بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً - الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس يخضع لضوابط الشريعة • إن وضع قضية ...

بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً

- الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس يخضع لضوابط الشريعة

• إن وضع قضية فلسطين في إطارها الشرعي الصحيح، وكسر وثن «قضية المسلمين الأولى» الذي تم تعبيد الناس له لعقود، يجب أن يكون الأساس الذي ينبني أي عمل حقيقي باتجاه تلك البقعة المباركة من الأرض.

فقضية المسلمين الأولى هي إقامة التوحيد، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، ولأجلها أرسل الله الرسل وشرع الجهاد، لتطهير كل الأرض من الشرك، وتعبيدهم لرب العالمين عز وجل، كما قال تعالى: {وقاتلوهم حتىٰ لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله}، وينطبق على بيت المقدس وأكنافها في ذلك ما ينطبق على باقي الأرض، بل إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي اليهود لا يجوز إلا إذا كان في سبيل إزالة حكم الطاغوت عنها، وإقامة الدين فيها كاملا غير منقوص، أما أن يستبدل بحكم اليهود، حكم الطواغيت من أمثال من يحكم حاليا في غزة والضفة الغربية، فالجهاد في سبيل ذلك باطل، وهو قتال في سبيل الطاغوت، لا جهاد في سبيل الله.

ولو نظرنا إلى واقع الأرض اليوم لوجدناها تحكم كلها بالشرك وقوانينه، خلا بقاعا منها مكن الله الدولة الإسلامية من إقامة الدين فيها، والجهاد لدفع الكفار عن أراضي المسلمين المغصوبة واجب على المسلمين، ومنها بيت المقدس وأكنافها، وأرض الحرمين، وباقي ديار المسلمين، وبالتالي يتساوى الحكم على الجهاد في فلسطين مع غيره دون تمييز، ولو كان فضل الأرض يقدم خيار الجهاد فيها، فالجهاد لاستنقاذ مكة والمدينة من أيدي الطواغيت من آل سعود مقدم ولا شك على سائر بقاع الأرض.

ومن باب آخر فإن الله عز وجل أمر عباده أن يقاتلوا المشركين كلهم، دون استثناء لبعضهم دون بعض، أو تخصيصه ببعضهم دون بعض، فقال تعالى: {وقاتلوا المشركين كافةً كما يقاتلونكم كافةً واعلموا أن الله مع المتقين}، فما الذي أعطى لليهود الميزة من بين كل أصناف المشركين كي يحصر المنحرفون الجهاد بهم دون غيرهم، فالطواغيت المرتدون الحاكمون لديار الإسلام أشد كفرا منهم، وقتالهم مقدم على قتال المشركين الأصليين، فالجهاد المشروع يكون بقتال اليهود في فلسطين وبقتال الطواغيت وأتباعهم من المرتدين في كل مكان في الوقت نفسه، وكذلك الصليبيين، وكل المشركين في العالم، أما حصر الجهاد باليهود فقط فهو تبديل لشرع الله، واتباع لأهواء الطواغيت الذين يريدون منع المسلمين من جهاد المشركين والمرتدين في البلدان التي يحكمونها.

وكذلك فإن الله تعالى أمر المؤمنين أن يتوجهوا في جهادهم إلى الأقرب إليهم من الكفار، في إطار قتالهم للمشركين كافة، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}، وبالتالي فإن على المسلمين في كل مكان أن يقاتل كل منهم الأقرب إليه من الكفار، فيبدأ المسلمون تحت حكم اليهود بقتالهم، ويبدأ أهل الشام بقتال الطاغوت النصيري وغيره من أصناف المرتدين كالصحوات والـ PKK، ويبدأ المسلمون في العراق بقتال مرتدي الرافضة والبيشمركة والصحوات، والمسلمون في مصر وسيناء بقتال الطاغوت الحاكم لمصر، وهكذا في كل ديار الإسلام، حتى إذا انتهى المسلمون في أي قطر من الأقطار من قتال الكفار الذين يلونهم وأخضعوا أرضهم لحكم الله، انتقلوا إلى الكفار الذين يلونهم، وهكذا حتى تطهر الأرض من الشرك والكفر.

وتتأكد هذه الحقيقة إذا أخذنا بالحسبان أن الطواغيت في جوار بيت المقدس، يشكلون هم وجيوشهم خط الدفاع الأول عن دولة يهود، وبالتالي لا يمكن بحال التوصل إلى قتال اليهود إلا بالتخلص من هؤلاء الطواغيت وإزالة حكمهم، وتدمير جيوشهم، وبالتالي الوصول إلى تخوم دولة اليهود والاشتباك مع جيشهم بشكل مباشر.

إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس وأكنافه من أيدي اليهود والذي نسأل الله أن يكون قريبا، هو مسألة شرعية، تخضع لضوابط الشريعة في كل أجزائها، ولا يصح بحال أن يغلو أحد فيها فيرفعها فوق توحيد الله، مثلما لا يصح أن يتهاون فيها أحد ممن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا، فهو واجب شرعي، يجب على كل المسلمين العمل عليه، لكونه من ديار المسلمين التي استولى عليه الكفار اليهود، وحولوه إلى دار حرب، وحكموه بشريعة الطاغوت، ومنعوا فيه شعائر الإسلام، وقتلوا المسلمين، ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم من أرضهم، فقتال هؤلاء اليهود واجب على كل مسلم، ولكن هذا الواجب أوكد على أهل بيت المقدس لكونهم أقرب إليهم، على أن تكون غاية هذا القتال هي إقامة دين الله لا مجرد استعادة الأرض والمال، أو لمجرد الثأر من اليهود على جرائمهم طيلة العقود الماضية، وواجب على كل المسلمين في العالم إعانتهم في ذلك بما يستطيعون إيصاله إليهم من المال والرجال، وكذلك التخفيف عنهم، والنكاية في عدوهم عن طريق استهداف اليهود وحلفائهم أينما ثقفوهم، وقتلهم، وإتلاف أموالهم، وتعطيل مصالحهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً
...المزيد

بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً • لعشرات السنين هيمنت قضية فلسطين واحتلال اليهود لها على مجمل حياة ...

بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً

• لعشرات السنين هيمنت قضية فلسطين واحتلال اليهود لها على مجمل حياة المسلمين في كل أنحاء العالم، فغلا فيها الغالون، وتاجر بها المتاجرون، حتى راج عند معظم الناس أن فلسطين هي قضية الإسلام الأولى، بعدما أعلن القوميون أنها قضية العرب الأولى، فلا يصح أن تطرح أي قضية أخرى ما لم تحرر فلسطين، لكي لا تتشتت الجهود وتضيع الإمكانيات، بل ولا يصح في نظر الكثيرين أي جهاد ما لم يكن في فلسطين، وبات دعاة الفتنة وعلماء السلاطين في كل مكان يستنكرون على المجاهدين في كل الساحات، ويلبسون على الجهلة بالسؤال: لماذا لا يجاهد هؤلاء في فلسطين؟

وتعدى الأمر بهؤلاء المنحرفين ليدخل في باب الولاء والبراء، إذ لم يعد هناك عدو للأمة المسلمة غير اليهود المحتلين لفلسطين، وحتى من أراد أن يوسع الدائرة لتشمل الصليبيين النصارى، انحرف عن الشريعة بإعلانه أن السبب الوحيد لعدائه لهم هو دعمهم لليهود، ولا عدو من الطواغيت إلا من صالح اليهود، أو تحالف معهم.

ومن جانب آخر صار كل من يعادي الدولة اليهودية بطلا محبوبا ترفع راياته، وتعلق صوره، بغض النظر عن دينه وعقيدته، وبهذا تعلقت قلوب الناس بالشيوعيين من أمثال مقاتلي الجبهتين الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين وحلفائهم من الحركات الماركسية العالمية لفترة من الزمن، ومُجّدوا، وسُمّي قتلاهم شهداء، رغم أنهم ملاحدة كفار، لا يؤمنون بالله ربّا، ولا بالإسلام دينا، ولا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا، ولكن كان يكفي عند أصحاب «قضية العرب الأولى» أنهم يقاتلون اليهود في فلسطين.

ثم تعلقت قلوبهم بالروافض الأنجاس من أمثال حزب اللات، وحركة أمل، لقتالهم لليهود في جنوب لبنان في السنوات الماضية، حتى وصل الأمر بالناس في حرب عام «2006» المعروفة بحرب تموز أن ارتفعت رايات الرافضة، وصور المرتد حسن نصر اللات في منازل الملايين من الناس.

وعلاوة على ذلك تعلقت قلوب عشرات الملايين من الناس بشرار الطواغيت العرب من أمثال جمال عبد الناصر، وحافظ الأسد، ومعمر القذافي، وصدام حسين، بسبب متاجرتهم بقضية فلسطين، وبيعهم الأوهام للمتعلقين بهم من خلال الخطابات الحماسية عن إلقاء اليهود في البحر، أو إحراق دولتهم بالصواريخ.

- الأحزاب المنحرفة

قضية المتاجرة بفلسطين تعدّت القوميين واليساريين والرافضة، حيث دخلت منذ زمن في صلب مناهج العمل للأحزاب والفصائل والجماعات التي تنتسب كذبا للإسلام، باعتبارها وسيلة لحشد الناس، وتوحيد الصف، حيث لم يجدوا في الساحة أمامهم قضية يُجمع عليها الناس غير قضية فلسطين التي تاجر بها الجميع دون استثناء، واستسهلوا بناء مناهجهم الحركية على أساس «قضية فلسطين» الذي أشرف على بنائه القوميون لعقود، وذلك لما وجدوه من بُعد للناس عن الدين، فسولت لهم أنفسهم أن يجمعوا الناس حولهم على هذا الأصل الفاسد وينطلقوا بهم -بزعمهم- لتحقيق الأهداف المعلنة لجماعاتهم في إقامة الدين وتطبيق الشريعة، دون أن يلتفتوا لاختلاف طبائع الناس ممن تجذبه الدعوات لاستنقاذ فلسطين وأنهم خليط من المسلمين والكفرة، من القوميين واليساريين، والنصارى، فهل يمكن أن يتم حشد هؤلاء جميعا لإنجاح أي مشروع «إسلامي» حقيقي؟.

وبعدما يقارب سبعة عقود من الشعارات الفارغة، لا زالت فلسطين تحت حكم اليهود، ولا زال الرافضة وحلفاؤهم من الأحزاب الضالة يتاجرون بالقضية، بعد أن انقسمت فلسطين القديمة إلى ثلاثة أقسام، كل منها يحكم بحكومة طاغوتية تزعم العداء للأخرى.


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً
...المزيد

رفيق درب الشيخ أبي مصعب الزرقاوي أبو محمد اللبناني.. تقبلهما الله • لم يدم اجتماع الأب والابن ...

رفيق درب الشيخ أبي مصعب الزرقاوي أبو محمد اللبناني.. تقبلهما الله

• لم يدم اجتماع الأب والابن طويلا، فنظرا لحداثة تجربة الجهاد تمكن جاسوسان أرسلهما اليهود من الدخول إلى صفوف المجاهدين، وتسببا في قصف المعسكر وقتل جميع من كان فيه، وذلك بعد هجوم بري وإنزال جوي، نفذه الصليبيون، قتل نتيجته كل من كان في المعسكر وهم قرابة التسعين مجاهدا، ونجا الله الإخوة الذين كانوا لحظة الهجوم خارجه، وكانوا لا يتجاوزون العشرة، بينهم أبو محمد الذي فقد ابنه أبا سهيل في هذا القصف، إذ كان في مدينة القائم ينجز بعض الأعمال، لتصبح كنية أبي محمد اللبناني بعد فقدانه ابنه «أبا الشهيد»، ليلتحق الشبل بالرفيق الأعلى، سابقا أباه إلى جنان الخلد، بإذن الله، حيث ادّخر الله تعالى أبا محمد لأمر أعظم هو به أعلم، حيث كان مقدرا له حمل لواء الجهاد في هذه البلاد مع من تبقى من معسكر راوة.

فجأة وجد أبو محمد نفسه وقد فقد جناحيه، فلذة كبده محمدًا، ورفيق درب الهجرة والجهاد، أبا الدرداء، ومعهم عضيد جهاده، أمير المعسكر أبو رغد، الذي هاجم الأمريكيين من الخلف أثناء هجومهم على المعسكر، فقاتل مع ثلة من الإخوة تبايعوا على الموت في سبيل الله، حتى قُتل ومن معه تقبلهم الله جميعا.

ما وهن أبو محمد وما لان مع كل ما أصابه، بل واصل المسير، يلملم الجراح، مقررا الثأر، فكان أول ما بدأ به نحر أحد الجاسوسين، في الوقت الذي انتحر الآخر بتناول سم كان قد خبأه.

عاد الغضنفر أبو الشهيد إلى المعارك، وذاع صيته في كل أرجاء العراق، ففي كل مدينة كان له موطئ قدم حتى وصلت أخبار بطولاته إلى الشيخ أبي مصعب الزرقاوي، فأرسل إليه في الأشهر الأخيرة من العام الأول للغزو الصليبي، فدعاه إلى الانضمام إليه، فوافق على الفور ولم يتردد، بل قال: «عن مثل أبي مصعب كنا نبحث»، فأصبح عضوا في مجلس شورى جماعة التوحيد والجهاد وأميرها العسكري لفترة طويلة، فكان خير جندي لخير أمير، واضعا بين يدي شيخه كل إمكانياته، فبات لأمير الاستشهاديين الشيخ أبي مصعب الزرقاوي -رحمه الله- الكلمة الفصل في المناطق التي ينشط فيها أبو محمد اللبناني ورفاقه.

أخذ المجاهد الهمام يصول ويجول في المنطقة الغربية والفلوجة وبغداد والموصل، وصَحِبه المجاهد مناف الراوي، تقبله الله، كما عمل على إدخال عشرات المهاجرين لأراضي الجهاد، وأمسى الأسد الهصور في أوار المعارك رقما صعبا، وكان من أوائل الإخوة الذين التقى بهم الشيخ أبو محمد العدناني -حفظه الله- لدى دخوله أرض الرافدين، وكان الشيخ العدناني كثيرا ما يُثني عليه ويصفه بأحسن الأوصاف.

قصص جهاده غزيرة وأكثر من أن تعد أو تحصى في سطور، فما كان يدخل عملية إلا ويبايع إخوانه على الموت، وما تخلف عن غزوة خطط لها، بل تجده في مقدمة الصفوف، وكان له دور بارز في إشغال العدو في بغداد وغيرها أثناء معارك الفلوجة الأولى، ويشهد له شارع حيفا بالإقدام الذي لا نظير له.

كان الشيخ أبو مصعب كثيرا ما يطلب منه أن يأتيه بأسرى أمريكيين، لما لذلك من تأثير كبير على الصليبيين، فحاول مرة مع مجموعة من المجاهدين قطع طريق مطار بغداد، وتحديدا على مقربة من جسر العامرية، وكان هناك رتل يضم مجموعة سيارات رباعية الدفع تابعة لـ«الاستخبارات الأمريكية CIA»، فاشتبك معهم، ولم يتمكن من أسر أحد منهم، لأنه اضطر لقتلهم جميعا نتيجة شدة المعركة.

وبقي يترصد الصليبيين حتى حصل على معلومات تفيد بوجود وكر لهم في حي المنصور في بغداد فيه ثلاثة أمريكيين وبريطاني يعملون في الدعم اللوجستي للجيش الأمريكي، وضع أبو محمد اللبناني خطة الهجوم النوعية عليهم بهدف أسرهم، وبعد أيام من المراقبة والاستطلاع تم الهجوم على الوكر ليتمكن المهاجمون، وعلى رأسهم أبو محمد، من أسر الأمريكيين الثلاثة والبريطاني لينطلق بهم عائدا إلى الفلوجة.

وحينما وصل بهم إلى الفلوجة وجد إخوانه المجاهدين، وفي مقدمتهم الشيخ أبو أنس الشامي، تقبله الله، وقد تجهزوا لغزوة (سجن أبو غريب)، فقرر مشاركتهم الغزوة، فأكثر ما كان يؤلمه الأسرى والأسيرات في سجون الصليبيين، لكن الله -عز وجل- شاء أن يسقط هذا الليث صريعا بقصف عنيف وهو يسعى لفكاك الأسرى، إلى جانب مقتل ثلة أخرى من أسود الجهاد، بينهم الشيخ المجاهد أبو أنس الشامي، تقبله الله، لتنتهي رحلة أبي محمد اللبناني في هذه الحياة، وليكمل المسيرة من بعده رجال ما هانوا ولا استكانوا، عاهدوا الله أن يسيروا على الطريق ذاته الذي سلكه قبلهم.


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ

قصة شهيد:
رفيق درب الشيخ أبي مصعب الزرقاوي
أبو محمد اللبناني.. تقبلهما الله
...المزيد

رفيق درب الشيخ أبي مصعب الزرقاوي أبو محمد اللبناني.. تقبلهما الله • من مؤسسي الجهاد في بلاد ...

رفيق درب الشيخ أبي مصعب الزرقاوي أبو محمد اللبناني.. تقبلهما الله

• من مؤسسي الجهاد في بلاد الرافدين والسابقين الأولين من المهاجرين إليها، ومن الرافعين لراية التوحيد، الراغبين إلى الله، إن رأيته حتما أحببته، ولو غاب عنك قليلا فقدته، جميل الظاهر والباطن، صافي القسمات والقلب، هادئ السمت كثير الصمت عركته الدنيا فعركها، شهم مقدام، جريء جواد كريم، سباق إلى الله في الخيرات، التواضع صفته، وحب الإخوة والحرص عليهم شعاره، وعن الشجاعة لا تسل فلها انتسب وهي إليه انتسبت، وبها تخلّق وله لانت وانصاعت، وامتطى صهوتها، فكان صاحب السبق فيها.

هو مصطفى رمضان، وكنيته أبو محمد اللبناني، رزقه الله خمسة من الأبناء، لبناني المولد والنشأة، من سكان (مجدل عنجر)، تعود أصوله لمدينة ديار بكر التركية، وأمه من حلب.

صاحب طاعة، وحافظ لكتاب الله، يكثر من ترتيله بصوت غض طري له حلاوة، عاش حياته زاهدا قنوعا، شديد التمسك بالسنة.

ترسخ في قلبه انتماؤه لدينه وعقيدته ولم تستمله ملذات العيش والشهوات، فلبّى داعي الجهاد في أرض خراسان فنفر إليها وشارك في فتح جلال آباد، ثم آثر العودة إلى دياره والعمل فيها قدر المستطاع بعدما ساد الضلالُ الفصائلَ هناك، ثم ضاقت به رحابة دياره فخرج منها، لكن رجلا كأبي محمد اللبناني هيهات له أن يلتفت بوجهه عن أمر دينه وجهاد أعدائه، فبقي فيها ثابتا واضحا، حيث التزم الهدي الظاهر في ثيابه وهيأته، فأعفى لحيته، وحافظ على نقاب زوجته، وتمسك بالحق، وسخّر كل وقته لخدمة الإسلام والمسلمين، فنشط في مجال الدعوة والتحريض على قتال الكفار أينما وُجِدوا، فأمسى الجهاد شغله الشاغل وخبره العاجل، ثم ما لبث أن عاد إلى لبنان، ليشكل مع أبي عائشة اللبناني جماعة جهادية، فتم اعتقاله لثمانية أشهر بتهمة تمويل الإرهاب، فخرج بعد ذلك معافى في نفسه ودينه، لم يبدل ولم يغير، ثم عاد ليؤسس خلية جهادية أخرى في مجد العنجر.

بعد الغزو الصليبي للعراق شدّ أبو محمد اللبناني الرحال، وفارق الأهل والصحب والعيال، وهاجر منطلقا إلى سوح النزال، فحاول أول الأمر الوقوف على حقيقة ما يجري في هذا البلد، وإن كان من الممكن فتح ساحة جهادية فيها، فاصطحب معه أخا له اسمه فادي أبو الدرداء في رحلة شاقة من لبنان إلى العراق عبر «سوريا»، عن طريق المهربين، فوجد الأرضية صالحة هناك لزرع بذرة الجهاد.

لما رأى أبو محمد أن الأوضاع مهيئة لإنشاء نواة جماعة جهادية على المنهج السليم بعيدا عن أهواء الوطنية وإغواء الحزبية أسس مع الأسد المقدام أبي رغد الجزراوي معسكر راوة الشهير حيث كان الأمير العام هو أبا رغد، تقبله الله، فيما كان أبو محمد هو الأمير العسكري.

لم يكتف بذلك، بل أراد أن يشرك ولده البكر في هذا الخير العميم الذي وجده في أرض الرافدين، فقرر العودة لإحضار ولده محمد أبي سهيل، البالغ من العمر 14 عاما، ذاك الصبي اليافع، ذي الهمة العالية، الذي تحمل مشاق السفر مع ما أصابه من إعياء شديد، رغم صغر سنه، وسط تحفيز أبيه له، حتى وصل الوالد والولد إلى أرض العراق.

لم يدم اجتماع الأب والابن طويلا، فنظرا لحداثة تجربة الجهاد تمكن جاسوسان أرسلهما اليهود من الدخول إلى صفوف المجاهدين، وتسببا في قصف المعسكر وقتل جميع من كان فيه، وذلك بعد هجوم بري وإنزال جوي، نفذه الصليبيون، قتل نتيجته كل من كان في المعسكر وهم قرابة التسعين مجاهدا، ونجا الله الإخوة الذين كانوا لحظة الهجوم خارجه، وكانوا لا يتجاوزون العشرة، بينهم أبو محمد الذي فقد ابنه أبا سهيل في هذا القصف، إذ كان في مدينة القائم ينجز بعض الأعمال، لتصبح كنية أبي محمد اللبناني بعد فقدانه ابنه «أبا الشهيد»، ليلتحق الشبل بالرفيق الأعلى، سابقا أباه إلى جنان الخلد، بإذن الله، حيث ادّخر الله تعالى أبا محمد لأمر أعظم هو به أعلم، حيث كان مقدرا له حمل لواء الجهاد في هذه البلاد مع من تبقى من معسكر راوة.

فجأة وجد أبو محمد نفسه وقد فقد جناحيه، فلذة كبده محمدًا، ورفيق درب الهجرة والجهاد، أبا الدرداء، ومعهم عضيد جهاده، أمير المعسكر أبو رغد، الذي هاجم الأمريكيين من الخلف أثناء هجومهم على المعسكر، فقاتل مع ثلة من الإخوة تبايعوا على الموت في سبيل الله، حتى قُتل ومن معه تقبلهم الله جميعا.

ما وهن أبو محمد وما لان مع كل ما أصابه، بل واصل المسير، يلملم الجراح، مقررا الثأر، فكان أول ما بدأ به نحر أحد الجاسوسين، في الوقت الذي انتحر الآخر بتناول سم كان قد خبأه.


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ

قصة شهيد:
رفيق درب الشيخ أبي مصعب الزرقاوي
أبو محمد اللبناني.. تقبلهما الله
...المزيد

رسالة من شيخ الإسلام إلى جنود دولة الإسلام • واعلموا -رحمكم الله- أن الجهاد فيه خيري الدنيا ...

رسالة من شيخ الإسلام إلى جنود دولة الإسلام

• واعلموا -رحمكم الله- أن الجهاد فيه خيري الدنيا والآخرة وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة، قال الله تعالى في كتابه: {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين}، يعني: إما النصر والظفر وإما الشهادة والجنة، فمن عاش من المجاهدين كان عزيزا كريما، ومن مات منهم أو قتل فإلى الجنة.

وقد اتفق العلماء على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد، فهو أفضل من الحج وأفضل من الصوم التطوع وأفضل من الصلاة التطوع والمرابطة في سبيل الله أفضل من المجاورة بمكة والمدينة وبيت المقدس حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه: «لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر عند الحجر الأسود»، فاختار رضي الله عنه الرباط ليلة واحدة على العبادة في أفضل الليالي عند أفضل البقاع ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقيمون بالمدينة دون مكة؛ لمعان عدة، منها: أنهم كانوا مرابطين بالمدينة

وهذا في الرباط فكيف بالجهاد؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في وجه عبد أبدا) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار) [رواه البخاري] وهذا في الغبار الذي يصيب الوجه والرجل فكيف بما هو أشق منه، كالثلج والبرد والوحل؟

ولهذا عاب الله عز وجل المنافقين الذين يتعللون بالعوائق، كالحر والبرد، فقال سبحانه وتعالى: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرًا لو كانوا يفقهون}، وهكذا الذين يقولون: لا تنفروا في البرد، فيقال لهم: نار جهنم أشد بردا

فالمؤمن يدفع بصبره على الحر والبرد في سبيل الله حر جهنم وبردها والمنافق يفر من حر الدنيا وبردها حتى يقع في حر جهنم وزمهريرها

واعلموا -أصلحكم الله- أن من أعظم النعم على من أراد الله به خيرا أن أحياه إلى هذا الوقت الذي يجدد الله فيه الدين، ويحيي فيه شعار المسلمين وأحوال المؤمنين والمجاهدين حتى يكون شبيها بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار فمن قام في هذا الوقت بذلك كان من التابعين لهم بإحسان، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار

فينبغي للمؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه المحنة التي حقيقتها منحة كريمة من الله وهذه الفتنة التي باطنها نعمة حتى -والله- لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم حاضرين في هذا الزمان، لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين

ولا يفوت مثل هذه الغزاة إلا من خسرت تجارته وسفه نفسه وحرم حظا عظيما من الدنيا والآخرة ما لم يكن ممن عذر الله تعالى كالمريض والفقير والأعمى وغيرهم وإلا فمن كان له مال وهو عاجز ببدنه فليغز بماله، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا)

ومن كان قادرا ببدنه وهو فقير، فليأخذ من أموال المسلمين ما يتجهز به سواء كان المأخوذ زكاة أو صلة أو من بيت المال أو غير ذلك حتى لو كان الرجل قد حصل بيده مال حرام وقد تعذر رده إلى أصحابه لجهله بهم ونحو ذلك، أو كان بيده ودائع أو رهون أو عوار قد تعذر معرفة أصحابها، فلينفقها في سبيل الله فإن ذلك مصرفها

ومن أراد التخلص من المال الحرام والتوبة، ولا يمكن رده إلى أصحابه فلينفقه في الجهاد في سبيل الله، فإن ذلك طريق حسنة إلى خلاصه مع ما يحصل له من أجر الجهاد.

ومن كان كثير الذنوب فأعظم دواء له هو الجهاد، فإن الله يغفر ذنوبه، كما أخبر سبحانه في كتابه بقوله: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم علىٰ تجارةٍ تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذٰلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذٰلك الفوز العظيم}.

وكذلك من أراد أن يكفر الله عنه سيئاته في دعوى الجاهلية وحميتها فعليه بالجهاد؛ فإن الذين يتعصبون للقبائل وغير القبائل كل هؤلاء إذا قتلوا، فإن القاتل والمقتول في النار، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) [متفق عليه]، وقال: (من قتل تحت راية عمية: يغضب لعصبية، ويدعو لعصبية، فهو في النار) [رواه مسلم].

فعليكم بالجماعة، والائتلاف على الطاعة والجهاد في سبيل الله يجمع الله قلوبكم، ويكفر عنكم سيئاتكم ويحصل لكم خير الدنيا والآخرة.

أعاننا الله وإياكم على طاعته وصرف عنا وعنكم سبيل معصيته وجعلنا وإياكم ممن رضي الله عنه ورضوا عنه إنه على كل شيء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم».

انتهى باختصار وتصرف يسير من مجموع فتاوى شيخ الإسلام، رحمه الله.


• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ
...المزيد

رسالة من شيخ الإسلام إلى جنود دولة الإسلام • إلى المجاهدين في سبيل الله تعالى، جنود الدولة ...

رسالة من شيخ الإسلام إلى جنود دولة الإسلام

• إلى المجاهدين في سبيل الله تعالى، جنود الدولة الإسلامية، نهدي لهم همسة من شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية، وهي رسالة كتبها عام 699 هجريا إلى المجاهدين في وقته، وذلك لما وصل المغول التتار إلى الشام وفر من فر وثبت من ثبت، فكتب الإمام المجاهد ابن تيمية رحمه الله:

«أما بعد:

فإن الله عز وجل قال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}، وما أنزل الله في القرآن من آية إلا وقد عمل بها قوم، وسيعمل بها آخرون، فمن كان من الشاكرين الثابتين على الدين، الذين يحبهم الله ورسوله، فإنه يجاهد المنقلبين على أعقابهم، الذين يخرجون عن الدين، ويأخذون بعضه ويدعون بعضه، كحال هؤلاء القوم المجرمين المفسدين -يقصد الغزو المغولي الذي زحف لبلاد الإسلام ومن عاونهم من المرتدين آنذاك- فإن عسكرهم مشتمل على أربع طوائف:

1. كافرة باقية على كفرها من الكرج والأرمن والمغل.

2. وطائفة كانت مسلمة فارتدت عن الإسلام وانقلبت على عقبيها من العرب والفرس وغيرهم، وهؤلاء أعظم جرما عند الله وعند رسوله والمؤمنين من الكافر الأصلي.

3. وفيهم أيضا من كان كافرا فانتسب إلى الإسلام ولم يلتزم شرائعه، وهؤلاء يجب قتالهم بإجماع المسلمين، كما قاتل الصديق -رضي الله عنه- مانعي الزكاة، وكما قاتل علي -رضي الله عنه- الخوارج.

4. وفيهم صنف رابع، شر من هؤلاء، وهم قوم ارتدوا عن شرائع الإسلام وبقوا مستمسكين بالانتساب إليه.

فهؤلاء الكفار والمرتدون، كلهم يجب قتالهم بإجماع المسلمين، حتى يلتزموا شرائع الإسلام، وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، وحتى تكون كلمة الله -التي هي كتابه وما فيه من أمره ونهيه وخبره- هي العليا، هذا إذا كان الكفار قاطنين في أرضهم، فكيف إذا استولوا على أراضي الإسلام وصالوا على المسلمين بغيا وعدوانا!

واعلموا -أصلحكم الله- أن الناس في هذه الفتنة تفرقوا لثلاث فرق:

1. الطائفة المنصورة، وهم المجاهدون لهؤلاء القوم المفسدين.

2. والطائفة المخالفة، وهم هؤلاء القوم، ومن تحيز إليهم من خبالة المنتسبين إلى الإسلام.

3. والطائفة المخذلة، وهم القاعدون عن جهادهم، وإن كانوا صحيحي الإسلام.

فلينظر الرجل، أيكون من الطائفة المنصورة أم من الخاذلة أم من المخالفة؟ فما بقي قسم رابع.

واعلموا -رحمكم الله- أن الجهاد فيه خيري الدنيا والآخرة، وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة، قال الله تعالى في كتابه: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}، يعني: إما النصر والظفر، وإما الشهادة والجنة، فمن عاش من المجاهدين كان عزيزا كريما، ومن مات منهم أو قتل فإلى الجنة.

وقد اتفق العلماء على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد، فهو أفضل من الحج وأفضل من الصوم التطوع وأفضل من الصلاة التطوع، والمرابطة في سبيل الله أفضل من المجاورة بمكة والمدينة وبيت المقدس، حتى قال أبو هريرة، رضي الله عنه: «لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر عند الحجر الأسود»، فاختار -رضي الله عنه- الرباط ليلة واحدة على العبادة في أفضل الليالي عند أفضل البقاع، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقيمون بالمدينة دون مكة؛ لمعان عدة، منها: أنهم كانوا مرابطين بالمدينة.

وهذا في الرباط فكيف بالجهاد؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في وجه عبد أبدا) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح]، وقال صلى الله عليه وسلم: (من اغبرت قدماه في سبيل الله حرّمهما الله على النار) [رواه البخاري]، وهذا في الغبار الذي يصيب الوجه والرجل، فكيف بما هو أشق منه، كالثلج والبرد والوحل؟

ولهذا عاب الله عز وجل المنافقين الذين يتعللون بالعوائق، كالحر والبرد، فقال سبحانه وتعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}، وهكذا الذين يقولون: لا تنفروا في البرد، فيقال لهم: نار جهنم أشد بردا.

فالمؤمن يدفع بصبره على الحر والبرد في سبيل الله حر جهنم وبردها، والمنافق يفر من حر الدنيا وبردها حتى يقع في حر جهنم وزمهريرها.


• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقال:
رسالة من شيخ الإسلام إلى جنود دولة الإسلام
...المزيد

ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله • لم يخطر في بال قادة الصحوات في الشام الذين غدروا بالدولة ...

ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله

• لم يخطر في بال قادة الصحوات في الشام الذين غدروا بالدولة الإسلامية أن نهاية الأمور ستؤول إلى ما آلت إليه اليوم، وقبلهم لم يخطر في بال من غدر وخان العهود أن تكون نتيجة أفعاله هو وحزبه الخبيث على ما هي عليه اليوم، كما لم يخطر في بال كثير من المجاهدين أن نتيجة صبرهم وهجرتهم ورباطهم وجهادهم ستكون مثل ما هي عليه اليوم، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وإليه ترجع الأمور.

فقادة الصحوات ظنوا أنهم بغدرهم بالمجاهدين وطعنهم في ظهورهم، وهم مرابطون على جبهات حلب وإدلب والساحل، أو منغمسون في ثكنات الجيش النصيري في ولاية الخير، وأن مشروعهم الذي أعدّوا له بتخطيط من الصليبيين وعملائهم من الطواغيت سيثمر خلال أسابيع قليلة، نهاية لوجود الدولة الإسلامية في الشام، واستفراداً لها بالساحة في ظل رضا الطواغيت العرب والصليبيين عنهم، ومن ثم تمكنهم من حسم المعركة مع النظام النصيري في شهور في ظل الدعم الذي وعدوا به، فيؤول إليهم حكم البلاد ليحكموها بما شاؤوا من الشرائع، فإذا بهم يقعون ضحية مكرهم وغدرهم، فيسلط الله عليهم من أنفسهم أو من أعدائهم من يقتل قاداتهم بالجملة، ويسلط بعضهم على بعض فيتنازعون على الموارد في المنطقة الضيقة التي حُصروا فيها، ويسلط الله عليهم الصليبيين الروس والروافض فينتزعون منهم الأرض ويعيدونها للنظام النصيري، ثم تكون نهاية حالهم أن يستجدوا النصيريين والصليبيين في مفاوضات الخزي والعار في جنيف، التي سيكون أقصى ما يحصلون عليه منها عفوا من الطاغوت النصيري عمن بقي حياً من مقاتلي الصحوات، بعد قتل وإصابة وتشريد وتهجير الملايين من الناس في سبيل «ثورة» قادها الأغرار، ثم استولى عليها الأشرار.

أما عصبة الغدر ونقض العهود الذين ارتدوا بمظاهرة المرتدين من الجيش الحر والفصائل على المهاجرين والأنصار، والذين سولت لهم أنفسهم، وأوحى إليهم شياطينهم يوماً أن النصر قد يأتي من معصية الله عز وجل، وأن نكث العهود مهارة، وأن الخيانة دهاء، وأن الكثير الفاسد خير من القليل الصالح، فقد وجدوا من تحالفوا معهم في الأمس القريب ضد الدولة الإسلامية وقد صاروا لهم أعداء، ورأوا حاضنتهم الشعبية التي اتخذوها إلها من دون الله وهم يتظاهرون ضدهم، ليشتموا تنظيمهم، ويسفهوا قادتهم وأمراءهم، وشتت الله شملهم، حتى صاروا أحزاباً متنافسين كلّ منهم يزعم أنه هو من يمثل التنظيم المنحرف، بل باتوا يشاهدون المؤامرات عليهم بين حلفائهم والطواغيت وهي تجري في العلن بلا إخفاء أو استحياء، وإذا بهم والصليبيون والروافض يسلبونهم المناطق تلو المناطق، حتى ضاقت بهم الأرض، وقد كانوا يمنون أنفسهم أن يكونوا قادة للأمة، أئمة للمسلمين.

أما المجاهدون الصابرون المرابطون، والذين مرّت بهم المحن، وتعاقبت عليهم الفتن، حتى إذا مرت بهم الفتنة قال واحدهم هذه مهلكتي، حتى تنجلي عنه، ثم تأتيه الأخرى وهي أدهى وأمر، قال بل هذه مهلكتي، هذه أكبر، فما تكاد إلا وتنجلي عن الفتح المبين بعد طول صبر ومصابرة، فقد وجدوا أنفسهم وقد فتح الله عليهم الأرض، وأقام الله بهم الخلافة، ورزقهم العيش في دار الإسلام، حيث تطبق الحدود، وتعظم الشعائر، ويُجاهد في الله حق جهاده، وباتت راية دولتهم تخفق في كل أصقاع الأرض، ويهابهم الكفار في كل مكان.

إن من يميّز بين حال الفريقين اليوم بعينٍ بصيرة وقلب واعٍ، سيعرف الفرق بين المآلين، ففريق أعزّه الله حينما أقام الدين واتبع السنة، وفريق أذله الله وأخزاه لما أقام المنفعة مكان الدين واتبع الهوى والشهوة، وسيتبين له أن أهل الضلالة مهما عظم مكرهم حتى لو زالت منه الجبال، فإنه لا يساوي شيئاً من مكر الله عز وجل بهم، واستدراجه لهم، وأن المجاهدين يكفيهم الله مؤونة التصدي لكيد أعدائهم وقوّتهم وجبروتهم باتباعهم للحق، وسلوكهم طريق السنة، وصبرهم، وتقواهم، فإن فعلوا ذلك فقد كان حقاً على الله نصرهم.

ولو كان لأهل الباطل من صحوات الشام عيون يبصرون بها، أو آذان يسمعون بها، أو قلوب يفقهون بها، لتدبروا قوله تعالى {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}، وقوله تعالى {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ}، ولو كانوا كذلك لجنبوا أنفسهم وأتباعهم خسارتهم للدنيا والآخرة، والعاقل من تاب وأصلح وبيّن، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ

المقال الافتتاحي:
ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله
...المزيد

إنّما العلم الخشية • والعلماء الذين ينفعهم علمهم هم الذين يورثهم علمهم خشية الله تعالى كما قال ...

إنّما العلم الخشية

• والعلماء الذين ينفعهم علمهم هم الذين يورثهم علمهم خشية الله تعالى كما قال سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:٢٨] والخشية هي الخوف المقرون بتعظيم الله عز وجل، فاجتمع فيهم العلم بالله والعلم بأوامره مع الخوف منه وتعظيمه سبحانه، ولذلك كان اللائق بهم أن يكونوا ألزم الناس لطاعة الله وأبعدهم عن معصيته، ومعرفتهم بالله تدعوهم إلى إخلاص العمل له فهو سبحانه الذي عنده حسن الثواب وهو الذي لا يوثق وثاقه أحد ولا يعذب عذابه أحد.

- إذاعة البيان - مُقتطف من سلسلة "الطَّواغيتُ ومشـايخ السّوء".
...المزيد

الطَّواغِيتُ وَمَشايخ السُّوء (1) {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} [الأعراف:١٧٠]، أي ...

الطَّواغِيتُ وَمَشايخ السُّوء (1)

{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} [الأعراف:١٧٠]، أي يتمسكون به علمًا وعملًا فيعلمون مافيه من الأحكام والأخبار التي عِلمُها أشرف العلوم، ويعملون بما فيها من الأوامر التي هي قرَّة العيون وسرور القلوب وأفراح الأرواح وصلاح الدنيا والآخرة.


*إذاعة البيان - مُقتطف من سلسلة "الطَّواغيتُ ومشايخ السّوء".
...المزيد

تجارة الطواغيت بالدين • لعل من أقبح الأمثلة على هذه التجارة الآثمة، ما يقوم به طواغيت الجزيرة ...

تجارة الطواغيت بالدين

• لعل من أقبح الأمثلة على هذه التجارة الآثمة، ما يقوم به طواغيت الجزيرة العربية من استغلال شعيرة الحج في الترويج لأنفسهم وحكوماتهم بأنهم أمناء على شعائر الإسلام أوصياء على بيت الله الحرام، خدام لضيوف الرحمن، مع أنهم لم يتركوا بابا للحرب على الإسلام إلا ولجوه حتى سبقوا كثيرا من طواغيت الشرق والغرب في ذلك، وما حربهم للمجاهدين في الجزيرة وخارجها وموالاتهم للصليبيين ضدهم خصوصا في العراق والشام وإفساد عقائد الناس وأخلاقهم وإحلال الفجور والخنا في جزيرة محمد ﷺ، إلا أمثلة تكشف جانبا من حقيقة هؤلاء المتمسحين بالمشاعر المقدسة، والتي بالمناسبة تدرّ عليهم من الأموال أضعاف ما ينفقوه فيها

- إفتتاحية النبأ العدد 447
...المزيد

لا فرق عندنا بين رافضة إيران الصفوية، وبين غيرهم من رافضة العرب كرافضة العراق ولبنان والشام فدين ...

لا فرق عندنا بين رافضة إيران الصفوية، وبين غيرهم من رافضة العرب كرافضة العراق ولبنان والشام فدين الرافضة واحد، وأصولهم وإن تفرعت واحدة، ومركزهم ومرجعياتهم واحدة، وعداؤهم لأهل السنة هو نفس العداء.

- الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله ...المزيد

ما الواجب على المسلم تجاه حرب الكافرين فيما بينهم؟ • شرعيا، ينبغي للمسلم أن يدعو الله تعالى بأن ...

ما الواجب على المسلم تجاه حرب الكافرين فيما بينهم؟

• شرعيا، ينبغي للمسلم أن يدعو الله تعالى بأن يفرق بين صفوف الكفار، ويذيقهم بأس بعضهم، ويمنح المسلمين أكتافهم، ويخالف بين كلمتهم، فقد كان رسول الله ﷺ والأنبياء عليهم السلام من قبله يدعون على الكفار، كما هو ثابت في آيات كتاب الله وأحاديث سنة رسول الله ﷺ، وللمسلمين أيضًا أن يفرحوا باقتتال الكفار فيما بينهم، فكل طلقة وصاروخ وأي مال يُنفق في تلك الحروب هو إضعاف لهم، وتهيئة للمسلمين أن يواجهوا عدوا تآكلت قدراته وضعفت قوته، ما يسهّل مهمة النصر عليه بإذن الله تعالى.

ومع هذا الدعاء يحرص المسلم أيضًا أن يثير بين الكفار الشر بصورة عملية، سالكا لذلك كل طريقة مشروعة، إضعافا لقدراتهم وضربا لبعضهم ببعض وإشغالهم بأنفسهم، كما على المسلمين أن يترصّدوا مثل هذه الخلافات بين الكفار في كل مكان، فكل صراع يولّد سبلا وفراغات يمكن استغلالها للإثخان بهم والاستفادة منه على الأصعدة المختلفة، الأمنية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية.

- افتتاحية النبأ "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" 429
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً