الغضب المشروع والنخبة المتوارية!!
ثم يجب الالتفات إلى مسؤولية كبرى تقع بخاصة على أقباط مصر وعلى نصارى البلاد الإسلامية كافة، إذ إن عليهم اتخاذ مواقف واضحة لا لبس فيها ولا غمغمة. فالدجاجلة في الغرب بنوا بهتانهم على حقد نفر من القبط المتغربين. والمسألة لا تحتمل اللون الرمادي البتة.
ثار غضب المسلمين بعد أن تطاول حثالة الصليبيين واليهود على خير خلق الله نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحُقّ لنا أن نثور ونغضب لأن مقامه المحمود لا يدانيه بشر فهو القمة السامقة وحوله الأنبياء الكرام الذين اصطفاهم المولى الكريم لهداية الناس إلى الحق وإخراجهم من ظلمات الشرك والجهالة والانحطاط والشر والقبح إلى نور التوحيد والعلم والخير والرفعة والجمال.
وكيف لا تحمرّ الوجوه غضباً وهي ترى شرار البشر يطعنون في صفوة الله من خلقه بالافتراء والتزوير وعكس الحقائق؟
هو إذاً غضب طبيعي ومشروع بكل المعايير لدى البشر الأسوياء، الذين يثورون لأمور عادية وعابرة، فلا ينبغي لكائن أن يملي سخفه أو حقده الخفي ليعظ الأمة موعظة شيطانية باردة.
لكن الصورة التي سادت هي أن الذين خرجوا إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم هم عامة الناس التي تغلب عليها ردود الفعل غير المنضبطة، ولذلك وقعت حوادث غير حميدة من اعتداء على سفارات وعلى دبلوماسيين لا صلة لهم مباشرة بالقضية.
وهذا أمر له أكثر من دلالة، فهو يؤكد أن الوقاحة الصليبية الصهيونية تستفز المسلمين العاديين وليس المنخرطين في أحزاب أو جمعيات كما يحلو للغرب وعبيده عندنا أن يزعموا ويلفقوا، فغياب التنظيم –بما له وما عليه-كان أوضح من أن يحتاج إلى إقامة برهان عليه.
ولا يستبعد أن يكون بين هؤلاء المسلمين الساخطين نفر من المدسوسين من تجار السياسة الذين لا يعنيهم توظيف أسمى المشاعر لخدمة أغراضهم الدنيئة.فالهجوم على السفراء لا يجوز شرعاً ولا يعبر عن أخلاق العربي حتى في جاهليته فكيف بعد أن أكرمه الله بالدين الحق؟ وكذلك قتل المستأمَنين!!
وإذا تجاوزنا رد الفعل الفوري على الجريمة، لنغوص في أغوار القضية، يتبين لنا أنها من النوع السهل الممتنع سواء في وجهها الذاتي المتعلق بنا نحن المسلمين أم بوجهها الخارجي الغربي.
فما كان للنخبة الدينية والفكرية والسياسية أن تترك قضية بهذه الأهمية والحساسية للمواطن العادي، وذلك الاختفاء انهزام وسلبية أدى إلى خروج الأمور عن سياقها، ولو أن الحكومات والهيئات الرسمية والشعبية قامت بواجبها على الوجه المنشود لما انفلت الغضب المكبوت بالصورة المؤسفة التي رأيناها، والتي هيأت لأعداء الله محاولة قلب الواقع وتحويل الأنظار عن الجريمة والمجرمين إلى الضحايا المستفَزّين في عقائدهم ورموزهم السامقة.
ولو كانت النخبة تنهض بمسؤوليتها لتنبهت إلى أن ما يفعله المجرم بشار الأسد وملالي قم وأشياعهما كل يوم في حق السوريين من قتل وتهجير وتدمير واغتصاب لا يقل فظاعة عن الفيلم المشين ومع ذلك لا تندلع المظاهرات الساخطة في عواصم العرب، وذلك بسبب المقاييس المختلة لدى بعض الأحزاب التي ترفع شعارات إسلامية لكن أولوياتها غير شرعية.
وبشار المأفون وأزلامه الكفرة الفجرة وبوذيو ميانمار يتطاولون يومياً على مقدساتنا وعلى دماء الموحدين، والمسلم يعلم أن حرمة الدم المسلم أعظم عند الله من هدم الكعبة، ومع ذلك لا نرى رد فعل ملائماً في عواصم الربيع العربي
وهنا يجب على الغرب أن يتخلى عن انتقائيته العقيمة، التي باتت تؤذيه مثلما تؤذينا، فتجريم الكراهية الدينية والعنصرية يجب أن تكون له مكاييل موحدة لا تحابي فئة وتحط من شأن أخرى.
هي رسالة عميقة المغزى تؤكد أن زمن المكاييل المزدوجة ولى بإذن الله إلى غير رجعة.
ولم يعد التذرع بالحريات الفردية في دركاتها الحيوانية بنافع لذر الرماد في العيون.
وعلى العقلاء في الغرب ألا يلقوا بالاً إلى مخبريهم الكاذبين من التغريبيين بعد سقوطهم مرة تلو مرة، وافتضاح هزالهم وهزلهم وانعدام وزنهم. فهؤلاء العملاء راحوا يحمّلون الإسلاميين في بلدان الربيع العربي مسؤولية الهجمات على السفارات الغربية ، وقد ادعت بعض القنوات الفاقعة في تغربها ادعت بوقاحة أن على هذه الحكومات أن تتذكر أن واشنطن هي التي أوصلتها إلى السلطة علماً بأن الناطق الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية نفى هذه الادعاءات الكاذبة في القناة نفسها وأكد أن هذه الحكومات جاءت عقب ثورات شعبية ناصعة ومن خلال عملية انتخابية نزيهة!!
ثم يجب الالتفات إلى مسؤولية كبرى تقع بخاصة على أقباط مصر وعلى نصارى البلاد الإسلامية كافة، إذ إن عليهم اتخاذ مواقف واضحة لا لبس فيها ولا غمغمة. فالدجاجلة في الغرب بنوا بهتانهم على حقد نفر من القبط المتغربين. والمسألة لا تحتمل اللون الرمادي البتة.
1/11/1433 هـ
- التصنيف:
- المصدر: