مع القرآن - فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله

منذ 2017-11-25

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ * مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ * لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [ الروم 43 - 45]

بادر و سابق بقلبك و بدنك و روحك لإقامة دين الله و السير على صراطه المستقيم و الثبات عليه حتى تلقى الله على هذا الحال , فثم طريق الفلاح قبل أن يغلق باب العمل و يفتح باب الحساب و يرى كل امريء ما قدم منشور بين يديه .

من أعرض و كفر فعليه ما قدم فلن يضر الله شيئاً , و من أحسن و اتقى فإنما يقدم لنفسه و يمهد لدار النعيم المقيم يوم يرى كل محسن جزاء إحسانه مضاعفاً في معية الله و فضله دار كرامته و يرى كل كافر معرض جزاء أعماله التي بارز الله بها فاستحق بغضه .

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ * مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ * لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [ الروم 43 - 45]

قال السعدي في تفسيره :

أي: أقبل بقلبك وتوجه بوجهك واسع ببدنك لإقامة الدين القيم المستقيم، فنفذ أوامره ونواهيه بجد واجتهاد وقم بوظائفه الظاهرة والباطنة. وبادر زمانك وحياتك وشبابك، { {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} } وهو يوم القيامة الذي إذا جاء لا يمكن رده ولا يرجأ العاملون أن يستأنفوا العمل بل فرغ من الأعمال لم يبق إلا جزاء العمال. { { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} } أي: يتفرقون عن ذلك اليوم ويصدرون أشتاتا متفاوتين لِيُرَوْا أعمالهم.

{ {مَنْ كَفَرَ} } منهم { {فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} } ويعاقب هو بنفسه لا تزر وازرة وزر أخرى، { {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا} } من الحقوق التي للّه أو التي للعباد الواجبة والمستحبة، { {فَلِأَنْفُسِهِمْ} } لا لغيرهم { {يَمْهَدُونَ} } أي: يهيئون ولأنفسهم يعمرون آخرتهم ويستعدون للفوز بمنازلها وغرفاتها، ومع ذلك جزاؤهم ليس مقصورا على أعمالهم بل يجزيهم اللّه من فضله الممدود وكرمه غير المحدود ما لا تبلغه أعمالهم. وذلك لأنه أحبهم وإذا أحب اللّه عبدا صب عليه الإحسان صبا، وأجزل له العطايا الفاخرة وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة.

وهذا بخلاف الكافرين فإن اللّه لما أبغضهم ومقتهم عاقبهم وعذبهم ولم يزدهم كما زاد من قبلهم فلهذا قال: { {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} }

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
المقال التالي
ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات..