أبناؤنا (حديث وتوريت ) - وأصلِح لي في ذريتي

منذ 2017-05-29

الدعاء به وقفت الشمس ليُفتح لنبي من الأنبياء يغزو، وبه وهب الله الذرية لشيخ كبير وعجوز عاقر، وبه شفى من الأوجاع وأبرأ من الأسقام، وبه أرسل السماء بالمطر وأمّن خائفا وأعز ذليلا وأغني فقيرا.. به أعطى تعالى ووهب.

ثمة جانب في التربية يجب ألا نغفله أو نقلل من شأنه يتمثل في الدعاء والتضرع والإلحاح في دعائك: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف:15]

والبعض قد يغفل هذا، ولا يصدر منه الدعاء لولده إلا عارضا طارئا بسبب ظرف معين أو قلق عارض أو شكوى خاصة.
بينما الدعاء سبب، وهو من أعظم الأسباب، به أنجى الله أمما وأهلك أمما وأغرق قوما.

الدعاء به وقفت الشمس ليُفتح لنبي من الأنبياء يغزو، وبه وهب الله الذرية لشيخ كبير وعجوز عاقر، وبه شفى من الأوجاع وأبرأ من الأسقام، وبه أرسل السماء بالمطر وأمّن خائفا وأعز ذليلا وأغني فقيرا.. به أعطى تعالى ووهب.
أقول هذا لعدم التقليل من أهميته، والتحذير من عدم الالتفات اليه..

وفي سيرة الشخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنه قد أطال الله تعالى في عمره، وكان في آخر عمره لا يترك هذا الدعاء ويلهج به {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف:15]، فكان في ذريته الكثير من العلماء والدعاة والأئمة، بغض النظر عما اكتسبت الخلوف بعد ذلك.

وكان ابن المسيب رحمه الله يتمثل هذا المعنى في كلماته لابنه (إني لأصلي فأذكرك فأزيد في صلاتي)، وتلا الآية: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف:82]، قصد بذلك أنه يكثر من الدعاء لولده في الصلاة، وقال أحد الصالحين (يا بني إني لأستكثر من الصلاة لأجلك)، وكان سهل التستري يتعهد ولده وهو في صلبه فيباشر إلى العمل الصالح رجاء أن يكرمه الله تعالى بالولد الصالح فيقول : إني لأعهد الميثاق الذي أخذه الله تعالى علي في عالم الذر وإني لأرعى أولادي من هذا الوقت إلى أن أخرجهم الله تعالى إلى عالم الشهود والظهور ..

إنني أوصي إخواني جميعا أن يُقرنوا التربية والتغذية والملبس بالدعاء، واللهج به، لا أن يدعو عند انحراف أو مصيبة أو شكوى بل هذا قرين للتربية..

إن عبدا يضع جبهته ويسجد لربه ويلهج كثيرا بالدعاء لصلاح ولده، مع صدقه ويسره، فإنه بإذن الله ليُرجى له الخير.. وفي السنن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ» (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة)؛ وذلك لما في قلوب الثلاثة من الانكسار؛ هذا للظلم عليه وهو عاجز عن رده، وهذا لسفره وانقاطعه وخوفه، وهذا لشدة رقته ولهفة قلبه على ولده، ولغير ذلك من حكمته تعالى، والله تعالى أعلم.

{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74]

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

  • 3
  • 0
  • 31,138
المقال السابق
مخاوف الضياع والنسيان
المقال التالي
سمر ونقاش

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً