من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ...

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أمابعد :

فإن سيرة النبى ﷺ هى النبع الصافى الذى يجد فيه كل باحث عن الأخلاق الحسنة مايروى ظمأه ، ويريح قلبه ، وهى المعين الذى لاينضب والفيض الذى لاينقطع .

شملت هذه السيرة كل الأخلاق الفاضلة التى دعا إليها الأنبياء والمصلحون، وحلم بها الفلاسفة والمفكرون ، فلا تجد صفة كمال إلا وفى سيرة النبى ﷺعشرات المواقف العظيمة التى لاتجدها فى سيرة غيره ولو كان من الأنبياء فضلا عن أن يكون من الدعاة والمصلحين .

ولو أردنا أن نتتبع مواقف النبل والشرف فى سيرة النبى ﷺسيهولنا كثرة المواقف فى سيرته ﷺ.

فمن مواقف نبله ﷺ :

أنه كان مع علو قدره وعظيم شرفه يتواضع لأصحابه ، فيجلس معهم كأحدهم ، حتى يأتى الغريب فلا يعرفه أيهم هو حتى يسأل أيكم محمد بل من عظمته ونبله ﷺ أنه كان يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد .

أرأيتم نبلا كهذا النبل ؟ إن النبى ﷺ كان من اشرف بيت من بيوت العرب ولو شاء أن يفخر بانتمائه إليه لما أنكر أحد عليه ،ثم نبوته ورسالته التى لا مكانة فوقها ، لكن النبى ﷺلم يفخر على أحد بل تواضع حتى جلس جلسة العبد وأكل كما يأكل العبد .

ولما أتى إليه رجل فجعل ترعد فرائصه قال له النبى ﷺهون عليك فإنى لست بملك أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ، إنه يخفف من الهيبة التى ألقيت فى قلب الرجل حتى كادت تهلكه ، ولا يدع الرجل تتملكه الهيبة حتى تذهب بعقله .

ومن مواقف نبله وشرفه ﷺ ماورد أنه ﷺلمانسجت له امرأة من أصحابه بردة وجاءت يها إليه فأهدتها إليه ، فلبسها النبى محتاجا إليها ، فقال رجل من أصحابه : ما أجمل هذه البردة أكسنيها ، فقال النبى ﷺ أفعل ، فقام فخلعها ثم أعطاها للرجل .

فانظر إلى قول الراوى : لبسها محتاجا إليها ، فرسول الله كان محتاجا لها ، ومع ذلك يؤثر صاحبه بها ، ويقدمه على نفسه ، هذا لعمرى أعظم النبل والشرف ، أن تمنح غيرك ماتشتد حاجتك إليه ، هذا فى دنيا الناس قليل ، بل ربما يكون معدوما .

ومن مواقف نبله ﷺ ماورد أن جابربن عبدالله رأى مايعانيه النبى ﷺ من الجوع وهو يحفر الخندق ، فاستأذن رسول الله فى الذهاب إلى بيته وأمر زوجته أن تعد طعاما فأعدت طعاما قليلا لا يكفى إلا لرجلين أوثلاثة فجاء جابر فأسر إلى رسول الله ﷺ وطلب منه أن يأتى وينتقى رجلين أو ثلاثة ، فصاح النبى فى أهل الخندق : ياأهل الخندق لقد صنع لكم جابر طعاما فقاموا جميعا مع رسول الله فأكلوا.

فهنا نرى النبى ﷺ يأبى أن يستأثر بالطعام دون أصحابه ، ولو فعل لكان له عذر ، إذ أن صاحب الدار قد خصه بالدعوة ومعه رجلين أوثلاثة فقط ، والمدعو إلى دار غيره لايملك أن يصرف الأمور فى دار غيره كما يفعل فى داره ، فلو قام النبى وحده لما لامه أحد(وحاشاه ) على فعله فله فى فعله لو فعله حجة قوية ، لكن النبى ﷺ يدعوا أصحابه ، ليأكلو كما سيأكل هو ، وهذه من أمارات عظمته ﷺ .

وأيضا قد ورد فى صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: «وَهَذِهِ؟» لِعَائِشَةَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يتدافعان حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ .

فهذا الجار الفارسى قد صنع لرسول الله طعاما وأراد أن يختصه به ، وطعام الرجل شهى ، وربما تتوق نفس عائشة إليه ، أوربما لم يكن فى بيت عائشة طعام ، أيتركها رسول الله ويذهب إلى طعام تتوق نفسه ونفسها إليه ، لا يفعل رسول الله ذلك ، بل يرفض الدعوة مرارا من أجل عائشة رضى الله عنها .

إن الرجل النبيل هوالذى لايترك صاحبه حينما تبتسم له الدنيا ، وحينما تعرض له الأطماع .

أين المسلمون اليوم من خلق النبل ؟

إن المسلمين اليوم بمبعدة عن خلق النبل والشرف ، فلاهم يتواضعون ولاهم يؤثرون ، ولاهم فى مواقف الطمع لغيرهم يذكرون .

إن المسلمين اليوم يفهمون الإسلام على أنه مجموعة من العبادات تؤدى آليا كما تؤدى الآلة عملها دون أ ن يكون لما تعمله أثر عليها فى تغيير باطنها .

إن الدين ليس عبادة لله فقط وإنما معاملة لغيرك من المسلمين وغير المسلمين حتى الحيوانات والدواب ، حتى الطيور السارحة فى جو السماء

يوم أن يتقن المسلمون ذلك سيتغير وجه الحياة ، وستتغير نظرة الناس للعالم الإسلامى .

إن المسلم النبيل يتواضع وهو عظيم ، ويؤثر وهو محتاج ، ويذكر أحبابه وإخوانه حين تبتسم له الحياة ، فيمنحهم رفده ، ويؤثرهم بمعروفه .

أسأل الله عزوجل أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق ، وأن يصرف عنا سيئها .
...المزيد

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ...

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أمابعد :

فإن سيرة النبى ﷺ هى النبع الصافى الذى يجد فيه كل باحث عن الأخلاق الحسنة مايروى ظمأه ، ويريح قلبه ، وهى المعين الذى لاينضب والفيض الذى لاينقطع .

شملت هذه السيرة كل الأخلاق الفاضلة التى دعا إليها الأنبياء والمصلحون، وحلم بها الفلاسفة والمفكرون ، فلا تجد صفة كمال إلا وفى سيرة النبى ﷺعشرات المواقف العظيمة التى لاتجدها فى سيرة غيره ولو كان من الأنبياء فضلا عن أن يكون من الدعاة والمصلحين .

ولو أردنا أن نتتبع مواقف النبل والشرف فى سيرة النبى ﷺسيهولنا كثرة المواقف فى سيرته ﷺ.

فمن مواقف نبله ﷺ :

أنه كان مع علو قدره وعظيم شرفه يتواضع لأصحابه ، فيجلس معهم كأحدهم ، حتى يأتى الغريب فلا يعرفه أيهم هو حتى يسأل أيكم محمد بل من عظمته ونبله ﷺ أنه كان يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد .

أرأيتم نبلا كهذا النبل ؟ إن النبى ﷺ كان من اشرف بيت من بيوت العرب ولو شاء أن يفخر بانتمائه إليه لما أنكر أحد عليه ،ثم نبوته ورسالته التى لا مكانة فوقها ، لكن النبى ﷺلم يفخر على أحد بل تواضع حتى جلس جلسة العبد وأكل كما يأكل العبد .

ولما أتى إليه رجل فجعل ترعد فرائصه قال له النبى ﷺهون عليك فإنى لست بملك أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ، إنه يخفف من الهيبة التى ألقيت فى قلب الرجل حتى كادت تهلكه ، ولا يدع الرجل تتملكه الهيبة حتى تذهب بعقله .

ومن مواقف نبله وشرفه ﷺ ماورد أنه ﷺلمانسجت له امرأة من أصحابه بردة وجاءت يها إليه فأهدتها إليه ، فلبسها النبى محتاجا إليها ، فقال رجل من أصحابه : ما أجمل هذه البردة أكسنيها ، فقال النبى ﷺ أفعل ، فقام فخلعها ثم أعطاها للرجل .

فانظر إلى قول الراوى : لبسها محتاجا إليها ، فرسول الله كان محتاجا لها ، ومع ذلك يؤثر صاحبه بها ، ويقدمه على نفسه ، هذا لعمرى أعظم النبل والشرف ، أن تمنح غيرك ماتشتد حاجتك إليه ، هذا فى دنيا الناس قليل ، بل ربما يكون معدوما .

ومن مواقف نبله ﷺ ماورد أن جابربن عبدالله رأى مايعانيه النبى ﷺ من الجوع وهو يحفر الخندق ، فاستأذن رسول الله فى الذهاب إلى بيته وأمر زوجته أن تعد طعاما فأعدت طعاما قليلا لا يكفى إلا لرجلين أوثلاثة فجاء جابر فأسر إلى رسول الله ﷺ وطلب منه أن يأتى وينتقى رجلين أو ثلاثة ، فصاح النبى فى أهل الخندق : ياأهل الخندق لقد صنع لكم جابر طعاما فقاموا جميعا مع رسول الله فأكلوا.

فهنا نرى النبى ﷺ يأبى أن يستأثر بالطعام دون أصحابه ، ولو فعل لكان له عذر ، إذ أن صاحب الدار قد خصه بالدعوة ومعه رجلين أوثلاثة فقط ، والمدعو إلى دار غيره لايملك أن يصرف الأمور فى دار غيره كما يفعل فى داره ، فلو قام النبى وحده لما لامه أحد(وحاشاه ) على فعله فله فى فعله لو فعله حجة قوية ، لكن النبى ﷺ يدعوا أصحابه ، ليأكلو كما سيأكل هو ، وهذه من أمارات عظمته ﷺ .

وأيضا قد ورد فى صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: «وَهَذِهِ؟» لِعَائِشَةَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يتدافعان حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ .

فهذا الجار الفارسى قد صنع لرسول الله طعاما وأراد أن يختصه به ، وطعام الرجل شهى ، وربما تتوق نفس عائشة إليه ، أوربما لم يكن فى بيت عائشة طعام ، أيتركها رسول الله ويذهب إلى طعام تتوق نفسه ونفسها إليه ، لا يفعل رسول الله ذلك ، بل يرفض الدعوة مرارا من أجل عائشة رضى الله عنها .

إن الرجل النبيل هوالذى لايترك صاحبه حينما تبتسم له الدنيا ، وحينما تعرض له الأطماع .

أين المسلمون اليوم من خلق النبل ؟

إن المسلمين اليوم بمبعدة عن خلق النبل والشرف ، فلاهم يتواضعون ولاهم يؤثرون ، ولاهم فى مواقف الطمع لغيرهم يذكرون .

إن المسلمين اليوم يفهمون الإسلام على أنه مجموعة من العبادات تؤدى آليا كما تؤدى الآلة عملها دون أ ن يكون لما تعمله أثر عليها فى تغيير باطنها .

إن الدين ليس عبادة لله فقط وإنما معاملة لغيرك من المسلمين وغير المسلمين حتى الحيوانات والدواب ، حتى الطيور السارحة فى جو السماء

يوم أن يتقن المسلمون ذلك سيتغير وجه الحياة ، وستتغير نظرة الناس للعالم الإسلامى .

إن المسلم النبيل يتواضع وهو عظيم ، ويؤثر وهو محتاج ، ويذكر أحبابه وإخوانه حين تبتسم له الحياة ، فيمنحهم رفده ، ويؤثرهم بمعروفه .

أسأل الله عزوجل أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق ، وأن يصرف عنا سيئها .
...المزيد

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ...

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أمابعد :

فإن سيرة النبى ﷺ هى النبع الصافى الذى يجد فيه كل باحث عن الأخلاق الحسنة مايروى ظمأه ، ويريح قلبه ، وهى المعين الذى لاينضب والفيض الذى لاينقطع .

شملت هذه السيرة كل الأخلاق الفاضلة التى دعا إليها الأنبياء والمصلحون، وحلم بها الفلاسفة والمفكرون ، فلا تجد صفة كمال إلا وفى سيرة النبى ﷺعشرات المواقف العظيمة التى لاتجدها فى سيرة غيره ولو كان من الأنبياء فضلا عن أن يكون من الدعاة والمصلحين .

ولو أردنا أن نتتبع مواقف النبل والشرف فى سيرة النبى ﷺسيهولنا كثرة المواقف فى سيرته ﷺ.

فمن مواقف نبله ﷺ :

أنه كان مع علو قدره وعظيم شرفه يتواضع لأصحابه ، فيجلس معهم كأحدهم ، حتى يأتى الغريب فلا يعرفه أيهم هو حتى يسأل أيكم محمد بل من عظمته ونبله ﷺ أنه كان يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد .

أرأيتم نبلا كهذا النبل ؟ إن النبى ﷺ كان من اشرف بيت من بيوت العرب ولو شاء أن يفخر بانتمائه إليه لما أنكر أحد عليه ،ثم نبوته ورسالته التى لا مكانة فوقها ، لكن النبى ﷺلم يفخر على أحد بل تواضع حتى جلس جلسة العبد وأكل كما يأكل العبد .

ولما أتى إليه رجل فجعل ترعد فرائصه قال له النبى ﷺهون عليك فإنى لست بملك أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ، إنه يخفف من الهيبة التى ألقيت فى قلب الرجل حتى كادت تهلكه ، ولا يدع الرجل تتملكه الهيبة حتى تذهب بعقله .

ومن مواقف نبله وشرفه ﷺ ماورد أنه ﷺلمانسجت له امرأة من أصحابه بردة وجاءت يها إليه فأهدتها إليه ، فلبسها النبى محتاجا إليها ، فقال رجل من أصحابه : ما أجمل هذه البردة أكسنيها ، فقال النبى ﷺ أفعل ، فقام فخلعها ثم أعطاها للرجل .

فانظر إلى قول الراوى : لبسها محتاجا إليها ، فرسول الله كان محتاجا لها ، ومع ذلك يؤثر صاحبه بها ، ويقدمه على نفسه ، هذا لعمرى أعظم النبل والشرف ، أن تمنح غيرك ماتشتد حاجتك إليه ، هذا فى دنيا الناس قليل ، بل ربما يكون معدوما .

ومن مواقف نبله ﷺ ماورد أن جابربن عبدالله رأى مايعانيه النبى ﷺ من الجوع وهو يحفر الخندق ، فاستأذن رسول الله فى الذهاب إلى بيته وأمر زوجته أن تعد طعاما فأعدت طعاما قليلا لا يكفى إلا لرجلين أوثلاثة فجاء جابر فأسر إلى رسول الله ﷺ وطلب منه أن يأتى وينتقى رجلين أو ثلاثة ، فصاح النبى فى أهل الخندق : ياأهل الخندق لقد صنع لكم جابر طعاما فقاموا جميعا مع رسول الله فأكلوا.

فهنا نرى النبى ﷺ يأبى أن يستأثر بالطعام دون أصحابه ، ولو فعل لكان له عذر ، إذ أن صاحب الدار قد خصه بالدعوة ومعه رجلين أوثلاثة فقط ، والمدعو إلى دار غيره لايملك أن يصرف الأمور فى دار غيره كما يفعل فى داره ، فلو قام النبى وحده لما لامه أحد(وحاشاه ) على فعله فله فى فعله لو فعله حجة قوية ، لكن النبى ﷺ يدعوا أصحابه ، ليأكلو كما سيأكل هو ، وهذه من أمارات عظمته ﷺ .

وأيضا قد ورد فى صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: «وَهَذِهِ؟» لِعَائِشَةَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يتدافعان حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ .

فهذا الجار الفارسى قد صنع لرسول الله طعاما وأراد أن يختصه به ، وطعام الرجل شهى ، وربما تتوق نفس عائشة إليه ، أوربما لم يكن فى بيت عائشة طعام ، أيتركها رسول الله ويذهب إلى طعام تتوق نفسه ونفسها إليه ، لا يفعل رسول الله ذلك ، بل يرفض الدعوة مرارا من أجل عائشة رضى الله عنها .

إن الرجل النبيل هوالذى لايترك صاحبه حينما تبتسم له الدنيا ، وحينما تعرض له الأطماع .

أين المسلمون اليوم من خلق النبل ؟

إن المسلمين اليوم بمبعدة عن خلق النبل والشرف ، فلاهم يتواضعون ولاهم يؤثرون ، ولاهم فى مواقف الطمع لغيرهم يذكرون .

إن المسلمين اليوم يفهمون الإسلام على أنه مجموعة من العبادات تؤدى آليا كما تؤدى الآلة عملها دون أ ن يكون لما تعمله أثر عليها فى تغيير باطنها .

إن الدين ليس عبادة لله فقط وإنما معاملة لغيرك من المسلمين وغير المسلمين حتى الحيوانات والدواب ، حتى الطيور السارحة فى جو السماء

يوم أن يتقن المسلمون ذلك سيتغير وجه الحياة ، وستتغير نظرة الناس للعالم الإسلامى .

إن المسلم النبيل يتواضع وهو عظيم ، ويؤثر وهو محتاج ، ويذكر أحبابه وإخوانه حين تبتسم له الحياة ، فيمنحهم رفده ، ويؤثرهم بمعروفه .

أسأل الله عزوجل أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق ، وأن يصرف عنا سيئها .
...المزيد

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ...

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أمابعد :

فإن سيرة النبى ﷺ هى النبع الصافى الذى يجد فيه كل باحث عن الأخلاق الحسنة مايروى ظمأه ، ويريح قلبه ، وهى المعين الذى لاينضب والفيض الذى لاينقطع .

شملت هذه السيرة كل الأخلاق الفاضلة التى دعا إليها الأنبياء والمصلحون، وحلم بها الفلاسفة والمفكرون ، فلا تجد صفة كمال إلا وفى سيرة النبى ﷺعشرات المواقف العظيمة التى لاتجدها فى سيرة غيره ولو كان من الأنبياء فضلا عن أن يكون من الدعاة والمصلحين .

ولو أردنا أن نتتبع مواقف النبل والشرف فى سيرة النبى ﷺسيهولنا كثرة المواقف فى سيرته ﷺ.

فمن مواقف نبله ﷺ :

أنه كان مع علو قدره وعظيم شرفه يتواضع لأصحابه ، فيجلس معهم كأحدهم ، حتى يأتى الغريب فلا يعرفه أيهم هو حتى يسأل أيكم محمد بل من عظمته ونبله ﷺ أنه كان يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد .

أرأيتم نبلا كهذا النبل ؟ إن النبى ﷺ كان من اشرف بيت من بيوت العرب ولو شاء أن يفخر بانتمائه إليه لما أنكر أحد عليه ،ثم نبوته ورسالته التى لا مكانة فوقها ، لكن النبى ﷺلم يفخر على أحد بل تواضع حتى جلس جلسة العبد وأكل كما يأكل العبد .

ولما أتى إليه رجل فجعل ترعد فرائصه قال له النبى ﷺهون عليك فإنى لست بملك أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ، إنه يخفف من الهيبة التى ألقيت فى قلب الرجل حتى كادت تهلكه ، ولا يدع الرجل تتملكه الهيبة حتى تذهب بعقله .

ومن مواقف نبله وشرفه ﷺ ماورد أنه ﷺلمانسجت له امرأة من أصحابه بردة وجاءت يها إليه فأهدتها إليه ، فلبسها النبى محتاجا إليها ، فقال رجل من أصحابه : ما أجمل هذه البردة أكسنيها ، فقال النبى ﷺ أفعل ، فقام فخلعها ثم أعطاها للرجل .

فانظر إلى قول الراوى : لبسها محتاجا إليها ، فرسول الله كان محتاجا لها ، ومع ذلك يؤثر صاحبه بها ، ويقدمه على نفسه ، هذا لعمرى أعظم النبل والشرف ، أن تمنح غيرك ماتشتد حاجتك إليه ، هذا فى دنيا الناس قليل ، بل ربما يكون معدوما .

ومن مواقف نبله ﷺ ماورد أن جابربن عبدالله رأى مايعانيه النبى ﷺ من الجوع وهو يحفر الخندق ، فاستأذن رسول الله فى الذهاب إلى بيته وأمر زوجته أن تعد طعاما فأعدت طعاما قليلا لا يكفى إلا لرجلين أوثلاثة فجاء جابر فأسر إلى رسول الله ﷺ وطلب منه أن يأتى وينتقى رجلين أو ثلاثة ، فصاح النبى فى أهل الخندق : ياأهل الخندق لقد صنع لكم جابر طعاما فقاموا جميعا مع رسول الله فأكلوا.

فهنا نرى النبى ﷺ يأبى أن يستأثر بالطعام دون أصحابه ، ولو فعل لكان له عذر ، إذ أن صاحب الدار قد خصه بالدعوة ومعه رجلين أوثلاثة فقط ، والمدعو إلى دار غيره لايملك أن يصرف الأمور فى دار غيره كما يفعل فى داره ، فلو قام النبى وحده لما لامه أحد(وحاشاه ) على فعله فله فى فعله لو فعله حجة قوية ، لكن النبى ﷺ يدعوا أصحابه ، ليأكلو كما سيأكل هو ، وهذه من أمارات عظمته ﷺ .

وأيضا قد ورد فى صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: «وَهَذِهِ؟» لِعَائِشَةَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يتدافعان حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ .

فهذا الجار الفارسى قد صنع لرسول الله طعاما وأراد أن يختصه به ، وطعام الرجل شهى ، وربما تتوق نفس عائشة إليه ، أوربما لم يكن فى بيت عائشة طعام ، أيتركها رسول الله ويذهب إلى طعام تتوق نفسه ونفسها إليه ، لا يفعل رسول الله ذلك ، بل يرفض الدعوة مرارا من أجل عائشة رضى الله عنها .

إن الرجل النبيل هوالذى لايترك صاحبه حينما تبتسم له الدنيا ، وحينما تعرض له الأطماع .

أين المسلمون اليوم من خلق النبل ؟

إن المسلمين اليوم بمبعدة عن خلق النبل والشرف ، فلاهم يتواضعون ولاهم يؤثرون ، ولاهم فى مواقف الطمع لغيرهم يذكرون .

إن المسلمين اليوم يفهمون الإسلام على أنه مجموعة من العبادات تؤدى آليا كما تؤدى الآلة عملها دون أ ن يكون لما تعمله أثر عليها فى تغيير باطنها .

إن الدين ليس عبادة لله فقط وإنما معاملة لغيرك من المسلمين وغير المسلمين حتى الحيوانات والدواب ، حتى الطيور السارحة فى جو السماء

يوم أن يتقن المسلمون ذلك سيتغير وجه الحياة ، وستتغير نظرة الناس للعالم الإسلامى .

إن المسلم النبيل يتواضع وهو عظيم ، ويؤثر وهو محتاج ، ويذكر أحبابه وإخوانه حين تبتسم له الحياة ، فيمنحهم رفده ، ويؤثرهم بمعروفه .

أسأل الله عزوجل أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق ، وأن يصرف عنا سيئها .
...المزيد

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ...

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أمابعد :

فإن سيرة النبى ﷺ هى النبع الصافى الذى يجد فيه كل باحث عن الأخلاق الحسنة مايروى ظمأه ، ويريح قلبه ، وهى المعين الذى لاينضب والفيض الذى لاينقطع .

شملت هذه السيرة كل الأخلاق الفاضلة التى دعا إليها الأنبياء والمصلحون، وحلم بها الفلاسفة والمفكرون ، فلا تجد صفة كمال إلا وفى سيرة النبى ﷺعشرات المواقف العظيمة التى لاتجدها فى سيرة غيره ولو كان من الأنبياء فضلا عن أن يكون من الدعاة والمصلحين .

ولو أردنا أن نتتبع مواقف النبل والشرف فى سيرة النبى ﷺسيهولنا كثرة المواقف فى سيرته ﷺ.

فمن مواقف نبله ﷺ :

أنه كان مع علو قدره وعظيم شرفه يتواضع لأصحابه ، فيجلس معهم كأحدهم ، حتى يأتى الغريب فلا يعرفه أيهم هو حتى يسأل أيكم محمد بل من عظمته ونبله ﷺ أنه كان يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد .

أرأيتم نبلا كهذا النبل ؟ إن النبى ﷺ كان من اشرف بيت من بيوت العرب ولو شاء أن يفخر بانتمائه إليه لما أنكر أحد عليه ،ثم نبوته ورسالته التى لا مكانة فوقها ، لكن النبى ﷺلم يفخر على أحد بل تواضع حتى جلس جلسة العبد وأكل كما يأكل العبد .

ولما أتى إليه رجل فجعل ترعد فرائصه قال له النبى ﷺهون عليك فإنى لست بملك أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ، إنه يخفف من الهيبة التى ألقيت فى قلب الرجل حتى كادت تهلكه ، ولا يدع الرجل تتملكه الهيبة حتى تذهب بعقله .

ومن مواقف نبله وشرفه ﷺ ماورد أنه ﷺلمانسجت له امرأة من أصحابه بردة وجاءت يها إليه فأهدتها إليه ، فلبسها النبى محتاجا إليها ، فقال رجل من أصحابه : ما أجمل هذه البردة أكسنيها ، فقال النبى ﷺ أفعل ، فقام فخلعها ثم أعطاها للرجل .

فانظر إلى قول الراوى : لبسها محتاجا إليها ، فرسول الله كان محتاجا لها ، ومع ذلك يؤثر صاحبه بها ، ويقدمه على نفسه ، هذا لعمرى أعظم النبل والشرف ، أن تمنح غيرك ماتشتد حاجتك إليه ، هذا فى دنيا الناس قليل ، بل ربما يكون معدوما .

ومن مواقف نبله ﷺ ماورد أن جابربن عبدالله رأى مايعانيه النبى ﷺ من الجوع وهو يحفر الخندق ، فاستأذن رسول الله فى الذهاب إلى بيته وأمر زوجته أن تعد طعاما فأعدت طعاما قليلا لا يكفى إلا لرجلين أوثلاثة فجاء جابر فأسر إلى رسول الله ﷺ وطلب منه أن يأتى وينتقى رجلين أو ثلاثة ، فصاح النبى فى أهل الخندق : ياأهل الخندق لقد صنع لكم جابر طعاما فقاموا جميعا مع رسول الله فأكلوا.

فهنا نرى النبى ﷺ يأبى أن يستأثر بالطعام دون أصحابه ، ولو فعل لكان له عذر ، إذ أن صاحب الدار قد خصه بالدعوة ومعه رجلين أوثلاثة فقط ، والمدعو إلى دار غيره لايملك أن يصرف الأمور فى دار غيره كما يفعل فى داره ، فلو قام النبى وحده لما لامه أحد(وحاشاه ) على فعله فله فى فعله لو فعله حجة قوية ، لكن النبى ﷺ يدعوا أصحابه ، ليأكلو كما سيأكل هو ، وهذه من أمارات عظمته ﷺ .

وأيضا قد ورد فى صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: «وَهَذِهِ؟» لِعَائِشَةَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يتدافعان حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ .

فهذا الجار الفارسى قد صنع لرسول الله طعاما وأراد أن يختصه به ، وطعام الرجل شهى ، وربما تتوق نفس عائشة إليه ، أوربما لم يكن فى بيت عائشة طعام ، أيتركها رسول الله ويذهب إلى طعام تتوق نفسه ونفسها إليه ، لا يفعل رسول الله ذلك ، بل يرفض الدعوة مرارا من أجل عائشة رضى الله عنها .

إن الرجل النبيل هوالذى لايترك صاحبه حينما تبتسم له الدنيا ، وحينما تعرض له الأطماع .

أين المسلمون اليوم من خلق النبل ؟

إن المسلمين اليوم بمبعدة عن خلق النبل والشرف ، فلاهم يتواضعون ولاهم يؤثرون ، ولاهم فى مواقف الطمع لغيرهم يذكرون .

إن المسلمين اليوم يفهمون الإسلام على أنه مجموعة من العبادات تؤدى آليا كما تؤدى الآلة عملها دون أ ن يكون لما تعمله أثر عليها فى تغيير باطنها .

إن الدين ليس عبادة لله فقط وإنما معاملة لغيرك من المسلمين وغير المسلمين حتى الحيوانات والدواب ، حتى الطيور السارحة فى جو السماء

يوم أن يتقن المسلمون ذلك سيتغير وجه الحياة ، وستتغير نظرة الناس للعالم الإسلامى .

إن المسلم النبيل يتواضع وهو عظيم ، ويؤثر وهو محتاج ، ويذكر أحبابه وإخوانه حين تبتسم له الحياة ، فيمنحهم رفده ، ويؤثرهم بمعروفه .

أسأل الله عزوجل أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق ، وأن يصرف عنا سيئها .
...المزيد

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ...

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أمابعد :

فإن سيرة النبى ﷺ هى النبع الصافى الذى يجد فيه كل باحث عن الأخلاق الحسنة مايروى ظمأه ، ويريح قلبه ، وهى المعين الذى لاينضب والفيض الذى لاينقطع .

شملت هذه السيرة كل الأخلاق الفاضلة التى دعا إليها الأنبياء والمصلحون، وحلم بها الفلاسفة والمفكرون ، فلا تجد صفة كمال إلا وفى سيرة النبى ﷺعشرات المواقف العظيمة التى لاتجدها فى سيرة غيره ولو كان من الأنبياء فضلا عن أن يكون من الدعاة والمصلحين .

ولو أردنا أن نتتبع مواقف النبل والشرف فى سيرة النبى ﷺسيهولنا كثرة المواقف فى سيرته ﷺ.

فمن مواقف نبله ﷺ :

أنه كان مع علو قدره وعظيم شرفه يتواضع لأصحابه ، فيجلس معهم كأحدهم ، حتى يأتى الغريب فلا يعرفه أيهم هو حتى يسأل أيكم محمد بل من عظمته ونبله ﷺ أنه كان يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد .

أرأيتم نبلا كهذا النبل ؟ إن النبى ﷺ كان من اشرف بيت من بيوت العرب ولو شاء أن يفخر بانتمائه إليه لما أنكر أحد عليه ،ثم نبوته ورسالته التى لا مكانة فوقها ، لكن النبى ﷺلم يفخر على أحد بل تواضع حتى جلس جلسة العبد وأكل كما يأكل العبد .

ولما أتى إليه رجل فجعل ترعد فرائصه قال له النبى ﷺهون عليك فإنى لست بملك أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ، إنه يخفف من الهيبة التى ألقيت فى قلب الرجل حتى كادت تهلكه ، ولا يدع الرجل تتملكه الهيبة حتى تذهب بعقله .

ومن مواقف نبله وشرفه ﷺ ماورد أنه ﷺلمانسجت له امرأة من أصحابه بردة وجاءت يها إليه فأهدتها إليه ، فلبسها النبى محتاجا إليها ، فقال رجل من أصحابه : ما أجمل هذه البردة أكسنيها ، فقال النبى ﷺ أفعل ، فقام فخلعها ثم أعطاها للرجل .

فانظر إلى قول الراوى : لبسها محتاجا إليها ، فرسول الله كان محتاجا لها ، ومع ذلك يؤثر صاحبه بها ، ويقدمه على نفسه ، هذا لعمرى أعظم النبل والشرف ، أن تمنح غيرك ماتشتد حاجتك إليه ، هذا فى دنيا الناس قليل ، بل ربما يكون معدوما .

ومن مواقف نبله ﷺ ماورد أن جابربن عبدالله رأى مايعانيه النبى ﷺ من الجوع وهو يحفر الخندق ، فاستأذن رسول الله فى الذهاب إلى بيته وأمر زوجته أن تعد طعاما فأعدت طعاما قليلا لا يكفى إلا لرجلين أوثلاثة فجاء جابر فأسر إلى رسول الله ﷺ وطلب منه أن يأتى وينتقى رجلين أو ثلاثة ، فصاح النبى فى أهل الخندق : ياأهل الخندق لقد صنع لكم جابر طعاما فقاموا جميعا مع رسول الله فأكلوا.

فهنا نرى النبى ﷺ يأبى أن يستأثر بالطعام دون أصحابه ، ولو فعل لكان له عذر ، إذ أن صاحب الدار قد خصه بالدعوة ومعه رجلين أوثلاثة فقط ، والمدعو إلى دار غيره لايملك أن يصرف الأمور فى دار غيره كما يفعل فى داره ، فلو قام النبى وحده لما لامه أحد(وحاشاه ) على فعله فله فى فعله لو فعله حجة قوية ، لكن النبى ﷺ يدعوا أصحابه ، ليأكلو كما سيأكل هو ، وهذه من أمارات عظمته ﷺ .

وأيضا قد ورد فى صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: «وَهَذِهِ؟» لِعَائِشَةَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يتدافعان حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ .

فهذا الجار الفارسى قد صنع لرسول الله طعاما وأراد أن يختصه به ، وطعام الرجل شهى ، وربما تتوق نفس عائشة إليه ، أوربما لم يكن فى بيت عائشة طعام ، أيتركها رسول الله ويذهب إلى طعام تتوق نفسه ونفسها إليه ، لا يفعل رسول الله ذلك ، بل يرفض الدعوة مرارا من أجل عائشة رضى الله عنها .

إن الرجل النبيل هوالذى لايترك صاحبه حينما تبتسم له الدنيا ، وحينما تعرض له الأطماع .

أين المسلمون اليوم من خلق النبل ؟

إن المسلمين اليوم بمبعدة عن خلق النبل والشرف ، فلاهم يتواضعون ولاهم يؤثرون ، ولاهم فى مواقف الطمع لغيرهم يذكرون .

إن المسلمين اليوم يفهمون الإسلام على أنه مجموعة من العبادات تؤدى آليا كما تؤدى الآلة عملها دون أ ن يكون لما تعمله أثر عليها فى تغيير باطنها .

إن الدين ليس عبادة لله فقط وإنما معاملة لغيرك من المسلمين وغير المسلمين حتى الحيوانات والدواب ، حتى الطيور السارحة فى جو السماء

يوم أن يتقن المسلمون ذلك سيتغير وجه الحياة ، وستتغير نظرة الناس للعالم الإسلامى .

إن المسلم النبيل يتواضع وهو عظيم ، ويؤثر وهو محتاج ، ويذكر أحبابه وإخوانه حين تبتسم له الحياة ، فيمنحهم رفده ، ويؤثرهم بمعروفه .

أسأل الله عزوجل أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق ، وأن يصرف عنا سيئها .
...المزيد

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ...

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أمابعد :

فإن سيرة النبى ﷺ هى النبع الصافى الذى يجد فيه كل باحث عن الأخلاق الحسنة مايروى ظمأه ، ويريح قلبه ، وهى المعين الذى لاينضب والفيض الذى لاينقطع .

شملت هذه السيرة كل الأخلاق الفاضلة التى دعا إليها الأنبياء والمصلحون، وحلم بها الفلاسفة والمفكرون ، فلا تجد صفة كمال إلا وفى سيرة النبى ﷺعشرات المواقف العظيمة التى لاتجدها فى سيرة غيره ولو كان من الأنبياء فضلا عن أن يكون من الدعاة والمصلحين .

ولو أردنا أن نتتبع مواقف النبل والشرف فى سيرة النبى ﷺسيهولنا كثرة المواقف فى سيرته ﷺ.

فمن مواقف نبله ﷺ :

أنه كان مع علو قدره وعظيم شرفه يتواضع لأصحابه ، فيجلس معهم كأحدهم ، حتى يأتى الغريب فلا يعرفه أيهم هو حتى يسأل أيكم محمد بل من عظمته ونبله ﷺ أنه كان يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد .

أرأيتم نبلا كهذا النبل ؟ إن النبى ﷺ كان من اشرف بيت من بيوت العرب ولو شاء أن يفخر بانتمائه إليه لما أنكر أحد عليه ،ثم نبوته ورسالته التى لا مكانة فوقها ، لكن النبى ﷺلم يفخر على أحد بل تواضع حتى جلس جلسة العبد وأكل كما يأكل العبد .

ولما أتى إليه رجل فجعل ترعد فرائصه قال له النبى ﷺهون عليك فإنى لست بملك أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ، إنه يخفف من الهيبة التى ألقيت فى قلب الرجل حتى كادت تهلكه ، ولا يدع الرجل تتملكه الهيبة حتى تذهب بعقله .

ومن مواقف نبله وشرفه ﷺ ماورد أنه ﷺلمانسجت له امرأة من أصحابه بردة وجاءت يها إليه فأهدتها إليه ، فلبسها النبى محتاجا إليها ، فقال رجل من أصحابه : ما أجمل هذه البردة أكسنيها ، فقال النبى ﷺ أفعل ، فقام فخلعها ثم أعطاها للرجل .

فانظر إلى قول الراوى : لبسها محتاجا إليها ، فرسول الله كان محتاجا لها ، ومع ذلك يؤثر صاحبه بها ، ويقدمه على نفسه ، هذا لعمرى أعظم النبل والشرف ، أن تمنح غيرك ماتشتد حاجتك إليه ، هذا فى دنيا الناس قليل ، بل ربما يكون معدوما .

ومن مواقف نبله ﷺ ماورد أن جابربن عبدالله رأى مايعانيه النبى ﷺ من الجوع وهو يحفر الخندق ، فاستأذن رسول الله فى الذهاب إلى بيته وأمر زوجته أن تعد طعاما فأعدت طعاما قليلا لا يكفى إلا لرجلين أوثلاثة فجاء جابر فأسر إلى رسول الله ﷺ وطلب منه أن يأتى وينتقى رجلين أو ثلاثة ، فصاح النبى فى أهل الخندق : ياأهل الخندق لقد صنع لكم جابر طعاما فقاموا جميعا مع رسول الله فأكلوا.

فهنا نرى النبى ﷺ يأبى أن يستأثر بالطعام دون أصحابه ، ولو فعل لكان له عذر ، إذ أن صاحب الدار قد خصه بالدعوة ومعه رجلين أوثلاثة فقط ، والمدعو إلى دار غيره لايملك أن يصرف الأمور فى دار غيره كما يفعل فى داره ، فلو قام النبى وحده لما لامه أحد(وحاشاه ) على فعله فله فى فعله لو فعله حجة قوية ، لكن النبى ﷺ يدعوا أصحابه ، ليأكلو كما سيأكل هو ، وهذه من أمارات عظمته ﷺ .

وأيضا قد ورد فى صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: «وَهَذِهِ؟» لِعَائِشَةَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يتدافعان حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ .

فهذا الجار الفارسى قد صنع لرسول الله طعاما وأراد أن يختصه به ، وطعام الرجل شهى ، وربما تتوق نفس عائشة إليه ، أوربما لم يكن فى بيت عائشة طعام ، أيتركها رسول الله ويذهب إلى طعام تتوق نفسه ونفسها إليه ، لا يفعل رسول الله ذلك ، بل يرفض الدعوة مرارا من أجل عائشة رضى الله عنها .

إن الرجل النبيل هوالذى لايترك صاحبه حينما تبتسم له الدنيا ، وحينما تعرض له الأطماع .

أين المسلمون اليوم من خلق النبل ؟

إن المسلمين اليوم بمبعدة عن خلق النبل والشرف ، فلاهم يتواضعون ولاهم يؤثرون ، ولاهم فى مواقف الطمع لغيرهم يذكرون .

إن المسلمين اليوم يفهمون الإسلام على أنه مجموعة من العبادات تؤدى آليا كما تؤدى الآلة عملها دون أ ن يكون لما تعمله أثر عليها فى تغيير باطنها .

إن الدين ليس عبادة لله فقط وإنما معاملة لغيرك من المسلمين وغير المسلمين حتى الحيوانات والدواب ، حتى الطيور السارحة فى جو السماء

يوم أن يتقن المسلمون ذلك سيتغير وجه الحياة ، وستتغير نظرة الناس للعالم الإسلامى .

إن المسلم النبيل يتواضع وهو عظيم ، ويؤثر وهو محتاج ، ويذكر أحبابه وإخوانه حين تبتسم له الحياة ، فيمنحهم رفده ، ويؤثرهم بمعروفه .

أسأل الله عزوجل أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق ، وأن يصرف عنا سيئها .
...المزيد

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ...

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما


فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، فكان أكمل رجل عرفته البشرية ، يجد كل مقتد فيه بغيته ، فالقائد يجد بغيته ، والمعلم يجد بغيته ،والمربى يجد بغيته ، والداعى إلى الله يجد مايروى غليله ويشبع نهمته ، وكلما نظر الناظر إلى جانب من جوانب سيرته صلى الله عليه وسلم وجده مكتملا وكأن النبى صلى الله عليه وسلم قد تفرغ له وتخصص فيه وأفنى عمره فى تجويده وتحسينه .

وإذا كانت مشكلة البشرية القديمة الحديثة هى مشكلة التربية والتعليم ، حتى أن المؤلفات والمحاضرات فى هذه المشكلة تتجاوز مكتبة ضخمة كتبت وألفت لعلاج المشكلة ، ومازالت البشرية فى حاجة إلى كتابات أخرى فى هذه المشكلة .

فهل نجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم علاجا ناجعا لهذه المشكلة كما اعتدنا فى جميع أمور حياتنا ؟

هذا ماسنراه فى خطبة اليومتعالوا بنا ننظر فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم لنر كيف عالج رسول الله مشكلة التربية والتعليم وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مرب عرفته البشرية ؟.

أول مايطالعنا هو:

أولا : أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقوم بتحويل الرجل العادى إلى طالب علم حريص على العلم

فكل تعليم لا يقوم على هذا الأساس هو حرث فى البحر أورقم على الماء

إذا لم يكن الطالب حريصا على العلم مهتما به محبا له فلن يفيده التعليم شيئا .

انظر إليه صلى الله عليه وسلم حين جلس فى المسجد فجاء رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل ، فعاد الرجل فصلى ثم عاد فسلم فرد عليه النبى السلام وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ،فعاد الرجل وفى الثالثة قال والذى بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمنى .

فانظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ألم يكن فى مقدوره إذا رأى رجلا لا يحسن الصلاة أن يعلمه مباشرة ؟ أو حتى يدله على موضع الخطأ فى صلاته ليصححها ؟

لو فعل النبى ذلك لربما تعلم الرجل الصلاة أو بعضها لكن الرجل لن يتحول إلى طالب علم حريص على طلبه محب له ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يوجد طالب علم يبحث عنه فى مظانه وهو مايسمى عند العلماء بإيجاد الدافع لطلب العلم

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم

استغلال الوقت المناسب والموقف المناسب لإلقاء العلم على صحابته

فالمعلم الذى يلقى الدرس على تلاميذه دون أن يربطه بحادثة قد وقعت أو موقف يأخذون منه عبرة قد يستفيد تلاميذة استفادة وقتية لاتلبث أن تزول من الذاكرة مع مر الأيام ، لكن المعلم الذى يربط الدرس بمشهد يراه تلاميذه سيجعل الدرس حيا فى الأذهان لفترة وياة بل قد لاينسى تلاميذه الدرس أبدا .

إن الدرس الذى يربط المعلم فيه بين مشهد يراه تلاميذه وبين تعليق من المعلم هو فى حقيقته درس يجمع بين الجانب البصرى والجانب السمعى ، والعلماء يقولون : إن استخدام أكثر من حاسة فى المذاكرة يعين على إتقان الدرس وعدم نسيانه .

تعالوا بنا لنر هذا الموقف من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

مر رجل ذو شارة حسنة يركب على دابة فارهة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب أن ينكح ،وإن شفع أن يشفع ،وإن قال أن يسمع لقوله ، ثم مر رجل فقير فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب ألا يزوج ،وإن شفع ألا يشفع ، وإن قال ألايسمع لقوله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض من هذا .

انظر إالى هذا الموقف وسل نفسك ماهى الرسالة التى أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يوصلها لأصحابه ؟

الرسالة تتلخص فى ( رب فقير لايؤبه له خير عند الله من آلاف الأغنياء)

ألم يكن فى مقدور النبى صلى الله عليه وسلم أن يقولها هكذا كما قلتها أنا ؟

لماذا ينتظر النى صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموقف ليلقى درسه على أصحابه ؟

إن السبب هو ماقلت لك ( الربط بين الجانب النظرى والجانب العملى ، واستغلال الفرص المناسبة لإلقاء الدرس )

جئ للنبى صلى الله عليه وسلم بقطع من حرير فجعل الصحابة يتعجبون من حسنها وجمالها فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذه

صعد ابن مسعود شجرة الأراك فبدت ساقاه فضحك الصحابة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لساقا ابن مسعود عند الله أثقل من جبل أحد

كل هذه المواقف لم يدعها النبى تمر عبثا وإنما ربط فيها بين المشهد الذى سيحفر فى الذاكرة وبين التعليق الذى سيزين المشهد ويحسنه

استغلال للفرصة السانحة لإلقاء الموعظة ، وربط بين مشهد عملى وتعليق نظرى

ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الثناء على المحسن والتنبيه على الخطأ دون ذكر المخطئ باسمه

فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رأى من أحد حرصا على طلب العلم أثنى عليه بذلك ، وهذا يرفع همة طالب العلم ، ويجعله حريصا عليه .

فقد سأل أبوهريرة النبى صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بشفاعته فقال صلى الله عليه وسلم : ماظننت أن أحدا يسألنى عن هذا قبلك لما علمت من حرصك على العلم .

فانظر إلى قول النبى لأبى هريرة لما علمت من حرصك على العلم ، فهذا القول سيجعل أبا هريرة من أحرص الناس على العلم ، فلو أجابه النبى صلى الله عليه وسلم دون تعليق لما علت همة أبى هريرة فى طلب العلم ، لأن النبى أجابه كما يجيب أى رجل من أصحابه بل من عامة أصحابه ، لكن ثناء النبى عليه سيحوله إلى طالب علم نهم لايفوت فرصة فى طلب العلم ، وهذا مارأيناه فى حياة أبى هريرة رضى الله عنه .

ومن سنته صلى الله عليه وسلم فى تعليم أصحابه :

أنه كان يعطى لكل فرد من أصحابه حقه من البشر والنظر ، فلا يمنح طرفه لكبار أصحابه ، ولا قدامى الصحابة ولا لأهل بدر ، بل لكل واحد من أصحابه حقه من النظر وحقه من إظهار البشر به والفرح بقدومه .

يقول عمرو بن العاص رضى الله عنه كان رسول الله يمنح بشره ونظره لأبغض الناس إليه يتألفهم بذلك ، حتى أنى ظننت أنى أحب الناس إليه فقلت يارسول الله من أحب الناس إليك ؟ فقال : أبوبكر .

فانظر إلى معاملة النبى لأصحابه التى جعلت عمروا يرى أنه أحب الناس إليه مع أنه لم يكن كذلك .

فيوم أن ينجح المعلم فى جمع قلوب تلاميذه حوله ، حتى يظن كل طالب منهم أنه أحب طلابه إليه ، هناك ولا شك سينجح المعلم فى غرس مايريد فى أبنائه ، بل ستكون المادة العلمية أحب إليهم من كل شئ ، لأنهم يحبون معلم المادة .

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الرفق بالجاهل والمخطئ ،وتعليمه باللين دون التثريب عليه .

فمن ذلك :

تعليمه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمى لما شمت رجلا إلى جواره فى الصلاة فرمقه الناس بأبصارهم فلما رآهم يصمتونه سكت ، فلما انتهى النبى من صلاته علمه باللين واللطف حتى قال الرجل : مارأيت معلما قط أحسن تعليما منه ، فوالله ماكهرنى ولاشتمنى ولاضربنى

فهكذا يكون التعليم جذب القلوب باللطف واللين والأسلوب الحسن

فإذا نجح المعلم فى كبح جماح غضبه مع الجاهل والمخطئ ، واستطاع أن يعلمه بأسلوب حسن جميل ، فلاشك ستجد كلماته طريقا مذللا إلى قلوب أبنائه

هذه رؤوس أقلام فى هذا الموضوع ، أتمنى أن تكون هادية لإخواننا المعلمين ومرشدة لهم ، وأتمنى أن تضع أرجلهم على بداية الطريق الصحيح للتعليم .

والله من وراء القصد
كتبه
المعتزبالله الكامل
...المزيد

الغزالى - قصة حياة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ،أرسل رسوله بالهدى ودين ...

الغزالى - قصة حياة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ،أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله ربّه بين يدى الساعةِ هاديًا ومبشرًاونذيرًا ، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ً كثيراً.

أما بعد:

فإن كل نفس بشرية لها نصيب من الجمال والقبح ،والكمال المطلق لايوجد فى هذا العالم ،ولكن بعض النفوس الممتازة تقرب من الكمال أكثر من غيرها ، فتنموا زهرة الجمال فيها نمواً عجيباً ، وتتكاثر فروعها وتمتد طولاً وعرضاً ،ولاتترك مجالاً لسواها فيضعف ويذبل كل نباتٍ خبيثٍ بجانبها.(1)

ومن هذا القسم الممتاز كانت نفسُ إمامنا الشيخ محمد الغزالى رحمه الله رحمة واسعة.

لقد كان الشيخ الغزالى رحمه الله من أعظم خطباء عصره ، وكان فارس الكلمة ، كان يملك أسلوباًيمتلئ بالحمية ،ويتوقد غيرةً على حرماتِ الله ، كان من حراسِ هذه الأمةِ الذين نذروا أنفسهم لحماية مقدساتها ، وأفنوا أعمارهم فى خدمةِ قضيتها .

وإنّ من واجب الدعاة إلى الله عزوجل أن يدرسوا أسلوب الشيخ رحمه الله فى الخطابة ، ليعلموا كيف يخاطبوا الناس ويأخذوا بايديهم إلى الله ،ليكونوا بحقٍ أئمةً يقتدِى بهم مَن بعدَهم وليُضيئوا الطريق لكل سالكٍ إلى الله على بصيرة وهدى .

لهذا شرعت فى كتابة هذا البحث المتواضع وجعلت عنوانه (الشيخ الغزالى خطيباً )

أماسبب اختيارى للموضوع فيرجع إلى:

1- التعريف بجانب من حياة الشيخ قَلّ من تناوله من الكتاب والباحثين .

2-بيان طريقة الشيخ رحمه الله فى الخطابة التى كانت سببًا فى جمع القلوب حوله ، وجذب الأفئدة إليه .

3_تعريف الجيل الحالى ممن لم يدرك عصر الشيخ الغزالى رحمه الله بشخصية الشيخ وعوامل النجاح التى جعلته مهوى أفئدة المحبين للخطابة فى عصره والعصور التالية لعصره .
واللهَ أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه ،وأن يجعله نواةً لدراسة موسعة عن طريقةِ الشيخ رحمه الله فى الخطابة ،وأن يضئ هذا البحث الطريق للخطباء ليقتدوا بالشيخ فى طريقته لعلهم يصلوا إلى ماوصل إليه.حياته

المبحث الأول : مولده ونشأته

هو محمدالغزالى أحمداالسقا مرسى .

ومحمدالغزالى اسم مركب ،وقد ذكر رحمه الله سبب تسميته بهذا الإسم فقال :والدى رحمه الله كان يحب شيخ الإسلام أبا حامدالغزالى ، وكان عاشقا للتصوف ، يحترم رجاله ،ويختار من مسالكهم مايشاء ،لأنه كان حافظا للقرآن جيد الفهم لنصوصه ، ويروى أبى لأصدقاء الأسرة أن تسميتى (محمدالغزالى ) جاءت عقب رؤية منامية وبإيحاءٍ من أبى حامد(رضى الله عنه )

ولد رحمه الله فى 22/9/1917 للميلاد فى قرية تكلا العنب من إيتاى البارود بمحافظة البحيرة ،لأسرة ريفية فقيرة متدينة ،وكان الشيخ أكبر إخوته السبعة .

وكان والده رجلا صالحاً وتاجراً أميناً ، محباً للصوفية شغوفاً بأبى حامدالغزالى ، حريصاً على العلم الشرعى .

وأما والدته فكانت سيدة بارّةً صالحةً محسنةً ،تحب الخير والإحسان للناس ، وكان الغزالى حين يذهب إلى القرية تطلب منه والدته أن يحسن إلى الجميع فكان يعد أكبر مبلغ من المال لإنفاقه فى أوجه الخير والبر .

وأتم حفظ القرآن الكريم وهو فى العاشرة من عمره ،والتحق بالمعهدالدينى التابع للأزهر الشريف بمدينة الإسكندرية ،فحصل على الشهادة الإبتدائية سنة 1932م ، ومن نفس المعهد بالقسم الثانوى حصل على الشهادة الثانوية الأزهرية سنة 1937م .

ولقدتأثرالشيخ فى هذه الفترة من حياته بعلماء تتلمذ على يديهم منهم الشيخ :إبراهيم الغرباوى ، والشيخ : عبدالعزيز بلال ، وكانا يشتغلان بالتربية النفسية ،ولهما درجة عالية فى العبادة والتقوى ،وكانا يمزجان الدرس برقابة الله وطلب الآخرة ،وعدم الفتنة بنيل الإجازات العلمية ، لأن للألقاب العلمية طنينا ربما ذهب معه الإخلاص المنشود فى الدين





ولقد ذكر الشيخ رحمه الله موقفًا يدل على ماكان يمتاز به أستاذه من رقة قلبٍ وذلك لما طلب منه الشيخ محمدالريان أن يعرب الجملة التالية (عبدت الله ) فأجاب الشيخ الغزالى رحمه الله بـأن اسم الجلالة منصوب على التعظيم فبكى شيخه رحمه الله (1) وهذا الموقف ربما ظل محفورًا فى ذاكرة الشيخ ومؤثرًا فيه ،وقد أثر هذا الموقف فى تكوين الشيخ وأكسبه رقة القلب التى لازمته حتى آخر حياته ، فهانحن نراه وقد ذكر فى محاضرة له اسم الله الستار ، فقال أحب أن أقول لكم أنى أعيش فى ظل وارفٍ من الإسم الحسن من اسماء الله الحسنى الستار ، ولولا هذا الستر الذى لف الله به نفسى وكيانى لافتضحت ثم لم يتمالك الشيخ نفسه فانهمرت دموعه معبرة عن تعظيمه لربه سبحانه وتعالى .

وقد تكرر بكاء الشيخ رحمه الله كثيرا عند ذكره لرسول الله ، وعند شوقه للموت فى سبيل الله ، وهذا يبين لنا أهمية هذه التنشئة فى حياة الداعى إالى الله عزوجل .

ولما أتم الشيخ رحمه الله تعليمه الثانوى انتقل إلى القاهرة ليبدأ دراسته الجامعية ، فالتحق بكلية أصول الدين ولما أتم دراسته بها حصل على الإجازة التى تعرف اليوم بالماجستير .

أعماله ووظائفه التى تولاها

تولى رحمه الله الخطابة بمسجد عذبان بالعتبة الخضراءسنة 1362ه/1943م ، وتولى أيضا الخطابة بالجامع الأزهر وجامع عمروبن العاص فأحيا الله به قلوبا كادت أن تموت وبعث به أمة من رقدتها، وأصبح مسجد عمرو بن العاص قبلة لمحبى العلم الصادق والكلمة الطيبة والدفاع الحار عن أصول الإسلام وفروعه .

تدرج الشيخ رحمه الله فى مناصب الدعوة والوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف المصرية فتولى التفتيش بالمساجد والوعظ بالأزهر الشريف ، ثم مديراً للمساجد فمديراً للتدريب ، ثم مديرًا للدعوة والإرشاد فوكيلًا لوزارة الأوقاف سنة 1981

ولقد شرفت بعضوية الشيخ العديد من المجامع الفكرية والمؤسسات العلمية مثل مجمع البحوث الإسلامية ، والمجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية بالأردن ، والمعهدالعالى للفكر الإسلامى بواشنطن ، إلى غير ذلك من المجامع والمؤسسات .

حصل الشيخ رحمه الله على العديد من الأوسمة مثل : وسام الأمير وهو أعلى وسام بالجزائر سنة 1988

وجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام سنة 1989

وجائزة الإمتياز من باكستان سنة 1991

وجائزة الدولة التقديرية من مصر سنة1991

إلى غير ذلك من الجوائز(1)

كانت للشيخ رحمه الله مواقف عظيمة فى الدفاع عن الإسلام ضد منتقديه ، وفى فضح أباطيل خصومه ، أوقف رحمه الله بها زحف أعداء الإسلام ، وأرسل قذائف الحق ليدك حصون الكارهين لنور الله ،وأرسل تأملاته هادئة فى الجانب العاطفى من الإسلام ، وبث هموم الداعية الغيور على الإسلام وأهله ،وأبان عن خلق المسلم الحق صاحب العقيدة الصحيحة ، ووقف فى وجه الزحف الأحمر ، وخاض معركة المصحف بكل جرأة وثبات جنان ، ووضع يده على الداء ووصف الدواء فجزاه الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء .

توفى رحمه الله سنة1996 ودفن بالبقيع

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى
ماذا قال عمروبن العاص عن الشيخ الغزالى؟


لقد جعلت لهذه القصة عنوانا خاصا خارج ترجمة الشيخ لأهميتها، ولكونها ستوضح لنا مدى نجاح الشيخ فى جذب أفئدة الناس إلى مسجد عمروبن العاص بعد أن كانت الأنظار متجهة إلى غيره من المساجد .
يحكى الشيخ محمد الغزالى رحمه الله فيقول : استدعانى فضيلة الأستاذ الشيخ: أحمدحسن الباقورى إلى بيته وقال لى : (أريد أن ألقاك فى أمر مهم ) فذهبت إليه ، وعندما جلست على المقعدالقريب منى ، فإذا بالشيخ الباقورى يجلسنى فى مقعد آخر ،واعتذرت له أولا عن غيابى عنه ، لأنه كان مريضا وكان الشلل ينال منه ، فبادرنى بالسؤال الآتى : ماالذى بينك وبين عمروبن العاص ؟ فاستغربت السؤال وقلت : بينى وبين عمروبن العاص ؟ لاشئ أنا خطيب مسجده . قال الشيخ الباقورى :لا ، هناك شئ فشعرت بالدهشة وقلت : أى شئ ؟ قال : (أنا أحكى لك مارأيت وأنت تفسر ) قلت له : ماذا رأيت ؟ قال : بينما أنا نائم شعرت بطارق يقرع الباب ، ويقول : الوالى قادم ، قلت : من القادم ؟ من الوالى القادم ؟ قال :عمرو بن العاص . قال الشيخ الباقورى : فتهيأت للقاء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعرت بخفة فى بدنى - رغم الشلل الذى كان يعانى منه - ودخل عمروبن العاص وجلس فى مكانك هذا ، رجل قصير القامة ، لكن فى عينيه عمقا فكأنهما محيطان فقال لى - أى عمروبن العاص - أبلغ الشيخ الغزالى أننى غفرت له تطاوله على لأنه أحيا مسجدى ، وهذا المسجد هورابع مسجد فى الإسلام لأنه المسجد الذى اجتمع فيه الفاتحون الذين هزموا الرومان فى مصر وأدخلوا الإسلام .
قال الشيخ الباقورى : (وشعرت بشئ من الرهبة ، وإذا عمروبن العاص ينصرف ، وأنا أستيقظ على صوت المؤذن للفجر ، وصليت الفجر وعدت إلى النوم ،وتكررت الرؤيا فاستدعيتك لأعرف كيف تطاولت على عمرو ، ولم غفر لك ؟.
قال الشيخ الغزالى معلقا على الرؤيا :الحقيقة عندما سمعت الرؤيا أخذتنى رعدة وشعرت بالميل للبكاء ، وقلت : أنا ذهبت إلى مسجد عمرو كارها ، وبدرت منى كلمات ضد عمروبن العاص لأنى كنت أكره الذين حاربوا على ابن أبى طالب ، ولكن الآن وبعد أن سمعت هذه الرؤيا ، أنا أتوب إلى الله من ذكر أحد الصحابة بما لايليق ، وعمرو له مكانته ، ولولاه والمؤمنون معه مادخل الإسلام مصر ، وما اعتنقت أنا الإسلام .
قال الشيخ الباقورى : على كل حال الرجل تجاوز عنك ، ونوه بأنك أحييت المسجد ، بعد أن كان المسجد ميتا .
قال الشيخ الغزالى : يغفر الله لى ماكان ، وأنا على العهد لا أبسط لسانى لأصحاب رسول الله جميعا إلا بالخير .
فهذا الموقف يوضح لنا الدور العظيم الذى قام به الشيخ الغزالى فى إحياء مسجد عمروبن العاص بشهادة مؤسسه وبانيه الصحابى الجليل عمروبن العاص رضى الله عنه ، ويوضح لنا كيف أن الله عزوجل جمع القلوب على حب الشيخ الغزالى رحمه الله ، حتى غدا مسجد عمرو كعبة تهفوا إليها أفئدة المحبين من كل مكان .
رحم الله الشيخ
وللحديث بقية
كتبه /المعتزبالله الكامل
...المزيد

الغزالى - قصة حياة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ،أرسل رسوله بالهدى ودين ...

الغزالى - قصة حياة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ،أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله ربّه بين يدى الساعةِ هاديًا ومبشرًاونذيرًا ، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ً كثيراً.

أما بعد:

فإن كل نفس بشرية لها نصيب من الجمال والقبح ،والكمال المطلق لايوجد فى هذا العالم ،ولكن بعض النفوس الممتازة تقرب من الكمال أكثر من غيرها ، فتنموا زهرة الجمال فيها نمواً عجيباً ، وتتكاثر فروعها وتمتد طولاً وعرضاً ،ولاتترك مجالاً لسواها فيضعف ويذبل كل نباتٍ خبيثٍ بجانبها.(1)

ومن هذا القسم الممتاز كانت نفسُ إمامنا الشيخ محمد الغزالى رحمه الله رحمة واسعة.

لقد كان الشيخ الغزالى رحمه الله من أعظم خطباء عصره ، وكان فارس الكلمة ، كان يملك أسلوباًيمتلئ بالحمية ،ويتوقد غيرةً على حرماتِ الله ، كان من حراسِ هذه الأمةِ الذين نذروا أنفسهم لحماية مقدساتها ، وأفنوا أعمارهم فى خدمةِ قضيتها .

وإنّ من واجب الدعاة إلى الله عزوجل أن يدرسوا أسلوب الشيخ رحمه الله فى الخطابة ، ليعلموا كيف يخاطبوا الناس ويأخذوا بايديهم إلى الله ،ليكونوا بحقٍ أئمةً يقتدِى بهم مَن بعدَهم وليُضيئوا الطريق لكل سالكٍ إلى الله على بصيرة وهدى .

لهذا شرعت فى كتابة هذا البحث المتواضع وجعلت عنوانه (الشيخ الغزالى خطيباً )

أماسبب اختيارى للموضوع فيرجع إلى:

1- التعريف بجانب من حياة الشيخ قَلّ من تناوله من الكتاب والباحثين .

2-بيان طريقة الشيخ رحمه الله فى الخطابة التى كانت سببًا فى جمع القلوب حوله ، وجذب الأفئدة إليه .

3_تعريف الجيل الحالى ممن لم يدرك عصر الشيخ الغزالى رحمه الله بشخصية الشيخ وعوامل النجاح التى جعلته مهوى أفئدة المحبين للخطابة فى عصره والعصور التالية لعصره .
واللهَ أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه ،وأن يجعله نواةً لدراسة موسعة عن طريقةِ الشيخ رحمه الله فى الخطابة ،وأن يضئ هذا البحث الطريق للخطباء ليقتدوا بالشيخ فى طريقته لعلهم يصلوا إلى ماوصل إليه.حياته

المبحث الأول : مولده ونشأته

هو محمدالغزالى أحمداالسقا مرسى .

ومحمدالغزالى اسم مركب ،وقد ذكر رحمه الله سبب تسميته بهذا الإسم فقال :والدى رحمه الله كان يحب شيخ الإسلام أبا حامدالغزالى ، وكان عاشقا للتصوف ، يحترم رجاله ،ويختار من مسالكهم مايشاء ،لأنه كان حافظا للقرآن جيد الفهم لنصوصه ، ويروى أبى لأصدقاء الأسرة أن تسميتى (محمدالغزالى ) جاءت عقب رؤية منامية وبإيحاءٍ من أبى حامد(رضى الله عنه )

ولد رحمه الله فى 22/9/1917 للميلاد فى قرية تكلا العنب من إيتاى البارود بمحافظة البحيرة ،لأسرة ريفية فقيرة متدينة ،وكان الشيخ أكبر إخوته السبعة .

وكان والده رجلا صالحاً وتاجراً أميناً ، محباً للصوفية شغوفاً بأبى حامدالغزالى ، حريصاً على العلم الشرعى .

وأما والدته فكانت سيدة بارّةً صالحةً محسنةً ،تحب الخير والإحسان للناس ، وكان الغزالى حين يذهب إلى القرية تطلب منه والدته أن يحسن إلى الجميع فكان يعد أكبر مبلغ من المال لإنفاقه فى أوجه الخير والبر .

وأتم حفظ القرآن الكريم وهو فى العاشرة من عمره ،والتحق بالمعهدالدينى التابع للأزهر الشريف بمدينة الإسكندرية ،فحصل على الشهادة الإبتدائية سنة 1932م ، ومن نفس المعهد بالقسم الثانوى حصل على الشهادة الثانوية الأزهرية سنة 1937م .

ولقدتأثرالشيخ فى هذه الفترة من حياته بعلماء تتلمذ على يديهم منهم الشيخ :إبراهيم الغرباوى ، والشيخ : عبدالعزيز بلال ، وكانا يشتغلان بالتربية النفسية ،ولهما درجة عالية فى العبادة والتقوى ،وكانا يمزجان الدرس برقابة الله وطلب الآخرة ،وعدم الفتنة بنيل الإجازات العلمية ، لأن للألقاب العلمية طنينا ربما ذهب معه الإخلاص المنشود فى الدين





ولقد ذكر الشيخ رحمه الله موقفًا يدل على ماكان يمتاز به أستاذه من رقة قلبٍ وذلك لما طلب منه الشيخ محمدالريان أن يعرب الجملة التالية (عبدت الله ) فأجاب الشيخ الغزالى رحمه الله بـأن اسم الجلالة منصوب على التعظيم فبكى شيخه رحمه الله (1) وهذا الموقف ربما ظل محفورًا فى ذاكرة الشيخ ومؤثرًا فيه ،وقد أثر هذا الموقف فى تكوين الشيخ وأكسبه رقة القلب التى لازمته حتى آخر حياته ، فهانحن نراه وقد ذكر فى محاضرة له اسم الله الستار ، فقال أحب أن أقول لكم أنى أعيش فى ظل وارفٍ من الإسم الحسن من اسماء الله الحسنى الستار ، ولولا هذا الستر الذى لف الله به نفسى وكيانى لافتضحت ثم لم يتمالك الشيخ نفسه فانهمرت دموعه معبرة عن تعظيمه لربه سبحانه وتعالى .

وقد تكرر بكاء الشيخ رحمه الله كثيرا عند ذكره لرسول الله ، وعند شوقه للموت فى سبيل الله ، وهذا يبين لنا أهمية هذه التنشئة فى حياة الداعى إالى الله عزوجل .

ولما أتم الشيخ رحمه الله تعليمه الثانوى انتقل إلى القاهرة ليبدأ دراسته الجامعية ، فالتحق بكلية أصول الدين ولما أتم دراسته بها حصل على الإجازة التى تعرف اليوم بالماجستير .

أعماله ووظائفه التى تولاها

تولى رحمه الله الخطابة بمسجد عذبان بالعتبة الخضراءسنة 1362ه/1943م ، وتولى أيضا الخطابة بالجامع الأزهر وجامع عمروبن العاص فأحيا الله به قلوبا كادت أن تموت وبعث به أمة من رقدتها، وأصبح مسجد عمرو بن العاص قبلة لمحبى العلم الصادق والكلمة الطيبة والدفاع الحار عن أصول الإسلام وفروعه .

تدرج الشيخ رحمه الله فى مناصب الدعوة والوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف المصرية فتولى التفتيش بالمساجد والوعظ بالأزهر الشريف ، ثم مديراً للمساجد فمديراً للتدريب ، ثم مديرًا للدعوة والإرشاد فوكيلًا لوزارة الأوقاف سنة 1981

ولقد شرفت بعضوية الشيخ العديد من المجامع الفكرية والمؤسسات العلمية مثل مجمع البحوث الإسلامية ، والمجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية بالأردن ، والمعهدالعالى للفكر الإسلامى بواشنطن ، إلى غير ذلك من المجامع والمؤسسات .

حصل الشيخ رحمه الله على العديد من الأوسمة مثل : وسام الأمير وهو أعلى وسام بالجزائر سنة 1988

وجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام سنة 1989

وجائزة الإمتياز من باكستان سنة 1991

وجائزة الدولة التقديرية من مصر سنة1991

إلى غير ذلك من الجوائز(1)

كانت للشيخ رحمه الله مواقف عظيمة فى الدفاع عن الإسلام ضد منتقديه ، وفى فضح أباطيل خصومه ، أوقف رحمه الله بها زحف أعداء الإسلام ، وأرسل قذائف الحق ليدك حصون الكارهين لنور الله ،وأرسل تأملاته هادئة فى الجانب العاطفى من الإسلام ، وبث هموم الداعية الغيور على الإسلام وأهله ،وأبان عن خلق المسلم الحق صاحب العقيدة الصحيحة ، ووقف فى وجه الزحف الأحمر ، وخاض معركة المصحف بكل جرأة وثبات جنان ، ووضع يده على الداء ووصف الدواء فجزاه الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء .

توفى رحمه الله سنة1996 ودفن بالبقيع

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى
ماذا قال عمروبن العاص عن الشيخ الغزالى؟


لقد جعلت لهذه القصة عنوانا خاصا خارج ترجمة الشيخ لأهميتها، ولكونها ستوضح لنا مدى نجاح الشيخ فى جذب أفئدة الناس إلى مسجد عمروبن العاص بعد أن كانت الأنظار متجهة إلى غيره من المساجد .
يحكى الشيخ محمد الغزالى رحمه الله فيقول : استدعانى فضيلة الأستاذ الشيخ: أحمدحسن الباقورى إلى بيته وقال لى : (أريد أن ألقاك فى أمر مهم ) فذهبت إليه ، وعندما جلست على المقعدالقريب منى ، فإذا بالشيخ الباقورى يجلسنى فى مقعد آخر ،واعتذرت له أولا عن غيابى عنه ، لأنه كان مريضا وكان الشلل ينال منه ، فبادرنى بالسؤال الآتى : ماالذى بينك وبين عمروبن العاص ؟ فاستغربت السؤال وقلت : بينى وبين عمروبن العاص ؟ لاشئ أنا خطيب مسجده . قال الشيخ الباقورى :لا ، هناك شئ فشعرت بالدهشة وقلت : أى شئ ؟ قال : (أنا أحكى لك مارأيت وأنت تفسر ) قلت له : ماذا رأيت ؟ قال : بينما أنا نائم شعرت بطارق يقرع الباب ، ويقول : الوالى قادم ، قلت : من القادم ؟ من الوالى القادم ؟ قال :عمرو بن العاص . قال الشيخ الباقورى : فتهيأت للقاء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعرت بخفة فى بدنى - رغم الشلل الذى كان يعانى منه - ودخل عمروبن العاص وجلس فى مكانك هذا ، رجل قصير القامة ، لكن فى عينيه عمقا فكأنهما محيطان فقال لى - أى عمروبن العاص - أبلغ الشيخ الغزالى أننى غفرت له تطاوله على لأنه أحيا مسجدى ، وهذا المسجد هورابع مسجد فى الإسلام لأنه المسجد الذى اجتمع فيه الفاتحون الذين هزموا الرومان فى مصر وأدخلوا الإسلام .
قال الشيخ الباقورى : (وشعرت بشئ من الرهبة ، وإذا عمروبن العاص ينصرف ، وأنا أستيقظ على صوت المؤذن للفجر ، وصليت الفجر وعدت إلى النوم ،وتكررت الرؤيا فاستدعيتك لأعرف كيف تطاولت على عمرو ، ولم غفر لك ؟.
قال الشيخ الغزالى معلقا على الرؤيا :الحقيقة عندما سمعت الرؤيا أخذتنى رعدة وشعرت بالميل للبكاء ، وقلت : أنا ذهبت إلى مسجد عمرو كارها ، وبدرت منى كلمات ضد عمروبن العاص لأنى كنت أكره الذين حاربوا على ابن أبى طالب ، ولكن الآن وبعد أن سمعت هذه الرؤيا ، أنا أتوب إلى الله من ذكر أحد الصحابة بما لايليق ، وعمرو له مكانته ، ولولاه والمؤمنون معه مادخل الإسلام مصر ، وما اعتنقت أنا الإسلام .
قال الشيخ الباقورى : على كل حال الرجل تجاوز عنك ، ونوه بأنك أحييت المسجد ، بعد أن كان المسجد ميتا .
قال الشيخ الغزالى : يغفر الله لى ماكان ، وأنا على العهد لا أبسط لسانى لأصحاب رسول الله جميعا إلا بالخير .
فهذا الموقف يوضح لنا الدور العظيم الذى قام به الشيخ الغزالى فى إحياء مسجد عمروبن العاص بشهادة مؤسسه وبانيه الصحابى الجليل عمروبن العاص رضى الله عنه ، ويوضح لنا كيف أن الله عزوجل جمع القلوب على حب الشيخ الغزالى رحمه الله ، حتى غدا مسجد عمرو كعبة تهفوا إليها أفئدة المحبين من كل مكان .
رحم الله الشيخ
وللحديث بقية
كتبه /المعتزبالله الكامل
...المزيد

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ...

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما


فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، فكان أكمل رجل عرفته البشرية ، يجد كل مقتد فيه بغيته ، فالقائد يجد بغيته ، والمعلم يجد بغيته ،والمربى يجد بغيته ، والداعى إلى الله يجد مايروى غليله ويشبع نهمته ، وكلما نظر الناظر إلى جانب من جوانب سيرته صلى الله عليه وسلم وجده مكتملا وكأن النبى صلى الله عليه وسلم قد تفرغ له وتخصص فيه وأفنى عمره فى تجويده وتحسينه .

وإذا كانت مشكلة البشرية القديمة الحديثة هى مشكلة التربية والتعليم ، حتى أن المؤلفات والمحاضرات فى هذه المشكلة تتجاوز مكتبة ضخمة كتبت وألفت لعلاج المشكلة ، ومازالت البشرية فى حاجة إلى كتابات أخرى فى هذه المشكلة .

فهل نجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم علاجا ناجعا لهذه المشكلة كما اعتدنا فى جميع أمور حياتنا ؟

هذا ماسنراه فى خطبة اليومتعالوا بنا ننظر فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم لنر كيف عالج رسول الله مشكلة التربية والتعليم وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مرب عرفته البشرية ؟.

أول مايطالعنا هو:

أولا : أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقوم بتحويل الرجل العادى إلى طالب علم حريص على العلم

فكل تعليم لا يقوم على هذا الأساس هو حرث فى البحر أورقم على الماء

إذا لم يكن الطالب حريصا على العلم مهتما به محبا له فلن يفيده التعليم شيئا .

انظر إليه صلى الله عليه وسلم حين جلس فى المسجد فجاء رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل ، فعاد الرجل فصلى ثم عاد فسلم فرد عليه النبى السلام وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ،فعاد الرجل وفى الثالثة قال والذى بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمنى .

فانظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ألم يكن فى مقدوره إذا رأى رجلا لا يحسن الصلاة أن يعلمه مباشرة ؟ أو حتى يدله على موضع الخطأ فى صلاته ليصححها ؟

لو فعل النبى ذلك لربما تعلم الرجل الصلاة أو بعضها لكن الرجل لن يتحول إلى طالب علم حريص على طلبه محب له ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يوجد طالب علم يبحث عنه فى مظانه وهو مايسمى عند العلماء بإيجاد الدافع لطلب العلم

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم

استغلال الوقت المناسب والموقف المناسب لإلقاء العلم على صحابته

فالمعلم الذى يلقى الدرس على تلاميذه دون أن يربطه بحادثة قد وقعت أو موقف يأخذون منه عبرة قد يستفيد تلاميذة استفادة وقتية لاتلبث أن تزول من الذاكرة مع مر الأيام ، لكن المعلم الذى يربط الدرس بمشهد يراه تلاميذه سيجعل الدرس حيا فى الأذهان لفترة وياة بل قد لاينسى تلاميذه الدرس أبدا .

إن الدرس الذى يربط المعلم فيه بين مشهد يراه تلاميذه وبين تعليق من المعلم هو فى حقيقته درس يجمع بين الجانب البصرى والجانب السمعى ، والعلماء يقولون : إن استخدام أكثر من حاسة فى المذاكرة يعين على إتقان الدرس وعدم نسيانه .

تعالوا بنا لنر هذا الموقف من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

مر رجل ذو شارة حسنة يركب على دابة فارهة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب أن ينكح ،وإن شفع أن يشفع ،وإن قال أن يسمع لقوله ، ثم مر رجل فقير فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب ألا يزوج ،وإن شفع ألا يشفع ، وإن قال ألايسمع لقوله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض من هذا .

انظر إالى هذا الموقف وسل نفسك ماهى الرسالة التى أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يوصلها لأصحابه ؟

الرسالة تتلخص فى ( رب فقير لايؤبه له خير عند الله من آلاف الأغنياء)

ألم يكن فى مقدور النبى صلى الله عليه وسلم أن يقولها هكذا كما قلتها أنا ؟

لماذا ينتظر النى صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموقف ليلقى درسه على أصحابه ؟

إن السبب هو ماقلت لك ( الربط بين الجانب النظرى والجانب العملى ، واستغلال الفرص المناسبة لإلقاء الدرس )

جئ للنبى صلى الله عليه وسلم بقطع من حرير فجعل الصحابة يتعجبون من حسنها وجمالها فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذه

صعد ابن مسعود شجرة الأراك فبدت ساقاه فضحك الصحابة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لساقا ابن مسعود عند الله أثقل من جبل أحد

كل هذه المواقف لم يدعها النبى تمر عبثا وإنما ربط فيها بين المشهد الذى سيحفر فى الذاكرة وبين التعليق الذى سيزين المشهد ويحسنه

استغلال للفرصة السانحة لإلقاء الموعظة ، وربط بين مشهد عملى وتعليق نظرى

ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الثناء على المحسن والتنبيه على الخطأ دون ذكر المخطئ باسمه

فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رأى من أحد حرصا على طلب العلم أثنى عليه بذلك ، وهذا يرفع همة طالب العلم ، ويجعله حريصا عليه .

فقد سأل أبوهريرة النبى صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بشفاعته فقال صلى الله عليه وسلم : ماظننت أن أحدا يسألنى عن هذا قبلك لما علمت من حرصك على العلم .

فانظر إلى قول النبى لأبى هريرة لما علمت من حرصك على العلم ، فهذا القول سيجعل أبا هريرة من أحرص الناس على العلم ، فلو أجابه النبى صلى الله عليه وسلم دون تعليق لما علت همة أبى هريرة فى طلب العلم ، لأن النبى أجابه كما يجيب أى رجل من أصحابه بل من عامة أصحابه ، لكن ثناء النبى عليه سيحوله إلى طالب علم نهم لايفوت فرصة فى طلب العلم ، وهذا مارأيناه فى حياة أبى هريرة رضى الله عنه .

ومن سنته صلى الله عليه وسلم فى تعليم أصحابه :

أنه كان يعطى لكل فرد من أصحابه حقه من البشر والنظر ، فلا يمنح طرفه لكبار أصحابه ، ولا قدامى الصحابة ولا لأهل بدر ، بل لكل واحد من أصحابه حقه من النظر وحقه من إظهار البشر به والفرح بقدومه .

يقول عمرو بن العاص رضى الله عنه كان رسول الله يمنح بشره ونظره لأبغض الناس إليه يتألفهم بذلك ، حتى أنى ظننت أنى أحب الناس إليه فقلت يارسول الله من أحب الناس إليك ؟ فقال : أبوبكر .

فانظر إلى معاملة النبى لأصحابه التى جعلت عمروا يرى أنه أحب الناس إليه مع أنه لم يكن كذلك .

فيوم أن ينجح المعلم فى جمع قلوب تلاميذه حوله ، حتى يظن كل طالب منهم أنه أحب طلابه إليه ، هناك ولا شك سينجح المعلم فى غرس مايريد فى أبنائه ، بل ستكون المادة العلمية أحب إليهم من كل شئ ، لأنهم يحبون معلم المادة .

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الرفق بالجاهل والمخطئ ،وتعليمه باللين دون التثريب عليه .

فمن ذلك :

تعليمه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمى لما شمت رجلا إلى جواره فى الصلاة فرمقه الناس بأبصارهم فلما رآهم يصمتونه سكت ، فلما انتهى النبى من صلاته علمه باللين واللطف حتى قال الرجل : مارأيت معلما قط أحسن تعليما منه ، فوالله ماكهرنى ولاشتمنى ولاضربنى

فهكذا يكون التعليم جذب القلوب باللطف واللين والأسلوب الحسن

فإذا نجح المعلم فى كبح جماح غضبه مع الجاهل والمخطئ ، واستطاع أن يعلمه بأسلوب حسن جميل ، فلاشك ستجد كلماته طريقا مذللا إلى قلوب أبنائه

هذه رؤوس أقلام فى هذا الموضوع ، أتمنى أن تكون هادية لإخواننا المعلمين ومرشدة لهم ، وأتمنى أن تضع أرجلهم على بداية الطريق الصحيح للتعليم .

والله من وراء القصد
كتبه
المعتزبالله الكامل
...المزيد

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ...

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أمابعد :

فإن سيرة النبى ﷺ هى النبع الصافى الذى يجد فيه كل باحث عن الأخلاق الحسنة مايروى ظمأه ، ويريح قلبه ، وهى المعين الذى لاينضب والفيض الذى لاينقطع .

شملت هذه السيرة كل الأخلاق الفاضلة التى دعا إليها الأنبياء والمصلحون، وحلم بها الفلاسفة والمفكرون ، فلا تجد صفة كمال إلا وفى سيرة النبى ﷺعشرات المواقف العظيمة التى لاتجدها فى سيرة غيره ولو كان من الأنبياء فضلا عن أن يكون من الدعاة والمصلحين .

ولو أردنا أن نتتبع مواقف النبل والشرف فى سيرة النبى ﷺسيهولنا كثرة المواقف فى سيرته ﷺ.

فمن مواقف نبله ﷺ :

أنه كان مع علو قدره وعظيم شرفه يتواضع لأصحابه ، فيجلس معهم كأحدهم ، حتى يأتى الغريب فلا يعرفه أيهم هو حتى يسأل أيكم محمد بل من عظمته ونبله ﷺ أنه كان يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد .

أرأيتم نبلا كهذا النبل ؟ إن النبى ﷺ كان من اشرف بيت من بيوت العرب ولو شاء أن يفخر بانتمائه إليه لما أنكر أحد عليه ،ثم نبوته ورسالته التى لا مكانة فوقها ، لكن النبى ﷺلم يفخر على أحد بل تواضع حتى جلس جلسة العبد وأكل كما يأكل العبد .

ولما أتى إليه رجل فجعل ترعد فرائصه قال له النبى ﷺهون عليك فإنى لست بملك أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ، إنه يخفف من الهيبة التى ألقيت فى قلب الرجل حتى كادت تهلكه ، ولا يدع الرجل تتملكه الهيبة حتى تذهب بعقله .

ومن مواقف نبله وشرفه ﷺ ماورد أنه ﷺلمانسجت له امرأة من أصحابه بردة وجاءت يها إليه فأهدتها إليه ، فلبسها النبى محتاجا إليها ، فقال رجل من أصحابه : ما أجمل هذه البردة أكسنيها ، فقال النبى ﷺ أفعل ، فقام فخلعها ثم أعطاها للرجل .

فانظر إلى قول الراوى : لبسها محتاجا إليها ، فرسول الله كان محتاجا لها ، ومع ذلك يؤثر صاحبه بها ، ويقدمه على نفسه ، هذا لعمرى أعظم النبل والشرف ، أن تمنح غيرك ماتشتد حاجتك إليه ، هذا فى دنيا الناس قليل ، بل ربما يكون معدوما .

ومن مواقف نبله ﷺ ماورد أن جابربن عبدالله رأى مايعانيه النبى ﷺ من الجوع وهو يحفر الخندق ، فاستأذن رسول الله فى الذهاب إلى بيته وأمر زوجته أن تعد طعاما فأعدت طعاما قليلا لا يكفى إلا لرجلين أوثلاثة فجاء جابر فأسر إلى رسول الله ﷺ وطلب منه أن يأتى وينتقى رجلين أو ثلاثة ، فصاح النبى فى أهل الخندق : ياأهل الخندق لقد صنع لكم جابر طعاما فقاموا جميعا مع رسول الله فأكلوا.

فهنا نرى النبى ﷺ يأبى أن يستأثر بالطعام دون أصحابه ، ولو فعل لكان له عذر ، إذ أن صاحب الدار قد خصه بالدعوة ومعه رجلين أوثلاثة فقط ، والمدعو إلى دار غيره لايملك أن يصرف الأمور فى دار غيره كما يفعل فى داره ، فلو قام النبى وحده لما لامه أحد(وحاشاه ) على فعله فله فى فعله لو فعله حجة قوية ، لكن النبى ﷺ يدعوا أصحابه ، ليأكلو كما سيأكل هو ، وهذه من أمارات عظمته ﷺ .

وأيضا قد ورد فى صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: «وَهَذِهِ؟» لِعَائِشَةَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يتدافعان حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ .

فهذا الجار الفارسى قد صنع لرسول الله طعاما وأراد أن يختصه به ، وطعام الرجل شهى ، وربما تتوق نفس عائشة إليه ، أوربما لم يكن فى بيت عائشة طعام ، أيتركها رسول الله ويذهب إلى طعام تتوق نفسه ونفسها إليه ، لا يفعل رسول الله ذلك ، بل يرفض الدعوة مرارا من أجل عائشة رضى الله عنها .

إن الرجل النبيل هوالذى لايترك صاحبه حينما تبتسم له الدنيا ، وحينما تعرض له الأطماع .

أين المسلمون اليوم من خلق النبل ؟

إن المسلمين اليوم بمبعدة عن خلق النبل والشرف ، فلاهم يتواضعون ولاهم يؤثرون ، ولاهم فى مواقف الطمع لغيرهم يذكرون .

إن المسلمين اليوم يفهمون الإسلام على أنه مجموعة من العبادات تؤدى آليا كما تؤدى الآلة عملها دون أ ن يكون لما تعمله أثر عليها فى تغيير باطنها .

إن الدين ليس عبادة لله فقط وإنما معاملة لغيرك من المسلمين وغير المسلمين حتى الحيوانات والدواب ، حتى الطيور السارحة فى جو السماء

يوم أن يتقن المسلمون ذلك سيتغير وجه الحياة ، وستتغير نظرة الناس للعالم الإسلامى .

إن المسلم النبيل يتواضع وهو عظيم ، ويؤثر وهو محتاج ، ويذكر أحبابه وإخوانه حين تبتسم له الحياة ، فيمنحهم رفده ، ويؤثرهم بمعروفه .

أسأل الله عزوجل أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق ، وأن يصرف عنا سيئها .
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً