المشروع الإسلامي بين النظرية والتطبيق (3) الأحزاب الإسلامية

منذ 2013-04-23

ذكرنا في المقال السابق أنماط ومؤثرات اتخاذ القرار لتحديد مسارات الحركات الإسلامية في الوقت الراهن، وللتذكرة تم تحديد ثلاث عناصر رئيسية والتي تعد الأقوى في التأثير وشرحنا عنصرين منهم وهما: 1- مفكرين إسلاميين مستقلين (وهم ينطلقون من قواعد مختلفة المشرب). 2- الفقيه والداعية والعالم الإسلامي (الشيخ). وفي هذا المقال سنتحدث عن العنصر الثالث والمستحدث في المشهد الاسلامي وهي: 3- الأحزاب الإسلامية.


ذكرنا في المقال السابق أنماط ومؤثرات اتخاذ القرار لتحديد مسارات الحركات الإسلامية في الوقت الراهن، وللتذكرة تم تحديد ثلاث عناصر رئيسية والتي تعد الأقوى في التأثير وشرحنا عنصرين منهم وهما:

1- مفكرين إسلاميين مستقلين (وهم ينطلقون من قواعد مختلفة المشرب).
2- الفقيه والداعية والعالم الإسلامي (الشيخ).

وفي هذا المقال سنتحدث عن العنصر الثالث والمستحدث في المشهد الاسلامي وهي:


3- الأحزاب الإسلامية:

لا شك أن الجدل الدائر الآن بخصوص مشروعية عمل الأحزاب، وموقف الشريعة الإسلامية منها يمثل إشكالية حقيقية يجب حسمها أمام تطور المشروع الإسلامي واشتباكه مع الواقع دون تقديم تنازلات فى ثوابت الشريعة .ولذلك يمكن القول أن فكرة الأحزاب ابتدائيًا لم تكن أبدًا حسنة النية ولا سيما في منطقتنا .

ترجع تجربة الأحزاب السياسية في بعض الدول العربية إلى الحقبة الاستعمارية؛ حيث سعت قوى الاحتلال والتي كانت تبسط سيطرتها على معظم بقاع العالم العربي إلى إيجاد طابور خامس لها في المنطقة، بشكل يكرس الانقسام والفرقة بين نخبها وشعوبها على حد سواء، فقد كانت القاعدة الذهبية للمستعمر الغربي للمنطقة هي (فرّق تسد) ولم يكن هناك طريقة أفضل من فكرة التعددية الحزبية على أساس اختلاف الأيدولوجيات لمكونات التيارات الفاعلة سياسيًا. ولم تجد هذه القوى أفضل من الأحزاب التي يغلب على أنشطتها الصراعات والفتن والمصالح الشخصية، ورغم ذلك فقد حاول البعض التهليل لهذه التجربة، رغم أن الهدف منها لم يكن أبدًا التأسيس لمرحلة تستطيع من خلالها الشعوب قيادة أوطانها، والعمل على تحريرها من قبضة الاحتلال الغربي.

ولم يكن لهذه التجربة ذات الطابع الاستعماري الخبيث أثرها في تنمية الوعي لدى الطبقة المثقفة، بقدر ما كرست مصالح الاستعمار والنخبة التي تدور في فلكه، وأسهمت عبر عقود طويلة في حالة الانهيار التي مرت بها الأمة الإسلامية، انطلاقًا من أن هذه التجربة لم تكن تستند إلى أي رافد ديني، من قرآن كريم أو سنة مطهرة؛ ففي مصر مثلًا، وفي السنوات القليلة التي تلت حرب أكتوبر 1973م، شهدت التجربة السياسية تطورًا سياسيًّا ملموسًا، انتهى بصدور قانون رقم 40 لسنة 1977م، والذي عُرف بقانون الأحزاب، والذي مثل إشارة على تحول النظام السياسي بها رسميًّا إلى التعددية الحزبية. مبادئ ونصوص تضمن القوانين الوضعية في ديباجتها، ومنها قانون الأحزاب المصرية، عدة مبادئ تكون ملزمة لأي جهة تسعى لتأسيس أي حزب، في مقدمتها ألا تتعارض مبادئه مع الشريعة الإسلامية، أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي (مجرد كلام نظري غير قابل للتطبيق) وألا يقوم الحزب على أساس طبقي، أو طائفي، أو فئوي، أو جغرافي. وقد أُضيف إلى هذه الديباجة شرط آخر، تمثل في القرار بقانون رقم 36 لسنة 1979م، وبالتحديد عقب توقيع مصر لاتفاقية السلام مع "إسرائيل"، ألا يكون من بين مؤسسي الحزب أو قياداته أو مبادئه، ما يعارض هذه الاتفاقية وبالفعل كانت هذه الفكرة هي بداية زرع الفرقة بين طوائف الشعوب فى المنطقة وبدأت التصنيفات الأيدلوجية والتي كان قد أعد لها مسبقاً، وتكوين مجموعات مختارة من تلك الشعوب حاملة لأفكار متباينة ومختلفة تحمل نظرات فلسفية لكيفية تسيير الحياة اليومية وتنظيم العلاقات بين الناس وبين الدول وخلافه.

وتم عبور الفلسفات الغربية كالاشتراكية، والعلمانية، والليبرالية، واليسارية، وخلافه .. وبالفعل استطاعت هذه المجموعات تكوين أحزاب مستفيدة من فكرة التعددية الحزبية، لمحاولة الاختراق وزعزعة الهوية الأصيلة لشعوب المنطقة وهى الهوية الإسلامية، ولكنها ظلت أحزاب هزيلة غير مؤثرة وليس لها أي عمق شعبي يذكر اللهم إلا بعض الصراخ الإعلامي والصحفي. واستمرت هذه الأحزاب خلال الفترات الماضية مجرد أحزاب وهمية (كرتونية) تستخدم على المستوى الدولي لتمرير أجندات في المنطقة، وتستخدم من الأنظمة الدكتاتورية السابقة ككروت سياسية للسيطرة على زمام الأمور والاحتفاظ بالحكم تحت مظلة ديمقراطية زائفة .

ولكن بعد تطور الأمور ولا سيما بعد ثورات الربيع العربي، باتت تلك الأحزاب فى مواجهة حقيقية مع الواقع مما أدى الى ترنحها وسقوطها أمام إرادة الشعوب وأمواج التغيير العاتية. وفوجئ الشعب أنه لا يوجد أحزاب ولا حتى مؤسسات سياسية يمكن أن تعوض فراغ غياب الحكومات الديكتاتورية البائدة، وفوجئ الجميع أن قضية التعددية التى كان يسوق لها في عهد الأنظمة السابقة عبارة عن وهم كبير وأن البلاد كانت تدار بحزب واحد فقط، الأمر الذي أفرز على الفور صعود التيار الإسلامي الذي يمثل الهوية الحقيقية لشعوب المنطقة لسد ذلك الفراغ، ولكنه لم يجد طريق أو ممر للاشتباك السياسي إلا طريق الأحزاب وفق القوانين المتاحة في هذه المرحلة، فكانت بداية الأحزاب الإسلامية في مصر مثل حزب النور، وحزب الحرية والعدالة، والفضيلة، والبناء والتنمية... وخلافه.

ولكن المشكلة الحقيقية أن التيار الإسلامي لم يكن جاهزًا لتكييف آلياته لعبور تطورات المشهد السياسي فوقعت بعض الأخطاء، واضطرت قيادات الحركة الإسلامية إلى التعاطي السياسي وفق التصور السائد لمنهجية عمل الأحزاب والتي في الأساس تقوم على ما يسمى البراجماتية السياسية والصراع على التمدد السياسي في البرلمانات والنقابات ... إلخ، الأمر الذي أوجد انطباعات عند الأمة أن التيار الإسلامي لم يقدم جديد باستثناء التمسك بالمرجعية والهوية الإسلامية، على المستوى النظري فقط.  وهذا الانطباع إلى حد ما صحيح، والذي زاد الطين بلة هو وقوع التيار الإسلامي نفسه في كمين التعددية، الأمر الذي أوجد بعض الانشقاقات داخل التيار نفسه. ولم يكن هناك حزبًا يشبع ما عند الشباب وعند الأمة تصورهم للمشروع الاسلامي؛ حزب يخرج عن الحالة النمطية البراجماتية الضيقة، ليتسع ويشمل ويضع نظرة شاملة للتعاطي السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، ويسترجع التيارات الإسلامية الشاردة التي قذفتها أمواج الصراعات السياسية المتسارعة بعيدًا عن الأصل في المشروع الاسلامي وهو الوحدة والاتحاد، والخضوع لضوابط الشرع الإسلامي .

وعودة الى الجدل القائم عن مشروعية العمل الحزبي، أود هنا التذكير بمعنى (الاسم، والمسمى) فالصورة النمطية السائدة لدلالات كلمة حزب، هي بلا شك تتعارض ولا تمثل قاعدة لصعود المشروع الإسلامي، ولا توافق مقاصد الشريعة التي تحرص على توحيد الصف وعدم التحزب كما ذكرت آيات كثيرة ومنها على سبيل المثال {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ} [المجادلة:19]، وأيضا في نفس السورة {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ ولَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ويُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ المُفْلِحُونَ} [المجادلة:22].

ويضع الإسلام لهذا الحزب -حزب الله- شروطًا؛ من أهمها أنه واحد لا ينقسم، مصداقًا لقوله تعالى: {إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92].

والقارئ للقرآن الكريم يجد أن كلمة الأحزاب لم تُذكر في القرآن الكريم، وإلا كانت مرادفًا للفرق الضالة، والخارجة عن كتاب الله، وسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم؛ ففي الآية رقم (22) من سورة الأحزاب، أخرج الله الأحزاب من الفرق الناجية بقوله: {ولَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وعَدَنَا اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ ومَا زَادَهُمْ إلاَّ إيمَانًا وتَسْلِيمًا} [الأحزاب:22]، وكذلك في سورة الروم: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم:32]. ولا شك أن الإسلام يحبذ العمل الجماعي ولا يقر الشخصنة، فضلًا عن أن النظام الحزبي يولد المشاكل والصراع بسبب التنافس على الرئاسة وكرسي الحكم، بشكل يلهي الأمة عن مواجهة التحديات الجسام التي تقابلها، بل وتفاقم من مشاكلها. كل ذلك يأتي مصدقًا للصورة النمطية التي عليها عمل الأحزاب منذ تكوينها إلى الآن .

الشاهد هنا هو عندما أفتى بعض علماء الأمة وقادة الفكر الإسلامي بجواز العمل الحزبي، باعتباره الطريق المتاح الآن للتعاطي السياسي والمشاركة في المشهد، جاءت الفتوى من باب الاضطرار {فَمَنِ اضْطُرَّ‌ غَيْرَ‌ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة:173] {فَمَنِ اضْطُرَّ}‌ أي: ألجئ إلى المحرم. {غَيْرَ‌ بَاغٍ} ـ أي: غير طالب للمحرم، مع قدرته على الحلال،. {وَلَا عَادٍ} ـ أي: متجاوز الحد في تناول ما أبيح له اضطرارًا، فمن اضطر وهو غير قادر على الحلال، وأكل بقدر الضرورة فلا يزيد عليها.

وبالنظر الى وضع الحركة الإسلامية الآن في التعاطي الحزبي، سنجد أن التعاطي كان في البداية اضطراريًا ثم تحول سريعًا الى التنافس لإنشاء الأحزاب اختياريًا دون الحاجة إليها والتعدد فيها بشكل يفتت التيار، أي حدث الطلب الاختياري (البغي)، والتوسع في المسألة (التعدي) فإذا ضربنا مثلًا عن جواز شرب قدر بسيط من الخمر في حالة خشية الموت في الصحراء مثلًا مع عدم توفر ماء، ووجود زجاجة خمر، فهنا الاضطرار يبيح شرب قدر بسيط جدًا يكفل دفع الموت والهلاك، ولا يبيح العدو في شرب الخمر، الذي حدث بالقياس في العمل الحزبي أننا شربنا الزجاجة كلها بعد ما ذقنا طعم الخمر والتلذذ به حتى أدركنا حالة السكر الشديد .

وهذا يرجع الى التناقض بين ما تربت عليه الحركة الإسلامية من أدبيات، واستخدامها لأدوات غريبة عنها فجأة سبّب انغماسها في العمل الحزبي، كالفريق الذي تدرب طوال عمره للعب كرة القدم، ثم فوجئ عند نزوله المنافسة أنه يلعب ماتش كرة سلة، فمهما كانت درجة لياقته سيهزم لا محالة. وكان من المفترض أن تنتبه الحركة الإسلامية  إلى هذا الشرك، وكان ينبغي النظر الى العمل الحزبي بصورة أخرى تمامًا. وهي مجرد جسر للمرور إلى الواقع، ثم فرض أدوات اللعب المناسبة للحركة وليس العكس

أو بمعنى اخر، كان يجب  تغيير تلك الصورة النمطية للمصطلح  (الأحزاب) وتوسيعه وإخراجه من مقاصده الضيقة (البرجماتية السياسية، والولاءات الحزبية) على أن يشمل أسس العمل الإسلامي الصحيح، بدءًا من تكوين الشخصية الإسلامية القادرة على التعاطي السياسي، ومرورًا بترسيخ نظرة المشروع الإسلامي كنظرية فلسفية لتسيير حياة البشر في شتى مناحي الحياة وعلى رأسها قيادة المجتمع وليس نهاية بوضع التصور الملائم لفن الاشتباك مع الواقع دون تقديم أدنى تنازلات شرعية، وكذلك تجميع وجمع كافة المناهج الإسلامية الصحيحة سواء كانت قد أسست أحزاب، أو لازالت حركات متفرقة تسعى وبإخلاص إلى إعلاء الشريعة الإسلامية وسيادتها على الأرض باعتبارها تكليف عقدي وليس ترف سياسي، أو مجرد حركة إصلاحية تعمل تحت سيادة فلسفات إنسانية مستوردة تخالف مبادئ وأسس الشريعة الإسلامية.

إذا تغيرت تلك الصورة النمطية لمفهوم كلمة حزب، فبلا شك يتغير معها الحكم الشرعي والجدل حول مشروعية العمل الحزبي ، وكان لابد من ترسيخ هذا الشرط لفتوى جواز العمل الحزبي، وعدم تركها لتقديرات قادة العمل الإسلامي كل على حسب فهمه وتركيبته النفسية، الأمر الذي فتح أبواب فتن كثيرة جدًا. وسبب الاضطرار يجب أن يكون واضحًا للجميع، حيث لم يعد أمامنا الآن للاشتباك مع الواقع كتيارات إسلامية إلا طريقين:

إما من خلال الأحزاب ولكن بتصحيح مسماها مع بقاء اسمها (الاسم والمسمى) وتغيير مفهومها، فلا يضر تسمية المسمى حزب أو حركة أو جماعة أو جمعية، المهم هو آليات العمل والمنهج والرؤية والهدف.

أو من خلال المواجهة العنيفة، والتي سيكون لها آثار خطيرة على مسار العمل الإسلامي، والسبب عدم جهوزية الأمة حاليًا لتلك المواجهة، ولا سيما أن الطريق الآخر متاح الآن ويمكن استخدامه لنفس الهدف ولكن وفقًا للرؤية الكاملة سابقة الذكر، ولا سيما أن الشريعة الإسلامية كانت دائمًا حريصة على عدم المواجهة إلا في حالة الضرورة القصوى وتوجهنا الى اختيار الطرق الآمنة للعمل والتمدد على الأرض مادام كان ذلك متاحًا .

والخيار الثالث هو الاعتزال وترك المشهد لحين نضوج واكتمال الاعداد كما نادى البعض، وفي رأيي أن هذا الخيار لا يناسب ابتداء العقيدة الإسلامية والتكليف الرباني. والاعتزال هنا يمثل ضعف وانكسار وتكريس لحالة الهزيمة النفسية لدى شباب الأمة.


الإخوة الأحبة

نحن الآن في قلب الأحداث، إنما نسير في الطرق الخاطئة. صحيح أننا نملك الكثير من أدوات القوة ولكن المسارات الخاطئة تبدد تلك القوى تباعًا، والخصوم يعلمون ذلك بل هم من يرسم تلك المسارات لأننا رضينا بأن نلعب بأدواتهم، ونتكلم نفس لغتهم، وكما ذكرنا سابقًا في المقال الأول أن هناك قاعدة تقول (من يضع معاني المفردات هو من يملك أدواتها، وهو أيضًا من يرسم حدود إدراكها داخل العقل البشري) ومهما اجتهدنا بتلك المفردات لن نستطيع تخطي حدود واضعي معانيها، فقد تم وضعها بدقة ترسم طرق محددة من المستحيل تغيرها، فإذا استخدمنا مفردات وأدوات التطبيق لن يكون بمقدورنا تغيير أصل النظرية، وبالتأكيد وبشكل لا إرادي وغير مقصود سنجد أنفسنا نسير في الطرق المعدة سلفًا لنصل الى النظرية المراد تعميمها في الأذهان. وهي تلك النظريات المتتابعة تاريخيًا لمنع قيام النظرية الإسلامية أو بالأحرى المشروع الإسلامي. إذًا العمل الحزبي الإسلامي إلى هذه اللحظة يأتي في سياق مضاد لفكرة إحياء المشروع الاسلامي. وهذا أمر لا يحتاج الى تدليل كثير فالواقع هو خير دليل على ذلك.


الإخوة الاحبة

إن مجمل مشاريع الأحزاب الإسلامية المكتوبة في لوائح ونشرات تلك الأحزاب والتي قرأتها جميعًا تقريبًا، اولًا، لا تختلف عن بعضها البعض، وفضلًا عن تناقض أداء تلك الأحزاب عمليًا عما كتبته في نشراتها، فلا يكفي مثلًا كتابة أن مرجعية تلك الأحزاب إسلامية  وأنها تطالب بتطبيق الشريعة نظريًا، أما على أرض الواقع فالمسألة تسير وفق حدود الإدراك والمسارات المعدة سلفًا أو بالأحرى المتاحة على أرض الواقع.

المسألة من الممكن أن تبدو بسيطة، والأمر لا يتطلب إلا تصحيح المسارات وإعادة صياغة نمط عمل الأحزاب، ووضع تصور كامل للمشروع الإسلامي وتعاطيه مع الأدوات السياسية المتاحة.

وبإذن الله في المقال القادم من هذه السلسلة، سنضع أدوات التصحيح الممكنة لعمل الأحزاب الإسلامية، مع عدم إغفال الظروف المحيطة داخليًا واقليميًا وعالميًا. وكذلك، فك الاشتباك بين المدارس الإسلامية  السياسية الجديدة وتوحيد الرؤية، وإظهار آليات تأمين إحياء المشروع الإسلامي، وتلافي الشراك والألغام الكثيرة الموضوعة في طريقه وسيكون المقال القادم بإذن الله  من ضمن سلسلة مقالات المشروع الإسلامي بين النظرية والتطبيق  بعنوان "المشروع الإسلامي والشرق الاوسط الجديد .. وصراع الايدولوجيات"

والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين

خالد غريب
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 25
  • 0
  • 9,583

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً