فتياتنا وجاهلية العصر

منذ 2006-03-21

بسم الله نبدأ، وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير, وعلى الدرب نحمل الراية.

أحبتي في الله.. أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم..

كم هي شديدة تلك التحديات التي تقابل فتاة الإسلام المعاصرة, تكاد تخطفها من خدرها لتقدمها لقمة سائغة بين أنياب العلمانية لتنهشها الذئاب، وقربانا دسماً لأصنام الجاهلية الحديثة!

ومع دخول سدنة الوثن الجاهلي العلماني في كل بيت من بيوت المسلمين, يدعون الناس للدخول في دينهم أفواجاً. وقد لبّى الكثير دعوتهم مقدمين مُهَجَهُم قرباناً لعقائد فاسدة, وباذلين أعراضهم في سبيل وثن العصر, مربّين أبنائهم في أحضان فضائيات فاسدة مريبة, وتقنيات تبث السم في الدسم, إلا ما رحم ربي.. وهم قليل.

فإلى كل صاحب رعية سيلقى الله بين عشية وضحاها وفي رقبته من استرعاه إياهم, نذكّر وننذر بأن الخطر جاثم, والنجاة في الرجوع إلى الله وسفينة النجاة لم تفت بعد.. فالبدار البدار قبل فوات الأوان؛ فكم من أسرة هدمت بسبب فتاة انساقت وراء دعاة التحرير وسدنة التعهير, وكم من رب أسرة أسلم بُنيّاته بيده إلى رهابنة العلمانية بدعوى التحضّر! فلا تحضرَ نال ولا على شرف حافظ, وإنما والله هي دعوات ورائها شهوات مستعرة, لكلاب جائعة يتمنون لو ولغوا في كل إناء, ولكن هيهات هيهات أن يطهره بعد ذلك التراب.

أفيقي أخية قبل أن تندمي.. قبل أن تنظري حولك فلا تجدي إلا أفكاراً منحلّة, وعقائد فاسدة, ثم إذا بالعمر قد فات, وبقي أنين الذكريات, وتتمنين العود ولكن هيهات هيهات..

تنبهر الفتاة بصويحبات يوسف في الجامعة أو المدرسة أو حتى زميلات العمل, وتنساق وراء مظهر خداع, لا يحمل مهما طال تجمله إلا نفساً مريضة والله لو اقتربت منها لعضتك..

إنها أخيتي أنفس بعيدة عن ذكر الله, تعيش الضنك, ولا تعرف غيره, ألم تسمعي قول ربك { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه:124]..

هذه الفتاة الحديثة الجذابة صاحبة الرائحة العطرة التي تجذب كل من يشمها.. صاحبة الأزياء الحديثة التي لا تهتم بأمر ربها, ولا تأبه بعصيان خالقها, رافعة رأسها فوق أوامر شرعها, واطئة بقدمها حياءها..

هذه والله يا أخية اختبار لك من الله, هذه طريق شر مفتوح أتتبعيه أم تتبعي طريق الهدى, { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } [الإنسان:3]..
أترتدين ثياب الذل وتتطيبين برائحة العفة الضائعة, أم تنتظرين طيب الجنة وحرير الجنة وأنت سيدة الحور, مزينة لكِ القصور؟!

أتستعجلين الطيب والزينة، فتتحدّين بهما ربك، وقد أمهلك وأمهلك.. أم تتمهلي حتى يأتيك فتاك الفارس, صاحب لواء الشرع الطاهر, ليضمكِ بين حناياه, ويحملكِ في أجفانه.. يخاف عليكِ النسيم العليل, ويحنو عليكِ عند مصابكِ, وتترسين به إذا ما نابك شيء من الدهر؟

ثم أيُّ أمٍ أنتِ -بعد ذلك- لأيّ أبناء؟؟؟ والله لن يقبل ببنت العلمانية إلا من هو مثلها؛ فأي حياة ترتضين وأي أبناء قد يخرجوا من مثل هذا البيت؟ ووالله ثم والله لا تلومي إلا نفسك إذا ما فوجئت بزوج ديوث لا يغار عليكِ, بل يقدّمكِ لأصحابه صديقة لطيفة, وخليلة أليفة..

يقول أحد الدعاة المعروفين في مذكراته عن حاله قبل توبته: "وكنت في إحدى خلايا أو شعب الشيوعية, في بلدي, وقد حدثنا كبير هذه الخلية بأن الشاعر الفلاني بإحدى الدول العربية أعظم من يطبق الشيوعية, فعندما زرته ببلده نمت في فراشه معه وبيننا زوجته تطبيقاً للشيوعية!!!

أخيتي.. بالله عليك انظري تحت قدمكِ، واعلمي أين أنت ذاهبة..
قد يوسوس لك الشيطان بأن الشيوعية قد ذهبت، أما نحن الآن فمع عقائد علمانية أكثر تحرراً وانفتاحاً، ومع تطبيقات ديموقراطية تتيح لنا حرية الرأي والتصرف!

ولأسدَّ عليك هذا الباب، أسرد لكِ عقيدة الغرب، وعلى رأسه أمريكا, وهي عقيدة فلسفية تندرج تحتها كل بناتها من عقائد القوم، سواء علمانية أو شيوعية أو إلحادية أو غيرها.

القوم، أخيّتي، يدينون بعقيدة البراجماتية، أم الدواهي، وهي عقيدة مفادها باختصار: إهمال الأسس والمقدمات والمبادئ والاهتمام بالثمرات والنتائج.. وأهم الأسس والمبادئ المهملة: مشكلات الميتا فيزيقا القديمة، والتي أولها مشكلة وجود الإله؛ فالنظرية تضع كل هذه المشكلات في سلة مهملاتها لتهتم فقط بما ترى من نتائج وثمرات..

يعني، أخيتي، القوم لا يؤمنون إلا بما هو محسوس تراه أعينهم, وما هذه والله من وثنية الأقدمين ببعيد, فأبو جهل وضع صنماً وعكف عليه, أما هؤلاء فوضعوا الشهوات والماديات وعكفوا يعبدونها!!

وراجعي كتابات أذنابهم من كتاب وشعراء الشرق في تقديسهم للجنس والمادة، ووالله ما ديموقراطيتهم إلا بما يتيح مصالحهم؛ وإلا فأين هي ذي ديمقراطية القوم مع فتاة العراق بأبي غريب أو شباب المسلمين بجوانتناموا أو أخواتكِ الأسيرات بالأقصى السليب؟! أين هي من فتاة أفعانستان وقد قُتِل زوجها، ولملمت بقايا أطفالها بيديها لتدفنهم؟؟

والله لقد كفل الإسلام مبدأ الشورى وحرية الرأي، وهي الأصل الأصيل.. أما ما يدّعونه من حرية فلا نجدها إلا حرية للعهر والكفر، أما الطهر والنقاء فهيهات هيهات القوم عنها في ثبات.

أما حرية التعرّي والخلوة بمواقع الشات وعرض الأجساد والعلاقات المحرمة، فهي ديمقراطية إبليس، تريد منكِ شرفكِ وعفّتكِ.. ثم تلفظكِ لا تأبه بكِ من تكونين..

أخيتي.. كم والله هي فرحة كل مؤمن ذو لبٍّ وعقل ببنت الإسلام، وقد خرجت لجامعتها شامخة بحجابها ثابتة بخطواتها الجادة, متحدية سدنة الجهل والتعهير, تقدم للدنيا نموذج المرأة المسلمة المجتهدة العالمة المتعلمة, المربية القديرة, والمثقفة الجليلة, التي لم تتزلزل أمام تيارات التعهير, ولم تثنها نظريات التجهيل, تفوقت في دينها ودنياها.

والله يا أختاه هذا هو التحدي بعينه, تفوّقي في دينك دنياك, كوني العالمة والأستاذة الجامعية والطبيبة الماهرة والمثقفة الواعية, وكوني الأم العطوف والزوجة الحانية, والمربية القديرة.

والله ما نجحت من اهتمت بدنياها على حساب دينها, فخرجت برونقها تتحدى ربها، وادّعت أنها من المتحضّرات..
ولكن، والله المتحضرة هي من فازت بدينها ودنياها معاً.. من تفوقت في دنياها وأرضت خالقها, وتحدّت أوثان العصر..

فهلاّ كنتِ تلك الفتاة؟

والله آمل ذلك, ويعلم الله كم أكنّ لكِ من حبٍ وتقديرٍ وخوفٍ من أن تتخطفكِ الكلاليب..
أريدكِ أنتِ من تخطفي أبصار العالم بعلمكِ وعملكِ..

وفقكِ الله وزادكِ حرصاً على دينكِ ودنياكِ..

محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام
  • 9
  • 1
  • 14,010
  • اوريولا

      منذ
    [[أعجبني:]] كل الموضوع جميل جدا وافادني كفتاة وحسرني على ما تفعله البنات الآن انا بشوف بعيني البنات اسمهم مسلمات فقط لكن مابيعملوش بالعقيدة والله لم اعد اعرف كيف افرق بين المسيحيات والمسلمات نقطة تانية في الموضوع وهي موضوع الدردشة والشات والماسنجر التي اصبحت ضرورية لكل فتاه متحضرة! بكل بساطة انا دخلت التجربة ديه وربنا هو العالم انا كان قصدي ايه يعني كنت عاوزة اناقش موضوعات ادبية وقضايا راهنة لكي انمي فكري وانا كنت عارفة ان الاغلبية مش كويسين ونيتهم سيئ لكن الشيطان كان دوره قوي بعد ماكنت خلاص قولت ان الشات لم يعد مكان لمناقشة قضايا وطرح آراء وانه خلاص اصبح مكان للفساد ..اقنعني ان لسة فيه ناس محترمين..ودخلت ..واتكلمت مع ناس محترمين...لكن وجدت الغير محترمين اكتر واتخنقت اوي منهم كان كل تفكيرهم في هاتي ايميلك ورقم الموبايل طيب عندك كاميرا ...طبعا ماكنتش بوافق على اي شئ واتضايقت منهم كان نادرا لما تلاقي حد محترم ..فقررت اني مش هعمل شات تاني وان انا كدة بضيع وقت هتحاسب عليه كان ممكن اقضيه بما ينفعني وان في وسائل تانية علشان الواحد ينمي فكره ويكون ايضا في طاعة الله وندمت على اني دخلت التجربة دي...بس انا على فكرة ماكنتش بدخل الشات بدون علم اهلي.لا كلهم كانوا عارفين وبابا كمان لماعرف اني مابعملش شات علشان طلع كلام فاضي واختي كانت مستمرة منعنا اننا نعمل شات وانا قولت الحمد لله وفرحت جدا علشان الشيطان مايخلينيش ادخل تاني لاني مااقدرش اعصي بابا وماما طبعا المهم اني استفدت من التجربة دي على قدر مااحزنتني لاني فعلا تأكدت ان المسلمين خلاص اغلبيتهم اصبحوا بيحبوا الموضة في كل شئ وبيحبوا يواكبوا التقدم ويبعدوا عن الجهل!!!!!!!!حتى لوكان كل ما يفعلوه خطأ..وهي ديه بذور نشر العلمانية بالتحريض على الفساد وعمل الشئ الذي نستمتع به بالدنيا ونترك الدين لانه لايواكب العصر!!!!!!!! اللهم احفظنا جميعا كل بنات وشباب المسلمين وانر العقول وشكرا على الموضوع الرائع الذي افادني وقوى تمسكي بعقيدتي.......الاسلام
  • weff

      منذ
    [[أعجبني:]] لسلام عليكم و رحمة الله و بركاته طبعا اكيد المقال جميل جدا جدا و يا رب نكون كلنا النموذج الذي ذكر في اخر المقال اود ان اذكر ان الالتزام بالزي الاسلامي شئ جميل لكن المشكلة الاساسية هي ان القابض على دينه كالقابض على جمر ندعو الله ان يهدنا و يصلح شأننا و السلام
  • أبومحمد

      منذ
    [[أعجبني:]] أشكر الأستاذ الفاضل محمد أبو الهيثم
  • nada ahmed

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله الرحمن الرحيم كلام هذه المقالة مضبوط وصحيح واضيف ان جهاد الشهوات والمغريات المادية الكثيرة فى هذا العصر تعدل او تفوق الجهاد والحروب فى عصر الصحابة والاوائل وان من يمسك ويقبض على دينه كالقابض تماما على الجمر حقا والله
  • جيهان

      منذ
    [[أعجبني:]] اود ان اشكر كاتب المقال لما يحتوى على معانى مهمة ومفيدة وجميلة ونحتاج اليها فعلا فى هذه الايام والتى ارى الكثير من المغالطات والتى تدفع الشباب الى طرق كثيرة خاطئة ونهدم افكارنا برغم ان الحلال بين والحرام يبن ولكنهم يشككوننا فى جميع معتقدتنالدجة انى ارى اننا احيانا نترك الاساس فى ديننا ونختلف فى التفاهات التى لاتفيد وتاتى المهاجمة من داخلنا وليس من الخارج ونهاجم بعضنا البعض وامل ان تصحو الامم قريبا ويرى الشباب طريق واحد وهو الاسلام الحق وشكرا [[لم يعجبني:]] اتمنى لو تم ذكر امثال من الشباب الجيد والشباب التائه ومن ضل طريقة ثم اهتدى وان تترك الشعوب الشباب يبدون ارائهم التى تكون احيانا كثيرة مفيدة وتعبر عن حالهم ومدى رغبتهم فى تطوي مجتمعهم للاحسن
  • محمد  مصطفى

      منذ
    [[أعجبني:]] الفكر المستنير المسيطر على أجواء المقالة وأيضا تفنيد مزاعم المنحلين وابرازها وهذه المقارنة الرائعة بين الفتاة المسلمةالملتزمة وغيرها
  • عائشة

      منذ
    لم يعجبني: دائما كلامكم كله للبنات الي يشوف يقول الرجال كلهم ملتزمين
  • nahla

      منذ
    [[أعجبني:]] المقال جيد ومفيد وكما قيل (الدين النصيحة ) ولكن تبقى المهمة الكبرى هي التطبيق والتطبيق كما ينبغيي والهم الأكبر هو الوصول لليقين والحصول على المناعة ضد التأثر بصرعات العصر .
  • الاء

      منذ
    [[أعجبني:]] لقدنال اعجابي طريقة الشرح فهي مقنعة ومميزة والموضوع يفيد الكثير من الفتايات ويساعد في فهم الكثير من المواقف فجزاك الله خيرا. [[لم يعجبني:]] لم يعجبني عدم الالمام بالموضوع بشكل موسع اكثر وسرد الامثلة المبهمة غير متوفر.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً