ادب الحوار الحمد لله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله ...

ادب الحوار
الحمد لله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أمابعد :

فإن الإسلام دين يقوم على الإقناع ، ويأبى الإكراه على الإعتقاد ( لاإكراه فى الدين ) ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وينادى بالحوار القائم على أسس سليمة ، المراعى للآداب السامية فى الحوار .

ولقد حفلت نصوص السنة المطهرة والسيرة العطرة بمواقف سامية غدت أسسا لكل حوار بناء يقوم على احترام الطرف الآخر ويبغى الوصول إلى الحقيقة دون زيف أوتضليل .

فمن هذه الآداب العظيمة :

الإخلاص والتجرد لطلب الحق

فالمسلم الحق هو الذى يتجرد لطلب الحق ، ولا عليه أن يظفر أو أن يظفر غيره ، المهم هو أن يصلا معا إلى الحق ، يقول الإمام الشافعى رحمه الله( ماناظرت أحدا إلا رجوت أن يظهر الله الحق على لسانه)

فليس الغرض من الحوار أن يعلو ذكرك ، أو أن يثنى الناس عليك ، إنما ينبغى أن يكون الهدف من الحوار هو ظهور الحق ، سواء كان الحق فى قولى أو فيما ذهب إليه الطرف الآخر .

ولقد حفظ لنا التاريخ نموذجا عاليا لأدب الحوار يبدوا التجرد لطلب الحق واضحا فيه ، هذا النموذج هو المناظرة التى جرت بين الإمامين العظيمين الإمام الشافعى وإسحاق بن راهويه فى مسألة طهارة جلود الميتة حيث كان الإمام الشافعى يرى طهارة جلد الميتة إذا دبغ ،وكان إسحاق يرى عدم طهارته ، وكان الإمام أحمد بن حنبل حاضرا فقال الإمام الشافعى دباغها طهورها .

قال إسحاق : ماالدليل ؟

قال الشافعى : حديث ميمونة أن النبى ﷺمر بشاة ميتة فقال : هلا أخذتم إهابها فانتفعتم به ؟

فقال إسحاق : وما تقول فى حديث ابن عكيم : أتانا كتاب رسول الله قبل موته بشهر (لاتنتفعوا من الميتة بإهاب ولاعصب )

وهذا الحديث يشبه أن يكون ناسخا للحديث الأول لتأخره .

فقال الشافعى : هذا كتاب وأما حديثى فسماع .

يقصد أن السماع أقوى من الكتاب .

فقال إسحاق : إن النبى ﷺ كتب إلى كسرى وقيصر كتبا وكانت حجة عليهم .

فسكت الإمام الشافعى رحمه الله .

الغريب فى الأمر أن الإمام أحمد أخذ برأى إسحاق والأمر الأشد غرابة أن إسحاق أخذ برأى الشافعى مع أن الذى يبدوا من المناظرة أن إسحاق قد ظهر قوة مذهبه ، لكنه التجرد فى طلب الحق كما قلت لك .

ومن آداب الحوار

سماع حجة الطرف الآخر وعدم مقاطعته :

وهذا يبدوا واضحا فى سماع النبى من عتبة بن ربيعة لماقال له :

يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السِّطَة في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها ‏‏.‏‏

‏‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ قل يا أبا الوليد ، أسمعْ ؛ قال ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا ، حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ؛ وإن كان هذا الذي يأتيك رَئيِّا تراه لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُداوى منه .

ورسول الله جالس يسمع ، حتى إذا فرغ عتبة قال له رسول اللهﷺ: أفرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم قال رسول اللهﷺ: فاسمع منى فتلا عليه رسول الله آيات من سورة فصلت حتى بلغ فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فوضع عتبة يده على فم رسول الله ﷺوناشده الرحم أن يكف .

فنرى هنا أن رسول الله ظل ينصت إلى كلام عتبة على رغم مافيه من خطأ ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم أعطاه حقه فى أن يتكلم ويعرض رأيه فى وضوح ولم يقاطعه وهذا هو الواجب فى الحوار أن يستمع كل طرف إلى الآخر باهتمام ، ويترك له المجال متسعا للإدلاء برأيه والإفصاح عن حجته .

ومن أدب الحوار

أن تنزل الطرف الآخر منزلته وتعطيه قدره ، فتناديه بلقبه العلمى إن كان يحمل لقبا علميا ، أوتكنيه بكنيته إن لم يكن ممن يعرف بلقب علمى ،كما رأينا من تكنية الرسول ﷺلعتبة بأبى الوليد وكما وقع من الإمام الشافعى فى مناظرة أخرى لإسحاق فى كراء بيوت مكة حيث استدل الإمام الشافعى على جواز كرائها بأدلة من الكتاب والسنة وفعل الخلفاء الراشدين ، ورد إسحاق بأقوال للتابعين كمجاهد وعطاء ، فقال له الشافعى : أنت إسحاق الذى يقولون عنه إنه إمام أهل خراسان ؟ قال إسحاق : هكذا يقولون . فقال الشافعى : ما أحوجنى إلى أن يكون غيرك مكانك فكنت آمر بعرك أذنيه ، أقول لك :قال رسول الله ﷺوتقول قال عطاء ومجاهد وطاوس وهل لأحد مع رسول الله حجة ؟

فهنا نرى الإمام الشافعى مع تخطئته للإمام إسحاق إلا أنه لم يسئ إليه ، وضرب المثل بغيره ، فلم يقل له : ما أحوجنى إلى عرك أذنك إنما ساق الكلام كأنه يتحدث عن غائب فصحح الخطأ ولام على مجانبة الصواب دون أن يجرح وحفظ للمحاور مكانته .

ومن آداب الحوار:

الإتفاق على موضوع محدد للحوار حتى لايتشتت الحديث فى وجهات شتى ولايصل المتحاوران إلى رأى محدد فى قضية واحدة .

فلما خرج الخوارج واعتزلوا ، طلب ابن عباس من على رضى الله عنه أن يذهب لمناظرتهم ، فلما ذهب إليهم اتفق معهم على أن تكون المناظرة فى النقاط المحددة التى ينقمونها على على رضى الله عنه وأخذ عليهم العهد إن أجابهم عنها أن يرجعوا عن خروجهم على على ، فلما أجابهم رجع منهم ثمانية آلاف .

فلولم يحدد ابن عباس النقاط التى سيتم الحوار فيها ، ربما أدى ذلك إلى تشتت الحوار ودخوله فى مواضيع شتى دون الوصول إلى حل للأمر الذى ذهب ابن عباس من أجله .

ومن آداب الحوار:

الإتفاق على مرجع يفصل عند الإختلاف .

فقد تطول المناظرة ولايسلم أحدالفريقين للآخر ، ولو لم يكن هناك شخص أوهيئة تفصل أوتحكم لأحد الفريقين لربما لاتصل سفية الحوار إلى شاطى لترسوا عليه .

ومن الآداب

تحرير الألفاظ وتحديد المعنى المراد بكل لفظ ، والبعد عن الألفاظ الموهمة .

فلا بد من تحديد الألفاظ وعدم استعمال الألفاظ التى تحتمل معان كثيرة ، ولا يجوز استعمال الألفاظ الموهمة التى تحتمل معان كثيرة دون تحديد المعنى المراد منها .

وسأذكر فى هذا موقفا أشبه بالطرفة ، وقد وقع ونقله من حضره .

يذكرون أن شابا خطب فتاة ولما جاء موعد عقد الزواج قال من سيتولى العقد (القاضى ) لولى أمر الفتاة : ابنتك بكر ؟ فقال الرجل : لا

ولقد كانت البنت بكرا لم تتزوج قبل ذلك فوقعت الكلمة على أهل المجلس كالصاعقة ، لولا أن أحد الجالسين تدارك الموقف وقال للرجل : ماتعريف كلمة بكر عندك ؟ قال بكر يعنى أول الأولاد . فقال القاضى نحن نسألك الآن هل هى بكر أم ثيب ؟ ولا نسألك عن كونها أول الأولاد أم لا ؟ قال الرجل : هى بكر بكر.

فلو لم ينطق الرجل ويطالب بتحديد المعنى المقصود من اللفظ الموهم لربما أدى ذلك إلى فساد عظيم وشر مستطير ،لهذا يجب تحرير الألفاظ والبعد عن الألفاظ الموهمة لكى لايقع سوء فهم من أحد المتحاورين للآخر.

هذه رؤوس أقلام نبهنا بها على ماوراءها وكما قالوا حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق .

والله من وراء القصد

كتبه

المعتزبالله الكامل
...المزيد

ادب الحوار الحمد لله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله ...

ادب الحوار
الحمد لله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أمابعد :

فإن الإسلام دين يقوم على الإقناع ، ويأبى الإكراه على الإعتقاد ( لاإكراه فى الدين ) ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وينادى بالحوار القائم على أسس سليمة ، المراعى للآداب السامية فى الحوار .

ولقد حفلت نصوص السنة المطهرة والسيرة العطرة بمواقف سامية غدت أسسا لكل حوار بناء يقوم على احترام الطرف الآخر ويبغى الوصول إلى الحقيقة دون زيف أوتضليل .

فمن هذه الآداب العظيمة :

الإخلاص والتجرد لطلب الحق

فالمسلم الحق هو الذى يتجرد لطلب الحق ، ولا عليه أن يظفر أو أن يظفر غيره ، المهم هو أن يصلا معا إلى الحق ، يقول الإمام الشافعى رحمه الله( ماناظرت أحدا إلا رجوت أن يظهر الله الحق على لسانه)

فليس الغرض من الحوار أن يعلو ذكرك ، أو أن يثنى الناس عليك ، إنما ينبغى أن يكون الهدف من الحوار هو ظهور الحق ، سواء كان الحق فى قولى أو فيما ذهب إليه الطرف الآخر .

ولقد حفظ لنا التاريخ نموذجا عاليا لأدب الحوار يبدوا التجرد لطلب الحق واضحا فيه ، هذا النموذج هو المناظرة التى جرت بين الإمامين العظيمين الإمام الشافعى وإسحاق بن راهويه فى مسألة طهارة جلود الميتة حيث كان الإمام الشافعى يرى طهارة جلد الميتة إذا دبغ ،وكان إسحاق يرى عدم طهارته ، وكان الإمام أحمد بن حنبل حاضرا فقال الإمام الشافعى دباغها طهورها .

قال إسحاق : ماالدليل ؟

قال الشافعى : حديث ميمونة أن النبى ﷺمر بشاة ميتة فقال : هلا أخذتم إهابها فانتفعتم به ؟

فقال إسحاق : وما تقول فى حديث ابن عكيم : أتانا كتاب رسول الله قبل موته بشهر (لاتنتفعوا من الميتة بإهاب ولاعصب )

وهذا الحديث يشبه أن يكون ناسخا للحديث الأول لتأخره .

فقال الشافعى : هذا كتاب وأما حديثى فسماع .

يقصد أن السماع أقوى من الكتاب .

فقال إسحاق : إن النبى ﷺ كتب إلى كسرى وقيصر كتبا وكانت حجة عليهم .

فسكت الإمام الشافعى رحمه الله .

الغريب فى الأمر أن الإمام أحمد أخذ برأى إسحاق والأمر الأشد غرابة أن إسحاق أخذ برأى الشافعى مع أن الذى يبدوا من المناظرة أن إسحاق قد ظهر قوة مذهبه ، لكنه التجرد فى طلب الحق كما قلت لك .

ومن آداب الحوار

سماع حجة الطرف الآخر وعدم مقاطعته :

وهذا يبدوا واضحا فى سماع النبى من عتبة بن ربيعة لماقال له :

يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السِّطَة في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها ‏‏.‏‏

‏‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ قل يا أبا الوليد ، أسمعْ ؛ قال ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا ، حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ؛ وإن كان هذا الذي يأتيك رَئيِّا تراه لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُداوى منه .

ورسول الله جالس يسمع ، حتى إذا فرغ عتبة قال له رسول اللهﷺ: أفرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم قال رسول اللهﷺ: فاسمع منى فتلا عليه رسول الله آيات من سورة فصلت حتى بلغ فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فوضع عتبة يده على فم رسول الله ﷺوناشده الرحم أن يكف .

فنرى هنا أن رسول الله ظل ينصت إلى كلام عتبة على رغم مافيه من خطأ ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم أعطاه حقه فى أن يتكلم ويعرض رأيه فى وضوح ولم يقاطعه وهذا هو الواجب فى الحوار أن يستمع كل طرف إلى الآخر باهتمام ، ويترك له المجال متسعا للإدلاء برأيه والإفصاح عن حجته .

ومن أدب الحوار

أن تنزل الطرف الآخر منزلته وتعطيه قدره ، فتناديه بلقبه العلمى إن كان يحمل لقبا علميا ، أوتكنيه بكنيته إن لم يكن ممن يعرف بلقب علمى ،كما رأينا من تكنية الرسول ﷺلعتبة بأبى الوليد وكما وقع من الإمام الشافعى فى مناظرة أخرى لإسحاق فى كراء بيوت مكة حيث استدل الإمام الشافعى على جواز كرائها بأدلة من الكتاب والسنة وفعل الخلفاء الراشدين ، ورد إسحاق بأقوال للتابعين كمجاهد وعطاء ، فقال له الشافعى : أنت إسحاق الذى يقولون عنه إنه إمام أهل خراسان ؟ قال إسحاق : هكذا يقولون . فقال الشافعى : ما أحوجنى إلى أن يكون غيرك مكانك فكنت آمر بعرك أذنيه ، أقول لك :قال رسول الله ﷺوتقول قال عطاء ومجاهد وطاوس وهل لأحد مع رسول الله حجة ؟

فهنا نرى الإمام الشافعى مع تخطئته للإمام إسحاق إلا أنه لم يسئ إليه ، وضرب المثل بغيره ، فلم يقل له : ما أحوجنى إلى عرك أذنك إنما ساق الكلام كأنه يتحدث عن غائب فصحح الخطأ ولام على مجانبة الصواب دون أن يجرح وحفظ للمحاور مكانته .

ومن آداب الحوار:

الإتفاق على موضوع محدد للحوار حتى لايتشتت الحديث فى وجهات شتى ولايصل المتحاوران إلى رأى محدد فى قضية واحدة .

فلما خرج الخوارج واعتزلوا ، طلب ابن عباس من على رضى الله عنه أن يذهب لمناظرتهم ، فلما ذهب إليهم اتفق معهم على أن تكون المناظرة فى النقاط المحددة التى ينقمونها على على رضى الله عنه وأخذ عليهم العهد إن أجابهم عنها أن يرجعوا عن خروجهم على على ، فلما أجابهم رجع منهم ثمانية آلاف .

فلولم يحدد ابن عباس النقاط التى سيتم الحوار فيها ، ربما أدى ذلك إلى تشتت الحوار ودخوله فى مواضيع شتى دون الوصول إلى حل للأمر الذى ذهب ابن عباس من أجله .

ومن آداب الحوار:

الإتفاق على مرجع يفصل عند الإختلاف .

فقد تطول المناظرة ولايسلم أحدالفريقين للآخر ، ولو لم يكن هناك شخص أوهيئة تفصل أوتحكم لأحد الفريقين لربما لاتصل سفية الحوار إلى شاطى لترسوا عليه .

ومن الآداب

تحرير الألفاظ وتحديد المعنى المراد بكل لفظ ، والبعد عن الألفاظ الموهمة .

فلا بد من تحديد الألفاظ وعدم استعمال الألفاظ التى تحتمل معان كثيرة ، ولا يجوز استعمال الألفاظ الموهمة التى تحتمل معان كثيرة دون تحديد المعنى المراد منها .

وسأذكر فى هذا موقفا أشبه بالطرفة ، وقد وقع ونقله من حضره .

يذكرون أن شابا خطب فتاة ولما جاء موعد عقد الزواج قال من سيتولى العقد (القاضى ) لولى أمر الفتاة : ابنتك بكر ؟ فقال الرجل : لا

ولقد كانت البنت بكرا لم تتزوج قبل ذلك فوقعت الكلمة على أهل المجلس كالصاعقة ، لولا أن أحد الجالسين تدارك الموقف وقال للرجل : ماتعريف كلمة بكر عندك ؟ قال بكر يعنى أول الأولاد . فقال القاضى نحن نسألك الآن هل هى بكر أم ثيب ؟ ولا نسألك عن كونها أول الأولاد أم لا ؟ قال الرجل : هى بكر بكر.

فلو لم ينطق الرجل ويطالب بتحديد المعنى المقصود من اللفظ الموهم لربما أدى ذلك إلى فساد عظيم وشر مستطير ،لهذا يجب تحرير الألفاظ والبعد عن الألفاظ الموهمة لكى لايقع سوء فهم من أحد المتحاورين للآخر.

هذه رؤوس أقلام نبهنا بها على ماوراءها وكما قالوا حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق .

والله من وراء القصد

كتبه

المعتزبالله الكامل
...المزيد

ادب الحوار الحمد لله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله ...

ادب الحوار
الحمد لله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أمابعد :

فإن الإسلام دين يقوم على الإقناع ، ويأبى الإكراه على الإعتقاد ( لاإكراه فى الدين ) ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وينادى بالحوار القائم على أسس سليمة ، المراعى للآداب السامية فى الحوار .

ولقد حفلت نصوص السنة المطهرة والسيرة العطرة بمواقف سامية غدت أسسا لكل حوار بناء يقوم على احترام الطرف الآخر ويبغى الوصول إلى الحقيقة دون زيف أوتضليل .

فمن هذه الآداب العظيمة :

الإخلاص والتجرد لطلب الحق

فالمسلم الحق هو الذى يتجرد لطلب الحق ، ولا عليه أن يظفر أو أن يظفر غيره ، المهم هو أن يصلا معا إلى الحق ، يقول الإمام الشافعى رحمه الله( ماناظرت أحدا إلا رجوت أن يظهر الله الحق على لسانه)

فليس الغرض من الحوار أن يعلو ذكرك ، أو أن يثنى الناس عليك ، إنما ينبغى أن يكون الهدف من الحوار هو ظهور الحق ، سواء كان الحق فى قولى أو فيما ذهب إليه الطرف الآخر .

ولقد حفظ لنا التاريخ نموذجا عاليا لأدب الحوار يبدوا التجرد لطلب الحق واضحا فيه ، هذا النموذج هو المناظرة التى جرت بين الإمامين العظيمين الإمام الشافعى وإسحاق بن راهويه فى مسألة طهارة جلود الميتة حيث كان الإمام الشافعى يرى طهارة جلد الميتة إذا دبغ ،وكان إسحاق يرى عدم طهارته ، وكان الإمام أحمد بن حنبل حاضرا فقال الإمام الشافعى دباغها طهورها .

قال إسحاق : ماالدليل ؟

قال الشافعى : حديث ميمونة أن النبى ﷺمر بشاة ميتة فقال : هلا أخذتم إهابها فانتفعتم به ؟

فقال إسحاق : وما تقول فى حديث ابن عكيم : أتانا كتاب رسول الله قبل موته بشهر (لاتنتفعوا من الميتة بإهاب ولاعصب )

وهذا الحديث يشبه أن يكون ناسخا للحديث الأول لتأخره .

فقال الشافعى : هذا كتاب وأما حديثى فسماع .

يقصد أن السماع أقوى من الكتاب .

فقال إسحاق : إن النبى ﷺ كتب إلى كسرى وقيصر كتبا وكانت حجة عليهم .

فسكت الإمام الشافعى رحمه الله .

الغريب فى الأمر أن الإمام أحمد أخذ برأى إسحاق والأمر الأشد غرابة أن إسحاق أخذ برأى الشافعى مع أن الذى يبدوا من المناظرة أن إسحاق قد ظهر قوة مذهبه ، لكنه التجرد فى طلب الحق كما قلت لك .

ومن آداب الحوار

سماع حجة الطرف الآخر وعدم مقاطعته :

وهذا يبدوا واضحا فى سماع النبى من عتبة بن ربيعة لماقال له :

يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السِّطَة في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها ‏‏.‏‏

‏‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ قل يا أبا الوليد ، أسمعْ ؛ قال ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا ، حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ؛ وإن كان هذا الذي يأتيك رَئيِّا تراه لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُداوى منه .

ورسول الله جالس يسمع ، حتى إذا فرغ عتبة قال له رسول اللهﷺ: أفرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم قال رسول اللهﷺ: فاسمع منى فتلا عليه رسول الله آيات من سورة فصلت حتى بلغ فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فوضع عتبة يده على فم رسول الله ﷺوناشده الرحم أن يكف .

فنرى هنا أن رسول الله ظل ينصت إلى كلام عتبة على رغم مافيه من خطأ ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم أعطاه حقه فى أن يتكلم ويعرض رأيه فى وضوح ولم يقاطعه وهذا هو الواجب فى الحوار أن يستمع كل طرف إلى الآخر باهتمام ، ويترك له المجال متسعا للإدلاء برأيه والإفصاح عن حجته .

ومن أدب الحوار

أن تنزل الطرف الآخر منزلته وتعطيه قدره ، فتناديه بلقبه العلمى إن كان يحمل لقبا علميا ، أوتكنيه بكنيته إن لم يكن ممن يعرف بلقب علمى ،كما رأينا من تكنية الرسول ﷺلعتبة بأبى الوليد وكما وقع من الإمام الشافعى فى مناظرة أخرى لإسحاق فى كراء بيوت مكة حيث استدل الإمام الشافعى على جواز كرائها بأدلة من الكتاب والسنة وفعل الخلفاء الراشدين ، ورد إسحاق بأقوال للتابعين كمجاهد وعطاء ، فقال له الشافعى : أنت إسحاق الذى يقولون عنه إنه إمام أهل خراسان ؟ قال إسحاق : هكذا يقولون . فقال الشافعى : ما أحوجنى إلى أن يكون غيرك مكانك فكنت آمر بعرك أذنيه ، أقول لك :قال رسول الله ﷺوتقول قال عطاء ومجاهد وطاوس وهل لأحد مع رسول الله حجة ؟

فهنا نرى الإمام الشافعى مع تخطئته للإمام إسحاق إلا أنه لم يسئ إليه ، وضرب المثل بغيره ، فلم يقل له : ما أحوجنى إلى عرك أذنك إنما ساق الكلام كأنه يتحدث عن غائب فصحح الخطأ ولام على مجانبة الصواب دون أن يجرح وحفظ للمحاور مكانته .

ومن آداب الحوار:

الإتفاق على موضوع محدد للحوار حتى لايتشتت الحديث فى وجهات شتى ولايصل المتحاوران إلى رأى محدد فى قضية واحدة .

فلما خرج الخوارج واعتزلوا ، طلب ابن عباس من على رضى الله عنه أن يذهب لمناظرتهم ، فلما ذهب إليهم اتفق معهم على أن تكون المناظرة فى النقاط المحددة التى ينقمونها على على رضى الله عنه وأخذ عليهم العهد إن أجابهم عنها أن يرجعوا عن خروجهم على على ، فلما أجابهم رجع منهم ثمانية آلاف .

فلولم يحدد ابن عباس النقاط التى سيتم الحوار فيها ، ربما أدى ذلك إلى تشتت الحوار ودخوله فى مواضيع شتى دون الوصول إلى حل للأمر الذى ذهب ابن عباس من أجله .

ومن آداب الحوار:

الإتفاق على مرجع يفصل عند الإختلاف .

فقد تطول المناظرة ولايسلم أحدالفريقين للآخر ، ولو لم يكن هناك شخص أوهيئة تفصل أوتحكم لأحد الفريقين لربما لاتصل سفية الحوار إلى شاطى لترسوا عليه .

ومن الآداب

تحرير الألفاظ وتحديد المعنى المراد بكل لفظ ، والبعد عن الألفاظ الموهمة .

فلا بد من تحديد الألفاظ وعدم استعمال الألفاظ التى تحتمل معان كثيرة ، ولا يجوز استعمال الألفاظ الموهمة التى تحتمل معان كثيرة دون تحديد المعنى المراد منها .

وسأذكر فى هذا موقفا أشبه بالطرفة ، وقد وقع ونقله من حضره .

يذكرون أن شابا خطب فتاة ولما جاء موعد عقد الزواج قال من سيتولى العقد (القاضى ) لولى أمر الفتاة : ابنتك بكر ؟ فقال الرجل : لا

ولقد كانت البنت بكرا لم تتزوج قبل ذلك فوقعت الكلمة على أهل المجلس كالصاعقة ، لولا أن أحد الجالسين تدارك الموقف وقال للرجل : ماتعريف كلمة بكر عندك ؟ قال بكر يعنى أول الأولاد . فقال القاضى نحن نسألك الآن هل هى بكر أم ثيب ؟ ولا نسألك عن كونها أول الأولاد أم لا ؟ قال الرجل : هى بكر بكر.

فلو لم ينطق الرجل ويطالب بتحديد المعنى المقصود من اللفظ الموهم لربما أدى ذلك إلى فساد عظيم وشر مستطير ،لهذا يجب تحرير الألفاظ والبعد عن الألفاظ الموهمة لكى لايقع سوء فهم من أحد المتحاورين للآخر.

هذه رؤوس أقلام نبهنا بها على ماوراءها وكما قالوا حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق .

والله من وراء القصد

كتبه

المعتزبالله الكامل
...المزيد

ادب الحوار الحمد لله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله ...

ادب الحوار
الحمد لله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أمابعد :

فإن الإسلام دين يقوم على الإقناع ، ويأبى الإكراه على الإعتقاد ( لاإكراه فى الدين ) ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وينادى بالحوار القائم على أسس سليمة ، المراعى للآداب السامية فى الحوار .

ولقد حفلت نصوص السنة المطهرة والسيرة العطرة بمواقف سامية غدت أسسا لكل حوار بناء يقوم على احترام الطرف الآخر ويبغى الوصول إلى الحقيقة دون زيف أوتضليل .

فمن هذه الآداب العظيمة :

الإخلاص والتجرد لطلب الحق

فالمسلم الحق هو الذى يتجرد لطلب الحق ، ولا عليه أن يظفر أو أن يظفر غيره ، المهم هو أن يصلا معا إلى الحق ، يقول الإمام الشافعى رحمه الله( ماناظرت أحدا إلا رجوت أن يظهر الله الحق على لسانه)

فليس الغرض من الحوار أن يعلو ذكرك ، أو أن يثنى الناس عليك ، إنما ينبغى أن يكون الهدف من الحوار هو ظهور الحق ، سواء كان الحق فى قولى أو فيما ذهب إليه الطرف الآخر .

ولقد حفظ لنا التاريخ نموذجا عاليا لأدب الحوار يبدوا التجرد لطلب الحق واضحا فيه ، هذا النموذج هو المناظرة التى جرت بين الإمامين العظيمين الإمام الشافعى وإسحاق بن راهويه فى مسألة طهارة جلود الميتة حيث كان الإمام الشافعى يرى طهارة جلد الميتة إذا دبغ ،وكان إسحاق يرى عدم طهارته ، وكان الإمام أحمد بن حنبل حاضرا فقال الإمام الشافعى دباغها طهورها .

قال إسحاق : ماالدليل ؟

قال الشافعى : حديث ميمونة أن النبى ﷺمر بشاة ميتة فقال : هلا أخذتم إهابها فانتفعتم به ؟

فقال إسحاق : وما تقول فى حديث ابن عكيم : أتانا كتاب رسول الله قبل موته بشهر (لاتنتفعوا من الميتة بإهاب ولاعصب )

وهذا الحديث يشبه أن يكون ناسخا للحديث الأول لتأخره .

فقال الشافعى : هذا كتاب وأما حديثى فسماع .

يقصد أن السماع أقوى من الكتاب .

فقال إسحاق : إن النبى ﷺ كتب إلى كسرى وقيصر كتبا وكانت حجة عليهم .

فسكت الإمام الشافعى رحمه الله .

الغريب فى الأمر أن الإمام أحمد أخذ برأى إسحاق والأمر الأشد غرابة أن إسحاق أخذ برأى الشافعى مع أن الذى يبدوا من المناظرة أن إسحاق قد ظهر قوة مذهبه ، لكنه التجرد فى طلب الحق كما قلت لك .

ومن آداب الحوار

سماع حجة الطرف الآخر وعدم مقاطعته :

وهذا يبدوا واضحا فى سماع النبى من عتبة بن ربيعة لماقال له :

يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السِّطَة في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها ‏‏.‏‏

‏‏ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ قل يا أبا الوليد ، أسمعْ ؛ قال ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا ، حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ؛ وإن كان هذا الذي يأتيك رَئيِّا تراه لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُداوى منه .

ورسول الله جالس يسمع ، حتى إذا فرغ عتبة قال له رسول اللهﷺ: أفرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم قال رسول اللهﷺ: فاسمع منى فتلا عليه رسول الله آيات من سورة فصلت حتى بلغ فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فوضع عتبة يده على فم رسول الله ﷺوناشده الرحم أن يكف .

فنرى هنا أن رسول الله ظل ينصت إلى كلام عتبة على رغم مافيه من خطأ ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم أعطاه حقه فى أن يتكلم ويعرض رأيه فى وضوح ولم يقاطعه وهذا هو الواجب فى الحوار أن يستمع كل طرف إلى الآخر باهتمام ، ويترك له المجال متسعا للإدلاء برأيه والإفصاح عن حجته .

ومن أدب الحوار

أن تنزل الطرف الآخر منزلته وتعطيه قدره ، فتناديه بلقبه العلمى إن كان يحمل لقبا علميا ، أوتكنيه بكنيته إن لم يكن ممن يعرف بلقب علمى ،كما رأينا من تكنية الرسول ﷺلعتبة بأبى الوليد وكما وقع من الإمام الشافعى فى مناظرة أخرى لإسحاق فى كراء بيوت مكة حيث استدل الإمام الشافعى على جواز كرائها بأدلة من الكتاب والسنة وفعل الخلفاء الراشدين ، ورد إسحاق بأقوال للتابعين كمجاهد وعطاء ، فقال له الشافعى : أنت إسحاق الذى يقولون عنه إنه إمام أهل خراسان ؟ قال إسحاق : هكذا يقولون . فقال الشافعى : ما أحوجنى إلى أن يكون غيرك مكانك فكنت آمر بعرك أذنيه ، أقول لك :قال رسول الله ﷺوتقول قال عطاء ومجاهد وطاوس وهل لأحد مع رسول الله حجة ؟

فهنا نرى الإمام الشافعى مع تخطئته للإمام إسحاق إلا أنه لم يسئ إليه ، وضرب المثل بغيره ، فلم يقل له : ما أحوجنى إلى عرك أذنك إنما ساق الكلام كأنه يتحدث عن غائب فصحح الخطأ ولام على مجانبة الصواب دون أن يجرح وحفظ للمحاور مكانته .

ومن آداب الحوار:

الإتفاق على موضوع محدد للحوار حتى لايتشتت الحديث فى وجهات شتى ولايصل المتحاوران إلى رأى محدد فى قضية واحدة .

فلما خرج الخوارج واعتزلوا ، طلب ابن عباس من على رضى الله عنه أن يذهب لمناظرتهم ، فلما ذهب إليهم اتفق معهم على أن تكون المناظرة فى النقاط المحددة التى ينقمونها على على رضى الله عنه وأخذ عليهم العهد إن أجابهم عنها أن يرجعوا عن خروجهم على على ، فلما أجابهم رجع منهم ثمانية آلاف .

فلولم يحدد ابن عباس النقاط التى سيتم الحوار فيها ، ربما أدى ذلك إلى تشتت الحوار ودخوله فى مواضيع شتى دون الوصول إلى حل للأمر الذى ذهب ابن عباس من أجله .

ومن آداب الحوار:

الإتفاق على مرجع يفصل عند الإختلاف .

فقد تطول المناظرة ولايسلم أحدالفريقين للآخر ، ولو لم يكن هناك شخص أوهيئة تفصل أوتحكم لأحد الفريقين لربما لاتصل سفية الحوار إلى شاطى لترسوا عليه .

ومن الآداب

تحرير الألفاظ وتحديد المعنى المراد بكل لفظ ، والبعد عن الألفاظ الموهمة .

فلا بد من تحديد الألفاظ وعدم استعمال الألفاظ التى تحتمل معان كثيرة ، ولا يجوز استعمال الألفاظ الموهمة التى تحتمل معان كثيرة دون تحديد المعنى المراد منها .

وسأذكر فى هذا موقفا أشبه بالطرفة ، وقد وقع ونقله من حضره .

يذكرون أن شابا خطب فتاة ولما جاء موعد عقد الزواج قال من سيتولى العقد (القاضى ) لولى أمر الفتاة : ابنتك بكر ؟ فقال الرجل : لا

ولقد كانت البنت بكرا لم تتزوج قبل ذلك فوقعت الكلمة على أهل المجلس كالصاعقة ، لولا أن أحد الجالسين تدارك الموقف وقال للرجل : ماتعريف كلمة بكر عندك ؟ قال بكر يعنى أول الأولاد . فقال القاضى نحن نسألك الآن هل هى بكر أم ثيب ؟ ولا نسألك عن كونها أول الأولاد أم لا ؟ قال الرجل : هى بكر بكر.

فلو لم ينطق الرجل ويطالب بتحديد المعنى المقصود من اللفظ الموهم لربما أدى ذلك إلى فساد عظيم وشر مستطير ،لهذا يجب تحرير الألفاظ والبعد عن الألفاظ الموهمة لكى لايقع سوء فهم من أحد المتحاورين للآخر.

هذه رؤوس أقلام نبهنا بها على ماوراءها وكما قالوا حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق .

والله من وراء القصد

كتبه

المعتزبالله الكامل
...المزيد

المعتزبالله الكامل خطيب وداعى إلى الله له سلسلة خطب على موقعه على اليوتيوب وسلسلة دروس فى ...

المعتزبالله الكامل
خطيب وداعى إلى الله
له سلسلة خطب على موقعه على اليوتيوب وسلسلة دروس فى الميراث وسلسلة عن أخلاق العرب قبل الإسلام
وهذا موقعه على اليوتيوب
https://m.youtube.com/channel/UCPThvCTd3z5eqPtCqMI97ig
...المزيد

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ...

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما


فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، فكان أكمل رجل عرفته البشرية ، يجد كل مقتد فيه بغيته ، فالقائد يجد بغيته ، والمعلم يجد بغيته ،والمربى يجد بغيته ، والداعى إلى الله يجد مايروى غليله ويشبع نهمته ، وكلما نظر الناظر إلى جانب من جوانب سيرته صلى الله عليه وسلم وجده مكتملا وكأن النبى صلى الله عليه وسلم قد تفرغ له وتخصص فيه وأفنى عمره فى تجويده وتحسينه .

وإذا كانت مشكلة البشرية القديمة الحديثة هى مشكلة التربية والتعليم ، حتى أن المؤلفات والمحاضرات فى هذه المشكلة تتجاوز مكتبة ضخمة كتبت وألفت لعلاج المشكلة ، ومازالت البشرية فى حاجة إلى كتابات أخرى فى هذه المشكلة .

فهل نجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم علاجا ناجعا لهذه المشكلة كما اعتدنا فى جميع أمور حياتنا ؟

هذا ماسنراه فى خطبة اليومتعالوا بنا ننظر فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم لنر كيف عالج رسول الله مشكلة التربية والتعليم وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مرب عرفته البشرية ؟.

أول مايطالعنا هو:

أولا : أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقوم بتحويل الرجل العادى إلى طالب علم حريص على العلم

فكل تعليم لا يقوم على هذا الأساس هو حرث فى البحر أورقم على الماء

إذا لم يكن الطالب حريصا على العلم مهتما به محبا له فلن يفيده التعليم شيئا .

انظر إليه صلى الله عليه وسلم حين جلس فى المسجد فجاء رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل ، فعاد الرجل فصلى ثم عاد فسلم فرد عليه النبى السلام وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ،فعاد الرجل وفى الثالثة قال والذى بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمنى .

فانظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ألم يكن فى مقدوره إذا رأى رجلا لا يحسن الصلاة أن يعلمه مباشرة ؟ أو حتى يدله على موضع الخطأ فى صلاته ليصححها ؟

لو فعل النبى ذلك لربما تعلم الرجل الصلاة أو بعضها لكن الرجل لن يتحول إلى طالب علم حريص على طلبه محب له ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يوجد طالب علم يبحث عنه فى مظانه وهو مايسمى عند العلماء بإيجاد الدافع لطلب العلم

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم

استغلال الوقت المناسب والموقف المناسب لإلقاء العلم على صحابته

فالمعلم الذى يلقى الدرس على تلاميذه دون أن يربطه بحادثة قد وقعت أو موقف يأخذون منه عبرة قد يستفيد تلاميذة استفادة وقتية لاتلبث أن تزول من الذاكرة مع مر الأيام ، لكن المعلم الذى يربط الدرس بمشهد يراه تلاميذه سيجعل الدرس حيا فى الأذهان لفترة وياة بل قد لاينسى تلاميذه الدرس أبدا .

إن الدرس الذى يربط المعلم فيه بين مشهد يراه تلاميذه وبين تعليق من المعلم هو فى حقيقته درس يجمع بين الجانب البصرى والجانب السمعى ، والعلماء يقولون : إن استخدام أكثر من حاسة فى المذاكرة يعين على إتقان الدرس وعدم نسيانه .

تعالوا بنا لنر هذا الموقف من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

مر رجل ذو شارة حسنة يركب على دابة فارهة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب أن ينكح ،وإن شفع أن يشفع ،وإن قال أن يسمع لقوله ، ثم مر رجل فقير فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب ألا يزوج ،وإن شفع ألا يشفع ، وإن قال ألايسمع لقوله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض من هذا .

انظر إالى هذا الموقف وسل نفسك ماهى الرسالة التى أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يوصلها لأصحابه ؟

الرسالة تتلخص فى ( رب فقير لايؤبه له خير عند الله من آلاف الأغنياء)

ألم يكن فى مقدور النبى صلى الله عليه وسلم أن يقولها هكذا كما قلتها أنا ؟

لماذا ينتظر النى صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموقف ليلقى درسه على أصحابه ؟

إن السبب هو ماقلت لك ( الربط بين الجانب النظرى والجانب العملى ، واستغلال الفرص المناسبة لإلقاء الدرس )

جئ للنبى صلى الله عليه وسلم بقطع من حرير فجعل الصحابة يتعجبون من حسنها وجمالها فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذه

صعد ابن مسعود شجرة الأراك فبدت ساقاه فضحك الصحابة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لساقا ابن مسعود عند الله أثقل من جبل أحد

كل هذه المواقف لم يدعها النبى تمر عبثا وإنما ربط فيها بين المشهد الذى سيحفر فى الذاكرة وبين التعليق الذى سيزين المشهد ويحسنه

استغلال للفرصة السانحة لإلقاء الموعظة ، وربط بين مشهد عملى وتعليق نظرى

ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الثناء على المحسن والتنبيه على الخطأ دون ذكر المخطئ باسمه

فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رأى من أحد حرصا على طلب العلم أثنى عليه بذلك ، وهذا يرفع همة طالب العلم ، ويجعله حريصا عليه .

فقد سأل أبوهريرة النبى صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بشفاعته فقال صلى الله عليه وسلم : ماظننت أن أحدا يسألنى عن هذا قبلك لما علمت من حرصك على العلم .

فانظر إلى قول النبى لأبى هريرة لما علمت من حرصك على العلم ، فهذا القول سيجعل أبا هريرة من أحرص الناس على العلم ، فلو أجابه النبى صلى الله عليه وسلم دون تعليق لما علت همة أبى هريرة فى طلب العلم ، لأن النبى أجابه كما يجيب أى رجل من أصحابه بل من عامة أصحابه ، لكن ثناء النبى عليه سيحوله إلى طالب علم نهم لايفوت فرصة فى طلب العلم ، وهذا مارأيناه فى حياة أبى هريرة رضى الله عنه .

ومن سنته صلى الله عليه وسلم فى تعليم أصحابه :

أنه كان يعطى لكل فرد من أصحابه حقه من البشر والنظر ، فلا يمنح طرفه لكبار أصحابه ، ولا قدامى الصحابة ولا لأهل بدر ، بل لكل واحد من أصحابه حقه من النظر وحقه من إظهار البشر به والفرح بقدومه .

يقول عمرو بن العاص رضى الله عنه كان رسول الله يمنح بشره ونظره لأبغض الناس إليه يتألفهم بذلك ، حتى أنى ظننت أنى أحب الناس إليه فقلت يارسول الله من أحب الناس إليك ؟ فقال : أبوبكر .

فانظر إلى معاملة النبى لأصحابه التى جعلت عمروا يرى أنه أحب الناس إليه مع أنه لم يكن كذلك .

فيوم أن ينجح المعلم فى جمع قلوب تلاميذه حوله ، حتى يظن كل طالب منهم أنه أحب طلابه إليه ، هناك ولا شك سينجح المعلم فى غرس مايريد فى أبنائه ، بل ستكون المادة العلمية أحب إليهم من كل شئ ، لأنهم يحبون معلم المادة .

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الرفق بالجاهل والمخطئ ،وتعليمه باللين دون التثريب عليه .

فمن ذلك :

تعليمه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمى لما شمت رجلا إلى جواره فى الصلاة فرمقه الناس بأبصارهم فلما رآهم يصمتونه سكت ، فلما انتهى النبى من صلاته علمه باللين واللطف حتى قال الرجل : مارأيت معلما قط أحسن تعليما منه ، فوالله ماكهرنى ولاشتمنى ولاضربنى

فهكذا يكون التعليم جذب القلوب باللطف واللين والأسلوب الحسن

فإذا نجح المعلم فى كبح جماح غضبه مع الجاهل والمخطئ ، واستطاع أن يعلمه بأسلوب حسن جميل ، فلاشك ستجد كلماته طريقا مذللا إلى قلوب أبنائه

هذه رؤوس أقلام فى هذا الموضوع ، أتمنى أن تكون هادية لإخواننا المعلمين ومرشدة لهم ، وأتمنى أن تضع أرجلهم على بداية الطريق الصحيح للتعليم .

والله من وراء القصد
كتبه
المعتزبالله الكامل
...المزيد

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ...

من مواقف النبل والشرف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
الحمدلله رب العالمين ، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أمابعد :

فإن سيرة النبى ﷺ هى النبع الصافى الذى يجد فيه كل باحث عن الأخلاق الحسنة مايروى ظمأه ، ويريح قلبه ، وهى المعين الذى لاينضب والفيض الذى لاينقطع .

شملت هذه السيرة كل الأخلاق الفاضلة التى دعا إليها الأنبياء والمصلحون، وحلم بها الفلاسفة والمفكرون ، فلا تجد صفة كمال إلا وفى سيرة النبى ﷺعشرات المواقف العظيمة التى لاتجدها فى سيرة غيره ولو كان من الأنبياء فضلا عن أن يكون من الدعاة والمصلحين .

ولو أردنا أن نتتبع مواقف النبل والشرف فى سيرة النبى ﷺسيهولنا كثرة المواقف فى سيرته ﷺ.

فمن مواقف نبله ﷺ :

أنه كان مع علو قدره وعظيم شرفه يتواضع لأصحابه ، فيجلس معهم كأحدهم ، حتى يأتى الغريب فلا يعرفه أيهم هو حتى يسأل أيكم محمد بل من عظمته ونبله ﷺ أنه كان يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد .

أرأيتم نبلا كهذا النبل ؟ إن النبى ﷺ كان من اشرف بيت من بيوت العرب ولو شاء أن يفخر بانتمائه إليه لما أنكر أحد عليه ،ثم نبوته ورسالته التى لا مكانة فوقها ، لكن النبى ﷺلم يفخر على أحد بل تواضع حتى جلس جلسة العبد وأكل كما يأكل العبد .

ولما أتى إليه رجل فجعل ترعد فرائصه قال له النبى ﷺهون عليك فإنى لست بملك أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد ، إنه يخفف من الهيبة التى ألقيت فى قلب الرجل حتى كادت تهلكه ، ولا يدع الرجل تتملكه الهيبة حتى تذهب بعقله .

ومن مواقف نبله وشرفه ﷺ ماورد أنه ﷺلمانسجت له امرأة من أصحابه بردة وجاءت يها إليه فأهدتها إليه ، فلبسها النبى محتاجا إليها ، فقال رجل من أصحابه : ما أجمل هذه البردة أكسنيها ، فقال النبى ﷺ أفعل ، فقام فخلعها ثم أعطاها للرجل .

فانظر إلى قول الراوى : لبسها محتاجا إليها ، فرسول الله كان محتاجا لها ، ومع ذلك يؤثر صاحبه بها ، ويقدمه على نفسه ، هذا لعمرى أعظم النبل والشرف ، أن تمنح غيرك ماتشتد حاجتك إليه ، هذا فى دنيا الناس قليل ، بل ربما يكون معدوما .

ومن مواقف نبله ﷺ ماورد أن جابربن عبدالله رأى مايعانيه النبى ﷺ من الجوع وهو يحفر الخندق ، فاستأذن رسول الله فى الذهاب إلى بيته وأمر زوجته أن تعد طعاما فأعدت طعاما قليلا لا يكفى إلا لرجلين أوثلاثة فجاء جابر فأسر إلى رسول الله ﷺ وطلب منه أن يأتى وينتقى رجلين أو ثلاثة ، فصاح النبى فى أهل الخندق : ياأهل الخندق لقد صنع لكم جابر طعاما فقاموا جميعا مع رسول الله فأكلوا.

فهنا نرى النبى ﷺ يأبى أن يستأثر بالطعام دون أصحابه ، ولو فعل لكان له عذر ، إذ أن صاحب الدار قد خصه بالدعوة ومعه رجلين أوثلاثة فقط ، والمدعو إلى دار غيره لايملك أن يصرف الأمور فى دار غيره كما يفعل فى داره ، فلو قام النبى وحده لما لامه أحد(وحاشاه ) على فعله فله فى فعله لو فعله حجة قوية ، لكن النبى ﷺ يدعوا أصحابه ، ليأكلو كما سيأكل هو ، وهذه من أمارات عظمته ﷺ .

وأيضا قد ورد فى صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ: «وَهَذِهِ؟» لِعَائِشَةَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، فَعَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» ، ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذِهِ؟» ، قَالَ: نَعَمْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَامَا يتدافعان حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ .

فهذا الجار الفارسى قد صنع لرسول الله طعاما وأراد أن يختصه به ، وطعام الرجل شهى ، وربما تتوق نفس عائشة إليه ، أوربما لم يكن فى بيت عائشة طعام ، أيتركها رسول الله ويذهب إلى طعام تتوق نفسه ونفسها إليه ، لا يفعل رسول الله ذلك ، بل يرفض الدعوة مرارا من أجل عائشة رضى الله عنها .

إن الرجل النبيل هوالذى لايترك صاحبه حينما تبتسم له الدنيا ، وحينما تعرض له الأطماع .

أين المسلمون اليوم من خلق النبل ؟

إن المسلمين اليوم بمبعدة عن خلق النبل والشرف ، فلاهم يتواضعون ولاهم يؤثرون ، ولاهم فى مواقف الطمع لغيرهم يذكرون .

إن المسلمين اليوم يفهمون الإسلام على أنه مجموعة من العبادات تؤدى آليا كما تؤدى الآلة عملها دون أ ن يكون لما تعمله أثر عليها فى تغيير باطنها .

إن الدين ليس عبادة لله فقط وإنما معاملة لغيرك من المسلمين وغير المسلمين حتى الحيوانات والدواب ، حتى الطيور السارحة فى جو السماء

يوم أن يتقن المسلمون ذلك سيتغير وجه الحياة ، وستتغير نظرة الناس للعالم الإسلامى .

إن المسلم النبيل يتواضع وهو عظيم ، ويؤثر وهو محتاج ، ويذكر أحبابه وإخوانه حين تبتسم له الحياة ، فيمنحهم رفده ، ويؤثرهم بمعروفه .

أسأل الله عزوجل أن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق ، وأن يصرف عنا سيئها .
...المزيد

النبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ... منذ ...

النبى صلى الله عليه وسلم معلما
فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ... منذ حوالي ساعة االنبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، فكان أكمل رجل عرفته البشرية ، يجد كل مقتد فيه بغيته ، فالقائد يجد بغيته ، والمعلم يجد بغيته ،والمربى يجد بغيته ، والداعى إلى الله يجد مايروى غليله ويشبع نهمته ، وكلما نظر الناظر إلى جانب من جوانب سيرته صلى الله عليه وسلم وجده مكتملا وكأن النبى صلى الله عليه وسلم قد تفرغ له وتخصص فيه وأفنى عمره فى تجويده وتحسينه . وإذا كانت مشكلة البشرية القديمة الحديثة هى مشكلة التربية والتعليم ، حتى أن المؤلفات والمحاضرات فى هذه المشكلة تتجاوز مكتبة ضخمة كتبت وألفت لعلاج المشكلة ، ومازالت البشرية فى حاجة إلى كتابات أخرى فى هذه المشكلة . فهل نجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم علاجا ناجعا لهذه المشكلة كما اعتدنا فى جميع أمور حياتنا ؟ هذا ماسنراه فى خطبة اليومتعالوا بنا ننظر فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم لنر كيف عالج رسول الله مشكلة التربية والتعليم وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مرب عرفته البشرية ؟. أول مايطالعنا هو: أولا : أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقوم بتحويل الرجل العادى إلى طالب علم حريص على العلم فكل تعليم لا يقوم على هذا الأساس هو حرث فى البحر أورقم على الماء إذا لم يكن الطالب حريصا على العلم مهتما به محبا له فلن يفيده التعليم شيئا . انظر إليه صلى الله عليه وسلم حين جلس فى المسجد فجاء رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل ، فعاد الرجل فصلى ثم عاد فسلم فرد عليه النبى السلام وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ،فعاد الرجل وفى الثالثة قال والذى بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمنى . فانظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ألم يكن فى مقدوره إذا رأى رجلا لا يحسن الصلاة أن يعلمه مباشرة ؟ أو حتى يدله على موضع الخطأ فى صلاته ليصححها ؟ لو فعل النبى ذلك لربما تعلم الرجل الصلاة أو بعضها لكن الرجل لن يتحول إلى طالب علم حريص على طلبه محب له ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يوجد طالب علم يبحث عنه فى مظانه وهو مايسمى عند العلماء بإيجاد الدافع لطلب العلم ومن طريقته صلى الله عليه وسلم استغلال الوقت المناسب والموقف المناسب لإلقاء العلم على صحابته فالمعلم الذى يلقى الدرس على تلاميذه دون أن يربطه بحادثة قد وقعت أو موقف يأخذون منه عبرة قد يستفيد تلاميذة استفادة وقتية لاتلبث أن تزول من الذاكرة مع مر الأيام ، لكن المعلم الذى يربط الدرس بمشهد يراه تلاميذه سيجعل الدرس حيا فى الأذهان لفترة وياة بل قد لاينسى تلاميذه الدرس أبدا . إن الدرس الذى يربط المعلم فيه بين مشهد يراه تلاميذه وبين تعليق من المعلم هو فى حقيقته درس يجمع بين الجانب البصرى والجانب السمعى ، والعلماء يقولون : إن استخدام أكثر من حاسة فى المذاكرة يعين على إتقان الدرس وعدم نسيانه . تعالوا بنا لنر هذا الموقف من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مر رجل ذو شارة حسنة يركب على دابة فارهة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب أن ينكح ،وإن شفع أن يشفع ،وإن قال أن يسمع لقوله ، ثم مر رجل فقير فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب ألا يزوج ،وإن شفع ألا يشفع ، وإن قال ألايسمع لقوله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض من هذا . انظر إالى هذا الموقف وسل نفسك ماهى الرسالة التى أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يوصلها لأصحابه ؟ الرسالة تتلخص فى ( رب فقير لايؤبه له خير عند الله من آلاف الأغنياء) ألم يكن فى مقدور النبى صلى الله عليه وسلم أن يقولها هكذا كما قلتها أنا ؟ لماذا ينتظر النى صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموقف ليلقى درسه على أصحابه ؟ إن السبب هو ماقلت لك ( الربط بين الجانب النظرى والجانب العملى ، واستغلال الفرص المناسبة لإلقاء الدرس ) جئ للنبى صلى الله عليه وسلم بقطع من حرير فجعل الصحابة يتعجبون من حسنها وجمالها فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذه صعد ابن مسعود شجرة الأراك فبدت ساقاه فضحك الصحابة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لساقا ابن مسعود عند الله أثقل من جبل أحد كل هذه المواقف لم يدعها النبى تمر عبثا وإنما ربط فيها بين المشهد الذى سيحفر فى الذاكرة وبين التعليق الذى سيزين المشهد ويحسنه استغلال للفرصة السانحة لإلقاء الموعظة ، وربط بين مشهد عملى وتعليق نظرى ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم فى التعليم : الثناء على المحسن والتنبيه على الخطأ دون ذكر المخطئ باسمه فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رأى من أحد حرصا على طلب العلم أثنى عليه بذلك ، وهذا يرفع همة طالب العلم ، ويجعله حريصا عليه . فقد سأل أبوهريرة النبى صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بشفاعته فقال صلى الله عليه وسلم : ماظننت أن أحدا يسألنى عن هذا قبلك لما علمت من حرصك على العلم . فانظر إلى قول النبى لأبى هريرة لما علمت من حرصك على العلم ، فهذا القول سيجعل أبا هريرة من أحرص الناس على العلم ، فلو أجابه النبى صلى الله عليه وسلم دون تعليق لما علت همة أبى هريرة فى طلب العلم ، لأن النبى أجابه كما يجيب أى رجل من أصحابه بل من عامة أصحابه ، لكن ثناء النبى عليه سيحوله إلى طالب علم نهم لايفوت فرصة فى طلب العلم ، وهذا مارأيناه فى حياة أبى هريرة رضى الله عنه . ومن سنته صلى الله عليه وسلم فى تعليم أصحابه : أنه كان يعطى لكل فرد من أصحابه حقه من البشر والنظر ، فلا يمنح طرفه لكبار أصحابه ، ولا قدامى الصحابة ولا لأهل بدر ، بل لكل واحد من أصحابه حقه من النظر وحقه من إظهار البشر به والفرح بقدومه . يقول عمرو بن العاص رضى الله عنه كان رسول الله يمنح بشره ونظره لأبغض الناس إليه يتألفهم بذلك ، حتى أنى ظننت أنى أحب الناس إليه فقلت يارسول الله من أحب الناس إليك ؟ فقال : أبوبكر . فانظر إلى معاملة النبى لأصحابه التى جعلت عمروا يرى أنه أحب الناس إليه مع أنه لم يكن كذلك . فيوم أن ينجح المعلم فى جمع قلوب تلاميذه حوله ، حتى يظن كل طالب منهم أنه أحب طلابه إليه ، هناك ولا شك سينجح المعلم فى غرس مايريد فى أبنائه ، بل ستكون المادة العلمية أحب إليهم من كل شئ ، لأنهم يحبون معلم المادة . ومن طريقته صلى الله عليه وسلم فى التعليم : الرفق بالجاهل والمخطئ ،وتعليمه باللين دون التثريب عليه . فمن ذلك : تعليمه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمى لما شمت رجلا إلى جواره فى الصلاة فرمقه الناس بأبصارهم فلما رآهم يصمتونه سكت ، فلما انتهى النبى من صلاته علمه باللين واللطف حتى قال الرجل : مارأيت معلما قط أحسن تعليما منه ، فوالله ماكهرنى ولاشتمنى ولاضربنى فهكذا يكون التعليم جذب القلوب باللطف واللين والأسلوب الحسن فإذا نجح المعلم فى كبح جماح غضبه مع الجاهل والمخطئ ، واستطاع أن يعلمه بأسلوب حسن جميل ، فلاشك ستجد كلماته طريقا مذللا إلى قلوب أبنائه هذه رؤوس أقلام فى هذا الموضوع ، أتمنى أن تكون هادية لإخواننا المعلمين ومرشدة لهم ، وأتمنى أن تضع أرجلهم على بداية الطريق الصحيح للتعليم . والله من وراء القصد
كتبه المعتزبالله الكامل
...المزيد

النبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ... منذ ...

النبى صلى الله عليه وسلم معلما
فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ... منذ حوالي ساعة االنبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، فكان أكمل رجل عرفته البشرية ، يجد كل مقتد فيه بغيته ، فالقائد يجد بغيته ، والمعلم يجد بغيته ،والمربى يجد بغيته ، والداعى إلى الله يجد مايروى غليله ويشبع نهمته ، وكلما نظر الناظر إلى جانب من جوانب سيرته صلى الله عليه وسلم وجده مكتملا وكأن النبى صلى الله عليه وسلم قد تفرغ له وتخصص فيه وأفنى عمره فى تجويده وتحسينه . وإذا كانت مشكلة البشرية القديمة الحديثة هى مشكلة التربية والتعليم ، حتى أن المؤلفات والمحاضرات فى هذه المشكلة تتجاوز مكتبة ضخمة كتبت وألفت لعلاج المشكلة ، ومازالت البشرية فى حاجة إلى كتابات أخرى فى هذه المشكلة . فهل نجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم علاجا ناجعا لهذه المشكلة كما اعتدنا فى جميع أمور حياتنا ؟ هذا ماسنراه فى خطبة اليومتعالوا بنا ننظر فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم لنر كيف عالج رسول الله مشكلة التربية والتعليم وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مرب عرفته البشرية ؟. أول مايطالعنا هو: أولا : أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقوم بتحويل الرجل العادى إلى طالب علم حريص على العلم فكل تعليم لا يقوم على هذا الأساس هو حرث فى البحر أورقم على الماء إذا لم يكن الطالب حريصا على العلم مهتما به محبا له فلن يفيده التعليم شيئا . انظر إليه صلى الله عليه وسلم حين جلس فى المسجد فجاء رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل ، فعاد الرجل فصلى ثم عاد فسلم فرد عليه النبى السلام وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ،فعاد الرجل وفى الثالثة قال والذى بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمنى . فانظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ألم يكن فى مقدوره إذا رأى رجلا لا يحسن الصلاة أن يعلمه مباشرة ؟ أو حتى يدله على موضع الخطأ فى صلاته ليصححها ؟ لو فعل النبى ذلك لربما تعلم الرجل الصلاة أو بعضها لكن الرجل لن يتحول إلى طالب علم حريص على طلبه محب له ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يوجد طالب علم يبحث عنه فى مظانه وهو مايسمى عند العلماء بإيجاد الدافع لطلب العلم ومن طريقته صلى الله عليه وسلم استغلال الوقت المناسب والموقف المناسب لإلقاء العلم على صحابته فالمعلم الذى يلقى الدرس على تلاميذه دون أن يربطه بحادثة قد وقعت أو موقف يأخذون منه عبرة قد يستفيد تلاميذة استفادة وقتية لاتلبث أن تزول من الذاكرة مع مر الأيام ، لكن المعلم الذى يربط الدرس بمشهد يراه تلاميذه سيجعل الدرس حيا فى الأذهان لفترة وياة بل قد لاينسى تلاميذه الدرس أبدا . إن الدرس الذى يربط المعلم فيه بين مشهد يراه تلاميذه وبين تعليق من المعلم هو فى حقيقته درس يجمع بين الجانب البصرى والجانب السمعى ، والعلماء يقولون : إن استخدام أكثر من حاسة فى المذاكرة يعين على إتقان الدرس وعدم نسيانه . تعالوا بنا لنر هذا الموقف من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مر رجل ذو شارة حسنة يركب على دابة فارهة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب أن ينكح ،وإن شفع أن يشفع ،وإن قال أن يسمع لقوله ، ثم مر رجل فقير فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب ألا يزوج ،وإن شفع ألا يشفع ، وإن قال ألايسمع لقوله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض من هذا . انظر إالى هذا الموقف وسل نفسك ماهى الرسالة التى أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يوصلها لأصحابه ؟ الرسالة تتلخص فى ( رب فقير لايؤبه له خير عند الله من آلاف الأغنياء) ألم يكن فى مقدور النبى صلى الله عليه وسلم أن يقولها هكذا كما قلتها أنا ؟ لماذا ينتظر النى صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموقف ليلقى درسه على أصحابه ؟ إن السبب هو ماقلت لك ( الربط بين الجانب النظرى والجانب العملى ، واستغلال الفرص المناسبة لإلقاء الدرس ) جئ للنبى صلى الله عليه وسلم بقطع من حرير فجعل الصحابة يتعجبون من حسنها وجمالها فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذه صعد ابن مسعود شجرة الأراك فبدت ساقاه فضحك الصحابة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لساقا ابن مسعود عند الله أثقل من جبل أحد كل هذه المواقف لم يدعها النبى تمر عبثا وإنما ربط فيها بين المشهد الذى سيحفر فى الذاكرة وبين التعليق الذى سيزين المشهد ويحسنه استغلال للفرصة السانحة لإلقاء الموعظة ، وربط بين مشهد عملى وتعليق نظرى ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم فى التعليم : الثناء على المحسن والتنبيه على الخطأ دون ذكر المخطئ باسمه فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رأى من أحد حرصا على طلب العلم أثنى عليه بذلك ، وهذا يرفع همة طالب العلم ، ويجعله حريصا عليه . فقد سأل أبوهريرة النبى صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بشفاعته فقال صلى الله عليه وسلم : ماظننت أن أحدا يسألنى عن هذا قبلك لما علمت من حرصك على العلم . فانظر إلى قول النبى لأبى هريرة لما علمت من حرصك على العلم ، فهذا القول سيجعل أبا هريرة من أحرص الناس على العلم ، فلو أجابه النبى صلى الله عليه وسلم دون تعليق لما علت همة أبى هريرة فى طلب العلم ، لأن النبى أجابه كما يجيب أى رجل من أصحابه بل من عامة أصحابه ، لكن ثناء النبى عليه سيحوله إلى طالب علم نهم لايفوت فرصة فى طلب العلم ، وهذا مارأيناه فى حياة أبى هريرة رضى الله عنه . ومن سنته صلى الله عليه وسلم فى تعليم أصحابه : أنه كان يعطى لكل فرد من أصحابه حقه من البشر والنظر ، فلا يمنح طرفه لكبار أصحابه ، ولا قدامى الصحابة ولا لأهل بدر ، بل لكل واحد من أصحابه حقه من النظر وحقه من إظهار البشر به والفرح بقدومه . يقول عمرو بن العاص رضى الله عنه كان رسول الله يمنح بشره ونظره لأبغض الناس إليه يتألفهم بذلك ، حتى أنى ظننت أنى أحب الناس إليه فقلت يارسول الله من أحب الناس إليك ؟ فقال : أبوبكر . فانظر إلى معاملة النبى لأصحابه التى جعلت عمروا يرى أنه أحب الناس إليه مع أنه لم يكن كذلك . فيوم أن ينجح المعلم فى جمع قلوب تلاميذه حوله ، حتى يظن كل طالب منهم أنه أحب طلابه إليه ، هناك ولا شك سينجح المعلم فى غرس مايريد فى أبنائه ، بل ستكون المادة العلمية أحب إليهم من كل شئ ، لأنهم يحبون معلم المادة . ومن طريقته صلى الله عليه وسلم فى التعليم : الرفق بالجاهل والمخطئ ،وتعليمه باللين دون التثريب عليه . فمن ذلك : تعليمه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمى لما شمت رجلا إلى جواره فى الصلاة فرمقه الناس بأبصارهم فلما رآهم يصمتونه سكت ، فلما انتهى النبى من صلاته علمه باللين واللطف حتى قال الرجل : مارأيت معلما قط أحسن تعليما منه ، فوالله ماكهرنى ولاشتمنى ولاضربنى فهكذا يكون التعليم جذب القلوب باللطف واللين والأسلوب الحسن فإذا نجح المعلم فى كبح جماح غضبه مع الجاهل والمخطئ ، واستطاع أن يعلمه بأسلوب حسن جميل ، فلاشك ستجد كلماته طريقا مذللا إلى قلوب أبنائه هذه رؤوس أقلام فى هذا الموضوع ، أتمنى أن تكون هادية لإخواننا المعلمين ومرشدة لهم ، وأتمنى أن تضع أرجلهم على بداية الطريق الصحيح للتعليم . والله من وراء القصد
كتبه المعتزبالله الكامل

رابط المادة: http://iswy.co/e2bqc1
...المزيد

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ...

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما


فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، فكان أكمل رجل عرفته البشرية ، يجد كل مقتد فيه بغيته ، فالقائد يجد بغيته ، والمعلم يجد بغيته ،والمربى يجد بغيته ، والداعى إلى الله يجد مايروى غليله ويشبع نهمته ، وكلما نظر الناظر إلى جانب من جوانب سيرته صلى الله عليه وسلم وجده مكتملا وكأن النبى صلى الله عليه وسلم قد تفرغ له وتخصص فيه وأفنى عمره فى تجويده وتحسينه .

وإذا كانت مشكلة البشرية القديمة الحديثة هى مشكلة التربية والتعليم ، حتى أن المؤلفات والمحاضرات فى هذه المشكلة تتجاوز مكتبة ضخمة كتبت وألفت لعلاج المشكلة ، ومازالت البشرية فى حاجة إلى كتابات أخرى فى هذه المشكلة .

فهل نجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم علاجا ناجعا لهذه المشكلة كما اعتدنا فى جميع أمور حياتنا ؟

هذا ماسنراه فى خطبة اليومتعالوا بنا ننظر فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم لنر كيف عالج رسول الله مشكلة التربية والتعليم وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مرب عرفته البشرية ؟.

أول مايطالعنا هو:

أولا : أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقوم بتحويل الرجل العادى إلى طالب علم حريص على العلم

فكل تعليم لا يقوم على هذا الأساس هو حرث فى البحر أورقم على الماء

إذا لم يكن الطالب حريصا على العلم مهتما به محبا له فلن يفيده التعليم شيئا .

انظر إليه صلى الله عليه وسلم حين جلس فى المسجد فجاء رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل ، فعاد الرجل فصلى ثم عاد فسلم فرد عليه النبى السلام وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ،فعاد الرجل وفى الثالثة قال والذى بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمنى .

فانظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ألم يكن فى مقدوره إذا رأى رجلا لا يحسن الصلاة أن يعلمه مباشرة ؟ أو حتى يدله على موضع الخطأ فى صلاته ليصححها ؟

لو فعل النبى ذلك لربما تعلم الرجل الصلاة أو بعضها لكن الرجل لن يتحول إلى طالب علم حريص على طلبه محب له ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يوجد طالب علم يبحث عنه فى مظانه وهو مايسمى عند العلماء بإيجاد الدافع لطلب العلم

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم

استغلال الوقت المناسب والموقف المناسب لإلقاء العلم على صحابته

فالمعلم الذى يلقى الدرس على تلاميذه دون أن يربطه بحادثة قد وقعت أو موقف يأخذون منه عبرة قد يستفيد تلاميذة استفادة وقتية لاتلبث أن تزول من الذاكرة مع مر الأيام ، لكن المعلم الذى يربط الدرس بمشهد يراه تلاميذه سيجعل الدرس حيا فى الأذهان لفترة وياة بل قد لاينسى تلاميذه الدرس أبدا .

إن الدرس الذى يربط المعلم فيه بين مشهد يراه تلاميذه وبين تعليق من المعلم هو فى حقيقته درس يجمع بين الجانب البصرى والجانب السمعى ، والعلماء يقولون : إن استخدام أكثر من حاسة فى المذاكرة يعين على إتقان الدرس وعدم نسيانه .

تعالوا بنا لنر هذا الموقف من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

مر رجل ذو شارة حسنة يركب على دابة فارهة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب أن ينكح ،وإن شفع أن يشفع ،وإن قال أن يسمع لقوله ، ثم مر رجل فقير فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب ألا يزوج ،وإن شفع ألا يشفع ، وإن قال ألايسمع لقوله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض من هذا .

انظر إالى هذا الموقف وسل نفسك ماهى الرسالة التى أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يوصلها لأصحابه ؟

الرسالة تتلخص فى ( رب فقير لايؤبه له خير عند الله من آلاف الأغنياء)

ألم يكن فى مقدور النبى صلى الله عليه وسلم أن يقولها هكذا كما قلتها أنا ؟

لماذا ينتظر النى صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموقف ليلقى درسه على أصحابه ؟

إن السبب هو ماقلت لك ( الربط بين الجانب النظرى والجانب العملى ، واستغلال الفرص المناسبة لإلقاء الدرس )

جئ للنبى صلى الله عليه وسلم بقطع من حرير فجعل الصحابة يتعجبون من حسنها وجمالها فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذه

صعد ابن مسعود شجرة الأراك فبدت ساقاه فضحك الصحابة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لساقا ابن مسعود عند الله أثقل من جبل أحد

كل هذه المواقف لم يدعها النبى تمر عبثا وإنما ربط فيها بين المشهد الذى سيحفر فى الذاكرة وبين التعليق الذى سيزين المشهد ويحسنه

استغلال للفرصة السانحة لإلقاء الموعظة ، وربط بين مشهد عملى وتعليق نظرى

ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الثناء على المحسن والتنبيه على الخطأ دون ذكر المخطئ باسمه

فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رأى من أحد حرصا على طلب العلم أثنى عليه بذلك ، وهذا يرفع همة طالب العلم ، ويجعله حريصا عليه .

فقد سأل أبوهريرة النبى صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بشفاعته فقال صلى الله عليه وسلم : ماظننت أن أحدا يسألنى عن هذا قبلك لما علمت من حرصك على العلم .

فانظر إلى قول النبى لأبى هريرة لما علمت من حرصك على العلم ، فهذا القول سيجعل أبا هريرة من أحرص الناس على العلم ، فلو أجابه النبى صلى الله عليه وسلم دون تعليق لما علت همة أبى هريرة فى طلب العلم ، لأن النبى أجابه كما يجيب أى رجل من أصحابه بل من عامة أصحابه ، لكن ثناء النبى عليه سيحوله إلى طالب علم نهم لايفوت فرصة فى طلب العلم ، وهذا مارأيناه فى حياة أبى هريرة رضى الله عنه .

ومن سنته صلى الله عليه وسلم فى تعليم أصحابه :

أنه كان يعطى لكل فرد من أصحابه حقه من البشر والنظر ، فلا يمنح طرفه لكبار أصحابه ، ولا قدامى الصحابة ولا لأهل بدر ، بل لكل واحد من أصحابه حقه من النظر وحقه من إظهار البشر به والفرح بقدومه .

يقول عمرو بن العاص رضى الله عنه كان رسول الله يمنح بشره ونظره لأبغض الناس إليه يتألفهم بذلك ، حتى أنى ظننت أنى أحب الناس إليه فقلت يارسول الله من أحب الناس إليك ؟ فقال : أبوبكر .

فانظر إلى معاملة النبى لأصحابه التى جعلت عمروا يرى أنه أحب الناس إليه مع أنه لم يكن كذلك .

فيوم أن ينجح المعلم فى جمع قلوب تلاميذه حوله ، حتى يظن كل طالب منهم أنه أحب طلابه إليه ، هناك ولا شك سينجح المعلم فى غرس مايريد فى أبنائه ، بل ستكون المادة العلمية أحب إليهم من كل شئ ، لأنهم يحبون معلم المادة .

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الرفق بالجاهل والمخطئ ،وتعليمه باللين دون التثريب عليه .

فمن ذلك :

تعليمه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمى لما شمت رجلا إلى جواره فى الصلاة فرمقه الناس بأبصارهم فلما رآهم يصمتونه سكت ، فلما انتهى النبى من صلاته علمه باللين واللطف حتى قال الرجل : مارأيت معلما قط أحسن تعليما منه ، فوالله ماكهرنى ولاشتمنى ولاضربنى

فهكذا يكون التعليم جذب القلوب باللطف واللين والأسلوب الحسن

فإذا نجح المعلم فى كبح جماح غضبه مع الجاهل والمخطئ ، واستطاع أن يعلمه بأسلوب حسن جميل ، فلاشك ستجد كلماته طريقا مذللا إلى قلوب أبنائه

هذه رؤوس أقلام فى هذا الموضوع ، أتمنى أن تكون هادية لإخواننا المعلمين ومرشدة لهم ، وأتمنى أن تضع أرجلهم على بداية الطريق الصحيح للتعليم .

والله من وراء القصد
كتبه
المعتزبالله الكامل
...المزيد

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ...

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما


فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، فكان أكمل رجل عرفته البشرية ، يجد كل مقتد فيه بغيته ، فالقائد يجد بغيته ، والمعلم يجد بغيته ،والمربى يجد بغيته ، والداعى إلى الله يجد مايروى غليله ويشبع نهمته ، وكلما نظر الناظر إلى جانب من جوانب سيرته صلى الله عليه وسلم وجده مكتملا وكأن النبى صلى الله عليه وسلم قد تفرغ له وتخصص فيه وأفنى عمره فى تجويده وتحسينه .

وإذا كانت مشكلة البشرية القديمة الحديثة هى مشكلة التربية والتعليم ، حتى أن المؤلفات والمحاضرات فى هذه المشكلة تتجاوز مكتبة ضخمة كتبت وألفت لعلاج المشكلة ، ومازالت البشرية فى حاجة إلى كتابات أخرى فى هذه المشكلة .

فهل نجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم علاجا ناجعا لهذه المشكلة كما اعتدنا فى جميع أمور حياتنا ؟

هذا ماسنراه فى خطبة اليومتعالوا بنا ننظر فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم لنر كيف عالج رسول الله مشكلة التربية والتعليم وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مرب عرفته البشرية ؟.

أول مايطالعنا هو:

أولا : أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقوم بتحويل الرجل العادى إلى طالب علم حريص على العلم

فكل تعليم لا يقوم على هذا الأساس هو حرث فى البحر أورقم على الماء

إذا لم يكن الطالب حريصا على العلم مهتما به محبا له فلن يفيده التعليم شيئا .

انظر إليه صلى الله عليه وسلم حين جلس فى المسجد فجاء رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل ، فعاد الرجل فصلى ثم عاد فسلم فرد عليه النبى السلام وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ،فعاد الرجل وفى الثالثة قال والذى بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمنى .

فانظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ألم يكن فى مقدوره إذا رأى رجلا لا يحسن الصلاة أن يعلمه مباشرة ؟ أو حتى يدله على موضع الخطأ فى صلاته ليصححها ؟

لو فعل النبى ذلك لربما تعلم الرجل الصلاة أو بعضها لكن الرجل لن يتحول إلى طالب علم حريص على طلبه محب له ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يوجد طالب علم يبحث عنه فى مظانه وهو مايسمى عند العلماء بإيجاد الدافع لطلب العلم

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم

استغلال الوقت المناسب والموقف المناسب لإلقاء العلم على صحابته

فالمعلم الذى يلقى الدرس على تلاميذه دون أن يربطه بحادثة قد وقعت أو موقف يأخذون منه عبرة قد يستفيد تلاميذة استفادة وقتية لاتلبث أن تزول من الذاكرة مع مر الأيام ، لكن المعلم الذى يربط الدرس بمشهد يراه تلاميذه سيجعل الدرس حيا فى الأذهان لفترة وياة بل قد لاينسى تلاميذه الدرس أبدا .

إن الدرس الذى يربط المعلم فيه بين مشهد يراه تلاميذه وبين تعليق من المعلم هو فى حقيقته درس يجمع بين الجانب البصرى والجانب السمعى ، والعلماء يقولون : إن استخدام أكثر من حاسة فى المذاكرة يعين على إتقان الدرس وعدم نسيانه .

تعالوا بنا لنر هذا الموقف من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

مر رجل ذو شارة حسنة يركب على دابة فارهة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب أن ينكح ،وإن شفع أن يشفع ،وإن قال أن يسمع لقوله ، ثم مر رجل فقير فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب ألا يزوج ،وإن شفع ألا يشفع ، وإن قال ألايسمع لقوله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض من هذا .

انظر إالى هذا الموقف وسل نفسك ماهى الرسالة التى أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يوصلها لأصحابه ؟

الرسالة تتلخص فى ( رب فقير لايؤبه له خير عند الله من آلاف الأغنياء)

ألم يكن فى مقدور النبى صلى الله عليه وسلم أن يقولها هكذا كما قلتها أنا ؟

لماذا ينتظر النى صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموقف ليلقى درسه على أصحابه ؟

إن السبب هو ماقلت لك ( الربط بين الجانب النظرى والجانب العملى ، واستغلال الفرص المناسبة لإلقاء الدرس )

جئ للنبى صلى الله عليه وسلم بقطع من حرير فجعل الصحابة يتعجبون من حسنها وجمالها فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذه

صعد ابن مسعود شجرة الأراك فبدت ساقاه فضحك الصحابة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لساقا ابن مسعود عند الله أثقل من جبل أحد

كل هذه المواقف لم يدعها النبى تمر عبثا وإنما ربط فيها بين المشهد الذى سيحفر فى الذاكرة وبين التعليق الذى سيزين المشهد ويحسنه

استغلال للفرصة السانحة لإلقاء الموعظة ، وربط بين مشهد عملى وتعليق نظرى

ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الثناء على المحسن والتنبيه على الخطأ دون ذكر المخطئ باسمه

فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رأى من أحد حرصا على طلب العلم أثنى عليه بذلك ، وهذا يرفع همة طالب العلم ، ويجعله حريصا عليه .

فقد سأل أبوهريرة النبى صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بشفاعته فقال صلى الله عليه وسلم : ماظننت أن أحدا يسألنى عن هذا قبلك لما علمت من حرصك على العلم .

فانظر إلى قول النبى لأبى هريرة لما علمت من حرصك على العلم ، فهذا القول سيجعل أبا هريرة من أحرص الناس على العلم ، فلو أجابه النبى صلى الله عليه وسلم دون تعليق لما علت همة أبى هريرة فى طلب العلم ، لأن النبى أجابه كما يجيب أى رجل من أصحابه بل من عامة أصحابه ، لكن ثناء النبى عليه سيحوله إلى طالب علم نهم لايفوت فرصة فى طلب العلم ، وهذا مارأيناه فى حياة أبى هريرة رضى الله عنه .

ومن سنته صلى الله عليه وسلم فى تعليم أصحابه :

أنه كان يعطى لكل فرد من أصحابه حقه من البشر والنظر ، فلا يمنح طرفه لكبار أصحابه ، ولا قدامى الصحابة ولا لأهل بدر ، بل لكل واحد من أصحابه حقه من النظر وحقه من إظهار البشر به والفرح بقدومه .

يقول عمرو بن العاص رضى الله عنه كان رسول الله يمنح بشره ونظره لأبغض الناس إليه يتألفهم بذلك ، حتى أنى ظننت أنى أحب الناس إليه فقلت يارسول الله من أحب الناس إليك ؟ فقال : أبوبكر .

فانظر إلى معاملة النبى لأصحابه التى جعلت عمروا يرى أنه أحب الناس إليه مع أنه لم يكن كذلك .

فيوم أن ينجح المعلم فى جمع قلوب تلاميذه حوله ، حتى يظن كل طالب منهم أنه أحب طلابه إليه ، هناك ولا شك سينجح المعلم فى غرس مايريد فى أبنائه ، بل ستكون المادة العلمية أحب إليهم من كل شئ ، لأنهم يحبون معلم المادة .

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الرفق بالجاهل والمخطئ ،وتعليمه باللين دون التثريب عليه .

فمن ذلك :

تعليمه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمى لما شمت رجلا إلى جواره فى الصلاة فرمقه الناس بأبصارهم فلما رآهم يصمتونه سكت ، فلما انتهى النبى من صلاته علمه باللين واللطف حتى قال الرجل : مارأيت معلما قط أحسن تعليما منه ، فوالله ماكهرنى ولاشتمنى ولاضربنى

فهكذا يكون التعليم جذب القلوب باللطف واللين والأسلوب الحسن

فإذا نجح المعلم فى كبح جماح غضبه مع الجاهل والمخطئ ، واستطاع أن يعلمه بأسلوب حسن جميل ، فلاشك ستجد كلماته طريقا مذللا إلى قلوب أبنائه

هذه رؤوس أقلام فى هذا الموضوع ، أتمنى أن تكون هادية لإخواننا المعلمين ومرشدة لهم ، وأتمنى أن تضع أرجلهم على بداية الطريق الصحيح للتعليم .

والله من وراء القصد
كتبه
المعتزبالله الكامل
...المزيد

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، ...

االنبى صلى الله عليه وسلم معلما


فقد كمل الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم جميع المناقب ، فكان أكمل رجل عرفته البشرية ، يجد كل مقتد فيه بغيته ، فالقائد يجد بغيته ، والمعلم يجد بغيته ،والمربى يجد بغيته ، والداعى إلى الله يجد مايروى غليله ويشبع نهمته ، وكلما نظر الناظر إلى جانب من جوانب سيرته صلى الله عليه وسلم وجده مكتملا وكأن النبى صلى الله عليه وسلم قد تفرغ له وتخصص فيه وأفنى عمره فى تجويده وتحسينه .

وإذا كانت مشكلة البشرية القديمة الحديثة هى مشكلة التربية والتعليم ، حتى أن المؤلفات والمحاضرات فى هذه المشكلة تتجاوز مكتبة ضخمة كتبت وألفت لعلاج المشكلة ، ومازالت البشرية فى حاجة إلى كتابات أخرى فى هذه المشكلة .

فهل نجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم علاجا ناجعا لهذه المشكلة كما اعتدنا فى جميع أمور حياتنا ؟

هذا ماسنراه فى خطبة اليومتعالوا بنا ننظر فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم لنر كيف عالج رسول الله مشكلة التربية والتعليم وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم مرب عرفته البشرية ؟.

أول مايطالعنا هو:

أولا : أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقوم بتحويل الرجل العادى إلى طالب علم حريص على العلم

فكل تعليم لا يقوم على هذا الأساس هو حرث فى البحر أورقم على الماء

إذا لم يكن الطالب حريصا على العلم مهتما به محبا له فلن يفيده التعليم شيئا .

انظر إليه صلى الله عليه وسلم حين جلس فى المسجد فجاء رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل ، فعاد الرجل فصلى ثم عاد فسلم فرد عليه النبى السلام وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ،فعاد الرجل وفى الثالثة قال والذى بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمنى .

فانظر إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، ألم يكن فى مقدوره إذا رأى رجلا لا يحسن الصلاة أن يعلمه مباشرة ؟ أو حتى يدله على موضع الخطأ فى صلاته ليصححها ؟

لو فعل النبى ذلك لربما تعلم الرجل الصلاة أو بعضها لكن الرجل لن يتحول إلى طالب علم حريص على طلبه محب له ، لكن النبى صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يوجد طالب علم يبحث عنه فى مظانه وهو مايسمى عند العلماء بإيجاد الدافع لطلب العلم

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم

استغلال الوقت المناسب والموقف المناسب لإلقاء العلم على صحابته

فالمعلم الذى يلقى الدرس على تلاميذه دون أن يربطه بحادثة قد وقعت أو موقف يأخذون منه عبرة قد يستفيد تلاميذة استفادة وقتية لاتلبث أن تزول من الذاكرة مع مر الأيام ، لكن المعلم الذى يربط الدرس بمشهد يراه تلاميذه سيجعل الدرس حيا فى الأذهان لفترة وياة بل قد لاينسى تلاميذه الدرس أبدا .

إن الدرس الذى يربط المعلم فيه بين مشهد يراه تلاميذه وبين تعليق من المعلم هو فى حقيقته درس يجمع بين الجانب البصرى والجانب السمعى ، والعلماء يقولون : إن استخدام أكثر من حاسة فى المذاكرة يعين على إتقان الدرس وعدم نسيانه .

تعالوا بنا لنر هذا الموقف من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم

مر رجل ذو شارة حسنة يركب على دابة فارهة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب أن ينكح ،وإن شفع أن يشفع ،وإن قال أن يسمع لقوله ، ثم مر رجل فقير فقال النبى صلى الله عليه وسلم : ماتقولون فى هذا ؟ قالوا : هذا رجل حرى إن خطب ألا يزوج ،وإن شفع ألا يشفع ، وإن قال ألايسمع لقوله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض من هذا .

انظر إالى هذا الموقف وسل نفسك ماهى الرسالة التى أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يوصلها لأصحابه ؟

الرسالة تتلخص فى ( رب فقير لايؤبه له خير عند الله من آلاف الأغنياء)

ألم يكن فى مقدور النبى صلى الله عليه وسلم أن يقولها هكذا كما قلتها أنا ؟

لماذا ينتظر النى صلى الله عليه وسلم مثل هذا الموقف ليلقى درسه على أصحابه ؟

إن السبب هو ماقلت لك ( الربط بين الجانب النظرى والجانب العملى ، واستغلال الفرص المناسبة لإلقاء الدرس )

جئ للنبى صلى الله عليه وسلم بقطع من حرير فجعل الصحابة يتعجبون من حسنها وجمالها فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذه

صعد ابن مسعود شجرة الأراك فبدت ساقاه فضحك الصحابة فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لساقا ابن مسعود عند الله أثقل من جبل أحد

كل هذه المواقف لم يدعها النبى تمر عبثا وإنما ربط فيها بين المشهد الذى سيحفر فى الذاكرة وبين التعليق الذى سيزين المشهد ويحسنه

استغلال للفرصة السانحة لإلقاء الموعظة ، وربط بين مشهد عملى وتعليق نظرى

ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الثناء على المحسن والتنبيه على الخطأ دون ذكر المخطئ باسمه

فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا رأى من أحد حرصا على طلب العلم أثنى عليه بذلك ، وهذا يرفع همة طالب العلم ، ويجعله حريصا عليه .

فقد سأل أبوهريرة النبى صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بشفاعته فقال صلى الله عليه وسلم : ماظننت أن أحدا يسألنى عن هذا قبلك لما علمت من حرصك على العلم .

فانظر إلى قول النبى لأبى هريرة لما علمت من حرصك على العلم ، فهذا القول سيجعل أبا هريرة من أحرص الناس على العلم ، فلو أجابه النبى صلى الله عليه وسلم دون تعليق لما علت همة أبى هريرة فى طلب العلم ، لأن النبى أجابه كما يجيب أى رجل من أصحابه بل من عامة أصحابه ، لكن ثناء النبى عليه سيحوله إلى طالب علم نهم لايفوت فرصة فى طلب العلم ، وهذا مارأيناه فى حياة أبى هريرة رضى الله عنه .

ومن سنته صلى الله عليه وسلم فى تعليم أصحابه :

أنه كان يعطى لكل فرد من أصحابه حقه من البشر والنظر ، فلا يمنح طرفه لكبار أصحابه ، ولا قدامى الصحابة ولا لأهل بدر ، بل لكل واحد من أصحابه حقه من النظر وحقه من إظهار البشر به والفرح بقدومه .

يقول عمرو بن العاص رضى الله عنه كان رسول الله يمنح بشره ونظره لأبغض الناس إليه يتألفهم بذلك ، حتى أنى ظننت أنى أحب الناس إليه فقلت يارسول الله من أحب الناس إليك ؟ فقال : أبوبكر .

فانظر إلى معاملة النبى لأصحابه التى جعلت عمروا يرى أنه أحب الناس إليه مع أنه لم يكن كذلك .

فيوم أن ينجح المعلم فى جمع قلوب تلاميذه حوله ، حتى يظن كل طالب منهم أنه أحب طلابه إليه ، هناك ولا شك سينجح المعلم فى غرس مايريد فى أبنائه ، بل ستكون المادة العلمية أحب إليهم من كل شئ ، لأنهم يحبون معلم المادة .

ومن طريقته صلى الله عليه وسلم فى التعليم :

الرفق بالجاهل والمخطئ ،وتعليمه باللين دون التثريب عليه .

فمن ذلك :

تعليمه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمى لما شمت رجلا إلى جواره فى الصلاة فرمقه الناس بأبصارهم فلما رآهم يصمتونه سكت ، فلما انتهى النبى من صلاته علمه باللين واللطف حتى قال الرجل : مارأيت معلما قط أحسن تعليما منه ، فوالله ماكهرنى ولاشتمنى ولاضربنى

فهكذا يكون التعليم جذب القلوب باللطف واللين والأسلوب الحسن

فإذا نجح المعلم فى كبح جماح غضبه مع الجاهل والمخطئ ، واستطاع أن يعلمه بأسلوب حسن جميل ، فلاشك ستجد كلماته طريقا مذللا إلى قلوب أبنائه

هذه رؤوس أقلام فى هذا الموضوع ، أتمنى أن تكون هادية لإخواننا المعلمين ومرشدة لهم ، وأتمنى أن تضع أرجلهم على بداية الطريق الصحيح للتعليم .

والله من وراء القصد
كتبه
المعتزبالله الكامل
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً