د. محمود عبد العزيز أبو المعاطي حجاب 

من علامات محبة الله للعبد إشاعةِ حبِّه بين الناس روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن ...

من علامات محبة الله للعبد إشاعةِ حبِّه بين الناس
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلُ: إن اللهَ يُحبُّ فلانًا فأَحِبُّوه، فيحبه أهلُ السماءِ، ثم يوضعُ له القبولُ في الأرض".
ورواه مسلم وزاد:
"وإذا أبغضَ اللهُ عبدًا دعا جبريلَ فيقولُ: إني أبغضُ فلانًا فأبغِضْهُ، فيبغِضُه جبريلُ، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاءُ في الأرض".

وفي صحيح مسلم ذكر هذه الصورة العملية للحب

فعن سهيل بن أبي صالح قال: كنا بعرفة، فمرَّ عمرُ بنُ عبد العزيز وهو على الموسم، فقام الناسُ ينظرون إليها، فقلتُ لأبي: يا أبتِ: إني أرى الله يحبُّ عمر بن عبد العزيز، قال: وما ذاك؟! قلتُ: لِمَا له من الحبِّ في قلوب الناس، قال: فأُنَبِّئُك؟! إني سمعتُ أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر الحديث السابق.

وأخرجه الترمذيُّ بمثل حديث مسلم وزاد:
فذاك قول الله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) [مريم: 96].
...المزيد

من حقوق الأخوة ما ذكره الإمام "ابن جزي" في "القوانين الفقهية" (291) : " حقوق المسلم على المسلم عشرة ...

من حقوق الأخوة ما ذكره الإمام "ابن جزي" في "القوانين الفقهية" (291) : " حقوق المسلم على المسلم عشرة : أن يسلم عليه إذا لقيه ، ويعوده إذا مرض ، ويجيبه إذا دعاه ، ويشمته إذا عطس ، ويشهد جنازته إذا مات ، ويبر قسمه إذا أقسم ، وينصح له إذا استنصحه ، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ، ويكف عنه شره ما استطاع ، فالمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ، ويبذل له من خيره ما استطاع في دينه ودنياه ، فإن لم يقدر على شيء فكلمة طيبة .

فإن كان من القرابة ، فيزيد على ذلك : حق صلة الرحم بالإحسان ، والزيارة ، وحسن الكلام ، واحتمال الجفاء" انتهى .
...المزيد

القول بعدم جريان الربا في الأوراق النقدية جهل واضح بحقيقة النقود الصحيح من أقوال أهل العلم، أنّ ...

القول بعدم جريان الربا في الأوراق النقدية جهل واضح بحقيقة النقود
الصحيح من أقوال أهل العلم، أنّ عِلة جريان الرِبا في الذهب والفضة؛ كونهما أثمانًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وَالْأَظْهَرُ: أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ هُوَ الثمنية؛ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، لَا الْوَزْنُ ...
وَالتَّعْلِيلُ بالثمنية تَعْلِيلٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَثْمَانِ أَنْ تَكُونَ مِعْيَارًا لِلْأَمْوَالِ، يَتَوَسَّلُ بِهَا إلَى مَعْرِفَةِ مَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ، وَلَا يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِعَيْنِهَا. فَمَتَى بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إلَى أَجَلٍ، قُصِدَ بِهَا التِّجَارَةُ الَّتِي تُنَاقِضُ مَقْصُودَ الثمنية.
انتهى من مجموع الفتاوى.

وقال ابن القيم رحمه الله:
وأما الدراهم والدنانير، فقالت طائفة: العلة فيهما كونهما موزونين، وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه، ومذهب أبي حنيفة.
وطائفة قالت: العِلة فيهما الثمنية، وهذا قول الشافعي، ومالك، وأحمد في الرواية الأخرى، وهذا هو الصحيح، بل الصواب.
انتهى من إعلام الموقعين.

وتنزيل خلاف الفقهاء المتقدمين في حكم الفلوس التي كانت في عصورهم على حكم الأوراق النقدية في العصر الحاضر؛ مجانب للصواب؛ ففي عصرنا الحاضر لم تعد النقود ذهبًا وفضة على مستوى الدول والأفراد، كما كان في السابق، وحلّت مكانهما الأوراق النقدية تمامًا؛ وهذا لم يحصل في عصر من عصور هؤلاء الفقهاء المتقدمين؛ فغاية ما كان يحصل في عصورهم؛ وجود بعض العملات الأخرى التي تسمى فلوسًا، مع بقاء أصل النقد ذهبًا، وفضة.

قال الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته:
إن من مظاهر انحطاط الفكر، ودواهي العلم أن يقال: (إن الأوراق النقدية لا توزن؛ فلا تعتبر من الربويات، بل تأخذ حكم العروض التجارية)، أو يقال: إن الأوراق النقدية -كالفلوس- لا يجري فيها الربا، وهذا جهل واضح بحقيقة النقود؛ فإنها ثمن اصطلاحي للأشياء، سواء أكانت معادن، أم أي شيء آخر. انتهى.

وعليه؛ فالقول بعدم جريان الربا في الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم؛ قول غير صحيح؛ وتلزم منه لوازم خطيرة، كعدم وجوب الزكاة في هذه العملات الورقية.

والصواب أنّ النقود الورقية؛ لها حكم الذهب والفضة في جريان الربا بنوعيه فيها، وكذا في وجوب الزكاة، وفي صحة كونها ثمنًا في السلم، وغيره من المعاملات؛ وبهذا صدرت فتاوى المجامع الفقهية، وفتاوى العلماء المعاصرين، فقد جاء في قرار "مجلس المجمع الفقهي" برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الدورة الخامسة قرار رقم (6):

أولًا: إنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة، وبناء على أن علة الربا فيهما هي مطلق الثمنية، في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة.
وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة، وإن كان معدنهما هو الأصل.

وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنًا، وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها، وبها تقوّم الأشياء في هذا العصر؛ لاختفاء التعامل بالذهب والفضة، وتطمئن النفوس بتموّلها، وادّخارها، ويحصل الوفاء، والإبراء العام بها، رغم أن قيمتها ليست في ذاتها، وإنما في أمر خارج عنها، وهو حصول الثقة بها كوسيط في التداول والتبادل، وذلك هو سر مناطها بالثمنية.

وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية، وهي متحققة في العملة الورقية.

لذلك كله؛ فإن مجلس المجمع الفقهي يقرر: أن العملة الورقية نقد قائم بذاته، له حكم النقدين من الذهب والفضة؛ فتجب الزكاة فيها، ويجري الربا عليها بنوعيه -فضلًا، ونسيئة-، كما يجرى ذلك في النقدين من الذهب والفضة تمامًا، باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسًا عليهما؛ وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.

ثانيًا: يعتبر الورق النقدي نقدًا قائمًا بذاته، كقيام النقدية في الذهب والفضة، وغيرهما من الأثمان، كما يعتبر الورق النقدي أجناسًا مختلفة، تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته؛ وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه -فضلًا، ونسيئة-، كما يجري الربا بنوعية في النقدين -الذهب، والفضة-، وفي غيرهما من الأثمان. انتهى.

وكذلك مجمع الفقه الإِسلامي بجدة، بقراره: 21 (9/ 3)، وتبعهم في ذلك مجمع الفقه الإِسلامي بالهند، بقراره الصادر في 11/ 1989 م.
...المزيد

هل للدعاء يوم عرفة فضل لغير الحاج عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

هل للدعاء يوم عرفة فضل لغير الحاج
عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ) رواه مسلم

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) رواه الترمذي وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب " .
وعن طلحة بن عبيد بن كريز مرسلا : ( أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ) رواه مالك في " الموطأ “ وحسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " .
وقد اختلف العلماء هل هذا الفضل للدعاء يوم عرفة خاص بمن كان في عرفة أم يشمل باقي البقاع ، والأرجح أنه عام ، وأن الفضل لليوم ، ولا شك أن من كان على عرفة فقد جمع بين فضل المكان وفضل الزمان .
قال الباجي رحمه الله : قوله : " أفضل الدعاء يوم عرفة " يعني : أكثر الذكر بركة وأعظمه ثوابا وأقربه إجابة ، ويحتمل أن يريد به الحاج خاصة ؛ لأن معنى دعاء يوم عرفة في حقه يصح ، وبه يختص ، وإن وصف اليوم في الجملة بيوم عرفة فإنه يوصف بفعل الحاج فيه ، والله أعلم ".
المنتقى شرح الموطأ ( 1 / 358 ) .
وقد ثبت عن بعض السلف أنهم أجازوا " التعريف " وهو الاجتماع في المساجد للدعاء وذكر الله يوم عرفة ، وممن فعله ابن عباس رضي الله عنهما ، وأجازه الإمام أحمد وإن لم يكن يفعله هو .
قال ابن قدامة رحمه الله : قال القاضي : ولا بأس بـ " التعريف " عشية عرفة بالأمصار ( أي ِ: بغير عرفة ) ، وقال الأثرم : سألت أبا عبد الله أي : الإمام أحمد عن التعريف في الأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة ، قال : " أرجو أن لا يكون به بأس قد فعله غير واحد " ، وروى الأثرم عن الحسن قال : أول من عرف بالبصرة ابن عباس رحمه الله وقال أحمد : " أول من فعله ابن عباس وعمرو بن حُرَيث " .
وقال الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع : كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة ، قال أحمد : لا بأس به ؛ إنما هو دعاء وذكر لله . فقيل له : تفعله أنت ؟ قال : أما أنا فلا ، وروي عن يحيى بن معين أنه حضر مع الناس عشية عرفة ".
المغني ( 2 / 129 ) .
وهذا يدل على أنهم رأوا أن فضل يوم عرفة ليس خاصاً بالحجاج فقط ، وإن كان الاجتماع للذكر والدعاء في المساجد يوم عرفة ، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك كان الإمام أحمد لا يفعله ، وكان يرخص فيه ولا ينهى عنه لوروده عن بعض الصحابة ، كابن عباس وعمرو بن حريث رضي الله عنهم .

منقول من فتاوى موقع الاسلام سؤال وجواب

وقد شرع الله سبحانه لعباده الدعاء بتضرع وخفية وخشوع لله رغبة ورهبة، وهذا الموطن من أفضل مواطن الدعاء.
قال الله تعالى: ( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [الأعراف:55]
وقال تعالى: وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ [الأعراف:205].
وفي الصحيحين: قال أبو موسى الأشعري: رفع الناس أصواتهم بالدعاء. فقال رسول الله ﷺ: أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا بصيرًا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته.
وقد أثنى الله جل وعلا على زكريا في ذلك، قال تعالى: ( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ۝ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا) [مريم:2-3]
وقال: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر:60].
والآيات والأحاديث في الحث على الذكر والدعاء كثيرة.
ويشرع في هذا الموطن بوجه خاص الإكثار من الذكر والدعاء بإخلاص وحضور قلب ورغبة ورهبة، وقد روي عنه ﷺ أنه قال في هذا اليوم: ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).

قال النووي في المجموع:
ويكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينبغي أن يأتي بهذه الأذكار كلها فتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يسبح وتارة يقرأ القرآن وتارة يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يدعو وتارة يستغفر ويدعو مفرداً، وفي جماعة، وليدع لنفسه ولوالديه ومشايخه، وأقاربه وأصحابه وأصدقائه وأحبائه وسائر من أحسن إليه وسائر المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير في شيء من هذا، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه بخلاف غيره.

وينبغي أن يكرر الاستغفار والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات مع الندم بالقلب، وأن يكثر البكاء مع الذكر والدعاء، فهناك تسكب العبرات وتستقال العثرات وترتجى الطلبات، وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم يجتمع فيه خيار عباد الله الصالحين وأوليائه المخلصين والخواص من المقربين، وهو أعظم مجامع الدنيا، وقد قيل إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكل أهل الموقف.

إلى أن قال: ومن الأدعية المختارة: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً كبيراً، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني رحمة أسعد بها في الدارين وتب علي توبة نصوحاً لا أنكثها أبداً وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغ عنها أبداً، أللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة، واكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك، ونور قلبي وقبري، واغفر لي من الشر كله، واجمع لي الخير، اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم يسرني لليسرى وجنبني العسرى، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، أستودعك مني ومن أحبابي والمسلمين أدياننا وأماناتنا وخواتيم أعمالنا، وأقوالنا وأبداننا وجميع ما أنعمت به علينا. انتهى.
...المزيد

الثانوية العامة والخوف من المستقبل بلغوا أبناءكم وبناتكم خريجي الثانوية العامة أن المستقبل أكبر ...

الثانوية العامة والخوف من المستقبل
بلغوا أبناءكم وبناتكم خريجي الثانوية العامة أن المستقبل أكبر من أن يرسمه مجموع أو تحدده كلية أو جامعة.. المستقبل غيب... المستقبل رزق.... والرزق قد تسعى إليه ويمنعه الله عنك ، لا لأنك لا تستحقه، ولكن لأن فيه هلاكك....
كم من طبيب قتله المرض ؟!
وكم من ضابط قتله الغرور ؟!
وكم من حالم ببعثة كان فيها ضياع دينه ودنياه؟!
مستقبلك حيث يختار الله لك وإن كان على غير إرادتك !!
- منذ أيام هاتفتني زوجة حديثة عهد بزواج، زوجها في بعثة دراسية، وكان من أوائل طلاب الثانوية، وهو اليوم في أرقى دول العالم يستكمل دراسته، بينما هو في الحقيقة لا يفيق من السُكر، ولا يتوقف عن العُهر، والشيء الوحيد الذي تجرأ على تركه صلاته وإيمانه !!
بينما صاحبه الذي لم تتح له الفرصة قد يكون أهدأ حالاً وأهنأ بالاً !!
لا أقول أن هذه هي القاعدة لكل متفوق، لكنني أقصد الأنموذج فيما قد تؤول إليه أمور أحدنا من أمر بكى لفواته واغتاظ لفقده.
الدكتور ( هـ ح ) كان علمي رياضيات ولم يسعفه مجموعه أن يدخل كلية الهندسة، بينما هو الآن من أكبر أساتذة علم اللغة في جامعات مصر !!
المستقبل بيد من أتى بك من الماضي وأحياك في الحاضر... وقد تلطف بك في ماضيك وحاضرك... أفيضيعك في مستقبلك؟! حاشاه سبحانه..
سلموا لله أموركم... أنتم وأنتن...
ولا تختزلوا مستقبلكم في درجات أو مسارات أو جامعات... فالقمم نصنعها نحن ولا تصنعنا هي...
أما أنتم يا معاشر الآباء والأمهات فلا تكونوا عونا لأولادكم على اليأس والبؤس والإحباط..
علموا أولادكم أنهم أغلى من المجموع ... وأن شرف البذل وعرقه يريح الضمير حتى وإن لم نصل
وأن القمة ليست في الكلية وإنما في الطالب الذي يصنع قمته، وأن الله لا يضيع عمل عامل، لكنه يختار له سبحانه واختيار عالم الغيب والشهادة سبحانه أفضل ألف ألف مرة من اختيار من يستطيع أن يرى ما وراء جدار غرفته.
علموهم أن الثانوية ليست نهاية المطاف، وأن التميز جولات والتفوق حلقات لا تعدو الثانوية أن تكون إحداها.
علموهم أن مقاييس الناس دائمة الخطأ، وأن على الطالب أن أستعين بالله وينطلق، وفضله سبحانه ينتظره ورزقه يسبقه.
قال رجل للشافعي رحمه الله: ( إن أردت أن تعيش في مصر، فلابد لك من عشرين ألف دينار، ومجلس تتقرب فيه من السلطان!!
فقال له الشافعي: يا هذا، لقد ولدت في غزة، ورُبيتُ بالحجاز، وما في بيتنا قوت ).
...المزيد

حكم الطلاق البدعي دراسة فقهية مقارنة أ. د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي ، أستاذ الفقه المقارن ...

حكم الطلاق البدعي دراسة فقهية مقارنة
أ. د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي ، أستاذ الفقه المقارن
أنواع الطلاق من حيث الموافقة للسنة أو المخالفة
ينقسم الطلاق إلى طلاق سني، وطلاق بدعي.
طلاق السنة:
فطلاق السنة: هو الواقع على الوجه الذي ندب إليه الشرع، وهو أن يطلق الزوج المدخول بها طلقة واحدة، في طهر لم يمسسها فيه، لقول الله تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة: 229] أي أن الطلاق المشروع يكون مرة يعقبها رجعة، ثم مرة ثانية يعقبها رجعة كذلك، ثم إن المطلق بعد ذلك له الخيار، بين أن يمسكها بمعروف، أو يفارقها بإحسان.
ويقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) [الطلاق: 1]
أي إذا أردتم تطليق النساء، فطلقوهن مستقبلات العدة، وإنما تستقبل المطلقة العدة إذا طلقها بعد أن تطهر من حيض، أو نفاس، وقبل أن يمسها.
وحكمة ذلك أن المرأة إذا طلقت وهي حائض لم تكن في هذا الوقت مستقبلة العدة، فتطول عليها العدة.
لان بقية الحيض لا يحسب منها وفيه إضرار بها.
وإن طلقت في طهر مسها فيه، فإنها لا تعرف هل حملت أو لم تحمل، فلا تدري بم تعتد، أتعتد بالأقراء أم بوضع الحمل؟
أما الطلاق البدعي: فهو الطلاق المخالف للمشروع: كأن يطلقها ثلاثا بكلمة واحدة، أو يطلقها ثلاثا متفرقات في مجلس واحد، كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق.
أو يطلقها في حيض أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه.
وأجمع العلماء على أن الطلاق البدعي حرام، وأن فاعله آثم.
وينقسم الطلاق البدعي إلى قسمين:
القسم الأول: بدعي بالنسبة للوقت:
ومن صوره:
• الطلاق أثناء الحيض، وقد أجمَعَ العلماء على تحريم طلاق الحائض كما حَكاه الإمام النووي وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيميَّة.
• الطلاق أثناء النفاس.
• الطلاق في طُهرٍ جامعها فيه ولم يتبيَّن حملها.
القسم الثاني: بدعيٌّ بالنسبة للعدد: وهو إيقاع أكثر من طلقةٍ في الطُّهر الواحد أو خلال العدَّة - حسَب ما ورد في خلاف العلماء المذكور بعاليه، ومن صوره:
1) الطلاق بلفظ الثلاث.
2) إيقاع الثلاث بثلاث كلمات في طهر واحد.
3) إيقاع الثلاث بثلاث كلمات في ثلاثة أطهار.
4) إيقاع أكثر من ثلاث طلقات، كمَن طلَّقها بعدد نجوم السماء ونحو ذلك.
وفي بعض هذه الصور خلاف بين العلماء.
القسم الثالث: طلاق لا سنَّة فيه ولا بدعة:
والمراد بكونه لا سنَّة فيه ولا بدعة: من حيث الوقت؛ أي: وقت إيقاع الطلاق - أمَّا من حيث العدد فإنَّه تدخُل فيه البدعيَّة والسنيَّة، فقد سبق أنَّ طلاق السُّنَّة هو ما كان بطلقةٍ واحدة في حال الطهر الذي لم يحصل فيه جماع، أو في حال الحمل الذي تبيَّن.
ومن صور الطلاق الذي لا سنَّة فيه ولا بدعة:
(1) الآيسة: وهي التي انقطع حيضها وأيست من عَوْدِه لانقطاع وقته.
(2) الصغيرة التي لا تحيض.
فهاتان متى طُلِّقتا كان طلاقهما سُنيًّا، سواء حصل مسيس أم لا; لأنهما في طُهر مستمر.
(3) المختلعة: وهي التي خالعت زوجها؛ بأنْ دفعت له مالاً مُقابل أنْ يُطلِّقها، فهذه لا سنَّة ولا بدعة في طَلاقها؛ لكونها هي الطالبة والمتضرِّرة من تطويل عدَّتها.
(4) غير المدخول بها: وهي المطلقة قبل الدُّخول؛ لكونها لا عدَّة عليها؛ لقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ﴾ [الأحزاب: 49]، وقد حكَى ابن عبدالبر وابن قدامة الإجماع على أنَّ غير المدخول بها ليس في طَلاقها سنَّة ولا بدعة.

تحرير محل النزاع:


محل الاتفاق :

اتفق الفقهاء على أنه إذا طَلَّق الرَّجُلُ امرأتَه في حالِ حَيضِها أو في طُهرٍ جامَعَها فيه: ويُسَمِّيه الفُقَهاءُ: الطَّلاقَ البِدْعيَّ وهو طَلاقٌ مُحَرَّمٌ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ.


أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) [الطَّلاق: 1]
وَجهُ الدَّلالةِ: في قوله: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) أي: إذا طَلَّقتُم نساءَكم فطَلِّقوهُنَّ لِطُهرِهنَّ الذي يُحصِينَه مِن عِدَّتِهنَّ، طاهِرًا مِن غيرِ جِماعٍ، ولا تُطَلِّقوهنَّ بحَيضِهنَّ الذي لا يَعتَدِدْنَ به مِن قُرئِهنَّ. ( )


ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ

عن سالمِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رضي اللهُ عنه قال: (طَلَّقتُ امرأتي وهي حائِضٌ، فذكَرَ ذلك عُمَرُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتغَيَّظَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ قال: مُرْه فلْيُراجِعْها حتى تحيضَ حَيضةً أُخرى مُستَقبَلةً سِوى حَيضتِها التي طَلَّقَها فيها، فإنْ بدا له أن يُطَلِّقَها فلْيُطَلِّقْها طاهِرًا مِن حَيضتِها قبل أن يَمَسَّها، فذلك الطَّلاقُ للعِدَّةِ كما أمَرَ اللهُ. وكان عبدُ اللهِ طَلَّقها تطليقةً واحِدةً، فحُسِبَت مِن طلاقِها، وراجَعَها عبدُ اللهِ كما أمَرَه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). ( )
وقال ابنُ حزم: (لا خِلافَ بين أحدٍ مِن أهلِ العِلمِ قاطِبةً وفي جملتِهم جميعُ المخالِفينَ لنا في ذلك في أنَّ الطَّلاقَ في الحَيضِ أو في طُهرٍ جامَعَها فيه: بِدعةٌ نَهى عنها رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، مُخالِفةٌ لأمرِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ). ( )
وقال ابنُ رشد: (أجمع العُلَماءُ على أنَّ المطَلِّقَ للسُّنَّةِ في المدخولِ بها: هو الذي يطَلِّقُ امرأتَه في طُهرٍ لم يَمَسَّها فيه طلقةً واحدةً، وأنَّ المطَلِّقَ في الحَيضِ أو الطُّهرِ الذي مَسَّها فيه: غيرُ مُطَلِّقٍ للسُّنَّةِ). ( )
وقال ابنُ قدامة: (أمَّا المحظورُ فالطَّلاقُ في الحيضِ، أو في طُهرٍ جامَعَها فيه، أجمع العُلَماءُ في جميعِ الأمصارِ وكُلِّ الأعصارِ على تحريمِه، ويُسَمَّى طلاقَ البِدعةِ؛ لأنَّ المطَلِّقَ خالَفَ السُّنَّةَ). ( )

محل الخلاف :

اختلف الفقهاء في وقوع الطلاق البدعي على قولين كالآتي:

القول الأول:
يَقَعُ الطَّلاقُ إذا حَصَل في حَيضٍ أو طُهرٍ جامَعَها فيه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالِكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ. ( )


قال ابنُ المنذر: (ممَّن مَذهَبُه أنَّ الحائِضَ يقَعُ بها الطَّلاقُ: الحَسَنُ البصري، وعطاء بن أبي رباح، وبه قال مالك، والثوري، وأصحاب الرأي، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، وأبو ثور، وكلُّ مَن نحفَظُ عنه من أهلِ العِلمِ، إلا ناسًا مِن أهلِ البِدَعِ لا يُقتدى بهم). ( )


وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: (الطَّلاقُ في الحَيضِ لازِمٌ لِمن أوقَعَه، وإن كان فاعِلُه قد فَعَل ما كُرِهَ له؛ إذ تَرَك وَجهَ الطَّلاقِ وسُنَّتَه... وعلى هذا جماعةُ فُقَهاءِ الأمصارِ وجُمهورُ عُلَماءِ المسلمين، وإن كان الطَّلاقُ عند جميعِهم في الحَيضِ بِدعةً غَيرَ سُنَّةٍ، فهو لازِمٌ عند جميعِهم، ولا مخالِفَ في ذلك إلَّا أهلُ البِدَعِ). ( )
وقال: (لم يختَلِفْ فُقهاءُ الأمصارِ وأئمَّةُ الهُدى فيمن طَلَّق ثلاثًا في طُهرٍ مَسَّ فيه أو لم يَمَسَّ فيه، أو في حَيضٍ: أنَّه يَلزَمُه طَلاقُه). ( )


أدلة أصحاب القول الأول القائلون بوقوع الطلاق البدعي.

أولاً: مِنَ الكِتابِ

1- قال تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) [البقرة: 230]
2- وقال تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) [البقرة: 229]
وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ هذا يقتضي عُمومَ الطَّلاقِ، وثُبوتَ حُكمِه في حالِ الطُّهرِ والحَيضِ.

ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ

عن سالمِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رضي اللهُ عنه قال: (طَلَّقتُ امرأتي وهي حائِضٌ، فذكَرَ ذلك عُمَرُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتغَيَّظَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ قال: مُرْه فلْيُراجِعْها حتى تحيضَ حَيضةً أُخرى مُستَقبَلةً سِوى حَيضتِها التي طَلَّقَها فيها، فإنْ بدا له أن يُطَلِّقَها فلْيُطَلِّقْها طاهِرًا مِن حَيضتِها قبل أن يَمَسَّها، فذلك الطَّلاقُ للعِدَّةِ كما أمَرَ اللهُ. وكان عبدُ اللهِ طَلَّقها تطليقةً واحِدةً، فحُسِبَت مِن طلاقِها، وراجَعَها عبدُ اللهِ كما أمَرَه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). ( )
وَجهُ الدَّلالةِ: قَولُه: (فلْيُراجِعْها) والرَّجعةُ لا تكونُ إلَّا بعد طلاقٍ؛ فدَلَّ على وقوعِه. ( )


ثالثًا: مِنَ الآثارِ

1- كان عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (إذا سُئِلَ عن ذلك أي: الطَّلاقِ في الحَيضِ، قال لأحدِهم: أمَّا أنت طلَّقْتَ امرأتَك مرةً أو مرَّتينِ، فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أمَرَني بهذا، وإن كنتَ طلَّقْتَها ثلاثًا فقد حَرُمَتْ عليك حتى تنكِحَ زوجًا غيرك، وعَصَيتَ اللهَ فيما أمَرَك مِن طلاقِ امرأتِك). ( )
2- عن أنسِ بنِ سيرينَ قال: (سَمِعتُ ابنَ عُمَرَ قال: طَلَّق ابنُ عُمَرَ امرأتَه وهي حائِضٌ، فذكَرَ عُمَرُ للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: لِيُراجِعْها، قُلتُ: تُحتَسَبُ؟ قال: فَمَهْ؟! وعن قتادةَ عن يُونُسَ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عُمَرَ قال: مُرْه فلْيُراجِعْها، قُلتُ: تُحتَسَبُ؟ قال: أرأيتَ إن عَجَزَ واستَحمَقَ !). ( )
3- عن سَعيدِ بنِ جُبيرٍ عن ابنِ عُمَرَ قال: (حُسِبَت عليَّ بتطليقةٍ). ( )
رابعًا: أنَّه مِنَ المُحالِ والجَهلِ أن يَلزَمَ المُطيعَ لِرَبِّه، المتَّبِعَ في طلاقِه سُنَّةَ نَبيِّه: الطَّلاقُ، ولا يُلزَمَ به العاصي إن خالَفَ لِما أُمِرَ بهِ فيه ! ( )
خامسًا: أنَّ الطَّلاقَ البِدعيَّ كَونُه مَنهيًّا عنه: لا يمنَعُ وُقوعَه؛ لأنَّ الله تعالى جَعَل الظِّهارَ مُنكَرًا مِنَ القَولِ وزُورًا، وألزَمَه مع ذلك حُكمَ التَّحريمِ. ( )

القول الثاني: أن الطلاق البدعي لا يقع،
قال بهذا القول بعض المالكية[13] وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد[14] واختاره بعض الحنابلة[15] وابن عقيل منهم [16] وشيخ الإسلام ابن تيمية [17]وابن القيم[18] والصنعاني[19] والشوكاني[20] وصديق حسن خان[21] وأحمد شاكر[22] والشيخ عبد الرزاق عفيفي[23] والشيخ عبدالعزيز بن باز[24] والشيخ محمد العثيمين[25].

وينسب هذا القول لابن عمر وابن مسعود وابن عباس وطاوس وعمر بن خلاس ولأبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي والشعبي والفقهاء السبعة ومحمد بن إسحاق والحجاج بن أرطاة - وستأتي مناقشة صحة هذه النسبة وثبوتها - وقال به إبراهيم بن إسماعيل بن عُلية وهشام بن الحكم[26] والشيعة[27] والخوارج[28].

وإلى هذا ذهب جماعة من السلف: كطاووس من أصحاب ابن عباس ، وسعيد بن المسيب، وعكرمة، وخلاس، ومحمد بن إسحاق، وحجاج بن أرطأة، عبد الله بن معمر، وبه قال خلاس بن عمرو، وأبو قلابة من التابعين، وداود الظاهري وأصحابه، وطائفة من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، وأحمد، ويروى عن أبي جعفر الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، وغيرهما من أهل البيت، كما أنه اختيار ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وهو اختيار ابن عقيل من أئمة الحنابلة وأئمة آل البيت، وأحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد، وقول جماعة من فقهاء الحنابلة المتأخرين، وكثير من المعاصرين. ( )
أدلة أصحاب القول الثاني القائلون بعدم وقوع الطلاق البدعي.
1- قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 1، 2].

وجه الاستدلال:
قال ابن حزم: " الله تعالى إنما أمر بذلك في المدخول بها فيما كان من الطلاق دون الثلاث وفي هذين الوجهين أفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر ولم يأمر قط عز وجل بذلك في غير مدخول بها ولا فيمن طلق ثالثة أو ثلاثة مجموعة... وقوله تعالى ﴿ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [الطلاق: 1، 2] وليس هذا في طلاق الثلاث". ( )
الرد:
1- هذا بناء على مذهب ابن حزم في التمسك بظاهر النصوص وترك القياس وهذا مما يخالف عليه.
2- قوله " ولم يأمر قط عز وجل بذلك... ولا فيمن طلق ثالثة أو ثلاثة مجموعة " فالآية عامة في الرجعية وغيرها فلا تطلق إلا مستقبلة العدة لكن إذا طلق وقع الطلاق كما سيأتي فيوافق ابن حزم في النتيجة.
3- قوله تعالى ﴿ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ [الطلاق: 1]
فالاستدلال بالآية بدلالة المفهوم وهي ضعيفة.

2- عن نافع أن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما طلق امرأة له وهي حائض تطليقة واحدة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضها فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء. ( )
وجه الاستدلال:
حديث ابن عمر في من طلق واحدة فأمره النبي بالمراجعة بخلاف من طلق ثلاثا أو الثالثة فتبين المرأة منه.
الرد:
كالذي قبله.
لقول الله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) [الطلاق: 1] ، والمعنى : طاهرات من غير جماع. فدل ذلك على أن هذا الطلاق لا يقع ؛ لأنه خلاف شرع الله ، لأن شرع الله أن تطلق المرأة في حال الطهر من النفاس والحيض ، وفي حالٍ لم يكن جامعها الزوج فيها ، فهذا هو الطلاق الشرعي ، فإذا طلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن هذا الطلاق بدعة ، ولا يقع على الصحيح من قولي العلماء ، لقول الله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) [ الطلاق:1] والمعنى : طاهرات من غير جماع ، هكذا قال أهل العلم في طلاقهن للعدة ، أن يَكُنَّ طاهرات من دون جماع ، أو حوامل . هذا هو الطلاق للعدة ” ( )
فالعدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء أن يطلقها الإنسان طاهرا من غير جماع ، وعلى هذا فإذا طلقها وهي حائض لم يطلقها على أمر الله ، فيكون مردوداً.
فالطلاق الذي يقع على الحائض نرى أنه طلاق غير ماض ، وأنها لا زالت في عصمة زوجها ، ولا عبرة في علم الرجل في تطليقه لها أنها طاهرة أو غير طاهرة ، لكن إن كان يعلم صار عليه الإثم ، وعدم الوقوع ، وإن كان لا يعلم فإنه ينتفي وقوع الطلاق ، ولا إثم على الزوج. ( )

ومنعوا اندراجه تحت العمومات، لأنه ليس من الطلاق الذي أذن الله به، بل هو من الطلاق الذي أمر الله بخلافه،
فقال تعالى: (فطلقوهن لعدتهن).
وقال صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنه: «مره فليراجعها» وصح أنه غضب عندما بلغه ذلك، وهو لا يغضب مما أحله الله. ( )
وأما قول ابن عمر: « إنها حُسبت» ، فلم يبين من الحاسب لها، بل أخرج عند أحمد وأبو داود والنسائي: « أنه طلق امرأته وهي حائض ، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يرها شيئاً ».
وإسناد هذه الرواية صحيح، ولم يأت من تكلم عليها بطائل. ( )
وهي مصرحة بأن الذي لم يرها شيئا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلا يعارضها قول ابن عمر رضي الله عنه.
لأن الحجة في روايته لا في رأيه. ( )
وأما الرواية بلفظ «مره فليراجعها» ويعتد بتطليقة. فهذه لو صحت لكانت حجة ظاهرة، ولكنها لم تصح كما جزم به ابن القيم في الهدي. وقد روى في ذلك روايات في أسانيدها مجاهيل وكذابون، لا تثبت الحجة بشيء منها. ( )
والحاصل: أن الاتفاق كائن على أن الطلاق المخالف لطلاق السُنة يقال له: طلاق بدعة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أن كل بدعة ضلالة» ولا خلاف أن هذا الطلاق مخالف لما شرعه الله في كتابه، وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر وما خالف ما شرعه الله ورسوله، فهو رد، لحديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد» متفق عليه، فمن زعم أن هذه البدعة، يلزم حكمها، وأن هذا الأمر الذي ليس من أمره صلى الله عليه وسلم، يقع من فاعله ومقيد به، لا يقبل منه ذلك إلا بدليل. ( )
القول الراجح:
الأظهر أن الطلاق البدعي لا يقع إلا إذا أمضاه القاضي، واعتبره؛ لأن البدعة مردودة، لحديث: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد» وهو عدم وقوع طلاق البدعة، لأنه منهي عنه؛ فهو فاسد إذن، مردود على قائله، وفي حكم العدم، ولأن مقصود تحريم الطلاق البدعي وهو الواقع في الحيض أو في الطهر الذي جامع فيه الزوجة منع وقوع الطلاق في زمان يكثر فيه عند غالب الناس، حفاظًا على إبقاء عقد الزوجية، ودرءً لمفاسد الطلاق الكثيرة التي يبغضها الله تعالى. والقول بوقوع طلاق البدعة يعود على هذه الحكمة الجليلة بالإبطال.

والطلاق البدعي عكس الطلاق السنّى، الذى يقع في طهر لم يجامعها فيه الزوج، والشريعة الإسلامية أرشدت الزوج للأفضل وهو الطلاق السنى وليس البدعي، لأن الزوجة حينما تكون في حالة الحيض أو النفاس، لا يرغب فيها زوجها، كما يحدث لها تغيرات فيتغير مزاجها، وربما ينفر منها الزوج ويطلقها، وحينما تطهر ويرغب فيها يحدث الندم.
وكذلك إذا طلق الزوج زوجته في طهر جامعها فيه أي طلقها طلاقًا بدعيًا قد يكون هناك حمل وربما يندم الزوج بعد ذلك، ويحدث ضرر للطفل، لذا ألزمته الشريعة بتأجيل الطلاق حتى تحيض ثم تطهر بعد ذلك.
والطلاق البدعي واقع عند جمهور الفقهاء، ولكن بعض الفقهاء لم يوقعوه، والمفتى يلجأ أحيانًا إلى رأى ابن تيمية في عدم وقوع الطلاق البدعي حفاظًا على الأسرة والأطفال، ولكن يعتمد ذلك على اجتهاد المفتى وشرح المستفتى بملابسات الطلاق.

ومن طلق امرأته الطلاق البدعي ، واحتسبه طلاقاً ، اجتهاداً منه ، أو تقليداً وأخذاً بقول الجمهور ، أو بقولِ من أفتاه في ذلك من أهل العلم ، فطلاقه واقع ماضٍ.
وننبه هنا على أنه لا يجوز للرجل أن يقصد بعض أهل العلم في مسألة فيجيبه فيها فيعمل بقوله ثم يرجع بعد ذلك ليقلد غيره، فهذا لا يجوز وهو من اتباع الهوى المذموم .
جاء في تيسير التحرير : " لا يرجع المقلد فيما قلد فيه من الأحكام أحدا من المجتهدين (أي عمل به) تفسير لقلد، (اتفاقا) نقل الآمدي وابن الحاجب الإجماع على عدم جواز رجوع المقلد فيما قلد به". ( )

وأما في خصوص مسألتك فإن كنت بعد أن طلقت زوجتك الطلقتين البدعيتين قد قلدت من يقول بعدم وقوع الطلاق البدعي، وبنيت أمرك على ذلك : فإن هاتين التطليقتين غير واقعتين ، كما هو المفتى به في الموقع ، وبإمكانك مراجعة زوجتك الآن.
وأما إن كنت حينئذ قد احتسبتهما ، وعاملت امرأتك على أنك طلقتها ، ثم راجعتها ، أو قلدت من يقول بوقوعهما : فحينئذ يحكم بوقوع الطلاق ، وبينونة زوجتك منك بينونة كبرى، ولا فرق في هذا بين كونها تزوجت أو لم تتزوج .

ومن طلق امرأته الطلاق البدعي ، واحتسبه طلاقاً ، اجتهاداً منه ، أو تقليداً وأخذاً بقول الجمهور ، أو بقولِ من أفتاه في ذلك ، فطلاقه واقع ماضٍ ، وليس له إذا طلق امرأته الطلقة الثالثة أن ينظر في الطلاق السابق بغية ارتجاعها ، فإن هذا من التحايل المحرم ، ولا تباح له زوجته بذلك. ( )
حكم العمل بقول القاضي في عدم وقوع الطلاق البدعي
ما دامت المسألة قد رفعت إلى القضاء الشرعي، وحكم القاضي فيها بعدم وقوع الطلاق، فلا حرج في العمل بهذا القول، ولو أفتاك غيره بالوقوع. ( )
قال الكاساني رحمه الله: " كَذَلِكَ الْمُقَلِّدُ إذَا أَفْتَاهُ إنْسَانٌ فِي حَادِثَةٍ، ثُمَّ رُفِعَتْ إلَى الْقَاضِي، فَقَضَى بِخِلَافِ رَأْيِ الْمُفْتِي، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَيَتْرُكُ رَأْيَ الْمُفْتِي؛ لِأَنَّ رَأْيَ الْمُفْتِي يَصِيرُ مَتْرُوكًا بِقَضَاءِ الْقَاضِي". ( )

هل يقع الطلاق أثناء الحمل؟

طلاق الحامل طلاق سُنة
طلاق الحامل صحيح، وغير ممنوع، وليس من طلاق البدعة.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يصح طلاق الحامل رجعياً وبائناً، باتفاق الفقهاء.


وفي الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان: ولا أعلم خلافًا أن طلاق الحامل إذا تبين حملها طلاق سنة إذا طلقها واحدة، وأن الحمل منها موضع للطلاق.
ومن طلّق ولم يعلم عدد طلاقه، فإنّه يبني على الأقل المتيقن.
قال ابن قدامة رحمه الله: وجملة ذلك أنه إذا طلق وشك في عدد الطلاق فإنه يبني على اليقين، نص عليه أحمد في رواية ابن منصور في رجل لفظ بطلاق امرأته لا يدري واحدة أم ثلاثا؟ قال: أما الواحدة: فقد وجبت عليه وهي عنده حتى يستيقن، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، لأن ما زاد على القدر الذي تيقنه طلاق مشكوك فيه، فلم يلزمه، كما لو شك في أصل الطلاق.
...المزيد

مسألة تلف الأضحية المبيعة قبل التسليم ترك الأضحية عند البائع حتى يوم عرفة بعد شرائها فماتت فما ...

مسألة تلف الأضحية المبيعة قبل التسليم
ترك الأضحية عند البائع حتى يوم عرفة بعد شرائها فماتت فما الحكم؟
اشترى رجل بهيمة ثم تركها عند البائع فهلكت (ماتت) البهيمة فهل يضمنها المشتري ؟
(السؤال)
باع رجل بهيمة لرجل وقبض منه جزءاً من الثمن، ثم تركها المشتري عند البائع لمدة أسبوع فماتت البهيمة خلال الأسبوع . فهل يجوز للمشتري استرداد المبلغ من البائع ؟
(الجواب)
ما دام المشتري قد تعاقد مع البائع على شراء هذه البهيمة، وتركتها عنده وديعة باختياره، وافترقتما على ذلك، فالبيع صحيح، وانتقلت بذلك ملكية البهيمة إلى المشتري ولزمه دفع ثمنها، ولا يؤثر في ذلك كون المشتري قد ترك البهيمة عند البائع أمانة، أو لم تسلم الثمن، لأن تسليم الثمن كاملا في الحال ليس من شروط صحة البيع.
وإن كان مشتري البهيمة تركها عند البائع بعد استلامها منه ثم تركها عند البائع وديعة أو رهناً فماتت البهيمة بدون تعدٍ من البائع فلا شيء عليه، وهي في ضمان المشتري، لا في ضمان البائع، لأن يد البائع في هذه الحالة يد أمانة لا ضمان.
وإن ماتت البهيمة عند البائع قبل استلامها فللمشتري أن يسترد من البائع ما قدمه له من الثمن، لأن البهيمة ماتت وهي في ضمان البائع.
وعلى هذا؛ فإذا هلكت هذه البهيمة عند البائع دون تفريط منه، كانت مصيبتها على المشتري، ولزمه دفع ثمنها، ولكن اشترط العلماء لوجوب ضمان الثمن على المشتري في مثل هذه الحالة أن تقوم بينة بموتها؛ وإلا لم يجب على المشتري ضمان ثمنها.
قال في كتاب التاج والإكليل: ( لو لم يقبض المشتري البهيمة في البيع الصحيح حتى ماتت عند البائع أو حدث بها عنده عيب وقد قبض ثمنها أم لا، فضمان سعرها على المشتري، وإن كان البائع احتبسها بالثمن كالرهن.
قال ابن رشد: أن البهيمة المبيعة المحبوسة بالثمن رهن به تكون مصيبتها على المشتري إن قامت بينة بتلفها، وإن لم تقم بينة لم يصدق البائع في ذلك ولزمه غرم قيمتها).
وفي كتاب: (البيان في مذهب الإمام الشافعي) : " وإذا كان البائع قد عرضها على المشتري، فلم يستلمها حتّى تلفت.. فلا شيء على البائع، كالوديعة إذا تلفت في يده. وإن كان المشتري، قد دفع الثمن وطالب بالسلعة المبيعة، فلم يفعل البائع.. وجب على البائع قيمتها، كالغاصب".
قال الكاساني الحنفي: (وإن هلك بفعل المشتري لا ينفسخ البيع، وعليه الثمن؛ لأنه بالإتلاف صار قابضًا كل المبيع؛ لأنه لا يمكنه إتلافه إلا بعد إثبات يده عليه).
والخلاصة :
حكم البهيمة المبيعة قبل أن يستلمها المشتري. من أحكام قبض البهيمة بعد البيع: انتقال ضمان ثمنها إلى المشتري . فالمبيع قبل قبض المشتري من ضمان البائع ، ومعناه أنه لو تلفت قبل تسلمها انفسخ العقد وسقط الثمن .
ويكون ثمن البهيمة من حق البائع، لأنه خلى بين المشتري وبين البهيمة، ولكن المشتري تركها بإرادته.
وإن تصالح البائع والمشتري على قسمة ثمن البهيمة بينهما مناصفة فهو خير إن شاء الله.

أ.د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي
...المزيد

فضل ومكانة يوم عرفة وما يستحب فيه الوقوف بعرفة ركنٌ من أركان الحج، ولا يصح الحج إلا به، ومن فاته ...

فضل ومكانة يوم عرفة وما يستحب فيه
الوقوف بعرفة ركنٌ من أركان الحج، ولا يصح الحج إلا به، ومن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج، لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة:198]
يبدأ يوم عرفة من فجر اليوم التاسع من ذي الحجة، ويمتد إلى طلوع الفجر من يوم عيد النحر وتحديداً مع دخول وقت صلاة الفجر، وينتهي وقت الوقوف بعرفة بالنسبة للحُجّاج بطلوع فجر يوم النحر.
يوم عرفة له فضل عظيم ومكانة في الإسلام ، وذلك كونه يقع في الأشهر الحرم ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ [التوبة:36] وكذلك كونه أحد أيام أشهر الحج ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة:197] وأحد الأيام المعلومات ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج:28] وقال ابن عباس «الأيام المعلومات: عشر ذي الحجة»، وأن يوم عرفة أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ [الفجر:2] وقد قال فيها ابن عباس: «إنها عشر ذي الحجة» قال ابن كثير: «وهو الصحيح».
كما قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء».
كما يعتبر يوم عرفة هو اليوم الذي أتم الله فيه دين الإسلام، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «أن رجلاً من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: أي آية؟ قال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة:3]. قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي ﷺ وهو قائم بعرفة يوم الجمعة».
كما يعتبر يوم عيد لمن وقف بعرفة فقد جاء في السُنّة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام مِنى عيدنا أهل الإسلام»
ويوم عرفة يستحب الإكثار فيه من الدعاء: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة».
كما يكثر فيه العتق من النار وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة»
وفي يوم عرفه يباهي الله بمن وقف بعرفة أهل السماء وقد جاء في الحديث: «إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء»
كما يعتبر الوقوف بعرفة الركن الأعظم للحج فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الحج عرفة».
وصيام يوم عرفة سنة مؤكدة، فليحرص المسلم على صيام يوم عرفة لما فيه من فضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده»
ولا يجوز للحاج صيام يوم عرفه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفطرًا حين وقف في يوم عرفة، وفي الحديث: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة».
أنواع التكبير يوم عرفة ووقته وصفته
التكبير نوعان: مُطلق ومُقيّد، فالمطلق يسن في كل وقت، بينما المقيد يُسن في أدبار الصلوات المفروضة، ويكون ذلك من صلاة الفجر من يوم عرفة، ويوم عيد الأضحى، وثلاثة أيام بعد العيد هي أيام التشريق الثلاثة.
أما التكبير المطلق فيسن في عشر ذي الحجة، كما يستمر في عيد الأضحى إلى آخر أيام التشريق، والسنة أن يجهر بذكره، إلا النساء فلا يجهرن بذلك.
وصفة التكبير أن يقول: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد»، أو أن يكرر التكبير ثلاث مرات، بقول: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر».

د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي
...المزيد

حكم تجمير الكفن وتطييب الميت تجمير الكفن يستحب تجمير الكفن، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: ...

حكم تجمير الكفن وتطييب الميت
تجمير الكفن
يستحب تجمير الكفن، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة
الأدلة: أولا: من السنة
عن جابر رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أجمرتم الميت، فأجمروه ثلاثا ))
ثانيا: من الآثار
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، أنها قالت لأهلها: (أجمروا ثيابي إذا أنا مت، ثم كفنوني)
ثالثا: لأن هذا عادة الحي.

الحنوط
يستحب الحنوط للميت؛ رجلا كان أو امرأة، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة
الأدلة:
أولا: من السنة
عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: ((بينا رجل واقف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، إذ وقع عن راحلته فوقصته- أو قال فأوقصته- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيبا، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه؛ فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا ))
وجه الدلالة:
قوله: ((ولا تحنطوه)) ثم علل ذلك بأنه يبعث ملبيا؛ فدل على أن سبب النهي أنه كان محرما، فإذا انتفت العلة انتفى النهي، وكأن الحنوط للميت كان مقررا عندهم
ثانيا: من الآثار
عن أسماء بنت أبي بكر، أنها قالت لأهلها: (أجمروا ثيابي إذا أنا مت، ثم كفنوني، ثم حنطوني)
الطيب للميت المحرم
إذا مات المحرم حرم تطييبه، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، وهو قول بعض السلف، واختاره ابن عثيمين، والألباني
الدليل من السنة:
عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: ((بينا رجل واقف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، إذ وقع عن راحلته فوقصته- أو قال فأوقصته- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيبا، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه؛ فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا ))

الطيب للمعتدة المحدة إذا ماتت
لا يحرم تطييب المعتدة المحدة إذا ماتت، وهو مذهب المالكية، والأصح عند الشافعية، والحنابلة ؛ وذلك لأن منعها منه حال الحياة لأنه يدعو إلى نكاحها، وقد فات ذلك بموتها
...المزيد

من يزني يُزنى بأهله! كيف؟ قال الشافعي رحمه الله: إن الزنا دينٌ إن أقرضته كان الوفا من أهل بيتك ...

من يزني يُزنى بأهله! كيف؟
قال الشافعي رحمه الله: إن الزنا دينٌ إن أقرضته كان الوفا من أهل بيتك فاعلمِ
هل هذا دائم؟ وهل له أصل في الشرع؟
الجواب:
ليست هذه المقولة صحيحة فما ذنب أهله أن يعاقبهم الله بعمل لم يفعلوه.
وقد قال الله في محكم التنزيل:
{وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (164) سورة الأنعام
{مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (15) سورة الإسراء
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (18) سورة فاطر

{ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (7) سورة الزمر

{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (38) سورة النجم

في بعض الأحيان يكون هذا الذي وقع في المعصية شخصا مستهترا ومهملا لأهله فتحصل هذه المصيبة - نسأل الله العافية والسلامة - إذا السبب في الاستهتار والإهمال للأهل وليس في الزنى.
لعلهم يستندون للأثر " كما تدين تُدان ". وهذا دليل على ضعف هذا القول.
وشهرة ضعف هذا الأثر تغني عن بيانه.
لعلهم أخذوه من حديث رواه الحاكم والطبراني (عفوا تعف نسائكم)

من مناقشات طلبة العلم في ملتقى أهل الحديث
...المزيد

عليك بأوساط الأمـــــــــــــور فإنها … طريق إلى نهج الصواب قويم ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد … ...

عليك بأوساط الأمـــــــــــــور فإنها … طريق إلى نهج الصواب قويم
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد … كلا طرفي قصد الأمور ذميم

دع التسويف في العمر القصير وهي الزاد للسفر الخطير ولا تكسل بترويج الأماني ولا تغفل عن اليوم ...

دع التسويف في العمر القصير وهي الزاد للسفر الخطير
ولا تكسل بترويج الأماني ولا تغفل عن اليوم العسير
ولا تنس فجاة الموت يوماً ونوح الأهل والولد الصغير
وإدراج اللفائف باعتجال وحملاً فوق أعواد السرير
إلى قبرٍ تصير فيه وحيداً فريداً دايماً حتى النشور
وعن ضغطٍ لقبرٍ مع سؤالٍ من الملكين منكر مع نكير
فتسأل حين وضعٍ عن نبي وعن دينٍ وعن ربٍّ خبير
فتثبيتٌ يكون لأهل خيرٍ وزيغٌ للعصاةِ ذوي الفجور
وقد جاء القبور ترى جناناً لأهل النور والعملِ البرير
وأهل الزيغ والكفر قبورٌ لهم حفرٌ بها لفح السعير
وهذا بعده حشرٌ ونشرٌ إلى عرض على المولى البصير
فميزانٌ يقوم مع حسابٍ على القطمير والصنو النقير
به الأوصال والأعضا شهودٌ ولا جارٍ هناك لمستجير
فيختصم الخلائق باجتماعٍ ويقتص الصغير من الكبير
فيا لله من عرضٍ مهولٍ وجسرٍ بعده صعبُ العُبورِ
فأقوامٌ لجناتِ نعيمٍ ولذاتٍ وولدانٍ وحورِ
وأقوامٌ إلى مأوى جحيمٍ وكم هولٍ لهم فيها مريرِ
فجد العزم واعمل باجتهادٍ وإياك التواني مع فتور
ولا تحسب بأن الأمر سهلٌ فخذ بالحزم في كل الأمورِ
وتقوى الله فيها كل خير وطيبُ العيش بالأنس الكثير
فبالتقوى ينال المرء عزاًلدى الدنيا وفي دار الحبور
وعند الله يرضى يا لكسبٍ نهايته رضى الملك القدير
فقم بالأمر واترك كل نهيٍ وكدَّ النفس في ربح المصير
فبعد الفرض بالتكميل فالزم وأبكِ الذنب بالدمع الغزير
ولا تكسل عن السجدات ليلاً فنعم العون للعبد الصبور
ولا تغفل عن استعداد زادٍ وما تحتاج في شان المصير
وصف السر عن كبرٍ وعجبٍ وعن حقدٍ وعن قبح الضمير
أيصبو المرءُ من بعدِ اربعين وفي الراس اشتعال من نذير
ويزهو بالدنا مالاً وجاهاًيرجي العمر في النزر الحقير
وقد عرف المآل وما يراه من المثلاث في الجم الغفير
فثبتنا إلهي واعفُ عنا وكن عوناً لنا في كل خير
وصلى الله والتسليم داباً على المختار ذي الفضل الكبير
مع الأصحاب والآل جميعاً كذا الأتباع ذي المجد الشهير

عن عبد الله بلفقيه
...المزيد

معلومات

أ.د. محمود عبد العزيز يوسف أبو المعاطي حجاب أستاذ الفقه المقارن. مصري مقيم في الخليج العربي أستاذ التشريع الجنائي بمعهد الدراسات الجنائية. خبير شرعي بالقضاء مستشار أسري. أستاذ الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا الأمريكية. أستاذ الفقه وأصوله بالمعهد العالي للائمة والخطباء بأمريكا سابقا أستاذ الفقه وأصوله بجامعة أم القرى فرع محافظة القنفذة بالسعودية سابقاً. أستاذ الفقه وأصوله المشارك بمعهد الدعوة والعلوم الاسلامية بقطر سابقاً. عضو مكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر سابقاً.

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً