أمير ديوان الصحة: أنشأنا مؤسسات صحية متميزة وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة - الأدوية ...

أمير ديوان الصحة:
أنشأنا مؤسسات صحية متميزة
وجامعاتنا الطبية تخرّج الكوادر المؤهلة

- الأدوية والمستلزمات الطبية، ما هو دور ديوان الصحة في ضبط جودتها وأسعارها وضمان توفيرها؟

نتيجة لظروف الحرب والحصار في كثير من مناطق الدولة الإسلامية فقد نقصت واردات الأدوية بشكل كبير، كما تراجعت من حيث النوعية، إذ تعرض كثير من معامل الأدوية للتدمير والتخريب والسرقة، كما حدث مع المعامل في الموصل وحلب وريف دمشق وغيرها، ونتيجة ضعف الرقابة خارج مناطق الدولة الإسلامية فقد ظهر كثير من الورشات والمعامل الصغيرة التي تقوم بتقليد الأدوية المصنعة، وهي في الغالب لا ترقى إليها، هذا إن لم يتعمد فيها الغش لزيادة الأرباح، كما دخل إلى الأسواق كثير من الأدوية المستوردة من المناطق المجاورة لم تخضع غالبا للرقابة الدوائية.

ولضبط هذا الأمر تعمل في كل الولايات فرق من مكتب الرقابة الدوائية التابع للديوان على متابعة الصيدليات ومستودعات الأدوية، والتقصي عن الأدوية الداخلة إلى أراضي الدولة الإسلامية ومصادرها وفعاليتها، ووضع الضوابط التي تحدد تداول هذه الأدوية، وخاصة المسكّنات والأدوية التي تسبب الإجهاض، ومصادرة الأدوية المخالفة، ومحاسبة المخالفين.

وكذلك يجري تنظيم عمل الصيدليات في أراضي الدولة الإسلامية، وخاصة في موضوع أهلية العاملين فيها، وفق ضوابط تتناسب مع وضع كل منطقة، بحيث يجري عمل موازنة بين حاجتها، وما يتوفر فيها من صيدليات وكوادر صيدلانية والغاية أن نحد من الصرف العشوائي للأدوية وما ينجم عن ذلك من مضاعفات ومخاطر على حياة الناس.
كما استحدث الديوان قسما للعلاج بالأعشاب، يعمل على استخلاص الأدوية والعلاجات من النباتات الطبية بطرق حديثة، وتجهيزها للاستفادة منها في علاج الأمراض، وفق الخطط العلاجية التي يضعها الأطباء والمختصون بهذا المجال.

- هل من وصية توجهها إلى العاملين في القطاع الصحي، داخل أراضي الدولة الإسلامية وخارجها؟

أما الأطباء والممرضون والمساعدون وجميع من يعينهم في عملهم داخل دار الإسلام، فأقول لهم جزاكم الله خيرا، فإنكم على ثغر عظيم، وفي عمل صالح مبارك، ونسأل الله أن يجعل لكم نصيبا من قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، ومن قوله تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}، فمجرد ثباتكم في دار الإسلام هو عمل صالح لإغاظتكم الكفار بذلك، فكيف بثواب الرباط والجهاد في سبيل الله، ولذلك أوصيهم بإخلاص النية لله تعالى في عملهم، كي ينالوا أجر رباطهم وثباتهم وجهدهم وعرقهم، وأن لا يكون همّ أحد منهم المال أو السمعة، بل يبتغي فيما أنعم الله به عليه من علم وجه الله تعالى.

أما من هم خارج دار الإسلام، فأقول لهم، لقد حرمتم أنفسكم من خير كبير، وثواب عظيم، هو خير العيش تحت حكم الإسلام، وثواب الجهاد والرباط في سبيل الله، وعرّضتم أنفسكم لفتنة عظيمة على دينكم، بمقامكم في ذمة الكفار، وعيشكم تحت حكمهم وأمرهم.

وأوصيهم بالتوبة إلى الله من كبيرة قعودهم عن الهجرة والجهاد، وأحثهم على الهجرة في سبيل الله، نصرة لدين الله، وولاءا لأولياء الله، وبراءة من أعداء الله، وأحذّرهم من أن يُفتنوا بما علّمهم الله فيقول كما قال عدو الله قارون {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}، فما لدى أيٍ منهم من علم إنما هو ابتلاء له، فإن اتخذه طريقا للجنة فقد فاز وظفر، وإن اتخذه طريقا للدنيا فقد خاب وخسر، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة الحوار كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

تَوكَّلُّوا عَلى الله لا على عُدَدِكم لا يُجادِل مسلمان اثنان في أنَّ إعداد العُدة للجهاد في ...

تَوكَّلُّوا عَلى الله لا على عُدَدِكم

لا يُجادِل مسلمان اثنان في أنَّ إعداد العُدة للجهاد في سبيل الله من الأمور الواجبةِ المطلوبة، وقد حثَّ الله سبحانه وتعالى عليها في كتابه الكريم بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60]، ولا شكَّ أنَّ إعداد العدة من الأمور التي تُعين على النصر والظفر على الأعداء.

وقد امتثل جنود الخلافة -بفضل الله عزوجل- لهذا الأمر الإلهي، فأعدوا ما وفقهم الله له، وقد رأى العدو من ذلك شيئا يسيرا، والقادم بإذن الله أدهى وأمر، إلَّا أنَّه لا ينبغي للمسلم الموحِّد أن يجعل اعتمادَہ وتوكلَّه على ما أعدَّہ واستعدَّ به، بل عليه أن يَتبرَّأ من حوله وقوَّته إلى حول الله وقُوَّته، وألَّا تغرَّہ هذه القوة في شيء، فهي وإن كان إعدادها سببا من أسباب النصر، فإن الاغترار بها سبب من أسباب الهزيمة، ولنا في سيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ولنا فيما أصابهم يوم حنين عظة وعبرة، قال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 25-26].

قال ابن كثير في تفسيره: «ذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة من غزواتهم مع رسوله وأن ذلك من عنده تعالى، وبتأييده وتقديره، لا بِعَددهم ولا بعُدَدهم، ونبَّههم على أنَّ النَّصر من عنده، سواء قلَّ الجمع أو كثر، فإن يوم حنين أعجبتهم كثرتهم، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئا فولوا مدبرين إلا القليل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أنزل [الله] نصره وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين معه».

فيا أيُّها المجاهد الموحد كن على علم بأن إعدادك امتثالٌ لأمر الله وأن النصر إنما يأتي من عنده سبحانه، وأنك بالتزامك طاعته وانتهائك عما نهى عنه يُكتب لك النصر والظفر، واعلم أنَّه كما أمرك بإعداد العدة فقد أمرك بالتوكل عليه وحده لا على شيئ سواه، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِہِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3].

وليعلم المجاهد الموحِّد أن تزعزع النيات وتقلب القلوب أشد عليه وأخطر من الحشود مهما بلغت ومن طائرات العدو مهما كثرت وقصفت، فليحرص على هذا القلب أشد الحرص، وليحذر من إبليس ووساوسه فإن حرصه على تغيير النيات عظيم، وهو لا يسأم منه حتى تفارق الروح الجسد، وليكن قلبه دائما معلقا بالله وحده لا ينزعه عن ذلك التعلّق شيء.

وليحذر من عبارات قد تطلقها الألسنة ما يلبث أثرها أن يصل إلى القلوب، من مثل «أن الاستشهاديين -مع عظيم نكايتهم بأعداء الله- يحسمون المعارك»، أو أنه «ما دام معنا سلاح كذا، فلن نهزم أو نغلب»، أو أن «ما أعددناه من وسائل كاف لإلحاق الهزيمة بالأعداء»، وليكن لسان حال المجاهد ومقاله ومعتقد قلبه الجازم أنه لا معوّل ولا اعتماد على ما أعده -وإن عظم- إلا من جهة أنه استجاب لأمر الله به.

يا أيها المجاهد يا من خرجت لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، يا من ضحيت بكل شيء ليسود التوحيد أرجاء العالم، توحيدُك لا تكن ممن يُنقِصه أو يخرمه، فتوكل على الله حق التوكل، فهو مصرّف الأمور مسبّب الأسباب بأمره سبحانه وتعالى.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ
...المزيد

لحوم الأزواج مسمومة [١/٢] إن العلاقة بين الزوج وزوجته تتجاوز حدود هذه الدنيا، لتسمو بأبعادها ...

لحوم الأزواج مسمومة
[١/٢]

إن العلاقة بين الزوج وزوجته تتجاوز حدود هذه الدنيا، لتسمو بأبعادها الأخروية فوق مجرد الشهوة والمتعة، ريثما يأذن الله -تعالى- ويحط المؤمنون والمؤمنات في جنات الخلد الرحال، مصداقا لقول الكبير المتعال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} [الرعد: 23]، وإن من حكمة الله العزيز أن جعل من الكمال في بني البشر أمرا متعذر النوال، وجعلنا ناقصين خطائين، ولذلك فإن المشاكل الأسرية لا يكاد يخلو منها بيت بحال.

ولكن بعض الأزواج -أصلحهم الله- من النساء كانوا أو الرجال، لا يتورعون عن هتك أستار بيوتهم بالقيل والقال، فنجد في كثير من الأحيان أزواجا يذكرون ما يحدث بينهم وبين زوجاتهم من مشاكل في مجالسهم الخاصة والعامة، وكذاك تفعل بعض الزوجات، أو يذكر كلٌّ منهما الآخر في غيابه بما يكره، وهذه الأفعال من الطرفين مذمومة شرعا وعرفا.

- ولا يغتب بعضكم بعضا

والغيبة من آفات اللسان التي لا تعود على المرء إلا بالتباب والخسران، (وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم؟) [رواه أحمد].

والله -عز وجل- يقول: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12]، و{بَعْضُكُمْ بَعْضًا} هنا لم يستثن منها الشارع الأزواج والزوجات، فلا يحل لأحدهما ذكر الآخر بسوء في غيابه، حتى وإن كان صادقا في مزاعمه؛ فعن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أتدرون ما الغيبة؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (ذكرك أخاك بما يكره)، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: (إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه) [رواه مسلم].

وبعض النساء -أصلحهن الله- تعرف الغيبة وعظم أمرها عند الله تعالى، وأنها من آفات اللسان، والتي لا تعود على المرء إلا بالتباب والخسران، ولكنها تستثني من المُستغابين زوجها وضرتها، ظانة أن أكل لحوم هؤلاء من الحلال الزلال، وهي بمنأى يوم القيامة عن الحساب والسؤال.

وقلما تجد بين من يستمعن إليها زاجرة أو رادعة، تنهاها وتذكِّرها، بل أكثرهن تعجبهن وتثير فضولهن هذه السير والتراجم لأزواج غائبين، بوّب النووي في كتابه رياض الصالحين: «باب تحريم سماع الغيبة، وأمر من سمع غيبة محرمة بردها والإنكار على قائلها، فإن عجز أو لم يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه».

وليت بعضهن تكتفي بالاستماع، فمنهن من تعينها على زوجها وتشد من أزرها في الباطل، فإذا اشتكت امرأة من زوجها تداعت بعض صويحباتها بالتحريض والتأليب، بل وأكثر من ذلك فمن النساء من تعين أختها بوصف طريق المحكمة وإجراءات الخلع، وتزيِّن لها إنهاء علاقتها بزوجها طمعا في تزويجها لأحد أقاربها أو أقارب زوجها، لا محبة فيها وحرصا على صلاح أمرها، وكأنها لم تقرأ قط ما رواه أبو داود عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس منّا من خبّب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده).

وكذلك الأمر مع الضرة، فكثير من النساء لا يتورعن عن ذكر ضرائرهن بسوء، بل قد يصل ببعضهن الأمر حد سبِ ضرتها وشتمها في غيابها بسبب الغيرة المفرطة، ويكون ذلك إما في مجلس نساء، أو في حضرة الزوج الذي لا يعرف في كثير من الأحيان ماذا يفعل! أيصد عادية سليطة اللسان هذه عن نفسه أم عن زوجته الغائبة؟! والله المستعان.

ولتذكر كل مسلمة أن أي انتقاص لأخيها أو اختها المسلمَين ولو بإشارة فإنها من الغيبة المحرّمة التي هي من كبائر الذنوب، فعن عائشة رضي الله عنها- قالت: «... فقلت: يا رسول الله، إن صفية امرأة، وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة، فقال: (لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته)» [رواه أبو داود].

فهذه أم المؤمنين قالت في ضرتها صفية -رضي الله عنهما- مازحة ما تنتقصها به، وكان قولها إشارة باليد لا نطقا باللسان، ومع هذا فقد نبهها -صلى الله عليه وسلم- إلى عظم ما فعلت، بأن هذه الكلمة التي قد لا يلقي لها المرء بالا لو أنها مُزجت بماء البحر لغيرت من أوصافه لعِظمها، وحسبنا في وصف ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنم» [رواه البخاري].


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

لحوم الأزواج مسمومة [٢/٢] - العاقل لا يفضح سرّ بيته والأشنع من فعل هذه الزوجة الظالمة ...

لحوم الأزواج مسمومة
[٢/٢]

- العاقل لا يفضح سرّ بيته

والأشنع من فعل هذه الزوجة الظالمة لنفسها، أن تجد رجلا عاقلا يتكلم في أسرار بيته للناس، ويفضح خبايا علاقته بزوجته، ويكشف سترها أمام غيره من الرجال، فهذه والله من علامات قلة المروءة، ولا يفعلها إلا من سفه نفسه، اللهم إلا الكلام في ما يحتاج إلى وصفه للقاضي أو المفتي أو الناصح المستأمن في دينه وخلقه، الأمين على ما يبلغه من أسرار إخوانه.

وكم هو نبيل خُلق ذاك التابعي الذي أراد يوما أن يطلق زوجته فسألوه: لم تريد تطليقها؟ فقال: لست ممن يذكر زوجته بسوء. وبعد أن طلقها عاود سؤاله بعض الفضلاء: لِمَ طلقتَ زوجك؟ فقال: لست ممن يتحدث عن امرأة أجنبية عنه!
وليعلم أحد الزوجين وهو يتحدث عن قرينه أو قرينته، أن كل سر من أسرار بيتك تفشيه، وكل سوء تذكره هو بمثابة الخرق الذي يصيب ذاك اللباس، ومتى ما اتسعت الخروق وزادت فسيهترئ «ثوب الزوجية» لا محالة، حتى يتمزّق، ولا ينفعه الترقيع.

فكما أنه للبيوت حرمات، كذلك لها أسرار ينبغي على لسان المؤمن الموحد أن يتنزه عن كشفها للناس وإن كانوا أقرب الأقربين، بل إن المراقب لشأن كثير من العائلات، يرى أن الأمور تزداد سوءا بين الزوجين المتخاصمين إذا ما تدخل طرف ثالث بحجة إيجاد حلول لبعض الخصومات البسيطة، فيزداد الطين بلة، وتتعقد الأمور أكثر.
وقد يقول البعض إن مرد ذلك هو التنفيس والشكوى لا أكثر، فنقول حينها: إي نعم إن النفس البشرية قد تبلغ قدرتها على التحمل -في بعض الأحيان- النصاب، فيجد أحد الزوجين في صديق له أذنا صاغية، وقلبا ناصحا، وهنا مكمن الداء والدواء لمثل هذه الظاهرة، وهي أن يحسن هذا الشاكي أو تلك الباكية اختيار المستمع لتلك المشاكل والنزاعات، فيكون شخصا أمينا على سرهما، حافظا لبوحهما، نصوحا صدوقا يخشى الله ويتقيه فيهما.

أما أن يصبح أحدهما فيحدّث بما يجري بين جدران منزلهما كل من هب ودب، حتى تغدو أدق تفاصيل حياتهما فاكهة المجالس وبضاعة القُصّاص، فهذا فضحٌ وليس تنفيسا أو شكوى يُراد من ورائها النصح والإصلاح.

وإن كان الزوج أو الزوجة شاكيين ولا بد، بعد أن استنفدا كل السبل، فدونهما القاضي أو المفتي، فهذه خويلة بنت ثعلبة لما ظاهرها زوجها لم تشكه إلى أحد، وإنما رفعت أمره إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنزل في شأنها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1]، وكذلك فعلت هند زوجة أبي سفيان، فعن عائشة، أن هند بنت عتبة قالت: «يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم»، فقال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) [رواه الشيخان].


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 67
الخميس 11 جمادى الأولى 1438 ه‍ـ

* لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام
@wmc11ar
...المزيد

أليس هذا حال العساكر؟ • قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من ...

أليس هذا حال العساكر؟

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من والاه، ويُعادي من عاداه، كان من جنس التتر المجاهدين في سبيل الشيطان، ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل الله تعالى، ولا من جند المسلمين، بل هؤلاء من عساكر الشيطان" أنتهى.

• أليس هذا هو حالكم؟ حيث توالون وتعادون في أشخاص الطواغيت الحكام، توالون من والوهم وتعادون من عادوهم، بغض النظر عن شرعية تلك الموالاة أو المعاداة، تنتهك حرمات الأمة ويُعتدى على مقدساتها، ويُقتل الأطفال والنساء، ويشتم الله ورسوله، فكل هذا وغيره لا يستدعي موقفاً منكم ولا من حكامكم!

الشيخ فارس آل شويل/نصيحة إلى العساكر

اعرف حقيقة الجيوش
...المزيد

تحسين التمويه بالبدلات العازلة للحرارة: ومن الأخطاء الشائعة في عالم التمويه أن يتم عزل حرارة ...

تحسين التمويه بالبدلات العازلة للحرارة:

ومن الأخطاء الشائعة في عالم التمويه أن يتم عزل حرارة الجسم البشري عن المحيط فقط، وذلك بمادة عازلة أو عاكسة للحرارة، وعندها يظهر اللون أسودا، وهذا ليس تمويهاً في الواقع، فما حصلنا عليه في التصوير الحراري هو جسم أسود لأنه لا يشع الحرارة، فهو مختلف عن الأرض التي تحيط به، وبما أن الأرض ليست ذات برودة سوداء فلا يصعب تمييز هذا الجسم الأسود، ولكن عند وضع العشب والتراب فوق بدلة العزل الحراري التي تمنع حرارة جسم الإنسان من الإشعاع إلى كاميرات العدو الحرارية يتشكل ما يمكن وصفه بالتمويه الجيد، لأننا نخفي بدلة العزل بمواد المحيط الذي يتحرك فيه ليلاً، وهكذا يصبح تمييز الجسم المموَّہ عن محيطه أصعب فعلاً، بإذن الله.

وتبقى مشكلتان، إحداهما أن بدلة التمويه سوف تسخن بسبب جسم الإنسان الحار الذي تحتها، ما يوجب ترك فراغٍ للهواء كي يمر بين الجسم والبدلة، مع عدم إهمال الاهتمام بتمويه الرأس، وحجب حرارة القدمين، والمشكلة الثانية هي التعامل مع الحركة، فإن الجلوس على الأرض لدقائق يجعل الأرض التي جلس عليها الجسم الحار تسخن وتعطي أثراً في التصوير الحراري، وأما الحركة أمام الكاميرا الحرارية فهي تجعل الجسم المموَّہ عرضة للتمييز أكثر، تماماً كما يمكن تمييز القناص وهو في بدلة التمويه عندما يتحرك، فلا مقارنة بين سهولة تمويه الساكن وصعوبة تمويه المتحرك.

وأما البنادق أمام التصوير الحراري فإن ظهورها من كبائر الأخطاء في مقاييس التمويه العسكري، ولا شك أن تمويهها أولى من أي شيء آخر.

ومن طرائف التمويه وضعُ أنبوب مائل على شكل مدفع وتسخين أسفله بنارٍ في داخله لا تظهر من خارجه. ورغم أن هذه الحيلة قديمة، فإنه لا يوجد حل عند العدو للتمويه الجيد حتى الآن، والله أعلم، ولذا سيضيع العدو الكثير من الصواريخ على هذا الأنبوب الخردة، إن شاء الله.

وكذلك فإن السيارات القتالية الخشبية المغطاة بطبقة من المعدن قد استهلكت من الصليبيين وممن أمامهم من بهائمهم الروافض جهداً عسكرياً ضخماً قبل أن يكتشفوها، وأما بعد أن اكتشفوها فإن الخيارات العسكرية أمامهم لم تتسع أبداً، ولن يستفيدوا من اكتشافهم بإذن الله، طالما أن الحرارة التي تشعها المركبات الوهمية هي نفسها التي تشعها الحقيقية، وسيظلون يضربون الخشب بالنار، ثم يفرحون بما أتوا، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

للمزيد من المقالات وتبيين الحقائق حول دولة الإسلام.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

التمويه الحراري في الحرب كان التمويه في الحروب القديمة من أهم مهارات الحرب، وباستخدام أغصان ...

التمويه الحراري في الحرب

كان التمويه في الحروب القديمة من أهم مهارات الحرب، وباستخدام أغصان الشجر والطين على أجسام المقاتلين تمكنت الجيوش المهاجمة من الوصول إلى أهدافها قبل أن يتمكن المدافعون من تجهيز دفاعاتهم، وبالتمويه الجيد أيضاً تمكنوا من نصب الكمائن المحكمة، التي يقع فيها العدو المتحرك دون أن يشعر أنه قد أصبح بين فكي الكماشة.

ولم يفقد التمويه أهميته مع تطور أساليب الحروب الحديثة، بل تطورت فنون التمويه وازدادت طُرُقه تعقيداً لتسابق أساليب التصوير والمراقبة الحديثة.

وفي حين اعتمدت أساليب المراقبة القديمة على البصر والتمييز اللوني للأجسام، فإن الأساليب الجديدة في المراقبة تعتمد على أساليب متعددة منها التصوير الضوئي الذي يعطي تكبيراً لحجم الصورة أكثر من العين المجردة، وكذلك التصوير الحراري الذي يصور الحرارة المنبعثة من الأجسام فيتمكن من التصوير في الليل، ويتمكن من تمييز الجسم البشري المتخفي بصرياً ولونياً بين الأشجار بسبب حرارته، وهناك التصوير الطيفي أيضاً الذي يميز بين أنواع المواد المختلفة بمعزلٍ عن حرارة الجسم أو لونه، فمثلاً يظهر فيه لون قماش بدلة القناص مختلفاً عن لون الأعشاب والأشجار المحيطة رغم أن لونها متماثل بالعين المجردة، وكذلك التصوير الضوئي الليزري، وهناك أيضاً التصوير الليلي المعتمد على تضخيم الضوء، فيضخِّم ضوء القمر الضعيف أو الضوء المنبعث من قبضة الاتصال اللاسلكي مثلا ليُرى ما يحيط بها بوضوح، وجميع هذه الأساليب مستخدمة في الحروب حتى اليوم، ولكننا سنركز هنا على الأنواع التي يستفيد منها العدو أكثر، وأما القديمة التي قل استخدامها أو الحديثة التي لا تُرَكَّبُ إلا في أسلحة خاصة يندر استخدامها فلن نتطرق إليها في هذا المقام.

ومن أشهر أساليب التمويه المُشاهدة في مخلوقات الله –عز وجل- أن تُغيِّر الحرباءُ لونَها لتشبه محيطها، وهذا سلاحها الدفاعي الذي خُلِق معها فهي تعيش به، وأما في الحروب الحديثة فمن أشهر أساليب التمويه تصميم البدلات المموهة العسكرية للجنود، وأيضاً ما يقوم به القناص من لبس بدلة تحتوي ألوان محيطه الذي يختبئ فيه ليقتنص عدوَّہ، دون أن يدرك عدوُّہ أين يكمن القناص، وكذلك تمويه السيارات والمدافع بالأشجار في النهار.

فالتمويه هو فن الاختفاء عن مراقبة العدو بتقليل الفرق بين الجسم المراد إخفاؤه وبين محيطه، اعتماداً على طريقة مراقبة العدو للأجسام في ساحة المعركة.

التمويه ضد التصوير الحراري:

ونريد هنا أن نركز على أهم أساليب المراقبة الحديثة، وطريقة التعامل معها، وهو التصوير الحراري الذي يصوّر الحرارة المنبعثة من الأجسام بحيث تظهر الصورة بالأبيض والأسود، أحدهما للحرارة والثاني للبرودة، وفيه يكون الأبيض حاراً، فترى جسمَ الإنسان الحار الأبيضَ في الأشجار الباردة السوداء، واضحاً ناصعاً، رغم أنه يلبس بدلة القناص المموهة باللونين الأخضر والترابي، ورغم أن عينك لا تراه في النهار إلا بعد إرجاع البصر مرات ومرات. وكذلك تكون السيارات المتحركة واضحةً بالتصوير الحراري لأن محركها يعمل، فيعطي اللون الأبيض لأنه حار، بينما السيارة الواقفة منذ زمن ترى الغطاء المعدني فوق محركها أسود لأنه بارد.

فالإنسان في عيون الكاميرات الحرارية أبيض، وكذلك الحيوان طالما كان الدم الذي يجري فيه حاراً، وأما المعادن فهي تَبردُ وتسوَدُّ بسرعة بعد وقت قليل من ابتعاد أسباب الحرارة عنها، فترى الرشاش الذي يرمي الرصاص أبيض، وترى الرشاش الذي لا يرمي أسودا، وستجد أن أكثر ما في الرشاش بياضا أسفلُ السبطانة حيث بيتُ النار، وهذا هو أيضا حال المدفع وحال مصادر النيران المتعددة.

ونستنتج مما سبق أن تمويه جسم القناص عن التصوير البصري، وكذلك عن عيون الإنسان يكون بوضع ألوان مشابهة للمحيط بطريقة مناسبة ومدروسة حتى لا يتمكن المراقب من تمييز القناص عن محيطه، ولكن التمويه الحراري للقناص أو للمتسلل الانغماسي عن الأرض أصعب بكثير، وذلك لأنه متحرك أولاً، ثم لأنه يمر على أكثر من محيط حراري مختلف أثناء حركته.

وقد تطور التصوير الحراري في السنوات الأخيرة من حيث الدقة، فأصبحت الكاميرات تعطي صوراً مكونةً من أعداد أكبر من النقاط، وأصبح التباين بين الحرارات المختلفة أعلى في الصور، ولكن الصليبيين لم يحدِّثوا أسلحتهم بعد، وسيأخذ هذا منهم وقتاً ومالاً كثيراً، وإذا تمكنَّا من التعامل الصحيح مع هذه الإمكانيات، وفهمنا كيف يعمل هذا التصوير فإن هذه الأموال لن تجديهم نفعا، ولن تكون عليهم سوى حسرة وندامة، بإذن الله تعالى.
...المزيد

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم [4/4] الولاء ...

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم
[4/4]

الولاء والبراء أصل عظيم جاءت به جميع شرائع الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وهو كذلك أصل من أصول شريعة خاتمهم، صلى الله عليه وسلّم، وقد تجلَّى واضحا في سيرته وسير أصحابه، الذين جَهَروا بِالعداوة لأهل الشرك في مكة ثم جالدوهم بالسيوف وجاهدوهم بعد الهجرة إلى المدينة، حتى كان الرجل منهم يقتل أباه المشرك أو أخاه قبل غيره من المشركين، ما دام محاربا لله ولرسوله.

صحابي يفضل مقاطعة المسلمين على حفاوة ملوك المشركين

ولم يكن الصحابة -رضي الله عنهم- ليبرروا لأنفسهم تحت أي ظرف أن يركنوا لكافر أو يلجؤوا إليه بعد أن أقام الله -عز وجل- لهم دولة الإسلام التي يقودها النبي، صلى الله عليه وسلم، فهذا كعب بن مالك -رضي الله عنه- بعد أن تخلف عن غزوة تبوك، فعوقب بمنع المسلمين من الحديث معه، ثم أُمر باعتزال زوجه، ثم جاء بلاء من نوع آخر، وكأنه اختبار لصدق إيمانه، روى البخاري أنه قال: «فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطيّ من أنباط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؛ فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني دفع إليّ كتابا من ملك غسان، فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسِك؛ فقلت لما قرأتها: وهذا أيضا من البلاء! فتيممت بها التنور، فسجرته بها»، فرغم الضيق الذي عاشه، ومقاطعة جميع المسلمين له بسبب ذنبه، إلا أنه لم يختر على دار الإسلام دارا أخرى، وإن كان فيها الدنيا الفانية قرب ملك من ملوك الروم.

ولو أردنا سرد سير الصحابة -رضي الله عنهم- في هذا الأمر، لطال بنا المقام، ولكن حسبنا ذكر وصف الله -تعالى- لهم بقوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22]، جعلنا الله ممن يسير على نهجهم ويتبع خطاهم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم [3/4] الولاء ...

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم
[3/4]

الولاء والبراء أصل عظيم جاءت به جميع شرائع الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وهو كذلك أصل من أصول شريعة خاتمهم، صلى الله عليه وسلّم، وقد تجلَّى واضحا في سيرته وسير أصحابه، الذين جَهَروا بِالعداوة لأهل الشرك في مكة ثم جالدوهم بالسيوف وجاهدوهم بعد الهجرة إلى المدينة، حتى كان الرجل منهم يقتل أباه المشرك أو أخاه قبل غيره من المشركين، ما دام محاربا لله ولرسوله.

صحابي يعاهد الله ألَّا يمسَّ مشركا:

وقد بلغ الأمر عند بعض الصحابة إلى أن ينذروا لله نذرا ألا يمسوا مشركا مجرد مساس، استشعارا منهم بنجاسة الشرك.

روى البخاري في قصة سرية عاصم بن ثابت الأنصاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشرة رهط سرية عينا، وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهداة وهو بين عسفان ومكة، ذُكِروا لحيٍّ من هذيل يقال لهم بنو لحيان، فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل كلهم رامٍ، فاقتصوا آثارهم... فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد [موضع مرتفع أو مكان مشرف]، وأحاط بهم القوم فقالوا لهم: انزلوا وأعطونا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق، ولا نقتل منكم أحدا، قال عاصم بن ثابت أمير السرية: أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق منهم خبيب الأنصاري وابن دثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن في هؤلاء لأسوة -يريد القتلى- فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم، فأبى فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة».

وفي رواية: «بعث ناسٌ من كفار قريش إلى عاصم حين حُدِّثوا أنه قُتل ليؤتوا بشيء منه يُعرف، وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر، فبعث على عاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسولهم فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا».

وفي سيرة ابن هشام: «فلما قُتل عاصم، أرادت هذيل أخذ رأسه، ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد، لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر، فمنعته الدبر، فلما حالت بينه وبينهم، قالوا: دعوه يمسي فتذهب عنه، فنأخذه؛ فبعث الله الوادي، فاحتمل عاصما، فذهب به، وقد كان عاصم قد أعطى الله عهدا أن لا يمسَّه مشرك، ولا يمسَّ مشركا أبدا، تنجسا».

وهكذا، أبى عاصم بن ثابت النزول في ذمة كافر، وكذلك حماه الله من أن يمسه مشرك بعد استشهاده، كما حافظ على ذلك في حياته.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم [2/4] الولاء ...

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم
[2/4]

الولاء والبراء أصل عظيم جاءت به جميع شرائع الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وهو كذلك أصل من أصول شريعة خاتمهم، صلى الله عليه وسلّم، وقد تجلَّى واضحا في سيرته وسير أصحابه، الذين جَهَروا بِالعداوة لأهل الشرك في مكة ثم جالدوهم بالسيوف وجاهدوهم بعد الهجرة إلى المدينة، حتى كان الرجل منهم يقتل أباه المشرك أو أخاه قبل غيره من المشركين، ما دام محاربا لله ولرسوله.

المسلمون يقاتلون المشركين من أقربائهم:

ولما يسَّر الله -عز وجل- لنبيه الهجرة إلى المدينة وإقامة دولة الإسلام فيها، لم يعد يقتصر البراء من المشركين على إعلان العداوة لهم وذمّهم، بل ازداد بجهادهم وقتالهم حتى يخضعوا لأمر الله، عز وجل.

ففي بدر (2 هـ) كان الالتقاء بالسيوف بين الموحدين مع أبناء عمومتهم من المشركين المحاربين لدين الله، عز وجل، فما وهن المسلمون عن قتالهم والإثخان فيهم، بل رأى بعض الصحابة مصارع آبائهم وإخوانهم في النسب أمام أعينهم، وبعضهم قتل قريبه بيديه.

ولما منَّ الله على المسلمين بالنصر، وأسر المسلمون عددا كبيرا من المشركين كان الرأي الذي أدلى به عمر الفاروق -رضي الله عنه- والذي جاء الوحي الإلهي بتأييده، هو قتل أولئك الأسرى؛ كلٌّ يُقتل على يد قريبه في النسب.

روى مسلم عن ابن عباس، رضي الله عنه: «فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر: (ما ترون في هؤلاء الأسارى؟) فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام؛ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ما ترى يا ابن الخطاب؟) قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكِّن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان -نسيبا لعمر- فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها؛ فهوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما؛ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أبكي للذي عَرَض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عُرِض عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة)، شجرة قريبة من نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وأنزل الله، عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 67-69]، فأحل الله الغنيمة لهم».


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم [1/4] الولاء ...

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم
[1/4]

الولاء والبراء أصل عظيم جاءت به جميع شرائع الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وهو كذلك أصل من أصول شريعة خاتمهم، صلى الله عليه وسلّم، وقد تجلَّى واضحا في سيرته وسير أصحابه، الذين جَهَروا بِالعداوة لأهل الشرك في مكة ثم جالدوهم بالسيوف وجاهدوهم بعد الهجرة إلى المدينة، حتى كان الرجل منهم يقتل أباه المشرك أو أخاه قبل غيره من المشركين، ما دام محاربا لله ولرسوله.

النبي -صلى الله عليه وسلم- يبدأ دعوته بالبراءة من الطواغيت:

فمنذ جهر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة، أعلن العداوة الواضحة للمشركين، وعاب آلهتهم المزعومة، وأنذرهم بأنهم إن أصرّوا على كفرهم، فهم من أهل النار، قال ابن هشام: «قال ابن إسحاق: فلما بادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله، لم يَبعُد منه قومُه، ولم يردّوا عليه -فيما بلغني- حتى ذكر آلهتهم وعابها، فلما فعل ذلك، أعظموه وناكروه، وأجمعوا خلافه وعداوته، إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام، وهم قليل مستخفون»، هذا مع ضعف المسلمين وقلة حيلتهم، إلا أن الصدع بالتوحيد تطلّب أن يعلنوا البراءة من الطواغيت وأن يظهروا العداوة لعابديها.

ولما جاءت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تدعوه إلى أن يتشاركوا في العبادة، فيعبد طواغيتهم ولو قليلا مقابل أن يعبدوا إلهه زمنا، نزلت الآيات التي تنهى عن ذلك وتبيِّن أنه لا تقارب بين التوحيد والشرك، قال ابن هشام: «واعترض رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يطوف بالكعبة -فيما بلغني- الأسودُ بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، والوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل السهمي، وكانوا ذوي أسنان في قومهم، فقالوا: يا محمد، هلمَّ فلنَعبد ما تَعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبُدُ خيرا ممَّا نعبد، كنا قد أخذنا بحظِّنا منه، وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد، كنت قد أخذت بحظك منه؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}».


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

إيّاكم والكِبر [2/2] وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بحسب امرئ من الشر أن ...

إيّاكم والكِبر
[2/2]

وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) [رواه مسلم]، ولسائل أن يسأل: ما الدافع لاحتقار الآخرين؟ وهل يحتقر المرء أحدا مثله؟ لا، وإنما هو الكبر -والعياذ بالله- الذي يجعل المرء يعجب بنفسه وبما آتاه الله من فضله، فيرى نفسه أكبر وأفضل من غيره.

ونسي هذا أن من تواضع لله رفعه، فالمال زائل، والبدن آخره دود وتراب إن لم يكن أشلاء تتناثر هنا وهناك، والعلم إن لم يُرد به وجه الله -تعالى- فوبال ونكال، والمناصب والأنساب في الآخرة لا تنفع، ولا تحط ولا ترفع، إنما هي صالح الأعمال ومن أتى الله بقلب سليم.

وكما أن الكبر من صفات الله -ولا يجوز لمخلوق أن يشاركه فيه ولا ينبغي لأحد غيره- ففي المقابل نجد أن التواضع من صفات المخلوقين، بل من أكرم أخلاقهم وأحسنها.

عن أنس، قال: «كانت ناقة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تُسمّى العضباء، وكانت لا تُسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها، فاشتد ذلك على المسلمين، وقالوا: سُبِقت العضباء! فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه)» [رواه البخاري].

قال ابن بطال: «في حديث أنس بيان مكان الدنيا عند الله من الهوان والضعة، ألا ترى قوله، صلى الله عليه وسلم: (إن حقاً على الله ألّا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه)، فنبّه بذلك أمته -صلى الله عليه وسلم- على ترك المباهاة والفخر بمتاع الدنيا، وأن ما كان عند الله في منزلة الضعة، فحق على كل ذي عقل الزهد فيه وقلة المنافسة في طلبه، وترك الترفع والغبطة بنيله، لأن المتاع به قليل والحساب عليه طويل» [شرح صحيح البخاري].

ويُروى عن أم المؤمنين عائشة الهاشمية القرشية، الصديقة بنت الصديق، العالمة المحدثة الفقيهة، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، المبرأة من فوق سبع سماوات، التي إن ذهبنا نعد خصالها ومناقبها لطال بنا المقال، وحق لمثلها أن تفتخر، يُروى عنها أنها كانت تقول: «إنكم تَغْفُلُونَ أفضل العبادة: التواضع» [رواه أحمد في الزهد].

ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخيّره الله -عز وجل- بين أن يكون ملِكا نبيّا أو عبدا رسولا فيختار الثانية، ويفتح عليه فتحا مبينا، فيدخل مكة مطأطأ رأسه، حتى لتكاد تمس مقدمة رحله، تواضعًا منه لله -عز وجل- وتذللا.

وعن أنس، قال: «إن كانت الأَمَة من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنطلق به حيث شاءت» [رواه البخاري]؛ والمراد من الأخذ باليد طلب المساعدة، فينقاد لها النبي -صلى الله عليه وسلم- ويمضي بها إلى أي موضع من المدينة فيه حاجتها فيقضيها لها بقلب راض ونفس متواضعة، هذا وهي جارية لا حرة!
بل لقد كان مع الإجماع على أنه خير البشر كلهم إلا أنه يقدّم غيره من الأنبياء عليه تواضعا لله -تعالى- فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبت الداعي) [رواه الخباري ومسلم].

فليحذرِ المؤمن كل الحذر من ذرة كبر تدخل قلبه، وإن من الرجال والنساء من يتكبّر حتى لو أخطأ بحق الآخرين، ويرى في الاعتذار وطلب الصفح مذلة لهم، بل ويتكبر أيضا على أقرب الناس له، كالوالدين أو الزوج أو الأبناء، ومثل هذا واقع في كبيرة توجب سخط الربّ، والله المستعان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً