إلى ابني العاق

منذ 2005-02-18
ابني الحبيب ، يؤسفني أن تكون هذه الرسالة هي وسيلة المخاطبة بيني وبينك، ولكنها الوسيلة الوحيدة المتوفرة لديّ والتي تسمح لي بإخبارك بأمور لابد أن تسمعها مني قبل أن أغادر الحياة ، فأنا منذ أن احتلت عليّ وأدخلتني هذا المكان رغماً عني لم أرك إلا في مرات قليلة، لذا فأنا الآن سأتكلم وأنت ستسمعني ولن تستطيع أن تقاطعني .

ابني الحبيب ، عندما تصلك رسالتي أكون قد فارقت الحياة ولعلك لن تقرأ هذه الرسالة أبداً ، ولذلك رأيت أن أنشرها عبر صفحات المجلة حتى يقرأها غيرك ويكون عندئذ كل ابن عاق هو ابني ...

يا بني ، إنني أشعر بأنني سأموت قريباً ، فلقد أبلغني الطبيب أن وضعي الصحي يزداد تدهوراً ... وأن إصراري على عدم أخذ الدواء قد أحوجني إلى كمية كبيرة من الدم ...

حاولت عندئذ أن أتمسك بموقفي الرافض للعلاج ... ولكن إصرار الطبيب دفعني للموافقة لأنني مؤمنة بأن كميات الدم لن تعيد نبضات الحياة إلى قلبي وروحي ...إذ إني أرى في هذه اللحظات أجنحة ملك الموت وهي ترفرف داخل غرفتي .

يا بني ، لا تحسب أني بكلامي هذا أسعى إلى استدرار عطفك كي تأتي إليّ ، لا ، ليس هذا هدفي ومرادي ، فلقد كانت وصيّتي لحامل الرسالة أن لا يسلمك إياها إلا بعد مفارقتي للحياة ، لإنني أعلم أنني ما دمت حيّة فإنك لن تقرأها ، ولكن ربما فعلت ذلك بعد موتي لعلمك أن هذه القراءة لن يترتب عليها أية تبعات أو مسؤوليات ... ولكن هذا لا يعني أني لا أتمني أن أنظر إليك النظرة الأخيرة قبل أن أموت ، ليس فقط لأني اشتقت إليك ... ولكن أيضاً لأمور أخرى عديدة ...

منها أولاً أني لا أريد أن أقضي آخر لحظات عمري وحيدة مع مخاوفي وأفكاري ، بل أتمنى - كما يتمنى أي مسلم- أن أجد في تلك اللحظات من يحترم إنسانيتي ويهتم بأمري ، يحوّل وجهي إلى القِبلة ، يلقنني الشهادة ، يدعو لي بالرحمة... فهل أطلب الشيء الكثير إذا تمنيت أن أحظى بحقي الشرعي الذي ضمنه لي الإسلام ...

إن المعاناة من الوحدة التي لحظتها على كثيرات ممن متن قبلي في هذا المكان دفعني إلى أن أتمنى ما تمنيت...

إن الموت في هذا المكان لا قيمة له... إذ أن المريض ليس سوى سرير يفرغ في اليوم الأول ليملأ في اليوم الثاني من قبل مريض آخر ينتظر دوره على لائحة الانتظار!

لذا لم يكن حزني كبيراً عندما كنت أبلغ عن موت إحدى النزيلات ، إنما حزني الأكبر كان عندما أعلم بأنها كانت في تلك اللحظات وحيدة ، لا يوجد بجانبها أنيس يقرأ لها القرآن ولا حبيب يذرف عليها دمعة أسى وحزن ... اللّهم إلا دمعة رفيقة من رفيقات الدرب الحزين ...

منها ثانياً أني أريد أن أسامحك ... وهذا الأمر لا أستطيع أن أفعله إذا لم تأت إليّ ودموع الندم تبدو على وجهك وتقول لي : " سامحيني يا أمي " ...

أتدري لو فعلت هذا ؟
فسأنسى كل الماضي ، وسأدعو الله أن يغفر لك كل ما فعلته بي ، وسأتضرع إليه سبحانه ألا تكون آخرتك مثل آخرتي ... ولكني متأكدة أنك لن تفعل ... ولن تأت ... لذا لا تنتظر مني يا بني أن أسامحك ... لأنني حتى لو فعلت فإني لا أضمن لك ألا يطالك العقاب ممن لا يسهو ولا ينام .

أمك الجريحة .
المصدر: موقع صيد الفوائد
  • 4
  • 0
  • 14,183
  • فتاة مسلمة

      منذ
    [[أعجبني:]] اشعر وكان الدنيااوشكت على نهايتها من جراء ما نسمع ونرى من عقوق الوالدين فلو يعلمون مدى قيمة رضا الاهل علينا لكرسوا حياتهم فقط لرعاية آبائهم ونيل رضاهم
  • العبد الفقير لربه

      منذ
    [[أعجبني:]] يظن الكثير من الابناء-وبخاصه أبناء الأرامل-أن مساندة الوالدين ماديا تكفي و لكن الحقيقه تثبت أن المساندة الروحيه و الاجتماعيه هى أهم بكثير و لقدرايت هذا و أحسسته مع والدتي و جدتى _ادعو لهما بالشفاء_
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] المقالة مؤثرة والأسلوب رائع وقد أعجبني طرح مثل هذا الموضوع الذي ربما قد بدأنا نتجاهله مؤخرا
  • جودي

      منذ
    [[أعجبني:]] أنها تتوافق مع التطورات الحاصلة في المشاعر و الأحاسيس الباردة
  • خالد عتر

      منذ
    [[أعجبني:]] la hawla wala kouwata illa b illah
  • نادية

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبتني جدا فكرة ان ترسل الام هذه الرسالة عبر البريد ليعتبر كل شاب او قتاة وليتذكرا انهم كانوا في مرحلة الطفولة لا يقدرون على خدمةأو حماية انفسهم فكانت الام هي التي تقوم بكل تلك التبعات وان لم نتذكر فنستطيع ان نتخيل او نرى ما تفعله الامهات بصغارها.......... وليس المقصود هنا ان نكون بارين لأهلينا لانهم راعونا ونحن صغار بل هو واجب عليناديني واخلاقي; وان وجدنا تقصير في الأم فهي ليست الألهة ممكن أن تخطئ كما نخطئ نحن فلا يجب ان ننظر للأهل بأنهم يجب ان يوفر لنا كل شئ لأنهم في بعض الأحيان يكونو غير قادرين على توفير كل شئ لأسباب مادية وما إلى ذلك من أسباب عديدة دون إرادتهم تحول بين ما يتمنونه لنا بأن نصبح أحسن الناس ولكن في النهاية يحصل ما يقدره الله ويجب ان نرضى بما قدره الله ولا نلوم أهلنا على أي شي لأننا بالنهاية جزء من أجسادهم فكيف نستطيع ان نجحد بهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ [[لم يعجبني:]] إصرار الام بعدم ارسال هذه الرسالة إلى ابنها قبل موتها لانني على يقين أن قلبها سيأكلها على ابنها عندما تراه في نار جهنم يحترق وهي غير قادرة على إنقاذه لأنها لن تقدر إلا قبل موتها وبهذا عرف مصير ابنها
  • Ayman issa

      منذ
    [[أعجبني:]] Salam everybody , sorry for writing in English , i have no arabic fonts but i can read arabic ...anyway , i just wanna say that i was crying when i was reading this letter.. how can people be that cruel ?

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً