مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - ما كان محمد أبا أحد من رجالكم

منذ 2018-01-16

{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}  [الأحزاب 40]

{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} :

نفى الله عز وجل عن رسوله صلى الله عليه و سلم أبوته لزيد أو لأي من رجال الأمة أبوة نسب , و أثبت له صلى الله عليه و سلم أبوة النبوة و الرسالة و الطاعة و وجوب الاتباع و الاقتداء و جعل نساءه أمهات لسائر المؤمنين و قدوة للمؤمنات.

وأبوة الرسالة والاقتداء والطاعة أشد وأقوى من أبوة النسب , فكم من ولد عاق لوالديه , وكم من متبع محب لرسول الله صلى الله عليه و سلم فدى منهجه بمهجته.

والله عز وجل عليم بما يختلج في صدور المؤمنين من محبة وتوقير لرسوله صلى الله عليه وسلم , عليم بما يعتمل في صدور المنافقين من مكر, وهو سبحانه أعلم حيث يجعل رسالته.

{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}  [الأحزاب 40]

أي: لم يكن الرسول { { مُحَمَّدٌ} ْ} صلى اللّه عليه وسلم { {أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} ْ} أيها الأمة فقطع انتساب زيد بن حارثة منه، من هذا الباب.

ولما كان هذا النفي عامًّا في جميع الأحوال، إن حمل ظاهر اللفظ على ظاهره، أي: لا أبوة نسب، ولا أبوة ادعاء، وقد كان تقرر فيما تقدم أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم، أب للمؤمنين كلهم، وأزواجه أمهاتهم، فاحترز أن يدخل في هذا النوع، بعموم النهي المذكور، فقال: { {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ْ} أي: هذه مرتبته مرتبة المطاع المتبوع، المهتدى به، المؤمن له الذي يجب تقديم محبته، على محبة كل أحد، الناصح الذي لهم، أي: للمؤمنين، من بره ونصحه كأنه أب لهم.

{ {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ْ} أي: قد أحاط علمه بجميع الأشياء، ويعلم حيث يجعل رسالاته، ومن يصلح لفضله، ومن لا يصلح.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له
المقال التالي
يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً