الضغط الحقيقي والضغط المتوهم

منذ 2012-11-30

من المهم في هذه المرحلة أن نميز بدقة بين الضغط الحقيقي والضغط المتوهم .. إذ من الوارد أن نقع تحت طائلة ضغط سياسي غير حقيقي، وربما يدفعنا هذا الضغط لاتخاذ قرارات وتقديم تنازلات، بينما نحن لا نواجه إلا وهماً مصطنعاً!!


من المهم في هذه المرحلة أن نميز بدقة بين الضغط الحقيقي والضغط المتوهم .. إذ من الوارد أن نقع تحت طائلة ضغط سياسي غير حقيقي، وربما يدفعنا هذا الضغط لاتخاذ قرارات وتقديم تنازلات، بينما نحن لا نواجه إلا وهماً مصطنعاً!!

إذن: ما هو الضغط الحقيقي في المشهد الحالي؟

- الاعتصام بحد ذاته، سواء في التحرير أو أي مكان آخر، وكذلك التظاهرات الحاشدة في يوم الجمعة أو الثلاثاء، لا تشكل ضغطاً حقيقياً لأن النظام الحاكم حالياً نظامٌ منتخب، وبالتالي توجد قطاعات عريضة من الشعب تتوافق مع قراراته السياسية وهذه القطاعات قادرة على تسيير مليونيات مضادة، فلكي تمارس الاحتجاجات ضغطاً حقيقياً لابد أن تكون محل إجماع أولاً، وأن تبلغ مستوى مرتفعاً من الحشد ثانياً، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

- أما تصعيد الاحتكاكات مع الأمن، واستمرار حالة الكر والفر مع سقوط ضحايا، فهو يُنتج ضغطاً على النظام، لكن في ظل المناخ الثوري الذي تمر به مصر، فإن "نمطية" هذه الاحتكاكات وتكرارها -دون تجاوزها الخط الأحمر سواء في الحجم أو الضحايا- ستجعل قوتها الضاغطة أقل تأثيراً، لذلك نرى بوضوح محاولات المحرضين الواضحة لتجاوز الخط الأحمر في المواجهة مع الأمن.

- العصيان المدني: يمثل لا شك أحد أهم وسائل الضغط الثورية، لكن لابد لنجاحه من استجابة شعبية واسعة كما حدث في ثورة يناير، وهنا تحاول القوى العلمانية أن تستدعي تأثير العصيان بمجرد الدعوة إليه، وليس بتنفيذ العصيان نفسه.

- نأتي إلى الضغط الإعلامي، وهو أكثر ما يعطينا إحساساً بثقل الضغط وقوته، لأن الإعلام يضخم ويهول ويرسم صورة غير حقيقية للواقع، ويسعى لتمريرها إلى الرأي العام داخلياً وخارجياً، لكن هذا الضغط رغم شدته، تبقى قوته الحقيقية معلقة بمستوى تأثيره في الرأي العام، فليست العبرة هنا بحجم المادة الإعلامية المعارضة، بل بمستوى تأثيرها.

- إجماع القوى السياسية العلمانية، أحد عوامل الضغط، فهذا الإجماع يوحي بأن هناك تياراً أو حزباً واحداً أو مجموعة من الأحزاب، تخرج عن الإجماع الوطني، وهذا يشكل ضغطاً سياسياً لا شك .. لكن في حالتنا الراهنة، فإن الأوزان النسبية للقوى إما أنها غامضة، وإما أنها تميل لصالح القوى المتهمة بالخروج عن الإجماع -أي القوى الإسلامية- وبالتالي تصبح دعوى الإجماع هنا متوهمة وقدرتها على الضغط محدودة.

- اهتزاز الشرعية، يمثل عامل الضغط الأكثر أهمية في المشهد الحالي، فالعبرة ليست بامتلاك الرئيس للسلطة، بل بامتلاكه القوة على استخدام سلطته إلى أقصى ما تسمح به .. فعندما يصدر الرئيس قرارات لا تنفذ، أو عندما تصدر قرارات من مؤسسات أخرى في الدولة تنازع سلطات الرئيس، فهنا يصبح من الضروري لإزاحة الضغط أن يبادر الرئيس بإزالة التعارض بصورة عاجلة.

• الخلاصة:

الضغط الأهم هنا، يتمثل في الإعلام، ومؤسسة القضاء، وهنا تتحدد مسارات التحرك في اتجاهين:

- الاتجاه الأول: فتح كافة السبل الممكنة للتواصل مع الجماهير، على أن يتسم هذا التواصل بمستوى مرتفع من: الاستمرارية، الكثافة، الانتشار .. حتى يحقق الهدف منه.
- الاتجاه الثاني: إزالة التعارض مع المؤسسة القضائية، إما عن طريق تقديم حلول جزئية تُفكك التكتل القضائي ضد الإعلان الدستوري، وإما عن طريق اتخاذ قرارات ثورية إضافية بإزاحة مركز الاحتقان داخل المؤسسة القضائية، أعني المحكمة الدستورية.


أحمد فهمي
 

المصدر: شبكة المخلص
  • 0
  • 0
  • 1,719

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً