أبناؤنا (حديث وتوريت ) - سمر ونقاش
الأسرة التي يندمج فيها أفرادها ويتحدثون مع بعضهم في تلك الثرثرة الأسرية والدردشة المطلوبة والسمر المهم؛ أن القيم والعقائد والأخلاق والتصورات التي يؤمن بها الآباء تنتقل الى الأبناء في يسر شديد ويتشربونها في محبة..
وهنا جانب ثالث يغفل عنه الكثير.. إذ إن مما لاحظناه بين الأسر، أن الأسرة التي يندمج فيها أفرادها ويتحدثون مع بعضهم في تلك الثرثرة الأسرية والدردشة المطلوبة والسمر المهم؛ أن القيم والعقائد والأخلاق والتصورات التي يؤمن بها الآباء تنتقل الى الأبناء في يسر شديد ويتشربونها في محبة..
وقد جدنا أُسرا بسيطة عاشت على قليل من الأموال في أول أمرها لكن مع وجود الأب وترابطه مع أبنائه، ونقلهم للأحداث ومعالجة الآباء لكل حدث وتصحيحهم للتصورات وإشرافهم على عقائد وقيم الأبناء وهي تنمو فيهم، والتعقيب على الخبر ونقل وجهة النظر، ووزنهم للكلمات والأشخاص والمواقف في نقاش عفوي وسمر مطول لا يُملّ.. إذ به تنصهر الأسرة وإذا بالأبناء فروع لنفس الشجرة أو أحسن، وفي النهاية تُستدرك النواحي المادية ببر الأبناء وترابط الأسرة.. إذ يكون أساس البناء قد تم وشُيّد منه الكثير.
إنني أوصي إخواني وأُسر المسلمين بهذا الترابط والسمر والمجالسة وتناول الأحاديث المتفرقة وترك الأبناء يحكون ما يجدون وما يمرّون به، وأن نناقشهم في تصورهم ونصحح لهم وننقل لهم لا في صورة درس وعظي بل في سمر أسري لا يُمل ولا يُترك ولا ينقطع.. فلنجرّب ولنر الأمور.
سمر ونقاش ليس دينيا محضا، ولا بالاعتبار الأول؛ بل اجعله مداولةً لوجهات النظر.. انقل من خلاله إحساسك وطريقة تصورك وشعورك، وكيف تفكر في الأمر وكيف تتناوله، ولماذا هذا صواب وهذا خطأ.. ثم لا تضق باعتراض الآخرين بل افرح به كثيرا؛ لأنك عندها ستعرف ما بداخلهم وتربي في العمق وعلى بصيرة، وتعرف محل الإيجاب ومحل الخلل، ومع التداول ستلتفت الى أماكن الخطورة فلا تتركها تكبر بل تزرع مكانها الإيجاب والخير.. وأنت وهُم الفائزون في النهاية.
وكل فترة اجعل لقاء يرتل فيه كتاب الله بينكم، يقرأ كل شخص ولو خمس آيات أو عشر، فلهذا وقع في النفوس وبركة، وحينا آخر اجعل جلسة لقراءة حديث رسول الله من مثل (رياض الصالحين) في الأدب القلبي والخُلقي وفضائل الأعمال، فللحديث أثر على القلوب مشتق من أثر كتاب الله..
ففي الجانب الآخر وجدنا أكثر شكاوى انحراف الأبناء نابع من ابتعاد الآباء، أو وجود حواجز زائدة بين الأبناء وآبائهم، والمبالغة في الهيبة المصطنعة، وافتقاد الحوار والسمر والثرثرة المحببة المتبادلة.. أو يكون سبب الافتقاد سفر أو انشغال ولو محمود.. إلا ما ندر..
وقديما قال شوقي:
ليس اليتيم من انتهى أبواه *** من الحياة وخلّفاه ذليلا..
إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أما تخلّت أو أبا مشغولا
أما المجاهدون والأسرى فالحديث عنهم موجع ومؤلم وله شجن عميق، ولكن لهؤلاء عِوض يتولاه رب العالمين، ومن ظن بالله غير هذا فقد أساء الظن بربه؛ فالله تعالى يتولى عنهم، فهم في سبيل الله، والله تعالى نعم الوليّ ونعم المربي ونعم المؤدب.. ونعم الكفيل.
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي