لا تحزن - وللأولياء كرامات

منذ 2014-06-05

وهذه الوقائعُ والأحداثُ لا ينكرُها إلا مكابرٌ، وإلا ففي سُننِ اللهِ في خلقِهِ ما يشهدُ بمثل هذا، ولولا طولُ المقامِ لأوردْتُ عشراتِ القصصِ الصحيحةِ الثابتةِ في هذا الباب، لكنْ يكفيك دلالةً من هذا الحديث، لتعلم أن هناك ربّا لطيفاً حكيماً لا تغيبُ عنه غائبةٌ. إن علم الله يلاحقُ الناس، ولطفه سبحانه وتعالى وشهوده واطلاعه: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}.

هذا صلةُ بن أشيم العابدُ الزاهدُ من التابعين: يذهب إلى الشمالِ ليجاهد في سبيل اللهِ، ويضمُّه الليلُ فيذهبُ إلى غايةٍ ليصلي فيها، ويدخل بين الشجرِ ويتوضَّأ، ويقوم مصلياً، وينهدُّ عليه أسدٌ كاسرٌ، ويقتربُ من "صِلة" وهو في صلاته، ويدورُ به، وصلةُ في تبتُّله مستمرٌّ، ولم يقطعْ صلاته وذِكره، ويسلِّمُ صلةُ بن أشيم من ركعتين، ثم يقولُ للأسدِ: إن كنت أُمرت بقتلي فكلْني، وإن تُؤْمر فاتركْني أناجي ربي. فأرخى الأسدُ ذيله وذهب من المكان، وترك صلة يصلي.

ولك أن تنظر في "البداية والنهاية" وغيرها من كتبِ التاريخِ، وهذا مذكورٌ عن "سفينة" مولى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في كتبِ تراجمِ الصحابةِ، أنه أتى هو ورفْقةٌ معهُ من ساحلِ البحرِ، فلما نزلُوا البرَّ فإذا بأسدٍ كاسر مُقبلٍ يريدُهم، فقال سفينةُ: يا أيها الأسدُ أنا من أصحابِ رسولِ الله ِ صلى الله عليه وسلم وأنا خادمُه، وهؤلاء رفقتي ولا سبيل لك علينا. فولَّى الأسدُ هارباً، وزأر زأْرةً كاد يملأ بها ربوع المكانِ.

وهذه الوقائعُ والأحداثُ لا ينكرُها إلا مكابرٌ، وإلا ففي سُننِ اللهِ في خلقِهِ ما يشهدُ بمثل هذا، ولولا طولُ المقامِ لأوردْتُ عشراتِ القصصِ الصحيحةِ الثابتةِ في هذا الباب، لكنْ يكفيك دلالةً من هذا الحديث، لتعلم أن هناك ربّا لطيفاً حكيماً لا تغيبُ عنه غائبةٌ. إن علم الله يلاحقُ الناس، ولطفه سبحانه وتعالى وشهوده واطلاعه: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}.
 

عائض بن عبد الله القرني

حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية

  • 1
  • 0
  • 2,663
المقال السابق
لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ
المقال التالي
كفى باللهِ وكيلاً وشهيداً

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً