تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(٣/٦)
يا أهل السنة في العراق، أفي كل مرة لا تعقلون؟ استمرأتم الذلة والمهانة حتى رتعتموها، وتهتم كما تاه بنو إسرائيل من قبلكم، أَوَما ترون الرافضة كل يوم يسومونكم سوء العذاب، يغزون بلادكم بحجة محاربة الدولة الإسلامية، ثم لا يبرحون حتى يقتلوا رجالكم، ويأسروا نساءكم وذراريكم تارة، ويشردونهم تارة أخرى؟ أَوَما ترون العراق تفرغ مدنها من أهل السنة، وتحشى بأرذل خلق الله وشر من وطئ الحصى؟ انظروا إلى راياتهم وهم يقاتلونكم، اسمعوا شعاراتهم وهم يحيطون ببلادكم، تأمّلوا في صنيعهم حين يخرجونكم من أرضكم، واسمعوا نداءاتهم وهم يصرخون بالدعوة إلى غزو أراضي السنة كلها من عراقكم إلى شامكم إلى نجدكم بل إلى يمنكم.

يا أهل السنة، لقد مارس زعماؤكم في المنطقة أحط وأحقر صور الخيانة عرفها التأريخ، فباعوا القضية، وسلموا أمركم وأرضكم لعدوكم، فها هي مناطقكم يقتسمها الملحد الكافر والمشرك الرافضي والنصيري الحاقد، في مشهد باطني خبيث مكشوف، يراه ويسمع به العالم أجمع، وها هي حلب تواجه أعتى وأشرس حملة نصيرية بدعم مجوسي روسي كافر، يهدفون من خلالها إلى إقامة كيان نصيري بديل وسط خيانة الفصائل المرتدة المنشغلة بقتال الدولة الإسلامية والساعية لإزاحة حكم الله من الأرض في سبيل مصالح أسيادهم وداعميهم من دول الكفر.

وما تزال خطط الروم وما يزال مكرهم جاريا ساريا، حتى في جزيرة محمد، صلى الله عليه وسلم، لتسليط الرافضة على أطرافها، في ظل إفساد كبير تعمل عليه حكومة آل سلول لعلمنة البلاد، والسعي في إكفار أهلها، ونشر الرذيلة بينهم، والإطاحة بما يُمكن أن يُعد من رسوم الشرع وأهله، ولم يقتصروا على ذلك فحسب، بل شاركوا مشاركة عسكرية حقيقية مع أمم الكفر لحرب الإسلام والسنة في العراق والشام، فهم رأس كل بلية، وسبب كل رزية.

فيا رجال الجزيرة، يا أحفاد الصحابة، أعيدوا عليهم الكرة تلو الكرة، دونكم أعداء الله، دونكم أمنهم وعسكرهم وشرطهم، دونكم أزلامهم وأصحاب أقلامهم، دونكم أمراؤهم ووزراؤهم وأبواق إعلامهم، وتذكروا وصية نبيكم، صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) [رواه مالك وغيره].

يا أهل السنة، إنه ما بقي لكم بعد الله إلا دولة الخلافة تصون دينكم وتحفظ بيضتكم وتقوي شوكتكم، تحيون فيها أعزاء أو تموتون شرفاء، من غير أن يجرأ على مس كرامتكم فيها رافضي ذليل، أو نصيري خبيث، أو ملحد حقير.

أيها المسلمون الموحدون في مشارق الأرض ومغاربها، لقد ظلت تركيا العلمانية المرتدة خلال مدة جهادنا وصراعنا مع أحلاف الكفر خاسئة خانسة، تطل بقرن وتستخفي بقرن، تسعى لتحقيق مصالحها وأطماعها في شمال العراق وأطراف الشام، ثم ترتد خشية أن يصلاها المجاهدون في عقر دارها بجحيم عملياتهم ولهيب معركتهم، ثم إنها فكَّرت وقدَّرت ونظرت، ثم عبست وبسرت واستكبرت، ودخلت في حربنا كما تدخل الضباع المبتورة مستندة مستظلة بطائرات تحالف الصليب، مستغلة انشغال المجاهدين بحرب أمم الكفر ودفاعهم عن أرض الإسلام، وظنت أنها آمنة من أن ينزل بساحتها أبناء التوحيد وأسود الجهاد، ألا إنه من مأمنه يؤتى الحذر.

أيها الموحدون، لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع جهادكم، فاستعينوا بالله، واغزوها، واجعلوا أمنها فزعا، ورخاءها هلعا، ثم أدرجوها في مناطق صراعكم الملتهبة.

ويا أجناد الخلافة في أرض الشام، ها قد جاءكم الجندي التركي الكافر، وإنما دم أحدهم كدم الكلب خسةً ورداءةً، فأروهم بطشكم، واصلوهم بنار غضبكم، وخذوا بثأر دينكم وتوحيدكم من إخوان الشياطين وقدوة المرتدين وحلفاء الملحدين، فلن يغلب شركهم توحيدكم، ولا نفاقهم إيمانكم، وإن الله مع المتقين، هذا ما وعدنا الله ورسوله.

لقد غدا الإخوان المرتدون رأس حربة مسمومة يحملها الصليبيون لحرب الخلافة، فلم يقتصر كفر هذه الفرقة الغاوية على شركها بالله في الدساتير والتشريعات الباطلة، ومنازعة الله في حكمه، وموافقة أمم الكفر على كفرهم، حتى صارت طائفة لا دين لها، أشبه بالزنادقة والباطنية، بل إنها غدت ذراعا عسكريا وثيقا في منظومة التحالف الصليبي على الإسلام وأهله، لا غنى لهم عنه على الأرض، {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202]، فانظروا إلى العراق والشام وليبيا وتونس وغيرها من البلدان، فإنكم لا تجدون فيهم إلا مشركا مشاركا بالقوانين والتشريعات الكافرة، أو مصاففا موالفا للجيوش الصليبية أو الرافضية أو العلمانية الملحدة، مقاتلا مناكفا للمجاهدين في سبيل الله الساعين لإقامة حكم الله في الأرض، فهم بحق إخوان الشياطين والعميل العامل للصليبيين، قاتلهم الله أنّى يؤفكون.


• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(٢/٦)
يا معشر المهاجرين والأنصار، امضوا على بصيرتكم، واصبروا على عزيمتكم صبرا على الغُصص، فكأن قد اندمل شعث الشتات، والتأمت كلمة الخير والعدل، ودفع الحق الباطل، فإن لهذا اليوم ما بعده، والصبر خير في الأمور عواقبا، قال تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45]، وقال جل وعلا: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 7-8].

يا جنود الخلافة، إذا وقفتم صوب طائرات أمريكا وحلفائها، فقفوا ثابتين متوكلين على من بيده ملكوت السموات والأرض، الذي ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم، وقولوا: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، فإنها كلمة قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قال له الناس: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173]، واعلموا أنه لو أطبقت السماء على الأرض، لجعل الله للمؤمنين منها متنفسا.

فيا كتائب الانغماسيين، ويا قوافل الاستشهاديين، ويا سرايا الاقتحاميين، يا طلاب الشهادة والحسنى وزيادة، يا سعاة إلى الجنان والرضوان، انطلقوا على بركة الله، فإن الحرب حربكم، حوّلوا ليل الكافرين نهارا، وخرّبوا ديارهم دمارا، واجعلوا دماءهم أنهارا، فإن ذلك هو الحظ الأوفر، والفوز الأكبر، بصحبة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وليكن لسان حال أحدكم: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ} [طه: 84]، فجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا، لقد أذقتم الكافرين الأهوال، ومرغتم أنوفهم بالأوحال، فَدَيناكم بأنفسنا، لقد كنتم وما زلتم بعد الله نعم الظهر والسند، ونعم الساعد والمدد.

يا أهل السنة في العراق، أفي كل مرة لا تعقلون؟ استمرأتم الذلة والمهانة حتى رتعتموها، وتهتم كما تاه بنو إسرائيل من قبلكم، أَوَما ترون الرافضة كل يوم يسومونكم سوء العذاب، يغزون بلادكم بحجة محاربة الدولة الإسلامية، ثم لا يبرحون حتى يقتلوا رجالكم، ويأسروا نساءكم وذراريكم تارة، ويشردونهم تارة أخرى؟ أَوَما ترون العراق تفرغ مدنها من أهل السنة، وتحشى بأرذل خلق الله وشر من وطئ الحصى؟ انظروا إلى راياتهم وهم يقاتلونكم، اسمعوا شعاراتهم وهم يحيطون ببلادكم، تأمّلوا في صنيعهم حين يخرجونكم من أرضكم، واسمعوا نداءاتهم وهم يصرخون بالدعوة إلى غزو أراضي السنة كلها من عراقكم إلى شامكم إلى نجدكم بل إلى يمنكم.

يا أهل السنة، لقد مارس زعماؤكم في المنطقة أحط وأحقر صور الخيانة عرفها التأريخ، فباعوا القضية، وسلموا أمركم وأرضكم لعدوكم، فها هي مناطقكم يقتسمها الملحد الكافر والمشرك الرافضي والنصيري الحاقد، في مشهد باطني خبيث مكشوف، يراه ويسمع به العالم أجمع، وها هي حلب تواجه أعتى وأشرس حملة نصيرية بدعم مجوسي روسي كافر، يهدفون من خلالها إلى إقامة كيان نصيري بديل وسط خيانة الفصائل المرتدة المنشغلة بقتال الدولة الإسلامية والساعية لإزاحة حكم الله من الأرض في سبيل مصالح أسيادهم وداعميهم من دول الكفر.

وما تزال خطط الروم وما يزال مكرهم جاريا ساريا، حتى في جزيرة محمد، صلى الله عليه وسلم، لتسليط الرافضة على أطرافها، في ظل إفساد كبير تعمل عليه حكومة آل سلول لعلمنة البلاد، والسعي في إكفار أهلها، ونشر الرذيلة بينهم، والإطاحة بما يُمكن أن يُعد من رسوم الشرع وأهله، ولم يقتصروا على ذلك فحسب، بل شاركوا مشاركة عسكرية حقيقية مع أمم الكفر لحرب الإسلام والسنة في العراق والشام، فهم رأس كل بلية، وسبب كل رزية.

فيا رجال الجزيرة، يا أحفاد الصحابة، أعيدوا عليهم الكرة تلو الكرة، دونكم أعداء الله، دونكم أمنهم وعسكرهم وشرطهم، دونكم أزلامهم وأصحاب أقلامهم، دونكم أمراؤهم ووزراؤهم وأبواق إعلامهم، وتذكروا وصية نبيكم، صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) [رواه مالك وغيره].


• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(١/٦)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:

يقول الله تعالى: {ولَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
حقا، إنه وعد الله الذي وعد، وخبره الذي صدق، فها هو العالم الكافر اليوم قد حشر ونادى، وتحالف وتحزّب، وجمعَ كل كيده وتألّب؛ كيدَه وشركاءَه وأحلافَه وأولياءَه لحرب الإسلام وأهله، وكيدِ المؤمنين ودينهم بكل ما يملكونه من كيد، وما يقدرون عليه من آلة حربية وعسكرية، جوية أو برية أو بحرية، كل هذا للسعي حثيثا لإطفاء نور الله وعداوة لدينه ومنهاجه في الأرض، وخوفا وهلعا من أن تعود لأهل الإسلام والسنة خلافتهم وقوتهم، ويعود لهم التمكين والظهور كما كان أول مرة.

إن هذه المعركة المستعرة والحرب الشاملة والجهاد الكبير الذي تخوضه دولة الإسلام اليوم ما تزيدنا -إن شاء الله- إلا إيمانا ثابتا ويقينا راسخا بأن ذلك كله ما هو إلا تقدمة للنصر المكين وإرهاصا للفتح المبين الذي وعد الله عباده، فإنا نظرنا في كتاب الله وفي تاريخ جهاد هذه الأمة الطويل لعدوها، فرأينا أن الآية البينة على قرب هلاك عدونا وزواله هو يوم شروعهم وإيذانهم بحرب الله ورسوله ودينه، وإيذائهم عباده وأولياءه، والسعي لإخراجهم من الأرض التي لله، يورثها من يشاء من عباده، يقول الله تبارك وتعالى: {وإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 76].

إن بداية نصرنا وأشرفه وأعظمه هو في غاية ما يكون عليه عدونا من التجمع والتحزب والتفاخر والتكاثر، فهناك يدفع الله عن عباده، وتتجلى لهم آثار قوته وعزته وجبروته، قال الله تعالى: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 53-68]؛ وقال سبحانه: {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].

عباد الله، إن الإيمان لا يتم تمامه في نفس جماعة المسلمين حتى تتعرض وتستعد لمجاهدة الناس في أمر هذا الإيمان، ومواجهة أهل الباطل بجميع قواهم، وهي تتعرض في ذلك الجهاد وتلك المجاهدة لمطارق الابتلاء ومرارة الأذى، وتصبر معه على النصر والهزيمة، ويصيبها من الخوف والزلزال، ثم تثبت ولا ترتاب، وتستقيم ولا تلتفت، وتمضي في طريق إيمانها الراشد، إن شاء الله، ولولا هذه الأحزاب وهذا الجهاد، لضعف الإيمان وما زاد، وفسدت القلوب وما صلحت، ولرأينا النفوس تأسن، والهمم تسترخي، والإيمان يذبل، وهكذا يكون الحال حينما نبتلى بالرخاء، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].

لقد أرصد أعداء الله من اليهود والنصارى والملاحدة والرافضة والمرتدين وأمم الكفر جمعاء إعلامهم وأموالهم وجيوشهم وعتادهم لحرب المسلمين والمجاهدين في ولاية نينوى بعد أن رأوها قاعدة من قواعد الإسلام ومنارة من مناراته تحت ظل الخلافة، فأرقهم حياة المسلمين فيها أعزة آمنين، وأرهقهم أن تحقق للناس فيها مثالا لحكم الإسلام يرونه ويعيشونه ويستفيئون ظلاله وينعمون بخيره وبركته، وهذا غاية ما يخشونه ويخافونه لأنه سبيل امتداد نفوذ الإسلام واتساع رقعته ودخول الناس فيه.

فيا أهل نينوى عامة، ويا أيها المجاهدون خاصة، الله الله في دين الله، إياكم والضعف عن جهاد عدوكم ودفعه، فإن ذلك ينقض عرى الإسلام ويطفئ نور الحق.


• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت مع بداية الحملة الصليبية على بلاد المسلمين المسلوبة، التي كان ...

وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت


مع بداية الحملة الصليبية على بلاد المسلمين المسلوبة، التي كان الهدف منها ترسيخ حكم الطاغوت فيها ومنع الموحّدين من إقامة الدين وتحكيم الشرع، أطلق الأحمق المطاع جورج بوش مشروعا موازيا لتبديل دين الناس، وتغيير أصول الإسلام وفروعه، ليصبح متوافقا مع الرؤية الأمريكية الجاهلية للعالم، التي أطلقوا عليها مسمى «النظام العالمي الجديد»، ولتحقيق ذلك لم يجد خيرا من الإخوان المرتدين ليجعل منهم النموذج الذي يدفع الناس إليه ليتّبعوه إن أرادوا رضى أمريكا، فهم قد جرّبوهم، وخبروا فساد معتقدهم وولاءهم لأعداء الدين في مواطن من الأرض عديدة.

ولما كان أتباع الطاغوت أربكان في تركيا هم أكثر مدارس الإخوان المرتدين انحطاطا، وأشدهم انتكاسا في حمأة الشرك، والولاء للمشركين، وقع الاختيار على أحد تلاميذه أردوغان ليمثل هذا النموذج، وذلك لأن التلميذ سبق أستاذه بمراحل في سلوك منهج الديموقراطية والرضى بالعلمانية، فنصبوه رئيسا، وصنعوا له الهالة التي يحتاجها لخداع سفهاء الناس، وكلّفوه بإدارة بعض الملفات في المنطقة، فكان له الدور الكبير مع طواغيت الدول العربية في إنجاز مشروع الصحوات في العراق الذي أعان الصليبيين على إخفاء عار الهزيمة، وساعدهم في تثبيت أركان الحكومة الرافضية في بغداد.

ومنذ بدايات الجهاد في الشام، سعى أردوغان وأجهزة مخابراته إلى جر الفصائل المقاتلة وربطها به، ليرتبطوا عن طريقه بالدول الصليبية التي استثمرتهم لقتال الدولة الإسلامية، وأمرتهم بترك قتال النظام النصيري، حتى صارت أرتالهم تترك جبهات القتال معه، وتتوجه -تحت رعاية جيش الطاغوت أردوغان وبتمويل من حكومته- لقتال الموحدين.

وقد كان أردوغان ودولته الخبيثة يستخْفُون بحربهم على الدولة الإسلامية، ويستترون وراء الفصائل المرتدة التي صُنعت على أعينهم، وغُذِّيت بدعمهم وتمويلهم، وذلك خوفا من أن يقبل الموحدون على تركيا، فيشعلوها حربا لا تخمد نيرانها حتى تُلحق حدودها بغيرها من حدود (سايكس - بيكو) التي أزالها المجاهدون بأيديهم، فلما اشتد القتال بين الدولة الإسلامية وبين التحالف الصليبي وجنوده المرتدين، كشف طاغوت الأتراك عن دوره المعدّ ومهمّته المرسومة، ففتح أجواء بلاده لطائرات الصليب، وفتح حدوده لإمداد الملاحدة في عين الإسلام، وفتح مخازن أسلحته لمرتدي الصحوات في حلب، ولما طُلب منه المزيد، وفّى ولبّى، فزجّ بجيشه في ساحة المعركة ضد جنود الخلافة، وأطلق طائراته لتقصف مواقعهم، وأمر مدفعيته لتدك قرى المسلمين ومدنهم، ومازال يتوعد بالمزيد، وهو يحسب أن ما فعله سيقيه شر ما صنع، ومَن أمِن العقاب أساء الأدب.

لم يتعظ أردوغان وحكومته الزائلة بغيرهم من الحكومات المرتدة التي سلط الله عليها جنود الدولة الإسلامية، فهدّوا بنيانها، ودكّوا أركانها، كما فعلوا مع الروافض من قبل، ولم يتعظوا بأوليائهم الصليبيين الذي صال المجاهدون في مدنهم وجالوا، وجعلوا من أسواقهم وملاهيهم ساحات حرب مفتوحة، كما فعلوا في باريس وبروكسل من قبل، ولم يعوا بعد معنى أن تطلق الدولة الإسلامية نداء للمسلمين بأن يقاتلوا أعداءها بما استطاعوا، فيستجيب لندائها العشرات من جنود الله الأخفياء، وينشروا الرعب في مشارق الأرض ومغاربها بسكاكينهم، وأحزمتهم، وسياراتهم، وبكل ما وقعت عليه أيديهم من سلاح، وما مكّنهم الله به من وسيلة.

وإن حكومة تركيا اليوم بدخولها الحرب المعلنة ضد الدولة الإسلامية إنما تحز عنقها بسكينها، وتقطع أوردتها بيدها، وتشنق نفسها بحبالها، وتخرب بيتها بنفسها، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت.

فيا جنود الخلافة في تركيا، يا من حال بينكم وبين الهجرة إلى دار الإسلام مرتدو «الـجندرمة»، عليكم بطاغوت تركيا وأتباعه المرتدين، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، وأبدؤوا بأئمة الكفر وأوتاد الطاغوت فيها، عليكم بالشرط والقضاة والعساكر، عليكم بعلماء الطاغوت وأنصار حزب أردوغان وغيرها من الأحزاب المرتدة، ولا تنسوا في غمرة حربكم على هؤلاء أن تقتلوا رعايا دول الصليب حيث ثقفتموهم هناك، وأن تشردوا بهم من خلفهم، وتثأروا بقتلهم من جرائمهم بحق إخوانكم.

وإلى كل المرابطين على الثغور مع الجيش التركي وأوليائه، اثبتوا في وجوههم، وليروا منكم غلظة، عسى الله أن يكف بأسهم بكم، والله أشد بأسا وأشد تنكيلا.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 53
الخميس 3 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

دولة الإسلام.. نصف عقد من الثبات والإقدام نصفُ عقدٍ مضَى على قيامِها فأعجزَ البيانَ أن يصفَ ...

دولة الإسلام.. نصف عقد من الثبات والإقدام

نصفُ عقدٍ مضَى على قيامِها فأعجزَ البيانَ أن يصفَ البذلَ والعطاءَ والتضحيةَ والفداءَ، نصفُ عقدٍ مضَى ثابتةٍ على نهجِها ومسيرِها، نصفُ عقدٍ مضَى وأبناءُ الخلافةِ في رقيّ وتقدّم نحوَ الغايةِ الأسمَى، نصفُ عقدٍ مضَى لم يَضرها من خالَفَها ولا منْ خذَلَها، نصفُ عقدٍ مضَى وعدوها الأذلُ الأشقى خنسَ مُعترفًا ومقرا ببقائِها وحقيقةِ تمددِهَا، نصفُ عقدٍ مضَى ولا زالت وفودُ الموحدينَ المجاهدينَ الصادقينَ تُقبلُ مبايعة طاعةً لله ترجُو رحمةَ الله وتوفيقَه بلزوم الجماعةِ وتحقيقِ الاعتصامِ الذي أمرَ بهِ المولى سبحانَه


إصدار الصوتي
مؤسسة الدرع السني

للإستماع، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الثبات على العهد فحري بالمجاهدين في كل زمان أن يتبعوا خطى سلفهم الصالح، وأن يصبروا على الأذى في ...

الثبات على العهد

فحري بالمجاهدين في كل زمان أن يتبعوا خطى سلفهم الصالح، وأن يصبروا على الأذى في سبيل الله، ويكونوا على العهد الذي عاهدوا عليه ربهم في بداية مسيرهم فالأعمال بالخواتيم، وعليهم بالصبر والاحتساب في كل شؤون حياتهم، فلا يعلم المرء أي الأعمال التي تدخله الجنة.

اقتباسات من النبأ العدد 148
...المزيد

الثبات على الحق الثبات على الدين الحق نعمة من الله وفضل، وهو دليل محبة الله تعالى لعبده المؤمن، ...

الثبات على الحق

الثبات على الدين الحق نعمة من الله وفضل، وهو دليل محبة الله تعالى لعبده المؤمن، فالثابت على الحق راسخ القدم لا تضره فتنة ما دامت السماء والأرض؛ لأنه يأوي إلى ركن شديد، هو ركن الله العظيم، فالله جل جلاله تكفل بحفظ وتسديد أهل الإيمان والثبات، فلا يفت في عضدهم شدة المحن وعصفها أو تخاذل المتخاذلين أو إرجاف المرجفين؛ لأنهم علموا علم يقين أن معية الله معهم وهو ناصرهم على أعدائه وأعدائهم، قال تعالى { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ } هذا حال أهل الثبات؛ فهنيئا لهم طريقهم الذي سلكوه والذي سيوصلهم إلى إحدى الحسنيين، إحدى الكرامتين، إما نصر وإما شهادة.

أما أهل الباطل؛ فتعسا لهم وأضل الله أعمالهم، تتقاذفهم الأهواء وفي كل واد يهيمون؛ لأنهم ما تبعوا الدين الحق، فضلّوا وأضلوا، فزاغت قلوبهم، وزلت أقدامهم، وما أسرع ما يفتنون! وديدن هؤلاء النكوص على الأعقاب، فاصبح النكوص لهم عادة يعرفون بها؛ لأنهم لم يخلصوا لله العبادة، وأشركوا معه، والله أغنى الشركاء، فالزائغة قلوبهم في صف الشيطان تتبعوا خطواته، فوعدهم ومناهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا، فكان سيرهم دائما مع الباطل يدورون معه حيث دار، فمثل الفريقين كمثل الجبل والسيل، فالجبل ثابت شامخ لا يضره شيء؛ لأنه راسخ بكل قوة وصلابة، بينما السيل ينحدر في الدروب المتشعبة.

- كتبه: ساري الأنصاري
...المزيد

أحداث من التاريخ دروس في الثبات من غزوة "مؤتة" قال ابن إسحاق: ثم مضوا (أي جيش المسلمين) حتى ...

أحداث من التاريخ

دروس في الثبات من غزوة "مؤتة"

قال ابن إسحاق: ثم مضوا (أي جيش المسلمين) حتى نزلوا معان من أرض الشام، فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء، في مائة ألف من الروم، وانضم إليه من لخم وجذام والقين وبهراء وبلي مائة ألف منهم، عليهم رجل من بلي، ثم أحد إراشة، يقال له: مالك بن زافلة.

وفي رواية عن ابن إسحاق: فبلغهم أن هرقل نزل بمآب، في مائة ألف من الروم ومائة ألف من المستعربة، وقيل كانوا الروم مائتي ألف، ومن عداهم خمسون ألفا.

وأقل ما قيل: إن الروم كانوا مائة ألف، ومن العرب خمسون ألفا.

فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتان ينظرون في أمرهم، وقالوا نكتب إلى رسول الله ﷺ نخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره، فنمضي له.

قال: فشجع الناس عبد الله بن رواحة وقال: "يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون، الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة" قال: فقال الناس: قد والله صدق ابن رواحة، فمضى الناس.

البداية والنهاية، لابن كثير.
...المزيد

حظ الشيطان من ابن آدم في السراء والضراء ◾ في السراء • نسيان الشكر قال الله تعالى حاكيا عن ...

حظ الشيطان من ابن آدم في السراء والضراء

◾ في السراء

• نسيان الشكر
قال الله تعالى حاكيا عن الشيطان: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف]

• نسبة الفضل لغير الله
قال الله تعالى: {ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ} [الزمر] وقال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي} [فصلت]

• الإسراف والتبذير في النعم
قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء]

• عدم بذل النعمة للمحتاج والبخل بها
قال الله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون] وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج]

• معصية الله بها
قال الله تعالى: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت]

◾ في الضراء

• الانتكاس
قال الله تعالى: {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ} [الحج]

• القنوط من رحمة الله
قال الله تعالى: {وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} [فصلت]

• التطيّر
قال الله تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ} [الأعراف]

• عدم التسليم لأقدار الله
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ) [مسلم].


• المصدر:
إنفوغرافيك صحيفة النبأ – العدد 483
السنة السادسة عشرة - الخميس 21 شعبان 1446 هـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

استعدوا لـ: رَمَضَان ▪ الفرح والاستبشار بقدومه كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ...

استعدوا لـ: رَمَضَان

▪ الفرح والاستبشار بقدومه كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته

▪ التوبة النصوح الصادقة لأن المعاصي تحرم التوفيق

▪ التفرغ الذهني من الشواغل فحضور القلب يعين على الطاعة

▪ مطالعة هدي السلف في رمضان فذلك أدعى للهمة وإصابة السنة

▪ معرفة فضل شهر رمضان فمن لاح له الأجر هانت عليه التكاليف

▪ مدارسة أحكام الصيام التي تصح بها عبادة المسلم وتستقيم


• المصدر:
إنفوغرافيك صحيفة النبأ – العدد 483
السنة السادسة عشرة - الخميس 21 شعبان 1446 هـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

غربة أهل الإيمان في آخر الزمان "فإن نبينا -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن في آخر الزمان تكثر ...

غربة أهل الإيمان في آخر الزمان

"فإن نبينا -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن في آخر الزمان تكثر البدع وتموت السُنن ويغرب الدين وأن الدنيا لا تزداد إلا إدبارا وأنه يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وأنه يقل أهل الحق إلا أنهم مع قلتهم لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وأنه يعظم ثوابهم ويكثر أجرهم وشبه النبي -صلى الله عليه وسلم- الدين في آخره بأول ابتدائه في غربته وقلة أهله فقال -عليه السلام -: (بدأ الدين غريبا وسيعود كما بدأ) ثم جمع بينهم في أن لهم طوبى فقال: (فطوبى للغرباء) ثم فضل المتأخرين في بعض الأخبار... وذلك والله أعلم لعظم نفعهم وصعوبة الأمر عليهم وكثرة أعدائهم وتألبهم عليهم وقلة أنصارهم وقد جاء في خبر يأتي على الناس زمان يكون المتمسك بدينه كالقابض على الجمر فهذه الصعوبة هي الموجبة لذلك الأجر ثبتنا الله على الإسلام والسُنة وأحيانا عليها وأماتنا عليها وحشرنا عليها.

ومن العجب أن أهل البدع يستدلون على كونهم أهل الحق بكثرتهم وكثرة أموالهم وجاههم وظهورهم ويستدلون على بطلان السُنة بقلة أهلها وغربتهم وضعفهم فيجعلون ما جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- دليل الحق وعلامة السنة دليل الباطل فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بقلة أهل الحق في آخر الزمان وغربتهم وظهور أهل البدع وكثرتهم ولكنهم سلكوا سبيل الأمم في استدلالهم على أنبيائهم وأصحاب أنبيائهم بكثرة أموالهم وأولادهم وضعف أهل الحق فقال قوم نوح له: {ما نراك إِلا بشرًا مِثلنا وما نراك اتبعك إِلا الذِين هُم أراذِلُنا بادِي الرأيِ وما نرىٰ لكُم علينا مِن فضلٍ بل نظُنُكُم كاذِبِين} [هود]، وقال قوم صالح فيما أخبر الله عنهم بقوله: {قال الملأُ الذِين استكبرُوا مِن قومِهِ لِلذِين استُضعِفُوا لِمن آمن مِنهُم أتعلمُون أن صالِحًا مُرسلٌ مِن ربِهِ قالُوا إِنا بِما أُرسِل بِهِ مُؤمِنُون * قال الذِين استكبرُوا إِنا بِالذِي آمنتُم بِهِ كافِرُون} [الأعراف]، وقال قوم نبينا -صلى الله عليه وسلم-: {وقالُوا نحنُ أكثرُ أموالًا وأولادًا وما نحنُ بِمُعذبِين} [سبأ]، وقال الله عز وجل: {وكذٰلِك فتنا بعضهُم بِبعضٍ لِيقُولُوا أهٰؤُلاءِ من اللهُ عليهِم مِن بينِنا} [الأنعام]، {وقال الذِين كفرُوا لِلذِين آمنُوا لو كان خيرًا ما سبقُونا إِليهِ} [الأحقاف]، ونسوا قول الله تعالى: {وفرِحُوا بِالحياةِ الدُنيا وما الحياةُ الدُنيا فِي الآخِرةِ إِلا متاعٌ} [الرعد]، وقوله سبحانه: {واصبِر نفسك مع الذِين يدعُون ربهُم بِالغداةِ والعشِيِ يُرِيدُون وجههُ ولا تعدُ عيناك عنهُم تُرِيدُ زِينة الحياةِ الدُنيا ولا تُطِع من أغفلنا قلبهُ عن ذِكرِنا واتبع هواهُ وكان أمرُهُ فُرُطًا} [الكهف]، وقوله سبحانه: {واضرِب لهُم مثلًا رجُلينِ جعلنا لِأحدِهِما جنتينِ مِن أعنابٍ} الآيات كلها.. [الكهف]، وقوله: {لا تمُدن عينيك إِلىٰ ما متعنا بِهِ أزواجًا مِنهُم} [الحجر]، وقال تعالى: {ولولا أن يكُون الناسُ أُمةً واحِدةً لجعلنا لِمن يكفُرُ بِالرحمٰنِ لِبُيُوتِهِم سُقُفًا مِن فِضةٍ} إلى قوله {وإِن كُلُ ذٰلِك لما متاعُ الحياةِ الدُنيا والآخِرةُ عِند ربِك لِلمُتقِين} [الزخرف]، وقد كان قيصر ملك الروم وهو كافر أهدى منهم فإنه حين بلغه كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل عنه أبا سفيان فقال: "يتبعه ضعفاء الناس أو أقوياؤهم؟" فقال: "بل ضعفاؤهم"، فكان هذا مما استدل به على أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنهم أتباع الرسل في كل عصر وزمان"، وفي الآثار أن موسى -عليه السلام- لما كلمه ربه تعالى قال له: (يا موسى لا يغرنكما زينة فرعون ولا ما متع به فإنني لو شئت أن أزينكما بزينة يعلم فرعون أن مقدرته تعجز عن أقل ما أوتيتما لفعلت ولكنني أضن بكما عن ذلك وأزويه عنكما وكذلك أفعل بأوليائي وقديما ما خرت لهم إني لأذودهم عن الدنيا كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة وإني لأجنبهم سلوتها ونعيمها كما يجنب الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلكة وما ذلك لهوانهم علي ولكن ليستكملوا نصيبهم من الآخرة سالما موفرا لم تكلمه الدنيا ولم يطغه الهوى)، وقد روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه دخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- بمشربة له فرفع رأسه في البيت فلم ير فيه إلا أهبة ثلاثة والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكئ على رمال حصير وما بينه وبينه شيء قد أثر في جنبه فقلت: "يا رسول الله وأنت على هذه الحال وفارس والروم وهم لا يعبدون الله لهم الدنيا!"، فجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- محمرا وجهه ثم قال: (أفي شك أنت يا ابن الخطاب أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة) هذا معنى الخبر، ثبتنا الله وإياكم على الإسلام والسنة وجنبنا الكفر والبدعة وحبب إلينا الإيمان".

[المناظرة في القرآن]
لابن قدامة المقدسي -رحمه الله-

• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 483
السنة السادسة عشرة - الخميس 21 شعبان 1446 هـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 483 الافتتاحية: فكيف بهم غدا؟! إن أتباع عيسى ابن مريم لن ينبعوا بين ليلة ...

صحيفة النبأ العدد 483
الافتتاحية:
فكيف بهم غدا؟!

إن أتباع عيسى ابن مريم لن ينبعوا بين ليلة وضحاها، ولن ينزلوا معه من السماء، فهم ثمرة توحيد وجهاد وثبات متعاقب طيلة السنين، ثمرة لا تضيع بل تعظم من أجلها التضحيات، وكذا الطائفة المنصورة لم تنشأ على باطل فتستحيل إلى الحق، إنها لم تبرح الحق من يوم بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى نزول عيسى عليه السلام، يؤيد ذلك حديث عمران بن حصين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحقّ ظاهرين على من ناوأهم، حتّى يقاتل آخرهم المسيح الدّجّال) [أحمد وأبو داود]، فعجبا لمنتسب لأمة بعث رسولها بالسيف، وربط واقعها ومصيرها بالقتال حتى قيام الساعة؛ وهو يريد أن يرتع ويلعب بين هذه وتلك!

وعجبا لمن أصيب بداء الرافضة فعطّل الجهاد منتظرا "مهديا" يقاتل معه، فأمثال هؤلاء المنتظِرين لن يجاهدوا اليوم ولن يجاهدوا غدا، وهم كحال بني إسرائيل: {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ}، أو كحال يهود المدينة مع بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- كما روى ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن رجال من قومه، قالوا: "إن مما دعانا إلى الإسلام، مع رحمة الله تعالى وهداه لنا، لما كنا نسمع من رجال يهود، وكنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون، قالوا لنا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم! فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم، فلما بعث الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- أجبناه، حين دعانا إلى الله تعالى، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به، فبادرناهم إليه، فآمنا به وكفروا به، ففينا وفيهم نزل هؤلاء الآيات من البقرة: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}" [السيرة].

لقد تعددت الأسباب والخذلان واحد، وإنما تكون الدائرة سجالا ودولة، هزيمة ونصرا، ومن أراد نصرا بلا جهاد، أو جهادا بلا قتال، أو قتالا بلا تضحية؛ فإنما يطلب دينا آخر غير دين محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومن عزت عليه الحياة فهو لا شك ميت، ومن بعدت عليه الشقة فالقادم أبعد وأشق، ولا يزال الجهاد قائما إلى قيام الساعة، وسيظل حال المسلمين بين منح ومحن، حتى ينجز الله وعده وينصر جنده والعاقبة للمتقين.


• المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 483
السنة السادسة عشرة - الخميس 21 شعبان 1446 هـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً