مؤامرة تصفية السنة بالعراق

منذ 2006-03-24

لم يكن المرء يظن أن السذاجة وصلت -لا أقول في الرأي العام بل في بعض من يُطلق عليهم النخب السياسية والفكرية- إلى الدرجة التي وصلت إليها إلا بعدما رأى انقيادهم العفوي والسريع والمثير للشفقة لمجرد إشارات بالإصبع يلوّح بها الصفيون وأوباشهم بالعراق إلى أي جهة شاءوا في خضم الأحداث التــي أعقبت تدمير القبة في سامراء.

أما معادلة المشهد العراقي ففي غاية الوضوح لا تخفى حتى على العميان، فأمام المشروع الجهادي السني المبارك الذي انطلق منذ أن وطأت أقدام الغزاة أرض الرافدين أمامه: صراع -بدأت بوادره الآن بعدما اختلف اللصوص على قسمة المسروقات!- بين المشروع الصفوي الإيراني الذي طالما حلم بالسيطرة على العراق فالخليج، والمشروع الصهيوصليبي الذي جاء يحمي الصهاينة ويحقق أحلام الإمبريالية الأمريكية، التي لم تفتح شهيتها قط في تاريخها المليء بالأطماع التوسعية، مثلما انفتحت بعد سقوط المعسكر الشرقي، وقد كان دائما العراق والخليج هذا البحر المائج من النفط هو الطبق المفضل لتلك الشهية.

ثم ما إن دارت رياح الغزاة الصليبيين نحو المشروع النووي الإيراني، وبدأت الهمهمة تتنقل إلى الكلام المسموع عن رغبة أمريكا بتنحية (الطائفيين)، في إشارة واضحة إلى إرادة أمريكية بريطانية لعزل الصفويين الموالين لإيران في العراق، عن آلة الدولة، أو إضعاف يدهم عليها؛ إذ قد استنفذ المشروع الصليبي الحاجة إليهم، على الأقل وقتياً، فبيدقهم على رقعة الشطرنج يحسن تنحيته قليلاً إلى مكان آخر إلى حين. ولضمان هدوء نسبي في المشهد العراقي في المرحلة القادمة وهي مرحلة التصعيد ضد إيران -سوريا- حزب حسن نصر في لبنان.
ما إن حدث ذلك كله حتى إنفجر الوضع فجأة في العراق بتفجير مفتعل بوضوح للقبة في سامراء، ثم للشارع العراقي.

والعجب والله كم كانت المؤامرة واضحة، وكـم عمي عنها المغفلون:

فأولاً: لقد قصف الأمريكيون النجف وقبتها هناك، ووطأت أقدامهم أرضها، وعاثوا فيها، وقتلوا أكثر من مائتين، فلم يحرك المراجع ساكناً، بل هرب السيستاني إلى بريطانيا ثم عاد يبحث عن مخرج!!

وثانياً: من يصدق هذه القصة المضحكة، لقد كانت قبة سامراء في حراسة حكومة جعفري، وتحت سيطرتها المشددة، وقد منع التجول حولها، ثم فجأة يأتي -كما تزعم رواية الحكومة الصفوية في العراق- الذين يقتلون الحرس الوطني وشرطة جعفري في كل العراق ويبحثون عنهم في كل زاوية، يأتون فلايهريقون هناك قطرة دم، بل يربطون الحراس، ويفجرون القبة وحدها، و ينصرفون دون أن يقتلوا أو يقتل منهم أحد!!
ثم يُقتل الصحفيون الذين أشاروا إلى تورط مغاوير الشرطة في محاولة لدفن بعض شهود القصة الحقيقية، وتختفي هذه الجريمة أعني قتل الشرطة للصحفيين فلا يكاد يذكر ملابساتها أحـد!!

ولك أن تعجـب كيف تم تفجير القبة الـتـي هي رابع (أقدس) -وقد بيّنا تحريم الشريعة الإسلامية للبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها كما في فتوى في الموقع- مكان للشيعة، فلم يمت أحد دون تفجيرها الذي تم بكل سهولة ويسر!!

وثالثاً: لماذا فجّرت القبة في هذا الوقت، وقد استعصى على جعفري تكوين حكومته؟
لأن الأمريكيين لايريدون له أن ينفرد وحزبه بالدولة، وانقسمت عليه الأمور، واضطربت الأحوال، وغدا الأمريكيون يخرجون فضائح وفظائع حكومته وصولاغ إلى العلن، من سراديب التعذيب المهولة، بعدما كانوا يتسترون عليها.
وقد كان المجاهدون في أوقات كثيرة مضت أقدر على تفجير القبة، فلم يفعلوا؟! فلماذا يفعلون ذلك الآن؟

ورابعاً: لم يجهل أحد أن الصفويين كانوا مستعدين قبل تفجير القبة لما فعلوه من جرائم، فقد أعدت اللافتات، وهيئت المظاهرات، وقاموا بقوة الشرطة بجمع السلاح من بيوت السنة في بعض مناطق الجنوب، ثم تم حرق وتدمير أكثر من 160 مسجداً في 24 ساعة فقط، وتم قتل أعداد كبيرة من أئمة المساجد وأهل السنة، كل ذلك حدث بسرعة وتنظيم لايخفى على أحد أنه كان معداً مسبقاً وقبل حدث التفجير.

خامساً: دعوة ما يمسى (بالمراجع العظام) للتظاهر بعد التفجير مباشرة، وقبل معرفة الفاعل، إيذان واضح بتفجـير الوضع في العراق وإشعال النار على أهل السنة، وقد كانوا يعلنون شيئاً، ويوعزون إلى أتباعهم في الخفاء القتل وسفك الدماء، ويظنون أن فعلهم هذا الدنيء يخفى على أهل السنة.

سادساً: ليس أحد بحاجة إلى خلط الأوراق بالعراق، أكثر من إيران وهي تواجه ضغطاً متصاعداً بسبب برنامجها النووي، وهاهي دول الخليج تصدر تصريحات مفهومة بوضوح إلى أنها ستكون أرض إنطلاق الهجوم على إيران.

سابعاً: منذ أن انطلق الجهاد السني المبارك في العراق وجميع جهوده موجهة لقتال الغزاة وأعوانهم، لم يضيعوا متفجراتهم، ولم يخاطروا بجنودهم، إلا في مواجهة إحتلال هو أخطر قبة يراد له أن تنصب على أمة الإسلام في تاريخه، وكل أولوياتهم متجهة إلى هذا الهدف، وقد صرحوا بأن تفجير القبة من تدبير فيلق بدر وحكومة الصفويين التـي بات هاجس انقلاب حليفهم الصليبي عليهم هــو قلقهم الأكبـر في العراق.

وقد ذكرنا بما لانشك فيه بحمد الله، ولم نشك قط، أن الصليبين منهزمون، وأن الخونة الصفويين الذين رضوا أن يمتطي الصليبيون ظهورهم لسفك دماء المسلمين سيلحقون بهم، بإذن الله وحوله وقوته، وسيفضح الله كل مؤامراتهم الخبيثة ودسائسهم الدنيئة في أهل الإسلام، كما كانت سنّتهم فيما مضى، وهي سنة الله فيهم { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }.


وأخيراً.. فنهيب بالعلماء والمفكرين والعقلاء أن يعوا حقيقة المؤامرة، وأن يترفعوا عن ترديد شعارات الغوغاء، وعن خلط الأوراق؛ فالمؤامرة واضحة: عدوان صفوي حاقد مدبر بمؤامرة خبيثة لقتل أهل السنة وعزلهم، والسطو على العراق وتمكين المشروع الصفوي الإيراني من الامتداد فيه ثم منه إلى الخليج، مستغلاً الغزو الصليبي لأمتنا.

فاعقلوا وتعقـّـلوا، ودعوا عنكم السذاجة وأبصروا الحقيقة كماهي، وانقلوها للناس كما هي من غير تزييف ولاتحريف، ولا خلط للأوراق.

حددوا العدو، وبينوا خططه ومكائده، وبصّروا أهل السنة بالخطر المحدق بهم في العراق والخليج وكل مكان..

عدو صهيوصليبي، وآخر صفوي متدثّر بالرفض، يتآمران على أمتنا، إن ضرب الله بعضهم ببعض وهذا ما نسأل الله أن يحدث قريباً، ففتح من الله تعالى ورحمة، وإن تعاونا علينا استعنا بالله عليهما، { وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا }، وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير .

{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ . بَلِ اللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ . سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ }

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية

  • 12
  • 4
  • 16,356
  • amro_hossen

      منذ
    [[أعجبني:]] هذاألكلام الطيب والله وجزى الله كاتبةخيرالجزاء وجعل الله هذاألعمل فى ميزان حسناته
  • شريف محمود

      منذ
    [[أعجبني:]] الموضوع لا يحتاج لشرح بقدر ما يحتاج لنشر وتوعيه للمسلمين السنه فى العالم أجمع فأول من ألقى السلاح ورحب بالإحتلال هم الشيعه أول من وضع يده فى يد الإحتلال هم الشيعه ولا تنسوا ثلاثى الشر العالمى وتعاونهم معاً من أجل القضاء على السنه ( إسرائيل - إيران وتابعتهم أمريكافى فى ظل إسرائيل إينما كانت )
  • جنان عبد الله

      منذ
    [[أعجبني:]] احي جهد كاتب المقاله وهو تحليل صحيح لمل يجري للعراق من تدمير وتفتيت واسكات صوت اهل السنه والقضاء على الموحدين نسئلكم الدعاء لنا ب الثبات والنصر. [[لم يعجبني:]] الموضوع اعجبني واثلج صدري .
  • شيماء

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه ومن والاه اما بعد فانا والله نحبكم في الله وندعو لكم وندعو الله ان يحشرنا واياكم مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فانا اختكم شيماء من بغداد المحتلة نشكو الى الله ونعلمكم اننا في العراق يقتل ابناءنا ويستحيى نسائنا من قبل الرافضة التي هم الحكومة قبل المحتل ولايمر يوم الاوقد دميت قلوبنا على شيخ جامع من اهل السنة او مصلي جوامع بدأوا يتركون صلاتهم فيها خوفا ثم لايتركون حتى يقتلوا وياليتهم يقتلون باطلاق نار فحسب وانما يعذبون بالضرب بالكابلات والتعليق من الارجل بالسقوف وقلع الاظافر وتثقيب الجسم بل وحتى الرأس بالمزرف الكهربائي الدريل وتقطيع الجسم بالالات الحادة والتذويب بالتيزاب هذا وهم احياء ثم يموتون نتيجة هذا التعذيب وليس برصاصة رحمة ان كان هناك رحمة اما المعتقلات فملئى حتى انهم فيها يتناوبون بالنوم والوقوف ولكم ان تتصوروا حالهم ووصلت الامور اخيرا الى خطف النساء الحرائر الشريفات من الشارع بل وحتى المحاربة في ارزاقنا وهذا كله فقط مسلط على اهل السنة ، حقيقة انا لم اعد رسالتي هذه وانما المي يتكلم قد تقول اننا فرطنا في جنب الله اقول نعم قد تقول اننا لم نواجه اولئك الرافضة اقول نعم ولكننا لم نكن نستطيع والان اكثر وليس هذا تبريرا وانما واقعا نحياه نحن ولااحد يستشعره الا من يمر به ولكن اليس من حل ، صدقوني اكتب اليكم وانا التفت خشية ان يلمح احد الموجودين في المكان مااكتب ارجوكم اعملوا شيئا تكلموا اثروا في الذين بقربكم وجعلوها خالصة لله عل الله يجعل من بعد عسر يسرا ولا تنسونا بدعائكم فانا لن ننساكم وجزاكم الله عنا خيرا
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] وجود الصبر عند المسلمين السنة والايمان القوي لديهم [[لم يعجبني:]] ان الشيعة هدفهم الدنيا
  • محمد اللوغاني

      منذ
    [[أعجبني:]] اعجبني في المقال موضوعه الخطير والحساس وحبذا لو يستفيض الشيخ اكثر حول هذه المسائل السياسية ومدى خطرها على الالوضع الامني والديني للمنطقة
  • مهند

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبتني محاولة التفسير المنطقي للأحداث. [[لم يعجبني:]] لم تعجبني الروح الطائفيه التي يتحدث بهاالكاتب، كما لم يعجبني الخلط بين التقسيم المذهبي للمجتمع العراقي وبين أحقية الناس في العيش في بلدهم. حيث اني تلمست استنكار الكاتب لمعيشة من سماهم بالصفويين على الأرض العراقيه، متناسيا ان هؤلاء "الصفويون " يملكون الأرض التي يعيشون عليها منذ قرون عديده وهم أصحاب الأرض وليسوا من "العرب" المجاهدون الطارؤون عليها.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً