بدع وضلالات في البلد الحرام (5)

منذ 2014-06-25

5- زيارة مقبرة حواء ومسجد الرحمة:

بعد أداء فريضة الحج تحرص أعداد كبيرة من الحجاج وخاصة القادمين من جنوب شرق آسيا وبعض الدول التابعة للاتحاد السوفيتي -سابقًا- مثل: طاجكستان وأوزبكستان وأذربيجان على زيارة "مقبرة حواء" في مدينة جدة في تحقيق لجريدة (الرياض) كتبه: سالم مريشيد؛ قال أحد المرافقين للحجاج من جنسيتهم وكان يجيد اللغة العربية كشف لـ (الرياض) عن خدعة وتضليل تمارسها المكاتب الخاصة بتنظيم الحجاج في بلاده.. فهي تخدعهم بأن في جدة بعض الأماكن التاريخية والدينية الهامة التي يجب عليهم زيارتها.. وتدعي أن مسجد الرحمة في الكورنيش هو مسجد السيدة فاطمة الزهراء وأن دوار السفن في جدة.. هو لسفينة نوح عليه السلام.. بالإضافة إلى مقبرة أُمُّنا حواء.

وقال: إن القائمين على تلك المكاتب في بلاده يهدفون من وراء الخدعة إلى زيادة الرسوم التي يتقاضونها من الحجاج مقابل وضع برنامج خاص لهم لزيارة تلك الأماكن.. والكثير من الحجاج ينخدع بهذه الأكاذيب ويدفع.. حتى هو شخصيًا اعتقد أن ما تدعيه تلك المكاتب صحيح.. وحرص على زيارة هذه الأماكن.. ولكنه عندما وصل إلى هنا.. وسأل الناس خاصة العلماء ورجال الدين اكتشف أن كل ما ذكره القائمون على المكتب الذي جاء للحج عن طريقه ليس لها أساس من الصحة. وقال إنه عندما سيعود إلى بلاده سيكشف أكاذيب تلك المكاتب وخداعها للناس.. ويأمل أن تساعده سفارة المملكة في بلده على كشف هذا الزيف، وأن تعمل وزارة الحج عن طريق الإدلاء والمرشدين على توعية الحجاج بمثل هذه الخدع.

قبور ومشاهد مكذوبة (قبر حواء في مدينة جدة) يقول الشيخ إسماعيل الأنصاري: "القبر المزعوم لأم البشر حواء رحمها الله في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية. والذي يظهر -والله أعلم- أن سبب اخترع هذا القبر الأسطوري، أن مخترعه رأى في بعض التواريخ؛ كـ(تاريخ الطبري: [1/ 79-80]): أن الله عز وجل أهبط آدم بالهند، وحواء بجُدة؛ فناسب عنده أنها ماتت بها، فليُخترع لها قبر! وقد أحسن الطبري رحمه الله عندما أتبع الأقوال في الأرض التي أُهبط إليها -آدم وحواء- بقوله: "وهذا مما لا يُوصل إلى علم صحته إلا بخبر يجيء مجيء الحجة، ولا يُعلم خبرٌ في ذلك ورد كذلك، غير ما ورد من خبر هبوط آدم بأرض الهند، فإن ذلك مما لا يدفع صحته علماءُ الإسلام وأهل التوراة والإنجيل، والحجة قد ثبتت بأخبار بعض هؤلاء"..

وبعد اختراع القبر، جاء دور التعظيم له من الصوفية والجهلة، فبنيت عليه القبة، وتوارث هذا اللاحق عن السابق.

قال ابن جبير في (رحلته، ص: [47]): متحدثًا عن جدة: "وبها موضع فيه قبّة مشيَّدة عتيقة، يُذكر أنه كان منزل
حواء أم البشر، صلى الله عليها، عند توجهها إلى مكة، فبُني ذلك المبنى عليه، تشهيرًا لبركته وفضله، والله أعلم
بذلك، وذكره ابن المجاور في رحلته" (تاريخ المستبصر، ص: [43]).

ويلاحظ أن ابن المجاور ضعّف الرواية القائلة بتسمية جُدة باسم أم البشر حواء، حيث ساقها بصيغة قيل، والحقيقة
أنها رواية أسطورية محضة، فقد نفاها الثقات نفيًا باتًا، ولا يُعقل أن يظل قبر أم البشر معروفًا حتى اليوم!

وابن المجاور نفسه وقع من هذه الرواية في تناقض لم يشعر به، فهو ضبط اسم البلدة بضم الجيم، ثم أورد أنها سُميت بهذا الاسم المضموم الجيم ؛ لدفن أم البشر بها! أي جَدة البشر -بفتح الجيم-، فهذا تناقض واضح، يدل على سقوط الرواية الأسطورية".

وتعرَّض الأستاذ محمد لبيب البتنوني في (الرحلة الحجازية لهذه المسألة، فقال -بعد أن وصف القبر المزعوم-
ص: 78-81]): "وهناك مر بخاطري أن هذا المكان ربما كان لقضاعة فيه قبل الإسلام هيكل لحواء أم البشر، يعبدونها فيه، كما كانت هذيل تعبد سواع بن شيث بن آدم، وهذيل كما لا يخفى في جنوب وشمال مكة.. وكانت مساكن قضاعة فيما بينهم.. وعليه ؛ فلا يبعد أن قبر حواء، كان من الهياكل المقدسة في الجاهلية، فلما جاء الإسلام، ومحا أثر الشرك من هذه البلاد، ودالت به دولة الوثنية، وهُدمت هياكلها التي كان من ضمنها بالطبع هذا الهيكل، بقي أثره في نفوس القوم، برًا بحق الأمومة، وأقاموا له قبة، لا ندري متى كان تشييدها ؛ لتكون مزارًا للناس".

قال الشيخ بن باز رحمه الله: "ومن البدع ووسائل الشرك ما يفعل عند القبور من الصلاة عندها والقراءة عندها وبناء المساجد والقباب عليها، وهذا كله بدعة ومنكر ومن وسائل الشرك الأكبر. وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك»، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها والكتابة عليها، وما ذاك إلا لأن تجصيصها والبناء عليها من وسائل الشرك الأكبر بأهلها)

قال الشوكاني: "اعلم أنه قد اتفق الناس، سابقهم ولاحقهم، وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة رضوان الله عنهم إلى هذا الوقت: أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التي ثبت النهي عنها واشتد وعيد رسول الله لفاعلها، ولم يخالف في ذلك أحد من المسلمين أجمعين" (شرح الصدور، ص: [8]).

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "ومن أعظم مكايده -أي الشيطان- التي كاد بها أكثر الناس وما نجا منها إلا من
لم يرد الله تعالى فتنته: ما أوحاه قديمًا وحديثًا إلى حزبه وأوليائه من الفتنة بالقبور. حتى آل الأمر فيها إلى أن عُبدَ أربابُها من دون الله وعبدت قبورهم واتخذت أوثانًا وبنيت عليها الهياكل وصورت صور أربابها فيها ثم جعلت تلك الصور أجسادًا لها ظل ثم جعلت أصنامًا وعبدت مع الله تعالى. وكان أول هذا الداء العظيم في قوم نوح كما أخبر سبحانه عنهم في كتابه حيث يقول: {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا . وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا . وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا . وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} [نوح:21-254].

- مقبرة حواء.

- مسجد الرحمة بكورنيش جدة.

- بعض الحجاج يجلسون حول مسجد الرحمة.

ودرءًا لهذه الشركيات والبدع التي يقع فيها كثير من حجاج بيت الله الحرام على سبيل القربات جهلًا منهم أرى أن يتم:

1- إزالة الشاخص على جبل عرفات "الرحمة" لأنه مجرَّد علامة للدلالة على الجبل وليس له قدسية كما أنه محدث.

2- أن تقوم وزارة الشئون الإسلامية ممثلة في "الدعوة والارشاد" بإعداد كتيب عن هذه الشركيات والبدع بكافة اللغات - يوزع على الحجاج والمعتمرين عن طريق السفارات مع التاشيرات أو عن طريق منافذ الدخول إلى المملكة.

3- أن تقوم الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر بعمل مراكز لها في عرفات ومنى وجبل ثور وجبل النور لتوعية المسلمين، وإرشادهم وكف أيدي المرتزقة الذين استغلوا هذه الأماكن وجعلوها وسيلة للتكسب من خلال تعبيد الطرق إليها وتهيئة أماكن للصلاة فيها وبيع التذكارات والمياه.

4- أن يعمم هذا الموضوع عبر المنتديات والإيميلات لعله أن يصل إلى إخواننا المسلمين في أقطار الأرض ليتعلم الجاهل ويكف الفاعل ويهتدي الضال بعون الله وهديه وتوفيقه.
 


أحمد آل هداف

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 1,956

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً