احتساب أم على ابنتها

منذ 2013-10-17

لقد حث الإسلام أولياء الأمور على تربية أولادهم ذكورا كانوا أو إناثا تربية حسنة، وأوجب عليهم أن يقوموا بفعل الأسباب التي تزحزهم عن النار، وتدخلهم الجنة، ومن هذه الأسباب أمرهم لأولادهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر..


لقد حث الإسلام أولياء الأمور على تربية أولادهم ذكورا كانوا أو إناثا تربية حسنة، وأوجب عليهم أن يقوموا بفعل الأسباب التي تزحزهم عن النار، وتدخلهم الجنة، ومن هذه الأسباب أمرهم لأولادهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]. قال ابن كثير رحمه الله: "أي مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملا، فتأكلهم النار يوم القيامة" [1]. وقال قتادة رحمه الله: "تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله، وتأمرهم به وتساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها، وزجرتهم عنها"[2].

وقد قام آباء فضلاء وأمهات فضليات بهذا الواجب خير قيام في العصر القديم والحديث، وقد سطرت لنا الكتب مواقف فريدة تجلت فيها احتساب الأمهات في العصر الحديث -فضلا عن الآباء- على الأبناء؛ فهذه أم فاضلة تحتسب على ابنتها، ففي يوم من الأيام: "خرجت أروى مع أمها إلى السوق لتشتري لها ثوباً جديداً، وما إن دخلتا أول محل، حتى بادرت أروى فألقت السلام على من كان في المحل، قائلة: "السلام عليكم ورحمة الله"! نظرت الأم إلى أروى نظرة فهمت منها أروى إنكارها عليها إلقاءها السلام. قالت الأم وهيَ تُري ابنتها أحد الأثواب: "هذا جميل وأحسبه لائقاً، ولكنه صغير عليك!" عندها التفتت أروى إلى البائع تسأله: "هل عندكم قياس أكبر من هذا؟" زجرتها أمها لسؤالها البائع قائلة: "اسكتي؛ أنا أسأله". بعد خروجهما من المحل سألت أروى أمها: "لماذا أنكرت عليَّ يا أمي إلقائي السلام، ثم أنكرت سؤالي البائع عن قياس أكبر للثوب الذي أعجبك؟!" أجابتها أمها: "هداك الله يا ابنتي، ما كان ينبغي لك أن تلقي السلام، ولا أن تتكلمي مع البائع". قالت أروى: "أليس إلقاء السلام واجباً يا أمي؟". ردت أمها: "إلقاء السلام ليس واجباً يا ابنتي؛ بل رده هو الواجب؛ ثم إن هذا بين الرجال والرجال، وبين النساء والنساء، أما بين النساء والرجال فقد منعه بعض الفقهاء، وأجازه بعضهم لكبيرات السن العجائز، مثل أمك. ابتسمت أروى، ثم سألت أمها من جديد: "ولِمَ أنكرت عليَّ سؤالي البائع إن كان هناك قياس أصغر للثوب؟" أجابتها أمها: "أولاً لأنك طرحت سؤالك برقّة بالغة، ونعومة زائدة، وهذا خضوع بالقول نهى الله عنه".
سألت أروى: "وثانياً؟ "
قالت أمها: "ما دمت معك فإنك لا تحتاجين إلى سؤال البائع عن أي شيء، وتستطيعين أن تطلبي منّي ما تريدين، لأسأل عنه البائع" [3].

من فوائد القصة:
في هذه القصة فوائد عديدة من أهمها وأبرزها ما يلي:
أولا: أنه يجب على المرأة المسلمة أن تلزم بيتها، وأن تقر فيه؛ لقوله تعالى: {وَقرْنَ في بيُوتِكنّ} [الأحزاب: 33] فلزومها لبيتها وبقاءها فيه عزيمة، وخروجها رخصة عند الحاجة لذلك؛ وذلك حفاظا على دينها وخلقها، وخوفا عليها من الفتنة.

ثانيا: أن المرأة المسلمة إذا خرجت إلى السوق لحاجة، وأمنت على نفسها الفتنة، فيجب عليها أن تستأذن وليها في ذلك، فإن أذن لها خرجت، وإن لم يأذن لها بقيت في بيتها، ورضيت وسلمت؛ لأن دينها حثها على ذلك؛ فعن عبد الله بن عمررضي الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنَّكم إليها. قال فقال بلال بن عبد الله: والله لنمنعهن، قال: فأقبل عليه عبد الله، فسبه سبا سيئا ما سمعته سبه مثله قط، وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: والله لنمنعهن» [4]. فإذا كان دينها قد أرشدها إلى استئذان وليها عند خروجها إلى المساجد (أحب البلاد إلى الله) لأداء العبادة، وحضور مجالس الذكر، وسماع ما ينفعها في أمر دينها، فاستئذانها لوليها عند خروجها إلى الأسواق (أبغض البلاد إلى الله) [5] أوجب وآكد.

وإذا خرجت إلى السوق لحاجة فيجب عليها أن تتأدب بالآداب الإسلامية، وذلك بأن تبتعد عن مزاحمة الرجال في الطرقات، وأن تخرج تَفِلةً غير متطيبة، وأن تكون متحجبة غير متبرجة بزينة، وأن لا تخضع في كلامها مع الرجال، وأن تغض بصرها عما حرم الله، وأن تحتسب على المنكرات الظاهرة إذا كانت قادرة مستطيعة.

ثالثا: أنه لا غنى لأحد عن النصيحة، فالعباد جميعا رجالا ونساء بحاجة لها؛ لأنهم جميعا خطاؤون، وخير الخطائين التوابون، وإذا كانوا كذلك فإنهم بحاجة ماسة إلى النصيحة أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حصر الدين كله فيها، فقال: «الدين النصيحة. فسأله الصحابة: لمن؟ أي لم تكون؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» [6].

رابعا: أنه ينبغي للآباء والأمهات أن يحتسبوا على فلذات أكبادهم، وأن يحثوهم على الطاعات، وأن يحذروهم من السيئات، وأن يراقبوا تصرفاتهم، فما رأوا من حسن شجعوهم عليه، ورغبوهم فيه، وما رأوا من سيء أنكروه عليهم، ونفروهم منه؛ فهذه الأم المباركة احتسبت على ابنتها لما رأت منها التصرفات الخاطئة.

خامسا: الإنكار بالإشارة؛ فهذه الأم لما سمعت ابتنها سلمت على البائع نظرت إليها نظرة حادة، فهمت البنت من خلالها إنكارها عليها، وعدم رضاها عن تصرفها، وكما قيل: (الحليم بالإشارة يفهم). ولما رأتها تكلمت مع البائع، وخضعت له في القول صرحت بإنكارها عليها، بل وزجرتها، وقالت لها: "اسكتي!"؛ لأنها تعلم أن الله حرم على النساء الشابات أن يتكلمن مع الرجال الأجانب لغير حاجة، وإذا تكلمنا لحاجة فيحرم عليهن الخضوع بالقول، فقال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} [الأحزاب: 32]. فإذا كان المولى تبارك وتعالى قد نهى نساء أطهر الخلق، نساء النبي صلى الله عليه وسلم عن الخضوع بالقول، وهن أطهر النساء على الإطلاق، فنساء زماننا النهي في حقهن أوجب وآكد. وقد أنكرت عليها كلامها مع البائع؛ لأنها تعلم أن الله تبارك وتعالى أوجب عليها أن تنكر المنكرات إذا رأتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم» (الخطاب للرجال والنساء) «منكرا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [7].

سادسا: أن دعاء المحتسبة أو المحتسب- للمحتسب عليها بالهداية وسيلة احتسابية نافعة؛ فهذه الأم دعت لابنتها بالهداية، فقالت: "هداك الله يا ابنتي!"؛ لأنها تعلم أن هداية التوفيق بيد الله؛ قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56]. فقد ظل عليه الصلاة والسلام يدعو عمه أبا طالب إلى الإسلام، ويرغبه فيه؛ ولكنه لم يسلم؛ حتى أنه عليه الصلاة والسلام من شدة حرصه على هدايته جاءه في آخر لحظات حياته، فدعاه إلى الله، وتلطف معه في الخطاب، وأشعره بالعطف والحنان، ولكنه لم يهتد؛ فعن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: "لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله"، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه، ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله لأستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك. فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113]، وأنزل الله تعالى في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [8].

قال ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إنك يا محمد: (لا تهدي من أحببت) أي ليس إليك ذلك، إنما عليك البلاغ، والله يهدي من يشاء، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة"[9]. لقد بذل عليه الصلاة والسلام قصارى جهده في دعوة عمه، ولكنه لم يسلم، فأصابه عليه الصلاة والسلام ما أصابه من الحزن، وأشفق عليه، فسلاه ربه بهذه الآية، وبين له في آيات كثيرة أنه: {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} [البقرة: 272]، وقال: {مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ} [الأعراف: 186]، وقال: {مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا} [الإسراء: 97]، وأعلمه بأن الذي عليه هو أن يقوم بهداية الدلالة والإرشاد؛ فقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] وهكذا أتباعه عليه الصلاة والسلام عليهم أن يقوموا بذلك؛ فقال تعالى: {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7].

بل إن دعاء المحتسبة -أو المحتسب- للمحتسب عليهم بالهداية وسيلة احتسابية نبوية؛ كما يشهد بذلك كثير من أدعيته، ومواقفه الاحتسابية، ومن ذلك أنه احتسب صلى الله عليه وسلم بالدعاء لقبيلة ثقيف؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: جاء الطفيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إن دوسا قد هلكت عصت وأبت فادع الله عليهم"، فَقَالَ: «اللهم اهد دوسا وأت بِهِم» [10]. واحتسب بالدعاء إلى الله بأن يعز الإسلام بإسلام أحب رجلين إليه؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب» [11]. فكان أحبهما إلى الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد أسلم، وأعز الله به دينه، ونصر به الحق، وأزهق به الباطل، وصار المسلمون أعزة بإسلامه.

واحتسب أيضا عليه الصلاة والسلام بالدعاء لأم أبي هريرة رضي الله عنه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنت أدعو أمي إلى الإسلام، وهي مشركة، فدعوتها يوما، فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اهد أم أبي هريرة» فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما جئت، فصرت إلى الباب، فإذا هو مجاف [12] فسمعت أمي خشف قدمي [13]، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء [14]، قَالَ: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأن أبكي من الفرح، قال: قلت يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وأثنى عليه، وقال خيرا" [15] فقد أسلمت ببركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.

وهكذا ينبغي للمحتسبات -أو المحتسبين- أن يأخذن بهذا الهدي النبوي، فقبل أن تذهب الواحدة منهن إلى الاحتساب على فلانة -أو فلان- عليها أن تستمد العون من الله، وأن تتضرع إليه بأن يسهل الله لها مهمتها، وأن يوفقها للقيام بها، وأن يجعل هداية تلك المرأة أو الرجل على يديها، وأن تبرأ من حولها وقوتها، فإن العون من الله وحده، قال الشاعر:

 

إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأول ما يجني عليه اجتهاده


سابعا: أن من القواعد الكلية التي جاء بها الإسلام قاعدة: (سد الذرائع) فقد حرم كل وسيلة تؤدى إلى الوقوع في المحظور، ومن الأدلة والشواهد على هذه القاعدة أنه حرم سب آلهة الكفار سدا لذريعة سبهم للذات الإلهية: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108] وحرم كل وسيلة توصل إلى فاحشة الزنا، فقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء: 32] أي ابتعدوا عن كل وسيلة توصل إلى ذلك، ومن ذلك أنه أوجب على الرجال والنساء غض أبصارهم سدا لذريعة الوقوع في هذه الفاحشة الشنيعة، فقال آمرا المؤمنين: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النـور: 30]، وقال للمؤمنات: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النـور: 31] وأوجب على النساء المسلمات الحجاب، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59]، وحرم عليهن الخضوع بالقول للرجال الأجانب: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} [الأحزاب: 32] كل ذلك سدا للذريعة، وخوفا من الفتنة، وصيانة من الإيذاء. وهكذا نجد أن هذه الأم المحتسبة أنكرت على ابنتها سلامها على البائع، سدا للذريعة؛ لأنه بعد السلام كلام، وقد تصل الأمور إلى الهاوية!!

ثامنا: أهمية الحوار بين الآباء والأمهات وبين وأبنائهم؛ فله دوره النافع والمجدي، فهذه الأم المباركة احتسبت على ابنتها، وحاورتها وأقنعتها، وبينت لها خطأ ما فعلت.

وفقنا الله أمهاتنا وفتياتنا إلى كل خير، وصرف عنهن كل سوء ومكروه، والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات.
_________________________________________________
[1] تفسير القرآن العظيم (5/213) ط: دار الكتب العلمية.
[2] تفسير القرآن العظيم (8/-188- 189).
[3] مجلة الأسرة، العدد (169) ربيع الآخر(1428هـ).
[4] رواه مسلم (442).
[5] رواه مسلم (671) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[6] رواه مسلم (55) من حديث تميم الداري رضي الله عنه .
[7] رواه مسلم (49).
[8] رواه البخاري (3884) ومسلم (24) واللفظ له.
[9] تفسير القرآن العظيم (6/221) ط: دار الكتب العلمية.
[10] رواه البخاري (4392)؛ ومسلم (2524).
[11] الحديث رواه الترمذي (3681)؛ وأحمد (5663) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2907).
[12] أي مغلق.
[13] أي صوتهما في الأرض.
[14] صوت تحريكه.
[15] رواه مسلم (2491).


عبده قايد الذريبي

 

  • 0
  • 0
  • 9,839

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً