لا تنتظر بقلم أ.د.عادل رشاد يشكل الانتظار جزءا كبيرا في حياتنا اليومية ، موقف نعيشه كل يوم ...

لا تنتظر
بقلم أ.د.عادل رشاد
يشكل الانتظار جزءا كبيرا في حياتنا اليومية ، موقف نعيشه كل يوم حتى اعتدنا عليه، وصار علينا أن نتحمله رغم ما ينطوي عليه من ملل فاتر . إنه انتظار قاتل يقضي على لحظاتنا الحاضرة، والتي كان مفترضا أن نعيشها بكل ما فيها من فرص أو مساحة متاحة لصناعة فرصة .
ليس في الانتظار إلا فقدان المزيد من الوقت، لذلك لا ينبغي أن يأخذ الانتظار جزءا كبيرا من وقتنا.
قد لا يتصور البعض حجم الفائدة وعظم المنفعة التي سيجنيها من يستثمر دقائق الانتظار هذه , لأنه لم يدقق يوما في مجموعها الذي قد يصل أحيانا إلى عدة ساعات في بعض الأيام , وهو ما يعني أن قدرا لا بأس به من أعمارنا تذهب سدى .
لا تنتظر .وأدرك حقيقة الانتظار كفعل سلبي يضيع الوقت ، وراع من حسن التخطيط ووضع الأهداف الواضحة، فيساعدك ذلك على إدراك حجم الوقت الذي تخصصه لكل شيء، كما يجعلك تلاحظ إهدار وقتك فور حدوث ذلك، وهو ما يمنحك الفرصة لتدارك الأمر وتتجنب الوقوع في فخ سرقة الوقت أو بالأحرى العمر ،
فوجود خطة شاملة لحياتنا تجعلنا نرى جوانب القصور، وتمنعنا من الاستمرار في الانتظار بلا جدوى.
بوسعك استثمار وقت الأنظار في الذكر والاستغفار والقراءة الاستماع إلى المُحاضرات والدُّروس وكتابة رسالة قصيرة (SMS)وإرسالها عبر الهاتف إلى أحد الأقارب أو الأصدقاء، تعزيزا للعلاقات بينكما وصلة للأرحام .


وكانَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنه يقولُ: (إذا أمْسَيْتَ فلا تَنْتَظِرِ الصَّباحَ، وإذا أصْبَحْتَ فلا تَنْتَظِرِ المَساءَ، وخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، ومِنْ حَياتِكَ لِمَوْتِكَ) صحيح البخاري ٦٤١٦.
إن وقت المساء له نشاطه ومهامه ووقت الصباح كذلك فلم الانتظار ؟
ويشيع بين الناس حديث ( انْتِظارُ الفَرَجِ عِبادةٌ) ، وهو حديث ضعيف كما حققه الألباني في ضعيف الجامع ١٣٣٠ ، وعلى فرض صحته فمعنى الانتظار فيه ليس انتظار سلبيا ، ولكن انتظار إيجابي يسعى إلى تهيئة الذات يما يستطيع لتلقي الفرج ، وهو الاستعداد النفسي والفكري والأخلاقي والروحي الذي يمهد الأجواء لتفريج الأزمات .
من ينتظر الفرج والنصر يلزمه الإعداد له : {وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ } (60) سورة الأنفال.
إذن لا تنتظر وتبقى ساكنا فالحركة بركة .
...المزيد

الوعي بمسؤولية الكلمة بقلم أ.د. عادل رشاد الكلمة منطوقة أو مكتوبة تتبوأ مركز الصدارة في مجال ...

الوعي بمسؤولية الكلمة
بقلم أ.د. عادل رشاد

الكلمة منطوقة أو مكتوبة تتبوأ مركز الصدارة في مجال الخطاب والتعبير عن الرأي ونشر الثقافة؛ فهي أداة الإفصاح عن الفكرة ووعاء التعبير عن مكنون الإنسان.
لكنها سلاح ذو حدين، فالكلمة إما أن تكون أداة بناء وتواصل وإما أن تكون مِعْوَل هدمٍ وأداة تخريب.
ومن هنا تتضح مسئولية الإنسان تجاه كلماته، وهذا ما أكده الإسلام على لسان نبيه «صلى الله عليه وسلم» في تكريس الوعي بتلك المسئولية، فعندما معاذ «رضي الله عنه» : (يا نبي الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟) وكان رده «صلى الله عليه وسلم»: (ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟) رواه الترمذي.
والقرآن في بيان تصويري أخّاذ يكشف عن تأثير الكلمة في بعديها الإيجابي والسلبي بقول الله تعالى: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ. تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ". سورة إبراهيم : 24 -26.
ومن هنا كان لا بد من النظرة الواعية للكلمة في جدواها وآثارها قبل أن تُبَث نطقا أو كتابة، يقول ابن القيم «رحمه الله»: "وأما اللفظات؛ فحفظها بأن لا يخرج لفظة ضائعة، بأن لا يتكلم إلا فيما يرجو فيه الربح والزيادة في دينه، فإذا أراد أن يتكلم بالكلمة نظر: هل فيها ربح أو فائدة أم لا؟ فإن لم يكن فيها ربح أمسك عنها، وإن كان فيها ربح نظر: هل تفوت بها كلمة هي أربح منها فلا يضيعها بهذه؟"
ومن هنا نبهنا الإسلام إلى عواقب الكلمة كما في حديث أبي هريرة «رضي الله عنه» قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم )رواه البخاري.
إن ضبط الكلمة في مسارها النافع ليس سهلا، بل يحتاج إلى مجاهدة ،ومن العجب كما يقول ابن القيم «رحمه الله» أن الإنسان قد يهون عليه التحفظ والاحتراز من كبائر الذنوب ؛ لكن يصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، ويتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالا ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب.
وتعظم خطورة الكلمة عندما يتاح لها الانتشار وتعم الآفاق في بضع دقائق أو ثوان عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي. ومن هنا أخبرنا نبينا «صلى الله عليه وسلم» عن شدة عذاب قائلها، ففي رحلة المعراج رأى رجلاً يوضع في شدقيه كلاليب من نار، يشق بها شدقه الأيمن من أوله إلى آخره، ثم يشق بها شدقه الأيسر فيعود الأيمن كما كان، ثم يشق مرة أخرى ويلتئم من جديد، فلما سأل النبي «صلى الله عليه وسلم» جبريل عن هذا الرجل قال: (هو الرجل يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق)، والكذب هو مادة الشائعات التي لها آثارها المدمرة في حياة الأمة .
ونحن نود أن نحرص على الارتقاء بأسلوب التخاطب سواء خلال التواصل المباشر أو الإلكتروني، والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع وأمنه، لا سيما في زمن الفتن.
وفي سبيل تحقيق الارتقاء بالكلمة نحتاج إلى:
أولا: المعرفة الصحيحة عما نتحدث عنه، (العلم قبل القول والعمل).
ثانيا : الحيدة والموضوعية فلا نبيع عقولنا طمعا في المصالح الذاتية والمنافع الشخصية، ولا نخضع للأهواء التي تهوي بصاحبها في أودية النفاق والمداهنة.
ثالثا : التثبت مما نقول، فلا نطلق الأحكام وننقل الكلام دون تثبت، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات.
إن استشعار مسئولية الكلمة ليست دعوة إلى الصمت، لكنه استبعاد لكلمات لا خير فيها ، و «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت» (رواه البخاري، ومسلم) ، فإذا لم لديك خيرا تتحدث عنه فحينذاك يكون الصمت من ذهب.
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً