلى أعمالنا، وما هي إلا إحدى الحسنيين إما نصر وإثخان بأذناب الصليب وعبيده وإما شهادة نُعذر بها أمام الله».

فانطلقت المجموعة نحو قرية قنطرة غرب بلدة الراعي في ريف حلب الشمالي بعد أن تمكنت فصائل صحوات الردة وبدعم بري ومدفعي تركي وإسناد جوي من طائرات التحالف الصليبي من السيطرة عليها في وقت سابق، وبعد اشتباكات مع الصحوات منّ الله على المجاهدين باستعادة السيطرة على القرية بعد فرار المرتدين منها. لتبدأ الطائرات والمدفعية بقصف مكثف على القرية بعد دخول المجاهدين إليها.

وهنا بدأت قصة الأخ الانغماسي الذي بقي في القرية وحيدا وأثخن في أعداء الله موقعا 20 مرتدا منهم بين قتيل وجريح.

(النبأ) التقت الأخ الانغماسي فحدّثها عن تفاصيل عمليته المباركة قائلا: «بعد أن انحازت المجموعة التي كانت معي قررت البقاء وحدي في القرية، ومضت عدة ساعات قبل أن يقترب المرتدون منها، فاخترت أحد المنازل وفخخت أبوابه الثلاثة واختبأت في حفرة فردية بجانب المنزل أرصد تحركات أعداء الله مستعدا ومنتظرا وصولهم».

دخلت فصائل صحوات الردة إلى القرية بأعداد كبيرة من العناصر والآليات والأسلحة الثقيلة، وبدؤوا تمشيط القرية منزلا منزلا، وبقي الأخ الانغماسي في حفرته الفردية من الساعة 11 ظهراً إلى الساعة 6 مساءً، دون أن يعلم المرتدون به، بفضل الله.

فظن عناصر الصحوات أن القرية خالية تماما من المجاهدين فباتوا يتحركون بأمان بعد أن كانت تحركاتهم بحيطة وحذر، يصيبهم الرعب والهلع بمجرد سماع صوت أي تحرك.

يضيف الأخ الانغماسي أنه وبعد أن حل الظلام سمع صوت إحدى آلياتهم تتحرك في مكان قريب منه، فخرج من مكانه لكنه تركها تمر دون أن يعترضها، لتعود بعد قليل إلى المكان نفسه محملة بالعديد من العناصر وتقف خلف مسجد القرية، فتسلل الانغماسي إلى داخل المسجد وراقب المرتدين ورصد تحركاتهم وهم يتلقون أوامر من شخص يبدو أنه المسؤول عنهم، إذ أرسل الآلية المزودة بالمدفع الرشاش إلى مكان آخر وبدأ يوزع مهام الرباط على العناصر الموجودين.

ويتابع الانغماسي: «وقبل أن يتفرقوا اقتربت منهم شيئا فشيئا حتى أصبحت على بعد 10 أمتار، وكان عددهم قرابة 15 مرتدا فنزعت -مستعينا بالله- صاعق القنبلة اليدوية التي كانت معي ورميتها عليهم فقُتل وأُصيب عدد منهم، فألحقتها بالقنبلة الثانية وسط حالة من الفوضى والصراخ في صفوفهم، ثم خرجت وأجهزت بسلاحي الرشاش على من بقي منهم».

وبعد أن أجهز الأخ الانغماسي على تلك المجموعة استقدم المرتدون مدفع 23 ملم وعددا من العناصر إلى الموقع، فاختار الأخ لحظة معينة وباغتهم بالهجوم بالقنابل اليدوية والسلاح الرشاش، فيسر الله له إعطاب المدفع وإصابة عدد من المرتدين.

استغل الانغماسي حالة الفوضى والارتباك التي عصفت بالمرتدين وقرر الانحياز من القرية بعد أن قتل وأصاب قرابة 20 مرتدا، فتسلل من منزل إلى آخر من بين نقاط العدو، حتى وصل إلى مناطق سيطرة جنود الدولة الإسلامية، ولله الحمد.

لتنتهي بذلك قصة من مئات القصص لعمليات انغماسية نفذها رجال صادقون، نحسبهم والله حسيبهم، مخلفين العشرات من القتلى والجرحى في صفوف العدو، تاركين وراءهم فرحة في قلوب الموحدين، وغصة ولوعة في قلوب المشركين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

بشّر الصابرين بأن نصر الله قريب لقد خلق الله تعالى العباد، وجعل سنة الابتلاء ماضية فيهم، حتى ...

بشّر الصابرين بأن نصر الله قريب

لقد خلق الله تعالى العباد، وجعل سنة الابتلاء ماضية فيهم، حتى يميز الخبيث من الطيّب، وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة، فلا تمكين إلا بعد تمحيص، ولا نصر إلا بعد شدة، ولا سرّاء إلا بعد ضرّاء.

والطريق إلى الله -عز وجل- وما أعد للمؤمنين فيه من جزيل عطاء، طريق باهض التكاليف، وهذه التكاليف لا يستطيع دفعها إلا المؤمنون حقا، المعلقة قلوبهم بالله وحده، الثابتون على نهج النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام، وهم الذين لم يفتنهم الرجال ولا الأسماء، طلبوا الحق فعرفوا أهله، وأهل الحق ليسوا من الذين ذاع صيتهم في الجهاد لعقود، ثم بعدت عليهم الشقة فانتكسوا وارتكسوا وباتوا اليوم من أهل الخذلان والجحود، وليسوا من الذين أفنوا أعمارهم بين المحابر والطروس، ولما صاح البشير أن دولة الإسلام قد قامت فهلّموا أتبعوا العلم بالعمل، ولوا مستكبرين، كأن في آذانهم وقرا.

يقول ابن قيم الجوزية -رحمه الله- واصفا الطريق إلى جنات الخلد: «أين أنت والطريق طريقٌ تَعِب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشر بالمنشار زكريا، وذُبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد» [الفوائد].

فإن كان هذا حال الأنبياء ومنهم أولو العزم -على نبينا وعليهم خير الصلاة وأزكى التسليم- لاقوا ما لاقوا في ذات الله -عز وجل- فصبروا وثبتوا، وأوذوا بسبب دعوتهم إلى التوحيد الخالص أيما أذية، فما وهنوا وما ضعفوا، فكيف بمن هم دونهم؟ ألا يُبتلون فيطهرون، ويُمحَّصون فيُخلِصون؟ وقد سئل الشافعي، رحمه الله: «أيّهما أفضل للرجل أن يمكّن أو يبتلى؟» فقال: «لا يمكّن حتى يبتلى» [الفوائد لابن القيم].

نعم؛ من لم تكن له بداية محرقة، لم تكن له نهاية مشرقة، ولا تمكين حتى تعظم الابتلاءات، وتضيق الحلقات، وتشتد الأزمات، لأن الموعود للصادقين والصادقات الجنة، الجنة التي يُرى فيها وجه الله، جل في علاه، أعلى النعم وأغلى الأمنيات، وهل يُدرك ذلك برغد الدنيا، ولذيذ العيش؟ بل قعصا بالرماح تحت ظلال السيوف؛ {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: 214]؛ يقول الطبري، رحمه الله: «فمعنى الكلام: أم حسبتم أنكم أيها المؤمنون بالله ورسله تدخلون الجنة، ولم يصبكم مثل ما أصاب من قبلكم من أتباع الأنبياء والرسل من الشدائد والمحن والاختبار، فتبتَلَوا بما ابتُلُوا واختُبِروا به من البأساء وهو شدة الحاجة، والفاقة، والضراء، وهي العلل، والأوصاب؛ ولم تزلزلوا زلزالهم، يعني: ولم يصبهم من أعدائهم من الخوف، والرعب شدة وجهد حتى يستبطئ القوم نصر الله إياهم، فيقولون: متى الله ناصرنا».

ولم يَخفَ ذلك عن هرقل ملك الروم إذ قال لأبي سفيان: «سألتك كيف كان قتالكم إياه فزعمت أن الحرب سجال ودول، فكذلك الرسل تُبتلى ثم تكون لهم العاقبة... الحديث» [متفق عليه]، فكيف يخفى عن الموحدين الظانين بالله ظن الخير؟!

وإن هذا الدين غال، والدعوة إلى التوحيد الخالص وإعلاء كلمة الله في الأرض تحتاج إلى تضحيات جسام، كتلك التي قدمها أصحاب الأخدود، الذين استأصل الطاغوت حينها شأفتهم، وأبادهم عن بكرة أبيهم، ولم يبق منهم أحد، وكانوا -من بَعد إيمانهم برب الغلام- يرون الكفار وهم يخدون الأخاديد ويضرمون فيها النيران ليقحموا فيها من يثبت ولا يرتد، غير أن ذلك لم يخدش إيمانهم، ولم يزحزحهم عن دينهم، حتى جاءت امرأة كانت تحمل صبيا وتتقاعس عن إلقاء نفسها في النار، فيقول لها صبيها مثبتا: «يا أمه اصبري فإنك على الحق» [متفق عليه].

وروى ابن أبي شيبة في مصنّفه: عن الحسن قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر أصحاب الأخدود تعوذ بالله من جهد البلاء».

وقد بوّب البخاري في صحيحه: «باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر»، وأخرج فيه عن خباب بن الأرت -رضي الله عنه- قال: «شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض، فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار فيُوضع على رأسه فيُشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)».
وللصراع بين الحق والباطل ثمن يدفعه المؤمنون، فقد قال الله تعالى: {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111]، وما أعظم تلك الدروس المنتقاة، والعبر المستقاة من غزوة أُحُد، تلك الغزوة التي لم يُقتل فيها وزير، أو أمير، أو قائد، واحد أو اثنان أو ثلاثة أو عشرة، بل قُتل فيها سيد الشهداء حمزة عم النبي -صلى الله عليه وسلم- في سبعين من خيرة الصحابة، رضي الله عنهم جميعا، يوم واحد يُقتل فيه هذا العدد من الرجال ويُمثّل بهم، وأي رجال؟ إنهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويوم أُحُد علا صوت الكفر، وانتفش ريش الكفرة وظنوا أن صولتهم تلك دائمة؛ «وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟ فقال: (لا تجيبوه)، فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: (لا تجيبوه)، فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال: إن هؤلاء قُتلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا؛ فلم يملك عمر نفسه، فقال: كذبت يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يخزيك؛ قال أبو سفيان: اعلُ هبل، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (أجيبوه)، قالوا: ما نقول؟ قال: (قولوا: الله أعلى وأجل)؛ قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (أجيبوه)، قالوا: ما نقول؟ قال: (قولوا الله مولانا، ولا مولى لكم)» [رواه البخاري].

إذا سيد منّا خلا قام سيد
قؤول لما قال الكرام فعولُ
وأيامنا مشهورة في عدوّنا
لها غُرر معلومة وحُجولُ

وهل المؤمنون اليوم أكرم على الله من ذاك الرعيل الأول الذين ابتلوا وزلزلوا زلزالا شديدا حتى بلغت القلوب الحناجر؟! ومن يظن أن فتح رومية والقسطنطينية يُدرَك بالكلام لا الكلوم، فهو مختلط موهوم!

ومن هنا يتبين أنه وأمام الابتلاء والتمحيص يصمد المؤمن الموحد، بإذن ربه، وينهار المنافق ومن في إيمانه وهن، فلا تبقى بعدها إلا الصفوة، أولئك الذين صُهر معدنهم ونُقّي من شوائب الدنيا وأدرانها، وحينها... حينها فقط يعلو في نفوسهم صوت الحق، وتأتيهم الإجابة فتنزل بردا وسلاما على قلوبهم: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، فواهاً ثم واهاً لذاك النصر وتلك الفتوح، وإنا لنجد ريح خلافتنا المباركة، وهي تعصف من مشارق الأرض إلى مغاربها، لولا أن يفندونا، فصبر جميل، والله المستعان.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين [2/2] وأما في العصر العباسي وفي ظل سعي عماد الدين زنكي ...

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين

[2/2]
وأما في العصر العباسي وفي ظل سعي عماد الدين زنكي لتوحيد بلاد المسلمين لمجابهة الصليبيين وطردهم من بيت المقدس، وبينما كان يحاصر دمشق ليتم بها ما عزم عليه، عمد أميرها «معين الدين» أنر لمراسلة الصليبيين مخوفاً إياهم من دخول زنكي دمشق، قال ابن الأثير: «فلما رأى أنر أن زنكي لا يفارقهم، ولا يزول عن حصرهم، راسل الفرنج، واستدعاهم إلى نصرته، وأن يتفقوا على منع زنكي عن دمشق، وبذل لهم بذولاً من جملتها أن يحصر بانياس ويأخذها ويسلمها إليهم، وخوفهم من زنكي إن ملك دمشق»، وقد فزع الفرنجة من ذلك لأن معناه إخراجهم من الشام بالكلية إن اجتمعت ممالك الإسلام تحت ظل الزنكيين، وهو ما حذرهم منه «معين الدين» أنر، ولذا سارعوا إلى نجدته، ففك زنكي الحصار عن دمشق، وبعد أن قدم الفرنجة وفّى لهم «معين الدين» أنر، وسار إلى بانياس مع النصارى ليحاصر قلعتها ومن بها من المسلمين، قال ابن الأثير: «فنازلها معين الدين، فقاتلهم، وضيق عليهم، ومعه طائفة من الفرنج، فأخذها وسلَّمها إلى الفرنج».
وهكذا تحققت مصلحتان للفرنج، أولاهما إبعاد خطر زنكي عن الصليبيين، والثانية أخذهم بلدا من بلاد المسلمين، ومع ذلك وبالرغم من قرب «معين الدين» أنر من الفرنج وما صنعه لأجلهم، إلا أنهم جمعوا حشودهم مع ملك الألمان وحاصروا دمشق سنة ثلاث وأربعين وخمسمئة، مما اضطر «معين الدين» أنر إلى الاستنجاد والاستغاثة بسيف الدين غازي بن زنكي، وهو ابن من استعان أنر بالنصارى عليه قبل سنين، ولكن هذا الأمير لبّى نداءه (رغم خيانة أنر السابقة)، وقدم لنجدة المستضعفين من عوام المسلمين، في دمشق مما دعا الفرنجة للانسحاب وعودة ملك الألمان إلى بلاده.

واستطاع نور الدين زنكي أن يأخذ دمشق بعد ذلك سنة تسع وأربعين وخمسمئة وأن يقضي على حكامها رغم محاولتهم من جديد الاستعانة بالصليبيين [انظر: الكامل في التاريخ].
وأما في عصر المماليك، فقد عمد ملك الكرك الملقب بـ «المغيث» عمر لمراسلة التتار ليعينهم على بلاد المسلمين، فيضمنوا له البقاء في كرسيه، إلا أنه فُضح وكُشفت مساعيه، قال ابن كثير: «ركب الظاهر [يقصد: بيبرس] من مصر في العساكر المنصورة قاصداً ناحية بلاد الكرك، واستدعى صاحبها الملك المغيث عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل، فلما قدم عليه بعد جهد أرسله إلى مصر معتقلا فكان آخر العهد به، وذلك أنه كاتب هولاكو وحثه على القدوم إلى الشام مرة أخرى، وجاءته كتب التتار بالثبات ونيابة البلاد، وأنهم قادمون عليه عشرون ألفا لفتح الديار المصرية، وأخرج السلطان فتاوى الفقهاء بقتله»، فكانت عاقبته العزل ثم القتل.

ولو نظرنا إلى زماننا هذا لوجدنا من أمثال هذه القصص الكثير الكثير، من أناس باعوا أنفسهم للصليبيين علانية، وآخرين ظنوا أن بإمكانهم الاستفادة منهم دون أن يخسروا دينهم فكان عاقبتهم أن مضوا في دركات التنازلات عن دينهم فلحقوا بالصنف الأول، وآخرين وقعوا فيما دون ذلك من الإقامة في ديارهم مذلّين مهانين.
وعلى المرء أن يجتهد في عداوة المشركين حتى يعصمه الله من هذه الفتن ويثبّته على الحق.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين [1/2] فرض الله على عباده موالاة المسلمين ومناصرتهم ...

مآل من استنصر بالكافرين على المسلمين

[1/2]
فرض الله على عباده موالاة المسلمين ومناصرتهم وأمرهم بمعاداة المشركين وقتالهم ولكن نجد في كثير من الأحيان من تختلط عندهم الموازين فيصبح الكافر قريبا محبّبا إليهم إذا حقق لهم المصالح بل يصبح أقرب إليهم من المسلمين فيستعينون بأهل الشرك على أهل التوحيد ويوالونهم عليهم في سبيل أن ينالوا لديهم الحظوة والمكانة، وفي التاريخ كثير من القصص التي فيها العبر لأناس وقعوا في مثل هذه الأمور وما دونها.

ففي عصر دولة بني أمية وبعد أن فشل عبد الرحمن بن الأشعث في خروجه على الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان مستخدما جيشه الذي كان قد رجع عن غزو بلاد الترك بعد صلح عَقَده مع ملكها وكان من قبل منّاه بأنه سيوقف قتاله ويرفع عنه الخراج أبدا قرر ابن الأشعث اللجوء لملك الترك نفسه خوفا من القتل على يد الحجاج قال ابن كثير: «ثم إن ابن الأشعث دخل هو ومن معه إلى بلاد رتبيل ملك الترك، فأكرمه رتبيل وأنزله عنده وأمّنه وعظّمه».

وإنك لتعجب من إكرام رتبيل لرجل كان بالأمس يحاربه وكاد أن يأخذ دياره ولكنه الكيد للإسلام والمسلمين، وهكذا استفاد رتبيل من لجوء ابن الأشعث إليه عبر اشتراطه شروطا تحفظ مصالح دولته مقابل تسليم ابن الأشعث للحجاج قال ابن كثير: «فأرسل إلى الحجاج يشترط عليه أن لا يقاتل عشر سنين، وأن لا يؤدِّي في كل سنة منها إلا مائة ألف من الخراج فأجابه الحجاج إلى ذلك»، وبعد تحقق هذه المصالح ما كان من ملك الترك إلا الغدر بمن لجأ إليه وأحسن فيه الظن، قال ابن كثير: «فعند ذلك غدر رتبيل بابن الأشعث فقيل إنه أمر بضرب عنقه صبرا بين يديه وبعث برأسه إلى الحجاج.. والمشهور أنه قبض عليه وعلى ثلاثين من أقربائه فقيّدهم في الأصفاد وبعث بهم فلما كانوا ببعض الطريق بمكان يقال له الرجح صعد ابن الأشعث وهو مقيد بالحديد إلى سطح قصر ومعه رجل موكل به لئلا يفر، وألقى نفسه من ذلك القصر وسقط معه الموكل به فماتا جميعا فعمد الرسول إلى رأس ابن الأشعث فاحتزه» وهذه نهاية من أحسن الظن بأهل الكفر وهرب ملتجئا إليهم، بعد أن كان وعدهم ومنّاهم ليسهل عليه خروجه على الخليفة، فكيف بمن تولى المشركين من الصليبيين وظاهرهم على المسلمين؟!

ومن أولئك الذين استعانوا بكفار الترك الحارث بن سريج الذي كان من أمره أنه زعم الدعوة إلى الكتاب والسنة بعد خروجه على الأمويين سنة ستة عشر ومائة، قال الطبري: «لما أقبل الحارث إلى بلخ وكان عليها التجيبي بن ضبيعة المري ونصر بن سيار... فدعاهم الحارث إلى الكتاب والسنة والبيعة للرضا»، ويقصد بذلك البيعة لرجل من آل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم.
واستمر الحارث في ثورته حتى احتاز بلاداً كثيرة رافعاً شعاره ودعوته، قال الطبري: «فأقبل الحارث إلى مرو، وقد غلب على بلخ، والجوزجان، والفارياب، والطالقان، ومرو الروذ»، ولكنه هزم بعد ذلك عدة هزائم منكرة، فلجأ إلى بلاد الترك مستعينا بملكهم على المسلمين، قال الطبري: «وكان الحارث بن سريج بناحية طخارستان فانضم إلى خاقان... فأصبح أسد [قائد جيش المسلمين] فصلى وخطب الناس وقال: إن عدو الله الحارث بن سريج استجلب طاغيته ليطفئ نور الله ويبدل دينه والله مذله إن شاء الله»، وجرت معركة حامية الوطيس كان الظفر فيها لأهل الإسلام وأذل الله فيها أهل الكفر ومن تولاهم من المرتدين، قال الطبري: «وعبى خاقان الحارث بن سريج وأصحابه وملك السغد وصاحب الشاش وخرابغره أبا خاناخره جد كاوس وصاحب الختل جبغويه والترك كلهم ميمنة... حتى انهزم الحارث والأتراك وحمل الناس جميعا، فقال أسد اللهم إنهم عصوني فانصرهم وذهب الترك في الأرض عباديد لا يلوون على أحد فتبعهم الناس مقدار ثلاثة فراسخ يقتلون من يقدرون عليه».
وبعد الهزيمة استقر المقام بالحارث بن سريج بدار الكفر مدة إحدى عشرة سنة تقريبا، إلى أن جاءه كتاب أمان من الخليفة يحثه على الرجوع إلى الإسلام وأهله، قال ابن كثير في البداية والنهاية: «وفي هذه السنة [127 هـ] خرج الحارث بن سريج الذي كان لحق ببلاد الترك ومالأهم على المسلمين فمنّ الله عليه بالهداية ووفقه حتى خرج إلى بلاد الشام، وكان ذلك عن دعاء يزيد بن الوليد إلى الرجوع إلى الإسلام وأهله فأجابه إلى ذلك».

ولكن كان القتل نهاية ابن سريج بعدما خرج مرة أخرى ثائرا، ومفرّقا جماعة المسلمين، ليزعم من جديد الدعوة إلى الكتاب والسنة، وهو الذي كان مناصراً للكفار على المسلمين قبل ذلك، قال ابن كثير: «وجاءه مسلمة بن أحوز أمير الشرطة وجماعة من رؤوس الأجناد والأمراء، وطلبوا منه أن يكف لسانه ويده، وأن لا يفرّق جماعة المسلمين، فأبى، وبرز ناحية عن الناس، ودعا نصر بن سيار إلى ما هو عليه من الدعوة إلى الكتاب والسنة فامتنع نصر من موافقته»، وبعد عدة مؤامرات من الغدر والبغي والخروج، قُتل الحارث بن سريج سنة ثمان وعشرين ومائة على أيدي أصحابه من البغاة [انظر: البداية والنهاية].


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 48
• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

حوار مع أمير ديوان الزكاة - كيف كان وضع الزكاة قبل تنظيم ديوان الزكاة لجبايتها وتوزيعها؟ تحت ...

حوار مع أمير ديوان الزكاة

- كيف كان وضع الزكاة قبل تنظيم ديوان الزكاة لجبايتها وتوزيعها؟

تحت حكم الطواغيت كان أغلب من يؤدي الزكاة من المسلمين يوزعها بنفسه على من يظنه مستحقا للزكاة، فيما كان قسم آخر يؤدون زكاتهم أو جزءا كبيرا منها إلى ما يسمى «الجمعيات الخيرية المستقلة»، وفي الحالتين كان هناك قصور كبير في أدائها.

فمن كان يؤديها بنفسه كان يضعها أحيانا في يد من لا يستحقها، كمن يعطيها للأغنياء من أقاربه وأصدقائه، وقليل من الناس من كان يعرف أحكام الزكاة، وفي أي الأموال تجب، وما نصاب كل نوع من المال، وغير ذلك من الأحكام الشرعية، لذلك كان قسم كبير من المال لا تخرج زكاته.

وإذا أتينا إلى ما يسمى بـ «الجمعيات الخيرية المستقلة» فقد وجدنا في عملها قصورا كبيرا، حيث كان يقتصر في الغالب على تقديم سلات غذائية، أو مبالغ مالية قليلة، بشكل منتظم أو غير منتظم، أو تقديم الخدمات الطبية، أو التعليمية للفقراء، وعلى العموم فقد كانت وارداتها المالية شحيحة لقلة ما يصلها من تبرعات أو أموال الزكاة والصدقات، بالإضافة إلى أن هذه الجمعيات كانت تعاني من الفساد حيث تسود المحسوبيات في توزيع المساعدات، كما تُنهب الكثير من الأموال من إدارات الجمعيات قبل أن تصل إلى الفقراء، كما أن كثيرا من مصارف هذه الجمعيات لم تكن تصلح كمصارف شرعية للزكاة.

ولو أخذنا مدينة الموصل كمثال، فقد كان فيها أكثر من 80 من هذه الجمعيات، ولكن لو نزلنا على الأرض ما هو حجم نشاطها؟ كان محدودا جدا.
ولكن عندما بدأنا العمل في ديوان الزكاة، رأى الناس الفرق بين ما كان سائدا، وبين الواقع الجديد.

فالكثير من الأغنياء عندما بدأنا جباية الزكاة كان يخفي زكاته أو يدفع جزءا قليلا منها إلينا، بحجة أنه يدفعها للفقراء الذين يعرفهم، كما فعل أحد التجار في ولاية حلب، فلما ذهب ليوزع زكاته على من كان يعطيهم في كل عام، وجد أن ديوان الزكاة قد أعطاهم أضعاف المبلغ الذي كان هو يريد إعطاءه لهم، فجاء إلى الإخوة في مركز الزكاة وأدى كامل زكاته لهم، وفوقها بذل من صدقة ماله لإيصالها للفقراء.

وكذلك الأمر مع من كان يأخذ من الجمعيات كانوا يعطونهم مبالغ زهيدة، فلما سجلوا في ديوان الزكاة وأخذوا مستحقاتهم وجدوها مبالغ كبيرة جدا مقارنة بما سبق، فأقوى الجمعيات في الموصل مثلا كان أقصى ما تعطيه للأسرة الفقيرة 25.000 دينار، أما ما يقدمه الديوان اليوم –ولله الحمد- فهو يصل أحيانا إلى 200.000 دينار للأسرة الواحدة بحسب حجمها واحتياجاتها، فالفرق كبير جدا كما ترى، وهذا بفضل الله، وسببه أن إمكانات الديوان كبيرة، بسبب جباية الزكاة، وكذلك ما نسعى إليه من حصر توزيعها على المستحقين، وحمايتها من أيادي المتلاعبين واللصوص.

- لو تحدثنا عن آلية توزيع الزكاة؟
بالنسبة إلى عملية التوزيع، فأول مراحلها تسجيل الفقراء والمساكين وإحصاؤهم، وذلك عن طريق مراكز الزكاة والمساجد، فكل فقير يسجل اسمه وعنوانه لدى إمام المسجد في الحي الذي يسكنه، أو يقوم أحد من المسلمين بإبلاغ الإمام عن حال هذا الفقير، إن كان متعففا، ثم تخرج لجنة لدراسة كل حالة على الواقع، وتحديد مدى استحقاقها للزكاة، وحجم حاجتها في حال استحقاقها، وبعد ذلك يُرفع الأمر لمركز الزكاة، ويعطى المستحق للزكاة بطاقة يستلم زكاته على أساسها.
وفي كل رأس شهر تنطلق لجان من مراكز الزكاة لتوزيعها في المساجد على المستحقين، فيستلم كل مستحق ما قُدِّر له من مال، وهكذا الأمر في كل شهر، وقد يتفاوت مقدار ما يستلمه المستحق بين شهر وآخر بحسب ما يتوفر في بيت مال الزكاة من أموال مجبية.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من حوار مع أمير ديوان الزكاة (2)
...المزيد

حوار مع أمير ديوان الزكاة - أصدرتم تعميما حول موضوع أداء الزكاة، تبينون فيه أهمية هذه الشعيرة ...

حوار مع أمير ديوان الزكاة

- أصدرتم تعميما حول موضوع أداء الزكاة، تبينون فيه أهمية هذه الشعيرة وتحذرون من عدم أدائها، فما سبب إصدار هذا التعميم؟

إن عدم أداء بعض الأغنياء زكاتهم منكر عظيم، وكبيرة من الكبائر، كما أنه يترتب على هذه المعصية عذاب كبير في الآخرة، وهو نار جهنم، أعاذنا الله وإياكم منها، فإن الشريعة قد فرضت على من لا يؤديها عقوبة في الدنيا هي من جنس عمله، ومضادة لقصده، وذلك بأن تؤخذ منه الزكاة، وفوق الزكاة يؤخذ منه شطر ماله، أي نصفه، لقوله عليه الصلاة والسلام: (من أعطاها مؤتجرا فله أجره، ومن منعها فإنا لآخذوها وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا ينال آل محمد منها شيء) [رواه أحمد]، ومن امتنع عن أدائها بالسيف قوتل ردة حتى يتوب إلى الله، وذلك فعل الصحابة -رضوان الله عليهم- مع المرتدين من قبائل العرب التي امتنعت عن أداء الزكاة لخليفة المسلمين أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فقال فيهم: «والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه».

وبناء على ذلك أصدر الديوان تعميما جديدا لتذكير الناس بما عليهم من حق لرب العالمين، وتخويفهم من عذاب الله لمن امتنع عنها، ولعظيم فضل من أداها بحقها، وكذلك تضمّن التعميم، توضيحا أن الديوان سيُعزّر من أخفى حقيقة ماله وتلاعب في أداء زكاته، ومن ثبت عدم أدائه لها تؤخذ منه مع شطر ماله، أي نصفه، طاعة لأمر الله تعالى، واتباعا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتحصيلا لحق مستحقي الزكاة في أموال الأغنياء، هذا من جانب.
ومن جانب آخر فإن من يثبت لدينا أنه أخذ من مال الزكاة مستخدما الكذب والخداع، وتبين لنا أنه كان غير مستحق لها، أو من استمر في أخذ الزكاة بعد أن أغناه الله وخرج من زمرة مستحقيها، فإن عقوبته في الدنيا أن يسترد منه ما أخذ، ويُعاقب بما يستحق.

أما عقوبته في الآخرة، فهي عقوبة من يأكل المال الحرام، وعقوبة من يسأل الناس من غير حاجة كما في حديث مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من سأل الناس أموالهم تكثّرا فإنما يسألهم جمرا فليستقل أو ليستكثر)، أي معناه أنه يعاقب بالنار أو أن الذي يأخذه يصير جمرا يكوى به، كما قال شُراح الحديث.

- كيف يتم معاقبة من لا يؤدي الزكاة في الواقع؟
من مكننا الله من كشف عدم أدائه للزكاة أو تلاعبه في ذلك عاقبناه، وتحضرني حالتان على الأقل إحداها في الموصل والأخرى في الرقة تم فيهما شطر مال اثنين لم يؤديا زكاة مالهما، كما تم تعزير العديد ممن أخفى حقيقة ماله، أو تلاعب بالزكاة بتغيير المال، أو الغش فيما يعطي وما شابه.
كما كشف الله لنا العديدين ممن أخذ من مال الزكاة من غير حاجة، أو أخذ منه فوق حقه عن طريق الخداع، فتم استرداد المال منهم، وتعزيرهم.
- هل هناك كلمة أخيرة توجهها للمسلمين عموما؟
أريد انتهاز هذه الفرصة لأذكر المسلمين عموما بأداء ما عليهم من الزكاة، فهي حق للفقير والمسكين، وليتذكر كلٌّ منهم أنه لو افتقر لودّ أن هناك من يعيله ويعينه، فليتَّقِ الأغنياء الفقر بالزكاة، فما نقص مال من صدقة.

وإن التأخر عن أداء الزكاة يعرّض المسلمين كلّهم لخطر عظيم، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (ولم يمنعوا الزكاة إِلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمْطَروا) [أخرجه الحاكم وصححه]، ونحن الآن في موسم الحصاد، فلا يتأخرن أحد من المسلمين عن أداء زكاته فيعرض نفسه لعذاب الآخرة، وللعقاب في الدنيا. والحمد لله رب العالمين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من حوار مع أمير ديوان الزكاة (2)
...المزيد

حوار مع أمير ديوان الزكاة - لماذا يكون التوزيع في رأس الشهر؟ ولماذا في المساجد؟ الأصل في ...

حوار مع أمير ديوان الزكاة


- لماذا يكون التوزيع في رأس الشهر؟ ولماذا في المساجد؟

الأصل في الزكاة أن توزع بعد جبايتها فورا، ولكن الناس اليوم اعتادت أن تدير أمورها بشكل شهري، فإيجارات المنازل، والديون، بل وحتى الإنفاق، الناس تديره بشكل شهري، لذلك كان الاجتهاد أن يكون التوزيع على هذا الأساس ليستفيد المستحقون من أموالهم بشكل أفضل.

وبناء على ذلك فإن كل ما يجبى خلال أي شهر من الشهور يتم توزيعه خلال الشهر نفسه، إلا أن يكون المال غير نقدي، فيتم توزيعه بعد تحويله إلى نقد للتسهيل على المستحقين، ولا يُدَّخر في بيت مال الزكاة سوى جزء قليل مما يوزع في غير أسهم الفقراء والمساكين.

أما اختيار المساجد مكانا للتوزيع، فذلك عائد لأسباب عديدة، منها أن هذا سنة نبينا، عليه الصلاة والسلام، أنه كان إذا جاءه مال الصدقة جمع الناس في المسجد ووزعها عليهم، ومنها أننا نريد أن نعيد للمسجد مكانته في الإسلام، فمسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- كان مركزا لإدارة مختلف شؤون دولته، وكذلك كان حال خلفائه من بعده، وكذلك فإننا نريد أن نرفع عن الفقير الحرج عند استلامه لحقّه، فهو يأخذ حقّه من بيت الله، لا من عتبات بيوت الأغنياء، هذا فضلا عما يترافق مع تسليم الزكاة من محاضرات دعوية، ودروس شرعية يتلقاها المستحقون للزكاة.

وبالإضافة لذلك فإن المسجد هو المكان الطبيعي لاجتماع المسلمين، فبحضورهم إلى الصلوات في أيام توزيع الزكاة يشاهدون بأعينهم إيصال الزكاة لمستحقيها، وبذلك يطمئن من يؤديها، ويعرف من يستحقها بوجودها فيطلب حقه منها.

- ما هي الآثار التي لمستموها على حال الرعية بعد قيام ديوان الزكاة بهذه الفريضة؟

تكلمنا في الجلسة الماضية أن أهم آثار الزكاة، هو إقامة الدين، وتأكيد طاعة رب العالمين، ولكن كما كل أمر فيه طاعة لله، يكون له بالإضافة للثمرات الأخروية ثمرات طيبة في الدنيا تنعكس على واقع الناس، كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حدّ يقام في الأرض خير من مطر أربعين صباحا) [رواه ابن حبان]، وكذلك الزكاة فإن لها الكثير من الآثار الطيبة على واقع الناس، وعلى رأسهم الفقراء والمساكين، حيث تمكنا بفضل الله من كفالة أكثر 100.000 من الأُسَر التي ليس لها من معين إلا الله، حيث يصلها حقها من مال الزكاة بشكل دوري، فوفرنا لهم جزءا كبيرا من احتياجاتهم، وكذلك وقيناهم من الانحراف نحو المعاصي أو الردة والعياذ بالله، فالمشركون اليوم يحاولون إغراء الناس بالمال ليوقعوهم في الكفر بتجنيدهم في جيوش الردة، أو الصحوات، أو توظيفهم جواسيس، هذا فضلا عن كثير من التائبين ممن كانوا في صفوف طوائف الردة تلك، حيث لم تبقَ لهم رواتب بعد التوبة، فقدمنا لهم ما نستطيع بعد أن صاروا بحكم المستحقين للزكاة.
بل وحتى الأغنياء ينالهم جانب من بركة الزكاة، فالمستحقون للزكاة ينزلون بأموالهم إلى الأسواق ويشترون احتياجاتهم فينعشون حركة التجارة فيها، وكميات الأموال التي تضخ شهريا في الأسواق من هذا الباب ليست هينة، بفضل الله، وكذلك فإن في كفاية الفقراء تحصينا لهم من التعدي على أموال الأغنياء بالسرقة أو الإتلاف، طمعا أو حسدا.

وبالمحصلة لو نظرنا نظرة عامة لوجدنا أن الرعية كلها مستفيدة -بفضل الله- من أداء الزكاة، ونيل الفقراء لحقوقهم في أموال الأغنياء.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
الثلاثاء 17 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من حوار مع أمير ديوان الزكاة (2)
...المزيد

اليهود داخل معركة الأحزاب لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا ...

اليهود داخل معركة الأحزاب


لم تتحرك الروم لقتال النبي عليه الصلاة والسلام إلا بعد أن تيقنوا من عجز قبائل العرب عن هزيمته، وتأكّدهم من أن النظام الذي ارتضوا هم وأعداؤهم الفرس بقاءه سائدا في جزيرة العرب لقرون آيل للسقوط، وسيقوم مكانه نظام جديد لا يعرض هيمنتهم على تلك الصحاري للخطر فحسب، بل سيهددهم في عقر دورهم أيضا، فكانت تحركاتهم الأولى للقضاء على هذا الخطر في مؤتة وتبوك، وكان تهديدهم الآخر في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي تراجعوا عن إنفاذه بعد أن ظنوا أن ردّة الأعراب ستكفيهم مؤونته، فخاب سعيهم وكان ما كان للإسلام من عز وتمكين بفضل الله وحده.

واليوم لم تحزم أمريكا الصليبية أمرها بالعودة لقتال الدولة الإسلامية بعد أن فرت من نزالها قبل سنوات خشية الهلاك إلا بعد أن تيقنت من عجز المرتدين عن هزيمتها ودرء خطرها الذي بات لا يهدد فحسب نظام سايكس – بيكو الذي صاغوه منذ قرن من الزمن لإدارة بلدان المسلمين، بل بات يهددهم في عقر دورهم بإعلان الدولة الإسلامية الصريح أن جهادها لن يتوقف - بإذن الله – حتى يخضع العالم كله لشرع الله.

ولذات السبب خرج اليهود اليوم لقتال الدولة الإسلامية، وما أخرجهم إلا يقينهم بخطر داهم بات يتهدّدهم، وهم الذين وصفهم الله عز وجل أنهم لا يقاتلون المسلمين (إلا في بروج مشيّدة أو من وراء جدر)، فانهيار دويلات سايكس – بيكو التي كان من وظائفها حماية دولة اليهود، والاقتراب الكبير لمجاهدي الدولة الإسلامية من حدودها، وخشيتها من انتشار منهجها بين المسلمين المستضعفين داخل تلك الحدود، والعجز الظاهر للدول الصليبية الحامية لليهود عن حسم المعركة معها، كلها أسباب تبرر للدولة اليهودية أن لا تقعد ساكنة إزاء هذا الخطر.

ولم يعد كافيا للحكومة اليهودية وجيشها وأجهزة مخابراتها الاقتصار على تقديم الدعم لأنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية المحيطة بها، لعجز هذه الأنظمة عن استثمار هذا الدعم في تحقيق انتصار على الدولة الإسلامية، فانطلق اليهود ليخوضوا حربهم الخاصة ضدّها، قصفا بالطائرات، واستطلاعا بالمسيّرات، وبثا للجواسيس والعيون، وخاصة في سيناء التي يخوض مجاهدوها حربا ضد جيش الطاغوت السيسي تحت قصف الطيران اليهودي لم تغن عنهم شيئا، وفي ولايات الشام التي تخوض أجهزتها الأمنية حربا مع جواسيس اليهود وعيونهم، لنا فيها الغلبة بحمد الله.

هذه الحرب وإن كانت في بداياتها فإنها – بحمد الله – مؤشر جيد على إمكانية حدوث المزيد من التورط لجيش اليهود فيها، وذلك بتسارع وتيرة الانهيار في أنظمة دويلات سايكس – بيكو الطاغوتية، وفشل الحملة الصليبية على الدولة الإسلامية، والقضاء التام على مرتدي الصحوات، وفصائل الفرقة والشتات.
إن هذه المعركة بالنسبة لليهود لن تكون – بإذن الله – كباقي معاركهم التي خاضوها ضد الأنظمة الطاغوتية، والحركات العلمانية القومية والشيوعية، ولا كمعاركهم مع الفصائل الديموقراطية المنتسبة للإسلام زروا، إذ كل تلك المعارك كانت تجري في إطار قواعد «النظام الدولي» الطاغوتي، فكانت حدود الصراع واضحة المعالم لكل الأطراف، ومن يتجاوزها يعرض نفسه للعقاب، في حين أن الدولة الإسلامية بفضل الله كافرة بهذا «النظام الدولي»، محاربة لكل الطواغيت القائمين عليه، وعلى رأسهم الدول الصليبية الحامية لدولة اليهود، وليس لصراعها مع أعدائها حدود إلا التي فرضها الله عز وجل على المسلمين في جهادهم بأن يخضع المشركون لحكم الإسلام فيهم، وكل الأرض ساحة لجهادها، وكل المسلمين جنود محتملون في جيشها، وكل المشركين المحاربين في الأرض ومنهم اليهود أهداف مشروعة لها.

إن الدولة الإسلامية – بفضل الله – ليست دولة شعارات، ولكنها دولة عزيمة وتوكل على الله، وكل تهديد ووعيد من قادتها لليهود إنما هو من حسن الظن بالله عز وجل أن يمكّنهم منه، فكما قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله من قبل، أنه ومن معه يقاتلون في العراق وعيونهم على بيت المقدس، وكما قال أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي تقبله الله لليهود من قبل، فإن المسلمين قادمون لقتالهم من العراق والشام واليمن وخراسان ومغرب الإسلام وإفريقية والقوقاز، ومن كل مكان، وإننا لن نزيد على ما قال مشايخنا من قبل شيئا، ولكننا – بحمد الله- على تحقيق ما وعدوا أقدر، ومن أرض الصراع مع اليهود أقرب.

فليقصف اليهود بطائراتهم، فليست علينا بأشد من طائرات الصليبيين وقد صبّرنا الله عليها، وليبعثوا بجواسيسهم وعيونهم فسيفضحهم الله ويمكننا من رقابهم، وليدعموا دويلات سايكس - بيكو الطاغوتية، فستكون أموالهم التي أنفقوا حسرة عليهم، وبإذن الله سيغلبون، ثم إلى جهنم يحشرون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقال:
اليهود داخل معركة الأحزاب
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة - أم المؤمنين خديجة بنت خويلد تثبت رسول الله: ويزداد هذا الواجب ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة

- أم المؤمنين خديجة بنت خويلد تثبت رسول الله:

ويزداد هذا الواجب في زوجات المجاهدين وأمهاتهم وأخواتهم، أن يكنّ لهم ظهورا في بيوتهم وأهلم، يحمينها من إرجاف المرجفين، وكلام المنافقين، فلا يقلن لهم من الكلام إلا ما يثبت الأقدام ويربط القلوب، وإن من أروع قصص النساء المؤمنات في هذا الجانب قصة أمّ المؤمنين خديجة -رضي الله عنها وأرضاها- في تثبيتِ زوجِها النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ ، إذ يفزع إليها يوم أتاه جبريل أوّل مرّة وهو في الغارِ يتعبّدُ: («زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ...) [متفق عليه]، وكانت أول المؤمنين بدعوته من النساء، وظلت تشد من أزره وتقويه من عزيمته حتى توفاها الله، وبقيت محبّتها في قلب رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمّ شاهدة على عظم ما قامت به، حتى قال فيها عليه الصلاة والسلام: (قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ) [مسند أحمد].


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

* أمير ديوان الزكاة (نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين) موضحا لكثير من ...

* أمير ديوان الزكاة
(نسأل الله أن يعيننا حتى نكفي حاجة كل فقراء المسلمين)

موضحا لكثير من الجوانب عن فريضة الزكاة واداءها في الدولة الإسلامية.
ومبينا حقيقة العلاقة بين ديوان الزكاة وغيره من دوواينها.
وكاشفا لكيفية توزيع أسهم الزكاة على المستحقين.

- الدولة الإسلامية في حرب مع دول الشرك كلها، ألم يكن ممكنا تأجيل تطبيق الزكاة حتى الانتهاء من هذه الحرب؟


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد
لقد شرع الله عز وجل الجهاد في سبيل الله لإقامة الدين، وجعل الزكاة من شروط التمكين الشرعي، قال تعالى (الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)، فنحن لم نجاهد لمجرد الاستيلاء على الأرض، وامتلاك السلطة فيها، وإنما لنقيم فيها دين الله.

والمجاهدون إنما يرابطون على الجبهات ويبذلون دماءهم هناك وهم حريصون أن يروا شريعة الله تقام في الأرض التي يفتحونها كاملة غير منقوصة.

ونحن بإذن الله ما إن يمكننا الله من قطعة من الأرض مهما صغرت، ولو لفترة محدودة، فإننا سنطبق شرع الله فيها، فنقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ولله عاقبة الأمور.

- وهل جباية الزكاة وتوزيعها من تطبيق الشريعة؟ الكثير من الناس يظنون أن ذلك ينحصر بفتح المحاكم التي تحكم بشرع الله، وتقيم الحدود على الجناة؟

كل ما بلغنا به رسول الله عليه الصلاة والسلام هو من شريعة الله، فما بالك بالزكاة التي هي أحد أركان الإسلام، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديث جبريل المشهور (الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)، فالمحاكم قد تمر عليها فترات طويلة دون أن تقضي في قضية واحدة إذا لما ترفع إليها خصومة، والحدود قد لا تقام لشهور أو سنوات إذا انصلح الناس ولم ينتهكوا حدود الله، ولكن الزكاة تقام في كل حال ما دام هناك أغنياء لديهم مال يتجاوز النصاب.
- ولماذا لا تتركون الناس يدفعون زكاة أموالهم بأنفسهم للفقراء؟ لماذا يتولى ديوان الزكاة مهمة جباية الزكاة من الأغنياء وأداءها للفقراء؟
لأن هذا هو الأصل في أداء الزكاة، أن يؤدي الأغنياء الزكاة للإمام، ويتولى هو ردّها على الفقراء، قال تعالى لإمام المسلمين عليه الصلاة والسلام (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها)، وفي وصيّة النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن (فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس) فالنبي عليه الصلاة والسلام يأمر عامله أن يأخذ الزكاة من غنيهم ويردّها على فقيرهم، وكذلك لنا في فعل الصحابة سنّة حسنة، حيث قاتل الصحابة رضوان الله عليهم مانعي الزكاة لأنهم رفضوا أداءها، ولم يقروهم على أدائها بأيديهم، حتى قال أبو بكر رضي الله عنه (والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)، ومن كل ذلك يتبين أن أخذ الزكاة من الأغنياء وأداءها للفقراء إنما هو من مهام الإمام الذي هو خليفة المسلمين، أو من ينوب عنه في ذلك، وفي حال وجوده وتمكنه من أخذ الزكاة، فلا يجوز الافتئات عليه بالتصرف فيها.

وفي الدولة الإسلامية يقوم ديوان الزكاة نيابة عن أمير المؤمنين حفظه الله بالقيام على هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام.

والجانب الآخر الذي يزيد من فرضية إشراف الديوان على أخذ الزكاة وأداءها هو كثرة الفقراء في أراضي الدولة الإسلامية وقلة الأغنياء، وخاصة بسبب الحرب وما تفرضها من تهجير للمسلمين وتدمير لممتلكاتهم وتعطيل لأشغالهم، وذلك إعراض الكثير من أغنياء المسلمين عن أداء زكاتهم كما ينبغي، فالبعض لا يؤدي زكاته إطلاقا، والبعض الآخر يؤخرها عن وقتها، وآخرون لا يؤدون كل ما عليهم منها، وهذا ما يحرم الفقراء من أخذ حقهم الذي كتبه الله لهم في أموال الأغنياء، لذلك يجتهد ديوان الزكاة في تحصيل هذا الحق بكل وسيلة مشروعة، من أجل إيصاله للفقراء، ومن أجل ضمان قيام المسلمين بهذه الفريضة.

فإذا وجد الإمام أن حاجة الفقراء والمساكين قد تم سدّها من أموال الزكاة أو من سواها، وأن المسلمين يؤدون هذه الفريضة، وأجاز لهم أداءها بأنفسهم وكلاء عنه، فعند ذلك يجب على من ملك النصاب أن يؤديها بنفسه إلى من يحتاجها، ونسأل الله أن يكون هذا اليوم قريبا، فيتحقق فينا وصف حال الأمة في آخر الزمان أن يطوف المسلم بصدقته فلا يجد من يأخذها منه.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من:
حوار مع أمير ديوان الزكاة
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً