التنصير في أفريقيا والمهتدين الجدد

منذ 2014-05-19

ما السر في إقبال تلك الأعداد الهائلة من الوثنيين والنصارى الأفارقة أنفسهم على الإسلام؟

إن الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب عن أذهاننا أن الآلاف من سكان القارة الأفريقية، ربما الملايين يدخلون سنوياً في الإسلام رغم إمكانات الهيئات الإسلامية الهزيلة جداً مقارنة بحجم الإمكانات المادية الهائلة والوسائل التقنية المتطورة المتوفرة للكنائس الغربية.

ونسوق مثلاً حياً على ذلك بحجم التبرعات الكبيرة التي خصصت لتمويل مشروع تنصير القارة، والتي بلغت 320 ألف مليون دولار أمريكي لسنة 2003 فقط طبقاً لما ذكرته مجلة (I.B.M.R) التنصيرية العلمية، فضلاً عن خمسة ملايين وربع مليون منصر متفرغ يعملون ليل نهار من أجل تنصير القارة بكاملها حسب المشروع المرعب.

لكن السؤال الذي لا ينبغي أن يغيب عن البال كذلك أنه إذا كان الأمر بهذه الصورة المبينة، فما السر في إقبال تلك الأعداد الهائلة من الوثنيين والنصارى الأفارقة أنفسهم على الإسلام؟

فهذا سر لا يدركه إلا من هدى الله قلبه للإيمان، حيث يكتشف أن عقيدة الإسلام هي العقيدة التي تلائم طبيعة الإنسان ولا تتعارض مع سنن الحياة والكون، كما هو الحال في سائر العقائد الأخرى المبنية على الاضطراب والأباطيل والأوهام والبعد عن العقل والمنطق وواقع الحياة. لكن ما جواب المهتدين الجدد عن أسباب إيمانهم بالإسلام وتخليهم عن العقائد الأخرى؟

لقد تبين لي من خلال الأسئلة التي كنت أطرحها عليهم على مدى خمس وعشرين سنة مضت للوقوف على الدوافع الحقيقية وراء هدايتهم، أن هناك شبه إجماع على أن العقيدة الإسلامية تتميز بسهولتها ووضوحها وخلوها من التعقيد إلى جانب ملاءمتها لفطرة الإنسان وطبيعته، سواء ما تعلق منها بأمور الدنيا، أو علم الغيب وأمور الآخرة.

وكدليل على هذا الواقع الإيماني، أذكر قبيلة الغرياما التي تستوطن شرق كينيا، كواحدة من عشرات القبائل التي أزورها، لقد بلغ عدد أفرادها مليوناً وربع مليون نسمة، ولم يسبق لي أن قضيت يوماً في أية قرية من قراها دون أن يشهر فيه العديد من الأفراد إسلامهم، وقد يكون منهم قسيسون، رغم أن نشاط الكنيسة فيها لم يتوقف منذ مائة وأربعين عاماً، إضافة إلى الإمكانات المادية التي تكاد تكون خيالية مقارنة بوضع الدعوة الإسلامية التي لم تعرفها المنطقة إلا منذ خمسة عشر عاماً فقط.

ولكم واجهوني بأسئلتهم المحرجة كتلك التي يتساءلون فيها عن أسباب غيابنا عنهم، أو عن مصير آبائهم وأجدادهم الذين ماتوا على غير ملة الإسلام.

إنها أسئلة عتاب شديد من هؤلاء المهتدين على التقصير الشديد في القيام بواجبنا الدعوي نحو هؤلاء وغيرهم أكثر منها أسئلة استفهام عن أمور الدين. فكيف يكون شعورنا إذن عندما نعرف أن أكثر هؤلاء المهتدين الجدد تمسكاً بالدين، وأكثرهم جهداً ونشاطاً في تبليغ الدعوة كانوا بالأمس قسيسين؟! بل أصبح بعضهم دعاة مسؤولين في مكاتبنا في العديد من الدول الأفريقية، ومنهم الشيخ الداعية إسحق في رواندا – رحمه الله – على سبيل المثال والذي ضحى بحياته المهنية وراتبه الكبير من الكنيسة واعتنق الإسلام ليقضي بقية حياته فقيراً يدعو الناس إلى دين التوحيد حتى أسلم على يديه عشرات الألوف، ولما توفي لم يترك لأهله غير العلم والإيمان، حتى أنهم لم يجدوا شيئاً يدفعون منه رسوماً لاستخراج جثمانه الطاهر من المستشفى الذي توفي فيه.

وكذلك كان الشيخ داود في ملاوي الذي ما إن أسلم حتى صب جام غضبه على الكنيسة التي تعمي أبصار الناس وتضلهم عن التوحيد، وكان شديد الانفعال والاندفاع غيرة على الإسلام والمسلمين، لدرجة أننا نهيناه عن اللجوء إلى الطرق الاستفزازية في التعامل مع الكنيسة.

وكذلك القس سابقاً جيوفري ويسجي في أوغندا وغير هؤلاء كثير ممن تغيب عني أسماؤهم.

لكن ما الذي فعله إخواننا الآخرون من خارج القارة الأفريقية لرفع راية الإسلام فيها، وإنقاذ هذه الملايين من نار جهنم.

 عبد الرحمن السميط

  • 5
  • 4
  • 6,063

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً