كُن حذِراً في الطلب
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
قد ترغب في أمرٍ ما من أمور الدنيا بِشدة، وأنت لا تأمن أن يكون فيه هلاكك في الدنيا نفسها وخسارةٌ ضخمة لا تعلمها، أو يتم لك به أمرٌ في الدنيا وتخسر مقابله في الآخرة.. ولهذا يخشى المؤمن من سؤال أمر الدنيا بإطلاقٍ وإلحاح، وهو يعلم أن ربه تعالى كريمٌ جواد لا يمنع عبده بُخلًا عليه بل مصلحةً له..
ولهذا فالسؤال من فضل الله تعالى العظيم بإطلاق مأثور، وهو أأمَن.
وأكمل الدعاء أن يدعو المؤمن بهذا الدعاء الذي مدحه الله والْتزمه رسوله صلى الله عليه وسلم وكرره كثيرًا وكان يختم به دعاءه، وهو: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة جزء من الآية: 201] فهو من أنفع الدعاء؛ إذ يسأل العبد ربه تعالى حسنة الدنيا مقيدةً بأن تدوم حسنةً في الآخرة، ومقيدةً بقيد آخر وهو ألا تكون فتنة فتُرديه في النار؛ فهنا طلب من ربه حسنة الدنيا بنعمتها ومتعتها هنا، وبتمامها في الآخرة، ووقاية شرها وفتنتها.. كما دعا بحسنة الآخرة مطلقةً راجيًا أن يسبقها يُسْر الدنيا، وأن يوقى فتنَ ما يوبقه في النار..
فلا تُلحّ في أمرٍ دون تَخوف عاقبته هنا وفي الآخرة؛ فقد يكون لك فتنة وقد تهلِك بسببه، ويكون من الخير لك منعه عنك لئلا تخسر مقابله الكثير هنا أو الأعظم هناك.. ولهذا جاء في الأثر أن الله تعالى يمنع عبده ـ وهو يحبه ـ الشيء لأن فيه فتنة له، ولهذا كان منعه عطاءً من حيث لا يدري العبد.
فإن كنت ملحًّا مشغولًا بتيسير وسعة فليكن هذا دعاءك والْزمْه ففيه جِماع خير الدارين، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ..
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: